الكف الأسود (فلسطين)

الكف الأسود (إنگليزية: Black Hand)، هو تنظيم مسلح تأسس عام 1930 لمقاومة القوات البريطانية واليهود الداعمين للمشروع الصهيوني في فلسطين الانتدابية. أسسه الشيخ عز الدين القسام وظل قائداً له حتى وفاته عام 1935،[1]

الكف الأسود
الزعيم المؤسسعز الدين القسام 
تواريخ النشاط1930–1935
مناطق النشاط عموم فلسطين
الأيديولوجيةالقومية الفلسطينية
الإسلاموية
معاداة الصهيونية
الحجم200–800 (1935)
الخصومإسرائيل الهجاناه
 عموم فلسطين


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التأسيس

 
مجموعة من مقاتلي الكف الأسود.

بدأت فكرة تأسيس هذ التنظيم تتبلور في أعقاب ثورة البراق 1929، على الرغم من أن أحد المصادر يقول إن القرار قد اتخذ بعد حادث يوم الغفران عند حائط المبكى في سبتمبر 1928.

منذ البداية حدث انقسام في التنظيم، حيث دعت مجموعة بقيادة أبو إبراهيم لشن هجمات مقاومة فورية، بينما اعتقدت المجموعة الأخرى برئاسة القسام أن الوقت سابق لأوانه للقيام بثورة مسلحة، ويعتبر مخاطرة بفضح استعدادات الجماعة. وبحسب صبحي ياسين، نفذت الجماعة المنشقة هجمات في الشمال في تحد للقسام، رغم أن أبو إبراهيم نفى هذه المزاعم عام 1969.

بعد فشل الثورة السورية 1921 التي قادها القسام، هرب إلى حيفا. وبحسب شاي لاكمان، في الفترة بين عامي 1921 و1935 تعاون القسام مع مفتي القدس الحاج أمين الحسيني. كانت العلاقات بينهما جيدة، وكانت التعيينات الرسمية المختلفة للقسام تتطلب الموافقة المسبقة من المفتي. ويقترح زيادة تعاونهما بعد ثورة البراق 1929، حيث ادعى أحد المصادر أن رجال القسام كانوا نشطين. اختلف الاثنان في منتصف الثلاثينيات، ربما بسبب الخط النشط المستقل للقسام.[2]

عندما رفض الحاج أمين الحسيني خططه لتحويل الأموال المخصصة لإصلاح المساجد لشراء الأسلحة، وجد القسام الدعم في حزب الاستقلال القومي العربي. واصل القسام محاولاته للتحالف مع المفتي لمهاجمة البريطانيين. لم يكن الامر ناجحًا بالنسبة للمفتي، الذي ترأس المجلس الإسلامي الأعلى، وكان لا يزال ملتزمًا بالنهج الدبلوماسي في ذلك الوقت. مضى قسام في خططه لمهاجمة البريطانيين بنفسه.

قبل تشكيل الكف الأسود، كانت هناك جماعة تطلق على نفسها اليد الخضراء التي كانت موجودة لفترة وجيزة في صفد وعكا والتي كانت نشطة لبضعة أشهر خلال شتاء 1929/1930.

كانت مجموعة "لكف الأسود نشطة في شمال فلسطين المحتلة، واستهدفت بعملياتها القوات الإنجليزية واليهود الداعمين للمشروع الصهيوني، وقد نقل الشهيد باسل الأعرج، المثقف المشتبك، في دراسته الكف الأسود عن الشيخ عبد الفتاح المزرعاوي -أحد أعضاء الجمعية، أن مجموعة الكف الأسود شكّلها رفاق الشيخ عز الدين القسام، وهدفها تصفية العملاء والجواسيس، وتحركت الثورة وتشكّلت من مجموعات، كل 4 يعرفون بعضهم ولا يعرفهم الباقون.

ومن الجدير بالذكر أنه في فترة مقاربة لتشكيل الكف الأسود في فلسطين على يد عز الدين القسام، ظهر في سوريا على يد الشيخ محمد المكي الكتني جمعية بالاسم نفسه عام 1922، ودرّبت 40 شابًّا بهدف محاربة الاستعمار في فلسطين والمغرب وليبيا.

ويشير الأعرج في دراسته عن المجموعة، والتي جاءت ضمن كتاب "وجدتُ أجوبتي" الذي جمع أعماله بجهود رفاقه من بعده، إلى أن النساء شاركن في الكف الأسود، لا سيما في منطقة القدس، وبعثت النساء الناشطات فيها رسائل تهديد للشرطة، وبعض من عضواتها اعتقلن وتمّت محاكمتهن محاكمة عسكرية وسجنهن مثل منيرة الخالدي التي اُعتقلت عام 1937، ولما لم تكن النساء يفتّشن حينها، كان الثائر يقوم بتصفية العميل أو تنفيذ عمليته من خلال مسدس مزوّد بكاتم الصوت، ثم يعطيه لزوجته التي تلبس رداءً أسود يغطي كامل جسدها وتخبئه، ويعودا إلى منزلهما بسلام.


النشاط

 
سرور برهم، منفذ أولى عملية لتنظيم الكف الأسود.

نشط تنظيم الكف الأسود في مدينة حيفا تحديداً ومن ثم إنتقل نشاطها وهجماتها ليشمل شمال فلسطين وكانت مهمتها تتلخص باغتيال رجال العصابات الصهيونية وتصفية سماسرة الأراضي ومهاجمة الحاميات البريطانية، وكانت طرف كبير في مقاومة الانتداب البريطاني والتغلغل الصهيوني. شاركت الجماعة في الحرب الانتدابية 1947-1948 ضد الانتداب البريطاني والعصابات الصهيونية، وكانت لها دور كبير في حرب 1948 وكانت مسؤولة عن سلسلة هجمات ضد المخافر والمعسكرات البريطانية والمستوطنات الصهيونية عام 1946.

عمليات المقاومة

نفّذت مجموعة الكف الأسود هجمات ضدّ أهداف صهيونية وبريطانية فترة 1930-1935، أسفرت فيها عن مقتل 8 صهاينة على الأقل، قُتل 3 صهاينة في كيبوتس ياجور عام 1931، وقُتل صهيونيان في مستعمرة نحلال 1932، ومارست عملها ضد أعوان المستعمر، فلاحقت الجواسيس وأعدمتهم، مثل أحمد نايف الذي أعدمته المجموعة عام 1936، وقد عُرف عنه أنه كان يعمل ضابطًا سرّيًّا عميلًا لدى الإنجليز في حيفا، ورفض أبناء المدينة الصلاة عليه ودفنه في المقبرة.

ويذكر الشهيد الأعرج أن أغلب عمليات التصفية كانت تنفَّذ في مدينة حيفا، وهاجمت مجموعة الكف الأسود برئاسة أحمد عبد المعطي مستوطنة أشلوتا ومستوطنة الشلالة وقُتل بعض أفرادهما الصهاينة، كما اُغتيل حاكم منطقة الجليل لويس أندروز في سبتمبر 1937، بالإضافة إلى عمليات تفجير سكك القطار واغتيال سماسرة الأرض وتهريب أعضاء الشرطة العرب، واغتيال ضباط كبار ومهاجمة المستعمرات، وإصدار بيانات مقاطعة البضائع الصهيونية، وتهديد التجار العرب المتعاطين معها. [3]

وانتقمت الكف الأسود للدماء الفلسطينية التي أراقها الانتداب البريطاني والصهاينة، ففي ردّها على جريمة عصابة الهاحاناه بتفجير حديقة للأطفال في حيفا ومقتل 10 فلسطينيين نساءً وأطفالًا، اقتحمت الكف الأسود معسكر وادي النسناس في حيفا وقتلت عددًا من العصابات الصهيونية والجنود البريطانيين، وعملية تحرير شارع فيرجن بمدينة حيفا، وهي هجوم نفّذته المجموعة ضد الهاجاناه، حيث ارتقى 15 فلسطينيًّا على يد العصابة الصهيونية، وانتقامًا لذلك وقعت اشتباكات عنيفة بين الكف الأسود والهاجاناه أدّت إلى مقتل 20 وجرح 50 من رجال العصابات الصهيونية.

ولما كان الانتداب البريطاني يشدد من إعداماته بحقّ الثوار الفلسطينيين، كان بين الذين أعدمهم الإنجليز في سجن عكا المركزي المجاهد أحمد قاسم محمد عبد الرحيم الملقّب بالتركي، وهو من قرية إجزم من آل ماضي يُعرَف باسم زعل، كان عضوًا في "الكف الأسود" بقيادة المجاهد أحمد عبد المعطي، واتهم مع 3 آخرين بقتل اثنين من رجال مخابرات الشرطة الإنجليزية في السوق بحيفا يوم 16 أكتوب 1939.

ومن الموثق في سجلّات التاريخ ما ذكره المؤرخ مصطفى كبها في "دفاتر النكبة"، عن كمين مستوطنة متوسكين على مشارف مدينة حيفا الشمالية، قبل شهرَين من النكبة الفلسطينية عام 1948، حيث جهّزت العصابات الصهيونية كمينًا لمجاهدين من سوريا ولبنان وفلسطين قرب المستوطنة، كانوا قد علموا أنهم على متن قافلة محمّلة بالعدّة والسلاح والذخيرة لمنع سقوط حيفا في يد العصابات الصهيونية.

كان في قيادة القافلة القائد الأردني محمد الحنيطي، و31 ثائرًا منهم الشهيد سرور برهم الذي كان مسؤولًا عن تزويد فصائل الثورة بالمؤن والذخيرة وتزعُّم الكف الأسود، ويذكر كبها في "دفاتر النكبة" أن بعد مرور القافلة في مفرق قريات موتسكين اعترضتها سيارات صهيونية أدّت إلى توقفها ووقوعها هدفًا لكمين محكم التدبير أمطر القافلة بالرصاص وأدّى إلى استشهاد 15 من مرافقيها، بمن فيهم القائد محمد الحنيطي وسرور برهم، وانفجرت إحدى الشاحنتَين الكبيرتَين بما فيها من ذخيرة وأحدث انفجارها دويًّا هائلًا، في حين أفلتت الثانية وسيارة خصوصية أخرى وعادتا إلى عكا.

ورغم ذلك، وكمحاولة لتشويه الصورة، ظهرت خلال الثورة الفلسطينية جماعات حملت اسم الكف الأسود، ومارست التهديد والابتزاز المالي والقتل، وعمدت إلى الإساءة للاسم المقاوم الذي حملته، من جهة أخرى تكرر ظهور الاسم مرة أخرى خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى، ونُفّذت عمليات وقّعت باسم الكف الأسود مجهولة الهوية والعدد.

أشهر العمليات

  • عملية القطار: هو هجوم على قطار بريطاني أدى لمقتل 25 جندي بريطاني والاستيلاء على القطار المحمل بالأسلحة والذخيرة.
  • عملية إقتحام معسكر وادي النسناس: إقتحمت جماعة الكف الأسود معسكر وادي النساس في حيفا وقامت بقتل 9 رجال من العصابات الصهيونية و قتل 30 جندي بريطاني ردا على جريمة عصابة الهاجانا بتفجير حديقة لالطفال في حيفا مما أدى لمقتل 10 أطفال ونساء.
  • عملية تحرير شارع فيرجن: هو هجوم قامت به جماعة الكف الأسود ضد شارع فيرجن الموجود في مدينة حيفا الذي كان قد إحتل من قبل قوات كبيرة من عصابة "الهاجناه" الصهيونية التي قامت بقتل 15 فلسطيني كانوافي الشارع فقامت جماعة الكف الأسود بهجوم على الشارع فوقعت إشتباكات عنيفة بين الطرفين أدى إلى مقتل 20 و جرح 50 من رجال العصابات الصهيونية وتم تحريرالشارع.
  • معركة وادي النسناس: هي معركة وقعت في 14 مارس 1948 بين (جماعة الكف الأسود والمسلحين من أهالي حيفا ضد قوات الإرگون الصهيونية) التي كانت قد إحتلت وادي النسناس في حيفا وبدأت بأستخدام المدفعية الثقيلة في قصف حي وادي النسناس فوقعت إشتباكات عنيف جدا بين الطرفين أدت إلى مقتل 110 جنود صهاينة ومقتل "بنحاس رام" قائد قوات الارغون وإستشهاد 60 فلسطيني وتم تحرير وادي النسناس من الصهاينة.
  • تفجير شركة سوليل بونيه: هو تفجير نفذته الكف الأسود إستهدف شركة سوليل بونيه الصهيونية الموجودة في مدينة حيفا ردا على جريمة عصابة الهاجانا بتفجير دار السلام العربية في حيفا.
  • معركة مستوطنة متوسكين: هي معركة اندلعت بين (جماعة الكف الأسود وبعض من المقاتلين الأردنيين ضد العصابات الصهيونية) حيث كان سرور برهم قائد جماعة الكف الأسود و محمد الحنيطي الضابط في الجيش الاردني قد ذهبا لاحضار قافلة من السلاح والمتفجرات ومن بين المتفجرات "لغم يستطيع تفجير بناية مكونة من 14 طابق" وتم إحضار هذه الأسلحة والمتفجرات من بيروت وفي طريق العودة وبالقرب من مستوطنة متوسكين القريبة من مدينة حيفا تعرضت القافلة لكمين من قبل العصابات الصهيونية أدى إلى مقتل 14 مقاتل بمن فيهم محمد الحنيطي ولكن سرور برهم قام بقيادة الشاحنة التي تحمل الاسلحة و المتفجرات وقام بأقتحام المستوطنة وتفجير السيارة فيها مما أدى إلى مقتل 355 جندي صهيوني و تدمير معسكر المستوطنة بالكامل وتدمير معمل المتفجرات الموجود فيها.

نقد

في 1953، استغلت إسرائيل غارات الكف الأسود لاحتلال منطقة العوجة المحايدة. ويصف البعض أعضاء التنظيم، بأنهم مجموعة من البدو كانوا يقومون بغارات على المستوطنات الإسرائيلية بهدف قتل وسرقة نهب تلك المستوطنات، وليس لأغراض سياسية.[4]

ذكراها

على الرغم من أن تمرد القسام لم ينجح في حياته، إلا أن العديد من المنظمات استلهمت من مثاله الثوري.[5] أصبح القسام بطلاً شعبياً ومصدر إلهام للمقاومين العرب اللاحقين أثناء ثورة 1936-1939 الذي وصفوا أنفسهم على أنها قساميون (أي أتباع القسام).

كان الكف الأسود هي الاسم الذي استخدمه أفراد من قبيلة العزازمة في النقب الذين يُعتقد أنهم مسؤولون عن مقتل 11 إسرائيليًا في ممر العقرب، 17 مارس 1954.

تصف رواية أخرى مجموعة أخرى تستخدم اسم الكف الأسود والتي كانت نشطة حول يافا عام 1919. ووفقًا لهذه الرواية، التي ذكرها وديع بستاني ويعتقد أنها تحظى بدعم الحاكم العسكري البريطاني لمدينة يافا.[6]

عام 1992 تأسست كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس. من عام 1994 حتى 2000، قامت كتائب الدين القسام بعدد من عمليات المقاومة ضد الاحتلال.

كما سُمي على اسم القسام عائلة صواريخ القسام.[7]

انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ Strike Terror: The Story of Fatah, Ehud Yaari, Sabra Books, 1970, p.41-42
  2. ^ Lachman 1982, pp. 75–76.
  3. ^ "مجموعة "الكف الأسود" في حيفا.. النشأة والظهور". نون پوست. 2022-10-17. Retrieved 2023-06-03.
  4. ^ مسعد أبو فجر، تويتر
  5. ^ Segev, Tom (1999). One Palestine, Complete. Metropolitan Books. pp. 360–362. ISBN 0-8050-4848-0.
  6. ^ Cohen, Aharon (1970) Israel and the Arab World. W.H. Allen. ISBN 0-491-00003-0. p.148
  7. ^ "History of the Qassam Rocket". Jewish Policy Center. Archived from the original on 24 July 2009. Retrieved 18 Feb 2019.

قراءات إضافية