دولة العلويين

دولة العلويين، وتعرف أيضا باسم العلويون، دولة أعلنها الانتداب الفرنسي في أعقاب الحرب العالمية الأولى. يسكنها الأغلبية الشيعية العلوية، وتقع على الشريط الساحلي لدولة سوريا المعاصرة.[1]

State of Alawites / État des Alaouites

دولة العلويين
1920–1936
علم دولة العلويين
دولة العلويين (الأخضر) أثناء الانتداب الفرنسي على سوريا.
دولة العلويين (الأخضر) أثناء الانتداب الفرنسي على سوريا.
المكانةانتداب عصبة الأمم
العاصمةاللاذقية
اللغات الشائعةالعربية، الفرنسية
الدين المذهب العلوي
حاكم 
• 1920-1921
نييجيه
• 1925-1936
هـ. شوفليه
الحقبة التاريخيةفترة ما بين الحرب
• الاحتلال الفرنسي
1918
• تأسست
2 سبتمبر 1920
• إعلان الدولة
29 سبتمبر، 1923
• سميت دولة العلويين
1 يناير، 1925
• سميت سنجق اللاذقية
22 سبتمبر، 1930
• انحلت
5 ديسمبر 1936
سبقها
تلاها
الدولة العثمانية
سوريا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التاريخ

بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية في نهاية الحرب العالمية الأولى تم تقسيم أراضي الإمبراطورية في الشرق الأوسط. احتلت فرنسا سوريا في عام 1918، وأعطتها عصبة الأمم أراضي العلويين في 2 سبتمبر، 1920. في البداية كانت منطقة حكم ذاتي تحت الحكم الفرنسي، لكن في 1 يوليو 1922 تم ضمها إلى سوريا الفرنسية.

في 29 سبتمبر، 1923، أعلنت الدولة وعاصمتها مدينة اللاذقية، في 1 يناير 1925 أعلنت رسميا تحت اسم دولة العلويين.

في 22 سبتمبر، 1930، أعيد تسميتها باسم سنجق اللاذقية. وصل عدد سكانها في ذلك الوقت 278.000 نسمة.

في 5 ديسمبر 1936 (فعليا في 1937)، تم ضمها بالكامل إلى سوريا.

 
طابع سوري مطبوع عليه اسم دولة العلويين


الحكام الفرنسيون

  • 2 سبتمبر 1920 - 192. Niéger
  • 192. - 1 يونيو 1922 Gaston Henri Gustave Billotte (و. 1875 - ت. 1940)
  • 1 يناير 1925 - 1925 Léon Henri Charles Cayla (و. 1881 - ت. 1965)
  • 1925 - 5 ديسمبر 1936 H. Schoeffler

دراسة: العلويون ودولتهم

موقف العلويين من الدولة العلويّة بُعيد الاحتلال الفرنسي للساحل الشمالي لولاية بيروت ومن ثمّ احتلالهم لدمشق في تموز 1920 كان مقسوماً بين مؤيد عن قناعة (وهم الأقليّة) ومعارض شرس (وهم الأكثرية) لتلك الدولة, وغني عن البيان أن بسطاء العلويين وهم الأكثرية الساحقة لم يكن لهم دخل بما يجري بحكم وجود زعماء للعشائر يحتكرون الحقل العام، فضلاً عن عاملي الجهل والفقر الذي كان محيقاً بغالبية العلويين.

والوثائق التي اطلعتُ عليها تفيد أن المؤيدين والمعارضين للدولة العلوية لم يكونوا حكراً على وجهاء العلويين وزعماء عشائرهم, بل كان فيهم الوجيه السُنّي والمسيحي كذلك, فعلى سبيل المثال تجد في برقيات أعوام 1924- 1926- 1928, في أرشيف وزارة الخارجية الفرنسية - مجلد رقم 492 (ميكرو فيلم) رغبة مرفوعة إلى الجنرال فيجان عن طريق حاكم الدولة العلوية, بعض ما أتى فيها: "إن التنظيم المزمع إجراؤه في الدولة العلوية وفي الدولة السورية, لدليل قاطع على المثابرة والاهتمام الذين أوليتموهما, وأولتهما سلطات الانتداب, للبلاد التي نمثلها حتى تصل إلى الاستقلال الذي أعلنتموه والذي ما كنا لنصل إليه بدون جهودكم.. لكي يرسي دعائم النظام الجديد ويكمل الأعمال العظيمة التي بدأتموها لخير وتطور دولتنا", والموقعون على هذه الوثيقة (الرغبة) هم: جابر العباس (علوي، رئيس المجلس التمثيلي)، وديع سعادة (مسيحي، نائب رئيس المجلس التمثيلي)، مجد الدين الأزهري (سني، سكرتير)، وصدّيق إلياس (مسيحي، سكرتير)، ومنهم أسماء أخرى ليس كل أصحابها علويين مثل نقولا بشور (مسيحي أرثوذكس, من صافيتا) وعبد القادر تحوف (سُنّي من مدينة بانياسشهاب عبد الرازق (سُنّي).

أكثر من ذلك نجد أن العام الذي تأسست فيه الدولة العلويّة 1925 سيكون فيها ممثلين بارزين عن السُنّة منهم عبد القادر شريتح (سُنّي من وجهاء اللاذقية) ومجد الدين الأزهري (سُنّي من وجهاء اللاذقية) وعن الأرثوذكس إسحاق نصري ونقولا بشور وعن الكاثوليك صدّيق إلياس وعن الإسماعيليين حسن حاج إبراهيم. ما يفيد بأنه ليس فقط بعض وجهاء العلويين أراد تلك الدولة التي باتت الشغل الشاغل لمثقفي ثوار حلف الناتو.

ومن الملاحظ أنه في سنة 1923 كان الكثير من وجهاء المسيحيين والسُنّة القاطنين في الساحل السوري يرفضون قيام الاتحاد الفيدرالي مع سوريا واصفين إياه بكونه عملية "ضم" والتعبير هنا صحيح بحسب السياق التاريخي الذي أتى به, والوجهاء ذاتهم سيعارضون في وقت لاحق وبشراسة فكرة الاستقلال الذاتي (الرفض بدأ عملياً أواسط عام 1936, وكانت تغيرت الظروف الموضوعية والدولية وربما الشخصية لأولئك الرافضين كما أعتقد)، وتقلبهم في مواقفهم هذه سببه تغيّر المصالح لا أكثر ولا أقل وفق ما يرى بعض المؤرخين, فبعض آل الكنج والعباس (من زعماء العلويين سابقاً) كانوا مع الدولة العلويّة ووجودها لفترات طويلة، لا بل أن أحد أفراد عائلة العباس كان رئيساً عليها، وعندما انتهت صلاحيتهم لدى الفرنسيين صاروا يعارضون وجودها، أقصد هنا آل العباس, في حين أصرّ ابراهيم الكنج الضم إلى لبنان عوضاً عن دمشق إن كان لابدّ منه.

وفي سنوات قادمة (أعني عام 1936م) سيُعارض وجودها – الدولة العلوية - بعض من ساهم في بنائها مثل نقولا بشور وعبد القادر شريتح ومجد الدين الأزهري وصدّيق إلياس وآل العباس.. الخ.

انطلاقاً مما سلف يمكننا أن نسأل ببراءة: هل كانت تلك الدولة علويّة حقاً كما يزعم المغرضون, وهل بعض العلويين فقط من ساهم بتكوينها وتأسيسها؟! أترك الحكم للقارئ ونزاهته.

بالعودة إلى أن الساحل (السوري) لم يكن يتبع للدولة السوريّة, نجد مصداق هذا راهناً من خلال اعتبار الاحتلال الفرنسي لسوريا – من وجهة النظر الرسمية للدولة السوريّة بالأمس وراهناً - يبدأ في 24 تموز 1920 أي يوم سقوط ميسلون واستشهاد القائد يوسف العظمة ودخول الجنرال غورو إلى دمشق؛ وحتى اللحظة لا تعتبر الجمهورية العربية السورية إن الاحتلال الفرنسي لسوريا بدأ رسمياً عام 1918، ولعل فيما ذكرته أعلاه عن حقيقة إن الساحل كان ملحقاً – في الحد الأدنى إدارياً - بولاية بيروت يوضح السبب! حتى إن إحدى برقيات "الاستقلاليين" إلى وزير خارجية فرنسا عام 1936 تشير صراحة إلى إن الساحل كان يتبع لولاية بيروت التي كانت تضم سناجق اللاذقية وطرابلس (شمالاً) وعكا ونابلس (جنوباً), إضافة إلى قولها أن "ليس هناك ما يجمعنا، فطرق التربية في المنزل والمدرسة والعادات القومية والأهداف الاجتماعية مختلفة بيننا وبين السُنّة كل الاختلاف.. "، ولا أستطيع أن أذكر كل ما أتى في تلك البرقية لاعتقادي بأن الوعي السوري لم يرتق بعد لاستيعاب مضامينها, وكان من الموقعين عليها أمين ملحم رسلان وصدّيق إلياس ومحيي الدين أحمد وابراهيم الكنج (رئيس المجلس النيابي) ووديع سعادة (نائب رئيس المجلس النيابي) ومحمد سليمان الأحمد (بدوي الجبل، ومن سخريات القدر إن اسمه بات أحد الرموز الوطنية لدى المعارضات السوريّة) ومحمد جنيد ويوسف الحامد.. الخ (مع التأكيد بعدم وجود أي شخصيّة سُنيّة وقعت عليها) بالرغم من وجود شخصيّات سُنيّة وعلويّة (أخرى) ومسيحية كانت تدعمها وترغبها في الخفاء, لكن باعتبار أن المُعطى التاريخي تغير صعُب على تلك الشخصيات الإفصاح عن رغبتها كما كانت قد فعلت قبل مايزيد عن العقد من الزمن.

قبالة تلك البرقية "الاستقلالية" صدرت برقية مُضادة تطالب بالانضمام إلى دمشق ذلك في الثاني من تموز 1936, هذه البرقية يتناساها ثوار حلف الناتو ومثقفيهم لغاية في نفوسهم, بعض ما أتى فيها: "يجابهوننا بحجة أن معظم سكان الإقليم علويو المذهب, فمن جهة لا يمكن اعتبار الديانات قاعدة لتكوين الشعوب, ومن جهة ثانية فالعلويون مسلمون كما إن الإغريق الأرثوذكس والبروتستانت مسيحيون؛ أفلا يوجد في المدن السورية أعداداً كبيرة من أتباع مختلف الديانات التي تمارس شعائرها في هذا البلد؟ .. ولماذا لا يفكر المسيحيون المجتمعون في بعض المناطق السورية في طلب الانضمام إلى لبنان حيث يشكل أبناء دينهم أكثرية؟... ", ومن تلك الشخصيات العلوية التي وقعت عليها : أمين رسلان (في برقية سابقة كان مع "الاستقلاليين") وعلي ملحم رسلان ومنير عباس وإسماعيل هواش (والد عزيز بك هواش، وهو استقلالي) والشيخ الثائر صالح العلي ويونس حمدان وأحمد ديب الخيّر وعلي سليمان الأسد وعلي سليمان الأحمد الأخ غير الشقيق لبدوي الجبل وعبد اللطيف اليونس وشوكت عباس ومحمد علي حلوم والدكتور وجيه محيي الدين وصالح ناصر زوبار.. الخ, ومن الشخصيات المسيحية والسنية: نقولا بشور (سبق أن كان استقلالياً ونائب رئيس مجلس تمثيلي/نيابي في دولة العلويين) وعزيز عرنوق واسبر الطيار والدكتور اسكندر بشور ورفيق بيطار وابراهيم خوري والأب موسى ديب، وعبد الواحد هارون (نائب سابق في البرلمان العثماني) ومجد الدين الأزهري (سبق أن كان استقلالياً كما أظهرنا) ومحمود عبد الرازق (من وجهاء سُنّة طرطوس ورموزها) وعبد القادر شريتح (كان استقلاليا فيما سبق كما أسلفنا)... الخ.. هذه الوثيقة المطالبة بالوحدة السورية والانضمام إلى دمشق وقّعت عليها 79 شخصيّة اعتبارية منها 56 شخصيّة علوية بارزة واللافت أن أغلبهم رجال دين.

كما وصلت برقية من علويي المهجر الأرجنتيني في 22 حزيران 1936 باسم "الجمعية العلوية المسلمة الممثلة لعلويي الأرجنتين" تطالب بالوحدة مع سوريا الوطن الأم بحسب تعبير البرقية.

ليس من الصعب معرفة لم لا يرى ثوار الناتو تلك البرقيات المطالبة بالانضمام إلى دمشق والاندماج بسوريا قبالة تشبثهم بسقط المتاع - "الدولة العلوية" - الذي كان وجهها الأبرز الشاعر بدوي الجبل سكرتير الملك فيصل، والغريب في الأمر أنهم لا يذكرون لسبب نجهله أن شاعر "الملك" فيصل وسكرتيره هو من كان "دينمو" الحركة "الاستقلالية" في كل مراحل هاتيك الحقبة!

في الحالات كافة لم تكن وثائق "الاستقلال" عن دمشق حكراً على بعض العلويين والسُنّة والمسيحيين في الساحل (السوري), فقد رفع بتاريخ 30 حزيران 1936 شبيهها بعض دروز جبل العرب ومن جملة ما أتى في وثيقتهم : "يطلب الشعب الدرزي بإصرار بالاحتفاظ باستقلاله الذي تمتع به منذ فجر التاريخ والذي دفع ثمنه من دماء شهدائه.. هذا الاستقلال الذي أقرّ واعترف به أكثر ممثلي حكومتكم العظيمة كفاءة وأعلاهم شأناً.. يأبى كل أفراد الشعب الدرزي الانضمام إلى سوريا ويرفضون فكرة إلحاق جبل الدروز بالدولة السورية.. لن ينجم عن ضم جبل الدروز إلى الاتحاد السوري غير المذابح وصدامات دامية تعيد إلى الذاكرة المآسي التي حدثت للآشوريين – الكلدانيين في العراق (إحدى رسائل بدوي الجبل المطالبة باستقلال العلويين تُذكّر بمجازر الآشوريين في العراق أيضاً) والأرمن في تركيا.." وقد وقع على تلك العريضة 67 شخصية درزية منها سلمان حاطوم وفوزي الأطرش.. الخ؛ وبدهي أن وثيقة مضادة لوثيقة "استقلاليي" الدروز صدرت من جبل العرب طالب موقعوها انضمام الجبل والدروز إلى دمشق والدولة السورية, كان في قائمة الموقعين عليها شخصيات عدة من آل الأطرش وسواهم.

وتأكيداً لقولي أن تلك الدولة كانت علويّة بالاسم فقط, يكفي أن أذكر أنه كان من الممنوع على العلوي أن يصبح ضابطاً فيها, فإذا ما أخذنا مثالاً نصاب "الكوكبة الحادية والخمسون للحراسة المتجولة" سنجد أنها مؤلفة من ضابط سُنّي وثلاثين فارساً سُنيّاً وثلاثة وخمسين فارساً علوياً أو اسماعيلياً، أما الدرك الواقع تحت إمرة ضابط فرنسي فيضم 240 جندياً منهم 12 ضابطاً (7 سُنّة و5 مسيحيين)، و228 من الدركيين والرتباء (100 سُنّة, 70 علوياً, 58 مسيحياً)، والأمر نفسه بخصوص البلدية وشرطتها.

وطبيعي أن العلاقة كانت تكاد لا تذكر بين مجتمع المدينة ذي الغالبية السُنيّة والمسيحية ومجتمع الريف ذي الغالبية العلوية, فمشاعر الاحتقار (على أسس طبقية وطائفية) والحيطة والحذر وعدم تفهم الآخر كانت دائماً هي السمة القائمة في العلاقات بينهما, وهذه النقطة نادراً ما عالجها دعاة "الإصلاح" و"مثقفو" الناتو ووكلاءه في سوريا وكتّاب التاريخ في وطننا الحبيب، كما يتجاهلون ما يُسمى بالسياق التاريخي للحالة التي يدرسونها أو يكتبون عنها.. إذ تراهم يعالجونها بعيون الحاضر وهذه منتهى السقاطة الأخلاقية والعلمية والمهنية.

قبل الاستطراد لابأس أن نذكر بعض أسماء الشخصيات التي قبلت أوسمة من المحتل الفرنسي, في عام 1920 منحت فرنسا وسام ضابط بجوقة الشرف لكل من نورس كيلاني (سُني, متصرف في حماه), ولعلي بدور (علوي من ريف اللاذقية), ولإبراهيم الكنج (رئيس المجلس التمثيلي لدولة العلويين), ولمحمد عجان (قاضي سُنّي من مدينة اللاذقية), ولسعيد رضا (طبيب سُني من دمشق), ولحقي العظم (حاكم دولة دمشق, بالتأكيد ليس علويّاً), الأسماء الواردة مثالاً وليست حصراً, كما توجد شخصيات مسيحية لبنانية وسوريّة أسقطناها للاختصار.

أما في نيسان من عام 1924 فسيناله – الوسام ذاته - من الشخصيّات السُنية علاء الدين الدروبي وعبد الرحمن الباشا, ومن الشخصيات الدرزية فارس وتوفيق الأطرش ... وفي أيلول من العام نفسه سينال هذا "الشرف" محمد علي العابد (رئيس دولة دمشق.

لغاية أكثر من خبيثة في نفس كل من يكتب عن الدولة العلويّة, تجدهم يغضّون النظر عن تخلي الكتلة الوطنية بسهولة مفرطة عن مطالبتها بعودة لبنان إلى سوريا, أو على الأقل الأقضية الأربعة التي ألحقت به, مع أن تكوينه كدولة أتى بالتزامن مع الدولة العلوية... ترى ألم يكن موضوع لبنان والأقضية الأربعة يستحقان ولو جزءاً من الهياج والصياح الذي رافق قيام دولة للعلويين؟! وفعلاً, أليس إغفال الكتلويين (الكتلة الوطنية) خلال مباحثات عام 1936 مجرد الخوض في موضوع لبنان مثيراً للدهشة وللتساؤل؟

ربما إذا عرفنا إن جميل مردم بك ولطفي الحفار المتهمان بالضلوع باغتيال الدكتور والمفكر عبد الرحمن الشهبندر 20 تشرين الأول 1940 (وهما من الشخصيات السياسية البارزة التي تغيّبت عن حضور الاحتفال بذكرى ابراهيم هنانو 1941 مع آخرين من قبيل شكري القوتلي وفارس الخوري من دمشق ورشدي الكيخيا وعبد الرحمن الكيالي من حلب اضافة الى آخرين), سنعرف حينئذ إن أمثال هؤلاء الساسة (مردم بك والحفار.. الخ) لايعنهم الوطن ولا مستقبل أبنائه، فشخصيات كهذه تارة تقتل زعيماً ومفكراً (الشهبندر) ومرة تغيب عن حفل ذكرى مجاهد من وزن هنانو لن يوجد لديها رادع أخلاقي ووطني كي تتنازل عن لبنان طوعاً باعتبار أن نسبة المسيحيين فيه (كانت) مرتفعة, وبهذا يرتاحون من "شوية" مسيحية كما ارتاحوا لاحقاً من "شوية" علوية في اسكندرون كما سنوضّح فيما هو آت.

من المعيب أن يذكر لنا التاريخ هؤلاء الساقطين باعتبارهم شخصيات وطنية ! نعم, يحق فقط لمثقفي وثوار حلف الناتو الفخر بمثل أولئك الساسة! حتى أن كاظم الصلح الذي كتب في تلك الفترة كتابه الشهير "الاتصال والانفصال", وكان محسوباً قبل انفصال لبنان على الزعامات الوطنية السوريّة, بارك إنشاء دولة لبنان باعتبار أن لا مستقبل سياسي له ولعائلته في ظل وجود شكري القوتلي ومردم بك وبقية مافيات ذلك الزمن, لكن بمقدور عائلته أن تبرز وتحكم في لبنان إذا ما كان دولة مستقلة, وهذا ما حصل فعلاً.

قلّة يعرفون أن مسألة سلخ لواء اسكندرون كانت مؤامرة "وطنية", أكثر ما كان هبة من فرنسا لتركيا كي لا تقف الأخيرة مع ألمانية في الحرب العالمية الثانية كما ذكر الكثير من الدارسين والباحثين وكما يكرر ميشيل كيلو في "ملحمته", وقد سبق لكاتب هذه السطور أن نشر وثائق خاصة في هذا الشأن في كتاب " هويتي.. من أكون؟!.. في الطائفيّة والاثنيّة السوريتين" توضّح كيف لعب أعضاء الكتلة الوطنية دوراً بالغ القذارة في التخلي عن لواء اسكندرون. قذارة أذهلت فوزي القاوقجي. ونذكر هنا أن جميل مردم بك أعلن صراحة لبعض مريديه إنه لا يريد لواء إسكندرون كي يرتاح من "شوية" علوية, وفق تعبيره, كما كان قد أخبرني الشاعر الراحل نديم محمد (للمزيد من المعلومات في هذا الجانب راجع من لطفك كتاب "هويتي.. من أكون؟

لماذا تشبثت الكتلة الوطنية بالساحل بعد أن فرطت بلبنان وحيفا؟

كان ميناء تجار حلب كائن في لواء اسكندرون فالأخيرة كانت تتبع حلب، بعد سلخ اللواء تحوّل ميناء حلب إلى اللاذقية؛ فيما كان ميناء تجار دمشق في حيفا؛ وبعد أن أهدى الانكليز وبعض عربان الأمس الشبيهين بعربان اليوم بعض فلسطين ومن ضمنها حيفا إلى الصهاينة التي لم تكن قد قامت دولتهم بعد, أراد أولئك التجار مرفأ عوضاً عن حيفا, واعتقادي أن هذا هو السبب الرئيسي للضجيج الذي رافق قيام دولة العلويين وللضجيج الذي يفتعله البعض من حين لآخر علماً أن غالبية العلويين بحسب معرفتي لا تفكّر بمثل هذا التفكير, وأثبتوا أنهم تجاوزوه واندمجوا أكثر من سواهم بدولتهم السوريّة.

سليمان المرشد وموقفه من الدولة العلوية وأحداث 1946

يتطرق ميشيل كيلو إلى أحداث 1945 (لعله يقصد 1946, فلم تسعفه الذاكرة) ويكررها مرتين دون أي إيضاح منه, وذلك في "تذاك" من قبله وفق ظنه يرمي به اتقاء غضب محتمل من قبل أتباع الراحل سليمان المرشد (المعروفون بالمرشديين أو المراشدة)... أياً يكن الأمر هو يقصد بها الأحداث المؤسفة التي وقعت بين الشيخ سليمان المرشد والحكومة السورية سنتذاك, وقد كان المرشد نائباً في البرلمان السوري ومع ذلك ألزمه سعد الله الجابري الإقامة الجبرية في دمشق دون أي اعتبار لحصانته النيابية, كما كذب عليه وزير الداخلية صبري العسلي عندما وعده بأنه لن يعدم, وربما قبض العسلي ثمن وعده تنكة ذهب (سيحدثني الأديب الراحل عادل أبو شنب أنه سمع المرشد يقول للعسلي بعد حنثه بوعده له: "ياحيف ع الرجال").. عندما قام المرشد بعصيان مسلح (لم يعد يتسع المجال لذكر أسبابه ودوافعه) لم تتقاعس الدولة "الوطنية" عن ممارسة دورها، وأدخلت بعض الجيش مع الدرك لقمع ذلك العصيان في أنحاء جوبة برغال على مقربة من قضاء الحفة في جبال اللاذقية، وقد تم إعدام المرشد على خلفية تلك الأحداث!

وعلى سيرة سليمان المرشد, كان شأنه شأن بدوي الجبل وشخصيات علويّة أخرى تعد على أصابع اليد الواحدة, يطالب بالدولة العلويّة, فبحسب إحدى الوثائق "استند المخطط الفرنسي في حمل (سليمان) المرشد على الثورة والتمرد إلى فرضية كوّنها بنفسه ومفادها: إن كل حركة انفصالية في العلويين تماثل حركات القوميات الكردية والأرمنية ويمكن أن تشكل نقطة ارتكاز لفرنسا تسمح لها بإيجاد مساحة لنشاطها في الشرق الأوسط" (حرب 1939- 1945, ملف 1002 رؤى حول المشكلة العلويّة, الصفحات 134- 135, قسم C\PA2R 11 سبتمبر 1944- ملف صنّف "سري للغاية، لا يطلع عليه الحلفاء).

طوابع بريد


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

انظر أيضا

المصادر

مراجع

  • "عن العلويين ودولتهم المستقلة"- محمد هواش
  • "المسلمون العلويون"- منير الشريف
  • "الأسد والصراع على الشرق الأوسط"- باتريك سيل
  • "تاريخ سوريا المعاصر"- كمال ديب
  • "ولاية بيروت"- محمد رفيق بك, محمد بهجت بك
  • "النهضة والأطراف"- د. إياس حسن

وصلات خارجية