الواقعية الفلسفية

(تم التحويل من واقعية)

الواقعية الفلسفية realism هي المذهب الذي يقرر للواقع الخارج عن التعقل وجوداً مستقلاً، ويقيس صدق الكلام بمطابقته للواقع، وهي بهذا المعنى تعارض المثالية idealism، فترفض أن تربط وجود الأشياء والطبيعة بالوجود الإنساني وترى أن للعالم وجوداً عينياً مستقلاً عن الذات العارفة وأحوالها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

تعريف

ارتبطت الواقعية حديثاً بنظرية المعرفة، علماً أنها كانت تطلق على عالم المثُل عند أفلاطون Plato بوصفها جواهر معقولة قائمة في عالم مستقل عن الوجود الإنساني. وفي العصر الوسيط كانت الواقعية مذهب فئة من الفلاسفة المدرسيين الذين قالوا بوجود الكليات بمعزل عن الأشياء التي تمثلها، فهي تمثل وجوداً واقعياً وموضوعياً مستقلاً، وعلى هذا فالواقعية تعارض الاسمية nominalism، المذهب الذي يرفض أن تمثل الأسماء الكلية (الأفكار) وجوداً سواء في العقل أم خارجه أم مع التصورية conceptualism.


أنواع

تنوعت الواقعية وفقاً للاتجاهات الفلسفية المختلفة التي تبنتها، فهي ذات طابع ميتافيزيقي عند الفيلسوف جول لاشلييه Jules Lachelier ت(1832ـ1918)؛ أي إنها واقعية روحية تعارض المثالية المادية التي تقف عند سطوح الأشياء؛ لأن كل موجود قوة، وكل قوة فكرة تعي ذاتها باستمرار وعياً تاماً، وهي بهذا المعنى مذهب يرى أن الوجود الحقيقي يتعارض والوجود المعقول، فهو يتضمن جانباً من «اللاعقلانية». وعند بعض الرياضيين الجدد أمثال فريگه Frege تزعم الواقعية أن الصور والحقائق الرياضية وقائع خارجة تفرض نفسها على الذهن، فيضطر إلى التسليم بوجودها وكأنها أعيان خارجية يكتشفها كما يكتشف الوقائع الفيزيائية وما شابه. وأما في الأدب والفن فالواقعية مذهب يراد منه أن يعكس الواقع، ويعبر عنه وليس عن مثاليات متخيلة؛ أي النظر إلى الطبيعة كما هي بذاتها وليس كما يجب أن تكون عليه.

وخلافاً للمثالية التي تربط الوجود الموضوعي بالذات المدركة له تقر واقعية الفلسفة الحديثة بوجود موضوعي للأشياء مستقل عن المعرفة والذات العارفة؛ لأن المعرفة صورة مطابقة لحقائق الأشياء في العالم الخارجي أو انعكاس لتلك الأشياء في العقل، وبخلاف الفينومنولوجية (الظاهراتية) Phenomenology أيضاً التي تنظر إلى الموجودات على أنها تجمعات حسية أو معطيات شعورية حقيقية أو محتملة. وقد تمثلت الواقعية مع بدايات القرن العشرين وتقدم العلوم في كل من بريطانيا وأمريكا في فلسفة وليم جيمس William James وجون ديوي John Dewey بطابعها «البراغماتي» pragmatic، فأيدها في بريطانيالويد مورگان Lloyd Morgan ووايتهد Whitehead وبرود Broad ورسل Russell وجورج مور More وغيرهم، فعارضوا النظرة المثالية للوجود ولاسيما المثالية الذاتية بالشكل الذي صاغه بركلي Berkeley، وهاجموا نظرية العلاقات الداخلية التي تفترض أن الأشياء متضايفة بحكم العلاقات فيما بينها، فلا يمكن أن توجد الأشياء بما هي عليه إلا بعلاقاتها بالعقل الذي يفترض طبيعة هذا الوجود على النحو القائم. وعليه نقد فلاسفة الواقعية الجديدة مقولة الأنانية ego-centric، فأكدوا أن الأشياء والموجودات ليست عقلية وأن وجودها لا يتوقف على المعرفة بها، فمن الممكن أن توجد دون أن تدرك، فعدم الوعي بالأشياء لا يتضمن بالضرورة عدم وجودها.

نظريات

برزت في الواقعية نظريتان: نظرية ترى أن الإدراك إلمام مباشر بأشياء أو كائنات مختلفة عن الذات المدركة، ونظرية غير مباشرة يكتسب فيها إدراك الصور التي تتشكل في العقل المكانة الأولى، وقد عرفت هذه النظرية بالواقعية الثنائية dualist realism لأنها تقول بوجود الأشياء في العالم وبصورها في الذهن، وتفرع عنها نظرية الواقعية التمثيلية representative والواقعية النقدية critical، في حين انبثق عن النظرية الأولى ما يعرف بالواقعية الساذجة naive realism والواقعية الجديدة neo-realism.

تتفق الواقعية الساذجة مع ما يراه عامة الناس الذين يسلمون دون نقد أو مناقشة بأن العالم الخارجي موجود كما يتبدى للحواس دون تعديل أو تحوير، فما يدرك من خصائص الأِشياء إنما يمثل حقيقتها، ومن ثم فإن دور الإنسان في المعرفة يشبه دور «آلة التصوير» الذي يقتصر على نقل الأشياء وإبرازها دون تفكير أو نقد، وهذا الشكل من الواقعية الساذجة أو كما يسميها هوسرل Husserl «واقعية الموقف العادي أو الطبيعي» تراجع تحت وطأة انتقادات المثالية، فاختلاف الشيء في مظاهره وأشكاله يتبع اختلاف المسافة التي تفصل بينه وبين العين التي تراه، أو اختلاف الزاوية التي يرى منها، مما يعني أن ثمة اختلافاً بين الشيء في الواقع وبين الفكرة التي تمثله مما دعا أنصار الواقعية الجديدة إلى التمييز بين (الشيء ـ كفكرة) وبين الشيء الموجود في المكان والمحاط بأشياء أخرى، فالمائدة كفكرة في الذهن مثلاً، والمائدة الحسية (الواقعية) ليستا مائدتين خارج الذات أو العقل وداخله وإنما مائدة واحدة تؤثر في الحواس، فتنشأ تمثلات عنها هي أفكار حسية يدركها العقل ويبني معارفه عليها، وهي التي تمثل صفات المائدة كما هي في الخارج، وتدعى هذه النظرة بالواقعية التمثيلية، وهي تحاكـي النظـرة التمثيلية في نظـرية المعرفة المثول . لكن بعض الواقعيين نظروا إلى أن حقيقة الشيء هي كما يبدو عليه، فالموضوع الذي يدرك حسياً على مسافة كمنظور بصري ثلاثي الأبعاد يُظهر خصائصه المكانية والزمانية والإضائية… كإدراكات تعكس حقيقته (خصائصه) كما هي عليه، وتكوّن معلومات عن هذا الشيء كما هو بالواقع، وتسمى هذه بنظرية التبدي appearing لأنها تنظر إلى الأشياء كما تبدو للذات العارفة، وتعكس الحقيقة النسبية للشيء، وعليه فإن النظر إلى الشيء من زاوية موضوع الإدراك يسمى بالواقعية الموضوعية objective realism، وإذا عُدّ منظوراً سميت بالواقعية المنظورية perspective realism وقد تعرضت هذه النظرية النسبية للشيء لانتقادات بعض الواقعيين، فواقعية الأشياء ليست فيما تبدو للمدرك، فحقيقة أن «هذا حجر» هو التسليم بواقعة إدراكية بسيطة لا اختلاف عليها.

تاريخ الواقعية الميتافيزيقية

الفلسفة اليونانية القديمة

 
أفلاطون (يسار) وأرسطو (يمين)، تفصيلة من مدرسة أثينا، جصية رفائل. In Plato's metaphysics, ever unchanging Forms, or Ideas, exist apart from particular things, and are related to them as their prototype or exemplar. Aristotle's philosophy of reality also aims at the universal. Aristotle finds the universal, which he calls essence, in the commonalities of particular things.

In ancient Greek philosophy, realist doctrines about universals were proposed by Plato and Aristotle.[1]

Platonic realism is realism regarding the existence of universals or abstract objects. As universals were considered by Plato to be ideal forms, this stance is confusingly also called Platonic idealism. This should not be confused with Idealism, as presented by philosophers such as George Berkeley: as Platonic abstractions are not spatial, temporal, or mental, they are not compatible with the latter Idealism's emphasis on mental existence. Plato's Forms include numbers and geometrical figures, making them a theory of mathematical realism; they also include the Form of the Good, making them in addition a theory of ethical realism.

Aristotelian realism is the view that the existence of universals is dependent on the particulars that exemplify them.

الفسفة القروسطية

Medieval realism developed out of debates over the problem of universals.[2] Universals are terms or properties that can be applied to many things, such as "red", "beauty", "five", or "dog". Realism (also known as exaggerated realism) in this context, contrasted with conceptualism and nominalism, holds that such universals really exist, independently and somehow prior to the world. Moderate realism holds that they exist, but only insofar as they are instantiated in specific things; they do not exist separately from the specific thing. Conceptualism holds that they exist, but only in the mind, while nominalism holds that universals do not "exist" at all but are no more than words (flatus vocis) that describe specific objects.

Proponents of moderate realism included Thomas Aquinas, Bonaventure, and Duns Scotus (cf. Scotist realism).[3]

الفلسفة الحديثة المبكرة

أما الواقعية الجديدة فقد ظهرت في أمريكا أوائل القرن العشرين على يد مجموعة من الفلاسفة، نشروا في عام 1910 دستور فلسفتهم، وضمنوه مبادئهم الواقعية، ثم وضعوا سنة 1912 كتاباً يحمل الاسم نفسه «الواقعية الجديدة، دراسات تعاونية في الفلسفة». وترأس هذه المجموعة رالف بارتون بيري Perry الذي عارض بكتاباته النقدية مثالية جوزيا رويس Josiah Royce ت(1885ـ1916)، فأقام واقعيته على نظرية «واحدية» في المعرفة لا يعزل فيها العارف عن المعروف، ولا الشعور عن الموضوع، بمعنى أن الأشياء ليست مشروطة بالذات العارفة لها، ثم اتخذت الحركة طابعاً أكثر تحديداً بمشاركة أعضائها الآخرين: هولت Holt وبيتكين Pitkin وسبولدينگ Spaulding ومارڤين Marvin ومونتاگ Montague، فصاغوا نظريات تقول: إن الميتافيزيقا مستقلة عن نظرية المعرفة، والتعددية أرجح من الواحدية، والتصورات مماثلة في حقيقتها للموجودات ـ واستبعدوا منطق «العلاقات الباطنية» ـ والوقائع غير مشروطة بما يُعرف…، وقد دافع عن هذه الواقعية في بريطانيا نن Nunn ورسل ومور ومورغان، فأكدوا استقلالية الوعي وموضوعه لجهة تفوق الموضوع واستبعاد دور الذات في وجوده، ولكن سرعان ما برزت خلافات جدية بين أنصار الواقعية الجديدة في كل من أمريكا وبريطانيا حول طبيعة الوعي وموضوعه والعلاقة بينهما.

وتطورت في عام 1916 حركة نقدية جديدة في أعقاب الواقعية الجديدة هي الواقعية النقدية المعاصرة contemporary critical realism على يد سبعة من الفلاسفة الأمريكان، وهم سيلارز Wilfrd Sellars ت(1889ـ1912) وسانتايانا Santayana ت(1863ـ1952) وروجرز Rogers ولافجوي Lovejoy ودريك Drake وبرات Pratt وسترونگ Strong، اشتركوا في إصدار كتاب بعنوان «مقالات في الواقعية النقدية ـ دراسة تعاونية لمشكلة المعرفة» شرحوا فيه موقفهم من نظرية المعرفة ومشكلة الإدراك الحسي، فرفضوا موقف الواقعيين الجدد في نظراتهم «الواحدية» بضم العارف والمعروف، وقالوا بثنائية الشعور والموضوع (المدرِك والمدرَك)، وأضافوا عنصراً جديداً إلى عملية المعرفة هو المعطى datum إلى جانب الذات والموضوع، وهو ذو طبيعة عقلية يعكس مضمون الوعي، ولا يتماهى مع الحقيقة المادية للشيء، ويميز سانتايانا بين قطبي المعرفة الواقع المادي الفيزيائي وواقع المعطى، والواقع المادي له وجود مستقل في الزمان والمكان، ولكن إدراك الإنسان لا يكون إلا للصفات الظاهرة والممكنة التي يدعوها «بالماهيات الثابتة» المتميزة من وجود المادة ومن تدفق التجربة (الشعور)، وهي معطيات عقلية لا مادية تدخل على المدرك لحظة إدراكه ليتم عبرها رؤية الموضوعات الخارجية، على أن الاتصال بهذه الموضوعات المادية يتم بوساطة هذه الماهيات فإن وجودها لا يتأثر بها.

وقد ازدهرت الواقعية بصورة لافتة في أمريكا سنة 1930 وما بعدها، ولكن وإن كان لها ثمة اتصال مع واقعية 1910 فإنها كانت نتاجاً مباشراً لأزمة ثقافية وفكرية شكلت انحرافاً لاهتمامات الحركة الواقعية التقليدية في المعرفة والإدراك الحسي إلى مسائل جديدة كمشكلات المنطق والقانون الطبيعي والنزعة الإنسانية والأنطولوجية وغيرها.

انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ Realism – philosophy – Britannica.com
  2. ^ John Marenbon, Medieval Philosophy: A Very Short Introduction, Oxford University Press, 2016, p. 72.
  3. ^ Nominalism, Realism, Conceptualism – Catholic Encyclopedia (1913)
الكلمات الدالة: