مذكرة في موضوع مقترحات الوفد المصري (المواد 4 و5 و6)

مذكرة في موضوع مقترحات الوفد المصري (المواد 4 و5 و6)، 8 يوليو 1946، منشور من "وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 516 -519".

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المنشور

إن دراسة مشروع المواد 4 و5 و6 المقدم من الوفد البريطاني قد دعت الوفد المصري إلى إبداء الملاحظات الآتية:

1 - تقرر المادة الخامسة مبدأ تآزر البلدين في وقت الحرب. كما أنها تبسط ظلها على المعاهدة كلها. ولهذا يجب أن يرد نص تلك المادة في ترتيبه الطبيعي بعد المادة الأولى التي تلغي معاهدة سنة 1936، وأن تسبق المادة الخاصة بإنشاء لجنة مشتركة للدفاع، فليست تلك اللجنة في الواقع إلا وسيلة لتحقيق ذلك التآزر.

2 - ويثير نص المادة الخامسة البريطانية الاعتراضات التالية:

(أ)

يقضي النص المقترح بأن "تتخذ القوات المسلحة (للطرفين الساميين المتعاقدين) التدابير اللازمة بالتعاون الوثيق فيما بينهما بقصد المساعدة المتبادلة".

على أنه بمقتضى الدستور المصري يقع حق الاقتراح - في معظم تلك التدابير واحتمال تبعاتها حتى ما كان منها ذا طبيعة عسكرية - على عاتق الحكومة دون غيرها، وهي لا تستطيع أن تنزل عن سلطانها في هذا الشأن إلى هيئة عسكرية. وهكذا ليس لهيئة غير الحكومة أن تصدر القرارات الخاصة بأهم تلك التدابير، وهو دعوة طبقات الاحتياطي للتجنيد أو للتعبئة. فليست السلطات العسكرية بذات اختصاص إلا لكفالة تنفيذ تلك التدابير. ومن ناحية أخرى فإن التآزر الذي تنص عليه تلك المادة يشمل من التدابير ما ليست طبيعته عسكرية بحتة. ومن أجل هذا فليست القوات المسلحة هي التي يجب أن تتخذ - في حالة الحرب - التدابير اللازمة بل هي الحكومات نفسها وأول تلك التدابير بداهة تشاور الحكومتين فورا في العمل الواجب اتخاذه.

(ب)

وطبقا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة ذاتها - والتي تود الدولتان إقامة علاقاتهما في نطاقها - لا يكون هناك محل للمساعدة إلا في حالة الحرب الدفاعية. ولهذا يرى الوفد المصري أن العبارة الواردة في المادة الخامسة المقترحة وهي "في حالة حرب يشتبك فيها أحدهما" يجب أن تستبدل بها صيغة تتناول الحالة التي تتعرض فيها مصر أو بريطانيا العظمى في البلاد المتاخمة لمصر لاعتداء مسلح.

(ج)

وبمجرد أن يشرع مجلس الأمن في العمل فإنه هو الذي يملك تولي إدارة العمليات الحربية، ويعقب ذلك بالضرورة تنسيق التدابير التي سبق للطرفين الساميين المتعاقدين اتخاذها مع عمل المجلس. فلا حاجة إذن للنص على ذلك صراحة في معاهدة لأنه مما يدخل في الترتيب الطبيعي للأمور. ولهذا فقد أعد الوفد المصري مشروعا جديدا للمادة روعيت فيه الملاحظات السابقة وهو نص المادة الثانية من المشروع المرفق.

3 - المادتان 4 و 6

(أ)

تعالج المادتان الرابعة والسادسة موضوعا واحدا إذ أنهما تتعلقان بتنفيذ أحكام المادة الخامسة، ولكن المادة الرابعة تنشئ - من ناحية - لجنة للدفاع مؤلفة من "السلطات العسكرية المختصة" للبلدين ينضم إليها أعضاء آخرون غير عسكريين.

وإن اختصاصات هذه اللجنة لواسعة للغاية وتشمل كافة المسائل العسكرية التي قد تعرض أثناء تنفيذ المعاهدة. ومن ناحية أخرى فإن المادة السادسة تعتبر أن تلك المسائل نفسها تسوى بموجب اتفاقات تبرم بين السلطات العسكرية المختصة للبلدين ولما كانت المسائل التي ستعالج متطابقة، وبما أن مصر ليس لها سوى هيئة أركان حرب واحدة فإن السلطات العسكرية المشار إليها في المادتين 4 و6 ستكون بالضرورة مؤلفة من نفس الأشخاص، فيما يختص بالجانب المصري وقد يكون ذلك هو الوضع أيضا بالنسبة للجانب البريطاني. ومن جهة أخرى، فبينما تعد اللجنة المشتركة اقتراحات ترفع للحكومتين للموافقة عليها، فإن السلطات العسكرية طبقا للمادة السادسة يمكنها أن تعقد بنفسها اتفاقات لتسوية مسائل داخلة بالفعل ضمن اختصاصات اللجنة.

وإن وجود المادتين 4 و6 جنبا إلى جنب في نفس المعاهدة تكرارا واضحا من شأنه أن يخلق لبسا في الإجراء الواجب اتباعه.

ومع ذلك ففي حالة اللجنة المشتركة بين الولايات المتحدة وكندا ولجنة دفاع الدول الأمريكية لا توجد هيئة أخرى ولا منهاج آخر يماثلان ما تنص عليه المادة السادسة، واللجان هي وحدها المختصة بكافة المسائل العسكرية بين الدول ذات الشأن.

وفضلا عن ذلك فمن المهم أن نوضح أن المسائل المنصوص عليها في المادة السادسة لا يمكن أن تبت فيها السلطات العسكرية إذ إن الحكومة نفسها هي التي يجب في معظم الأحوال أن تبت فيها وتتخذ التدابير اللازمة.

ولهذا يجب أن يتضمن النص الخاص بلجنة الدفاع المشتركة الحالات المنصوص عليها في المادة السادسة، وهذا ما دعا الوفد المصري إلى أن يقترح إدماج المادتين الرابعة والسادسة في المادة المتعلقة باللجنة المشتركة مع وضع الصيغة التي تتضمنها المادة السادسة وهي التي تتناول الأوضاع الفنية لتعاونهما والإجراءات التي يتعين اتخاذها لكي يتاح للقوات المسلحة للطرفين الساميين المتعاقدين بالفعل مقاومة الاعتداء.

وهكذا تحدد صراحة الشروط الفنية والعملية التي يعلق عليها الوفد البريطاني أهمية كبرى، في مكانها المنطقي والطبيعي من المعاهدة.

وطالما كانت تلك الشروط الفنية والعملية مكفولة فإنها تستتبع بالضرورة التسهيلات التي يتضمنها تنفيذ المعاهدة.

وعلى هذا، فلا تكون هناك ضرورة لذكر تلك التسهيلات صراحة في المعاهدة ما دام أنها ليست إلا جزءا معينا من الشروط الواردة في المادة الرابعة.

(ب)

ولقد حددت المادة الخامسة الغرض الأساسي من المعاهدة. ولذلك فليس من المفيد أن يحدد من جديد في المادة الخاصة باللجنة المشتركة الواجب المشترك للطرفين الساميين المتعاقدين. وخاصة أن الأمر يتعلق بعموميات كسلامتهما المشتركة والدفاع عن أراضيهما. أما فيما يختص بحماية المواصلات فإن تلك الحماية هي مما يشمله عادة المساعدة المتبادلة التي يجب أن تقدمها كل من الدولتين للأخرى.

(ج)

ولا يبين نص المادة الرابعة بوضوح أن دور اللجنة المشتركة للدفاع هو أن تقدم مقترحات للحكومتين اللتين تملكان سلطة البت فيها. فإن ذلك هو المبدأ الذي تقوم عليه اللجنة المشتركة للدفاع بين الولايات المتحدة وكندا ولجنة دفاع الدول الأمريكية.

كما أن الاختصاصات المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة الرابعة هي اختصاصات سياسية لا يمكن أن تملكها هيئة مؤلفة من العسكريين بصفة أساسية.

ولهذا يجب أن ينص بالتحديد على أن اللجنة، فيما يتعلق بهذه الاختصاصات الاستثنائية، لا تجتمع إلا بناء على دعوة الحكومتين. لا لتبحث الموقف الدولي - إذ من الجلي أن هذا البحث يخرج عن اختصاصها - بل لتبحث الآثار العسكرية لهذا الموقف وكل الحوادث التي قد تهدد الأمن في الشرق الأوسط.

وبناء على ذلك أعد الوفد المصري نصا جديدا (المادة الثالثة من المعاهدة المرفقة) ليحل محل المادتين 4 و6 المقترحتين، وهو - من أجل إزالة مخاوف الوفد البريطاني - يتضمن الأحكام الأساسية الواردة في المادتين السابقتين.

4 - تقضي المادة الرابعة من المشروع أن المساعدة المتبادلة سيكون هدفها أن تتاح لكل من الطرفين الساميين المتعاقدين المساهمة بأوفى نصيب في صون الأمن الدولي طبقا لأحكام ميثاق الأمم المتحدة. وهذا الحكم، وهو من الأحكام ذات الصبغة العامة، فيه تكرار لنص وارد في ديباجة - المعاهدة فلا فائدة من إيراده في صلبها. ولهذا يقترح الوفد المصري حذف هذه المادة.

ومن جهة أخرى، فيما يتعلق بتسوية الخلافات المحتملة التي تنشأ عن تطبيق المعاهدة أو تفسيرها، يفضل الوفد المصري أن يستبدل بالنص الذي يقضي برفع الأمر إلى محكمة العدل الدولية الواردة في المادة السابعة نص أعم. يقضي بتسوية النزاع طبقا لأحكام ميثاق الأمم المتحدة وهو الأمر الذي يتضمن على كل حال اختصاص المحكمة الدولية.

وعلى أساس هذه الملاحظات، أعد الوفد المصري مشروع المعاهدة المرفق نصه بهذه المذكرة.

"راجع بند (11) صحيفة 514".


المصادر