الفلسفة في الهند

(تم التحويل من الفلسفة الهندية)

تتمتع الهند بتقاليد فلسفية غنية ومتنوعة يرجع تاريخها إلى نصوص الاوپانیشاد في الفترة الڤيدية المتأخرة. حسب الفيلسوف الهندي راداكريشنان، أقدم هذه التشريعات "...التركيبات الفلسفية المبكرة في العالم."[1]

التفاني المُزهر.

تقليدياً، مدارس (Skt: Darshanas) الفلسفة الهندية تعرف كمدارس متعصبة (Skt: astika) أو غير متعصبة (Skt: nastika) حسب ما إذا كانت تعتبر الڤيدا مصدر معصوم من المعرفة أو لا.[2] يوجد 6 مدارس للفلسفة الهندوسية متعصبة وثلاث مدارس بدعية. المتعصبة هي نيايا، ڤايسـِسيكا، سامكيا، يوگا، پورڤا ميمامسا وڤنداتا. البدعية هي الجاينية، االبوذية، والمادية (كارڤاكا). ومع ذلك يصنف ڤيديارانيا الفلسفة الهندية إلى 16 مدرسة حيث ضمن المدارس المنتمية إلى فكر السايڤا والراسـِسڤارا مع المدارس الأخرى.[3]


إن تفوق الهند أوضح في الفلسفة منه في الطب؛ ولو أن أصول الأشياء هاهنا أيضا ، ينسدل عليها ستار يخفيها وكل نتيجة نصل إليها إن هي إلا ضرب من الفروض؛ فبعض كتب يوبانشاد أقدم من كل ما بقي لنا من الفلسفة اليونانية، ويظهر أن فيثاغورس وبارمنيدس وأفلاطون قد تأثروا بالميتافيزيقا الهندية؛ أما آراء طاليس وأنكسمندر وأنكسمينس، وهرقليطس، وأناكسجوراس وأمباذقليس، فهي لا تسبق فلسفة الهنود الدنيوية فحسب، بل يطبعها طابع من الشك ومن البحث في الطبيعة المادية، يميل بنا إلى ردها إلى ما شئت من أصول ما عدا الهنود؛ ويعتقد ڤكتور كوزان أننا مضطرون إضطراراً أن نلتمس في هذا الميدان الذي درجت فيه الإنسانية ، منشأ الفلسفة العليا". والأرجح عندنا أنه ليس بين المدنيات المعروفة لنا جميعاً، مدنية واحدة كانت أصلاً لكل عناصر المدنية. لكنك لن تجد بين بلاد العالمين بلداً إشتدت فيه الرغبة في الفلسفة شدتها في الهند؛ فهي عند الهنود لا تقتصر على كونها حلية للإنسان أو تفكهة يسرّي بها عن نفسه، بل هي جانب هام لا غني لنا عنه في تعليقنا بالحياة نفسها وفي معيشتنا لتلك الحياة ؛ وإنك لتجد حكماء الهند يتلقون من إمارات التكريم ما يتلقاه في الغرب رجال المال والأعمال؛ فأي أمة سوى الأمة الهندية قد فكرت في الإحتفال بأعيادها بمناظرات ينازل فيها زعماء المدارس الفلسفية المتنافسة بعضهم بعضاً؟ فتقرأ في اليوبانشاد كيف خصص ملك الفيديهيين يوماً لمناقشة فلسفية بإعتبارها جزءاً من الإحتفال الديني، بين "ياجنافالكيا" و"أسفالا" و"أرتابهاجا" و"جارجي"؛ ووعد الملك أن يثيب الظافر منهم- وكان عند وعده- بمكافأة قدرها ألف بقرة ومائة قطعة من الذهب، وكان المألوف للمعلم الفيلسوف في الهند أن يتحدث أكثر مما يكتب؛ فبدل أن يهاجم معارضيه عن طريق المطبعة المأمون الجانب، كانوا يطالبونه بملاقاتهم في مناظرة حية، وبالذهاب إلى مقارّ المدارس الأخرى ليضع نفسه هناك تحت تصرف أتباعها في جداله وسؤاله؛ ولقد أنفق أعلام الفلاسفة، مثل "شانكارا" شطراً عظيماً من أعوامهم في أمثال تلك الرحلات الفكرية؛ وكان الملوك أحياناً يسهمون في هذه المجادلات، في تواضع يليق بالملك وهو في حضرة الفيلسوف- ذلك إن أخذنا بما يرويه لنا الفلاسفة أنفسهم عن ذلك؛ وينزل الظافر في مناظرة هامة من تلك المناظرات، منزلة عالية من البطولة في أعين الناس ، كهذه المنزلة التي يحتلها قائد عسكري عاد من انتصاراته الدامية في ميادين الحروب. [4]

وترى في صورة راجبوتية من القرن الثامن عشر، نموذجاً "لمدرسة فلسفية" هندية- فالمعلم جالس على حصير تحت شجرة، وتلاميذه جالسون القرفصاء أمامه على نجيل الأرض؛ وكنت تستطيع أن ترى مثل هذا المنظر أينما سرت في الهند، لأن معلمي الفلسفة هناك كانوا في كثرة التجار في بابل، ولن تجد في بلد أخر غير الهند عدداً من المدارس الفكرية بمقدار ما تجده منها هناك ؛ ففي إحدى محاورات بوذا ما يدلنا على أنه قد كان في الهند في عصره إثنان وستون رأياً في النفس يأخذ بها الفلاسفة المختلفون؛ يقول "الكونت كسرلنج": "إن هذه الأمة الفلسفية قبل كل شيء، لديها من الألفاظ السنسكريتية التي تعبر بها عن الفكر الفلسفي والديني أكثر مما في اليونانية واللاتينية والجرمانية مجتمعة".

لما كان الفكر الهندي قد إنتقل بالحديث الشفوي أكثر منه بالكتابة ، فأقدم صورة هبطت إلينا عن مذاهب المدارس المختلفة، هي الحِكَم ويسمونها "سترات"- ومعناها "خيوط" - يكتبها المعلم أو الطالب، لا لتكون وسيلة لشرح رأيه لغيره بل لتعينه على وعيها في ذاكرته؛ وهذه السترات ترجع إلى عصور مختلفة فبعضها قديم يرجع تاريخه إلى سنة 200 م، وبعضها حديث يرجع إلى سنة 1400م؛ وهي جميعاً على كل حال أحدث جداً من التراث الفكري الذي تلخصه، والذي تناقلته العصور بالشفاه، ذلك لأن نشأة هذه المدارس الفلسفية قديمة قدم بوذا، بل لعل بعضها- مثل السانخْيا- كان قد ثبت أساسه عندما ولد بوذا. يبوِّب الهنود مذاهبهم الفلسفية كلها في صنفين: المذاهب الأستيكية التي تُثبت ، والمذاهب الناستيكية التي تنفي.

وقد فرغنا فيما مضى من دراسة المذاهب الناستيكية التي أخذ بها على وجه التخصيص أتباع (شارفاكا) وأنصار بوذا والجانتيون؛ والعجيب أن هذه المذاهب إنما سميت (ناستيكا) أي الكافرة الهدامة، لا لأنها شكت أو أنكرت وجود الله (ولو أنهم فعلوا ذلك) بل لأنها شكت وأنكرت أو تجاهلت أحكام الفيدات؛ وكثير من مذاهب (آستيكا) شكت في وجود الله كذلك أو أنكرت وجوده، لكنها مع ذلك سميت بالمذاهب المؤمنة بأصول الدين، لأنها سلمت بصواب الكتب المقدسة صواباً لا يأتيه الباطل، كما قبلت نظام الطبقات ؛ ولم يفكر أحد في تقييد الحرية الفكرية، مهما بلغت من الإلحاد، عند تلك المذاهب التي إعترفت بهذه الأسس الجوهرية التي تقوم عليها الجماعة الهندية الأصلية؛ ولما كان تفسير الكتب المقدسة يفتح مجالاً واسعاً لإختلاف الرأي، بحيث إستطاع مهرة المفسرين أن يجدوا في الفيدات أي مذهب شاءوا، فقد أصبح الشرط الوحيد في واقع الأمر، الذي لا بد من تحققه إذا ما أراد الإنسان أن يكون ذا مكانة عقلية في نفوس الناس، هي أن يعترف بالطبقات؛ حتى لقد أصبح هذا النظام هو مصدر السلطان الحقيقي في البلاد ؛ معارضته تعدّ خيانة كبرى ، وقبوله يغفر عن كثير من السيئات؛ وإذن فالواقع هو أن فلاسفة الهند تمتعوا بحرية أكبر جداً مما أتيح لزملائهم في أوربا الوسيطة حين سادت الفلسفة الإسكولائية (أي المدرسية)، لكن ربما كان هؤلاء الهنود الفلاسفة أقل حرية من مفكري الدولة المسيحية في ظل البابوات المتنورين الذين سادوا أيام النهضة الأوربية.

وآلت السيادة لستة من المذاهب "الأصيلة"- المؤمنة بأصول الفيدات- أو "الدارشانات" (ومعناها البراهين)، حتى لقد أصبح لزاماً على كل مفكر هندي ممن يعترفون بسلطان البراهمة ، أن يعتنق هذا المذهب أو ذاك من تلك المذاهب الستة؛ وهي كلها مجمعة على طائفة معينة من الآراء تعتبر ركائز التفكير الهندي: وهي أن الفيدات قد هبط بها الوحي، وأن التدليل العقلي أقل جدارة بالركون إليه في هدايتنا إلى الحقيقة والصواب ، من إدراك الفرد وشعوره المباشرين إذا ما أعد الفرد إعداداً صحيحاً لإستقبال العوامل الروحية وأرهفت نفسه إرهافاً باإطناع الزهد وإلتزام الطاعة مدى أعوام لمن يقومون على تهذيب نفسه؛ وأن الغاية من المعرفة ومن الفلسفة ليست هي السيطرة على العالم بقدر ما هي الخلاص منه؛ وأن هدف الفكر هو إلتماس الحرية من الألم المصاحب لخيبة الشهوات في أن تجد إشباعها ، وذلك بالتحرر من الشهوات نفسها؛ تلك هي الفلسفات التي ينتهي إليها الناس إذا ما أتعب نفوسهم الطموح والكفاح والثراء والتقدم والنجاح.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

نتائج الفلسفة الهندية

 
سادو أشرم في ڤاشيستا.

جاءت الفتوح الإسلامية فختمت على عصر الفلسفة الهندية؛ وأدت هجمات المسلمين- ثم هجمات المسيحيين فيما بعد- على الديانة القومية إلى إنكماش هذه العقيدة القومية نفسها دفاعاً عن نفسها، فوحّدت أجزاءها، وحرّمت كل جدل في الدين، وألجمت حركة الزندقة مع أنها مصدر التجديد، بحيث لم يبق إلا اطراداً راكداً في التفكير؛ ولما جاء القرن الثاني عشر، وجد مذهب الفيدانتا- الذي حاول على يدي شانكارا أن يكون ديناً للفلاسفة- من يفسره من القديسين، مثل "رامانوجا" (حوالي 1050)- تفسيراً لا يجعل فرقاً بينه وبين العبادة الأصلية القديمة لفشنو ، وراما، وكرشْنا؛ ولما حرم على الفلسفة أن تفكر فكراً جديداً ، لم يكفْها أن تنحدر إلى إسكولائية، بل باتت عقيماً، وجعلت تتلقى العقائد من الكهنوت، وراحت تتعب نفسها في البرهنة عليها، بحيث تبين ما بينها من مميزات للواحدة عن الأخرى دون أن تدل تلك المميزات على فروق حقيقية، مصطنعة في ذلك منطقاً بغير عقل.

ومع ذلك فالبراهمة قد إستطاعوا في عزلتهم التي أووا إليها وتحت درع واقية إتخذوها من إلغاز عباراتهم إلغازاً لا يفهمه أحد سواهم، إستطاعوا أن يصونوا المذاهب القديمة من العبث ، بأن صبوها في (سُوترات) (أي حِكَم أو عبارات موجزة) غامضة، وتعليقات ملغزة؛ وبهذا نقلوا نتائج الفلسفة الهندية عبر الأجيال والقرون؛ وقد كانت كل هاتيك المذاهب، برهمية كانت أو غير برهمية ، تعتبر ملكات العقل ضعيفة لا حول لها، أو خادعة إزاء حقيقة الكون التي يراها الإنسان أو يحسها رؤية وإحساساً مباشرين. وكل إتجاهاتنا العقلية التي ظهرت في القرن الثامن عشر، إن هي في رأي الميتافيزيقي الهندي إلا محاولة سطحية عابثة لإخضاع الكون الذي يستحيل حساب دقائقه، لتصورات سيدة رقيقة ممن يرتدن "الصالونات الأدبية"؛ "في ظلام دامس يمضي أولئك الذين يعبدون الجهل، وفي ظلام أشد دماسة يتخبط أولئك الذين يطمئنون نفساً بما لهم من علم"؛ إن الفلسفة الهندية تبدأ حيث تنتهي الفلسفة الأوربية- وهو البحث في طبيعة المعرفة وفي حدود العقل؛ فهي لا تبدأ بمثل فيزيقياً "طاليس" و"ديمقريطس" ولكن بمثل نظرية المعرفة عن "لُكْ" و"كانْت"؛ والعقل عندها هو ذلك الذي ندركه إدراكا مباشراً، ولذا فهي تأبى أن تحلله إلى معلوم عرفناه بطريق غير مباشر، أي عرفناه بالعقل، وهي تسلّم بالعالم الخارجي ، لأنها لا تؤمن بأن حواسنا في مقدورها أن تعرفه على حقيقته الواقعة؛ إن العلوم كلها جهل "رسميٌّ" وهو ينتمي إلى دنيا الظواهر "مايا" فهي تصوغ في ألفاظ وعبارات لا تنفك متغيرة، الجانب العقلي من عالم ليس العقل فيه إلا جزءًا يسيراً- إن العقل في هذا العالم تيار واحد متنقل في بحر ليس له حدود ؛ بل إن الشخص نفسه الذي يقوم بالتدليل العقلي لا يزيد على ظاهرة "مايا" أي أنه وهم من الأوهام؛ فماذا عسى أن يكون سوى إلتقاء مؤقت لطائفة من حوادث، أو سوى عُقدة عابرة في مسارات المادة والعقل خلال المكان والزمان؟- وماذا عسى أن تكون أفعاله وأفكاره سوى نتيجة لطائفة من القُوى التي سبقت بوجودها وجوده بعهد بعيد؟ ليس ثمة من حقيقة إلا براهما، ذلك المحيط الكوني الفسيح الذي لا تكون صورة أي شيء إلا بمثابة موجة عابرة فيه، أو إن شئت فقل لا تكون صورة الشيء إلا نقطة زَبَدِ على موجة من موجاته؛ فليست الفضيلة هي ما في أعمال الخير من بطولة صامتة، كلا ولا هي نشوة من التقوى ينتشيها من يوصف بها؛ بل هي مجرد الإعتراف بوحدة النفي مع كل نفس أخرى في حقيقة واحدة هي براهما؛ والحياة الخلقية إن هي إلا ضرب من الحياة يكون أساسه الشعور بما بين الأشياء كلها من إتحاد، "إن من يدرك كل الكائنات في نفسه، ويدرك نفسه في كل الكائنات، لن يصيبه شيء من القلق بعدئذ، إذ كيف يمكن أن يصاحبه بعد ذلك وهم أو أسى؟". إن ما حال دون أن توسع هذه الفلسفة نطاقها بحيث تؤثر في المدنيات الأخرى، هو بعض الخصائص المميزة لها، التي لا يرى الهندي من وجهة نظرة شيئاً يعاب؛ فمنهجها، وإصطلاحاتها الإسكولائية ومزاعمها الفيدية تحول بينها وبين أن تجد إقبالاً في أمم لها مزاعم أخرى، أو تثقفت بثقافات أكثر إتصالاً بهذا العالم الذي تعيش فيه؛ فمذهبها الخاص "بالمايا"- أي الظواهر- لا يبعث إلا قليلاً على الحياة الخلقية وفعل الفضيلة، وتشاؤمها هو بمثابة الإعتراف منها بأنها لم تفسر الشر، على الرغم من نظرية "الكارما" التي تحتوي عليها؛ وقد كان بعض تأثير هذه المذاهب الفلسفية، أن تزيد في حمل الناس على السكينة الهامدة في وجه الشرور التي كان يمكن عقلاً أن تصحح، أو إزاء عمل كان كأنما يصيح منادياً لعله يجد من يؤديه ؛ ومع ذلك ففي هذه التأملات عمق، إذا ما قارنته بالفلسفات التي تحض على النشاط، والتي نشأت في مناطق أبعث على الفاعلية، أقول إن في هذه الفلسفات عمقاً يصبغ الفلسفات الأخرى الباعثة على النشاط، بلون التفاهة؛ فيجوز أن تكون مذاهبنا الغربية التي وثقت وثوقاً شديداً بأن "المعرفة قوة" بمثابة أصوات شباب مضى، كان فيه شهوة تضخم له الطبيعة قدرة الإنسان ومستطاعه حتى إذا ما أنهكت قوانا في كفاحنا اليومي ضد الطبيعة التي لا تعبأ بنا، والزمن الذي يناصبنا العداء، إزددنا عندئذ رحابة صدر حين ننظر إلى الفلسفات الشرقية التي توصي بالإستسلام والسلام؛ ومن ثم كان أثر الفكر الهندي على الثقافات الأخرى أشد ما يكون، في العهود التي تتعرض فيها تلك الثقافات لعوامل الضعف والإنهيار؛ فلما كانت اليونان تحرز نصراً بعد نصر، لم تصرف إلا قليلاً من سمعها لما يقوله فيثاغورس أو بارمنيدس؛ ثم لما أخذت اليونان في التدهور، ذهب أفلاطون وذهب معه الكهنة الأورفيون مذهب تناسخ الأرواح ، وطفق زينون الشرقي يبشر بما أوشك أن يكون إستسلاماً للقضاء والقدر، وتسليماً للدهر وصروفه ؛ ولما كانت اليونان تحتضر، إرتاد أنصار الأفلاطونية الجديدة والغنوسطيون (الذين يأخذون بإمكان معرفة الله) حياض الهند يعبون من أعماقها؛ والظاهر أن ما أصاب أوروبا من فقر بسقوط روما وفتوح المسلمين للطرق الموصلة بين أوروبا والهند، قد كان حجر عثرة مدى ألف عام، يعرقل تبادل الأفكار بين الشرق والغرب تبادلاً مباشراً؛ لكن لم يكد البريطانيون يثبتون أقدامهم في الهند حتى جعلت كتب اليوبانشاد تحرك الفكر الغربي بإعادة نشرها، أو بترجمتها؛ فتصور فخته مذهباً مثالياً على شبه شديد بمثالية شانكارا وأوشك شوبنهور أن يدخل في فلسفته مذاهب البوذية واليوبانشاد والفيدانتا، إدخالاً يجعلها جزءاً من فلسفته لا يتجزأ؛ وكانت اليوبانشاد في رأي شلنج وهو في شيخوخته أنضج ما وصل إليه الإنسان من حكمة؛ أما نيتشه فقد خالط بسمارك واليونان أمداً أطول من أن يتيح له الفرصة للعناية بثقافة الهند، ومع ذلك فقد إعتنق آخر الأمر فكرة آثرها على كل فكرة سواها، وهي فكرة ظلت متشبثة بعقله لا تبرحه إلا وهي فكرة دورة الحياة دورة أبدية تظل فيها تعيد ما مضى من مراحل- وما تلك الفكرة إلا صورة من مذهب عودة الروح إلى التقمص في أجساد كثيرة.

 
أدي شانكارا، فيلسوف هندي، تهتم أعماله الواردة باللغة السنسكريتية بتأسيس مذهب أدڤياتا (عدم الازدواجية (أي الأحادية)). كما وضع حجر الأساس أيضًا لأهمية حياة الرهبنة وكم هي من الأمور المقبولة بل والمستحسنة أيضًا في كتابات الاپوبانيشاد وبراهما سوترا، في الوقت الذي كانت فيه مدرسة الميمامسا تقيم الطقوسية الصارمة وتسخر من الرهبنة، ويُعد المعارض الأساسي في أعماله مدرسة الميمامسا الفكرية، على الرغم من أنه تجادل أيضًا ضد وجهات نظر بعض المدارس الأخرى مثل مدرسة السامكيا ومدارس بوذية بعينها.[5][6][7]

إن أوروبا في عصرنا هذا تزداد أخذاً من فلسفة الشرق كما يزداد الشرق أخذاً من علوم الغرب؛ ويجوز أن تنشأ حرب عالمية أخرى فتفتح أبواب أوروبا (كما إنفتحت اليونان عند تحطم إمبراطورية الإسكندر، وكما إنفتحت روما عند سقوط الجمهورية الرومانية) بحيث تتدفق فيها فلسفات الشرق وعقائده؛ فثورة الشرق على الغرب ثورة متزايدة، وفقدان الأسواق الآسيوية التي كان من شأنها أن تقيم صناعة الغرب وإزدهاره، وضعف أوروبا لما يصيبها من فقر وإنقسام وثورة، كل ذلك قد يجعل من هذه القارة المنقسمة على بعضها غنيمة سهلة لديانة جديدة تجعل الناس يعقدون رجاءهم في السماء، ويفقدون الأمل في الأرض؛ ويجوز جداً أن يكون الهوى وحده هو الذي يجعل مثل هذا المصير مستحيلاً في رأي الناس في أمريكا، لأن السكينة والإستسلام لا تتلاءم مع الجو الكهربائي الذي نعيش فيه، أو مع الحيوية التي تنشئ عن مصادر الثروة الغزيرة والأرض الفسيحة الأرجاء؛ ولا شك في أن مناخنا سيكون لنا في نهاية الأمر درعاً واقية.


الفلسفة الهندوسية

الكثير من التقاليد الفكرية الهندوسية البراهامية-السنكريتية المتعصبة في العصور الوسطى، صُنفت إلى قائمة قياسية من 6 مدارس تقليدية (astika) ، "الفلسفات الستة" (ṣad-darśana)، تقبل جميعها بتعاليم الڤـِدا:[8][9][10]

  • نيايا، مدرسة المنطق
  • ڤايشـِشنيكا، مدرسة التوحيد
  • سامكيا، مدرسة التعدد
  • يوگا، مدرسة پاتانجالي (التي كانت تتقبل يقينياً ميتافيزيقيات سامكيا)
  • پورڤا ميمامسا، (أو ميمامسا)، تقليد التفسير الڤـِدي، مع التركيز على الطقوس الڤـِدية.
  • ڤدانتا (تُنطق أيضاً اوترا ميمامسا)، التقليدي الاوپانیشادي، مع التركيز على الفلسفة الڤـِدية.


الفلسفة الجاينية

 
الصليب المعقوف - رمز الجاينية.

الفلسفة البوذية

 
بودناث، واحد من أقدس الأماكن البوذية في كاثمندو (يامبو)، نيپال.

فلسفة الكارڤاكا

الفلسفة المعاصرة


الفلسفة السياسية

الأرثاشاسترا تُعزى إلى وزير المورياني چاناكيا، وهي إحدى النصوص الهندية المبكرة المكرسة للفلسفة السياسية. وترجع إلى القرن الرابع ق.م وتناقش أفكار فنون الحكم والسياسة الاقتصادية.


انظر أيضاً

 
الفكر الشرقي القديم (الهند والصين). انقر على الصورة لمطالعة الكتاب.

المصادر

  1. ^ p 22, The Principal Upanisads, Harper Collins, 1994
  2. ^ Oxford Dictionary of World Religions, p. 259
  3. ^ Cowell and Gough, p. xii.
  4. ^ ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.
  5. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة SriAdi
  6. ^ Biography of Sri Adi Shankaracharya, Sringeri Sharada Peetham, India
  7. ^ The philosophy of Sankar's Advaita Vedanta, Shyama Kumar Chattopadhyaya, Sarup & Sons, 2000, ISBN 81-7625-222-0, ISBN 978-81-7625-222-5
  8. ^ Flood, op. cit., p. 231–232.
  9. ^ Chatterjee and Datta, p. 5.
  10. ^ Michaels, p. 264.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وصلات خارجية