موسى بن نصير

(تم التحويل من موسى بن النصير)

موسى بن نصير (و. 640 - ت. 716)، هو قائد عسكري وحاكم في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك. حكم شمال أفريقيا (أفريقية)، وقاد القوات الإسلامية لفتح هسپانيا (إسپانيا، الپرتغال، أندورا ومناطق من فرنسا)، ويلقب بفاتح الأندلس.

جبل موسى، يقال أنه سمي على اسم موسى بن نصير.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حياته

هو أبوعبد الرحمن موسى بن نصير بن عبد الرحمن زيد البلوي وُلد عام 640، ونشأ في دمشق وأصله من اليمن. ذكر لأبن الكثير في كتابه البداية والنهاية: "موسى بن نصير أبو عبد الرحمن مولى امرأة من لخم(لهذا غلـب مسمى اللخمي على البلوي)، وقيل: إنه مولى لبني أمية، وأصله من عين التمر.هو من إراشة من بلي(بلي جمـع البلوي)، سبي أبوه من جبل الخليل من الشام في زمن أبي بكر، واسمه نصر، فصغر، وأعتقه بعض بني أمية، فرجع إلى الشام، وولد له موسى بقرية يقال لها: كفر مثرى."

ولي موسى بن نصير غزو البحر في عهد معاوية بن أبي سفيان، فغزا قبرص، وبنى بها حصونًا، وخدم بني مروان ونبه شأنه، وولى لهم الأعمال، فكان على خراج البصرة في عهد الحجاج [1].


الفتح الإسلامي لبلاد المغرب

 
كتاب موسى بن نصير فاتح المغرب، دار جروس للنشر والتوزيع-لبنان. لقراءة النص، انقر على الصورة.

لما تولي الوليد بن عبد الملك الخلافة قام بعزل حسان بن النعمان واستعمل موسى بن نصير بدلا منه وكان ذلك في عام 89 هـ وكان أن قامت ثورة للبربر في بلاد المغرب طمعا في البلاد بعد مسير حسان عنها فوجه موسى ابنه عبد الله ليخمد تلك الثورات فغزا كل بلاد المغرب واستسلم آخر خارج عن الدولة وأذعن للمسلمين. قام موسى بن نصير بإخلاء ما تبقى من قواعد للبيزنطيين على شواطئ تونس وكانت جهود موسى هذه في إخماد ثورة البربر وطرد البيزنطيين هي المرحلة الأخيرة من مراحل غزو بلاد المغرب العربي. لم يكتف موسى بذلك بل أرسل أساطيله البحرية لغزو جزر الباليار البيزنطية الثلاث مايوركا ومينورقة وإيبيزا وأدخلها تحت حكم الدولة الأموية [2].

بعد أن عمل موسى على توطيد حكم المسلمين في بلاد المغرب العربي، وكانت طموحات الدولة ألاموية تتجه إلى بلاد الأندلس بدأ يتطلع إلى غزو الأندلس التي كانت تحت حكم القوط الغربيين. قام موسى باستئذان الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك في غزوها فأشار له الوليد ألا يخاطر بالمسلمين وأن يختبرها بالسرايا قبل أن يغزوها. بعد أن قام موسى بإرسال السرايا واختبار طبيعة الجزيرة الأيبيرية قام بتجهيز جيش بقيادة المسلم طارق بن زياد، وبمعاونة من يوليان حاكم سبتة دخل المسلمون الأندلس وانتصروا على القوط الغربيين انتصارا حاسما في معركة وادي لكة عام 712 م/92 هـ. مازال احفاد موسى بن نصير متواجدين في اليمن وسوريا والسعودية و الأردن ومصر وتونس والمغرب محتفظين بشجرة العائلة (nusair).

فتح الأندلس

وقد شعر أهالي الأندلس مع امتداد الغزو الإسلامي طلائع المساواة، وخاصة في الضرائب، وهو أمر لم يألفوه منذ زمن طويل، هذا إلى احترام حرية العقيدة وإزالة الاضطهاد الديني، وردّد كثير من الباحثين في التاريخ الأوربي المظاهر الجديدة التي سادت الشطر العربي من أوروبا في بلاد أسبانيا عقب الغزو الإسلامي، وسجلت بهذا الدين مظاهر الحياة الجديدة التي نفحها في تلك البلاد، وذكروا أن الغزو العربي كان من بعض الوجوه نعمة لأسبانيا، فقد أحدث فيها ثورة اجتماعية هامة، وقضى على كثير من الأدواء التي كانت تعانيها البلاد منذ قرون، وتحطمت سلطة الأشراف والطبقات الممتازة أو كادت تمحى، ووزّعت الأراضي توزيعا عادلا؛ فكان ذلك حسنة سابغة وعاملا في ازدهار الزراعة إبان الحكم الإسلامي، ثم كان الغزو عاملا في تحسين أحوال الطبقات المستعبدة؛ إذ كان الإسلام أكثر معاضدة لتحرير الرقيق من المسيحية [بحاجة لمصدر]، وكذلك تحسّنت أحوال أرقاء الضياع؛ إذ غدوا من الزرّاع وتمتعوا بشيء من الاستقلال والحرية.

وكان موسى بن نصير حريصا على أن يظلّ المسلمون العاملون تحت رايته - سواء من العرب أو البربر - مثلا أعلى أمام شعب أسبانيا؛ فلم يترفّع أولئك الغزاة المسلمون على أبناء البلاد، وإنما امتزجوا معهم وصاهروهم وشاركوهم أيضا في مباهج البلاد ومسرّاتها؛ يطلبون العيش في سلام جنبا إلى جنب مع أهلها، وكان شعب أسبانيا من العنصر الأيبيري المسالم المحبّ لحسن العشرة، ومن ثم أنس إلى الغزاة الجدد سواء من العرب أو البربر، وأقبل عليهم طواعية لا عن ضغط وإرهاب، ووجد فيهم محرّرين من بطش القوط وظلمهم الفاحش، ولم يحاول الغزاة إدخال أبناء الشعب قسرا في الدين الإسلامي، وإنما حرصوا أوّلا على بيان فضائل هذا الدين حتى يتنبّه الناس ويدخلوا في رحابه إيمانا بأركانه وقواعده.[بحاجة لمصدر]

ثم إن موسى بن نصير عمد إلى تنظيم الأحوال المالية للبلاد حتى يجنبها الاضطرابات ويهيء لها أسباب الاستقرار، وقد طبق على أسبانيا القواعد التي اتبعها المسلمون في شتى الجهات التي استولوا عليها، فالأراضي التي غزت عنوة قسمت بين الغزاة بعد أخذ الخمس لبيت المال، أما الجهات التي غزت صلحا فتركت بيد أصحابها مقابل دفع العشر من نتاجها، ولا شكّ أن هذا التنظيم المالي لم يكن عملا هيّنا بالنسبة لموسى بن نصير، وبخاصة في تلك الجهات من غرب أوروبا التي لم تعرف منذ زمن بعيد لونا من ألوان الإدارة العادلة؛ فالمعروف أن القوط كانوا يستبيحون لأنفسهم ثروات البلاد ويعتبرون السكان أقنانا يعملون في الأرض، ولا همَّ لهم إلا إنتاج ما يحتاج إليه سادتهم من القوط، ولذا جاءت تنظيمات موسى بن نصير في أسبانيا وسيلة جيدة لخلق الامتزاج السليم بين الغزاة وأهل البلاد الأصليين؛ فالأراضي المنبسطة في الجنوب - أي جنوب الوادي الكبير - اعتبرها موسى ابن نصير أرضا مستولى عليها عنوة؛ فقد تم الاستيلاء عليها بعد معارك عنيفة ضد لوذريق، وقسم موسى أربعة أخماس هذه الأراضي إلى قطاعات بين الغزاة، على حين بقي الخمس ملكا للدولة، أما بقية أرض الأندلس فقد اعتبرت أرض صلح وهي الأراضي الواقعة شمال نهر الوادي الكبير من شبه جزيرة ايبريا، فأخذ كل ناحية لأنفسهم عهدا، وهذا العهد يقرر ما عليهم من مال للدولة، وبذلك سار الاستقرار في بلاد أسبانيا سريعا حيث سار موسى بن نصير، وبدأ العرب والبربر ينتشرون في شتى الجهات في طمأنينة وسلام، واستقر العرب دائما في المناطق المنبسطة والمنخفضات، أي في النواحي الدافئة قليلة المطر في الجنوب والشرق والغرب وفي ناحية سرقسطة، أما البربر فاختاروا المناطق الجبلية التي سبق أن ألفوا مثلها في وطنهم ببلاد المغرب، بينما نزل العرب في المناطق الواطئة بجنوب أسبانيا مثل شذونه واستجة، فضَّل البربر منطقة رنده الجبلية واختاروها سكنا لهم، ونزل بعض البربر في مناطق متفرّقة كذلك أو في بعض الهضاب حسبما راق لهم ذلك، واستطاع كل من العرب والبربر الامتزاج بأهالي البلاد الأصليين وارتبطوا معهم برباط الزواج، وكان للبربر خاصة أثر عظيم جدّا في انتشار الإسلام في الأندلس بسبب قرب مزاجهم وطباعهم من أولئك السكان، هذا إلى أن البربر بسبب حداثة عهدهم بالإسلام كانوا شديدي الحماسة للدين الجديد لأنه صار رمز سيادتهم وعزّهم، وحرص موسى بن نصير على ترك حاميات من جيشه في المدن التي غزاها، وهذا هو الأمر الذي جعل معظم أرجاء أسبانيا تعمر بالغزاة الجدد وتمهد أسبانيا في سرعة ويسر لاعتناق الدين الإسلامي.

واستطاعت الإدارة الإسلامية التي شيّدها موسى بن نصير أن تضع الحجر الأساسي لبناء الحضارة الإسلامية في أسبانيا، وجعلت من تلك البلاد أعظم مركز للإشعاع الحضاري في أوروبا في العصور الوسطي، ومن ثم أخذت أسبانيا تخطو سريعا في مضمار الازدهار العلمي وتدخل سجل التاريخ باعتبارها الشريان الذي نقل إلى أوروبا ثمار الحضارة الإسلامية ومعارفهم، وهيّأ لسكان غرب أوروبا السبيل للخروج من جهالة العصور الوسطي إلى نور الحضارة الإسلامية.

وقد استغرق الغزو الإسلامي لأسبانيا ثلاث سنوات وبضعة شهور؛ إذ بدأ الغزو الإسلامي لأسبانيا في رجب عام 92هـ وتم في ذي القعدة عام 95هـ. ويلاحظ أن العرب أطلقوا اسم الأندلس على المناطق التي كانوا يسيطرون عليها من شبه جزيرة أيبريا، ولا زال اسم الأندلس يطلق على الجزء الجنوبي منها.

وفاته

تختلف الروايات في نهاية موسى وخاتمة حياته. والرواية المشهورة أن الخليفة الوليد كان قد مرض وثقل عليه الداء فأرسل سليمان بن عبد الملك، ولي العهد، إلى موسى يأمره بالتريث في دخول دمشق حتى يموت الوليد ويتولى هو مقاليد الخلافة، فيكون له فخر استقبال الموكب الظافر. إلا أن موسى لم يجبه إلى طلبه وواصل السير حتى دخل دمشق سنة 96هـ والوليد في مرض موته، فأحسن وفادة موسى ثم مات بعد أيام. وكان هذا سبب حقد سليمان على موسى، وأراد أن ينتقم منه لما أصبح خليفة ـ وقيل عذّبه ـ ثم عفا عنه وقرّبه من مجلسه. [1]

ومات موسى في وادي القرى أو بمرّ الظهران وهو في طريقه إلى الحج برفقة الخليفة سليمان بن عبد الملك. وقيل كانت وفاته في المدينة المنورة.

انظر أيضاً

الهوامش

  1. ^ محمود فاخوري (2013-08-02). "موسى بن نصير". الموسوعة العربية.

المصادر

  • ابن قتيبة، الإمامة والسياسة، تصحيح محمد محمود الرافعي (مصر 1322هـ).
  • ابن جرير الطبري، تاريخ الرسل والملوك، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم (دار المعارف، مصر 1970).
  • شمس الدين الذهبي، سير أعلام النبلاء، تحقيق شعيب الأرناؤوط وآخرين (بيروت 1981ـ 1985م).
  • إبراهيم العدوي، موسى بن نصير (سلسلة أعلام العرب، مصر 1967م).
  • Al-Bakri, Kitāb al-masālik w'al-mamālik. Spanish translation of extracts relating to Spain, E. Vidal Beltran, Geografia de España, Textos Medievales vol. 53, Zaragoza, 1982.
  • al-Baladhuri, Kitab Futuh al-Buldan, translated by Phillip Hitti in The Origins of the Islamic State (1916, 1924).
  • Anon., Akhbār majmūa fī fath al-andalūs wa dhikr ūmarā'ihā. Arabic text edited with Spanish translation: E. Lafuente y Alcantara, Ajbar Machmua, Coleccion de Obras Arabigas de Historia y Geografia, vol. 1, Madrid, 1867.
  • Ibn Abd al-Hakam, Kitab Futuh Misr wa'l Maghrib wa'l Andalus. English translation by Torrey of portion of this 9th century work covering the period: "The Mohammedan conquest of Egypt and North Africa in the Years 643-705 A.D., translated from the Original Arabic of Ibn 'Abd-el Hakem'", Biblical and Semitic Studies vol. 1 (1901), 279-330 (covers North Africa only, not Spain). Critical Arabic edition of the whole work published by Torrey, Yale University Press, 1932. Spanish translation by Eliseo Vidal Beltran of the North African and Spanish parts of Torrey's Arabic text: "Conquista de Africa del Norte y de Espana", Textos Medievales #17, Valencia, 1966. An online copy of an older and less reliable (19th-century) English translation of the portion dealing only with Spain is at: Medieval Sourcebook: The Islamic conquest of Spain
  • A. Benabbès: "Les premiers raids arabes en Numidie Byzantine: questions toponymiques." In Identités et Cultures dans l'Algérie Antique, University of Rouen, 2005 (ISBN 2-87775-391-3)
  • Muhammad ibn Abi Dinar al-Qayrawānī, Al-Mu’nis fi Akhbar Ifriqiya wa Tunis (1681). French translation by E. Pellisier & E. Rémusat, Histoire de l'Afrique, Paris, 1845.
  • Ibn al-Faqih al-Hamadānī, Kitāb al-buldān. French translation by H. Massé: Abrégé du Livre des Pays, Damascus, 1973.
  • Pascual de Gayangos y Arce, The History of the Mohammedan Dynasties in Spain. vol. 1. 1840. English translation of al-Maqqari and other authors.
  • Anon., Kitāb al-imāma w'as-siyāsa (9th-10th century?). English translation: Appendix E of Gayangos' The History of the Mohammedan Dynasties in Spain.
  • Robert Brunschvig, "Ibn 'Abdalh'akam et la conquête de l'Afrique du Nord par les Arabes." Annales de l'Institut d'Etudes Orientales, v. 6 (1942–44) 108-155. Reprinted in Al-Andalus, 40 (1975), pp. 129–179.
  • M.J. Viguera Molina, "The Muslim settlement of Spania/al-Andalus", p. 13-38 in The Foundation of al-Andalus. Part 1: History and Society (ed. M. Martin), Ashgate, UK, 1998 (vol. 46 of The Foundation of the Classical Islamic World series). Reviews all Arabic sources.


سبقه
حسن بن النعمان الغساني
حاكم أفريقية تبعه
محمد بن زياد
سبقه
طارق بن زياد
حاكم الأندلس
712–714
تبعه
عبد العزيز بن موسى