محضر الجلسة الأولى بين صاحب الدولة عدلي يكن باشا رئيس الوفد المصري وبين اللورد كيرزن وزير خارجية بريطانيا

محضر الجلسة الأولى بين صاحب الدولة عدلي يكن باشا رئيس الوفد المصري وبين اللورد كيرزن وزير خارجية بريطانيا، في 12 يوليو 1921، مفاوضات سنة 1921 - 1922 (عدلي-يكن)، منشور من وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882- 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 94 - 95".

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المنشور

افتتحت الجلسة الساعة الرابعة والنصف بعد الظهر بوزارة الخارجية.

اللورد كيرزن - (بدأ الحديث بالترحيب بالوفد الرسمي بالأصالة عن نفسه وبالنيابة عن الحكومة الإنجليزية): أرجو أن نوفق إلى الوصول إلى حل مرض، وإن لم تكن المسألة المصرية تخلو من الصعوبة. وقد كان المظنون بعد عودة سعد باشا زغلول إلى مصر أن يقع تعيين الوفد الرسمي الذي يوكل إليه المفاوضة مع بريطانيا العظمى في جو اتحاد واتفاق لا في جو انشقاق وانقسام - إنى لا أعرف سعد باشا زغلول، ولكن يظهر لى أنه على شىء من الغرور، ولست أريد أن أتعرض للأسباب التي أدّت إلى هذا الانقسام. غير أنى أتخيل أنه سيجعل مهمتكم شاقة. إذ بينما تفاوضون هنا يجب ألا يفوتكم ما يجرى في بلدكم. ثم إن مهمتنا من جهة أخرى لا تخلو أيضاً من الصعوبة، إذ إن تقرير اللورد ملنر قوبل من بعض الناس هنا بالدهشة . إن الحكومة الإنجليزية لم تعلن قراراها بشأنه، وكل ما أعلنته في هذا الصدد هو الرسالة التي أبلغت إلى عظمة السلطان بواسطة المارشال أللنبى. وعلى أي حال فإن الغرض هو أن نصل بالرغم من هذه الصعوبات إلى حل يرضى البلدين، وقد حرصت أن يكون لى معك مقابلة أولى. لأعرف إن كنت تريد أن تفضى إليّ بشئ، وإنى أرغب أن نبدأ حديثنا في المسألة المصرية بلا مهل أو ابطاء. والمفهوم طبعا أن لكلينا أن يتكلم بكل حرية، وسيقع حتما أنكم تطلبون مطالب لا يسعنى قبولها، وإنى أطلب مطالب لا يسعكم قبولها أيضا، لنتذرع تلقاء ذلك بشئ من الصبر والأناة ورغبة التفاهم والاتفاق، إذ ليس ما يبعث على القول بأنه إذا ثار بيننا خلاف سوف لا نستطيع أن نتفاهم ونتفق بشأنه. وأرجو أن تبقى المفاوضات مكتومة عن الجمهور، وأن يتجنب تبليغ أخبارها للصحف كما تجنبنا ذلك بالنسبة لجلسات مؤتمر ممثلى الأملاك المستقلة.}}


عدلي باشا- (بعد أن شكر اللورد كيرزن): إني سعيد أن أرى القائم على أمور خارجية إنجلترا قد أدرك الصعوبات التي تكتنف الوفد الرسمي، والتي تضطره أن ينظر إلى ما وراءه، وأرجو أن تراعوا هذه الصعوبات في المناقشات الآتية. على أن الواقع في أمر الخلاف السائد في مصر أنه لا يرجع إلا إلى مسألة أشخاص، وليس، هناك إلا رأي واحد، و إذا استثنينا الحزب الوطني، الذي لا يتبعه إلا فئة صغيرة والذي لا يبغي اتفاقا مع أحد، فإن إجماع المصريين تقريبا واقع على الرغبة في المفاوضة للحصول على استقلالهم وعلى إلغاء الحماية تبعا لذلك، وقد سبق للحكومة الإنجليزية أن صرحت بواسطة المارشال أللنبي باستعدادها لإلغاء الحماية، كما أن لجنة اللورد ملنر اقترحت أن يعترف لمصر باستقلالها، فيصبح إذن أن نعتبر أن غايتنا من الوصول إلى التفاهم ميسورة من حيث المبدأ. أما ما يتعلق بمقترحات اللورد ملنر، فإنه إذا كانت الحكومة الإنجليزية لم تبد رأيها بشأنها، فإن مصر أبدت عنها بعض التحفظات، وتنحصر وجهة النظر المصرية في أن الضمانات التي تطلب من مصر لا يتسنى قبولها إلا إذا كانت غير منافية لمبدأ الاستقلال.

اللورد كيرزن- إن الموقف هو في الواقع كما شرحتموه، وحبذا لو أوقفتموني على التحفظات المصرية. وسأحيطكم علما بآرائي. وإذا كان مجلس الممتلكات قد فحص المسألة المصرية، فسأحيط الوفد أيضا علما بما أبداه من الآراء، وسأعمل كل ما في مقدوري لأحصر كل المناقشات معكم، ولكني أرجو أن يسمح لي الوفد، نظرا لمشاغلي العديدة، أن أنيب عني أحيانا في غير المسائل الأساسية، بعض كبار موظفي وزارة الخارجية الاختصاصيين.

(ثم ختم حديثه بالسؤال الآتي: "لكم برنامج طبعا؟" فأجابه عدلي باشا: "برنامجنا ينحصر في أن مصر تريد استقلالها و إلغاء الحماية. أما الضمانات فهو أمر يعنيكم، ونحن مستعدون للمناقشة فيها على هذا الأساس").

وعلى هذا انتهى الحديث.


المصادر