بروتاغوراس

پروتاگوراس Protagoras (عاش 485 - 410 ق.م.) هو مفكر من أشهر السفسطائيين اليونان. ولد في أبديرا Abdera (تراقيا، اليونان) وعاش في أثينة، وكان له أثر كبير في الفكر اليوناني في الأخلاق والسياسة في عصره. جاب اليونان كلها، واستقر في أثينة، ولبث فيها شطراً من حياته، حيث كلف بأمر من الحاكم پركليس (199-429ق.م) Péricles وضع دستور جديد للبلاد. ولكنه ما لبث أن اتهم بالإلحاد، وحكم عليه بالإعدام، بسبب ما جاء في كتابه «في الآلهة». فأحرقت كتبه علناً. وفي نهاية المطاف فرّ هارباً من أثينة، ومات غرقاً وهو في طريقه إلى صقلية في جنوب إيطالية.[1]

بروتاغوراس
Protagoras.jpg
پروتاگوراس
وُلِدَح. 490 ق.م.
توفي420 ق.م.
العصرالفلسفة قبل سقراط
المنطقةالفلسفة الغربية
المدرسةفلسفة أيونية
الاهتمامات الرئيسية
اللغة، دلالية, النسبية
الأفكار البارزة
The "Antilogies", which consists of two premises: the first is "Before any uncertainty two opposite theses can validly be confronted", the second is its complement: the need to "strengthen the weaker argument".

وبروتاجوراس أول من تقاضى مالاً مقابل تعليمه للفلسفة. كان معلماً بارعاً في علم البيان، تحدث طويلاً عن الفعل ومشتقاته، واللفظ ومعانيه، وأجزاء الكلمة، وقيمة هذا في النقد الذي سيشغل مكاناً بارزاً في الحياة الأدبية اليونانية.

ينسب إلى بروتاغوراس ما يقارب عشرة أعمال، من بينها: «في الموجود»، و«في العلم»، و«الجمهورية»، و«في الآلهة»، و«الجدل أو فن الحوار»، و«الحقيقة»، ولكن لم يبق شيء من هذه المؤلفات، إلا بعض الشذرات. إن أهم المصادر التي تتحدث عن بروتاغوراس وتعاليمه، هي محاورات أفلاطون «بروتاغوراس» و«الثئيتتس»، ومن ثم رسائل سكستوس إميريكوس (نحو150- 230) Sixtus Emiricus «ضد الرياضيين» و«ثلاث رسائل في المبادئ البيرونية». ومع قلة المعلومات التي تضمنتها هذه المصادر؛ لا يمكن الاستغناء عنها، في الكشف عن أفكار بروتاجوراس الأساسية.

في أساس النظرية الريبية لبروتاجوراس عن نسبية المعرفة، يمكن تصور أنطولوجية محددة عن العالم. فأخذاً بما ذكره سكستوس إميريكوس يرى بروتاغوراس، أن «العلل الأساسيّة لكل الظاهرات تكمن في المادة»، فالخاصة الأساسية للمادة، في نظر بروتاغوراس، لا تكمن في وجودها الموضوعي، بل في تغيرها وانتقالها إلى الضد وصيرورتها.

ويذكر أفلاطون رأي بروتاجوراس حول نظرية الوجود، أن: «لا شيء يوجد بذاته، ولكن كل شيء ينشأ من علاقته بشيء ما». فالتصور الأنطولوجي للوجود المرتبط بنسبية المعرفة ينحصر في أن التغير لا يتم كيفما اتفق، بل إن كل الموجودات في العالم تتغير باستمرار وفقاً للتناقض الداخلي الكامن في الأشياء ذاتها. ولذلك فكل الموجودات تتضمن، في ذاتها، التضاد والتناقض. وهذا يدل على أن بروتاجوراس أخذ الفكرة الرئيسة من مذهب هيراقليطس وهي «أن الوجود دائم الجريان، فالطبيعة كلها في تغير دائم بين الأضداد».

ويذكر يوجن اللائري أن بروتاجوراس كان: «أول من قال إنه يمكن إعطاء رأيين متناقضين في الشيء الواحد». وهكذا عمل بروتاغوراس على إمكانية الإقناع برأيين متعارضين في الشيء الواحد، وبذلك توصل إلى استنتاج متطرف مفاده «كل شيء حقيقة». وقد عارض أفلاطون وأرسطو استنتاجات بروتاجوراس فقال أرسطو في «الخطابة»: «إن أقوال بروتاجوراس هي وهم وخداع، وتبدو أقوالاً متطرفة، وليس لها أي مقام في أي فن من الفنون، باستثناء الخطابة».

يصل بروتاجوراس إلى طرح القضية الأولى المتعلقة بنظرية المعرفة التي أودعها في كتابه «الحقيقة»، ففي رسائل سكستوس إميريكوس يصرح بروتاغوراس أن: «الإنسان مقياس الأشياء جميعاً. هو مقياس وجود ما يوجد منها. ومقياس لا وجود ما لا يوجد». وقد فسر أفلاطون هذه العبارة في محاورة «الثئيتتس» كما يأتي: «يتبين معناها بالجمع بين رأي هيراقليطس في التغير المتصل، وقول ديمقريطس إن الإحساس هو المصدر الوحيد للمعرفة، فيخرج منها: أن الأشياء هي في نظري على ما تبدو لي، وهي في نظرك ما تبدو لك، وأنت إنسان وأنا إنسان». يستنتج أفلاطون من ذلك أن بروتاجوراس كان محقاً في تأكيداته فيما يتعلق «بالمعرفة الحسيّة الذاتيّة»، وليس محقاً بأن هذه «الأحاسيس صادقة».

فالمعرفة عند بروتاجوراس لا تتعلق بالموضوع فحسب، بل بالذات العارفة أيضاً، ومبادئ الأشياء ينبغي ألاّ تطلب في العالم الخارجي، وإنما من داخل الإنسان. فالمبدأ الحقيقي ليس العناصر المادية كما اعتقد الفلاسفة الأوائل، بل عقل الإنسان ذاته. وبروتاغوراس هو القائل بأن القوانين والعادات والأخلاق نسبية، وأن المعيار الصحيح لهذه النظم والقوانين هو المجتمع الذي تطبق فيه، ولا يمكن أن يطالب الأخلاقيون بمعيار مطلق للخير والشر.

ويعمم بروتاجوراس نزعته الريبية لتشمل الدين أيضاً. فقد صدَّر كتابه «في الآلهة» الذي ضُيِّق عليه بسببه في أثينة، بالكلمات الآتية كما يذكر سكستوس إميريكوس: «أما بالنسبة للآلهة فلا أستطيع أن أعلم ما إذا كانت موجودة أم لا، وعلى أي هيئة، فإن أموراً كثيرة تحول بيني وبين هذا العلم: أخصها غموض المسألة، ومن ثم قصر الحياة الإنسانية».

كان بروتاجوراس من أقوى الشخصيات في الحركة السفسطائية التي أثرت في المجتمع اليوناني، فتأثيره كان في رجال الحكم والدهماء أكثر منه في المثقفين، لذلك هز القاعدة الشعبية بعنف، وأثارها على سقراط وأتباعه مما أدى إلى صدور حكم بإعدام سقراط.

وقد أشار المؤرخون لحياة بروتاجوراس وآثاره إلى بعض آراء متفرقة له في العلوم الطبيعية وغيرها، فقيل إنه واضع علم النحو اليوناني، وقيل أيضاً إنه كانت له مدرسة خاصة في تعليم الهندسة، فكان يرى أن قضايا الهندسة إنْ هي إلا صورة معقولة لا تتعلق صحتها بالواقع، إذ إننا لا نستطيع أن نحدد بالحس أين تبدأ الدائرة.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الموضوعات ذات الصلة


مراجع للاستزادة

  • أفلاطون، بروتاغوراس، ترجمة محمد كمال الدين علي يوسف (دار الكتاب العربي، القاهرة 1967).
  • أفلاطون، الثئيتتس، ترجمة الأب فؤاد جرجي بربارة (منشورات وزارة الثقافة، دمشق 1971).
  • يوسف كرم، تاريخ الفلسفة القديمة (دار القلم، بيروت، طبعة جديدة بلا تاريخ).

المصادر

  1. ^ سليمان الضاهر. "بروتاغوراس". الموسوعة العربية. Retrieved 2009-04-05.
  اقرأ اقتباسات ذات علاقة ببروتاغوراس، في معرفة الاقتباس.