البوذية

(تم التحويل من الديانة البوذية)

البوذية Buddhism، هي ديانة غير ألوهية وهي رابع أكبر الديانات في العالم، تم تأسيسها عن طريق التعاليم التي تركها بوذا 'المتيقظ". نشأت البوذية في شمالي الهند وتدريجياً انتشرت في أنحاء آسيا، التبت فسريلانكا، ثم إلى الصين، منغوليا، كوريا، فاليابان.

تمثال بوذا. واحد من أول التماثيل المعروفة لبوذا، القرن 1-2 ق.م، گندهارا (أفغانستان المعاصرة).

جزء من سلسلة عن
البوذية

Lotus-buddha.svg

تاريخ البوذية

خط زمني للبوذية
المجالس البوذية

الأسس

الحقائق النبيلة الأربع
السبيل الثماني النبيل
Buddhist Precepts
نرڤانا · الجواهر الثلاث

المفاهيم الأساسية

علامات الوجود الثلاثة
سكاندا · Cosmology
سمسارا · اعادة الميلاد · دارما
Dependent Origination · كارما

الشخصيات الرئيسية

گاوتاما بوذا
الحواريون · البوذيون اللاحقون

الطقوس والبلوغ

البوذوية · بوذي‌ساتڤا
المراحل الأربعة للاستنارة
پاراميتا · التأمل · Laity

المناطق

جنوب شرق آسيا · شرق آسيا
الهند · سري لانكا · التبت
بوتان · البلدان الغربية

الأفرع

ثراڤادا · ماهايانا
ڤاجرايانا · المدارس المبكرة
Pre-sectarian Buddhism

النصوص

شريعة پالي · سوترات الماهايانا
الشريعة التبتية

دراسات مقارنة
الثقافة · قائمة الموضوعات
بوابة: البوذية

Dharma wheel.png

 ع  ن  ت
تمثال بوذا الكبير في كاماكورا، اليابان

تتمحور العقيدة البوذية حول 3 أمور (الجواهر الثلاث): أولها، الإيمان ببوذا كمعلّم مستنير للعقيدة البوذية، ثانيها، الإيمان بـ "دارما"، وهي تعاليم بوذا وتسمّى هذه التعاليم بالحقيقة، ثالثها وآخرها، المجتمع البوذي. تعني كلمة بوذا بلغة بالي الهندية القديمة، "الرجل المتيقّظ" (وتترجم أحيانا بكلمة المستنير). تجدر الإشارة إلى ان اللفظ الأصلي لمؤسس الديانة البوذية (بوذا) هو "بودا"، بالدّال، وليس بالذال.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مقدمة

 
العلم الدولي للبوذية

كانت البوذية في الأصل حركة رُهبانية نشأت داخل التقاليد البراهمانية، تحولت عن مسارها عندما قام بوذا بإنكار المبادئ الأساسية في الفلسفة الهندوسية، بالإضافة إلى رفضه وِصاية السُلطة الكَهنوتية، كما لم يرد أن يعترف بأهلِية كتابات الفيدا، وكذا مظاهر وطقوس عبادة الآلِهات التي كانت تقوم عليها. كانت التعاليم الجديدة التي بشر بها موجهة للرجال والنساء و إلى كل الطبقات الاجتماعية بدون استثناء. كان بوذا يرفض المبدأ القائل بأن القيمة الروحية للإنسان تتَحدَد عند ولادته (نظام الطبقات الاجتماعية الهندوسي). تتواجد البوذية اليوم في صورتين: العقيدة الأصلية المسماة "ثيرافادا" (أو "هينايانا") ومعناها "العربة الصغيرة"، ثم الـ"ماهايانا" أو "العربة الكبيرة".Hindduism

انتشرت البوذية في بلدان عديدة: الهند، سريلانكا، تايلاند، كمبوديا، برمانيا، لاوُس، ويسود مذهب "ثراڤادا" في هذه الدول، فيما انتشر مذهب "مهايانا" في كل من الصين، اليابان، تايوان، التبت، النيبال، منغوليا، كوريا، فيتنام، وبعض الأجزاء من الهند. يتواجد في العالم حوالي 150 مليون إلى 300 مليون شخص من معتنقي هذه الديانة. تعتبر عملية إحصاء عدد المنتسبين لهذه الديانة في البلدان الآسيوية مشكلة عويصة نظرا لتعوُد الناس على اعتناق خليط من المعتقدات في آن واحد، كما أن بعض البلدان مثل الصين تمنع إجراء مثل هذه الإحصاءات نظرا لحساسية الموضوع الديني.


العقيدة الأصلية

 
الدعوة البوذية في وقت الامبراطور أشوكا الأكبر (260–218 ق.م.).

الأصول الأولى للبوذية

إن أولى المعلومات عن حياة بوذا لا تعدو كونها مجرد آثار شفوية متناثرة، لم تظهر أولى الترجمات الكاملة لحياته إلا بعد وفاته بقرون، غير أن المؤرخون يُجمعون على أن تاريخ مولده كان في منتصف القرن السادس قبل الميلاد.

حياة بوذا

 
گوتاما يغادر منزله. المغادرة الكبرى، ح. القرن الأول أو الثاني الميلادي. متحف گيميه

ولد بوذا واسمه الحقيقي "سيدارتا گاوثاما"، في "كايبافاستو"، على الحدود الفاصلة بين الهند ونـِپال. كان والِدُه حاكما على مملكة صغيرة. تقول الأسطورة أنه وعند مولده تنبأ له بعض الحكماء بأن تكون له حياةٌ استثنائية وأن يصبح أحد اثنين، حكيما أو سُلطانا. تربَى الأمير الشاب في رعاية والده وعاش حياة باذخة وناعمة، حتى إذا بلغ سن التاسعة والعشرين، أخد يتدبر أمرهُ وتبين له كم كانت حياته فارغة ومن غير معنى. قام بترك الملذات الدنيوية، وذهب يبحث عن الطمأنينة الداخلية وحالة التيقظ (الاستنارة)، محاولا أن يخرج من دورة التناسخ (حسب التقاليد الهندوسية). قام بممارسة اليوگا لبعض السنوات، وأخضع نفسه لتمارين قاسية وكان الزهد والتقشف شعاره في هذه المرحلة من حياته.

 
ستوپا دامك في سارناث، أتر پرادش، الهند، بناه الملك أشوكا، حيث ألقى بوذا أول خطبه.
 
بوذا يبلغ الـپاري‌نرڤانا. تمثال اِكتُشِف في معبد مهاپاري‌نرڤانا في كوشي‌نگر، أتر پرادش، الهند

بعد سبع سنوات من الجُهد، تخلى "گاوثاما" عن هذه الطريقة، والتي لم تعُد تقنعه، واتبع طريقا وسطا بين الحياة الدنيوية وحياة الزُهّاد. كان يجلس تحت شجرة التين، والتي أصبحت تُعرف بشجرة الحكمة، ثم يأخذ في ممارسة التأمل، جرب حالات عديدة من التيقظ، حتى أصبح "بوذيساتفا"، أي أنه صار مؤهلا لأن يَرتقى إلى أعلى مرتبة وهي بوذا. في إحدى الليالي وبينما كان جالسا تحت شجرة التين، بلغ حالة الاستنارة، وأصبح بوذا، أي المتيقظ (أو المستنير). بعد أن بلغ أعلى درجات الحقيقية، شرع بوذا يدعو إلى مذهبه، فتنقل من قرية إلى قرية، أخذ يجمع الناس من حوله، وأسس لطائفة من الرهبان عرفت باسم "سانغا". كرس بوذا بقية حياته لتعليم الناس حقيقة دعوته.

تعاليم بوذا الأصلية

 
عجلة الحياة (سمسارا)

كانت التعاليم التي خلفها بوذا لأتباعه شفوية. لم يترك وراءه أي مصنف أو كتاب يعبر فيه عن معتقداته وآرائه. بعد وفاته قام أتباعه بتجميع هذه التعاليم ثم كتابها، وشرحها. من بين آلاف المواعظ الواردة في كتابات السوترا والتي تنسبها الآثار الهندية إلى بوذا، يصعب التفريق بين المواعظ التي ترجع إليه وتلك التي وضعها أتباعه ومُرِيديه بعد وفاته، على أنها تسمح لنا باستخلاص الخطوط العريضة التي قامت عليها العقيدة البوذية.

تقوم العقيدة الأصلية على مبدأين: يتنقل الأحياء أثناء دورة كينونتهم من حياة إلى أخرى، ومن هيئة إلى أخرى: إنسان، إله، حيوان، شخص منبوذ وغير ذلك. تتحدد طبيعة الحياة المقبلة تبعا للأعمال التي أنجزها الكائن الحي في حياته السابقة، ينبعث الذين أدوا أعمال جليلة إلى حياة أفضل، فيما يعيش الذين أدوا أعمال خبيثة حياة بائسة وشاقة. عُرف المبدأ الأول بين الهنود حتى قبل مقدم بوذا، فيما يُرجح أن يكون هو من قام بوضع المبدأ الثاني.

الحقائق الأربع النبيلة

 
Buddhist tradition records in the Milinda Panha that the 2nd century BCE Indo-Greek king Menander converted to the Buddhist faith and became an arhat.

أثناء مرحلة تبشيره الأولى، قام بوذا بتعليم أتباعه الحقائق الأربع النبيلة. وتختزل هذه الحقائق تعاليم العقيدة الأصلية.

1- أولى هذه الحقائق هي المُعاناة: الحياة الإنسانية في أساسها معاناة متواصلة، منذ لحظات الولادة الأولى وحتى الممات. كل الموجودات (الكائنات الحية والجمادات) تتكون من عناصر لها دورة حياة مُنتهية، من خصائص هذه العناصر أنها مُجردة من مفهومي الأنا الذاتي والأزلية، كما أن اتحادها الظرفي وحده فقط يمكن أن يُوحي بكينونة موحدة. تتولد الآلام والمعاناة من غياب الأنا (راجع فقرة أناتمان) وعدم استمرارية الأشياء، لذا فهي -المعاناة- ملازمة لكل دورةِ حياة، حتى حياة الآلهات (لم تتعارض البوذية الأولى مع الهندوسية وتعدد الآلهات) نفسها والمليئة بالسعادة، لابد لها أن تنتهي. بالنسبة لبوذا والذي كان يؤمن بالتصور الهندوسي لدورة الخلق والتناسخ (الانبعاث)، لا يشكل موت الإنسان راحة له وخلاصا من هذه الدورة.

2- الحقيقة الثانية عن أصل المعاناة الإنسانية: إن الانسياق وراء الشهوات، والرغبة في تلبيتها هي أصل المعاناة، تؤدي هذه الرغبات إلى الانبعاث من جديد لتذوق ملذات الدنيا مرة أخرى. تولدت هذه الرغبة نتيجة عدة عوامل إلا أن الجهل هو أصلها جميعا. إن الجهل بالطبيعية الحقيقة للأشياء ثم الانسياق وراء الملذات يُوّلِدان الجذور الثلاثة لطبيعة الشّر، وهي: الشهوانية، الحِقد والوَهم، وتنشأ من هذه الأصول كل أنواع الرذائل والأفكار الخاطئة. تدفع هذه الأحاسيس بالإنسان إلى التفاعل معها، فيقحم نفسه بالتالي في نظام دورة الخلق والتناسخ.

3- الحقيقة الثالثة عن إيقاف المعاناة: وتقول بأن الجهل والتعلق بالأشياء المادية يمكن التغلب والقضاء عليهما. يتحقق ذلك عن طريق كبح الشهوات ومن ثمة القضاء الكلي (نيرفانا) على ثمار هذه الأعمال (كارما)، والناتجة عن الأصول الثلاثة لطبيعة الشر. وحتى تتحقق العملية لا بد من الاستعانة بالقديسين البوذيين من الدرجات العليا، وحتى ببوذا نفسه، والذي يواصل العيش في حالة من السكينة التي لا يعكر صفوها طارئ.

4- الحقيقة الرابعة عن الطريق الذي يؤدي إلى إيقاف المعاناة: ويتألف الطريق من ثمان مراحل، ويسمى بالدَرْب الثُماني النبيل، تمتد على طول هذا الطريق ثمان فضائل:

  • الفهم السوي،
  • التفكير السوي،
  • القول السوي،
  • الفعل السوي،
  • الارتزاق السوي،
  • الجهد السوي،
  • الانتباه السوي
  • وأخيرا التركيز السوي.

توزع هذه الفضائل إلى ثلاث أقسام: الفضيلة، الحكمة والتأمل. ويتم الوصول إلى كل واحد منها عن طريق وسائل مختلفة. أول هذه الوسائل هي اتباع سلوكيات أخلاقية صارمة، والامتناع عن العديد من الملذات. تهدف الوسائل الأخرى إلى التغلب على الجهل، عن طريق التمعن الدقيق في حقيقة الأشياء، ثم إزالة الرغبات عن طريق تهدئة النفس وكبح الشهوات، وهي -أي الوسائل- تشتمل على عدة تمارين نفسانية، من أهمها ممارسة التأمل (ذيانا)، لفترة طويلة كل يوم. عن طريق إعمال العقل في جملة من الأفكار أو الصور، وتثبيتها في الذهن، يمكن شيئا فشيئا أن يتحول العقل ويقتنع بحقيقة العقائد المختلفة للبوذية، فيتخلص من الشوائب، والأفكار الخاطئة، والمناهج السيئة في التفكير، فتتطور بالتالي الفضائل التي تؤدي إلى الخلاص، وتتبد العادات السيئة المتولدة عن الشهوة. عن طريق اتباع هذه التمارين والتزام الأخلاق النبيلة يمكن للراهب البوذي أن يصل وفي ظرف زمني قصير (فترة حياته) إلى الخلاص.

الجواهر الثلاث

 
بوذا الجالس الصيني، أسرة تانگ، مقاطعة هبـِيْ، ح. 650 م. البوذية الصينية هي على مذهب ماهايانا، بمدارس شعبية اليوم هي "الأرض النقية" وزن.
 
Footprint of the Buddha with Dharmachakra and triratna, 1st century CE, Gandhāra.

عندما يعتنق شخص ما الدين البوذي عليه أن يعلن وبصريح العبارة أنه يلتمس لنفسه الملاذ ويتعوذ بالجواهر الثلاث (أعوذ ببوذا، بالدراما وبالسانغا)، ويتم ذلك أمام جمع من الرهبان البوذيين (سانغا)، وفق مراسيم وطقوس خاصة. حسب مفهوم البوذية يتوجب على الشخص الطامح إلى الخلاص أن يلوذ بثلاث أشياء أساسية، والمعروفة بـ"الجواهر الثلاث" (راجع تريراتنا):

  • بوذا: والمقصود هنا الشخصية التاريخية المعروفة باسم "غاوتاما"، إلا أن هذا المفهوم يتسِع -حسب مذهب ماهايانا- ليشمل بوذاتٍ (جمع بوذا) آخرين يمكن التعوذ بهم؛
  • الدارما: وهي التعاليم التي تركها بوذا -الشخصية التاريخية-، وتتلخص حسب ماهايانا في نصوص الـ"سوترا" (راجع النصوص المقدسة)؛
  • السانغا: وهي طائفة الرهبان والراهبات، والمقصود هنا بعض الرهبان ممن نَذر نفسه لمساعدة الآخرين، ويٌطلق على بعضهم لقب "بوديساتفا".

الهدف الأول من طلب الملاذ هو التخفيف من العواقب والمعاناة التي تسببها الكارما، وهذا ما يطمع إليه غالبا عامة الناس، إلا أن الهدف الأسمى يتمثل في الوصل إلى حالة الاستنارة أو التيقظ والتحرر الكُلي من الكارما، وهذا حال الرهبان والراهبات.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أخلاق البوذية

 
Gautama Buddha, 1st century CE, Gandhara

الحياة الرهبانية

 
Buddhist monks performing a ceremony in Hangzhou, China

التأمل

 
راهب بوذي يصلي في تايلند

مفاهيم أساسية

 
انتشار الماهايانا بين القرنين الأول والعاشر الميلاديين.

الحياة والعالم

 
Traditional Tibetan Buddhist Thangka depicting the Wheel of Life with its six realms

الكارْما

يطلق لفظ كارما على الأفعال التي يقوم بها الكائن الحي، والعواقب الأخلاقية الناتجة عنها. إن أي عملٍ، خيِّرا كان أو شّرا، وأي كان مصدره، فعل، قول أو مجرد إعمال فكرة، لا بد أن تترتب عنه عواقب، ما دام قد نَتَج عن وعي وإدراك مسبوق، وتأخذ هذه العواقب شكل ثمارٍ، تنموا وبمجرد أن تنضج تسقط على صاحبها، فيكون جزائُه إما الثواب أو العِقاب. قد تطول أو تقصر المدة التي تتطلبها عملية نضوج الثمار (أو عواقب الأعمال)، غير أنها تتجاوز في الأغلب فترة حياة الإنسان، فيتحتم على صاحبها الانبعاث مرة أخرى لينال الجزاء الذي يستحقه.

لا يمكن لكائن من كان أن ينال جزاء لا يستحقه، نظرا لأن الكارما تقوم على عدالة شاملة. يعمل نظام الكارما وفق قانون أخلاقي طبيعي قائم بذاته وليس (كما في الأديان الأخرى) تحت سلطة الأحكام الإلهية. تتحدد وفقا للكارما عوامل مثل المظهر الخارجي، الجمال، الذكاء، العمر، الثراء والمركز الاجتماعي. حسب هذه الفلسفة يمكن أن لكارماتٍ مختلفة ومتفاوتة، أن تؤدي في النهاية إلى أن يتقمص الكائن الحي شكل إنسان، حيوان، شبح أو حتى إحدى شخصيات الآلهات الهندوسية.

ولادة جديدة

 
Gautama's cremation site, Ramabhar Stupa in Uttar Pradesh, الهند

سامسارا

الآلهة

 
أحد بوذات باميان، أفغانستان، الصورة مأخوذة في 1963.

كما جردت البوذية الموجودات من مفهوم الأنا فقد جردت الكون من مفهوم الخالق الأزلي -مصدر خلاص الجميع-. لا تعارض في البوذية مع فكرة وجود آلهات عدة، إلا أنها رفضت أن تخصص لها مكانة في عقيدتها. تعيش الآلهات حياةً طويلة وسعيدة في الفردوس، ومع هذا فهي معرضة للمواقف صعبة، على غرار ما يحصل للكائنات الأخرى. يمكن لها أن تخوض تجربة الممات ثم الانبعاث من جديد في كينونة أقل شأنا. ليس للآهة يدٌ في خلق الكون، كما لا يمكنها التحكم في مصير الكائنات الحية. ترفض البوذية الصلوات والأضاحي التي تخصص لها. من بين الأشكال التي يمكن تقمُصها بعد الانبعاث ترى البوذية أن الحياة الإنسانية أفضلها على الإطلاق، رغم أنها من درجة أعلى إلا أن انشغال الآلهات بملذاتها الشخصية يشغلها عن طلب التحرر. فقط الكائنات الانسانية تتوفر فيها المزايا التي تؤهلها إلى بلوغ التيقظ (الاستنارة) ومن ثمة التحرر.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

النيرفانا (السكينة)

 
Chinese Ming dynasty porcelain figure of Guanyin, "Goddess of Mercy."
 
Mahabodhi temple in Bodhgaya, India, where Gautama Buddha attained Nirvana under the Bodhi Tree (left)

الهدف الأسمى حسب البوذية هو التحرر التام عبر كَسر دورة الحياة والانبعاث، والتخلص من الآلام والمعاناة التي تحملها. وبما أن الكارما هي عواقب الأفعال التي يقوم الأشخاص، فلا خلاص للكائن ما دامت الكارما موجودة.

يستعمل لفظ "نيرفانا" لوصف حالة التيقظ التي تخمُد معها نيران العوامل التي تسبب الآلام (الشهوة، الحقد والجهل). لا يحدُث التبدد الكلي للكارما عند بلوغ النيرفانا، يمكن وصف هذه الحالة بأنها بداية النهاية في طريق الخلاص. النيرفانا حالة من الوعي والإدراك لا يمكن تعريفها ولا حتى فهمها، بعد أن يصلها الكائن الحي، ويُصبح متيقظا، يستمر في العيش ومع الوقت يقوم بتبديد كل الكارما الخاصة به، حتى يبلغ عند مماتِه "النيرفانا الكاملة" -parinirvana- (التبدد الكُلي للكارما). عندما يموت هؤلاء الأشخاص فإنهم لا يُبعثون -فقد استنفذت الكارما-، ولا يمكن لأيٍ كان أن يستوعب حالة الطوبى الأزلية التي يبلغونها (حسب أقوال بوذا نفسه).

نظريا على الأقل، يمكن لأي كان أن يبلغ حالة النيرفانا، إلا أن تحقيقها يبقى مقصورا على أفراد طائفة الرهبان. بعد أن يمر الشخص على كل المراحل في الدرب الثماني النبيل، ويتوصل إلى حالة اليقظة (الاستنارة)، يحظى بمكانة رفيعة بين قومه و يطلق عليه في التقاليد البوذية -للتيرافادا- لقب "أرهانت" (arhant).

بالنسبة للأشخاص الآخرين والغير قادرين على بلوغ الغاية النبيلة، عليهم بالاكتفاء بتحسين الكارما الخاصة بهم، علهم يحظون بحياة أفضل بعد الانبعاث. عادة ما يكون هذا مطلب أفراد الطائفة البوذية من غير الرهبان (العلمانيين أو الناس العاديين)، يأمل هؤلاء أن يصبحوا يوما من أفراد "السانغا" (مجتمع الرهبان البوذيون)، وأن يعيشوا حياة تؤهلهم للوصول إلى حالة التيقظ. للوصول إلى النيرفانا، يجب اتباع سلوكيات أخلاقية هي خليط من حياة العزلة وانطواء على الذات. تتطلب هذه الأخيرة ممارسة أربع فضائل، والتي تسمى "قصر البراهما": الإحسان، الإشفاق، التفكير الإيجابي، والرزانة. تساعد هذه الممارسات على انبعاث إيجابي (حياة أفضل). يتوجب على الأشخاص القيام بأعمال اجتماعية جليلة، وبالأخص تجاه الرهبان البوذيين (الصدقات)، وكذا الالتزام بالقواعد الخمس التي تشكل أساس الممارسات الأخلاقية للبوذية:

  • 1- الكف عن القتل،
  • 2- الكف عن أخذ ما لم يُعطى له،
  • 3- الكف عن الكلام السيئ،
  • 4- الكف عن السلوكيات الحِسية المُشينة،
  • 5- الكف عن تناول المشروبات المُسْكِرة والمخدرات.

بإتباع هذه التعاليم يمكن القضاء على الأصول الثلاثة للشرور: الشهوانية، الحِقد والوَهم.

أناتمان أو عقيدة اللا-أنا

 
Young Tibetan Buddhist monks of Drepung

تنقسم الكائنات إلى خمس مفاهيم -حسب البوذية-: الهيئة (الجسمانية)، الحواس، الإدراك، الكارما والضمير. الانسان هو مجرد اتحاد زمني طارئ لهذه المفاهيم، وهو معرض بالتالي للـ"لا-استمرارية" وعدم التواصل، يبقى الانسان يتحول مع كل لحظة جديدة، رغم اعتقاده أنه لا يزال كما هو. ترفض البوذية الفكرة القائلة بأن هذه الأقسام -أو المفاهيم-، يمكن اعتبارها كينونة موحدة وروحا قائمة بذاتها (أتمان)، وتعتبر أنه من الخطأ التصور بوجود "أنا ذاتية"، وجعلها أساس جميع الموجودات التي تؤلف الكون. يعتقد بوذا أن عقيدة كهذه يمكن أن تؤدي إلى الأنانية، فتنجم عنها الرغبة التي تولد الآلام. وعليه فقد قام بتعليم عقيدة الـ"لا-أنا" (أناتمان). يقول بوذا أن الكينونة تحددها ثلاثة عناصر: الـ"لا-أنا" (أناتمان)، الديمومة العارِضة -سريعة الزوال- (أنيتيا) و الآلام (دوكا).

أوجبت عقيدة الـ"لا-أنا" على بوذا أن يعيد شرح التصور الهندوسي لدورة الحياة والتناسخ (عجلة الحياة والمسماة "سامسارا")، فكانت عقيدة "التوالُد المُحدَد" (المشروط)، وتتلخص الفكرة في أن مجموعة من الأحداث الدورية -تكرر مع كل دورة جديدة-، وهي اثني عشر عاملا يرتبط كل منها بالآخر، هي التي تساهم في الظروف التي تولد الآلام -وليس "الأنا الذاتية"، بما أنه نفى وجودها-. إن تسلسل هذه الأحداث يُبيّن كيف تنشأ انطلاقا من الجهلِ تركيباتٌ نَفسانية والتي تصبح بدورها المُسببات التي تؤدي إلى تشغيل الحواس والوظائف العقلية. ومن هنا يتولد الإحساس المسئول عن الشعور بالرغبة والتعلق بالحياة. تقوم هذا السلسلة بتفعيل وتشغيل عملية التناسخ، فتنطلق دورة تتجدد باستمرار، حياة فشيخوخة فموت. عن طريق هذه السلسلة من الأسباب تنشأ علاقة بين الكينونة الآنية والكينونة الآتية (إن تصور البوذية للحياة على أنها فيضٌ طارِئ تَشَكَل بعد اجتماع عدة عوامل، يتعارض مع فكرة انبعاث نفسِ الكائن الحي في كل مرة!). عن طريق ممارسة التأمل يتم اجهاد هذه التركيبات النفسانية، ومن ثمة إيقاف مسببات الآلام، والوصول إلى الخلاص والتحرر (الخروج من دورة التناسخ). كما جردت البوذية الموجودات من مفهوم الأنا فقد جردت الكون من مفهوم الخالق الأزلي -مصدر خلاص الجميع-.

المعاناة والأسباب والحلول

الحقائق النبيلة الأربعة

الطرق الثماني النبيلة

The Four Immeasurables

الطريق الأوسط

طبيعة الوجود

 
Debating monks at Sera Monastery, Tibet

ثلاث علامات للوجود

Dependent arising

الفراغ

السَّلات الثلاث والكتابات المقدسة الأخرى

 
نسخة محفوظة في تايلند لبعض الفقرات من سوترا بيتاكا: كتبت على غرار النسخة الأصلية بلغة بالي القديمة، وفوق رقائق تتخذ من خشب البابمو

كانت التعاليم التي دُونت أثناء المجامع البوذية الأولى يتِم تناقلها بطريقة شفهية، حتى تقرر في القرن الأول قبل الميلاد تدوينها بطريقة نهاية. اختارت كل مدرسة لغة معينة لتدون بها هذه التعاليم، وكانت اللغة السنسكريتية (بلهجاتها العديدة) اللغة الطاغية. لم يتبق اليوم إلا بعض القطع المتناثرة من المخطوطات الأولى. بالإضافة إلى النسخ بالسنسكريتية تتواجد نسخة أخرى كتبت بلغة بالي، وهي لغة هندية قديمة، تعتبر هذه الأخيرة النسخة الكاملة الوحيدة المحفوظة للتعاليم بوذا الأصلية، ويُطلق عليها أتباع مذهب "تيرافادا" تسمية "قانون بالي".

تم ترتيب الكتابات البوذية التي كتبت في الفترة الأولى في ثلاث مجموعات، عرفت باسم "تريباتاكا" (Tripitaka) أو "السَّلات الثلاث":

  • سوترا بيتاكا (Sutra Pitaka): وهي مجموعة الكتابات الأصلية، وتتضمن الحوارات التي دارت بين بوذا ومُرِيديه. قُسمت بدورها إلى خمس مجموعات: (1) النصوص الطويلة، (2) النصوص المتوسطة الطول، (3) النصوص المَجمعة، (4) نصوص متنوعة ثم (5) مجموعةٌ من النصوص المختلفة الأخرى. وتتضمن المجموعة الأخيرة روايات كثيرة عن الكينونات السابقة التي عرفها بوذا التاريخي، بالإضافة إلى بعض القصص المختصرة عن التعاليم التي تتعرض إلى الأخلاق وكيفية ضبط النفس، ويستحب الناس هذه القصص كثيرا، نظرا للعبر التي تتضمنها.
  • فينايا بيتاكا (Vinaya Pitaka): وهي الكتابات التي تتعرض للجانب التنظيمي والأخلاقي لحياة الرهبنة، وتتضمن حوالي مائتين وخمس وعشرون قاعدة، حول سلوك الرهبان والراهبات البوذيات. رتبت هذه القواعد حسب حجم الضرر الذي يترتب عن تركها وعدم الأخذ بها، كما أرفقت بقصة تحكي أهميتها.
  • أبهيدارما بيتاكا (Abhidharma Pitaka): وتتضمن مناقشات في الفلسفة، العقائد وغيرها من الموضوعات التي تمس العقيدة البوذية. قسمت إلى سبعة اقسام يتضمن كل منها تقسيمات للظواهر النفسانية، وتحليلات متعددة لظواهر ما وراء الطبيعة. نظرا لطبيعة المواضيع التي تتعرض لها هذه الكتابات، فقد نفرَ منها عامة الناس، واقتصرت دراستها على بعض الرُهبان المُتمكنين.

بالإضافة إلى السَّلات الثلاثة، هناك نصان أساسيان في عقيدة "التيرافادا"، رغم أنها لا يُصنفان ضمن النصوص الأساسية. (Milindapanha) أو (أسئلة الملك ميليندا)، ويرجع إلى القرن الثاني للميلاد، وتمت صياغته في شكل أسئلة وأجوبتها، تتعلق بجوهر العقيدة البوذية. ثاني هذه الكتابات والمعروف باسم (Visuddhimagga)، قام بكتابته الراهب بوداغويا (Buddhaghosa) في القرن الخامس للميلاد، ولخص فيها الأفكار البوذية بالإضافة إلى شرحه إلى كيفية ممارسة التأمل.

يَعتقد أتباع مذهب "تيرافادا" أن السَّلات الثلاث، تتضمن خلاصة أقوال وتعاليم "سيدهارتا غاوتاما" التي استوعبتها وحفظتها ذاكرة أتباع. على أن مذهب ماهايانا الشمالي لا يكتفي فقط بالتعاليم التي تركها بوذا التاريخي. بعد أن انقسم أتباع البوذية الأوائل إلى مذاهب وفِرق، أضافت هذه الجماعات إلى السلات الثلاث العديد من النصوص الأخرى. رغم أن هذه الكتابات أنجزت بعد الفترة التاريخية الأولى للبوذية، إلا أن أتباع المذهب الشمالي (ماهايانا)، يَعتبرون أنها لا تقل أهمية عن النصوص الأصلية. و تعتبر "سوترا لوتس الشريعة الحَقَانِية" (Saddharmapundarika Sutra) من أهم هذه الكتابات.

عصور بوذا

الممارسة

الولاء


اليوجا


Samādhi (meditative cultivation): samatha meditation

في ثيرافادا

Prajñā (Wisdom): vipassana meditation

زن

فاجرايانا وتانترا

حياة الرهبان وعامة الناس

 
أحد الرهبان البوذيين يقرأ في لوح خشبي أجزاء من كتاب سوترا الماهايانا، في أحد الأديرة بالتبت

سانغا: الرهبان والحياة في الأديرة

منذ الأيام الأولى لظهورها شعر أتباع العقيدة البوذية بحاجتهم إلى أن ينتظموا، فتشكل ما يعرف بالـ"سانغا"، وهو الاسم الذي أُطلِق على هذا التنظيم الاجتماعي الجديد. اعتزل البوذيون الأوائل حياة العامة حتى صار مجتمعهم ذو طبيعة رهبانية خالصة. قاموا بحلق رؤوسهم واختصروا لباسهم في قطعة قماش واحدة ذات لون برتقالي فاقع. ظل اعتماد هذا المظهر سائدا منذ تلك الأيام الأولى وأصبح اليوم علامة فارقة تميزهم. اتبع الرهبان البوذيون حياة التِرحال في بداية الأمر، وكانوا يتجمعون مرة واحدة في السنة وذلك عند حلول موسم الأمطار والفياضانات وتعذر السفر نظرا للمشقة الكبيرة، ومع مرور السنين تركوا حياة التِرحال وابتنوا لأنفسهم مقراتٍ دائمة حتى يؤووا إليها. تُدبر كل طائفة أمرها بنفسها، وبصفة مستقلة عن الطوائف الأخرى، ويتم اتخاذ القرارات بصفة جماعية. كانت الحياة الرهبانية تنظَّم وِفْق نصوص "فينايا بيتاكا" (Vinaya Pitaka) (راجع: السَّلات الثلاث). يتم كل أسبوعين عقد اجتماع يضُم جماعة منتخبة من الرهبان، تقوم هذه المجموعة بقراءة القواعد الخاصة التي جاءت بها كتابات "فينايا"، ويقوم المذنبون أثناء الجلسة بالاعتراف علنا بكل المخالفات التي ارتكبوها.

لم يكن سانغا (أو مجتمع الرهبان) حكرا على الرجال فقط، وقد خرجت البوذية في منحاها هذا عن الأعراف التي سادت في الديانة الهندوسية. عادة ما يكون الرهبان أو الراهبات -حسب مذهب تيرافادا- عُزابا، يكسبون قوت يومهم عن طريق طلب الصدقة من العامة، ورغم أن هذه العادة تبدوا مستهجنة بعض الشيء إلا أنها ظلت ملاصقة لتاريخ الرهبان البوذية منذ أيام بوذا. وحدها مدرسة "زن" -أو "تشان"- تحظر على رُهبانها الارتزاق بهذه الطريقة، فأوجبت عليهم بدل ذلك العمل في الحقول لكسب قوتهم اليومي. تُعتبر المدارس البوذية في اليابان أكثر تفتُحا من غيرها، فمدرسة "شين"، تسمح لرهبانها بالزواج وتأسيس عائلة. عادة ما يتولى الرهبان البوذيين إدارة مراسيم الجنازة، كما يقودون الاحتفالات التي تنظم على شرف بعض الموتى، ويتم فيها تِعداد خصالهم الحميدة والأعمال الخيِّرة التي أنجزوها أثناء حياتهم.

الحياة العامة، العبادة والمظاهر الاحتفالية

 
ستوبا بالقرب من لاسا في التبت: غالبا ما تحتوي هذه الأبنية على بقايا وآثار لبوذا، يتبرك بها الناس

بالإضافة إلى الرهبان، يُشكل جمهور الناس في البلدان الآسيوية القِطاع الأكبر من أتباع البوذية. فيما يُمارس الرهبان طقوسهم الدينية بطريقة جماعية، يَطغى الجانب الفردي على ممارسات الجمهور. رغم اختلافهما في الواجبات وما يترتب عن ذلك، يشترك الجمهور والرهبان في تلاوتهم لصيغة الملاذات الثلاث : "أعوذ ببوذا، بدارما وبسانغا"، وذلك أثناء أداءهم للصلوات.

تختلف بعض مظاهر التبجيل والاحتفال ببوذا والقديسين تبعا للمذهب والبلاد، فرغم أن أتباع مذهب "تيرافادا" لم يرفعوا بوذا التاريخي إلى درجة الألوهية، إلا أنهم خصصوا له بناءات خاصة تدعى "ستوبا" وهي أبنية على شكل قباب، توضع بداخلها لوازم وآثار مختلفة ترجع إلى بوذا. يقوم الأتباع بالمشي حول مبنى الـ"ستوبا" في اتجاه عقارب الساعة، حاملين معهم زهورا وبعضا من عيدان البخور، كدلالة على احترامهم للمكان.

تحتفظ أماكن متفرقة ببعض الآثار لبوذا، على غرار معبد "كاندي" فيسريلانكا، والتي يضُم في صومعته سِنا يُقال إنها تعود لبوذا، ويحتضن المكان احتفالا كبيرا يقام سنويا بمناسبة ذكرى ميلاده. يُعتبر يوم ميلاد بوذا أهم مناسبة احتفالية في الرزنامة البوذية، يُطلق على المناسبة في مذهب تيرافادا اسم "فايساكا" (Vaisakha) وتقام الاحتفالات التي تصاحبها على مدار الشهر الذي يلي هذا التاريخ (تاريخ مولد بوذا). ثاني أهم مناسبة في البلدان التي يسود فيها المذهب الأخير -تيرافاد-، ويطلق عليها اسم "بيريت" (pirit)، يتم فيها تلاوة نُصوص مختارة من قوانين بالي (راجع النصوص المقدسة) حتى تطرد الأرواح الشريرة و يشفى المرضى، كما يتم فيها مُباركة الأعمال الخيِّرة وغيرها.

تكتسي الطقوس والمراسيم أهمية أكبر لدى أتباع مذهب ماهايانا (الصين واليابان). يتم تعليق صور مختلفة لبوذا ولشخصيات مقدسة في مذابح المعابد وفي مخادع البيوت، وتتخذ كوسيلة للتبرك. تتم العبادة عن طريق أداء الصلوات وترتيل بعض النصوص المقدسة بطريقة جَهْورِية، كما يتم تقديم بعض القرابين من فواكه وزهورٍ وبخور. تُعتبر مناسبة "أولامبانا" (Ullambana) أبرز المظاهر الاحتفالية البوذية وتحظى بشعبية كبيرة في الصين واليابان، يَعتقد الأَتباع أنه وفي هذا اليوم تفتح أبواب العالم الآخر، ويسمح للموتى بزيارة أقربائهم الأحياء، ويقوم هؤلاء بدورهم بتقديم القرابين عرفانا لهم.

التاريخ والانتشار

 
مدخل تقليدي لمعبد بوذا في ملف:كوريا

الانتشار ومواقع النفوذ

الديانة البوذية منتشرة بين عدد كبير من الشعوب الآسيوية حيث يدين بها أكثر من ستمائة مليون نسمة، ولهم معبد ضخم في كاتمندو بالنيبال ، وهو عبارة عن مبنى دائري الشكل وتتوسطه قبة كبيرة وعالية وبها رسم لعينين مفتوحتين وجزء من الوجه، ويبلغ قطر المبنى 40 متراً، أما الارتفاع فيزيد عن خمسة أدوار مقارنة بالمباني ذات الأدوار، والبوذية مذهبان:

مراحل إنتشار البوذية

يمكن تقسيم انتشار البوذية إلى خمس مراحل:

1- من مطلع البوذية حتى القرن الأول الميلادي وقد دفع الملك آسوكا البوذية خارج حدود الهند وسيلان.

2- من القرن الأول حتى القرن الخامس الميلادي وفيها أخذت البوذية في الانتشار نحو الشرق إلى البنغال ونحو الجنوب الشرقي إلى كمبوديا وفيتنام ونحو الشمال الغربي إلى كشمير وفي القرن الثالث اتخذت طريقها إلى الصين وأواسط آسيا ومن الصين إلى كوريا.

3- من القرن السادس حتى القرن العاشر الميلادي وفيه انتشرت في اليابان ونيبال والتبت وتعد من أزهى مراحل انتشار البوذية.

4- من القرن الحادي عشر إلى القرن الخامس عشر وفيها ضعفت البوذية واختفى كثير من آثارها لعودة النشاط الهندوسي وظهور الإسلام في الهند فاتجهت البوذية إلى لاوس ومنغوليا وبورما وسيام.

5- من القرن السادس عشر حتى الآن وفيه تواجه البوذية الفكر الغربي بعد انتشار الاستعمار الأوروبي وقد اصطدمت البوذية في هذه الفترة بالمسيحية ثم بالشيوعية بعد أن صار الحكم في أيدي الحكومات الشيوعية. [1]

المجامع البوذية الأولى

 
Footprint of the Buddha with Dharmachakra and triratna, 1st century CE, Gandhāra.

رغم إلحاح أتباعه عليه إلا أن بوذا توفي من غير أن يُزكي شخصاً يتولى شؤونهم، وصَاهم بالعمل على طلب الخلاص. كانت التعاليم الشفوية أهم تركة خلفها بوذا وراءه، أحس أتباعُه بالفراغ الذي تركه رحيله، فقرروا أن ينتظموا في طائفة واحدة حتى يحافظوا على هذه التركة. جرياً على هذا المبدأ عقد أتباع البوذية الأوائل عدة اجتماعات لبحث المسائل المختلفة التي تتناول عقيدتهم. يعتبر المؤرخون أن أربع مجامع فقط يمكن اعتبارها أساسية.

تم عقد أول مجمعٍ بعد وفاة بوذا بفترة قليلة في "راجغير" (الهند) عام 477 ق.م. قام الحاضرون بتلاوة التعاليم الشفوية التي تركها بوذا، واتفقوا فيما بينهم على مضمونها، كما ناقشوا المنهج الأمثل في الحياة الواجب اتباعه عند اختيار حياة الرَّهبنة.

بعد حوالي قرن من التاريخ الأول عقد المجمع الثاني في "فايسالي" (ولاية بيهار-الهند)، كان هدفه توضيح وجهات نظر اتجاه بعض التصرفات التي تطبع الحياة اليومية على غرار استعمال النقود، استهلاك الخمر، بالإضافة إلى بعض الأمور وكذا البدع الجديدة التي استحدثتها إحدى طوائف الرهبان. اختتمت الجلسات بعدا أن تم الإجماع على منافاة هذه التصرفات لروح البوذية. يعتقِد البعض أنه وأثناء عقد هذا المجمع ظهرت ولأول مرة علامات الانقسام بين الأتباع ذوي توجهات مختلفة. تُشِير المصادر التاريخية التي دُوِنت في تلك الفترة إلى خلاف نَجم بين أعضاء المجلس الكبير (ماهاسانغيكا) ومجلس القدماء (ستارفيرا)، بعد أن أبدى الأخيرين مواقف متشددة وصارمة اتجاه التصرفات والبدع الجديدة. لم يكن لهذه الخلافات تبِعات فورية في حينها، إلا أنه وبعد مرور سبعٍ وثلاثين عاماً منذ ذلك التاريخ، أخذت الخلافات تتفاقم، كانت المواضيع محل الخلاف متنوعة، وتشمل الجوانب المتعلقة بتنظيم الأديرة، تفسير بعض المسائل العقائدية، كيفية معاملة جمهور الناس بصفتهم لا ينتمون إلى مجتمع الرهبان وغيرها من المسائل. في مثل هذه الظروف تم عقد مجمع آخر، ونظرا لاتساع الهُوة بين الأطراف المتنازعة تقرر الإعلان وبصفة رسمية عن انقسام الطائفة البوذية للمرة الأولى في تاريخها.

انشطر أتباع البوذية بعد المجمع الثاني إلى جماعات وطوائف عِدة (تعرف بالمدارس التقليدية، وبلغ عددها ثمانية عشر مدرسة)، اختلفت كل واحدة مع الأخرى في المسائل العقائدية، الفلسفية، والتنظيمية وغير ذلك. اندثرت أغلب المدارس التقليدية الأولى ولم يتبق منها اليوم إلا واحدة فقط، وتعرف باسم "تيرافادا" وهو المذهب السائد في الهند وسائر البلدان المُطلة على خليج البنغال.

كان المجمع الثالث للبوذية حدثا استثنائيا في تاريخ البوذية، فقد تم عقده في "باتاليبورتا" (عاصمة إقليم بيهار في الهند) في القرن الثالث قبل الميلاد، وتحت إشراف الملك أشوكا، أعظم ملوك دولة "ماوريا"، والتي شملت مساحتها كل بلاد الهند وباكستان تقريبا (هندوستان). من أهم النتائج التي ترتبت عنه، طرد العديد من أشباه الرُهبان والمنافقين الذين التحقوا بالـ"سانغا" (الاسم الذي يطلق على مجتمع الرُهبان) بعد أن قدَم الملك أشوكا دعمه لهم. تم التشديد على محاربة البدع الجديدة المتحدثة، وإقصاء كل الذين كانوا وراءها. أثناء هذا المجمع تم الانتهاء من كتابة النصوص المعروفة باسم "تيربيتاكا" أو "السَّلات الثلاث" (راجع النصوص المقدسة)، كما عرفت العقيدة الأساسية (والمقصود هنا الدارما أو التعاليم) والقواعد السلوكية التي يقوم عليها مُجتمع الرهبان، بعض التعديلات بعد أن انضافت إليها مجموعة من المفاهيم الفلسفية، عرفت باسم "أبيردارما" (abhidharma). سمح هذا المجمع للبوذية ولأول مرة أن تعرف طريها إلى الانتشار خارج رقعتها الأصلية، عندما قرر المجتمعون إرسال مجموعة من الأشخاص إلى البلدان المجاورة بهدف الدعوة إلى الدين الجديد.

عقد مجمع رابع تحت أشراف الملك "كانيشكا"، في جَلندار (ولاية جامو-كاشمير) عام 100 بعد الميلاد. كان الهدف منه التقريب بين أهم تيارين في البوذية، "تيرافادا" و"ماهايانا"، إلا أن اتباع المذهب الأول رفضوا لاحقا الاعتراف بما جاء فيه.


الجذور الفلسفية

 
"كهف النجار" البوذي في إلـّورا في مهارشترا، الهند
 
أطلال معبد بوذي على Gurubhakthula Konda ("كوندا" تعني "ربوة" في لغة التلوگو) في قرية Ramatheertham في Vizianagaram, a district of أندرا پرادش، الهند.
 
تمثال السيد بوذا المنحوت في الصخر في Bojjanakonda بالقرب من Anakapalle في Visakhapatnam district of أندرا پرادش، الهند.


البوذية الهندية

قبل الطائفية البوذية

المدارس البوذية الأولى

ماهايانا البوذية المبكرة

 
من الشمال إلى اليمين: الكوشاني، البوذا مايتريا في المستقبل، گاوتاما بوذا، والبوذيساتڤا أڤالوكيتشڤارا، وراهب بوذي. القرن الثاني أو الثالث. متحف گيميه
 
بوذات باميان: ڤايروكانا قبل وبعد تدمير طالبان في 2001

أسباب خروج البوذية من الهند

يشرح ألبرت شڤايتسر، في كتابه "مفكرو الهند الكبار"، الأسباب الرئيسة الثلاثة التي جعلت البوذية تخرج من الهند، قائلاً أن أول تلك الأسباب هو رفض بوذا نفسه أفكار «الڤيدا» المقدسة ونصوصها والتي كانت تشكل عصب النزعة الهندية الإيمانية. والسبب الثاني هو الإيمان باستحالة الخلاص لمن لا يمارس التقشف ويظل يعيش بين أفراد عائلته. أما السبب الثالث والأهم بالنسبة لشڤايتسر فيكمن في وصول الإسلام إلى الهند، حيث بدا الإسلام منذ بدايته ديناً واقعياً لا تتلاءم أفكاره مع غوامض البوذية وطقوسها.

البوذية في أوجها

بلغت البوذية أوج رفعتها في الهند بعد موت أشوكا بمائتي عام ؛ وقد كانت الفترة التي ارتفعت فيها البوذية من "أشوكا" إلى "هارشا" فترة صعود بمعان كثيرة، صعود في الدين والتعليم والفن؛ غير أن البوذية التي سادت لم تكن بوذية بوذا؛ والأقرب إلى الصواب أن نقول في وصفها أنها بوذية تلميذه الثائر "صَجاذا" الذي قال للرهبان عند سماعه بموت أستاذه : "كفى يا سادة! كفوا عن البكاء وعن الرثاء! فلقد تخلصنا من "سامانا" العظيم، لقد أسأمنا أن يقال لنا: هذا يجدر بكم وهذا لا يجدر، أما الآن ففي مقدورنا أن نصنع ما شاء لنا هوانا، وأما ما لا يصادف من نفوسنا هوى، فلن يلزمنا أحد على أدائه"

وأول ما أوحت لهم حريتهم أن يصنعوه هو أن ينشقوا أحزاباً؛ فلم يمض على موت بوذا قرنان من الزمان، حتى انقسم تراثه ثمانية عشر مذهباً متبايناً فأما أتباع البوذية في جنوب الهند وجزيرة سيلان، فقد استمسكوا حيناً بمذهب صاحب العقيدة في بساطته وصفائه؛ وقد أطلق على هذه الشعبة من مذهبه فيما بعد اسم "هنايانا" ومعناها "البلاغ الأصغر" ؛ فقد عبدوا بوذا باعتباره معلماً عظيماً، لا إلهاً؛ وكان كتابهم المقدس هو النصوص المكتوبة باللغة "الباليّة" التي تبسط العقيدة في صورتها القديمة ؛ وأما في الأرجاء الشمالية من الهند والتبت ومنغوليا والصين واليابان،فالبوذية التي سادت هي التي يطلق عليها اسم "ماهايانا" ومعناها "البلاغ الأكبر" الذي رسم حدوده ونشر دعوته "مجلس كانِشْكا" ؛ فأعضاء هذا المجلس، وهم من اللاهوتيون الموهوبين (من الوجهة السياسية) قد أعلنوا ألوهية بوذا وأحاطوه بالملائكة والقديسين، واصطنعوا تقشف "اليوجا" الذي عرف في "باتانجالي" وأصدروا باللغة السنسكريتية مجموعة جديدة من المراسيم المقدسة التي على الرغم من قبولها بعد حين قصير للشقشقة الميتافيزيقية والاسكولاتية إلا أنها قد أعلنت وأيدت عقيدة دينية أقرب إلى نفوس الناس من الصورة السوداء المتشائمة المتزمتة التي عرفت في "شاكيا موني".

كان مذهب "ماهايانا" بوذية خففت من حدتها آلهة وطقوس وأساطير برهمية، ولاءمت بين نفسها وبين حاجات قبائل التتار في "كوش" والمنغول في التبت، الذين بسط عليهم "كاتشكا" سلطانه؛ فقد صور ذلك المذهب جنة فيها بوذيون كثيرون، كان أحبهم إلى عامة الناس "أميدا بوذا" المخلص؛ وهذه الجنة وجهنم التي تقابلها كانتا ثواباً أو عقاباً لما يأتيه الناس على هذه الأرض من خير أو شر؛ وهذان العاملان الرادعان كان لهما أثر في تحويل بعض جنود الملك من رقابة سلوك الناس إلى خدمات أخرى؛ وأعظم القديسين في هذا اللاهوت الجديد هم فئة "بوذا بساتوا" ومعناها "بوذا المستقبل" الذين امتنعوا باختيارهم عن القيام بالنرفانا (ومعناها هنا التخلص من العودة إلى ولادة جديدة) التي كانت من حقهم وفي مقدورهم، وذلك لكي يولدوا في حياة بعد حياة، فيساعدوا غيرهم من الناس في هذه الدنيا والاهتداء إلى سواء السبيل وهؤلاء القديسون (مثلهم مثل نظائرهم في مسيحية البحر الأبيض المتوسط- سرعان ما ظفروا بحب الناس لهم حتى كاد عبادهم والمعجبون بهم من رجال الفن يزحمون بهم وبتماثيلهم مدافن العظماء؛ وازدهرت في البوذية كما ازدهرت في مسيحية العصور الوسطى- بل لعلها ظهرت في البوذية في تاريخ أسبق - قدسية الآثار الباقية من السلف، واستخدم الماء المقدس، والشموع، والبخور، والمسبحة، والثياب الكهنوتية، ولغة الكهنوت الميتة، والرهبان والراهبات وقص الشعر والفردية مما تقتضيه حياة الأديرة والاعتراف والصيام أياماً معينة، وتدشين القديسين والتطهير والصلاة والدعاء للموتى؛ ولقد أصبح كتاب "ماهايانا" بالقياس إلى "هنايانا" أي البوذية الأولى ما كانت الكاثوليكية بالنسبة إلى الرواقية والمسيحية الأولى؛ فقد أخطأ بوذا- كما أخطأ لوثر- في ظنه أن شعائر الطقوس الدينية العلمية يمكن أن تحل محلها المواعظ والدروس الأخلاقية؛ وما أقرب الشبه بين نجاح البوذية حين امتلأت بالأساطير والمعجزات والاحتفالات والقديسين الذين يتوسطون بين الأرض والسماء بالنجاح الذي لقيته الكاثوليكية قديماً وحاضراً، لما فيها من زخرف وتمثيل، وانتصارها على المسيحية الأولى والبروتستنتية الحديثة في بساطتها الخالية من كل زخرف. وإيثار عامة الناس لتعدد الآلهة والمعجزات والأساطير، هذا الإيثار نفسه الذي قضى على بوذية بوذا، قضى كذلك في نهاية الأمر على بوذية " البلاغ الأكبر " نفسها في الهند؛ ذلك لأن البوذية- ودعنا هاهنا نتحدث بحكمة المؤرخ التي تشرق بعد فوات الحوادث- إذا كانت لا تأخذ كل هذا الذي أخذته من الديانة الهندية ومن أساطيرها وطقوسها وآلهتها، فما كان ليمضى وقت طويل قبل أن تنمحي الفوارق بين الديانتين ولا يبقى من مميزات الواحدة من الأخرى إلا قليل جد قليل؛ وإذن تمتص إحداهما الأخرى شيئاً فشيئاً، والتي يتاح لها أن تطغي على الأخرى هي التي تكون أعمق الديانتين جذوراً وأقربها إلى نفوس الناس وأكثرها مالاً وأعزها سنداً سياسياً؛ لهذا أخذت الخرافة- ولعلها أن تكون من جنسنا البشري بمثابة دماء الحياة- أخذت تتدفق من العقيدة الأقدم إلى العقيدة الأحدث تدفقاً سريعاً، حتى رأينا الظواهر الجنسية الانفعالية نفسها التي كانت من طقوس العقائد "الشاكتية" تلتمس لنفسها مكاناً في طقوس البوذية واستعاد البراهمة في صبر ودأب نفوذهم ورعاية السلطان لهم شيئاً فشيئاً؛ وأخيراً جاء نجاح الفيلسوف الشاب "شانكارا" في استعادة الكلمة العليا لكتب الفيدا، وجعلها أساسا للتفكير الهندي، بمثابة الخاتمة لزعامة البوذيين العقلية في الهند.

وجاءت الضربة القاضية من الخارج، وكانت البوذية نفسها هي التي هيأت لهذه الضربة سبيلها، على وجه من الوجوه؛ ذلك أن حسن السمعة التي كان يتمتع بها أتباع بوذا، واسمهم "سانفا" قد اجتذب إلى تلك الفئة- بعد عهد أشوكا- صفوة أهل "مجازا" وبهذا قضى على خير دماء القوم أن تفنى في طائفة من رجال الدين لا تتزوج ولا تجاهد في الحياة، فشكا بعض المحبين لوطنهم، حتى في أيام بوذا نفسه، من أن الراهب "جوتاما" لا يسمح للآباء أن ينسلوا الأبناء، ويؤدي بالأسر إلى الانقراض ؛ وكان من نتائج انتشار البوذية ونظام الأديرة في السنة الأولى من التاريخ المسيحي، أن امتصت من الهند عصارة الرجولة، وتآمر ذلك العامل مع عامل الانقسام السياسي، فأدى العاملان إلى فتح أبواب الهند للغزو الخارجي بغير عناء؛ ولما جاء العرب وأخذوا على أنفسهم أن ينشروا وحدانية بسيطة رواقية النزعة، نظروا في ازدراء إلى الرهبان البوذيين الكسالى الذي يفتحون أيديهم للرشوة ويتجرون بالمعجزات؛ وحطموا الأديرة وقتلوا ألوف الرهبان، ونفروا كل حريص على حياته من نظام الرهبنة في الدير، فأما من أفلتوا من يد القتل من هؤلاء الرهبان، فقد عادوا واندمجوا في الديانة الهندية التي كانت الأرومة الأولى لهم؛ وفتحت هذه الديانة القديمة الأصلية صدرها تستقبل هؤلاء الزنادقة التائبين، وهكذا "قتلت البرهمية البوذية بضمة أخوية"

ولا عجب فقد كانت البرهمية دائماً متسامحة، تجادل البوذية وغيرها من مئات المذاهب إبان ارتفاعها وسقوطها، بل قد تطيل معها الجدال، لكنك لن تجد في تاريخها كله مثلاً واحداً للاضطهاد، بل الأمر على نقيض ذلك، إذ ترى البرهمية قد يسرت سبيل العودة لهؤلاء الخارجين عليها أن اعترفت ببوذا إلهاً (اعتبرته مجسداً للإله فشنو) وأقلعت عن التضحية بالحيوان، وقبلت في صميم طقوسها مذهب البوذيين في تقديس حياة الحيوان بأسره؛ وهكذا أخذت البوذية تختفي في هدوء وسلام من الهند، إبان خمسة قرون كانت خلالها نهباً لعوامل التدهور البطيء .

لكنها في ذلك الوقت نفسه كانت تكسب لنفسها كل ماعدا الهند من العالم الآسيوي تقريباً؛ فانتشرت أفكارها وأدبها وفنها في سيلان وشبه جزيرة الملايو في الجنوب، وفي التبت وتركستان في الشمال، وفي بورما وسيام وكمبوديا والصين وكوريا واليابان في الشرق؛ وعلى هذا النحو امتصت كل هذه الأصقاع- ماعدا الشرق الأقصى- ما استطاعت امتصاصه وهضمه من المدنية؛ بنفس الطريقة التي امتصت بها أوربا وروسيا الحضارة من الرهبان الرومانيين والبيزنطيين في العصور الوسطى؛ فمعظم هذه الأمم قد بلغ ذروة ثقافته بحافز من البوذية؛ ولقد لبثت "أنورا ذابورا" في سيلان من منذ عهد أشوكا حتى انحلال البوذية في القرن التاسع، إحدى المدن الكبرى في العالم الشرقي، وظل الناس هناك ألفي عام يعبدون شجرة التين المقدسة عند البوذيين، وكان المعبد القائم على قمة جبال كاندي كعبة يحج إليها مائة وخمسون مليوناً من البوذيين في آسيا .

ولعل البوذية في بورما أخلص ما بقي من ألوان البوذية من الشوائب الدخيلة، وكثيراً ما يدنوا رهبانها من المثل الأعلى الذي ضربه بوذا؛ واستطاع أهل بورما البالغ عددهم ثلاثة عشر مليوناً من الأنفس أن يبلغوا بفضل تعاليم أولئك الرهبان مستوى من العيش أعلى مما في الهند بدرجة ملحوظة(7)؛ وكشف "سفن هيدن" و "أورل شتاين" و "بليوت" من جوف الرمال في بلاد التركستان مئات من المحفوظات البوذية وغيرها من شواهد الثقافة التي ازدهرت هناك منذ عهد "كانشكا" حتى القرن الثالث عشر الميلادي. وحدث في القرن السابع من تاريخنا المسيحي أن أقام المحارب المتنور "سترونج- تسانجامبو" حكومة قادرة في التبت وضم إليها ينبال، وبنى مدينة "لهاسا" لتكون عاصمة لها، وهيأ لها طريق الغنى بجعلها محطاً وسطاً في التجارة بين الصين والهند، ودعا طائفة من الرهبان البوذيين من الهند لينشروا البوذية والتعليم في شعبه، وعندئذ ترك الحكم أربعة أعوام أنفقها في تعلم القراءة والكتابة؛ فكأنما كان فاتحة عهد ذهبي في بلاد التبت؛ فأقيمت آلاف الأديرة في الجبال وعلى النجد الفسيح، ونشر كتاب تشريعي يضم الكتب البوذية، ويقع في ثلاثة وثلاثين وثمانمائة مجلد، حفظت للعلم الحديث كثيراً من أحوال هذه الكتب التي كانت قد ضاعت أصولها الهندية منذ زمن طويل(8)، وهاهنا، في هذه الصومعة التي أغلقت أبوابها دون العالم بأسره، راحت البوذية تتطور في شبكة معقدة من الخرافات والرهبنة والكهنوت، لا ينافسها في ذلك سوى أوربا في أوائل عصورها الوسطى؛ ولا يزال "دالاي لاما" (أي الكاهن الشامل لكل شيء) الذي اختفى في دير بوتالا العظيم الذي يطل على مدينة لهاسا، موضع عقيدة عند أهل التبت، بما تنطوي عليه نفوسهم من السذاجة الطيبة، بأنه تجسيد حي "لبوذا المستقبل" (بوذا المنتظر) ؛ وفي كمبوديا والهند الصينية تعاونت البوذية مع الديانة الهندية في تخطيط الإطار الذي قامت عليه روائع الفن في عصر هو من أغنى العصور في تاريخ الفن الشرقي؛ وهكذا ترى البوذية- مثل المسيحية- قد ظفرت بأعظم انتصاراتها خارج الأرض التي أنبتتها، وإنما ظفرت بتلك الانتصارات دون أن تريق نقطة واحدة من دماء. [2]

Vajrayana (Esoteric Buddhism)

تطور البوذية

 
Buddhist tradition records in the Milinda Panha that the 2nd century BCE Indo-Greek king Menander converted to the Buddhist faith and became an arhat.

البوذية اليوم

 
Polish Buddhists

لقد أحدث أشوكا نقلة نوعية في البوذية ، ولعل هذا الذي دعا لأن يعتبر أشوكا المؤسس الثاني للبوذية بحيث تحوّلت مع انتشارها على يديه من فلسفة أخلاقية إلى ديانة وضعية لها معابدها ومفهومها للألوهية ولها نظامها الطقسي.

ويمكن أن نصنف البوذية اليوم ـ كما ذكر فوزي محمد حميد في كتابه عالم الأديان بين الأسطرة والحقيقة ـ إلى نوعين هما:

1 ـ هنيايانا Hinaiana أو العجلة الصغيرة: ويرتدي كهنتها ثوباً أصفر اللون ويحلقون رؤوسهم، وعليهم الالتزام بعددٍ من القواعد الكهنوتية شديدة التعقيد، مثلاً: لا يسمح لهم تناول أي طعام بعد منتصف النهار، ولا يسمح لهم بحمل أيّ نقود أو ملكية، وهي أصغر أشكال البوذية، وأتباعها يعتبرون أنَّ بوذا ليس إلاَّ مجرّد رجل وضع بعض القواعد للسلوك، وهو ليس إلهاً يُعبد، ولا تزال توجد في سيريلانكا أشهر آثار بوذا وهي إحدى أسنانه.

2 ـ ماهيانا Mahiana أو العجلة الكبيرة: وهي شكل منحرف للبوذية، وأتباعها يعتبرون بوذا إلهاً، ويعبدون الروح التي ألهمت بوذا، وهم يؤمنون بالملائكة والشياطين، وتؤمن بعض طوائفهم بوجود الجنّة والجحيم، وأنَّه لا بُدَّ من مرور الروح بهما قبل أن تصل مرتبة الينرفانا.

و يشير السحمراني إلى أن «المهايانا» التي انتشرت في الشمال توزعت إلى مذاهب، منها «زن» في اليابان الذي يهتم بالتأمّل ومذهب اللامية في منغوليا ومناطق التيبت، وهو مذهب مفتوح للجميع ويركز على الفضائل كالرحمة والإحسان والصدق والاعتدال ويحذر من الخطايا.

هذا بالإضافة إلى أشكال متعدّدة من البوذية التي تأثّرت بثقافات البلدان التي انتشرت فيها، ففي الهند، بوذية مطعمة بالهندوسية، وفي الصين بوذية متأثرة بالكنفوشيوسية، وفي اليابان بالشنتوية، كما تسربت إلى بعض مذاهب البوذية مفاهيم من أتباع الرسالات السَّماوية كالمسيحية والإسلام، ولا يخلو الأمر من مفاهيم بوذية دخلت في مذاهب غير البوذيين.

ويذكر السحمراني وكولر أن عدد البوذيين اليوم يتجاوز الأربعمائة مليون نسمة، وهم يتواجدون في الهند ونيبال والصين واليابان وأندونيسيا وماليزيا، ولكنَّهم يشكلون الأغلبية السكانية في الدول التالية: بورما، بوتان، تايلند، تايوان، سريلانكا، سنغافورة، فيتنام، كمبوديا، كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، لاوس ومنغوليا.

وإذا كانت الأمم قد شهدت وتشهد صراعات وحروباً فإنَّ مناطق انتشار البوذية نعمت بقسط من عدم وجود العنف، أو أنَّها خففت من العنف والحروب على الأقل. [3]

الديموغرافيا

 
Percentage of cultural/nominal adherents of combined Buddhism with its related religions (according to the highest estimates).[4][5][6][7][8][9][10][11]

المدارس والتقاليد

الجدول الزمني

قالب:Buddhist traditions timeline

ثيرافادا

تقاليد ماهايانا

 
Blue-eyed Central Asian and Chinese Buddhist monks. Bezeklik, Eastern Tarim Basin, China, 9th–10th century.
 
Japanese Mahayana Buddhist monk
بوديساتفاس

تقاليد فاجرايانا

النصوص البوذية

Pāli Tipitaka

سوترا ماهايانا

 
The Tripiṭaka Koreana in South Korea, an edition of the Chinese Buddhist canon carved and preserved in over 81,000 wood printing blocks.

دراسات مقارنة

قائمة من الموضوعات ذات الصلة البوذية في الدراسات المقارنة

انظر أيضا

 
الفكر الشرقي القديم (الهند والصين). انقر على الصورة لمطالعة الكتاب.

وصلات خارجية

يمكنك أن تجد معلومات أكثر عن بوذية عن طريق البحث في مشاريع المعرفة:

  تعريفات قاموسية في ويكاموس
  كتب من معرفة الكتب
  اقتباسات من معرفة الاقتباس
  نصوص مصدرية من معرفة المصادر
  صور و ملفات صوتية من كومونز
  أخبار من معرفة الأخبار.

  اقرأ اقتباسات ذات علاقة بالبوذية، في معرفة الاقتباس.
At Wikiversity, you can learn about: Buddha oracle# Buddhism
  • Frequently Asked Questions About Buddhism
  • Orange Tip Editions Buddhism in everyday life
  • Current Japanese Buddhism
  • Religion and Spirituality: Buddhism at Open Directory Project
  • "Buddhism — objects, art and history". Asia. Victoria and Albert Museum. Retrieved 2007-12-06.
  • Buddhist texts at Sacred Texts.com
  • Buddhism in various languages
  • The Future of Buddhism series, from Patheos

حول البوذية

علم اديان مقارن

مراجعات صحفية

جمعيات على الانترنت

منظمات

التعاليم

مواضيع أخرى

قائمة المراجع

  • Armstrong, Karen (2001). Buddha. Penguin Books. p. 187. ISBN 0-14-303436-7.
  • Bechert, Heinz & Richard Gombrich (ed.) (1984). The World of Buddhism, Thames & Hudson.
  • Buswell, Robert E. (ed.) (2003). Encyclopedia of Buddhism. MacMillan Reference Books. ISBN 978-0-02-865718-9. {{cite book}}: |author= has generic name (help)
  • Coogan, Michael D. (ed.) (2003). The Illustrated Guide to World Religions. Oxford University Press. ISBN 1-84483-125-6. {{cite book}}: |author= has generic name (help)
  • Cousins, L. S. (1996). "The Dating of the Historical Buddha: A Review Article". Journal of the Royal Asiatic Society. Series 3 (6.1): 57–63. Retrieved 2007-07-11.; reprinted in Williams, Buddhism, volume I; NB in the online transcript a little text has been accidentally omitted: in section 4, between "... none of the other contributions in this section envisage a date before 420 B.C." and "to 350 B.C." insert "Akira Hirakawa defends the short chronology and Heinz Bechert himself sets a range from 400 B.C."
  • Davidson, Ronald M. (2003). Indian Esoteric Buddhism: A Social History of the Tantric Movement. New York: Columbia University Press. ISBN 0-231-12619-0.
  • de Give, Bernard (2006). Les rapports de l'Inde et de l'Occident des origines au règne d'Asoka. Les Indes savants. ISBN 2-84654-036-5.
  • Donath, Dorothy C. (1971). Buddhism for the West: Theravāda, Mahāyāna and Vajrayāna; a comprehensive review of Buddhist history, philosophy, and teachings from the time of the Buddha to the present day. Julian Press. ISBN 0-07-017533-0.
  • Embree, Ainslie T. (ed.), Stephen N. Hay (ed.), Wm. Theodore de Bary (ed.), A.L. Bashram, R.N. Dandekar, Peter Hardy, J.B. Harrison, V. Raghavan, Royal Weiler, and Andrew Yarrow (1958; 2nd ed. 1988). Sources of Indian Tradition: From the Beginning to 1800 (vol. 1). NY: Columbia U. Press. ISBN 0-231-06651-1.
  • Gethin, Rupert (1998). Foundations of Buddhism. Oxford University Press. ISBN 0-19-289223-1.
  • Gombrich, Richard F. (1988; 6th reprint, 2002). Theravāda Buddhism: A Social History from Ancient Benares to Modern Colombo (London: Routledge). ISBN 0-415-07585-8.
  • Gunaratana, Bhante Henepola (2002). Mindfulness in Plain English. Wisdom Publications. ISBN 0-86171-321-4. Also available on this websites: saigon.com urbandharma.org vipassana.com
  • Gyatso, Geshe Kelsang. Introduction to Buddhism: An Explanation of the Buddhist Way of Life, Tharpa Publications (2nd. ed., 2001, US ed. 2008) ISBN 978-0-9789067-7-1
  • Harvey, Peter (1990). An Introduction to Buddhism: Teachings, History and Practices. Cambridge University Press. ISBN 0-521-31333-3.
  • Hawkins, Bradley K. (1999). The Pocket Idiots Guide: Buddhism. Laurence King (Penguin, Alpha). ISBN 0-02-864459-X.
  • Hill, John E. (2009) Through the Jade Gate to Rome: A Study of the Silk Routes during the Later Han Dynasty, 1st to 2nd Centuries CE. BookSurge, Charleston, South Carolina. ISBN 978-1-4392-2134-1.
  • Indian Books Centre. Bibliotheca Indo Buddhica Series, Delhi.
  • Juergensmeyer, Mark (2006). The Oxford Handbook of Global Religions. Oxford Handbooks in Religion and Theology. Oxford University Press. ISBN 978-0-19-513798-9.
  • Keown, Damien and Charles S Prebish (eds.) (2004). Encyclopedia of Buddhism (London: Routledge). ISBN 978-0-415-31414-5.
  • Kohn, Michael H. (trans.) (1991). The Shambhala Dictionary of Buddhism and Zen. Shambhala. ISBN 0-87773-520-4.
  • Lamotte, Étienne (trans. from French) (1976). Teaching of Vimalakirti. trans. Sara Boin. London: Pali Text Society. XCIII. ISBN 0-7100-8540-0. {{cite book}}: Unknown parameter |nopp= ignored (|no-pp= suggested) (help)
  • Lowenstein, Tom (1996). The Vision of the Buddha. Duncan Baird Publishers. ISBN 1-903296-91-9.
  • Morgan, Kenneth W. (ed), The Path of the Buddha: Buddhism Interpreted by Buddhists, Ronald Press, New York, 1956; reprinted by Motilal Banarsidass, Delhi; distributed by Wisdom Books
  • Nattier, Jan (2003). A Few Good Men: The Bodhisattva Path according to The Inquiry of Ugra (Ugrapariprccha). University of Hawai'i Press. ISBN 0-8248-2607-8.
  • Rahula, Walpola (1974). What the Buddha Taught. Grove Press. ISBN 955-9219-19-7. ISBN 0-8021-3031-3.
  • Ranjini. Jewels of the Doctrine. Sri Satguru Publications. ISBN 0-7914-0490-0. {{cite book}}: |work= ignored (help)
  • Robinson, Richard H. and Willard L. Johnson (1970; 3rd ed., 1982). The Buddhist Religion: A Historical Introduction (Belmont, California: Wadsworth Publishing). ISBN 0-534-01027-X.
  • Ito, Shinjo (2009). Shinjo:Reflections. Somerset Hall Press. ISBN 1-935244-00-0.
  • Sinha, H.P. (1993). Bhāratīya Darshan kī rūprekhā (Features of Indian Philosophy). Motilal Banarasidas Publ. ISBN 81-208-2144-0.
  • Skilton, Andrew (1997). A Concise History of Buddhism. Windhorse Publications. ISBN 0-904766-92-6.
  • Smith, Huston (2003). Buddhism: A Concise Introduction. HarperSanFrancisco. ISBN 978-0-06-073067-3. {{cite book}}: Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)
  • Thanissaro Bhikkhu (2001). Refuge: An Introduction to the Buddha, Dhamma, & Sangha (3rd ed., rev.).
  • Thich Nhat Hanh (1974). "The Heart of the Buddha's Teaching". Broadway Books. ISBN 0-7679-0369-2. {{cite journal}}: Cite journal requires |journal= (help)
  • Thurman, Robert A. F. (translator) (1976). Holy Teaching of Vimalakirti: Mahayana Scripture. Pennsylvania State University Press. ISBN 0-271-00601-3. {{cite book}}: |author= has generic name (help)
  • White, Kenneth (2005). The Role of Bodhicitta in Buddhist Enlightenment Including a Translation into English of Bodhicitta-sastra, Benkemmitsu-nikyoron, and Sammaya-kaijo. The Edwin Mellen Press. ISBN 0-7734-5985-5.
  • Williams, Paul (1989). Mahayana Buddhism: the doctrinal foundations. London: Routledge. ISBN 0-415-02537-0.
  • Williams, Paul (ed.) (2005). Buddhism: Critical Concepts in Religious Studies, 8 volumes, Routledge, London & New York.
  • Williams, Paul with Anthony Tribe (2000). Buddhist Thought (London: Routledge). ISBN 0-415-20701-0. Retrieved 29 Nov 2008 from "Google Books".
  • Yamamoto, Kosho (translation), revised and edited by Dr. Tony Page. The Mahayana Mahaparinirvana Sutra. (Nirvana Publications 1999-2000). {{cite book}}: |author= has generic name (help)CS1 maint: multiple names: authors list (link)
  • Yin Shun, Yeung H. Wing (translator) (1998). The Way to Buddhahood: Instructions from a Modern Chinese Master. Wisdom Publications. {{cite book}}: |author= has generic name (help) ISBN 0-86171-133-5.
  • Zürcher, E. (1972). The Buddhist Conquest of China. Leiden. E. J. Brill. First published in 1959.

المصادر

  • Bechert, Heinz & Richard Gombrich (ed.) (1984). The World of Buddhism, Thames & Hudson.
  • Berzin, Alexander (November 2001). "Historical Sketch of Buddhism and Islam in Afghanistan". Berzin Archives.
  • Cousins, L. S. (1996). "The Dating of the Historical Buddha: A Review Article". Journal of the Royal Asiatic Society. Series 3 (6.1): 57–63. Retrieved 2007-07-11.; reprinted in Williams, Buddhism, volume I; NB in the online transcript a little text has been accidentally omitted: in section 4, between "... none of the other contributions in this section envisage a date before 420 B.C." and "to 350 B.C." insert "Akira Hirakawa defends the short chronology and Heinz Bechert himself sets a range from 400 B.C."
  • Davidson, Ronald M. (2003). Indian Esoteric Buddhism: A Social History of the Tantric Movement. New York: Columbia University Press. ISBN 0231126190.
  • de Give, Bernard (2006). Les rapports de l'Inde et de l'Occident des origines au règne d'Asoka. Les Indes savants. ISBN-10: 2846540365.
  • Gethin, Rupert (1998). Foundations of Buddhism. Oxford University Press. ISBN 0-19-289223-1.
  • Harvey, Peter (1990). An Introduction to Buddhism: Teachings, History and Practices. Cambridge University Press. ISBN 0-52-131333-3.
  • Lamotte, Étienne (trans. from French) (1976). Teaching of Vimalakirti. trans. Sara Boin. London: Pali Text Society. pp. XCIII. ISBN 0710085400.
  • Skilton, Andrew (1997). A Concise History of Buddhism. Windhorse Publications. ISBN 0904766926.
  • Williams, Paul (1989). Mahayana Buddhism: the doctrinal foundations. London: Routledge.
  • Williams, Paul (ed.) (2005). Buddhism: Critical Concepts in Religious Studies, 8 volumes, Routledge, London & New York.