الغزو الفارسي الأول لليونان

(تم التحويل من First Persian invasion of Greece)

الغزو الفارسي الأول لليونان، أثناء الحروب الفارسية، بدأ عام 492 ق.م، وانتهى بالنصر الأثيني الحاسم في معركة ماراثون عام 490 ق.م. الغزو، والذي يتألف من حملتين رئيسيتين، كان بأمر الملك الفارسي داريوش الأول وكان الهدف الرئيسي منه عقاب دويلات-مدن أثينا وإرتريا. كانت هذه المدن قد دعمت مدن أيونيا أثناء ثورتهم على الحكم الفارسي، وبالتالي فقد أثارت غضب داريوش. كما رأى داريوش الفرصة سانحة لتوسيع امبراطوريته في أوروپا، وتأمين جبهتها الغربية.

الغزو الفارسي الأول لليونان
جزء من الحروب الفارسية اليونانية
Map Greco-Persian Wars-en.svg
خريطة توضح المواقع الرئيسية أثناء الغزوات الفارسية لليونان.
التاريخ492 – 490 ق.م.
الموقع
النتيجة اعادة السيطرة الفارسية على تراقية وغزو مقدون، ناخوس والجزر السيكلادية الأخرى.
المتحاربون
الدويلات المدن اليونانية ومنها أثينا وإرتريا الامبراطورية الفارسية
القادة والزعماء
ميلتيادس الأصغر
كاليماخوس  
ماردونيوس،
داتيس،
أرتافرنس
القوى
8,000-9,000 أثيني
1,000 پلاتايوني
الإجمالي: 9,000-10,000
10,000 Immortals
10,000 من المشاة الخفيفة
5,000 من الرماة
1,000-3,000 الفرسان
600 triremes
الإجمالي: 26,000-28,000
الضحايا والخسائر
192 أثيني
11 پلاتايوني
6,400 قتيل
7 سفن مأسورة

الحملة الأولى عام 492 ق.م، بقيادة ماردونيوس، أعادت فرض السيطرة الفارسية على تراقية] وأجبرت مقدون على أن تكون مملكة تابعة لفارس، بعد أن كانت حليفة أو موالية لفارس في أوائل نهاية القرن السادس ق.م.[1][2] إلا أن عاصفة ساحلية قبالة ساحل جبل أثوس حالت دون تقدم أسطول ماردونيوس. العام التالي، أظهر داريوش نواياه حيث ارسل السفراء لجميع أرجاء اليونان، مطالباً إياهم بالاستسلام. حصل على مطلبه من جميعهم تقريباً، عدا أثينا واسپرطة، حيث قاما باعدام سفراؤه. مع بقاء أثينا على تحديها، والحرب الدائرة حالياً بينه وبين اسپرطة، أمر داريوش بحملة عسكرية أخرى للعام التالي.

الحملة الثانية، عام 490 ق.م، تحت قيادة داتيس وأرتافرنس. قصدت التجريدة في البداية جزيرة ناخوس، والتي استولت عليها وحرقتها. It then island-hopped بين بقية الجزر السيكلادسية، ضامة كل جزيرة منها للامبراطورية الفارسية. بعد وصولها اليونان، قامت التجريدة بالإبرار عند إرتريا، والتي تم محاصرتها، وبعد فترة وجيزة، الاستيلاء عليها. دُمرت إرتريا وأستعبد مواطنيها. في النهاية، توجهت القوات نحو أتيكا، حيث نزلت عند ماراثون، في طريقها إلى أثينا. هناك، القت القوات بجيش أثيني أصغر، والذي مع ذلك، شرع في الفوز بانتصار ملحوظ في معركة ماراثون.

حالت هذه الهزيمة من انتهاء الحملة بنجاح، وعادت القوات الفارسية إلى آسيا. ومع ذلك، فقد حققت الحملة معظم أهدافها، معاقبة ناخوس وإرتريا، وواضعة معظم الإيجيين تحت الحكم الفارسي، فضلاً عن الدمج الكامل لمقدون. العمل الذي لم تنجزوه الحملة دفع بداريوش للتحضير لغزو أكبر لليونان، لإخضاعها بشكل أكثر شدة، وعقاب أثينا واسپرطة. إلا أن الصراع الداخلي داخل الامبراطورية أخر هذه التجريدة، ثم أعقب ذلك وفاة داريوش في سن كبيرة. ومن ثم فقد تولى الأمر ابنه خشايارشا الأول والذي قاد الغزو الفارسي الثاني لليونان، بدءاً من 480 ق.م.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المراجع


خلفية

 
داريوش الأول من فارس، كما تخيله رسام يوناني، القرن الرابع ق.م.

الثورة الأيونية

الثورة الأيونية، والثورات المرتبطة بها في أيوليس، دوريس، قبرص، وكاريا، هي تمردات عسكرية اندلعت في مختلف المناطق اليونانية في آسيا الصغرى ضد الحكم الفارسي، استمرت من 499 ق.م. حتى 493 ق.م. في قلب التمرد كان هناك عدم رضا داخل المدن اليونانية في آسيا الصغرى على الطغاة المعينين من قبل الفرس لحكمها، والذي رافقه حراكات فردية لاثنين من الطغاة الملتوسيين، هيستيايوس وأريستاگوراس. تعرضت مدن أيونيا للغزو الفارسي ح. 540 ق.م، ومن ثم أصبحت تحت حكم الطغاة الأصليين، المعيين من قبل الاستراپ الفراسي في سارديس. عام 499 ق.م، طاغية ملتوس المقبل، أريستاگوراس، قام بتجريدة مشتركة مع الاستراپ الفارسي ارتافرنس لغزو ناخوس، في محاولة لتعزيز موقفه. كانت المهمة كارثية، وبعدما استشعر قرب الإطاحة به كطاغية، اختار أريستاگوراس تخريض جميع المدن الأيونية على التمرد ضد الملك الفارسي داريوش العظيم.

عام 398 ق.م، بدعم قوات من أثينا وإرتريا، خرج الأيونيين، وقاموا بالاستيلاء على سارديس وحرقها. إلا أنهم وهم في طريقهم إلى أيونيا، تتبعتهم الفارسية، وألحقوا بهم هزيمة حاسمة في معركة إفسوس. كانت هذه الحملة هي الحراك الهجومي الوحيد من قبل الأيونيين، الذي أصبحوا بعد ذلك في موقف دفاعي. رد الفرس عام 497 ق.م. بثلاث هجمات محورية هدف إلى اعادة الاستيلاء على المناطق البعيدة عن مركز التمرد، لكن انتشار الثورة حتى كاريا، كان يعني أنه على هذا الجيش الضخم، تحت قيادة دوريسس، تغيير مواقعهم. بينما حققت الحملة الأولية نجاحاً في كاريا، أُبيد هذا الجيش في كمين أثناء معركة پداسوس. أسفر هذا عن حالة من الجمود لبقية عام 496 ق.م. و495 ق.م.

بحلول 494 ق.م. أعاد الجيش والبحرية الفارسية تنظيم أنفسهم، وجاءوا مباشرة لبؤرة التمرد في ميلتس. سعى الأسطول الأيوني للدفاع عن ميلتس بحراً، لكنهم هزموا بشكل حاسم في لادى، بعد تراجع الساميون. بعدها حوصرت ميلتس، وتم الاستيلاء عليها، وأصبح سكانها تحت الحكم الفارسي. أنهت هذه الهزيمة المزدوجة الثورة بشكل حاسم، ونتيجة لذلك استسلم الكاريانيون لفرس. قضى الفرس عام 493 ق.م في الحد من المدن الواقعة على الساحل الغربي والتي لا تزال ضدهم، قبل فرض تسوية سلام على أيونيا والتي تعتبر بصفة عامة عادلة ونزيهة.

تشكل الثورة الأيونية النزاع الرئيسي الأول بين اليونان والامبراطورية الفارسية، ومثل هذا المرحلة الأولى من الحروب الفارسية اليونانية. بالرغم من عودة آسيا الصغرى للسيطرة الفارسية، إلى أن داريوش تعهد بعقاب أثينا وإرتريا لدعمهم الثورة. علاوة على ذلك كان يرى أن المدن الدويلات اليونانية التي لا تعد ولا تحصى تشكل تهديداً مستمراً لاستقراء امبراطوريته، حسب هيرودوت، ولذلك قرر داريوش غزو اليونان كاملة. عام 492 ق.م، الغزو الفارسي الأول لليونان، المرحلة التالية من الحروب الفارسية اليونانية، بدأ كنتيجة مباشرة للثورة اليونانية.


الحروب الفارسية اليونانية

الحروب الفارسية اليونانية، هي سلسلة من النزاعات بين الامبراطورية الأخمينية الفارسية (إيران المعاصرة) والدويلات-المدن اليونانية والتي بدات عام 499 ق.م. واستمرت حتى عام 449 ق.م. بدأ الصدام بين العالم السياسي اليوناني المنقسم والامبراطورية الفارسية الشاسعة عندما غزت قبرص الكبرى منطقة أيونيا المأهولة من قبل اليونانيين عام 547 ق.م. الكفاح من أجل حكم مدن أيونيا المتطلعة إلى الاستقلال، الطغاة المعينين من قبل الفرس لحكم كل منهم. والذي ثبت أنه كان مصدر للمزيد من المشكلات لكل من اليونانيين والفرس على حد سواء.

عام 499 ق.م.، شرع أريستاگوراس طاغية ميلتس، في تنظيم تجريدة لغزو جزيرة ناكسوس، بدعم فارسي؛[3] إلا أن التجريدة هُزمت، مستبقاً طرده، حرض أريستاگوراس عموم آسيا الصغرى الهلينية للتمرد على الفرس. كان هذا بداية الثورة الأيونية، والتي استمرت حتى 493 ق.م، مما أدخل مناطق آسيا تدريجياً في الصراع. أمن أريستاگوراس دعماً عسكرياً من أثينا وإرتريا، وفي 498 ق.م. ساعدت هذه القوات في الاستيلاء على وحرق العاصمة الفارسية الاقليمية سارديس. توعد الملك الفارسي داريوش العظيم بالانتقام من أثينا وإرتريا جزاء على هذا الفعل. استمرت الثورة، وتوقف الطرفين بشكل فعال في الفترة 497–495 ق.م. عام 494 ق.م، أعاد الفرس تنظيم أنفسهم، وهاجموا بؤرة الثورة في ميلتس. أثناء معركة لاده، عانى الأيونيين من هزيمة مضنية، وانهار التمرد، مع القضاء على أخرها في العام التالي.

سعياً لتأمين امبراطوريته من المزيد من الثورات ومن تدخل يونانيو البر الرئيسي، وضع داريوش خطة لغزو اليونان ولعقاب أثينا وإرتريا على حرقهم سارديس. بدأ الغزو الفارسي الأول لليونان عام 492 ق.م.، بعد أن أعاد ماردونيوس بنجاح تأكيد خضوع تراقية وغزو مقدون قبل وقوع العديد من الحوادث المؤسفة منذ النهاية المبكرة حتى بقية الحملة.[4] عام 490 ق.م. تم إرسال قوة ثانية لليونان، وفي هذه المرة عبرت القوة بحر إيجة، تحت قيادة داتيس، وأرتافرنس. قامت هذه التجريدة بإخضاع سيكلادس، قبل حصار، الاستيلاء على وهدم إرتريا. ومع ذلك، وهي في طريقها للهجوم على أثينا، مُنيت القوة الفارسية بهزيمة حاسمة على يد الأثينيين في معركة ماراثون، منهية الجهود الفارسية في الوقت الراهن.

بدأ داريوش التخطيط لغزو كامل لليونان، لكنه توفى عام 486 ق.م. ومُررت مسئولية الغزو لابنه خشايارشا. عام 480 ق.م، قاد خشاريا بنفسه الغزو الفارسي الثاني لليونان برفقة واحداً من أكب الجيوش القديمة التي تم حدشها. الانتصار على الدويلات اليونانية المتحالفة في مركة ثرموپيلاي الشهيرة سمح للفرس بالبدء بإجلاء الأثينيين والتوغل في معظم أنحاء اليونان. إلا أنه أثناء سعيهم لتدمير الأسطول اليوناني المجمع، عانى الفرس من هزيمة ثقيلة في معركة سالاميس. في العام التالي، شن اليونانيون المتحدون هجوماً، وهزموا الجيش الفارسي في معركة پالتايا، وانتهى غزو اليونان.

تابع اليونانيون المتحالفون نجامهم بتدمير بقية الأسطول الفارسي في معركة مايكاله، قبل طرد الحاميات الفارسية من ستوس (479 ق.م.) وبيزنطيوم (478 ق.م.). تحركات الجنرال پاوسانياس في حصار بيزنطيم أدى إلى نفور الكثير من الدويلات اليونانية من الاسبرطيين، وبالتالي أعيد تشكيل تحالف مناهض للفرس حول القيادة الأثينية، والمعروف برابطة داليان. استأنفت رابطة داليان الحملة ضد الفرس في الثلاثة عقود التالية، بدءاً بطرد بقية الحاميات الفارسية من أوروپا. في معركة أيوريمدون عام 466 ق.م، فازت رابطة داليان بنصر مزدوج والذي ضمن في النهاية الحرية لمدن أيونيا. إلا أن تورط الرابط في الثورة المصرية (من 460-454 ق.م.) أسفر عن هزيمة كارثية، وتوقفت الحملة. تم إرسال أسطول إلى قبرص عام 451 ق.م، لكنه لم ينجز الكثير، وعندما انسحب وصلت الحروب الفارسية اليونانية إلى نهايتها. بعض المراجع التاريخية تقترح أن نهاية الاشتباكات كان عن طريق معاهدة سلام بين الأثينيين وفارس، والمعروفة بسلام كالياس.


492 ق.م.: حملة ماردونيوس

 
Persian warriors, possibly Immortals, a frieze in Darius's palace at Susa. Siliceous glazed bricks, c. 510 BC, Louvre


491 ق.م.: الدبلوماسية

490 ق.م.: حملات دايتس وأرتافرنس

حجم القوات الفارسية

ليندوس

ناخسوس

الكاسليديون

 
Satellite image of the Cyclades. Delos is the small island directly to the bottom-left of Mykonos




. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الكاريستويون

حصار إرتريا


معركة ماراثون

 
الأجنحة اليونانية تحاصر الفرس.

يقول هيرودوت: "في أثناء حكم دارا وخشيارشاي وأرتخشر لاقت بلاد اليونان من الأهوال ما لم تلقه في العشرين جيلاً السابقة على هذا العهد" وكان لا بد أن يلقى أهلها جزاء نمائهم وتقدمهم. ذلك أن انتشارهم في كل مكان لا بد أن يؤدي عاجلاً أو آجلاً إلى قيام النزاع بينهم وبين إحدى الدول العظمى. وإذ كان اليونان يتخذون البحر مطية لهم، فقد أنشأوا فيه طريقاً تجارياً يمتد من شاطئ أسبانيا الشرقي غرباً إلى أقصى ثغور البحر الأسود شرقاً. وأخذ الطريق المائي الأوربي - الذي يخترق بلاد اليونان وإيطاليا وصقلية - ينافس الطريق الشرقي البري والبحري - الذي يخترق الهند وفارس وفينيقية - ويفوقه في الأهمية على مر الأيام، ونشأ من هذه المنافسة نزاع شديد لم يخمد أواره قط كان لا بد أن يؤدي إلى ما أدى إليه كل نزاع سابق في تاريخ البشر، ألا وهو الحرب السافرة التي لم تكن معارك لادى Lade، ومرثون، وبلاتية، وهيميرا Hymera، وميكالي Mycale، ويوريمدون Eurymedon، وگرانيقوس، وإسوس، وأربيلا، وكاني، وزاما إلا حادثات منها صغيرة. وانتصر الأوربيون على الشرقيون في هذا الصراع لأسباب عدة، منها أن النقل البحري أقل نفقة من النقل البري، ومنها أن من القوانين التي تكاد تتحكم في التاريخ أن الشمال الخشن ذا النزعة الحربية، ينتصر دائماً على الجنوب اللين السهل مبدع الفنون.

في عام 512 قبل الميلاد عبر دارا الأول ملك الفرس مضيق البسفور وغزا سكوذيا، ثم زحف غرباً وفتح تراقية ومقدونية، ولم يعد إلى عواصم ملكه إلا بعد أن وسع رقعة إمبراطوريته حتى شملت فارس، وبلاد الأفغان، وشمالي الهند، والتركستان، وأرض الجزيرة، وشمالي بلاد العرب، ومصر، وقبرص، وفلسطين، وسوريا، وآسية الصغرى، وشرقي بحر إيجة وتراقية، ومقدونية. وكانت نتيجة هذه الفتوح أن أعظم الإمبراطوريات التي شهدها العالم حتى ذلك الوقت قد وسعت رقعتها أكثر مما يجب عليها أن توسعها، حتى ضمت إليها فاتحيها في المستقبل وأيقظتهم من سباتهم، ولم يبق من الأمم الكبرى في خارج هذا النظام الشامل من نظم الحكم والتجارة إلا أمة واحدة هي أمة اليونان، التي لم يكد دارا يسمع شيئاً عنها خارج أيونيا قبل عام 510 ق.م؛ وقد سأل مرة عن "الأثينيين - من هم؟". وحدث في عام 605 أن قامت ثورة في أثينة انتهت بخلع الطاغية هيباس، ففر إلى المرزبان الفارسي في سرديس وتوسل إليه أن يعينه على استرداد سلطانه، وعرض عليه إذا استرده أن يتولى حكم أتكا من قبل الفرس.[5]

وكان ذلك إغراءً قوياً زاده قوة تحرش مؤقت. ذلك أن المدن اليونانية التي ظلت خاضعة لسلطان الفرس نحو خمسين عاماً ثارت فجأة على ولاتها من قبل الفرس، وطردتهم منها وأعلنت استقلالها. وذهب أرستجراس الميليتي إلى إسبرطة يستمد منها العون، ولكنه لم يفلح في بغيته، فجاء إلى أثينة، وهي المدينة الأصلية التي نشأ منها كثير من المدن الأيونية، ومازال يلح عليها حتى أقنعها بأن ترسل عمارة بحرية مؤلفة من عشرين سفينة لمساعدة الثوار. وكان الأيونيون في هذه الأثناء يعملون بعنف وبغير نظام هما من خصائص اليونان في كل زمان ومكان، فكانت كل مدينة ثائرة تجيش جيوشها ولكنها تستبقيا تحت قيادة مستقلة. وزحف الجيش الميليتي، ولدى قيادته من الشجاعة أكثر مما لديها من الحكمة، حتى وصل إلى سرديس، وأحرق المدينة العظيمة ودكها دكاً. ونظم الحلف الأيوني أسطولاً متحداً، ولكن سفن ساموس عقدت صلحاً سرياً منفرداً مع المرزبان الفارسي، فلما أن التقت العمارة البحرية الفارسية بالعمارة الأيونية عند لادى في عام 494، ودارت بينهما معركة من أشد المعارك البحرية في التاريخ، انسحبت سفن ساموس الخمسون دون أن تشترك في القتال، وحذت حذوها كثير من أقسام الأسطول الأيوني. وهزم الأيونيون هزيمة منكرة، ولم تفق الحضارة الأيونية بعدئذ إفاقة كاملة من هذه الكارثة المادية والروحية. وحاصر الفرس ميليتس، واستولوا عليها، وقتلوا رجالها، وسبوا نساءها وأطفالها، وأعملوا فيها السلب والنهب حتى صارت منذ ذلك اليوم بلدة قليلة الشأن. وبسطو سلطانهم مرة أخرى على أيونيا، وغضب دارا لتدخل أثينة في شئون ملكه، فصمم على فتح بلاد اليونان، وألفت أثينة الصغيرة نفسها، جزاء لها على مساعدتها الكريمة لبناتها من المدن الأيونية، وجهاً لوجه أمام إمبراطورية أكبر مائة مرة من أتكا.

وفي عام 491 خاض أسطول فارسي قوامه ستمائة سفينة بقيادة داتيس Datis عباب بحر إيجة من جزيرة ساموس، ووقف في طريقه ليخضع جزائر سكلديس، ووصل إلى ساحل عوبية يحمل مائتي ألف محارب. واستسلمت عوبية بعد مقاومة قصيرة عبر الفرس بعدها الخليج الذي يفصلها عن أتكا، وعسكر هؤلاء الجنود عند مرثون لأن هبياس قد نصحهم بأن في وسعهم أن يستخدموا في هذا السهل فرسانهم، وهم من هذه الناحية يفوقون اليونان كثيراً.

واضطربت بلاد اليونان أشد الاضطراب لهذه الأنباء، ذلك أن الجيوش الفارسية لم تكن قد غلبت قط قبل هذا الغزو، ولم تكن أمة من الأمم قد استطاعت أن تصد زحف جيوش الإمبراطورية. فهل في مقدور أمة ضعيفة مشتتة، لم تألف من قبل الاتحاد لغرض عام، أن تقف في وجه تيار الغزو الجارف؟ وترددت دول اليونان الشمالية في الوقوف في وجه هذه الجيوش الجرارة، واستعدت إسبارطة استعداداً يشوبه كثير من التردد، وأجازت للخرافات أن تؤخر التعبئة العامة؛ أما بلاتية الصغيرة فلم تتوان عن العمل السريع وبعثت بقسم كبير من أهلها يستحثون السير إلى مرثون. وحرر ملتيادس العبيد في أثينة وضمهم إلى الجيش مع الأحرار، وزحف بهم إلى ميدان القتال من فوق الجبال. ولما التقى الأعداء كان عدد الجيش اليوناني حوالي عشرين ألف مقاتل، أما جيوش الفرس فكانت عدتها في أغلب الظن حوالي مائة ألف. ولم يكن الفرس تعوزهم الشجاعة، ولكنهم كانوا يألفون أن يحاربوا فرادي، ولم يكونوا مدربين على أساليب اليونان في الدفاع والهجوم الجماعيين بصفوفهم المتراصة. وجمع اليونان بين النظام والشجاعة. وقد نجوا من الهزيمة الماحقة بالمثل الذي ضربه لهم أرستيديس Aristides إذ نزل عن القيادة لملتيادس، وإن كانوا قد ارتكبوا ذلك الخطأ الشنيع الدال على الحمق وهو توزيع القيادة العليا بين عشرة قواد يتولاها كل واحد يوماً. واستطاعت القوة اليونانية الصغيرة بفضل حنكة هذا الجندي القوي الخشن الطباع أن توقع بالجحافل الفارسية الجرارة هزيمة منكرة. ولم تكن هذه المعركة من معارك التاريخ الفاصلة فحسب، بل كانت فوق ذلك من أعظم الانتصارات التي لا يصدقها العقل. وإذا جاز لنا أن نأخذ بأقوال اليونان عنها، فإن الفرس قد خسروا في ماراثون 6,400 من رجالهم، ولم يخسر اليونان إلا 192. ووصل الإسبارطيون إلى الميدان بعد انتهاء المعركة، وندموا على تباطؤهم، وأثنوا على الفائزين.[6]


التبعات

 
هوپليت يوناني ومحارب فارسي في القتال. القرن الخامس ق.م.


الأهمية

انظر أيضاً

هناك كتاب ، الغزو الفارسي الاول لليونان، في معرفة الكتب.


المصادر

  1. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة VI44
  2. ^ Joseph Roisman,Ian Worthington. "A companion to Ancient Macedonia" John Wiley & Sons, 2011. ISBN 144435163X pp 343
  3. ^ Ehrenberg, Victor (2011). From Solon to Socrates: Greek History and Civilization During the 6th and 5th Centuries BC (3 ed.). Abingdon, England: Routledge. pp. 99–100. ISBN 978-0-41558487-6.
  4. ^ Joseph Roisman,Ian Worthington. "A companion to Ancient Macedonia" John Wiley & Sons, 2011. ISBN 144435163X pp 135-138
  5. ^ ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.
  6. ^ ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.

المراجع

مراجع قديمة


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مراجع حديثة

  • Green, Peter (1996). The Greco-Persian Wars. University of California Press. ISBN 0-520-20313-5.
  • Holland, Tom (2006). Persian Fire: The First World Empire and the Battle for the West. Abacus. ISBN 0-385-51311-9.
  • Lazenby, JF. The Defence of Greece 490–479 BC. Aris & Phillips Ltd., 1993 (ISBN 0-85668-591-7)
  • Lloyd, Alan. Marathon:The Crucial Battle That Created Western Democracy. Souvenir Press, 2004. (ISBN 0-285-63688-X)
  • Davis, Paul. 100 Decisive Battles. Oxford University Press, 1999. ISBN 1-57607-075-1
  • Higbie, C. The Lindian Chronicle and the Greek Creation of their Past. Oxford University Press, 2003.
  • Powell J., Blakeley D.W., Powell, T. Biographical Dictionary of Literary Influences: The Nineteenth Century, 1800-1914. Greenwood Publishing Group, 2001. ISBN 978-0-313-30422-4
  • Fuller, J.F.C. A Military History of the Western World. Funk & Wagnalls, 1954.
  • Fine, JVA. The Ancient Greeks: A Critical History. Harvard University Press, 1983 (ISBN 0-674-03314-0).
  • Fehling, D. Herodotus and His "Sources": Citation, Invention, and Narrative Art. Translated by J.G. Howie. Leeds: Francis Cairns, 1989.
  • Finley, Moses (1972). "Introduction". Thucydides – History of the Peloponnesian War (translated by Rex Warner). Penguin. ISBN 0-14-044039-9.
  • Ιστορία του Ελληνικού Έθνους (History of the Greek nation volume Β), Athens 1971
  • Kampouris, M. (2000). Η Μάχη του Μαραθώνα, το λυκαυγές της κλασσικής Ελλάδος (The battle of Marathon, the dawn of classical Greece). Πόλεμος και ιστορία (War and History magazine), no. 26, January 2000, Communications Editions, Athens.
  • Stecchini, Livio. "The Persian Wars". Retrieved 2007-10-17.

وصلات خارجية