أرض الصومال البريطاني

(تم التحويل من الصومال البريطاني)

أرض الصومال البريطاني British Somaliland كانت محمية بريطانية في الجزء الشمالي من الصومال الحالي. ضمت المحمية معظم ما يسمى الآن أرض الپونت (ماخير) وأرض الصومال من المناطق الرئيسية المكونة للصومال. في معظم فترة تواجده، كان أرض الصومال البريطاني يحده أرض الصومال الفرنسي، اوگادين، وأرض الصومال الإيطالي. بين سنتي 1940 و1941، احتلها الإيطاليون وكانت جزءاً من شرق أفريقيا الإيطالي.

أرض الصومال البريطاني

British Somaliland
1884–1960
علم أرض الصومال
العلم
{{{coat_alt}}}
Coat of arms
أرض الصومال البريطاني
أرض الصومال البريطاني
المكانةمحمية
العاصمةهرگيسا
اللغات الشائعةالإنگليزية, الصومالية
الدين الإسلام
التاريخ 
• تأسست
1884
• الاستقلال
26 يونيو 1960
• تأسيس أرض الصومال
18 مايو 1991
Currencyشلن شرق أفريقيا
تلاها
دولة أرض الصومال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ممالك الطراز

في القرون الوسطى كانت سلطنة حبشية قوية، اسمها مملكة عدل أو عودل الإسلامية كأحدى الممالك الحبشية الإسلامية المسماة ممالك الطراز الإسلامية.


الخروج المصري والمعاهدات البريطانية

سيطرت بريطانيا على سواحلها، ولكن بريطانيا لم تحصل على السيطرة الرسمية الكاملة إلا في عام 1884 بعد أن احتلت مصر في عام 1882.

مقاومة السيد محمد عبد الله حسن

وُلد السيد محمد عبد الله حسن فى منطقة نغال، فى عام 1856. وفي عام 1890 عزم على أداء فريضة الحج فسافر إلى الأراضي الحجازية وهناك تلقى المزيد من العلوم الإسلامية وتعرف على العديد من العلماء والفقهاء والمشايخ من بينهم “الشيخ محمد صالح السوداني” مؤسس الطريقة الصالحية والذي أعجب به السيد محمد عبدالله حسن وبطريقته، كما أنه وقف على أحوال العالم الإسلامي من ضعف الخلافة العثمانية وانتشار الحركات الإسلامية ضد التبشير، ثم عاد إلى البلاد ليقوم بدورة فى نشر العلم والتعاليم الدينية فى البلاد.

وتجدر الإشارة إلى قصته المشهورة والتى يعرفها معظم الصوماليين، والتى حدثت عند عودته إلى الوطن، فقد نزل السيد فى ميناء بربرة، ولما أنزل متاعه من السفينة وأراد أن يحمله إلى البلد قال له مدير الجمرك الإنجليزي: “لا تأخذ متاعك حتى تؤدى الرسوم الجمركية!” فدهش السيد وقال فى ثورة وغضب: هل دفعت أنت رسوما جمركية عن متاعك عند مزولك هنا؟ ومن أعطاك تأشيرة الدخول لبلادنا؟ فسأل الإنجليزي ترجمانه عما قاله السيد فرد الترجمان: أنه يقول لك من أخذ عن متاعك الرسوم الجمركية حين نزولك هنا، وأضاف الترجمان إلى ذلك: أنه شيخ مجنون فلا اعتبار لكلامه، فخل سبيله. [1]

استوطن السيد محمد عبدالله حسن "بربرة" فى بداية الأمر، واشتغل بتدريس العلوم الدينية التى اكتسبها فى الحجاز، وبدأ حملاته ضد المظاهر التى رآها ضارة بالمجتمع الصومالي، ورأى ضرورة العودة بالإسلام فى بلاده إلى الإسلام الصحيح.

وفى أحد الأيام خرج السيد محمد من المسجد فمر به عشرون ولدا من الأولاد الصوماليين ممن جمعتهم الكنيسة وهم ينشدون الأناشيد المسيحية، فأخذته الحمية وفكر فى ذلك ورأى الذل والإهانة للصوماليين المسلمين.

كل هذا حرك شعور السيد وجعله ينوى كفاحا مسلحا ضد الإستعمار وطردهم من البلاد، ولكن هناك حادثة مهمة تعتبر أنها العامل الأقوى الذى قاده إلى الجهاد والخورج من المدينة، فقد أمر فسيس كان يسكن بجوار مسجد ألا يؤذن أحد فى المسجد حتى لا يزعجوه، ولكن وقف رجل يؤذن بصوت عال غير مبال بأوامر القسيس، وما كان من القسيس إلا أن أطلق الرصاص على المؤذن فأراده قتيلا، فكان لهذا الحادث أكبر التأثير فى نفس الشيخ السيد محمد، فخرج ومعه جماعة من أنصاره فهدمو مركزا للتنصير، وقاموا بمطاردة الفسيس الذى لجأ إلى الجنود البريطانيين. وبهذا أدرك البريطانيون خطورة الموقف، كما عرفوا أن السيد هو المحرك الأول للشعب، فوجهوا إليه إنذارا، وطلبو منه سرعة الرحيل عن بربرة، وبذلك ترك المدينة وانتقل إلى نغال،* حيث بدأ جهاده المسلح.

منذ ذلك الحين بدأ الشيخ كفاحه ونضاله ضد الإستعمار، وقد كان بارعا فى تحريك الشعب وإلقاء الخطب الدينية والحماسية، فالتف حوله كثير من المجاهدين، وشرع فى تكوين الفرق الخاصة المعروفة باسم “الدراويش” والتى اتخذت لها الحرية شعارا والإسلام دينا والكفاح والجهاد سبيلا.

ثم خاض معارك عنيفة ضد المستعمرين وقد أحرز انتصارات عظيمة عليهم، ومن أشهر معاركه:

  • غزوة بهر طيغ أو حوض الدم، وكانت فى أبريل عام 1901، وقد أحرز جيش الشيخ نصرا مؤزرا على البريطانيين بقيادة الكابتن سواين، وسميت بهذه المعركة حوض الدم لكثرة الدماء.
  • غزوة بير طغة شمال جالكعيو 19 أكتوبر 1902 وقد انتصر الشيخ فى هذه الغزوة أيضا، وغنم أسلحة حديثة.
  • معركة عفاروينة فى 17 أبريل 1903 هذه المعركة كانت مختلفة عما سواها وذلك لأنها شاركت فيها قوات إيطالية إلى حانب قوات بريطانية، وقد تجمع هؤلاء الجنود فى مدق، لتدمير الدراويش، إلا أن السيد انسحب بقواته إلى أرض عفاروينة، وفى هذه المنطقة التقى الجيشان، فأيدالله نصره للمسلمين، ولحقت بالعدو هزيمة ساحقة، وفى اليوم التالى تعرض السيد ورجاله إلى قوات انجليزية، قادمة من ناحية “هود” والحقوا بهم هزيمة ساحقة أيضا.

إضافة إلى ذلك فقد كانت هناك قبائل أخرى اجتمعت تحت قيادات محلية، تابعة اسميا للسيدمحمد عبدالله حسن، فمثلا عندما احتلت إيطاليا، مدينة “بولوبردى” فى الجنوب فى محافظة هيران، بدأت القبائل تتجمع تحت قيادة “أيندل أيل” زعيم قبيلة “أوادلى” وبدأوا يشنون على المدينة، وقتلوا فى 17مارس، عام 1916 النقيب “باتيستا، Bttisa” القائد الإيطالي فى المنطقة.

أيقن البريطانيون والإيطاليون قوة السيد وخطورته، فقاموا بعقد اتفاقيات بينهما للحد من نفوذه، كما قاموا بمحاولات لعقد السلح مع السيد مثل معاهدة “ألفرد إلگ”* فى 5 مارس 1905 إلا أن كل هذا لم يفلح.

لقد دبر الإنجليز مؤمراة لتحريض بعض العماء وقادة الطرق الصوفية المعادين للسيد محمد عبدالله حسن على الثورة عليه، حيث عرض عليهم أن يتوجهوا إلى الشيخ محمد صالح فى مكة، وأن يخبروه بتصرفات غير لائقة افترائية يقوم بها السيد ضد الإسلام والمسلمين، وفعلا نفذوا بذلك، ورغم أن الشيخ صالح، لم يأخذ كل ما قالوه، إلا أنه كتب رسالة إلى السيد ينهيه عن بعض تصرفاته، فقام هؤلاء المعادون بتزوير الرسالة وإضافة بعض الأشياء الأخرى، مما أدى إلى انتشار الرسالة فى صفوف الدراويش وحدوث بلبلة، وقد اجتمع حوالى 6000 الدراويش وعقدوا العزم على ترك السيد وعودة كل قبيلة إلى مكانها، إلا أن السيد علم بذلك وأخمد هذه المؤامرات ولكنها تركت تأثيرا قويا فى نفوس الدراويش.

بعد فشل المؤامرة بدأ البريطانيون يستخدمون كل الوسائل الممكنة للتخلص من الرجل المجنون على حد تعبيرهم، بما فى ذلك الطائرات وبث الأمراض المعدية فى صفوف الجنود، مما أضعف موقف الدراوويش، وقد ظهر مرض خطير تفشى بين الجنود، وأخيرا أصيب السد بجرح بليغ جعله يستشهد بعد فترة قصيرة، وبحث المستعمرون عن جثته لكن أتباعه نجحوا فى إخفائها وكان ذلك فى نهاية عام 1921.

ويقال إن من أسباب هزيمة الدراويش:

  • اصطدامهم المبكر مع بعض الزعماء القبليين وعدم اعترافهم بسلطتهم مما جعل هذه الزعامات تنظر إلى هذه الحركة بأنها تغتصب منهم سلطتهم.
  • العنف الشديد الذى اتصفت به الحركة وخاصة مع القبائل التى لا تتعامل معها أو لا تساندها.
  • الظروف الدولية لم تساعدهم من حيث تكاتف القوى الإستعمارية ضدهم.

دخول استخدام سلاح الطائرات ضدهم.

محمية الصومال البريطاني

ظهور البريطانين على سواحل خليج عدن

بسب ظهور القوى الإسلامية في البحر الأحمر وخليج عدن بزعامة مصر في القرن التاسع عشر أصبح الطريق البحري بين الشرق و الغرب مهددا ًبإزدياد القوى الإتحادية الأسلامية لدول شمال شرق أفريقيا و ذلك مما يهدد المصالح البريطانية في هذه المنطقة الهامة من العالم، لذا وجهت حكومة الهند أنظارها نحو خليج عدن فقامت قوات بريطانية هندية بفصل عدن عن إمارة لحج بقوة السلاح في 16 يناير 1839.

وبعد فترة وجيزة تحولت عدن من كونها رأساً صغيرة قاحلة على مياه خليج عدن الي مدينة هامة ذات تجارة حرة واسعة، ومركزاً للتخطيط و التوسع الإستعماري البريطاني في الجنوب العربي من ناحية والصومال من ناحية أخرى ، غير أن أكثر الاتجاهات البريطانية كانت نحو الساحل الجنوبي لخليج عدن حيث يعيش الشعب الصومالي المسلم في هدوء و تعاون أخوي، وذلك بهدف الحصول على مواد غذائية و تموينية لقاعدة عدن القاحلة، وإيجاد مراكز استراتيجية و تجارية على ساحل الصومال تكون كمحاور للأمتداد نحو داخل الوطن الصومالي [2]، و السيطرة على موارده الإقتصادية والبشرية، وتحريكها وفق المصالح البريطانية في شرق أفريقيا.

وعقب استيلاء بريطانيا على عدن قامت بمناورات أخري في خليج عدن أسفرت عن احتلال جزر باب التي تتحكم في مدخل قبة الخراب، وجزيرة ايفات التي تتحكم في ميناء زيلع، و ذلك في عام 1840. و في نفس العام أيضا قامت بشراء جزر موسى من سلطان تاجورة بعشرة حقائب من الأرز.

أول معاهدة بريطانية مع سلطان تاجورة

وفي 19 أغسطس 1810 ، قام الكابتن روبرت مورسبي من البحرية الهندية بالنيابة عن شركة الهند الشرقية بعقد معاهدة مع سلطان تاجورة ، وتنص المادة الرابعة من المعاهدة على تعهد السلطان محمود ابن سلطان تاجورة أن يراعي دائماً النصائح الودية التي يقدمها الرسميون البريطانيون ، و أن يتعهد بألا يدخل في أي معاهدة أو ميثاق أو اتفاق مع أي دولة أوروبية أخرى أو أي شخص دون علم السلطات البريطانية في عدن ، حتي لا يكون هذا سبباً في خسارة تجارية و أصدقائه البريطانيين . وفي مقابل هذه التعهدات ستراعي الحكومة البريطانية المصالح الودية بين البلدين ، و أن تعمل لما فيه صالح تاجورة و تطوير حالتها التجارية.

و تنص المادة السابعة على أنه في حالة دخول السلطان مع أي دولة أخرى في - معاهدة أو اتفاق أو تجارة ، فإن السلطان يتعهد بألا يوافق على أي معاهدة أو اتفاقية من شأنها أن تضر بالصالح البريطاني سياسياً أو تجارياً ، و في مقابل هذا يتعهد البريطانيون بتحسين العلاقات مع ولاية تاجورة.

ومن الجدير بالاعتبار أن هذه المعاهدة لم تدخل مرحلة التنفيذ حتي عام 1884، حينما قام الفرنسيون بعقد معاهدة مشابهة مع نفس السلطان ، و لصالحهم فقط ، و مع هذا لم تبد بريطانيا اهتماماً بأمر المعاهدة لأنها كانت مشغولة بجمع معاهدات و اتفاقيات أكثر أهمية و حيوية في المنطقة الواقعة الي الشرق من زيلع ، فتركت مسألة تاجورة للفرنسيين مقابل أن يعترف الفرنسيون بالنفوذ البريطاني الي الشرق من زيلع.

ومع أن بريطانيا أصبح لها عدن و جزر موسى و باب و ايفات ،وسيطرت على أرخبيل موسى الذي يتكون من ثلاثة جزر كبيرة نسبياً و خمسة جزر صغيرة في داخل خليج تاجورة . و رغم أن هذه المناطق تشغل نطاقاً حساساً و استراتيجياً هاماً على بداية طريق القوافل الذي يسير مع وادي هواش من الساحل الصومالي عبر الأراضى الصومالية الي داخل الحبشة ، فإن بريطانيا لم تزاول نشاطها بدرجة معقولة ، و إنما تركت اسمها و شخصيتها دون عمل إبجابي في هذه المناطق.


النشاط الإستعماري البريطاني

بدأ النشاط الإستعماري لبريطانيا عقب توقيع سلطان تاجورة على معاهدة الحماية الفرنسية على أبوك في عام 1862 حينما أظهر بلايفير المقيم السياسي البريطاني في عدن غضبه و تضايقه من إعلان الحماية الفرنسية على أبوك و صرح بأن (احتلال أبوك غير شرعي لأنها تابعة لسلطان تركيا ، و إن لم تكن تركيا قد رفعت أعلامها أو أرسلت موظفيها الي تلك المنطقة فإنه من الثابت أنها من متلكات تركيا ، و أي احتلال لأبوك يكون بالإتفاق مع الباب العالي مباشرة).

وكان رد شيفير المقيم الفرنسي على تصريح بلايفير بأن (الإنجليز تصرفوا بمثل ما علمت فرنسا عند شرائهم لجزائر موسى و إيفات).


اتفاق مع حاكم زيلع

وخشية أن يتوسع الفرنسيون على ساحل الصومال توسعاً يجعل مسألة تموين عدن بالمواد الغذائية أمراً تحت رحمة الفرنسيين فإن بريطانيا أسرعت في عقد اتفاقية مع حاكم زيلع باسم الشركة الهندية الشرقية لضمان تموين عدن بالمواد الغذائية.


اتفاق مع سلطان ماجرتنيا

و في عام 1866 أبرم الوكيل السياسي البريطاني في عدن اتفاقية مع السلطان محمود يوسف مجرتنيا بشأن الصداقة و التبادل التجاري و منع تجارة الرقيق بالإضافة الي الشروط المعتادة مع الإتفاقيات و المعاهدات و التي من شأنها أن تقيد قوة السلطان و تربطة بعجلة المصالح البريطانية.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

اهتمام بريطانيا بالصومال

و في عام 1869 افتتحت قناة السويس كأقصرطريق ملاحى من الشرق الي الغرب ،و ظهرت أهمية الصومال كحارس للمدخل الجنوبي للقناة و قاعدة استراتيجية في أية حرب قادمة سواء في أفريقيا أو آسيا، و كمنطقة للتوسع التجاري في شرق أفريقيا ، و من ثم بدأ الصراع الدولي يتجه من حوض البحر المتوسط الي خليج عدن و كانت الصومال مركز الإهتمام و التنافس الدولي من أجل كسب مراكزنفوذ و قواعد عسكرية و محميات.


إبعاد مصر عن الصومال

كانت مصر كما ذكرنا في دراستنا لموضوع مصر و الصومال في القرن التاسع عشر من أول الدول التي لها علاقات بالوطن الصومالي. وكانت الإدارة المصرية تمتد من شمال خليج تاجورة حتي رأس حافون، وفي قلب الصومال إلي هرر. وما أن وصلت السفن المصرية إلي كسمايو حتي ظهرت المطامع والدسائس البريطانية والإدعاءات الزنجبارية بحق السيادة على السواحل الجنوبية للصومال، حتي أمكن جلاء ما سماه القنصل الإنجليزي في زنجبار بالخطر المصري من السواحل الجنوبية للصومال.[3]

وكان اتفاق سبتمبر عام 1877 بين بريطانيا ومصر فيه اعتراف بريطانيا بامتداد الإدارة المصرية على سواحل الصومال حتى رأس حافون تحت سيادة الباب العالي ووضعت بريطانيا شروطاً تقلل من السيادة التركية على هذه المناطق مما دعى الباب العالي إلى رفض الاتفاقية ، ولهذا أعتبرت بريطانيا أن المعاهدة ملغاة من طرف الباب العالي ، وقائمة بالنسبة لوجود الإدارة المصرية كحقيقة واقعة من باب المندب إلى رأس حافون.

ومن أجل إحباط المناورات الأوربية على سواحل الصومال أعلن المقيم السياسي البريطاني في عدن عام 1879 قائلاً : " سوف أعارض بشدة أي دولة أجنبية تحاول أن تستحوز على نفوذ على الشاطئ الجنوبي لخليج عدن ".

وكان لاضطراب ميزانية مصر بسبب ديون اسماعيل باشا الناجمة عن حفر قناة السويس وقيام الثورات الشعبية بقيادة العرابيين ضد الحكم الرجعي في مصر وقيام ثورة المهدي في السودان وغير ذلك. كل ذلك كان فرصة للتدخل في شئون مصر المالية باسم المحافظة على حقوق البريطانيين، ثم تحولت إلى استعمار سافر حيث أعلنت الحماية على مصر في عام 1882.

وفي 18 يونية عام 1884 أصدرت بريطانيا تعليمات إلى الميجر هنتر على ساحل الصومال بأن يعمل على انسحاب الإدارة المصرية من ساحل الصومال، وأن يعمل على مواجهة كل إمكانية للإخلال بالنظام المحلي أو الاحتلال الأجنبي وذلك بعقد الاتفاقيات مع شيوخ القبائل المحلية وخاصة هؤلاء القاتنين في مواني بلهار وبربرة وميت وبندر قاسم وبندر خور وبندر حافون، كما خول له حق استخدام قوة مسلحة تكون على استعداد دائم في عدن لمواجهة الحوادث حينما تدعو الحاجة لذلك، كما سمحت له بحرس خاص مكون من 40 جندياً لحمايته من المواطنين. وبعد أن تمكنت بريطانيا من الضغط على مصر، وإجلاء الإدارة المصرية عن الصومال، قامت بتقسيم ساحل الصومال إلى قسمين: قسم أول من بوغاز باب المندب إلى زيلع. وقد دعى الباب العالي ليمارس سلطته عليه. قسم ثاني من زيلع إلى رأس حافون وأعلنت بريطانيا أنها ستعمل الترتيبات اللازمة للمحافظة على النظام وحماية المصالح البريطانية في هذا الجزء وخاصة في منطقة بربره التي تمون قاعدتها في عدن بالمواد الغذائية.

بريطانيا ومنطقة بربره

قام الميجر هنتر تحت حراسة السفن الحربية الإنجليزية و الهندية إلى مياة خليج عدن لمساعدة السلطات البريطانية في عدن في احتلال بعض المراكز الهامة على ساحل الصومال الشرقي من زيلع. وتحت بريق الهدايا والبقشيشات والجنيهات الاسترلينية والوعود المعسولة تمكن هنتر من جمع التوقيعات من الشيوخ الصوماليين المقيمين في بربره، وذلك قبل انسحاب الإدارة المصرية مما يتنافى مع القانون الدولي. وقد أضاف هنتر شرطاً إلى المعاهدات وهو أن تكون سارية المفعول عقب جلاء الإدارة المصرية مباشرة.

وكانت الإتفاقية الأولي مع شيوخ قبيلة هبراول، و كانت صورة الإتفاقية قد أعدت من قبل في عدن ليصدق عليها فقط في الصومال، و هذه الإتفاقيات قيدت شيوخ القبائل وورثتهم بعدم البيع أو التنازل عن أى بقعة من أراصيهم لأى دولة أو فرد أو جماعة من الناس.

وبعد أن قام هنتر باحتلال بربره كتب الي وزارة الهند في لندن عن رغبته في عقد معاهدات مماثلة مع سائر رؤساء بلاد الصومال، و ادعي في رسالته أن ذلك لتحقيق رغبة الأهالي في التفاوض مع بريطانيا.

و في أول أغسطس عام 1884، أبرق اللورد جرانفيل الي اللورد دافرين في القسطنطينية يقول: ( ما لم تكن الحكومة التركية مستعدة لإتخاذ الإجراءات السريعة لإحتلال زيلع طبقاً لإتفاق 29 مايو سيكون من الضرورى لحكومة صاحبة الجلالة (بريطانيا) أن ترسل قوة للمحافظة على النظام هناك) و يريد البريطانيون من ذلك أن تعترف تركيا بإحتلال بريطانيا لبربره.

و كان رد الباب العالي على برقية اللورد جرانفيل بأن الباب العالي على استعداد لإرسال قوات عثمانية الي زيلع و تاجورة و سواكن، وقد طلب الباب العالي استفسارات عن الإجراءات التي قامت بها بريطانيا لإحتلالها بربره التي هي جزء من بلاد الصومال التي اعترفت بها بريطانيا في سبتمبر عام 1877 في الإتفاق البريطاني المصري.

و لكن السلطات البريطانية أعلنت أن ( الباب العالي قد مارس سلطانه فترة من الزمن على المنطقة الممتدة حتي زيلع و بالرغم من عدم اعتراف الحكومة البريطانية بذلك لم يحدث نزاع بالفعل بسببها، و لكن ادعاء السلطان لسيادته على القبائل الصومالية مابين زيلع ورأس حافون قد أنكرته الحكومة البريطانية مراراً، و لم يقبل الباب العالي الظروف التي أعربت فيها بريطانيا عن استعدادها للإعتراف بسيادة هذه القبائل بمقتضي الإتفاق المبرم في 7 سبتمبر 1877 بين بريطانيا و الخديو. وعليه لا يصبح للباب العالي أن يستند في أحقيته لبربره على اتفاقية بقيت بدون تنفيذ ).

صيغة المعاهدات البريطانية الصومالية

قام الميجر هنتر بعقد عدد من المعاهدات مع القبائل الصومالية الي الشرق من زيلع خلال الفترة مابين 1884 -1885، و كلها تحمل صيغة معينة بالصورة التالية:

نحن الموقعين أدناه( أسماء شيوخ القبائل المدونة هنا ) راغبون في الدخول في معاهدة مع الحكومة البريطانية لصيانة استقلالنا و حفظ النظام و غيرها من الأسباب التي تملأ نفوسنا رضى و اطمئناناً، و عليه تعاهدنا على الأتي:

مادة 1: تعلن القبيلة (المذكورة هنا ) أنها تتعهد بألاتتنازل، أو تبيع، أوترهن، أو تسمح بإحتلال أى جزء من أراضيها التي تقطنها أو التي تحت أدارتها لأى دولة أخرى إلاللحكومة البريطانية فقط.

مادة 2: كل السفن التي تحمل الأعلام البريطانية لها حرية التجارة مع كل المواني التابعة لأراض القبيلة المذكورة.

مادة 3: كل الرعايا البريطانيين القاطنين و المترددين و الزائرين بمنطقة القبيلة المذكورة يتمتعون بالسلام التام و ضمان حرية تنقلاتهم داخل أرض القبيلة في رعاية شيوخهم.

مادة 4: منع تجارة الرقيق مطلقاً في أراضى القبيلة المذكورة، ولبريطانيا حق استخدام القوة البحرية أو البرية من الضباط و الموظفين و غيرهم من العاملين في خدمة صاحبة جلالة الملكة البريطانية في مصادرة السفن التي تتعامل في تجارة الرقيق.

مادة 5: لبريطانيا حق تعيين المندوبين عنها لاإقامة في أراضى القبيلة المذكورة و يكون لهم حق تعيين الحارس أو الحراس حسبما تري الحكومة البريطانية على أن يكون للمندوبين حق احترام الأهالي و الشيوخ. يعمل بالمعاهدة المدونة عاليه، و تكون سارية المفعول من تاريخ أمضائها و هذه التوقيعات للتأكد من الصفة القانونية للمعاهدة. توقيع المشايخ المذكوريناسم المقيم السياسي. والمساعد والشهود ( نواب عن الحكومة البريطانية) التاريخ


تاريخ لأشهر المعاهدات البريطانية الصومالية

في 30 نوفمبر 1884 قام الملازم كنجيل نائب القنصل البريطاني في زيلع حسب الأوامرالصادرة إليه من المقيم السياسي في عدن بإختلال جزر موسى و أباض المتحكمين في مدخل قبة الخراب، و رفع العلم البريطاني عليهما و ذلك لشل حركة الميناء التابع لفرنسا. و قام الميجر هنتر بعقد معاهدات مع شيوخ صوماليين من قبيلة جدابورسي في خور كالنجلات و هى نموذج من المعاهدات السابقة التي أبرمها رؤساء القبائل الواقعة الي الشرق من زيلع.

وفي 30 دبسمبر 1884 عقد معاهدة مع قبيلة هبر تلجعلة تختص بالساحل الصومالي مابين بربره و هايس.

وفي 31 ديسمبر 1884 عقد هنتر معاهدة مع قبيلة العيسي صومال في الأراضى التي تمتد من زيلع حتي هرر، و هي مجاورة للأراضى التي ضمها الفرنسيون أخيراً.

و في 31 يناير 1885 عقد هنتر معاهدة مع قبيلة هبر جيرها حيس و أراضيهم قريبة من أراضى قبيلة هبر تلجعلة في الغرب، وأراضى قبيلة و ارسنجالى في الشرق على الساحل الصومالي.


نصوص الإتفاقيات مع العشائر الصومالية:

وبعد عام 1886 أخذت المعاهدات البريطانية طابعاً جديداً اذ أبرمت اتفاقية اضافية مع كل عشيرة بغية ضمان تنفيذ المعاهدة دون وجودمعارضين من الأهالي، و هذا نص الإتفاقيات مع العشائر.

الحكومة البريطانية و شيوخ العشيرة المذكورة هنا قد أبرموا هذه الإتفاقية في سبيل إيجاد روابط السلام و الصداقة بينهم.

فوض الصاغ فردريك ميرسير هنتر و شيوخ هبر جيرحاج على البنود التالية:

بند أول:

تتعهد الحكومة البريطانية تبعاً لإستجابة رغبات مشايخ العشيرة المذكورة بأن تبسط سلطاتهم التشريعية على الجهات التي في حوذتهم، و تمنحهم حق حماية صاحبة الجلالة الملكة الإمبراطورة.

بند ثاني:

يوافق مشايخ العشيرة المذكورة و يتعهدون بعدم الدخول في أى علاقة أو معاهدة مع أى دولة أو سلطة أجنبية إلابمعرفة حكومة جلالة الملكة.

بند ثالث:

بعمل بهذه المعاهدة في اليوم الأول من شهر فبراير 1886. أمضاء صاغ ف. م .هنتر النائب السياسي على ساحل إمضاء الصومال أسماء المشايخ


إعلان الحماية البريطانية

في فبراير 1885 قرر كل من اللورد كمبرلي وزير الهند واللورد جرانفيل وزير خارجية بريطانيا بأن يعهد بإدارة ساحل بلاد الصومال الممتد من رأس حافون حتى زيلع إلى سلطات حكومة بمباي، ويكون من حقها الإشراف المباشر على هذه الأراضي حتى زيلع.

وفي أوائل عام 1887، انتهت الأزمة السياسية بين فرنسا وبريطانيا التي كانت قد أوشكت أن تشعل نار الحرب بخصوص مسألة دونجاريتا وامبادو وزيلع، وقامت مفاوضات بين البلدين وبمقتضاها وضعت الحدود الفاصلة بين مناطق نفوذ كل منهما بخط يبدأ من زيلع إلى هرر. غير أن السلطات البريطانية في بمباي رفضت الخط، وعدلته ليكون من رأس جيبوتي إلى هرر. وفي 20 يونيو 1887، أرسل سالبري منشوراً دورياً إلى سائر دول العالم يعلن فيه إقامة محمية الصومال البريطاني في الصومال من رأس جيبوتي حتى بندر زياده عند خط 49شرقاً وقد أسند إدارتها إلى حكومة الهند عبرعدن وبمباى.

موقف بريطانيا من التوسع الحبشي في الصومال

كان للتنافس الدولي في تسليح منليك و كسب وده ذا خطر كبير على الصوماليين بل على الأوربيين أنفسهم، و كانت بريطانيا تري أن ازدياد قوة منليك معناها أضاعة مصالحهم في الصومال، بل في شرق أفريقيا، لذلك إتجهت في عام 1886 الي عقد معاهدة مع فرنسا بشأن عدم تصدير الأسلحة الي الحبشة، ( فربما تقع في يد الصغار و البربره) على حد تعبير المعاهدة مما يكون له أثر سيىء على الأوروبيين، و لكن هذه الإتفاقية لم تنفذها بريطانيا أو فرنسا.

و أقامت فرنسا اتفاقاً سرياً مع الحبشة بشأن احتلال فرنسا لهرر عقب جلاء الإدارة المصرية مقابل أن تحصل الحبشة على ميناء ( على ساحل البحر الأحمر ) لتصريف تجارتها و ذلك بمساعدة فرنسا و في الوقت نفسه كانت المناورات الإيطالية تتجه نحو هرر، و كانت بريطانيا تعمل على تجميد الوضع في هرر لمصالحها الخاصة ريثما تتهيأ الظروف لضمها لمحمية الصومال البريطاني ( صومالند ).

و أصدرت الحكومة البريطانية تعليمات للميجر هنتر بأن يعقد اجماعاً في هرر أثناء جلاء الإدارة المصرية لتوليه ابن أميرها السابق حاكماً على هرر المستقلة، و أرسل الميجر هنتر رسالة الي الأمير عبدالله حاكم هرر يقول فيها ( كن مطيعاً في كل شيء لممثلها في هرر).

و في العام التالي قام الأحباش بغزو سريع لهرر فوقعت المدينة في يدهم بعد ربع ساعة تقريباً لعدم تكافؤ القوتين لأن القوى الصومالية قد جردها البريطانيون من السلاح ،فلم تستمر في الدفاع أكثر من ذلك.

و لهنتر رسالة الي السير أيفيلين بارنج يقول فيها: ( أنه لا يستبعد و جود بعض الإيطاليين مع الأحباش في غزو هرر، و لعل سبب دخول منليك الي هرر يرجع الي الأمير عبد الله الذي رفض زعامة منليك إلا إذا صار مسلماً).

و على أية حال لم تتحرك بريطانيا نحو إتخاذ أى خطوة أمام الزحف الحبشى الي هرر رغم أنبريطانيا و فرنسا قد أبرمتا معاهدة 1887 بشأن الحدود بين المحميتين في الصومال، مع إلزام كل من الطرفين بالعمل على استقلال هرر.

و في نفس العام الذي قام فيه الأحباش بغزو هرر تتابعت حملاتهم العدائية الي مسافة ستين ميلاً الي الشرق من هرر حتي مدينة جججة، و أقاموا فيها حامية حبشية. و يعلل المؤرخون انتصارات الأحباش على الصوماليين بهذا الشكل الذي لامثيل له في التاريخ العام للصومال بأن بريطانيا التي تدعي خماية الحراكات و الإستقلال لم تتورط في الدفاع عن المحميات مما هي عليه في الصومال المسلم الفقير في موارده الطبيعية و البشرية.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مد الحبشة بالأسلحة عبر ميناء زيلع

و رغم أن ميناء زيلع خاضعاً لنفوذ البريطاني، و رغم معارضة الصوماليين، فإن الحبشة أمكنها أن تستورد 20 ألف بندقية في عام1890 عبر ميناء زيلع، لأن بريطانيا تريد أن تحقق رغبة منليك في التسلح، و قد سبقها الإيطاليون في العام السابق (1889 ) فقاموه بتزويد منليك بنحو خمسة آلف بندقية، و مليون خرطوشة هدية من هامبورت ملك ايطاليا، و الذي حمل هذه الهدية هو الإيطالي الماكر انتونللي الذي عقد معاهدة أوتشيالي المعروفة مع الحبشة، فكانت الأسلحة ترد من كل مكان بمعرفة الأوربيين المسيطرين على المواني الصومالية.


موقف بريطانيا من الصوماليين و الأحباش

يمكن أن نوضح موقف بريطانيا الذي يتسم بالجمود، و عدم الإنسانية على لسان مؤرخها الحربي الرسمي و هو كابتن سواين الذي قال في مذكراته في مايو 1891. أن جماعة من قبيلة هبر يونس و قبيلة هبراول في جججة أخبروه أن رسولا ًمن الحبشة جاء يطلب منهم قربتين كجزية لحمايتهم من غارات الأحباش، و لم يوافق الشيوخ الصوماليين على دفع الجزية مصممين على الجهاد من أجل حريتهم و كرامتهم.

ويذكر سواين أن الصوماليين اقتنعوا تماماً بأن الحكومة البريطانية لن تقف موقف المتفرج و هي تري الأحباش يدفعوهم بشدة و قسوة بدون أن تعطيهم ولو بعض المساعدات الأدبية، فقد ( اتجهوا إلينا نحن البريطانيون على أننا حماتهم الطبيعيون، كما كان لهم أن يتجهوا الي المصريين لو أنهم استمروا على الساحل ).

أما عن التأثير الأدبي الذي تحدث عند سواين فهو شيء يدعو الي السخرية، ففي الوقت الذي كانت فيه القوى الحبشية تتجه نحو صومال الأوجادين لم يكن هناك عمل إيجابي لصدها من جانب بريطانيا و كل ماقامت به بريطانيا هو أنها أصدرت أوامر للسفينة كنج فشر البريطانية أن تتجه الي ميناء بربره لإعطاء الأهالي الأمن والإستقرار و هي على بعد 200 ميل من الأوجادين.

وحينما طلب مادار شيخ هرجيسة من ستاك قائد الحامية أن يمنحهم بعض الأسلحة. بقوله "كافئ الرجال الذين أقاموك عليهم حافظاً وحامياً" رفض ستاك قائلاً "أن هذا سيكون مقياساً لإيجاد قوة مسلحة وليس لي حق في ذلك بدون تعلميات لندن". وتعترف الحكومة البريطانية في تقرير لها بعد أن قام الأحباش باحتلال مدينة بيوكابوبا وطردت قبائل عيسى الصومالية بأنه " كان من الممكن لأحد عشر جندياً بريطانياً أن يحموا بيوكابوبا و يحولوا دون وقوعها في يد الأحباش". ونعود مرة أخرى إلى كابتن سواين الذي قال في مذكراته بتاريخ أكتوبر 1891 أن رئيس من عائلة مودان جولاب جرى من قبائل العيسى الصومالية قال له. "نحن نسألك أن تنقذنا من هؤلاء الدخلاء فهم يريدون معاملتنا كما عاملوا جرى (عشيرة صغيرة تعيش في جججة) فينهبون ماشيتنا، ويقتلون أتبعانا، ويحرقون حظائرنا أنهم يرغبون في الاستيلاء على بلادنا وطردنا منها، ولكن لن يتمكنوا من ذلك". ويشير المستر ليج المستشار الخاص للملك الحبشي في رسالة له إلى هارنجتون عن موقف بريطانيا تجاه الصوماليين قائلاً " أن عدم المبالاة الذي تظهره الحكومة البريطانية في زيلع أقنع الحبشة أن بريطانيا لا تعتبر أن هذا المكان له أي قيمة، حيث أن بريطانيا لم تقم حاجزاً للماء، ولا منزلاً في المنطقة منذ أن وجدت هناك. وفي الحقيقة أن المصريين كانوا أكثر فائدة للتجارة من الدول الأوروبية، واستطيع أن استنتج رأس مكونين حاكم هرر شعر بأنه يتصرف بحرية مع البريطانيين ولم تقم أي حركة عداء حتى الآن من جانب بريطانيا لتحول دون استمرار غارته داخل الأراضي الصومالية". ولم يكن للصوماليين مقدرة على الدفاع أمام المغيرين بأسلحة حديثة أوروبية، بل كان حمل السلاح في المحمية البريطانية حتى البيض منه شيء محرم وقد ظهراستياء عام ضد البريطانيين في كافة أنحاء المحمية البريطانية مما دفع القسم الشرقي من مكتب وزارة الخارجية البريطانية على القبائل الصومالية، وطالب القسم المختص بالصومال بحق الحماية للصوماليين في حالة حدوث أي هجوم استفزازي على ممتلكاتهم، ولم تجد هذه الشكوى أي أثر لدى البريطانيين إذ يرى البريطانيون وجود علاقات ودية ودينية وتجارية واسعة مع الحبشة لها نتائج أكثر من علاقتها بالصومال، ومن ثم عملت بريطانيا على تفكيك الوطن الصومالي والمساومة بأجزائه وفق مصالحها الخاصة دون نظر إلى المعاهدات التي أبرمتها مع السكان باسم الحرية والصداقة وحماية الاستقلال.

سياسة المصالح البريطانية تجاه الحبشة

بعد هزيمة الإيطاليين في عدوة حدثت تغيرات كبيرة في السياسة البريطانية وآثار بعيدة المدى تاريخ القرن الإفريقي، فقد كان لانتصار جيوش منليك على القوات الإيطالية في معركة عدوه أن أجبرت الحكومة الإيطالية على توقيع معاهدة سلام في خريف عام 1896 وفيها تجاهلت إيطاليا معاهدة أوتشيالي واعترفت بالاستقلال والسيادة الكاملة للحبشة مع أنه كان من الممكن بقاء السيادة الإيطالية على إريتريا. واعتراف الأوروبيون باستقلال الحبشة وسيادتها وبدءوا يتنافسون بشكل ليس له مثيل في كسب ود منليك ومهادنته، وكانت بريطانيا ترمي إلى صداقة ملك الحبشة أكثر من مطالبته بإعادة الأراضي التي اغتصبها من الصوماليين التابعين للمحمية البريطانية، ولا الحد من مطامعه التوسعية، وإنما تبغي بريطانيا صداقة وتبادل منافع تجارية مع الحبشة، مع احتفاظها بقاعدة تموينية على خليج عدن. وتتضح سياسة بريطانيا في النقط التالية:

أولاً: كان مكونين قبل معركة عدوة قد ظهرت منه بوادر تدخله في شئون الصوماليين الذين كانوا تحت الحماية البريطانية إذ أن اللورد دلامير كان قد شيد في هرجيسة مكانا للصيد، وقد كره مكونين ذلك واعتبره على ما يبدو له رمز السيادة البريطانية، فأمر بهدمه، ووصف (فريس) هذه الحادثة بأنها ألقت ضوءاً ساطعاً على الأطماع الحبشية، ثم مضى فريس قائلاً "أنه في أغسطس من العام الماضي سنة 1895، كتب رأس مكونين إلى قبائل هبراول القاطنة حول هرجيسة مدعياً أنهم من رعايا الأحباش، وطالبهم بهدم الحظيرة الصغيرة التي كان قد بناها هناك اللورد دلامير؛ وقال أن هذه الحظيرة الصغيرة التي كان قد بناها هناك اللورد دلامير؛ وقال أن هذه الحظيرة تقع ضمن الأراضي الحبشية". ولم تتخذ بريطانيا خطوة عملية بصدد التوغل الحبشي في الأراضي الصومالية.

ثانياً: وبعد عام واحد حاول الأحباش الإستيلاء على أرض صومالية و ذلك ببناء بعض الأكواخ عند آلول و بإقامة عين مائية جنوب شرق بيوكابوبا، فاشتكى فريس في أول أغسطس عام 1856 لرأس مكونين قائلاً: ( إن بعض رعايا سيادتك قد بنوا أكواخاً بالقرب من العيون المائية في آلول في الأراضي التابعة لقبائل جد أبورسي، و أننا على استعداد دائماً لتقديم التسهيلات لرعاياك ليتمتعوا بالإستفادة من تلك الينابيع و لكن يجب ألا تقام المباني و المدائن داخل أراضى جلالة ملكة بريطانيا ). و لم يكن لهذا الإحتجاج أثر، و إنما تمادي الأحباش في شن غاراتهم على القرى الصومالية.

وقد كتب فريس في خطابه الي مستر رود القنصل العام البريطاني في القاهرة يقول: ( إنه في سبتمبر كان العلم الحبشي يرفرف على آلول بقصد ادعاء امتلاك ذلك الجزء من البلاد، و يبدو أن رأس مكونين يتجاهل الحدود المبنية في ميثاق 1894 المعقود بين بريطانيا و إيطاليا، و لا يطالب بإمتلاك جدابورسي فحسب، بل يطالب أيضاً بإمتلاك جزء غير قليل من المحمية البريطانية ).

و كل ما استطاعت بريطانيا أن تفعله أمام رفع العلم الأثيوبي في آلول أن أبرق سالسبري الي ساحل الصومال بأن ( انزال العلم في آلول لايستلزم وجود قوة كبيرة) و في رد فريس على مستر رود في القاهرة ذكره بالأسرار التي ينطوي عليها و من ورائها استيلاء الحبشة على الأراضى، كما ذكره بالإدعاءات السابقة التي ادعاها مكونين بالنسبة للسيادة الحبشة( و أن الحادثة الحالية هي النتيجة الحتمية لحوادث سبتمبر 1891 عندما شيد رأس مكونين قلعة داخل أراضينا عند بيوكابوبا. و حماها بالجنود ).

و في خطاب مؤرخ في 24 نوفمبر 1891 ذكر مكونين أن بلاد عيسى وجدابورسى تمتلكها الحبشة، و أن بيوكابوبا دخلت ضمن الحدود البريطانية بعقد مبين فيه الحدود مع الفرنسيين في 2 فبراير 1888، و وفقاً للرأى السائد في ذلك الوقت فإن الحماية الإيطالية على الحبشة لم تعد ذات مظهر قوى، فكان طلب البريطانيين من الإيطاليين الإجتماع مع الملك منليك، و إزالة القلعة أو على الأقل سحب الحامية العسكرية، و كلاهما دليل ساطع على الإعتداء الحبشي. غير أنه وجد بعد ذلك (في أكتوبر) أن المنطقة أصبحت مهجورة و لاأثر للعلم الحبشي فيها، فأمر المقيم السياسي البريطاني بحرق الأكواخ التي شيدها الأحباش، ولكن هذا الإجراء لم توافق عليه بريطانيا مما اضطره الي أن يعتذر عنه لأنه لم يكن على دراية بالسياسة البريطانية تجاه الحبشة، و على أية حال فإن تلك الحادثة أظهرت أن رأس مكونين قد تجاهل أصلاً التماس بريطانيا في إزالة الأكواخ.

معاهدة بريطانية مع رئيس قبيلة الأوگادين

و في أول سبتمبر عام 1896 أبرمت بريطانيا معاهدة مع رؤساء الأوجادين للحد من التوسع الحبشي نحو الأراضي الصومالية و كانت بالنص التالي: أنا. أحمد مورجان رئيس قبيلة أوجادين أضع نفسي و شعبي و بلادي تحت حماية جلالة الملكة الإمبراطورية البريطانية. و أعلن نيابة عن نفسي و خلفائي من بعدي أنني سوف لاأعمل على فصل أو اقتطاع أي جزء من الأراضي التابعة لي في الماضي، أو أن أقوم بأبرام أى معاهدات مع أى دولة أخرى أو شخص أجنبي بدون تخويل من حكومةجلالة الملكة. و أتعهد بأن المعاملات التجارية بيني وبين الأجانب سوف تكون خاضعة لموافقة ممثل جلالة الملكة الذي عهد اليه بحل المشكلات، و أن أستشيره و آخذ بنصائحه في كل علاقاتي مع الأجانب. أمضاء (العربية ) شهود( أمضاءات بالعربية ) أ-ت.وجير وقعت أمامي وكيل المقيم العام ج. ف. ترتيون 1 سبتمبر 1896


بريطانيا تراودها فكرة ترك الصومال للحبشة

من الواضح أن الحكومة البريطانية تهدف الي أن توازن بين مصالحها الإستعمارية الواسعة المدي في الحبشة، وبين مصالحها الإستعمارية الأقل شاناً ًفي محمية صومالند. و على أثر هزيمة الإيطاليين في عدوة كان كل ما تخشاه بريطانيا في ذلك الوقت هو أن دراويش السودان ستدعمهم القوات الحبشية ضد بريطانيا في أعالي النيل و أن العلاقات الودية بين منليك و فرنسا سوف تزداد، ولإحتمال قيام تهديد فرنسي حبشي لوادي النيل، فقدكان توسيع السردار في مد السكك الحديدية في السودان لأن السياسة الفرنسية قد زادت من نشاطها في الحبشة، و قد غزا نشاطها الأجزاء القريبة من شرق النيل، كما مهدت طريقاً نهريا الي فاشودة و في نهاية عام 1896 أرسل لاجارد على عجل ليصلً الي اتفاق كهذا، و في هذا تهديد لمصالح بريطانيا في السودان و أعالي النيل.


و اتجهت سياسة بريطانيا نحو المحافظة على السودان أولاً و نحو صداقتها مع الحبشة ثانياً بأية صورة ممكنة، و لكي تضمن السودان و الحبشة و تحول دون امتداد نفوذ الفرنسيين أو غيرهم في الحبشة و لتحبط كل محاولة تضر بالمصالح البريطانية في السودان و أهالي النيل، من أجل هذا أرادت بريطانيا أن تتخلي عن مسئولياتها تجاه الصومال بحكم المعاهدات، و أن تتركها لا في مهب الريح و إنما لتقدمها للأيدي الحبشية، بهدف تقوية العلاقات البريطانية الحبشية لمنع أى هجوم ضد السودان، و المحافظة عليه كمستعمرة بريطانية خالصة. و لذلك أبرقت الحكومة البريطانية في 17 نوفمبر الي المقيم السياسي البريطاني في عدن مستفسرة عما إذاكان من الممكن جعل عدن مستقلة في مواردها عن الساحل الصومالي، و عما إذا كانت المحمية ضرورية بالنسبة لمصالح بريطانيا.

و رداً على استفسار الحكومة البريطانية كتب كننجهام المقيم السياسي البريطاني في عدن في رسالة له. أنه ليس لديه أدني تردد في أهمية الساحل الصومالي، ووضح ذلك بقوله. ( إننا في السنوات الماضية كنا نحصل على ما نحتاج اليه من بربره أن نستولي على الساحل لكنه لم تكن توجد معارضة لنا في ذلك الوقت و كنا نسيطر على السوق، أما الآن فإذا أجاز لنا أن نقلل من طول محميتنا و عرضها فإن ذلك لابد وأن يفوتنا إذ اأننا لن نكون في مركز يمكن فيه أن يقاوم الضغط الذي سيلقي عليه ).

و مما يدعو للأسف الشديد أن بريطانيا التي وافقت و وقعت معاهدة الحماية مع جدابورسي سنة 1884، و صدق عليها الحاكم العام في فبراير 1885 و كانت تلزم الصوماليين عدم البيع أوالتخلي أو الرهن أوالسماح بإحتلال أى جزء من أراضيها مع أى دولة إلا مع الحكومة البريطانية، و كان الصوماليون ينفذون بنود الإتفاقيات و المعاهدات بوحي أنفسهم الصافية التي لا تعرف المكر و الخبث، و هذا على عكس ما أظهره البريطانيون من رغبة في التخلي عن المعاهدات أو جزء منها وفق مصالحهم الخاصة دون نظر الي أصحاب الشأن أو التفاوض معهم في أى أمر كان.

ويقترح كننجهام على بريطانيا فيقول: ( يبدو لي الآن أن المسألة تتعلق بإتخاذ قرارات مع الملك منليك، و ليست بالدخول في نزاع مع رأس مكونين الذي لم يكن إلا تابعاً، وأري أهمية القيام بعمل سريع لأنني أدرك أن الأخير (مكونين ) سيتبع منشوره الدوري المعروف بعمل من أعمال السيادة المكشوفة و لا قبل لي بالقيام بإحتجاج عملي ضده، كما أنه في الوقت نفسه سيؤدي الي عواقب وخيمة في المحمية ).

و كانت بريطانيا تخشي أن تتطور الأطماع الحبشية في الأراضى الواقعة تحت نفوذها فتؤدي الي صدام مسلح، فقد كانت مطامع الحبشة كما جاء في المنشور الدوري لمنليك عام 1891( و الذي أصبح منسياً الآن ) وكان ينادي به حفنة من الجنود و الشاة غير النظاميين في بيوكابوبا، كما كانت تبغي أن تدفع بعض العشائر جزية لمن يسيطر عليهم من الأحباش، و أن تحطم حظيرة اللورد دلامير في هرجيسة و غيرها من المطالب التي إدعي الأحباش أنها من حقوقهم.

و أمام المطالب التوسعية الحبشية قام اللورد هاملتون فأبرق في يناير 1897 قائلاً: ( أن حكومة حلالة الملكة تعتبر مصالح الإمبراطورية في محمية الصوكالند غير كافية لتبرر مساهمتها في الدفاع عنها أو اصلاحها أو احتلالها بصفة مستمرة إلامن وجهة الإنتفاع البحري فقط ، و إذا قام احتلال عسكري حبشي يجب التقهقر الي المواني ).

و هكذا ظهرت السياسة الإستعمارية البريطانية سافرة دون حجب، فإن مصالحها في الصومال لا تستحق منها أن تتولي مسألة الدفاع عنها، وأن المعاهدات شيء لم يحب له حسلب، و بريطانيا لاتعطي أهمية الدفاع أو الإحتلال بصفة مستمرة، و إذا كان لابد فالدفاع عن المواني التي تمد عدن بالمواد الغذائية فقط. و أما في حالة هجوم الأحباش على الصومال فإن القوات البريطانية عليها أن تتقهقر الي المواني تاركة الأراضي و الشعب الصومالي أمام الأحباش دون أن يتصادم انجليزي مع حبشي.


المفاوضات البريطانية الأثيوبية بشأن الصومال

تكوين بعثة برئاسة رينل رود

كانت الحاجة ماسة لإقامة مفاوضات عاجلة بين الحبشة و بريطانيا من أجل تحقيق مطامع كل منها، و المسألة- كما كتب كنتجهام من عدن - (قد إتخذت مرحلة حرجة و تتطلب تسوية سريعة و مسألة ارسال بعثة الي ذلك الملك (منليك ) تلك البعثة التي صرف النظر عنها مؤقتا في العام الماضي يجب أعادة البحث فيها مرة أخرى).

و قد وقع الإختيار على رينل رود القنصل العام البريطانية في القاهرة لقيادة بعثة المفاوضات البريطانية مع الحبشة، و كان أول تفكير للساسة البريطانيين هو إختيار الهدايا لمنليك. و في شأن ذلك أعلن رئيس المكتب البريطاني لشئون الهند ( أنه يمكنني أن أسوس فيلا من الهند أذا كان الملك يشتهي واحد ليركبه، أما فيما يتعلق بمسألة المدافع فإنه على الإنسان أن يتصور أن الفرنسيين قد أمدوا الحبشة بحاجتهم ). و قد علق رود الهدايا الروسية التي كانت في طريقها الي هناك. ( أنه يقال أنها جميلة جدا، وأننا سنقاسي أن أخذنا هدايا عادية بالمقارنة مع الأخرى ).ويقول أيضا.( أن الأمور توداد تعقدا هناك. أنني لا أخاف من الفرنسيين و لكن من الرسيين، أنهم دائما هم العنصر الذي لا يقهر ). و على أية حال جمعت الهدايا المتنوعة و على قمتها الصليب الأكبر لكل من القديسين ميخائيل وجورج، هدية لمنليك، و بالنسبة للصوماليين بعض خرز و مطاوى و مناديل ملونة براقة و جوارب من قطن، و كان رأي رود مصيبا حين اختار الصليب، فقد تقرب من عقلية حكام الحبشة بهذا الإختيار.


تعليمات بريطانيا الي رينل رود

كانت التعليمات الصادرة من الحكومة البريطانية ( وزارة الخارجية ) الي رينل رود ـن يقوم بمفاوضات مباشرة مع النجاشي منليك و يوضح له أن العمليات العسكرية التي تقوم بها الحكومة المصرية في السودان إنما الغرض منها هو استرجاع المديريات التي كانت سابقاً تحت الحكم المصري، و أن بريطانيا لاتعارض في امتداد الحبشة بين خطي 10 ، 15 شمالاً على أن لايتجاوز منطقة النفوذ التي أعطيت لإيطاليا في بروتوكول 15 أبريل 1891. وكانت التعليمات الخاصة الموجهة لرينل رود بشأن المسألة الصومالية على الوجه التالي:

1 - الوصول مع منليك الي الترتيبات اللازمة التي تؤدي الي تفاهم محدد حول خط الحدود بين الحبشة و المحمية البريطانية.

2 - إذا كان من المحتم أن تتنازل بعض الشيء فيما يتعلق بمسألة الحدود للمحمية كما هي محددة في البروتوكول المبرم مع إيطاليا في 5 مايو 1894 فلينفذ ذلك على شرط أن هذه الإمتيازات يجب ألا تتعارض مع الهدف الرئيسي الذي اتخذت المحمية من أجله أعني ضمان الموارد الكافية لتموين عدن و إيجاد مكان للإكتفاء الذاتي للمحمية.

3 - في حالة تفويضك في الموافقة على نقل بعض القبائل التابعة للمحمية البريطانية الي الحبشة يجب أن تكون حريصاً على أنهم يجب أن يعاملوا بالعدل و التقدير.

4 - أى نصوص توقع عليها يجب ألا تشمل شيئاً يتعارض مع حقوق إيطاليا الموضحة في البنود المنعقدة بينها و بين بريطانيا العظمي في بروتوكول 24 مارس 1894.

5 - مسألة الحدود الحبشة و هي الجنوبية الغربية و الجنوبية فتلك مسألة من الأفضل تركها للمناقشة التي قد تدور بين الملك منليك و الحكومة الإيطالية إذ أنها تدخل ضمن نفوذها، كما هو معترف به من قبل بريطانيا العظمي في البروتوكول المنعقد في 24 مارس 1891 و تلك الحدود من الواضح أنها ستبقي.

6 - من المحتم أثناء مناقشتك التي سأصدق عليها في نهاية الأمر يجب أن تضع في ذهنك شروطاً للبروتوكول الموقع عليه من قبل إيطاليا في 5 مايو 1894، كما يجب أن تفهم أن أى أعتراف منك يتعلق بالمطالب الإقليمية للحبشة يجب أن يكون خارج مجال النفوذ البريطاني، كما هو موضح في البروتوكول و يجب أن يكون في صالح بريطانيا العظمي نفسها دون المساس بأى من المطالب أوالحقوق المتعلقة بالدول الأخرى.

7 - الحصول على تأكيدات من منليك بعدم تقديم أى مساعدات للفرنسيين أو الدراويش في السودان و ألا تكون الحبشة معبراً بين الصومال الفرنسي في الشرق و السودان الفرنسي في الغرب.

8 - الإشارة الي جهود بريطانيا العظمي في خدماتها الجليلة لمنليك، و ذلك بإغلاق مواني الساحل الصومالي و خاصة زيلع في وجه القبائل المعادية له، و التي كانت معه في حرب، و لم تتمكن من الحصول على أية امدادات حربية من زيلع.

9 -الإشارة بفضل بريطانيا العظمي في إخراج الإدارة المصرية من الأراضى الصومالية.

10 - الإشارة الي أن بريطانيا قامت بعقد معاهدات مع القبائل الصومالية قبل احتلال الأحباش لهرو و بيوكابوبا و جججة بفترة طويلة و لم تصد له أو تعارض جدياً ضد احتلال الحبشة لهذهالمناطق.

نتائج المفاوضات البريطانية الإثيوبية

وبعد استكمال البعثة حاجياتها ومعرفة تعليمات الحكومة البريطانية قام رود على رأس وفد برحلة بحرية الي زيلع ومن هناك تابعوا سيرهم عن طريق القوافل وهو طريق زيلع-هرر متجهين الي أديس أبابا مارين بقرية بيوكابوبا وبها قلعة مكونين المزعومة، وفي هذا المكان كتب الكونت گلايتشن الذي كان يصاحب رود قائلاً:

  أن الأحباش قد أقاموا لأنفسهم أقصي حد نحو الشرق و هذا الحد يشمل قلعة صخرية مسقفة بالقش من السهل إزالتها، و قد أحاطوها بسور شائك، و أقاموها على تل صغير هرمي الشكل، ويشف على الأبار و كانوا من الصوماليين و السودانيين الممزقي الثياب، و لم يكن يوجد من بينهم أحباش، هؤلاء المساكين الصوماليون لا يتقاضون أجراً، و يعتمدون في معيشتهم على القوافل المارة.  

إدوارد گلايتشن

وبدأ رينل رود مباحثاته مع الملك منليك في 28 أبريل سنة 1897 و قد اقترح رينل رود لتسوية مشاكل الحدود الحبشية و الصومالية بأن تتنازل بريطانيا عن المنطقة الصومالية المثلثة الشكل بحدود بيوكابوبا و جلديسيا و مكانيس و بذلك تصبح قبيلة عيسي الصومالية تحت نفوذ الحبشة، أى يبتعد خط الحدود عن هرر على أن تحسن الحبشة معاملة الصوماليين الخاضعين لها، غير أن منليك كانت له أماني أوسع، لذلك أرجأ التفاوض بشأن الحدود مع الصومال على أن تكون الرسائل المتبادلة بين رأس مكونن ورينل رود تمثل جزءاً لا يتجزأ من المعاهدة.

وفي 4 مايو سنة 1897، ثم التوقيع على معاهدة أديس أبابا، ( و في 31 مايو من نفس العام قامت بعثة إيطاليا بزيارة هرر و أجراء مباحثات مع راس مكونن ) وسافرت البعثة يوم 14 يونية الي زيلع فلندن على أن تستكمل مسألة الحدود في صورة خطابات بين راس مكونن ورينل رود واعتبارها جزء من معاهدة 4 مايو 1897 و إعتمدت المعاهدة في 25 يولية 1897 و تنص على الآتي:

  • مادة 1:

لكل من الطرفين المتعاقدين حق مطلق الحرية في المجيء الي أرض الطرف الآخر، و الذهاب منها و التجارة فيها.

  • مادة 2:

أرجيء تخطيط الحدود بين المستعمرة الصومالية البريطانية و الحبشة الي إتفاق ينتهي إليه رينل رود مع رأس مكونين بتبادل المذرات التي تلحق بالمعاهدة وتكون جزءاً منها.

  • مادة 3 :

يعاد طريق القوافل بين هرر و زيلع ويظل مفتوحاً على إمتداده للتجارة بين البلدين.

  • مادة 4 :

ترد كل السلع و المواد المخصصة للحبشة عن طريق ميناء زيلع من غير أن تدفع أى ضرائب بمجرد أن يقدم النجاشي طلباً بذلك.

  • مادة 5، 6:

بشأن رعاية منليك للمصالح البريطانية التجارية و مكافحة الرقيق في بلاده و منع مرور أسلحة للسودان.

أما عن مسألة الحدود فقد حددها رينل رود تبعاً لرسالة رأس مكونين بأن تبدأ من شاطيء البحر المقابل لآبارجارو، ثم تسير مع طريق القوافل الي أران أرهي عند خط 44 شرقي جرينتش و 59 شمالاً، ثم يسير على خط مستقيم الي 47 شرقاً و 8 شمالاً - و بعد ذلك يتبع الحدود الخط الموافق عليه من بريطانيا و إيطاليا في 5 مايو 1894 الي أن يصل البحر. و كان الهدف الأول من بعثة رينل رود هو ضمان حياد منليك في الحرب الإستعمارية بين بريطانيا و دراويش السودان و إلاتكون الحبشة معبر للفرنسيين نحو أعالي النيل، و تحصل رودعلى الضمانات الكافية من حياد منليك مقابل تنازل بريطانيا - دون علم الصوماليين أو موافقتهم - عن أراضي قبيلة عيسي الصومالية للحبشة مكتفين بضمان حسن معاملة الأحباش للصوماليين.

والتنازل البريطاني عن أراضي صومالية للحبشة بمقضي اتفاقية سنة 1897 قد أثر في المفاوضاتالحبشية الإيطالية التي جعلت الأوجادين داخل الحبشة و حددت الحدود على مسافة 180 ميلاً منالبحر ليتقابل في شمال بارديرا.

كما أن الفرنسيين في اتفاقية 1897 مع الحبشة فعلوا كالبريطانيين تماما فتنازلوا عن أراضي قبيلة عيسى الصومالية و السهول الداخلية للحبشة و أصبحت الحدود على مسافة 100 ميل من البحر.

وهكذا قامت بريطانيا بدور قائد التقسيم للأراضي الصومالية وقامت بالمساومة فيها مع الحبشة لأهداف معينة في صالح بريطانيا دون نظر الي هؤلاء الذين أعلنت الحماية عليهم في عام 1887 أي بدأت المساومات بالأراضي الصومالية بعد عشر سنوات من إعلان الحماية، و تبعتها في ذلك أيضا إيطاليا و فرنسا من أجل مصالحهما في الحبشة.

الغزو الإيطالي

 
الغزو الإيطالي لأرض الصومال البريطاني في أغسطس 1940.

في خلال الحرب العالمية الثانية كان الصومال البريطاني تحت سيطرة الإيطاليين حتى دمجها. في عام 1991 أعلنت مجموعة معادية للحكومة الصومالية بأن المنطقة التي كانت تمثل الصومال البريطاني هي دولة مستقلة (انظر أرض الصومال)، ولكن هذه المنطقة لم تحصل على اعتراف دولي.

الاستقلال

انظر أيضاً


الهامش

  1. ^ "الصومال في القرن العشرين ( الحلقة العاشرة)". مركز مقديشيو للبحوث والدراسات. 2015-09-28. Retrieved 2018-04-10.
  2. ^ قامت بريطانيا باحتلال جزئين من أرض الصومال هما ((الإقليم الشمالي للجمهورية الصومالية)) محمية الصومال البريطاني وإقليم أنفدي (منطقة الحدود الشمالية) ولمتابعة المراحل التاريخية للاستعمار ونضال الشعب الصومالي من أجل حريته واستقلاله ووحدته سنقوم بدراسة كل منطقة على حدة
  3. ^ سالم, حمدي السيد (1965). الصومال قديماً وحديثاً. القاهرة، مصر: الدار القومية للطباعة والنشر. {{cite book}}: Cite has empty unknown parameter: |coauthors= (help)