الديمقراطية الاشتراكية

الديمقراطية الاشتراكية أو الديمقراطية الاجتماعية Social democracy، هي أيديولوجيا سياسية رسمياً تهدف إلى تاسيس الاشتراكية الديمقراطية عن طريق النماذج الاصلاحية والتدرجية.[1] بدلاً من ذلك، تعرف الديمقراطية الاشتراكية على أنها نظام سياسي يضم دول الرفاه العالمية ومخططات collective bargaining في إطار الاقتصاد الرأسمالي. عادة ما يستخدم مصطلح الديمقراطية الشتراكية للإشارة إلى النماذج الاجتماعية والسياسات الاقتصادية البارزة في غرب وشمال اوروپا في النصف الأخير من القرن 20.[2][3]

يرفض الديمقراطيييون الاشتراكييون الاضطهاد والفقر والتفاوت الناجم عن السوق الحرة، كما يرفضون الاقتصادات المخططة مركزياً.

يعمل الديمقراطيين الاشتراكيين اليوم على إصلاح النظام الرأسمالي القائم عبر دمج عناصر اشتراكية بعناصر رأسمالية لضمان العدالة الاجتماعية و بناء دولة الرفاهية.

يستخدم البعض مصطلح الديمقراطية الاشتراكية sococracy كمرادف للاشتراكية الديمقراطية democratic socialism. إلا أنه يجدر الذكر بأن الديمقراطية الاشتراكية الحديثة تحافظ على نمط الإنتاج الرأسمالي, فيما يدعو العديد من الاشتراكيين الديمقراطيين إلى استبداله باشتراكية مدارة ديمقراطياً. [4]

تشارك أغلب الأحزاب الديمقراطية الاشتراكية في منظمة اشتراكية دولية تسمى "الدولية الاشتراكية"، التي تأسست عام 1951.[5]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التاريخ

الفترة الدولية الأولى، 1863–1889

استخدم مصطلح "الديمقراطية الاشتراكية" لأول مرة في القرن التاسع عشر للدلالة على الأحزاب ذات النهج الاشتراكي العلمي لتفريقها عن أحزاب النهج الاشتراكي الطوبوي. كما استخدم المصطلح أيضاً للإشارة إلى الأحزاب المتأثرة بفكر ماركس وفريدريك أنجلز وفرديناند لاسال.

ظهرت عدة أحزاب ديمقراطية اشتراكية في القرن التاسع عشر، من أبرزها الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني وحزب العمال الديمقراطي الاشتراكي الروسي.

يعود أصل الديمقراطية الاشتراكية إلى ستينات القرن التاسع عشر، مع ظهور أول تنظيم اشتراكي من هذا النوع في ألمانيا: "الرابطة العامة للعمال الألمان"، والتي كانت بقيادة فرديناند لاسال. وعلى الرغم من عدم كونه ماركسياً، كان لاسال متأثراً بنظريات ماركس وأنجلز، ولكن سياسته كانت، بشكل رئيسي, إصلاحية وانتخابية. كانت صحيفة الرابطة تصدر باسم "Die Sozialdemokrat" ("الديمقراطي الاشتراكي"). ضمت الرابطة بعض الاشتراكيين الماركسيين كفيليم ليبكنخت وأوجست بيبل، مما أدى إلى ظهور خلافات بين الجناح اللاسالي الذي أيد الدولة البروسية وتتطلع إلى التحالف مع الإقطاع والمستشار بيسمارك، وبين الجناح الماركسي، الذي عارض بشدة هذه المواقف والتوجهات. انشق كل من ليبكنخت وبيبل، ومعهم الجناح الماركسي عن الرابطة، وأسسو في عام 1869 "حزب العمال الديمقراطي الاشتراكي".


 
شعار الدولية الاشتراكية، منظمة دولية للأحزاب الديمقراطية الاشتراكية.
 
متراس في باريس، مارس 1871، أقامته القوى الثورية في كوميون باريس.

لم يكن حزب العمال الديمقراطي الاشتراكي حزباً ماركسياً بشكل رسمي. لكنه كان أول منظمة عمالية بقيادة ماركسية، كما كان ماركس وإنجلز على علاقة مباشرة بالحزب.

تفاقمت حدة الخلافات بين الحزب والرابطة عند اندلاع الحرب البروسية- الفرنسية التي أيدتها الرابطة، بينما عارضها الحزب، بوصفها حرباً إمبريالية توسعية.


اندلعت الثورة في فرنسا، نتيجة لخسارتها الحرب، ونظمت انتخابات لمجلس كمونة باريس, التي تلقت الدعم من معظم قاطني العاصمة، بغض النظر عن انتمائهم الطبقي. فبالإضافة إلى الطبقة العاملة، التي كونت قاعدة الدعم الرئيسية للكمونة، حظيت الكمونة بدعم التجار وأصحاب المحال وبرجوازية الطبقة الوسطى. ضمت الكمونة خمسة وعشرين يعقوبياً، خمسة عشر إلى عشرين برودونياً ونقابياً، تسعة أو عشرة بلانكيين، وخليطاً متنوعاً من الجمهوريين الراديكاليين, بالإضافة إلى بضعة أممين متأثرين بماركس.

في أعقاب انهيار كومونة باريس عام 1871، أشاد ماركس بها في مؤلفه "الحرب الأهلية في فرنسا" (1871), و أكد على تأييده للديمقراطية التمثيلية المستندة على الاقتراع العام التي أقامتها. حيث رأى بها نموذجاً ممتازاً لدكتاتورية البروليتاريا, على الرغم من تأثيراتها البرجوازية, حيث أنها حطمت جهاز الدولة البرجوازية وأقامت دولة عمالية ذات شعبية واسعة.

في مؤتمر لاهاي عام 1872، عدل ماركس موقفه حول ضرورة قيام ثورة عنيفة لإنجاز الاشتراكية, من خلال الأخذ بعين الاعتبار المؤسسات المختلفة في كل بلد, حيث أعلن ماركس من خلال المؤتمر:

" نحن نعلم بأن ثقافة وتقاليد ومؤسسات كل بلد يجب أن تأخذ بعين الاعتبار. ونحن لا ننفي وجود أمريكا وإنجلترا، ويمكن أن أضيف هولندا، حيث بإمكان العمال نيل حقوقهم بالطرق السلمية. لكن هذا لا ينطبق على كل البلدان. "

- ماركس (1872) [6]

تحدث ماركس, عام 1878، عن إمكانية قيام حكومة منتخبة مكونة من مشرعين عماليين, تكون أيضاً مستعدة لاستخدام القوة، فقط في حال تعرضها للعنف:

"سيكون بإمكان العمال، إن حصلوا على أغلبية في البرلمان أو في الكونجرس في إنجلترا وأمريكا، أن يتخلصوا، بطرق قانونية، من القوانين والمؤسسات التي تعيق تقدمهم و تطورهم. لكنهم لن يتمكنوا من القيام بذلك، إلا عند وصول المجتمع إلى درجة كافية من النضج. ومع ذلك، يمكن لهذه الحركة "السلمية" أن تتحول إلى حركة "قسرية"، في حال تعرضها لمقاومة من قبل أولئك المهتمين بإعادة الوضع السابق (كما في الحرب الأهلية الأمريكية والثورة الفرنسية)، حيث تم إيقافهم بالقوة بصفتهم متمردين على قوة "قانونية". "

– ماركس (1878) [7]

قدم فريدريك أنجلز ,في دراسته عن إنجلترا في عام 1845 و1885، تحليلاً للتغيرات التي طرأت على النظام الطبقي في بريطانيا بين عامي 1845-1885، وأثنى على حركة "التشارتيين" لتحقيقها إنجازات غير مسبوقة لمصلحة الطبقة العاملة. أعلن أنجلز أن البرجوازية الصناعية أدركت خلال هذه الفترة أنها لن تستطيع بسط سلطتها السياسية والاجتماعية على كامل الأمة, دون مساعدة الطبقة العاملة. كما لاحظ أن تبدلاً تدريجياً قد طرأ على العلاقة بين الطبقتين. حيث تجلى هذا التبدل من خلال التغيير الحاصل في القوانين في بريطانيا، الذي منح تبدلات سياسية لصالح الطبقة العاملة، طالبت بها حركة "التشارتيين" لسنوات:

"إن إلغاء "شرط الملكية" والتصويت عن طريق صندوق الاقتراع هو الآن القانون السائد. حيث أن قوانين الإصلاح لعامي 1867 و1884 نهجت نهجاً قريباً من "الاقتراع العام". على الأقل مثل هذا موجود الآن في ألمانيا"

لعبت الجماعة الفابية، منذ تأسيسها عام 1884 في بريطانيا، دوراً هاماً في تطور الديمقراطية الاشتراكية، حيث كانت من أبرز الحركات الاشتراكية اللا-ماركسية في القرن التاسع عشر. وعلى عكس الماركسية، لم تروج الفابية لنفسها كحركة تقودها الطبقة العاملة، حيث كان معظم أعضائها من الطبقة الوسطى. نشرت الجماعة عام 1889 مجموعة من المقالات، بقلم جورج برنارد شو، الذي كان عضواً فيها. والذي أعلن أن الفابيين هم:

"كل الديمقراطيين الاشتراكيين الموقنين بضرورة تخويل إدارة الصناعة ووسائل الإنتاج لدولة كل الشعب، عن طريق الديمقراطية الكاملة." -

كما كان سيدني ويب، المهندس الرئيس لسياسات الجمعية، من الاشتراكيين المبكرين البارزين، وأحد ملهمي الحركة العمالية البريطانية.


الفترة الدولية الثانية، نزاع "الاصلاح أو الثورة"، 1889–1914

 
كير هاردي.
 
إدوارد برنستاين.

ظهرت تطورات كبيرة في الديمقراطية الاشتراكية مع صعود إدوارد برنشتاين، داعية الاشتراكية التدريجية، والمتمسك بالماركسية مع ذلك، أواخر القرن التاسع عشر.

قدم برنشتاين، القيادي في الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني، وصديق فردريك أنجلز، مراجعة نظرية لبعض الأفكار والمنطلقات الماركسية التي اعتبرها منتهية الصلاحية كالثورة الاجتماعية ومفهوم الصراع الطبقي. انتقد برنشتاين الفهم المادي للتاريخ لاستناده على الديالكتيك الهيغلي الذي رفضه. كما ادعى بأن الانتقال إلى الاشتراكية سيكون عبر الديمقراطية التمثيلية البرلمانية ومن خلال التعاون بين كافة الطبقات. واعتبر بأن التعايش بين القطاع العام والخاص سيسود لفترة طويلة قبل أن تتحول الملكيات الخاصة من تلقاء نفسها إلى تعاونيات.

 
كارل كوتسكي

كان برنشتاين يقول، بعد تحوله للمراجعة, بأنه يستند إلى كتابات ماركس وأنجلز المتأخرة، التي اعتبرها "ماركسية ناضجة" أكثر من ماركسية ما قبل سحق كومونة باريس عام 1871. [8] [9]

أكد برنشتاين بأن الطبقة العاملة ليست طبقة واحدة متجانسة، كما يشير "البيان الشيوعي"، بل هي طبقة تتألف, بالواقع، من أقسام وأراء متنوعة، حيث أن وجود نقابات بعضها اشتراكية وبعضها الآخر غير اشتراكي خير دليل على ذلك. كما أكد على أن الطبقة الوسطى ليست بحكم الزوال، بل هي آخذة بالاتساع المطرد. والجدير بالذكر بأن ماركس كان قد أشار بأن الطبقة الوسطى لم تكن على وشك الاختفاء في مؤلف "نظريات فائض القيمة"، ولكن، ونظراً لشهرة "البيان الشيوعي"،بقيت إشارة ماركس هذه مجهولة بالنسبة لكثيرين.

رفض برنشتاين التعارض الذي أقامته الماركسية بين الاشتراكية والليبرالية، حيث عرف الاشتراكية بأنها "ليبرالية منظمة". وأدعى بأن لدى الديمقراطيين الاشتراكيين والديمقراطيين الليبراليين أرضية مشتركة يمكن الاستناد إليها لإقامة "جمهورية اشتراكية". [10]


 
روزا لوكسمبورگ

أعلن برنشتاين بأن الديمقراطية الاشتراكية لا تطمح لتدمير المجتمع المدني، ولا تطمح، أيضاً، لبناء الاشتراكية، منفصلةً عن المجتمع البرجوازي، بل تتطلع لتنظيم اشتراكي للمجتمع، بدلاً من التنظيم الرأسمالي القائم.

قبل برنشتاين باقتصاد مختلط لفترة طويلة على طريق الانتقال إلى الاشتراكية، يتألف من ملكيات عامة، وتعاونية، وخاصة، قبل أن تتطور تلك الأخيرة، من تلقاء نفسها، لتكتسب صفة تعاونية.

انتقدت كوكبة من رواد التنظير الماركسي الأوروبي مواقف برنشتاين و سموه "محرفاً"، وعلى رأسهم: الألماني كارل كاوتسكي، رفيق برنشتاين في الحزب، والذي كان يدعى بلقب "بابا الماركسية"، والألمانية-البولندية روزا لوكسمبورگ، وجورجي بليخانوف، أبو الماركسية الروسية. كان منتقدو برنشتاين يدينون مواقفه الإصلاحية بحجة أن مهمة الاشتراكيين الثوريين الحقيقية هي إسقاط الرأسمالية وليس إصلاحها.

رفض برنشتاين مواقف كاوتسكي وزملائه "الأرثوذوكسية" واتهمها بإهمال ملاحظات ماركس حول إمكانية تطور الرأسمالية نحو الاشتراكية تدريجياً، عبر الديمقراطية البرلمانية. وبالمقابل، لم ينف كاوتسكي دور الديمقراطية، بل اعتبر أن "ديكتاتورية البروليتاريا" هي مجرد تسمية لحالة تنشأ بعد الثورة الاشتراكية، و ليست حكومة ترفض الديمقراطية كما كان يشاع.


 
جان جوريس.

أدانت روزا لوكسمبورگ، ممثلة الاشتراكية الثورية داخل الحركة الديمقراطية الاشتراكية، مواقف برنشتاين الإصلاحية، مدعية بأن سنوات غربته في بريطانيا جعلته يفقد الألفة مع الوضع في ألمانيا، حيث كان يدعو إلى "الاشتراكية التدريجية". وسعت لوكسمبورگ جاهدة للحفاظ على الديمقراطية الاشتراكية كتيار ثوري ماركسي.

حاول أنجلز عام 1895، في مقدمته لكتاب ماركس "الصراع الطبقي في فرنسا" أن يرأب الصدع بين الثوريين والإصلاحيين في الحركة الماركسية. حيث أعلن بأنه يؤيد تكتيكات انتخابية قصيرة الأمد، تتضمن تدابير اشتراكية تدريجية، مع الإبقاء على التزامه بالاشتراكية الثورية. وعلى الرغم من محاولته لدمج التدريجية مع الثورة، ساهمت مواقفه هذه بتعزيز مواقف الإصلاحيين، إذ أدت تصريحاته في صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية إلى تعزيز التصور العام بأنه كان يتجه نحو الاشتراكية التدريجية، حيث أكد بأن "الثورة" و"ما يسمى بالمجتمع الاشتراكي" ليسا مفهومين ثابتين, بل ظواهر اجتماعية متغيرة باستمرار. وقال إن هذا يجعلنا جميعاً (أي الاشتراكيين) من أنصار التدريجية. حيث اعتبر أنه لمن "الانتحار" الحديث عن الاستيلاء الثوري على السلطة من قبل البروليتاريا، في الوقت الذي تتيح فيه الظروف التاريخية الطرق البرلمانية للسلطة، كما توقع وصول الديمقراطيين الاشتراكيين إلى السلطة بحلول عام 1898، على أقل تقدير. أحدثت مواقف أنجلز، الذي قبل علناً بالتكتيكات التدريجية والبرلمانية، ارتباكاً كبيراً داخل الحركة الماركسية.

ادعى برنشتاين بأن تنبؤات ماركس عن انهيار الرأسمالية نتيجة تناقضاتها الداخلية لم تكن تتحقق، حيث, بحلول التسعينات من القرن التاسع عشر، كان هنالك القليل من الأدلة التي ترجح حدوث ذلك.

هيمن سجال الإصلاح والثورة على مؤتمر هانوفر للحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني عام 1899، واحتل مكاناً بارزاً في فرنسا بعد انضمام عضو الحزب الاشتراكي الفرنسي، ألكسندر ميلراند، إلى حكومة رئيس الوزراء الفرنسي فالديك روسو الليبرالية. استفزت تصرفات ميلراند غضب الاشتراكيين الثوريين في الأممية الثانية، المنظمة الدولية التي جمعت الأحزاب الديمقراطية الاشتراكية. ورداً على ذلك، أعلن مؤتمر باريس للأممية الثانية المنعقد عام 1900 حلاً للنزاع من خلال مشروع قرار صاغه كاوتسكي، أعلن من خلاله أن الاشتراكيين عموماً لا ينبغي لهم الاشتراك بحكومات غير اشتراكية، إلا في حال الضرورة، من أجل "المحافظة على مكتسبات الطبقة العاملة".

كان جان جوريس, الماركسي الإصلاحي، من الشخصيات البارزة التي أثرت في الديمقراطية الاشتراكية. عارض جوريس, في مؤتمر الأممية الثانية عام 1904، الماركسي الأرثوذكسي أوگست بيبل، معلم كاوتسكي، لترويجه لتكتيكات اشتراكية أحادية. اعتبر جوريس أنه لا يوجد برنامج اشتراكي واحد قابل للتطبيق في جميع البلدان على ذات القدر، بسبب اختلاف النظم السياسية من بلد إلى آخر. حيث قارن جوريس بين التأثير الكبير للاشتراكية في فرنسا، بسبب نظامها الديمقراطي البرلماني، والتأثير المحدود للاشتراكية في ألمانيا، موطن بيبل، بسبب نظامها الاستبدادي ذو الديمقراطية البرلمانية المحدودة.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الحروب العالمية، الثورات والثورات المضادة، الكساد الكبير 1914–1945

 
أرثر هندرسون
 
ألكسندر كرنسكي
 
فريدريش إيبرت، رئيس ألمانيا 1919–1925.


 
Noe Zhordania (man with white beard and wearing a white hat on the left side of the car), the President of newly independent Georgia, attending a meeting of the refounded Second International in Georgia 1920. The invasion of Georgia in 1921 and overthrow of Zhordania's elected social democratic government by Bolshevik Russia provoked outcry by social democrats as well as revolutionary Mensheviks.
 
Hjalmar Branting, Prime Minister of Sweden, 1920, 1921–1923, 1924–1925.

مع تصاعد التوتر بين القوى العظمى الأوروبية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين, تخوف برنشتاين من قيام حرب كبرى, نتيجة لسباق التسلح القائم بين ألمانيا والدول الأخرى. تحققت مخاوف برنشتاين باندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914.

سافر برنشتاين, مباشرة بعد اندلاع الحرب، إلى بريطانيا للقاء زعيم حزب العمال البريطاني، رامسي ماكدونالد. نظر برنشتاين لاندلاع الحرب باستياء شديد، وعلى الرغم من حالة الحرب بين بلدين، قام ماكدونالد بتكريمه خلال الاجتماع.

ورغم محاولات برنشتاين وغيره من الديمقراطيين الاشتراكيين تأمين وحدة الأممية الثانية، انهارت تلك الأخيرة نهائياً عام 1914، مع تأييد معظم الأحزاب الديمقراطية الاشتراكية الأوروبية لحكومات بلدانها في الحرب.

اعترض أعضاء الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني، المعادون للحرب، على تخصيص موارد مالية لآلة الحرب الألمانية، و مع ذلك، أيد الحرب جناح قومي داخل قيادة الحزب، تضمن بالإضافة إلى آخرين فريدريش إيبرت، رئيس الحزب، وگوستاف نوسكه، وفيليب شيدمان بحجة أحقية ألمانيا بالدفاع عن أراضيها ضد خطر "الاستبداد القيصري" الروسي. كان موقفهم هذا يستند إلى تصريحات الحكومة الألمانية الكاذبة، التي ادعت أن السبب الوحيد لإعلان الحرب على روسيا، كان استعداد الأخيرة لغزو أقليم "بروسيا الشرقية" الألماني.

عارض جان جوريس تدخل فرنسا في الحرب، واتخذ موقفاً معارضاً لها، إلا أنه سرعان ما اغتيل عام 1914.

اتصل برنشتاين بالماركسيين الأورثوذوكس في الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني لحث الحزب على اتخاذ موقف مناوئ للحرب. حاول كاوتسكي وضع خلافته السابقة مع برنشتاين جانباً ليتمكن من الانضمام إلى القوى المعادية للحرب، ومن ثم أثنى عليه لدعوته المؤيدة للسلم قائلاً أنه على الرغم من أن برنشتاين كان قد أيد أشكالاً "مدنية" و"ليبرالية" من القومية في السابق، إلا أنه ما زال ملتزماً بموقفه الداعم للسلم, و "حاملاً للواء الأممية الديمقراطية الاشتراكية". ومع ذلك، وخلافاً لكل هذه الدعوات, بقيت قيادة الحزب متشبثة بموقفها القومي.

وفي بريطانيا، انقسم حزب العمال بخصوص الموقف من الحرب. كان رامزي ماكدونالد, قائد الحزب, واحداً من بضعة نواب بريطانيين كانوا قد نددوا بإعلان بريطانيا الحرب على ألمانيا. هوجم ماكدونالد من قبل الصحافة البريطانية التي اتهمته بالعمالة لألمانيا, التهمة التي نفاها. و رداً على انسلال مشاعر تأييد الحرب داخل حزب العمال استقال ماكدونالد من قيادة الحزب, و ربط نفسه بحزب العمال المستقل. و فيما بعد, انضم آرثر هندرسون، الزعيم الجديد لحزب العمال, الذي حل مكان ماكدونالد إلى حكومة الحرب البريطانية.

في عام 1917، أطاحت ثورة فبراير الروسية بالنظام القيصري، وقامت حكومة إئتلاف ليبرالية-اشتراكية بقيادة ألكسندر كيرينسكي, زعيم الحزب الاشتراكي الثوري. وعلى إثر ثورة فبراير، غير البلاشفة، وهم جناح اشتراكي ثوري معاد للحرب في الديمقراطية الاشتراكية الروسية يقوده فلاديمير لينين، اسم حزبهم من "حزب العمال الديمقراطي الاشتراكي الروسي (البلاشفة)",إلى "الحزب الشيوعي الروسي (البلشفي)". هاجم لينين الزعماء الاشتراكيين الأوروبيين المؤيدين لبلدانهم في هذه الحرب "الأمبريالية"، وأعلن إفلاس الديمقراطية الاشتراكية والأممية الثانية. زار ماكدونالد الحكومة المؤقتة الروسية لإقناعها بالانسحاب الفوري من الحرب. إلا أن جهوده باءت بالفشل. هذا قبل أن تغرق روسيا بدوامة من العنف السياسي أدت بالنهاية إلى الإطاحة بالحكومة المؤقتة من قبل لينين و حزبه في ثورة أكتوبر. و على الرغم من أن ماكدونالد كان قد حذر من انتشار الفوضى والعنف السياسي الذي مارسه البلاشفة إبان صعودهم إلى السلطة، إلا أنه قدم لهم دعماً سياسياً حتى نهاية الحرب على أمل إحياء "أممية ديمقراطية". وفي بريطانيا، قام هندرسون, بمعونة من سيدني ويب، بتأليف دستور جديد لحزب العمال البريطاني عام 1918، اعتمدا من خلاله برنامجاً يسارياً لكي يكسبا تأييد الحزب الشيوعي الجديد كما توضح الفقرة الرابعة من الدستور الجديد. أما في ألمانيا، فاجتمع الاشتراكيون الألمان المعادون للحرب في حزب جديد دعوه بالحزب الديمقراطي الاشتراكي المستقل، الذي قاده هوگو هاس وضم يمينيين كبرنشتاين، ووسطيين ككاوتسكي، ويساريين راديكاليين كروزا لوكسمبورگ و كارل ليبكنخت الذين شاركا فيه كجزء من عصبة سبارتاكوس اليسارية، التي غادرت الحزب فيما بعد لتكون الحزب الشيوعي الألماني.

أثرت أصداء الإطاحة بالنظام القيصري في روسيا على الوضع في ألمانيا، حيث انتشرت في طول البلاد وعرضها إضرابات جماهيرية بدأت في أبريل 1917 نتيجة للنقص الحاد في الخبز. وقدر عدد المضربين في برلين بثلاثمائة ألف. كان المضربون يطالبون بالخبز، والحرية، والسلام، وبتشكيل مجالس عمال على غرار ما كان يجري في روسيا. قدم الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني بمشاركة الحزب الكاثوليكي والتقدميين مشروعاً لقرار بالسلام يدعو إلى تنازلات لإنهاء حالة الحرب، وافق عليه أغلبية أعضاء الرايخستاگ (البرلمان الألماني). رفضت القيادة العليا الألمانية مشروع القرار، وتابعت عملياتها الحربية، إلا أنها وافقت على إنهاء حالة الصراع مع روسيا على الجبهة الشرقية، ووقعت إتفاقية بريست - ليتوفسك مع النظام البلشفي عام 1918.

وبحلول أواخر عام 1918، أمسى الوضع في ألمانيا ميئوساً منه، وتم الضغط على القيصر الألماني فيلهلم الثاني لإحلال السلام. عين القيصر حكومة جديدة ضمت أعضاءً من الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني. وفي الوقت عينه، كانت البحرية الألمانية تستعد لوقفة أخيرة في وجه البحرية الملكية البريطانية. إلا أن البحارة الألمان رفضوا الانصياع للأوامر العليا، ودشنوا ما عرف "بتمرد كييل"، الذي أدى بدوره إلى اندلاع ثورة نوفمبر الألمانية (1918-1919). وعلى أثر مواجهة الثورة والهزيمة العسكرية، استقال المستشار الألماني، وتسلم المنصب بدلاً منه فريدريش أيبرت. ثم تنازل فيلهلم الثاني بعد ذلك على الفور عن العرش . رفضت القيادة العليا الألمانية إنهاء الحرب، واستقال أعضائها بول فون هيندينبيرگ وإيريك لودندورف، لحفظ ماء الوجه، ولترك أيبرت وحزب الأغلبية في الرياخستاگ، الحزب الديمقراطي الاشتراكي، يتحملا مسؤولية خسارة الحرب وتوقيع إتفاقية السلام التي أضحى لا مفر منها. أعلن إيبرت الجمهورية، ووقع الهدنة التي أنهت الحرب العالمية الأولى في 11 نوفمبر 1918.

و بعد حل الأممية الثانية عام 1916، وانقسام الأحزاب الديمقراطية الاشتراكية حول الموقف من الحرب، انشقت جميع التيارات الثورية عن الأحزاب الديمقراطية الاشتراكية وأسست أحزاباً شيوعية في بلدانها تحت مظلة المنظمة الأممية الثالثة، أو الأممية الشيوعية (كومنترن) التي تأسسست عام 1919.

واجهت الحكومة الألمانية الجديدة بقيادة إيبرت عنفاً سياسياً من قبل عصبة سبارتكوس، الحركة التي أصبحت لاحقاً نواة الحزب الشيوعي الألماني. أسفرت التوترات بين الحزب الديمقراطي الاشتراكي من جهة، واليساريين في الحزب الديمقراطي الاشتراكي المستقل والحزب الشيوعي من جهة أخرى، نتيجة لرفض إيبرت إجراء إصلاح فوري للجيش الألماني عن "انتفاضة يناير". تمكن الشيوعيون من حشد مظاهرات عمالية ضخمة، وسيطروا على عدد من المباني الحكومية في برلين. وفي تلك الأثناء، سحب الحزب الديمقراطي الاشتراكي المستقل تأييده للانتفاضة، لكن الشيوعيون استمروا بالثورة. استعان إيبرت، و وزير دفاعه غوستاف نوسكه بميليشيات يمينية، كات تدعى "فريكوربس" لسحق الانتفاضة العمالية، مما أدى إلى مقتل قادة الحزب الشيوعي لوكسمبورگ وليبكنخت على أيدي الفريكوربس، وقمع انتفاضة يناير. انتخب إيبرت رئيساً للجمهورية، وحصد الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني أغلبية المقاعد في انتخابات الجمعية الوطنية الجديدة، الذي شكل ائتلاف حكومي مع الليبراليين. إلا أن الحزب الديمقراطي الاشتراكي المستقل، الذي تمكن من جمع 7% فقط من الأصوات، رفض تأييد الحكومة الجديدة رداً على الفظائع التي ارتكبتها الفريكوربس المفوضة من قبلها.

و نظراً للاضطرابات في برلين، تمت عملية كتابة الدستور الجديد للجمهورية الألمانية في مدينة فايمر. تعاون إيبرت مع الأعضاء الليبراليين في حكومته الائتلافية من أجل إنجاح عملية كتابة الدستور. وسعى إيبرت أيضاً لبدء برنامج تأميم لبعض أجزاء الاقتصاد الألماني.

تراجعت شعبية الحزب الديمقراطي الاشتراكي بشكل كبير، نتيجة لقبول الحكومة الألمانية بالشروط القاسية التي فرضتها معاهدة فيرساي عام 1919. مما أدى إلى انخفاض كبير في حصته من الأصوات في الانتخابات البرلمانية لعام 1919.

 
رامساي مك‌دونالد، رئيس وزراء المملكة المتحدة، 1924، 1929–1935.
 
Mohandas Gandhi meeting with women textile workers in Britain. Gandhi was a leadership figure of India's anti-colonial and social democratic Indian National Congress.

و بعد انتهاء الحرب، تمت إعادة تنظيم الأممية الثانية, التي اجتمعت في مدينة برن السويسرية. إلا أن العديد من الأحزاب الديمقراطية الاشتراكية رفضت الانضمام إليها، و فضلت، بدلاً من ذلك، تأسيس أممية جديدة عام 1921، دعيت بأممية فيينا. اتخذت أممية فيينا موقفاً وسطاً ما بين الديقراطيين الاشتراكيين الإصلاحيين من جهة، الشيوعيين الثوريين من جهة أخرى. وأجرت عدة مفاوضات في سبيل المصالحة ما بين جناحي الحركة العمالية العالمية. إلا أن أزمة جورجيا، التي اندلعت عام 1921، حالت دونها. كانت جورجيا قد أعلنت استقلالها التام عن روسيا عام 1918، و قامت فيها حكومة ديمقراطية اشتراكية برئاسة نوي زوردانيا. تم تعطيل الاجتماع التأسيسي لأممية فيينا بعد وصول برقية من زوردانيا يقول فيها بأن جورجيا كانت تتعرض لغزو من قبل روسيا البلشفية. رفض المندوب البلشفي في الاجتماع تصديق ذلك، و غادر سعياً للحصول على تأكيد من قادته، إلا أنه لم يعد فور سماعه له. طالب المناشفة، الأعضاء بأممية فيينا، بإدانة فورية للعدوان الروسي على جورجيا، أما الديمقراطيون الاشتراكيون المستقلون الألمان، الأعضاء فيها أيضاً، فدعوا إلى توخي الحذر والتريث. انتهك الغزو الروسي معاهدة عدم الاعتداء الموقعة بين لينين وزوردانيا، تماماً، كما انتهك سيادة جورجيا, بضمها مباشرة إلى روسيا السوفيتية.


 
SPD policymaker Rudolf Hilferding along with his wife, psychologist Margarete Hilferding. Mr. Hilferding became a major figure for the Sopade, the name for the SPD in exile after Germany's Nazi regime banned all opposition parties. He and his wife were both Jewish and were killed by the Nazis during the Holocaust.


 
Alva Myrdal, an early prominent female figure in the Sweden's SAP in the 1930s, and a pioneer in the development of the social welfare state in Sweden.


تفاقمت حدة الخلافات ما بين الديمقراطيين الاشتراكيين والشيوعيين البلاشفة إلى نقطة اللاعودة مع قمع البلاشفة لانتفاضة كرونشتاد و التسبب بالمجاعة الروسية لعام 1921. قام الديمقراطيين الاشتراكيين الروس بتوزيع منشورات تدعو إلى إضراب عام لإسقاط النظام البلشفي. فردت السلطات البلشفية بعنف على المتمردين الديمقراطيين الاشتراكيين، وألقت ببعضهم في المعتقلات, و أعدمت معظمهم.


 
Lázaro Cárdenas, President of Mexico, 1934–1940.
 
James Scullin, Prime Minister of Australia, 1929–1932.


فترة الحرب الباردزة والكينزية، 1945–1979

 
Obafemi Awolowo, Premier of the Nigerian province of Western Nigeria, 1954–1960. Founder of the Unity Party of Nigeria, and a prominent Nigerian social democratic figure.


اتحد الديمقراطييون الاشتراكيون عام 1923 لتشكيل منظمة أممية جديدة، دعيت "بالأممية العمالية والاشتراكية"، والتي تمخضت عن اندماج أمميتي بيرن وفيينا سويةً، واتخذت مدينة هامبورگ الألمانية مقراً لها. أعلنت الأممية الجديدة بأن جميع الأحزاب المنضوية تحتها ستتخذ القرارات التي تتعلق بشؤون بلدانها بنفسها، بينما ستكون معالجة القضايا الدولية من شأن الأممية ذاتها. تناولت الأممية مسألة صعود الفاشية، واعتبرت نفسها معادية للفاشية. وعقب اندلاع الحرب الأهلية الإسبانية, التي خاضتها الحكومة اليسارية الإسبانية, المنتخبة ديمقراطياً، في مواجهة قوات الجنرال اليميني فرانسيسكو فرانكو، أعلنت أممية هامبورگ ليس فقط تأييدها للحكومة الإسبانية، بل تأييدها، أيضاً، لحق تلك الأخيرة في شراء السلاح لمواجهة فرانكو، وخاصة بعد الدعم الذي تلقاه من إيطاليا الفاشية، وألمانيا. وأعلنت الأحزاب المنضوية تحت أممية هامبورگ، هي الأخرى، تأييدها للجمهورية الإسبانية، بمن فيهم حزب العمال البريطاني. إلا أن الأممية تعرضت لنقد من هم على اليسار, لفشلها في وضع خطابها المعاد للفاشية، حيز التنفيذ على الأرض.

رفض الكومنترن، الذي كان يرزح تحت وطأة السيطرة الستالينية بعد عام 1924، أي تعاون مع الديمقراطيين الاشتراكيين و وسمهم بتسمية "الاشتراكيين الفاشيين".

 
ديڤيد بن گوريون، رئيس وزراء إسرائيل (1948-1954، 1955-1963). كان بن گوريون أول رئيس وزراء لإسرائيل، زعيم حزب ماپاي عضو منظمة الدولية الاشتراكية.

لم تنجح سياسة "الجبهات الشعبية"، التي نادى بها ستالين بعد أن عدل موقفه قليلاً، والتي تدعو إلى التعاون المؤقت بين الشيوعيين والديمقراطيين الاشتراكيين، في منع صعود الفاشية واندلاع الحرب العالمية الثانية.

أدى انهيار سوق الأسهم عام 1929 إلى أزمة اقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية، انتشرت فيما بعد في مختلف أنحاء العالم، وعرفت بالكساد الكبير. اعترفت عدة حكومات، نتيجة انخفاض معيار الذهب وتفشي البطالة، بضرورة تدخل الدولة في الاقتصاد للحد من البطالة وتحقيق الاستقرار في الأسعار. كما تكلمت الأحزاب الديمقراطية الاشتراكية عن حاجة ماسة لاستثمارات ضخمة في مشاريع البنى التحتية لتخفيض البطالة، وخلق رقابة اجتماعية على تدفق الأموال, فضلاً عن ضرورة التخطيط الاقتصادي. بائت محاولات الأحزاب الديمقراطية الاشتراكية في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية بالفشل، نتيجة لعدم الاستقرار السياسي المتفشي إبان حقبة الثلاثينات. فحزب العمل البريطاني كان منقسماً حول هذه السياسات، بينما لم يملك الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني الوقت الكافي لتطبيقها، نتيجة صعود أدولف هيتلر والحزب النازي إلى السلطة، وتعطيلهم للديمقراطية البرلمانية في ألمانيا.

حصلت تطورات كبيرة في الديمقراطية الاشتراكية، مع تحقيق عدة أحزاب ديمقراطية اشتراكية انتصارات انتخابية في الدول الاسكندنافية، لا سيما الحزب الديمقراطي الاشتراكي السويدي، الذي حصد أغلبية الأصوات في الانتخابات السويدية لعام 1920. شكل الحزب على اثر فوزه حكومة أقلوية، وشكل، أيضاً، ما سمي "بلجنة التشريك". أعلنت لجنة التشريك، بدورها، تأييدها لاقتصاد مختلط يجمع ما بين المبادرة الخاصة والملكية الاجتماعية. وافقت اللجنة على تشريك "جميع الموارد الطبيعية اللازمة، المؤسسات الصناعية، المؤسسات الإنمائية، النقل، و طرق المواصلات"، التي سوف تنقل تدريجياً إلى الدولة. فيما سمحت بالملكية الخاصة خارج هذه القطاعات.

 
Willy Brandt, Chancellor of West Germany, 1969–1974.
 
جواهر لال نهرو، رئيس وزراء إسرائيل، 1947–1964.

في عام 1922، عاد رامزي ماكدونالد لقيادة حزب العمال البريطاني. ونجح الحزب في الانتخابات عام 1924، إلا إنه احتاج لدعم الليبراليين للحصول على الأغلبية في البرلمان و للتمكن من تشكيل الحكومة. اتهم معارضو حزب العمال الحزب بتعاطفه مع الشيوعيين. رد ماكدونالد على هذه الادعاءات من خلال تأكيده على التزام الحزب بالإصلاح التدريجي، ومعارضته العلنية للجناح الراديكالي داخل الحزب. كان ماكدونالد يعرف أن أي محاولة لتمرير تشريع اشتراكي ستشكل خطراً على الحكومة الجديدة، لأنها ستلقى معارضة من قبل الليبراليين والمحافظين، الذين يشكلون سوياً، الأغلبية في البرلمان.

وبعد تعافي الاقتصاد البريطاني من أزمة 1921-1922، طالبت النقابات العمالية بوقف عمليات تقليص الأجور. لم تكن تلك النقابات راضية عن أداء حكومة ماكدونالد، فدشنت عدة إضرابات، و كادت أن تصطدم مع الحكومة، مما عكر العلاقة بينها وبين حكومة ماكدونالد. أما خطوة ماكدونالد الأكثر إثارة للجدل فكانت الاعتراف بالاتحاد السوفيتي في فبراير 1924. حيث استخدمتها الصحافة المحافظة, وخاصة صحيفة "Daily Mail"، للترويج "للخطر الأحمر"، مدعية أن حزب العمال كان موالياً للبلاشفة.

خسر حزب العمال الانتخابات، التي جرت في نفس العام، لصالح المحافظين. إلا أنه استطاع أن يحافظ على استقراره، تحت قيادة ماكدونالد، الذي أصدر برنامجاً جديداً للحزب عام 1928، تحت اسم (العمل والأمة). عاد الحزب إلى السلطة عام 1929، غير أنه واجه كارثة اقتصادية تمثلت بانهيار سوق الأسهم.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الرد على الليبرالية الجديدة، الفترة المعاصرة، 1979 - الآن

 
اولوف پالمه، رئيس وزراء السويد، 1969–1976، 1982–1986.
 
أنديرا غاندي، رئيسة وزراء الهند، 1966–1977، 1980–1984.
 
نلسون ماندلا، رئيس جنوب أفريقيا، 1994-1999. أصبح ماندلا أول رئيس غير أبيض يتم انتخابه في جنوب أفريقيا بعد فترة التمييز العنصري.
 
إسحق رابين رئيس وزراء إسرائيل من حزب العمل الإسرائيلي الذي يتبع الدولية الاشتراكية، يصافح ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية وعضو في حركة فتح - مراقب في الدولية الاشتراكية. الرئيس الأمريكي بيل كلينتون خلفهم في الصورة أثناء توقيع اتفاقيات اوسلو في 13 سبتمبر 1993.


تخلت الأحزاب الديمقراطية الاشتراكية عن ما تبقى لها من أرث ماركسي بعد انتهاء الحرب، وشكلت أممية جديدة خاصة بها (الدولية الاشتراكية) عام 1951.

بدأت تلك الأحزاب بالإحاطة بالفكر الاشتراكي الليبرالي وتبنت سياسات تدخل الدولة في الاقتصاد لمنع الأزمات و بناء دولة الرفاهية، مقابل نموذج التخطيط المركزي الذي تبنته دول الكتلة الشرقية. [10] أنجزت أحزاب الديمقراطية الاشتراكية إصلاحات عديدة في بلدان أوروبا الغربية و الشمالية و حققت نجاحات انتخابية باهرة. [11]


 
أنتوني گيدنز، من مشاهير مؤيدي سياسات الطريق الثالث.



 
اوسكار لافونتين، شارك في تأسيس الحزب السياسي الألماني اليسار. لافونتين أصبح رئيساً للحزب، لكنه استقال وترك الحزب وانتقل من حزب المعارضة إلى تبني مواقف الطريق الثالث.
 
جاك لايتون، زعيم الحزب الديمقراطي الجديد في كندا، 2003-2011. تزعم لايتون الحزب ليصبح ثاني أكبر حزب سياسي كندي، للمرة الأولى في تاريخه.

طرحت رئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر أسس النيوليبرالية عام 1979 التي شككت بأي دور تدخلي للدولة في الاقتصاد. أيدها فيما بعد الرئيس الأمريكي رونالد ريغن مما دشن حملة نيوليبرالية عالمية عكست معظم الإصلاحات الديمقراطية الاشتراكية.

اتبعت الأحزاب الديمقراطية الاشتراكية سياسات جديدة, كرد على النيوليبرالية، أسمتها ب"الطريق الثالث"، والتي تقوم على التأكيد على المزيد من التدريجية والتطورية وأخذ موقف وسط ما بين الاشتراكية والرأسمالية. [10]

رفض بعض الديمقراطييون الاشتراكييون الطريق الثالث، واعتبروه قبولاً صريحاً بالنيوليبرالية، مما صدع وحدة هذه الأحزاب وأدى إلى شق بعضها.

استبدل عدد من الأحزاب الشيوعية, بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، إيديولوجيته الماركسية – اللينينة بالديمقراطية الاشتراكية. كالحزب الشيوعي الإيطالي.

المفهوم

الديمقراطية كلمة مشتقة من الكلمتين اليونانيتين (ديموس) وتعني (الشعب) و(كراتوس) وتعنى (حكم الشعب). والديمقراطية مفهوم طبقي. ولذلك يرفض الماركسيون النظرة البرجوازية التي تتحدث عن الديمقراطية بشكل عام، باعتبارها شيئا فوق الطبقات وأنها تعني نفس الشئ بالنسبة للبرجوازية أو للبروليتاريا. وتؤكد الماركسية أنه طالما لا توجد حرية بشكل عام فليس هناك ديمقراطية فوق الطبقات. ويعرف التاريخ مجتمعاً واحداً توجد السلطة فيه في يد الشعب، وبه ديموقراطية حقة وذلك هو المجتمع الاشتراكي.[12]

وهكذا فهل يستطيع المرء أن يتحدث عن حكومة وشعب حيث المصانع والبنوك والسكك الحديدية وكافة الثروات الأخرى يملكها عدد محدود من الناس يستغلون الجماهير العاملة. وهل الديموقراطية الحقة ممكنة حيث يحال بين الجماهير العاملة وبين حكم الدولة؟؟، وحيث الاحتكارات الرأسمالية تصوغ بالفعل سياسة الدولة؟

والاشتراكية وحدها هي التي تعطى للجماهير العاملة أرقى أشكال الديمقراطية لا بمجرد الاعلان عن حكومة يديرها الشعب، كما تفعل الحكومات الرأسمالية، وإنما في المحل الأول عن طريق خلق الظروف المادية والاجتماعية والسياسية اللازمة لذلك . وفى ظل الاشتراكية فحسب تصبح وسائل الانتاج ملكا للشعب. ولا توجد امتيازات لأي طبقات. وتضمن الاشتراكية ارتفاعا مطردا للمستوى المادي والثقافي والتعليمي لكل أفراد المجتمع، مما يتيح لملايين الناس الفرصة للمشاركة بدور مباشر في ادارة شئون المجتمع.

ولذلك فالديموقراطية الاشتراكية ديموقراطية لكل الشعب، وهي ديمقراطية كاملة وشاملة. وفي المجتمع الاشتراكي حيث ألغيت الطبقات الاستغلالية، تتمتع جميع فئات المجتمع بالديموقراطية. لقد ولدت الديموقراطية الاشتراكية لأول مرة مع قيام ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى 1917، وعندما أقيمت دكتاتورية البروليتاريا وانتقلت كل السلطة إلى السوفيت. وتمثل الديمقراطية الاشتراكية نظاما سياسيا يضم السوفيت والأجهزة الادارية، والحزب الشيوعي، والنقابات، ومنظمة الشباب الشيوعي، والتعاونيات وغيرها من المنظمات الجماهيرية للشعب.

وتوفر الديموقراطية الاشتراكية فرصا للجماهير للمشاركة في كافة ميادين النشاط - في السياسة، والحكومة، وادارة الانتاج. وتضمن رقابة الشعب على كل مجالات الانتاج والحياة الاجتماعية، وتطور النقد والنقد الذاتي، وتتيح الفرصة للربط بين القيادة الجماعية وتزايد المسئولية الشخصية لكل فرد عن عمله.

والديمقراطية الاشتراكية تحقق في التطبيق مثل الحرية والمساواة. وتلك تؤدي مزاياها الرئيسية. انها تخلق الظروف الحقيقية لمشاركة كل المواطنين في ادارة الشئون العامة، وتتيح الفرصة للتطور الحر للفرد وتوفر فرصا غير محدودة لكل الشعب لاظهار مواهبه وقدراته. وتضمن الديمقراطية الاشتراكية الحريات السياسية التي تكتفى الدولة البرجوازية بمجرد الاعتراف بها ‎: حرية الكلام والصحافة والاجتماع والمواكب الجماهيرية.

وتضمن الديموقراطية الاشتراكية الحرية الحقيقية للكلام والصحافة. ويمكن تبين ذلك من حقيقة أن الصحافة والاذاعة والتليفزيون في البلدان الاشتراكية تعبر عن مصالح الشعب وتدافع عنها، وتساعد الجماهير العاملة على ممارسة الحرية في البلدان الاشتراكية نجد أن كل هيئات الحزب والنقابات وجميع المنظمات الجماهيرية لديها مطبوعاتها الخاصة. ففى الاتحاد السوفيتي (قبل تحوله الى رأسمالية دولة) مثلا كانت توجد 14 ألف صحيفة تصدر في 57 لغة من لغات شعوب الاتحاد السوفيتي، من بينها 18 شعبا لم تكن لديها لغة مكتوبة قبل ثورة أكتوبر الاشتراكية . كان يصل توزيعها الى أكثر من 300 مليون نسخة. لقد وفرت الاشتراكية الظروف الحقيقية لكل شخص كي يعبر بحرية عن أفكاره ورغباته.

والصحافة في المجتمعات الاشتراكية لا تكون حكرا على بعض المحترفين كما هى الحال في البلدان الرأسمالية. بل أن العمال والفلاحين والمثقفين يساهمون باستمرار في تحرير الصحف والمجلات التي تعبر عنهم.

ويضمن لجميع المواطنين في المجتمع الاشتراكي حق العمل ، والراحة والتعليم والمعاش. وجميع أشكال ومراحل التعليم حيث مجانية والتعليم اجبارى حتى نهاية المرحلة المتوسطة (عشر سنوات). وفى ظل الرأسمالية يحرم أفراد الطبقات غير المالكة من امكانية الحصول على التعليم المتوسط والعالى. وأكثر من 80 من الطلبة في الولايات المتحدة ينتمون الى الطبقات العليا والمتوسطة، أى، الفئات الميسورة الحال من المجتمع. ووفقا للاحصاءات الامريكية، يعجز حوالى مليون شاب أمريكى كل عام عن دخول الجامعة بسبب افتقارهم الى الامكانيات.

وتتيح الاشتراكية فرصة المساواة الكاملة بين الامم وتحرير النساء الذين يتمتعون بحقوق متساوية مع الرجال في جميع مجالات النشاط ويشاركون معهم في حكم الدولة. والاشتراكية الديموقراطية لا تمنح فحسب حقوقا واسعة لكل المواطنين ولكنها تفرض عليهم واجبات هامة. وهى لا تسمح بانتهاك القانون والنظام، أو بأى عدوان على حقوق المواطنين. وليس فيها مكان للسلوك غير الاخلاقى المعادى للجميع الذى كثيرا ما نجده في البلدان الرأسمالية.

والديموقراطية البرجوازية محصورة، كقاعدة على المجال السياسى. غير أن حكم الشعب في ظل الاشتراكية يمتد الى كافة مجالات النشاط بما في ذلك الاقتصاد وادارة الانتاج- وهو ما لا يمكن تصوره في ظل الرأسمالية . فهل يوجد رأسمالى أو احتكار في العالم يمكن أن يعطى للعمال حق الرقابة على أرباحه وحق ادارة مؤسسته. والديموقراطية من النوع الجديد هى وحدها التى توفر للجماهير العاملة امكانية المشاركة المباشرة في حل تلك المسائل الهامة مثل التخطيط الاقتصادى والاجتماعى، وتوزيع الدخل القومى والرقابة على عمل أجهزة الدولة.

وتضمن الديموقراطية الاشتراكية المشاركة المباشرة للجماهير العاملة في رفع كفاءة الانتاج الاجتماعى، وفى ريادة تحسين التعليم والثقافة - وهو ما لا يمكن أن يوجد في ظروف الديموقراطية البرجوازية.

لقد عرر بناء الاشتراكية المتطورة في الاتحاد السوفييتى الديموقراطية الاشتراكية. ويعتبر نمو دور الحزب الشيوعى في نظام الديموقراطية الاشتراكية القانون الموضوعى الاساسى للاشتراكية المتطورة.

وفى ظل الاشتراكية الناضجة تتطور الديموقراطية عمقا واتساعا. ويشارك الناس بصورة متزايدة في ادارة شئون الدولة. ويلعب دورا هاما في ذلك النقابات باعتبارها أكبر منظمات جماهيرية في نظام الديموقراطية الاشتراكية. حيث تضم أكثر السكان العاملين في المجتمع الاشتراكي تقريبا. وتلعب النقابات دورا نشطا ومباشرا في تطوير التقدم الاجتماعى، وزيادة الانتاج ورفع كفاءته وادارة الاقتصاد القومى.

كما يتزايد دور المنظمات الجماهيرية الاخرى كذلك باطراد في نظام الديموقراطية الاشتراكية. وتشكل جماعيات العمل وحدات الانتاج الاساسية في المجتمع الاشتراكى المتطور. وفى هذه الجماعيات تولد مبادرات الجماهير العاملة من أجل دفع وزيادة الانتاج وتطوير نوعيته وخفض النفقات المادية وغيرها من النفقات. وتلعب هذه الجماعيات دورها في تعزير موقف جديد من العمل وتشجيع الناس على المشاركة في النشاط الاجتماعى والثقافي والجمعيات وفى صياغة نظرة اشتراكية جديدة.

ان تطور الديموقراطية الاشتراكية في المجتمعات، وتحسين عمل أجهزة الدولة وتطوير المبادرة الجماهيرية هى عوامل هامة في التطور الناجح لكل المجتمع الانساني حيث الانسان إنسان، وتلبية الاحتياجات المختلفة لهذا الانسان هو الهدف وليس الربح.

نقد

مشاهير الديمقراطيين الاشتراكيين

انظر أيضاً

النظرية السياسية

الديمقراطية الاشتراكية عملياً

قراءات إضافية

  • Lavelle, Ashley (2008). The Death of Social Democracy: Political Consequences in the 21st Century. Ashgate.
  • Evans, Bryan; Schmidt, Ingo, eds. (2012). Social Democracy After the Cold War. Athabasca University Press. pp. 183–204.

المصادر

  1. ^ Busky, Donald F. (2000), Democratic Socialism: A Global Survey, Westport, Connecticut, USA: Greenwood Publishing Group, Inc.,, p. 8, "The Frankfurt Declaration of the Socialist International, which almost all social democratic parties are members of, declares the goal of the development of democratic socialism" 
  2. ^ Sejersted and Adams and Daly, Francis and Madeleine and Richard (2011). The Age of Social Democracy: Norway and Sweden in the Twentieth Century. Princeton University Press. ISBN 978-0691147741.
  3. ^ Foundations of social democracy, 2004. Friedrich-Ebert-Stiftung, p. 8, November 2009.
  4. ^ Social Democracy Versus Revolutionary Democratic Socialism by J. David Edelstein.
  5. ^ http://www.socialistinternational.org/viewArticle.cfm?ArticlePageID=931
  6. ^ http://www.marxists.org/archive/marx/works/1872/09/08.htm
  7. ^ كتاب "فريدريك أنجلز والاقتصاد السياسي الماركسي" لصاموئبل هولاندر
  8. ^ http://www.marxists.org/reference/archive/bernstein/works/1897/04/marx-reform.htm
  9. ^ http://www.marxists.org/reference/archive/bernstein/works/1897/02/marx-taught.htm
  10. ^ أ ب ت http://www8.georgetown.edu/centers/cdacs//bermanpaper.pdf
  11. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة abc1
  12. ^ "الديمقراطية الاشتراكية". الحوار المتمدن. 2001-12-09. Retrieved 2013-12-10.
  13. ^ Commission for Racial Equality: Clement Attlee Lecture: Trevor Phillips's speech, 21 April 2005
  14. ^ Nuevo impulso conservador - La República
  15. ^ Eduard Bernstein Reference Archive
  16. ^ Encyclopædia Britannica: Willy Brandt
  17. ^ Hjalmar Branting: The Nobel Peace Prize 1921
  18. ^ Encyclopædia Britannica: Wilhelm Liebknecht

وصلات خارجية