ابن إسحاق

(تم التحويل من Ibn Ishaq)

محمد بن إسحاق بن يسار بن خيار، وشهرته ابن إسحاق (و. 704 - ت. 767)، هو مؤرخ إسلامي ومحدث وكاتب سيرة نبوية عربي. جمع ابن إسحاق الأحادث الشفهي وجعل منها قاعدة لكتابة سيرة النبي محمد، حيث كان مؤلفه الأشهر سيرة ابن إسحاق.

محمد بن إسحاق بن يسار بن خيار
Ibn Ishaq.png
أسماء أخرىابن إسحاق
شخصية
ولد704 م
85 هـ[1]
توفي767م
150 هـ[1][2][3][4]
الديانةالإسلام
العرقيةعربي
العهدالعصر الذهبي للإسلام
المنطقةالمدينة المنورة، الإسكندرية، بغداد
أبرز الاهتماماتالسيرة النبوية
أسماء أخرىابن إسحاق
مناصب رفيعة

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

سيرته

وُلد أبو بكر محمد بن اسحاق بن يسار بن خيار المدني القرشي، ولد في المدينة المنورة سنة 85هـ/703م، وبها نشأ، وقرأ على علمائها ومحدثيها.

وكان جده يسار من سبي عين التمر حين أفتتحها المسلمون في خلافة أبو بكر الصديق، سنة 12هـ، وقد وجده خالد بن الوليد في كنيسة عين التمر من بين الغلمان الذين كانوا رهنا في يد كسرى فأخذه خالد إلى المدينة.

اهتم أبوه إسحاق برواية الحديث، فروى عنه ابنه محمّد منذ حداثة سِنّه، كما سمع وروى عن كبار محدِّثي المدينة وعلمائها الذين عاشوا في نهاية القرن الأول ومطلع القرن الثاني الهجري فأخذ عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصدّيق، وأبان بن عثمان بن عفان، ومحمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ونافع مولى عبد الله بن عمر، وسعيد بن المسيِّب، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وسمع الكثير من المقْبُريّ والأعرج.

ثم قصد الاسكندرية سنة 119هـ ليسمع من محدِّثها يزيد بن أبي حبيب. وحدث بها عن جماعة من علماء مصر، ومنهم عبيد الله بن المغيرة، ويزيد بن حبيب، وثمامة بن شفي، وعبيد الله بن أبي جعفر، والقاسم بن قزمان، والسكن بن أبي كريمة، والأعرج، وقد تخصص بالرواية عن هؤلاء المحدثين، وكان بحرا من بحور العلم، ذكياً حافظاً.

ولما عاد إلى المدينة اختلف مع اثنين من كبار علمائها هشام بن عُروة بن الزُبير، ومالك بن أنس. أما خلافه مع الأول فكان سببه أن ابن إسحاق روى بعض الأحاديث عن زوج هشام، فاطمة بنت المنذر بن الزبير، التي روت عن أسماء بنت أبي بكر فأنكر هشام عليه ذلك. أما خلافه مع مالك بن أنس فكان سببه طعن ابن إسحاق بنسب مالك وعلمه، وقد اصطلحا بعد ذلك.


طلبُه للعلم

كان أبوه مشغوفا بجمع الأحاديث والأخبار،وكان يروي عن أبيه في كتبه. ولذلك فإنه بدأ في طلب العلم في سن مبكرة، اشتغل برواية الأحاديث ثم وسع مداركه بزيارة الكثير من العلماء مثل عاصم بن عمر بن قتادة، وعبد الله بن أبي بكر الأنصاري، وابن شهاب الزهريوقد رجع إلى الثلاثة جميعهم في كتابه،وقد حاول الحصول علي الأخبار من كل مكان .

نشأته العلمية

نشأته العلمية المبكرة كانت في أعظم حواضر العلم والمعرفة، وهي المدينة النبوية الشريفة، فتعلَّم على عُلمائها، وأخذ عن فقهائها، وسمع من محدثيها، فنال بذلك أسمى مراتب التعليم، حتى قيل : إنه رأى الصحابي الجليل أنس بن مالك، ورأى سيد التابعين سعيد بن المسيب . وكان من أشهر شيوخه : سعيد المقبري، وعبد الرحمن بن هرمز، وعمرو بن شعيب، ومحمد بن إبراهيم التيمي، وأبو جعفر الباقر، والزهري، وعبد الله بن أبي بكر بن حزم، ومحمد بن المنكدر، وغيرهم كثير . ورحل في طلب العلم في مقتبل عمره إلى الجزيرة، والكوفة، والريّ، وبغداد، بل وصل الإسكندرية في رحلاته سنة خمس عشرة ومائة، وروى عن جماعة من أهل مصر، وقد قال ابن سعد رحمه الله : خرج من المدينة قديما، فلم يرو عنه أحد منهم غير إبراهيم بن سعد، وكان مع العباس بن محمد بالجزيرة، وأتى أبا جعفر بالحيرة، فكتب له المغازي، فسمع منه أهل الكوفة بذلك السبب، وسمع منه أهل الريّ، فرواته من هؤلاء البلدان أكثر ممن روى عنه من أهل المدينة .[5]

أعماله

سيرة ابن إسحاق

 
سيرة ابن إسحاق. للقراءة والتحميل اضغط على الصورة.

غادر ابن إسحاق المدينة فأتى الكوفة والجزيرة والريّ والحيرة وبغداد. واجتذبه المنصور العباسي، وكلّفه تأليف كتاب لولي عهده، ابنه المهدي، فلما أنجزه وجده المنصور مطوّلاً، فقال له: اذهب فاختصره، فعاد وقدّم السيرة، وهو أول كتاب من كتب رواة التأليف التاريخي انتهت إلينا قطع منه وهو ثلاثة أقسام:

  • المبتدأ: وهو تاريخ العصر الجاهلي منذ الخليقة.
  • المبعث: وهو تاريخ النبي   حتى السنة الأولى للهجرة،
  • المغازي: حتى وفاة النبي  .

لم تصل النسخة الأصلية من سيرة ابن إسحاق كاملة، وإنما وصل مختصر ابن هشام لها، وكان ابن هشام قد روى السيرة عن أحد تلامذة ابن إسحاق، وهو البكائي.

أخذ على الكتاب قسمه الأوّل «المبتدأ»، وطُعن فيه، وهو القسم الذي استمد أكثره من وهب بن منبّه، أورد فيه مقتبسات شعرية لا وزن لها، ولم يذكر من أنشده إياها، ولذلك قال عنه محمد بن سلام الجُمَحيّ إنه هجّن الشعر وأفسده، مع أن قصائد كثيرة استشهد بها ابن إسحاق لم تكن مزيّفة، وأن قسما ً كبيراً منها لايتطرق الشك إلى صحته. وأخذ على هذا القسم أيضاً اعتماده على التوراة ونقله عن اليهود والنصارى والمجوس نقلاً حرفياً، واصفاً إيّاهم بأنهم أهل العلم من أهل الكتاب الأُوَل. لذلك حذف ابن هشام ما أثبته ابن إسحاق من تاريخ الأنبياء بين آدم وإبراهيم، وأهمل كذلك من فروع إسماعيل الفروع التي لم تكن في أجداد النبي  .

وقد اعتُرف بفضل ابن إسحاق في جمع الأحداث وترتيبها وتبويبها، إلاّ أنه كان قليل الإسناد في القسم الأول من كتابه، كثيره في القسمين الثاني والثالث.

ومع ما أُخِذ على ابن إسحاق من اتصاله بالعباسيين، حتى قيل عنه: حاباهم في العبّاس، ومع إمساك بعض العلماء عن الاحتجاج برواياته، فقد وصفه كثيرون بأنه ثقة، وشهدوا بفضله ورووا عنه، وممن روى عنه سفيان بن سعيد الثوري وشعبة بن الحجاج وسفيان بن عيينة ويزيد بن زريع وابراهيم بن سعد وإسماعيل بن عُليّة ويزيد بن هارون ويعلى ومحمد ابنا عبيد وعبد الله بن نمير وغيرهم. قال الشافعي: «من أراد أن يتبحّر في المغازي فهو عيال على محمد بن إسحاق» وقال الزُهري: «من أراد المغازي فعليه بابن إسحاق»، أما أبو زرعة الدمشقي فقال عنه: «ابن إسحاق رجل قد أجمع الكبراء من أهل العلم على الأخذ عنه وقد اختبره أهل الحديث فرأوا فيه صدقاً وخيراً». وقال سفيان بن عيينة: «ما أدركت أحدا يتهم ابن إسحاق في حديثه». أما ابن حيان فوصفه بأنه أحسن الناس سياقاً للأخبار.

مختصر ابن هشام

ومختصر ابن هشام لسيرة ابن اسحاق مايزال مرجعاً فريداً يعوّل عليه الدارسون، وقد شرحه السهيلي (ت 581هـ) في «الروض الأُنُف». وقد ذكر ابن النديم كتاباً آخر لابن إسحاق عنوانه :«تاريخ الخلفاء».

يعتبر المؤرخ المسلم محمد بن إسحاق بن يسار أول من كتب السيرة النبوية والمنسوبة خطأ لابن هشام ولذلك يذكر ابن هشام في كل عبارة (قال محمد بن إسحاق) في كتابه سيرة بن هشام . وعن أحمد بن عبد الجبار قال : قال يونس بن بكير: كل شيء من حديث ابن إسحاق مسند، فهو أملاه علي، أو قرأه علي، أو حدثني به، وما لم يكن مسنداً، فهو قراءة؛ قرئ على ابن إسحاق.

وعند المسلمين إجماع على أن أوائل المصنفين في السيرة محمد بن إسحاق وقد اتفق جمهور العلماء والمحدثين على توثيقه، إلا ما روي عن مالك، وهشام بن عروة بن الزبير من تجريحه، وقد حمل كثير من العلماء المحققين تجريح هذين العالمين الكبيرين له بعداوات شخصية كانت قائمة بينهما وبين ابن إسحاق.

كتابه المغازي

اشتهر محمد بن إسحاق باهتمامه البالغ في علم المغازي، حتى كان أول من جمع المغازي في مصنف كامل، وقال فيه الإمام الشافعي رضي الله عنه : من أراد أن يتبحر في المغازي فهو عيال على محمد بن إسحاق . وقال ابن عدي : لو لم يكن لابن إسحاق من الفضل إلا أنه صرف الملوك عن الاشتغال بكتب لا يحصل منها شيء، إلى الاشتغال بمغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومبعثه، ومبتدأ الخلق، لكانت هذه فضيلة سبق بها . وقال الإمام الذهبي: قد كان في المغازي علامة .[6]

ألف ابن إسحاق كتابه المغازي من أحاديث وروايات سمعها بنفسه في المدينة ومصر، ومن المؤسف أن هذا الكتاب لم يصل إلينا، فقد فُقِدَ فيما فُقِدَ من تراثنا العلمي الزاخر، ولكن مضمون الكتاب بقي محفوظا بما رواه عنه ابن هشام في سيرته عن طريق شيخه البكائي الذي كان من أشهر تلامذة ابن إسحاق.

تأثيره

ويعتبر أول مؤرخ عربي كتب سيرة رسول الإسلام محمد بن عبد الله وأطلق تسمية "سيرة رسول الله" على كتابه. وقضى ابن اسحاق معظم حياته في المدينة وبدأ بجمع الروايات المختلفة من مختلف المصادر الشفهية التي كانت متوفرة آنذاك ولم يكن أهتمامه الرئيسي منصبا على تدقيق صحة الروايات وإنما كان غرضه جمع كل مايمكن جمعه من معلومات عن الرسول. وفي عام 115هـ، الموافق 733م، بدأ بالتنقل من المدينة إلى الإسكندرية ثم إلى الكوفة والحيرة ليستقر في بغداد حيث وفر له الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور كل الدعم الممكن لأن يكتب عن تاريخ الرسول محمد.

وفاته

 
مقبرة الخيزران، حيث دفن ابن إسحاق.

توفي محمد بن اسحاق في بغداد سنة 151هـ/ 768م، ودفن في مقبرة الخيزران، أم الرشيد.

نقد

ويرى بعض المستشرقين إن مدى صحة الحقائق التأريخية في كتابه قد يكون مشكوكا فيها لأنقضاء مايقارب 120 سنة بين وفاة الرسول محمد   وبداية جمعه للروايات الشفهية وأيضا يشك البعض في حيادية بعض المواضيع التي قد تكون غير منصفة لبني أمية لكون الكتاب كتب في عهد الخلفاء العباسيين والذين كان لهم خلافات مع من سبقهم من الأمويين. وبما أن الكتاب أقدم ما كتب عن سيرة محمد فقد أستند عليه كتاب السيرة الذين أتو بعده مثل ابن هشام والطبري بالرغم من تحفظهم على بعض الروايات، علماً إن ابن اسحاق نفسه ذكر في مقدمة كتابه ان "الله وحده عليم أي الروايات صحيحة" ثناء أهل العلم على حديثه قال عنه شعبة بن الحجاج : أمير المؤمنين في الحديث . وقال فيه أبو معاوية الضرير : كان ابن إسحاق من أحفظ الناس، فكان إذا كان عند الرجل خمسة أحاديث أو أكثر، فاستودعها عند ابن إسحاق، قال : احفظها علي، فإن نسيتها، كنت قد حفظتها علي . وقال سفيان الثوري : جالست ابن إسحاق منذ بضع وسبعين سنة، وما يتهمه أحد من أهل المدينة، ولا يقول فيه شيئا . وقال علي بن عبد الله : نظرت في كتب ابن إسحاق، فما وجدت عليه إلا في حديثين، ويمكن أن يكونا صحيحين .


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

اتهامه بالقدرية حتى ذُكر أنه جلد بسببه

اتهامه بالتشيع

وهذان الأمران – إن ثبتا عنه – فلا يؤثران في حديثه، إذ ما زال العلماء يأخذون عن القدرية والشيعة إذا ثبت صدقهم وحفظهم.

اتهامه بالتدليس

ذكره ابن حجر في المرتبة الرابعة من مراتب المدلسين (ص/51) وقال : مشهور بالتدليس عن الضعفاء والمجهولين وعن شر منهم، وَصَفَه بذلك أحمد والدارقطني وغيرهما . وهذا لا يعتبر قدحا مطلقا في حديثه أيضا، فالمدلس المكثر من التدليس يُقبَل حديثه إذا صرح بالسماع، وإنما يُرَدُّ ما رواه بالعنعنة.

اتهامه بالكذب

وهي تهمة باطلة لا تثبت عليه، وإن اتهمه بها هشام بن عروة (ت146هـ)، ومالك بن أنس (ت179هـ)، ويحيى القطان (ت198هـ) أما اتهام هشام بن عروة له بالكذب – وأخذها عنه يحيى القطان - فسببه أنه قال : يحدث ابن إسحاق عن امرأتي فاطمة بنت المنذر، والله إن رآها قط . وهذا السبب لا يكفي لاتهام علامة كابن إسحاق بالكذب، إذ يحتمل أن يكون سمع منها من وراء حجاب ولم يرها، ويحتمل أن يكون سمع منها قبل زواجها بهشام بن عروة، بل قال الذهبي : يحتمل أن تكون إحدى خالات ابن إسحاق من الرضاعة، فدخل عليها، وما علم هشام بأنها خالة له أو عمة . قال سفيان الثوري : أخبرني – يعني ابن إسحاق - أنها حدثته، وأنه دخل عليها . قال الذهبي : هو صادق في ذلك بلا ريب...وهشام صادق في يمينه، فما رآها، ولا زعم الرجل أنه رآها، بل ذكر أنها حدثته، وقد سمعنا من عدة نسوة، وما رأيتهن، وكذلك روى عدة من التابعين عن عائشة، وما رأوا لها صورة أبدا . قال عبد الله بن أحمد : فحدثت أبي بحديث ابن إسحاق، فقال : ولِمَ يُنكِرُ هشام ؟ لعله جاء فاستأذن عليها فأذنت له – يعني : ولم يعلم -. وأما تكذيب الإمام مالك له، وقوله عنه : دجَّال من الدجاجلة : فلم يقبله العلماء منه ؛ إذ لم يذكر دليلا على تكذيبه، وقد كان بين مجموعة من العلماء : كابن إسحاق، وابن أبي ذئب، وابن الماجشون شقاق ونفرة مع الإمام مالك، فلم يقبل العلماء المتأخرون كلام بعضهم في بعض لما عرف من عداوتهم، كما لم يقبلوا قول ابن إسحاق في الإمام مالك : ائتوني ببعض كتبه حتى أبين عيوبه، أنا بيطار كتبه . وقال يعقوب بن شيبة : سألت عليا – يعني المديني - : كيف حديث ابن إسحاق عندك، صحيح ؟ فقال : نعم، حديثه عندي صحيح. قلت : فكلام مالك فيه ؟ قال : مالك لم يجالسه، ولم يعرفه، وأي شيء حدث به ابن إسحاق بالمدينة ؟! قلت : فهشام بن عروة، قد تكلم فيه ؟ فقال علي : الذي قال هشام ليس بحجة، لعله دخل على امرأته وهو غلام فسمع منها، إن حديثه ليتبين فيه الصدق، يروي مرة : حدثني أبو الزناد، ومرة : ذكر أبو الزناد، ويروي عن رجل، عمن سمع منه يقول: حدثني سفيان بن سعيد، عن سالم أبي النضر، عن عمير : ( صوم يوم عرفة )، وهو من أروى الناس عن أبي النضر، ويقول: حدثني الحسن بن دينار، عن أيوب، عن عمرو بن شعيب : ( في سلف وبيع )، وهو من أروى الناس عن عمرو . وقال الإمام الذهبي رحمه الله : لسنا ندعي في أئمة الجرح والتعديل العصمة من الغلط النادر، ولا من الكلام بنفس حاد فيمن بينهم وبينه شحناء وإحنة، وقد علم أن كثيرا من كلام الأقران بعضهم في بعض مهدر، لا عبرة به، ولا سيما إذا وثق الرجل جماعة يلوح على قولهم الإنصاف، وهذان الرجلان – يعني مالكا وابن إسحاق - كل منهما قد نال من صاحبه، لكن أثر كلام مالك في محمد بعض اللين، ولم يؤثر كلام محمد فيه ولا ذرة، وارتفع مالك، وصار كالنجم، والآخر – يعني ابن إسحاق - فله ارتفاع بحسبه، ولا سيما في السير.

اتهامه بمخالفة الثقات

اتهامه بالانفراد ببعض المناكير

قال الذهبي رحمه الله : صدق القاضي أبو يوسف إذ يقول : من تتبع غريب الحديث كُذِّبَ . وهذا من أكبر ذنوب ابن إسحاق، فإنه يكتب عن كل أحد ولا يتورع سامحه الله . ولذلك كان الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه لا يرتضي أحاديث ابن إسحاق . قال يعقوب بن شيبة : سمعت ابن نمير - وذكر ابن إسحاق – فقال : إذا حدث عمن سمع منه من المعروفين فهو حسن الحديث صدوق، وإنما أتي من أنه يحدث عن المجهولين أحاديث باطلة . قال إسحاق بن أحمد بن خلف البخاري الحافظ : سمعت محمد بن إسماعيل يقول : محمد بن إسحاق ينبغي أن يكون له ألف حديث ينفرد بها، لا يشاركه فيها أحد . وقال أحمد : قدم ابن إسحاق بغداد، فكان لا يبالي عمن يحكي، عن الكلبي، وعن غيره، وقال : ليس هو بحجة. قال أبو العباس بن عقدة : سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل : كان أبي يتبع حديث ابن إسحاق، فيكتبه كثيرا بالعلو والنزول، ويخرجه في (المسند)، وما رأيته أبقى حديثه قط . قيل له : يحتج به ؟ قال : لم يكن يحتج به في السنن . وقال العقيلي : حدثني الخضر بن داود، حدثنا أحمد بن محمد : قلت لأبي عبد الله : ما تقول في ابن إسحاق ؟ قال : هو كثير التدليس جدا . قلت : فإذا قال : أخبرني، وحدثني، فهو ثقة ؟ قال : هو يقول أخبرني، فيخالف . واختلف الروايات عن ابن معين في حكمه على حديث ابن إسحاق، وقال النسائي : ليس بالقوي . وقال أبو حاتم : يكتب حديثه . وقال الدراقطني : لا يحتج به . على أن كلام من جرحه لا يسقط حديثه، وإنما ينزل به حديثه إلى درجة الحسن، وإلى الحكم على حديثه بالضعف في حال المخالفة أو التفرد بالغريب فقط، وليس في كل حال . قال ابن عدي : وقد فتشت أحاديثه كثيرا، فلم أجد من أحاديثه ما يتهيأ أن يقطع عليه بالضعف، وربما أخطأ، أو يهم في الشيء بعد الشيء، كما يخطئ غيره، ولم يتخلف في الرواية عنه الثقات والأئمة، وهو لا بأس به .

روايته الإسرائيليات

أجاب عن ذلك الإمام الذهبي رحمه الله بقوله : " ما المانع من رواية الإسرائيليات عن أهل الكتاب مع قوله صلى الله عليه وسلم : ( حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج )، وقال : ( إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم ) فهذا إذن نبوي في جواز سماع ما يأثرونه في الجملة، كما سمع منهم ما ينقلونه من الطب، ولا حجة في شيء من ذلك، إنما الحجة في الكتاب والسنة " انتهى. " ميزان الاعتدال " (6/58)

جمعه بين ألفاظ الشيوخ

قال أيوب بن إسحاق بن سافري : سألت أحمد بن حنبل، فقلت : إذا انفرد ابن إسحاق بحديث، تقبله ؟ قال : لا والله، إني رأيته يحدث عن جماعة بالحديث الواحد ولا يفصل كلام ذا من كلام ذا . وهذا القادح أيضا لا يضعف حديثه كله، وإنما يدعو إلى التوقف فيما يشك فيه أنه جمع فيه بين ألفاظ الشيوخ وخلط بعضها ببعض، وذلك لتمييز ألفاظ الثقات من غيرهم . [7] وبغض النظر عن هذه الانتقادات فإن الكثير من المؤرخين والمستشرقين يعتبرونه مؤرخاً جيداً كان همه الرئيسى الحفاظ على أي رواية عن تاريخ رسول الإسلام.

رأي ابن مالك

المراجع

  1. ^ أ ب Mustafa al-Saqqa, Ibrahim al-Ibyari and Abdu l-Hafidh Shalabi, Tahqiq Kitab Sirah an-Nabawiyyah, Dar Ihya al-Turath, p. 20.
  2. ^ Robinson 2003, p. xv.
  3. ^ Encyclopaedia Britannica. "Ibn Ishaq". Retrieved 13 November 2019.
  4. ^ Oxford Dictionary of Islam. "Ibn Ishaq, Muhammad ibn Ishaq ibn Yasar ibn Khiyar". Retrieved 13 November 2019.
  5. ^ "منزلة محمد بن إسحاق راوي المغازي عند علماء الحديث". الإسلام سؤال وجواب. 13-06-2010. {{cite web}}: Check date values in: |date= (help)
  6. ^ "منزلة محمد بن إسحاق راوي المغازي عند علماء الحديث". الإسلام سؤال وجواب. 13-06-2010. {{cite web}}: Check date values in: |date= (help)
  7. ^ "منزلة محمد بن إسحاق راوي المغازي عند علماء الحديث". الإسلام سؤال وجواب. 13-06-2010. {{cite web}}: Check date values in: |date= (help)
  • عبد العظيم المسلم: حفظ وتداول السيرة النبوية

في القرون الثلاثة الأولى للدعوة من الصحابة والتابعين للبخاري وصحيحه.


المصادر

للاستزادة


اقرأ نصاً ذا علاقة في

ابن إسحاق