ذخائر الفسفور الأبيض

(تم التحويل من الفوسفور الأبيض (سلاح))

الفسفور الابيض (White phosphorus)، هو أحد الأشكال المتآصلة للعنصر الكيماوي الفسفور، وله استخدامات عسكرية متعددة كعامل حارق وكباعث لساتر دخاني وكمركب كيماوي مضاد للأفراد قادر على احداث حروق شديدة. قنابل وقذائف الفسفور الأبيض هي ببساطة ذخائر حارقة. الفسفور الأبيض مادة نصف شفافة شبيهة بالشمع، وعديمة اللون. تميل إلى اللون الأصفر، وتتميز برائحة لاذعة شبيهة برائحة الثوم. ويتميز النوع المستعمل في الأغراض العسكرية بشدة نشاطه كيماوياً. ويلتهب عند تعرضه للأوكسجين.

مقاتلة تابعة لسلاح الجو الأمريكي من طراز دگلس A-1E سكاي‌ريدر تلقي قنبلة فسفور أبيض على موقع للـڤييت كونگ في ڤيتنام الجنوبية في 1966.

وعندما يتعرض الفسفور الأبيض إلى الهواء، يشتعل ويتأكسد بشكل سريع ويتحول إلى خامس أكسيد الفسفور. ويولّد هذا التفاعل الكيماوي حرارة كبيرة إلى حد ان العنصر ينفجر، ليعطي لهباً أصفر اللون. وكذلك ينتج دخاناً كثيفاً أبيض.

ويصبح الفسفور مضيئاً أيضاً في الظلام. وقد جرت الاستعانة بهذه الميزة في الرصاصات التي تترك خطاً منيراً خلفها على طول مسارها، والتي تسمى الخطاطية. ويستمر هذا التفاعل الكيماوي حتى استهلاك كامل المادة أو حرمانها من الأكسجين. ويبقى 15 في المئة من الفسفور الأبيض في القسم المحترق من الجسم المصاب. وتعود تلك البقايا للاشتعال مجدداً في حال تعرضها للهواء.

ويتسبب الفسفور الأبيض بحروق كيماوية مؤلمة. ويبدو الحرق الناجم عنه بالإجمال كموضع يموت فيه النسيج. ويصبح لونه ضارباً للأصفر. ويُصدر رائحة شبيهة بالثوم الفاسد. والفسفور الأبيض مادة تذوب في الدهن بسهولة. ولذا، تنفذ في الجلد بسرعة، فور ملامستها اياه.

وتنتقل عبر اتحادها السريع مع الدهون عبر انسجة الجسم المختلفة. ويساهم ذلك النفاذ السريع في تأخير شفاء الإصابات. ولم يخضع هذا الأمر إلى دراسة معمقة، ولذلك كل ما يمكن قوله هو ان الحروق الناجمة عن الفسفور الأبيض تشكل قسما فرعيا صغيرا من الحروق الكيماوية، التي تشفى جميعها بشكل متأخر في الإجمال.

والفسفور عنصر كيماوي يشتق اسمه من الكلمة اليونانية «فسفوروس» phosphoros، أي حامل الضوء، وهو الاسم القديم لكوكب الزهرة عند ظهوره قبل مغيب الشمس. واكتشف الفسفور في سنة 1669 . وحينها، حُضّر من البول.

ونجد الفسفور، وهو مادة صلبة بيضاء شمعية، في بضعة أشكال أساسية مثل الأبيض (أو الأصفر) والأحمر والأسود (أو البنفسجي). وفي حاله النقية يكون عديم اللون وشفافاً.

والمعلوم أنه غير قابل للذوبان في الماء، ويذوب في بعض مركبات الكربون.

ولا يوجد الفسفور في الطبيعة بشكل مستقل، بل يدخل في تركيب العديد من المواد المعدنية. ويشكل حجر الفوسفات الذي يحتوي على الخام الفسفوري، مصدراً مهماً، ولو انه غير نقي، لهذا العنصر. ويتوافر بكميات كبيرة في روسيا والمغرب، وكذلك في ولايات فلوريدا وتنسي ويوتاه وأيداهو في الولايات المتحدة الاميركية، اضافة الى أماكن أخرى من العالم.


وفي حال عدم علاج الشخص المصاب، يصيب الفسفور الابيض مجموعة كبيرة من اجهزة الجسم. ويتألف العلاج من استعمال محلول البيكربونات الموضعي لتعطيل عمل الأحماض الفسفورية، اضافة الى استخراج القطع الصغيرة ميكانيكياً والتخلص منها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التاريخ

 
طيار أمريكي يفحص صواريخ فسفور أبيض للتمييز عيار 2.75 بوصة في قاعدة اوسان الجوية, جمهورية كوريا, 1996.

استعمل هذا السلاح لأول مرة في القرن التاسع عشر عن طريق الوطنيين الإيرلنديين، وكان على شكل محلول عندما يتبخر يشتعل ويخلف حريقا ودخانا، ثم استعمله بعد ذلك في أستراليا عمال موسميون غاضبون.

في نهاية عام 1916 صنعت بريطانيا أولى القنابل الفسفورية، وفي الحرب العالمية الثانية تم استعمال سلاح الفسفور الأبيض بشكل لافت من لدن القوات الأميركية وقوات دول الكومنولث (اتحاد من 53 دولة جميعها تقريبا من المستعمرات البريطانية السابقة)، كما استعمله اليابانيون بنسب أقل.

قبل الحرب العالمية الثانية كان مصنعو القنابل الحارقة يستعملون فيها المغنيسيوم لإشعال خليطها، لكنهم أثناء الحرب وبعدها أصبحوا يستعملون فيها الفسفور لسرعة اشتعاله وانفجاره بمجرد الاحتكاك مع الهواء.

كما استعمل الجيش الأمريكي أيضا القنابل الفسفورية في حرب فيتنام.

وفي سنة 1991 واجه نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين اتهامات باستخدام الفسفور الأبيض ضد الأكراد، وكذلك الجيش الروسي ضد المقاتلين الشيشان في منتصف التسعينيات من القرن العشرين. [1].


القرن 20 و21

 
طائرة من سرب الشرطة الأمنية الأمريكية تطلق قذيفة مورتار فسفور أبيض لعمل ساتر دخان عيار 81 مم، أثناء التدريب، 1980.

تم استخدام ذخائر الفسفور الأبيض على نطاق واسع من قبل القوات الأمريكية في حرب ڤييتنام والقوات الروسية في حرب الشيشان الأولى وحرب الشيشان الثانية. استخدمت قنابل الفسفور الأبيض من قبل الولايات المتحدة في ڤييتنام لتدمير مجمعات الأنفاق ڤيت كونگ لأنها ستحرق كل الأكسجين وتخنق جنود العدو الذين يحتمون بالداخل.[2][3] استخدم الجنود البريطانيون أيضًا على نطاق واسع قنابل الفسفور الأبيض أثناء حرب فوكلاندز لإزالة مواقع الأرجنتين حيث إن التربة الخثية التي شيدوا عليها كانت تميل إلى تقليل تأثير القنابل اليدوية المتشظية.[4][5] وفقًا لـ گلوبال‌سكيوريتي‌دوت‌أورگ، خلال معركة گروزني خلال حرب الشيشان الأولى في الشيشان، كل رابع أو خامس مدفعية روسية أو قذيفة هاون أطلقت من دخان أو قذيفة فسفور أبيض.[6]

القوات الأمريكية في العراق

في أبريل 2004، أثناء معركة الفلوجة الأولى، أفاد دارين مورتنسون من "نورث كاونتي تايمز" في كاليفورنيا أن القوات الأمريكية استخدمت الفسفور الأبيض كسلاح حارق بينما "لم تعرف أبدًا ما هي الأهداف وما الضرر الذي أحدثته الانفجارات ". وصف مورتنسون المندمج مع الكتيبة الثانية، فوج مشاة البحرية الأول، فريق هاون مشاة البحرية باستخدام مزيج من الفسفور الأبيض والمتفجرات شديدة الانفجار لقصف مجموعة من المباني التي كان المتمردون العراقيون يتواجدون فيها علي مدار الأسبوع.[7][8] في نوفمبر 2004، أثناء معركة الفلوجة الثانية، صرح مراسلو "واشنطن پوست" المرافقون لفريق المهام 2-2، فريق الفوج القتالي 7 أنهم شهدوا قذائف مدفعية تطلق مقذوفات فسفور أبيض.[9] أفاد عدد مارس / أبريل 2005 من نشرة عسكرية رسمية بعنوان "مجلة مدفعية الميدان" أن "الفسفور الأبيض أثبت أنه ذخيرة فعالة ومتعددة الاستخدامات وسلاح نفسي قوي ضد المتمردين في خطوط الخنادق وحفر العنكبوت ... أطلقنا مهام "الهز والإعداد" على المتمردين باستخدام WP [الفسفور الأبيض] لطردهم و H.E. [المتفجرات الشديدة الانفجار] لإخراجهم.[10][11]

مشاهد من قصف قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة وفرنسا لمدينة الموصل العراقية وبشكل عشوائي، كان عدد سكانها 2.5 مليون نسمة. تضمن القصف استخدام الفسفور الأبيض ومدفع قيصر الفرنسي عيار 155 مم. بحسب وزير الخارجية العراقي السابق هوشاير زيباري، لقى أكثر من 40.000 شخص مصرعه خلال المعركة التي استمرت قرابة 9 أشهر.


نفت السفارة الأمريكية في روما استخدام القوات الأمريكية الفسفور الأبيض كسلاح. في نوفمبر 2005، كتب السفير الأمريكي لدى المملكة المتحدة، روبرت توتل إلى "الإندبندنت ونفى أيضا استخدام الولايات المتحدة للفسفور الأبيض كسلاح في الفلوجة. ومع ذلك، في 15 نوفمبر 2005، أكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية المقدم باري فينابل لـ بي بي سي أن القوات الأمريكية استخدمت الفسفور الأبيض كسلاح حارق هناك. قال الفيلم الوثائقي "الفلوجة، المجزرة المخفية"، الذي أنتجته قناة RAI TV التلفزيونية، إن مدنيين عراقيين، بينهم نساء وأطفال، لقوا حتفهم بسبب الحروق الناجمة عن الفسفور الأبيض أثناء الهجوم على الفلوجة، لكن فينابل أنكر ذلك. وذكر فينابل أيضًا أنه "عندما يكون لديك قوات معادية في مواقع مغطاة لا تؤثر فيها قذائف المدفعية شديدة الانفجار وترغب في إخراجها من تلك المواقع، فإن إحدى التقنيات هي إطلاق طلقة فسفور أبيض في الموقع لأن الآثار المشتركة للنار والدخان - وفي بعض الحالات الرعب الناجم عن الانفجار على الأرض - ستخرجهم من الثقوب حتى تتمكن من قتلهم بمتفجرات شديدة".[12][13]

في 22 نوفمبر 2005، أعلنت الحكومة العراقية أنها ستحقق في استخدام الفسفور الأبيض في معركة الفلوجة.[14] في 30 نوفمبر 2005، صرح الجنرال بيتر بيس أن ذخائر الفسفور الأبيض كانت "أداة مشروعة للجيش" تُستخدم لإضاءة الأهداف وإنشاء ستائر دخان، قائلاً "إنه ليس سلاحًا كيميائيًا. إنه حارق. وهو من الجيد في قانون الحرب استخدام هذه الأسلحة أثناء استخدامها وللتعليم وللتفتيش". قال البروفيسور بول رودجرز من جامعة برادفورد قسم دراسات السلام والصراع أن الفسفور الأبيض قد يندرج ضمن فئة الأسلحة الكيميائية إذا تم استخدامه مباشرة ضد الناس. صرح جورج مونبيوت أنه يعتقد أن إطلاق القوات الأمريكية للفسفور الأبيض مباشرة على المقاتلين في الفلوجة من أجل طردهم حتى يمكن قتلهم بعد ذلك يعد انتهاكًا لـ اتفاقية الأسلحة الكيميائية، وبالتالي يعد جريمة حرب.[10][12][15]

القوات الإسرائيلية في لبنان

لبنان 2006

أثناء حرب لبنان 2006، استخدمت إسرائيل القنابل الفسفورية على ما زعمت "أنه أهداف عسكرية في أرض مفتوحة" في جنوب لبنان. وقالت إسرائيل إن استخدامها لهذه الذخائر مسموح به بموجب الاتفاقيات الدولية.[16] إلا أن الرئيس اللبناني إميل لحود قال أن قذائف الفسفور استخدمت ضد المدنيين.[17] أول شكوى رسمية لبنانية بشأن استخدام الفسفور جاءت من وزير الإعلام غازي العريضي.[18]

الاشتباكات الحدودية مع لبنان 2023

 
قصف إسرائيلي بالفسفور الأبيض على جنوب لبنان.

في 11 ديسمبر 2023 أفادت صحيفة واشنطن پوست، أن تحليلاً لشظايا القذائف التي عثر عليها في قرية الضهيرة بجنوب لبنان، أن الجيش الإسرائيلي استخدم قذائف الفسفور الأبيض أمريكية الصنع في هجوم وحشي على جنوب لبنان في أكتوبر 2023. إذ عثر صحفي في صحيفة واشنطن پوست على بقايا ثلاث قذائف مدفعية عيار 155 ملم بالقرب من الحدود، وتشير رموز الإنتاج الموجودة على القذائف إلى أنها صنعت في مستودعات الذخيرة في لويزيانا وأركنسا في عامي 1989 و1992. وقال السكان للصحفي إن القذائف المعنية "أحرقت أربعة منازل على الأقل". وأصيب تسعة أشخاص في الهجوم الذي وقع في 16 أكتوبر، بما في ذلك ثلاثة نُقلوا إلى المستشفى.

وتظهر الصور ومقاطع الڤيديو التي تحققت منها منظمة العفو الدولية سقوط الفسفور الأبيض على الضهيرة في 16 أكتوبر. وقال السكان المحليون: "واصلت القوات الإسرائيلية قصف البلدة بذخائر الفسفور الأبيض لساعات"، مما أدى إلى محاصرة السكان في منازلهم حتى الساعة 7:00 صباحاً من اليوم التالي، وأوضحوا أنهم يشيرون الآن إلى ذلك المساء باسم "الليلة السوداء".

استخدمت إسرائيل الفسفور الأبيض في جنوب لبنان أكثر من 60 مرة منذ بدء الحرب الإسرائيلية الفلسطينية 2023. وكانت منظمة العفو الدولية قالت في 31 أكتوبر 2023: "أطلق الجيش الإسرائيلي قذائف مدفعية تحتوي على الفسفور الأبيض، وهو سلاح حارق، في عمليات عسكرية على طول الحدود الجنوبية للبنان في الفترة ما بين 10 و16 أكتوبر 2023". وأضافت أنه يجب التحقيق فوراً في هجوم 16 أكتوبر باعتباره جريمة حرب.

فيما تزعم إسرائيل أن استخدامها للذخائر المحظورة يتماشى مع القانون الدولي، نظرا لأنها استخدمتها لخلق "ستائر دخان" وليس للاستهداف، وفقاً لبيان للجيش. ومع ذلك، فإن هجوم الفسفور الأبيض الذي وقع في 16 أكتوبر وقع ليلاً، وعندها "لم يكن للدخان فائدة عملياتية تذكر، في حين لم تكن هناك قوات إسرائيلية على الجانب اللبناني من الحدود لتخفي ستائر من الدخان". وأضاف أن "السكان توقعوا أن الفسفور كان يهدف إلى تهجيرهم من القرية وتمهيد الطريق أمام نشاط عسكري إسرائيلي مستقبلي في المنطقة".

ومؤخراً زادت وتيرة الضربات المتبادلة على الحدود اللبنانية، وصعد حزب الله هجماته على المواقع العسكرية الإسرائيلية ووسع نطاق أهدافه ردا على الغارات الجوية المكثفة والعنيفة على قرى جنوب لبنان وردا على المذابح الإسرائيلية في قطاع غزة. يما أدت الغارات الإسرائيلية الأخيرة على لبنان إلى سقوط عدد من الضحايا المدنيين.[19]

القوات الإسرائيلية في غزة

 
قذائف الفسفور الأبيض التي أطلقتها القوات الإسرائيلية تنفجر في شمال قطاع غزة

إسرائيل "تفك اللجام عن قذائف المدفعية" على غزة قبل غزوها بقواتها البرية بعد أسبوع من الغارات الجوية. الإسرائيليون لذلك استخدموا مقذوفات الدخان M825 ، المصممة لانتاج ستار دخان. وبالرغم من الحالات العديدة الموثقة لأطفال ونساء قتلوا بالفسفور الأبيض فقد أصدرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بياناً في 13 يناير 2009، قالت فيه أنه بالرغم من أن إسرائيل قد أطلقت قذائف الفسفور الأبيض في هجومها على قطاع غزة، فإنه لا يوجد دليل يقترح أنهم قد استعملوا بطريقة غيرة مناسبة أو غير قانونية.[20] پيتر هربي، رئيس وحدة الألغام والأسلحة في المنظمة قال، "في بعض الغارات على غزة يتضح تماماً أن الفسفور الأبيض كان مستعملاً،" "ولكن فإنه ليس من غير المعتاد تماماً أن تستخدم الفسفور الأبيض لخلق دخان أو لتضيء هدفاً. نحن ليس لدينا دليل يقترح أن [الفسفور الأبيض] قد استـُخدم لأي غرض آخر." وأضاف هربي أن استخدام الفسفور لإضاءة هدف أو خلق ساتر دخان هما استخدامان شرعيان تماماً في القانون الدولي، وأنه ليس هناك دليل أن إسرائيل تستخدم الفسفور الأبيض عمداً بأي طريقة تستوجب المساءلة، مثل حرق المباني أو تعريض المدنيين للخطر عن عمد. إلا أنه في نفس المقابلة الصحفية، أشار هربي إلى أن الحصول على أدلة دامغة ما زال صعباً لصعوبة الوصول إلى غزة.

ڤيديو للجزيرة يظهر انفجارات جوية من القصف الإسرائيلي واحتراق الذخائر الصغيرة M825A1 WP في شوارع غزة. 11 يناير 2009
 
قنابل الفسفور الأبيض فوق ميناء غزة، أكتوبر 2023.


في 11 أكتوبر 2023، أفادت هيومن رايتس ووتش أنها تحققت من مقاطع ڤيديو التقطت في لبنان وغزة يومي 10 و11 أكتوبر، تُظهر "انفجارات جوية متعددة للفسفور الأبيض الذي أطلقته المدفعية فوق ميناء غزة وموقعين على امتداد الحدود الإسرائيلية اللبنانية". وقدمت المنظمة رابطين لمقطعي ڤيديو على وسائل التواصل الاجتماعي قالت إنهما يظهران "استخدام مقذوفات مدفعية من الفسفور الأبيض عيار 155 مليمتراً لحجب الرؤية أو وضع العلامات أو إرسال إشارات على ما يبدو". وأضافت أن المقطعين يظهران مشاهد بالقرب من الحدود الإسرائيلية اللبنانية. ولم تقدم المنظمة روابط لمقاطع ڤيديو تظهر استخدام الفسفور الأبيض في غزة. لكن قنوات تلفزيونية فلسطينية بثت مقطعاً في الأيام الماضية يظهر أعمدة رقيقة من الدخان الأبيض في سماء القطاع وقالت إنها ناجمة عن مثل هذه الذخائر. ولم يتسن لرويترز التحقق بشكل مستقل من تقارير المنظمة الحقوقية.[21]


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أفغانستان (2009)

هناك حالات مؤكدة لحروق الفسفور الأبيض على جثث المدنيين الذين أصيبوا أثناء الاشتباكات بين الولايات المتحدة وطالبان بالقرب من بگرام. اتهمت الولايات المتحدة مقاتلي طالبان باستخدام أسلحة الفسفور الأبيض بشكل غير قانوني 44 مرة على الأقل.[22] من ناحية أخرى، في مايو 2009، أكد العقيد گريگوري جوليان، المتحدث باسم الجنرال ديڤد ماكيرنان، القائد العام للقوات الأمريكية وقوات الناتو في أفغانستان، أن القوات العسكرية الغربية في أفغانستان تستخدم الفسفور الأبيض من أجل إضاءة الأهداف، أو كمادة حارقة لتدمير المخابئ ومعدات العدو.[23][24] فتحت الحكومة الأفغانية لاحقاً تحقيقاً في استخدام ذخائر الفسفور الأبيض.[25]

الحرب الأهلية السورية

ورد أن الحكومة السورية[26] والولايات المتحدة[27] وروسيا الاتحادية [28][29] وتركيا[30] قد نشروا ذخائر الفسفور الأبيض عبر الضربات الجوية والمدفعية في مناسبات مختلفة أثناء الحرب الأهلية السورية.

حرب ناگورنو قرةباخ الثانية

أثناء حرب ناگورنو قرةباخ الثانية، في 31 أكتوبر 2020، صرحت وزارة دفاع جمهورية آرتساخ الغير معترف بها أن الجانب الأذربيجاني استخدم أسلحة فسفورية لحرق غابات بالقرب من شوشا.[31] عثر معمل الأبحاث الجنائية الرقمية التابع للمجلس الأطسي على أدلة OSINT تؤيد هذه المزاعم.[32]

بدورها، اتهمت السلطات الأذربيجانية القوات الأرمينية باستخدام الفسفور الأبيض على المناطق المدنية.[33][34][35] في 20 نوفمبر، رفع مكتب المدعي العام الأذربيجاني دعوى قضائية اتهم فيها القوات الأرمنية باستخدام ذخيرة الفسفور الأبيض في ناگورنو قرةباخ، وكذلك في مقاطعة ترتر.[36]

الغزو الروسي لأوكرانيا 2021

التنظيم والتطبيق

الاستخدامات

يشتعل الفسفور الأبيض عند تفاعله مع الأكسجين، ويطلق كمية كبيرة من الدخان أثناء الاحتراق. يمكن للجيش استخدام ستار الدخان هذا لإخفاء تحركات قواته. ومع ذلك، فإن الخصائص الكيميائية للمادة تجعل القنابل الفسفورية خطرة بشكل خاص: درجة حرارة احتراق الفوسفور هي 800-2500 درجة مئوية؛ وهو يلتصق بمختلف الأسطح، بما في ذلك الجلد والملابس؛ المادة المحترقة يصعب إطفاؤها. يمكن أن يسبب الفسفور الأبيض حروقًا عميقة تصل إلى العظام، ويمكن أن تشتعل بقايا المادة في الأنسجة مرة أخرى بعد العلاج الأولي. ومن الصعب على الأطباء العسكريين، الذين عادة ما تكون مواردهم الطبية محدودة، تقديم المساعدة الكاملة وفي الوقت المناسب للضحايا. وحتى الناجين من الحروق يمكن أن يموتوا نتيجة فشل الأعضاء بسبب سمية الفسفور الأبيض. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للحرائق الناجمة عن المقذوفات الحارقة أن تدمر المباني والممتلكات المدنية، وتلحق الضرر بالمحاصيل والماشية. وتدعو المنظمات الإنسانية مثل هيومن رايتس ووتش الحكومات إلى إدراج الرؤوس الحربية الفسفورية ضمن اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بأسلحة تقليدية معينة.[37][38][39][40]

سجلت منظمات دولية غير حكومية الاستخدام العسكري للفسفور الأبيض في سوريا، أفغانستان، وقطاع غزة، ومناطق حرب أخرى. تستخدم الجيوش في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الجيش الأمريكي، الفسفور الأبيض لأغراض حارقة.[37]

القانون الدولي

ذخائر الفسفور الأبيض ليست محظورة بموجب القانون الدولي، لكن بسبب آثارها الحارقة، من المفترض أن يتم تنظيم استخدامها بشكل صارم.[37] نظرًا لأن الفسفور الأبيض له استخدامات قانونية، فإن القذائف التي تحتوي الفسفور الأبيض لا يجوز يحظرها بشكل مباشر بموجب القانون الدولي الإنساني. يعتبرها الخبراء ليست حارقة، لكنها تستخدم كستار، لأن هدفها الرئيسي هو إنشاء ستارة دخانية.[38]

في حين أن الفسفور الأبيض بشكل عام لا يخضع لقيود، فإن بعض الاستخدامات في الأسلحة محظورة أو مقيدة بموجب القوانين الدولية العامة: على وجه الخصوص، تلك المتعلقة بالأسلحة الحارقة.[41] تعرف المادة 1 من البروتوكول الثالث للاتفاقية المتعلقة بأسلحة تقليدية معينة السلاح الحارق بأنه "أي سلاح أو ذخيرة مصممة في المقام الأول لإضرام النار في أشياء أو لإحداث حروق في الأشخاص من خلال عمل اللهب أو الحرارة أو مزيج منهما، الناتج عن تفاعل كيميائي لمادة يتم إيصالها إلى الهدف". تحظر المادة 2 من نفس البروتوكول الاستخدام المتعمد للأسلحة المحرقة ضد أهداف مدنية (المحظورة بالفعل بموجب اتفاقيات جنيڤ)، واستخدام الأسلحة المحرقة التي تُطلق من الجو ضد أهداف عسكرية في المناطق المدنية، والاستخدام العام للأسلحة الحارقة الأخرى. استخدام أنواع الأسلحة الحارقة ضد الأهداف العسكرية الواقعة ضمن "تجمعات المدنيين" دون اتخاذ كافة الوسائل الممكنة لتقليل الخسائر البشرية.[42] ولا يجوز أيضًا استخدام القنابل الفسفورية الحارقة بالقرب من المدنيين بطريقة يمكن أن تؤدي إلى وقوع إصابات عشوائية في صفوف المدنيين.[37]

تستثني الاتفاقية أيضًا فئات معينة من الذخائر من تعريفها للأسلحة المحرقة: على وجه التحديد، هذه الذخائر "قد يكون لها آثار حارقة عرضية، مثل أجهزة الإضاءة أو الكاشفات أو الدخان أو أنظمة الإشارة" وتلك "المصممة للجمع بين الاختراق أو الانفجار أو آثار الشظايا ذات تأثير حارق إضافي".[43]

إن استخدام الأسلحة الحارقة وغيرها من الأسلحة النارية ضد العتاد، بما في ذلك الأفراد العسكريين للعدو، لا تحظره أي معاهدة بشكل مباشر. يفرض الجيش الأمريكي عدم استخدام الأسلحة الحارقة، عند نشرها، "بطريقة تسبب معاناة لا داعي لها".[44] يُعرف مصطلح "المعاناة غير الضرورية" من خلال استخدام اختبار التناسب، لمقارنة الميزة العسكرية المتوقعة من استخدام السلاح مع مقدار المعاناة التي يحتمل أن تسببها.[بحاجة لمصدر]

الأسلحة الكيميائية

وعلى الرغم من خطورتها، فإن معاهدة الأسلحة الكيميائية لا تصنف القنابل الفسفورية كأسلحة الكيميائية.[37] تهدف هذه الاتفاقية إلى حظر الأسلحة "التي تعتمد على استخدام الخصائص السامة للمواد الكيميائية كوسيلة للحرب"، وتعرف "المادة الكيميائية السامة" بأنها مادة "يمكن أن تسبب الوفاة من خلال تأثيرها الكيميائي على العمليات الحيوية، العجز المؤقت أو الأذى الدائم للإنسان أو الحيوان".[45] يسرد المرفق المواد الكيميائية المحظورة بموجب الاتفاقية، والفسفور الأبيض غير مدرج في جداول الأسلحة الكيميائية أو سلائفها.[46]

في مقابلة عام 2005 مع RAI، پيتر كايزر، المتحدث باسم منظمة حظر الأسلحة الكيميائية[47] (منظمة تشرف على اتفاقية الأسلحة الكيميائية وتقدم تقاريرها مباشرة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة)، ناقش الحالات التي من المحتمل أن يقع فيها استخدام الفسفور الأبيض ضمن نطاق اتفاقية الأسلحة الكيميائية:

لا، اتفاقية الأسلحة الكيميائية لا تحظر استخدام الفسفور الأبيض في سياق تطبيق عسكري لا يتطلب أو لا ينوي استخدام الخصائص السامة للفسفور الأبيض. ويستخدم الفسفور الأبيض عادة لإنتاج الدخان، لتمويه الحركة.

وإذا كان هذا هو الغرض الذي يستخدم من أجله الفسفور الأبيض، فإنه يعتبر بموجب الاتفاقية استخداماً مشروعاً.

ومن ناحية أخرى، إذا كانت الخصائص السامة للفوسفور الأبيض مخصصة على وجه التحديد لاستخدامها كسلاح، فهذا بالطبع محظور، بسبب الطريقة التي بنيت بها الاتفاقية أو تطبيقها، فإن أي مواد كيميائية تستخدم ضد البشر أو الحيوانات تسبب ضررًا أو موتاً من خلال الخصائص السامة للمادة الكيميائية تعتبر أسلحة كيميائية.[48]

خواصه كستار دخاني

بالنسبة للوزن، فإن الفسفور هو العامل الأكثر فعالية لتكوين الستار الدخاني المعروف،[49] لسببين: أولاً، لأنه يمتص معظم كتلة الستار من الغلاف الجوي المحيط وثانيًا، لأن جزيئات الدخان هي في الواقع غبار جوي، ضباب من قطرات سائلة والتي تكون قريبة من النطاق المثالي للأحجام لتشتت مي للضوء المرئي. تم تشبيه هذا التأثير بزجاج الخصوصية المحكم ثلاثي الأبعاد - لا تعيق سحابة الدخان الصورة، لكنها تشوشها تمامًا. كما أنه يمتص الأشعة تحت الحمراء، مما يسمح له بالتغلب على أنظمة التصوير الحراري.

عندما يحترق الفسفور في الهواء، فإنه يشكل أولاً خامس أكسيد الفسفور (الذي يوجد على شكل ديكوكسيد رباعي الفسفور إلا في درجات حرارة عالية جدًا):

P4 + 5 O2 → P4O10

خامس أكسيد الفسفور متعطش للماء بشدة وسرعان ما يمتص حتى أقل آثار للرطوبة ليشكل قطرات سائلة من حمض الفسفوريك،

P4O10 + 6 H2O → 4 H3PO4 (كما يشكل أحماض عديدة الفوسفات مثل حمض الپيروفوسفوريك، H4P2O7)[50]

نظرًا لأن ذرة الفسفور كتلتها الذرية 31 لكن جزيء حمض الفوسفوريك كتلته الجزيئية 98، فإن السحابة تشكل بالفعل 68% من الكتلة مشتقة من الغلاف الجوي (أي 3.2 كيلوجرام من الدخان لكل كيلوجرام من الفسفور الأبيض)؛ ومع ذلك، قد يمتص أكثر لأن حمض الفوسفوريك ومتغيراته متعطش للماء. بمرور الوقت، ستستمر القطرات في امتصاص المزيد من الماء، وتنمو بشكل أكبر وأكثر تخفيفًا حتى تصل إلى التوازن مع ضغط البخار للماء المحيط. من الناحية العملية، تصل القطرات بسرعة إلى مجموعة من الأحجام المناسبة لتشتيت الضوء المرئي، ثم تبدأ في التبدد بسبب الرياح أو الحمل الحراري.

نظرًا لكفاءة الوزن الكبيرة لدخان الفسفور الأبيض، فهو مناسب بشكل خاص للتطبيقات التي يكون فيها الوزن محدودًا للغاية، مثل القنابل اليدوية وقنابل الهاون. هناك ميزة إضافية لقنابل الدخان اليدوية - والتي من المرجح أن تستخدم في حالات الطوارئ - وهي أن سحب الدخان من الفسفور الأبيض تتشكل في جزء من الثانية. نظرًا لأن الفسفور الأبيض أيضًا تلقائي الإشتعال، فإن معظم الذخائر من هذا النوع بها شحنة متفجرة بسيطة لفتح الغلاف ورش شظايا الفسفور الأبيض عبر الهواء، حيث تشتعل تلقائيًا وتترك أثرًا من الدخان الكثيف بسرعة خلف كل جسيم. من السهل التعرف على مظهر تشكل هذه السحابة؛ يرى المرء وابلًا من الجزيئات المحترقة تتناثر إلى الخارج، تليها عن كثب تيارات مميزة من الدخان الأبيض، والتي تتجمع بسرعة لتشكل سحابة بيضاء رقيقة نقية جدًا (ما لم تتم إضاءتها بمصدر ضوء ملون).

نوقشت العديد من عيوب الفسفور الأبيض أدناه، لكن أحد العيوب الخاصة بالسحب الدخانية هو "تكون الأعمدة".[51] ونظرًا لأن دخان الفسفور الأبيض يتكون من احتراق ساخن إلى حد ما، فإن الغازات الموجودة في السحابة تكون ساخنة وتميل إلى الارتفاع. نتيجة لذلك، تميل ستارة الدخان إلى الارتفاع عن الأرض بسرعة نسبية وتشكل "أعمدة" جوية من الدخان والتي لا فائدة منها بالنسبة للستارة الدخانية. من الناحية التكتيكية، يمكن مواجهة ذلك باستخدام الفسفور الأبيض للحصول على ستارة سريعة، لكن بعد ذلك يتم المتابعة باستخدام عوامل نوعية للانبعاثات من أجل الحصول على ستارة دخانية أكثر ثباتًا. بدأت بعض الدول في استخدام الفسفور الأحمر بدلاً من ذلك. يحترق الفسفور الأحمر ("RP") بشكل أكثر برودة من الفسفور الأبيض ويزيل بعض العيوب الأخرى أيضًا، لكنه يوفر نفس كفاءة الوزن تمامًا. وتشمل الأساليب الأخرى وسادات اللباد المنقوعة بالفسفور الأبيض (والتي تحترق أيضًا بشكل أبطأ، وتشكل خطرًا أقل للحروق) وPWP، أو الفوسفور الأبيض الملدن.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التأثيرات الفسيولوجية

0
0
0
 


بالإضافة إلى الإصابات المباشرة الناجمة عن شظايا أغلفتها، فإن ذخائر الفسفور الأبيض يمكن أن تسبب إصابات بطريقتين رئيسيتين: إصابات الحروق واستنشاق البخار.

الحروق

 
شاب غزاوي يتلقى علاجاً في المستشفى من حروق الفسفور الأبيض.[52]

الحبيبات الوهاجة المنبعثة من الانفجار المبدئي لسلاح الفسفور الأبيض ينتج عنها حروق واسعة وبالغة من الدرجتين الثانية والثالثة. أحد أسباب حدوث ذلك هو ميل العنصر الكيميائي للالتصاق بالجلد. حروق الفسفور تحمل خطراً أكبر بالموت من صيغ الحروق الأخرى بسبب امتصاص الفسفور إلى داخل الجسم من خلال منطقة الحروق، مما يسفر عن أضرار بالغة في الكبد والكلى، وفي بعض الحالات متلازمة الاختلال العضوي المتعدد.[53] تعتبر هذه الأسلحة خطر بشكل خاص على الأشخاص المعرضين لها لأن الفسفور الأبيض يستمر في الاحتراق ما لم يحرم من الأكسجين أو حتى يتم استهلاكه بالكامل. في بعض الحالات، تقتصر الحروق على مناطق الجلد المكشوف لأن جزيئات الفسفور الأبيض الصغيرة لا تحترق تمامًا من خلال الملابس الشخصية قبل استهلاكها.

تستمر جزيئات الفسفور الأبيض في الاحتراق حتى تستهلك بالكامل أو تُحرم من الأكسجين. في حالة الأسلحة التي تستخدم ذخائر صغيرة مشربة باللباد، قد يحدث احتراق غير كامل مما يؤدي إلى بقاء ما يصل إلى 15% من محتوى الفسفور الأبيض غير محترق. يمكن أن تكون هذه الذخائر الصغيرة خطيرة لأنها قادرة على إعادة الاشتعال تلقائيًا إذا سُحقت بواسطة الأفراد أو المركبات.[54] في بعض الحالات، تقتصر الإصابة على مناطق الجلد المكشوفة لأن جزيئات الفسفور الأبيض الأصغر لا تحترق بالكامل من خلال الملابس الشخصية قبل استهلاكها.

نظرًا لطبيعة الاشتعال الذاتي للفسفور الأبيض، تعالج الإصابات المخترقة على الفور عن طريق عزل الجرح عن الأكسجين باستخدام الماء أو قطعة قماش مبللة أو الطين، حتى يمكن إزالة الشظايا: عادةً ما تفعل القوات العسكرية ذلك باستخدام حربة أو سكين حيثما أمكن ذلك. يوضع محلول بيكربونات على الجرح لتحييد أي تراكم لحمض الفوسفوريك، يليه إزالة أي شظايا مرئية متبقية: يمكن ملاحظتها بسهولة لأنها تكون مضيئة في المناطق المظلمة.

يُستخدم التنضير الجراحي (إزالة الأجسام الغريبة والأنسجة المصابة) حول الإصابة لتجنب الشظايا الصغيرة جدًا التي لا يمكن اكتشافها والتي تسبب فشلًا جهازيًا لاحقًا، مع مواصلة العلاج كما هو الحال مع الحرق الحراري.

استنشاق الدخان

ينتج عن حرق الفسفور الأبيض دخانًا ساخنًا كثيفًا أبيض يتكون في الغالب من خامس أكسيد الفسفور. قد يؤدي التعرض لتركيزات دخان كثيفة من أي نوع لفترة طويلة (خاصة إذا كان بالقرب من مصدر الانبعاث) إلى المرض أو الوفاة. يتسبب دخان الفسفور الأبيض في تهيج العين والأغشية المخاطية للأنف، الجهاز التنفسي بتركيزات معتدلة، بينما يمكن أن تؤدي التركيزات الأعلى إلى حروق شديدة. حددت وكالة المواد السامة وسجل الأمراض الحد الأدنى من مخاطر الاستنشاق الحاد (MRL) لدخان الفسفور الأبيض بمقدار 0.02 mg/m3، وهو نفس مستوى أبخرة زيت الوقود. على النقيض من ذلك، فإن غاز الخردل المستخدم في الأسلحة الكيميائية أقوى 30 مرة: 0.0007 mg/m3.[55]


الابتلاع

الجرعة المميتة المقبولة عند تناول الفسفور الأبيض عن طريق الفم هي 1 مجم لكل كيلوجرام من وزن الجسم، على الرغم من أن تناول أقل من 15 مجم قد أدى إلى الوفاة.[56] وقد يتسبب أيضًا في تلف الكبد أو القلب أو الكلى.[53] هناك تقارير عن أفراد لديهم تاريخ من الابتلاع عن طريق الفم وخرجوا من البراز المحمّل بالفسفور ("متلازمة براز التدخين").[56] ترجع سميته الشديدة إلى تكوين الجذور الحرة، خاصة في الكبد، حيث تتراكم ولا يتم استقلابها بسهولة.

استنشاق البخار

يتسبب استنشاق الأبخرة المشتقة على المدى الطويل في حدوث حالة تسمى الفك الفاسد أو تنخر عظم الفك، وهي حالة مؤلمة ومنهكة ومميتة في النهاية أصابت عمال المصانع المشاركين في تصنيع أعواد الثقاب التي تحتوي على الفسفور الأبيض. آلية النخر هي تكوين الجلطة التي تؤدي إلى نقص تروية العظام أو الاحتشاء، مما يؤدي إلى تعفن عفن عظم الفك السفلي. لهذا السبب، تم سن اتفاقية برن (1906) لحظر تصنيع أو بيع أو شراء أعواد الثقاب المحتوية على الفسفور الأبيض. قد تحدث هذه الحالة أيضًا بسبب الجرعات العالية من أدوية السرطان التي تحتوي على الرصاص والكادميوم والبيسفوسفونات.

الوقاية والإسعاف الأولي

الوقاية

  • الحبيبات المنصهرة من هذه المادة قد تنغمس في جلد الضحية منتجة حروقاً متعددة وعميقة وبأحجام مختلفة، ومن المهم أن نعلم هنا أن هذه الحبيبات ستستمر في الاشتعال مالم يتم عزلها عن أكسجين الهواء عبر غمرها بالماء أو عزلها عن الهواء باستخدام الوحل أو قماش مبلول. من الضروري جداً في هذه الحالة إبقاء جزيئات الفسفور معزولة عن الهواء طيلة الوقت حتى لا تشتعل وذلك إلى أن تتم إزالتها.[57]
  • يمكن إزالة الفسفور الملتصق بالجلد باستخدام سكين أو عصا أو عبر حكها بقطعة قماش مبلولة.
  • استخدام الكمامات يساهم في الحماية من دخان الفسفور الأبيض.
  • إذا أصابت هذه المادة الملابس، فيجب خلعها بسرعة قبل وصول المادة إلى الجلد.

الإسعاف الأولية

  • عند اندلاع حريق، استخدم رذاذ الماء أو الرمل المبلول ومن الضروري الابتعاد عن المواد سريعة الاشتعال. من الجدير بالذكر أن الفسفور الأبيض قد يعود للاشتعال تلقائياً بعد إطفاء الحريق.[58]
  • عند الاستنشاق، محاولة استنشاق الهواء النقي والراحة، وقد يلزم عمل تنفس صناعي ثم المراجعة الطبية بأسرع وقت.
  • عند تعرض الجلد، يشطف الجلد بالكثير من الماء، وتزال الملابس المتضررة مع استمرار الشطف بالماء بعد ذلك. ويلزم ارتداء قفازات أو نحوه عند عمل الإسعاف الأولي. والمراجعة الطبية بأسرع وقت.
  • عند تعرض العين، الشطف بالكثير من الماء لعدة دقائق، وينصح بإزالة العدسات اللاصقة إن كان بالإمكان القيام بذلك بسهولة. والمراجعة الطبية بأسرع وقت.
  • عند ابتلاع المادة، يجب العمل على التقيؤ عمداً (فقط في الشخص الواعي) ويجب ارتداء قفازات عند محاولة التقيء عمداً، وشطف الفم بالماء والراحة. والمراجعة الطبية بأسرع وقت.

انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ "لفسفور الأبيض سلاح حارق محرم باتفاقية دولية". الجزيرة نت. 2009.
  2. ^ The Tunnels of Cu Chi; 2005 Tom Mangold and John Penycate
  3. ^ Tunnel Rat in Vietnam; 2012 Gordon L Rothman
  4. ^ When the fighting is over: A personal story of the battle for Tumbledown Mountain and its aftermath by John and Robert Lawerance 1988
  5. ^ No Picnic; 3 Commando Brigade in the South Atlantic by Julian Thompson 1985
  6. ^ Joint Staff (1991). "White Phosphorus (WP)". Globalsecurity.org. Archived from the original on 27 March 2005. Retrieved 28 March 2005.
  7. ^ Mortenson, Darrin (11 April 2004). "Violence subsides for Marines in Fallujah". The San Diego Union Tribune. Archived from the original on 23 January 2020. Retrieved 23 January 2020.
  8. ^ Mortenson, Darrin. "Violence subsides for Marines in Fallujah", North County Times, 10 April 2004. Archived 10 أكتوبر 2006 at the Wayback Machine
  9. ^ Spinner, Jackie; Vick, Karl; Fekeiki, Omar (10 November 2004). "U.S. Forces Battle Into Heart of Fallujah". The Washington Post. Archived from the original on 8 August 2007. Retrieved 4 December 2005.
  10. ^ أ ب "Pentagon Reverses Position and Admits U.S. Troops Used White Phosphorus Against Iraqis in Fallujah". Democracy Now!. 17 November 2005. Archived from the original on 15 January 2020. Retrieved 23 January 2020.
  11. ^ Buncombe, Andrew; Hughes, Solomon (15 November 2005). "The fog of war: white phosphorus, Fallujah and some burning questions". The Independent. Archived from the original on 23 October 2019. Retrieved 23 January 2020.
  12. ^ أ ب "US forces used 'chemical weapon' in Iraq". The Independent. 16 November 2005. Archived from the original on 1 March 2020. Retrieved 23 January 2020.
  13. ^ "U.S. official admits phosphorus used as weapon in Iraq". Canadian Broadcasting Corporation. 16 November 2005. Archived from the original on 5 October 2013. Retrieved 19 May 2011.
  14. ^ "White Phosphorus In Iraq". Archived from the original on 29 September 2007.
  15. ^ "BBC NEWS: US general defends phosphorus use". BBC News. 30 November 2005. Archived from the original on 20 February 2006. Retrieved 13 December 2005.
  16. ^ "Israel admits phosphorus bombing". BBC. 22 October 2006. Archived from the original on 2 April 2019. Retrieved 24 October 2006.
  17. ^ "Israel admits using phosphorus bombs during war Lebanon". Haaretz. 22 October 2006. Archived from the original on 6 February 2007. Retrieved 4 April 2007.
  18. ^ Jansen, Jaime (17 July 2006). "Lebanon claims Israel using banned weapons against civilians". Paper Chase Newsburst, Jurist Legal News & Research. University of Pittsburgh School of Law.
  19. ^ "US-made munitions used in illegal white phosphorous attack on Lebanon". the cradle.
  20. ^ "Red Cross: Israel's use of white phosphorus not illegal". JPost. 13 January 2009. Retrieved 13 January 2009.
  21. ^ "إسرائيل تنفي اتهامات باستخدامها الفسفور الأبيض في غزة ولبنان". دويتشه فيله. 2023-10-13. Retrieved 2023-12-11.
  22. ^ Straziuso, Jason (11 May 2009). "U.S.: Afghan Militants Use White Phosphorus". guardian.co.uk. London. Associated Press. Archived from the original on 6 September 2013. Retrieved 2 December 2009.
  23. ^ "Exclusive – Afghan girl's burns show horror of chemical strike". Reuters India. 8 May 2009. Archived from the original on 20 May 2010. Retrieved 2 December 2009.
  24. ^ Chivers, C. J. (19 April 2009). "Pinned Down, a Sprint to Escape Taliban Zone". New York Times. Archived from the original on 15 April 2016. Retrieved 2 December 2009.
  25. ^ Synovitz, Ron (13 May 2009). "Investigation Launched Into White Phosphorus Claims In Afghanistan". Radio Free Europe/Radio Liberty. Archived from the original on 13 September 2009. Retrieved 2 December 2009.
  26. ^ "VIDEO: Syria regime drops white phosphorus on Idlib's Saraqeb". english.alarabiya.net (in الإنجليزية). 10 April 2017. Archived from the original on 3 July 2019. Retrieved 3 July 2019.
  27. ^ Barnard, Anne (10 June 2017). "U.S.-Led Forces Said to Have Used White Phosphorus in Syria". The New York Times. Archived from the original on 5 October 2017. Retrieved 29 September 2017.
  28. ^ "Video shows Russia using 'white phosphorus' bombs in Syria, activists claim". Independent.co.uk. 8 March 2017. Archived from the original on 5 November 2017. Retrieved 4 December 2017.
  29. ^ "Turkey urges Russia to stop attacks against civilians in Syria". Hürriyet Daily News. Archived from the original on 14 February 2018. Retrieved 13 February 2018.
  30. ^ "UK sells white phosphorus to Turkey as evidence grows of chemical attacks on Kurds". The Times. 27 October 2019. Archived from the original on 6 November 2019. Retrieved 7 November 2019.
  31. ^ "Հաղորդագրություն | ԼՂՀ պաշտպանության նախարարության պաշտոնական կայք". nkrmil.am (in الأرمنية). Archived from the original on 5 November 2020. Retrieved 31 October 2020.
  32. ^ Andriukaitis, Lukas (13 November 2020). "Satellite imagery shows environmental damage of reported white phosphorus use in Nagorno Karabakh". @DFRLab: AtlanticCouncil's Digital Forensic Research Lab. Archived from the original on 14 February 2022.
  33. ^ Ismayilova, Vafa (3 November 2020). "Armenia actively using phosphorus shells against civilian objects". AzerNews. Archived from the original on 8 December 2020. Retrieved 28 November 2020.
  34. ^ Mammadli, Nargiz (6 November 2020). "Armenia's Army Drops White Phosphorus Bombs On Civilians In Azerbaijan". Caspian News. Archived from the original on 24 November 2020. Retrieved 28 November 2020.
  35. ^ "Armenia uses banned white phosphorus shells against civilian population". Azerbaijan State News Agency. 4 November 2020. Archived from the original on 27 November 2020. Retrieved 28 November 2020.
  36. ^ "Lawsuit on the fact of the use of white phosphorus by Armenians in Karabakh". Turan Information Agency. 20 November 2020. Archived from the original on 10 December 2020. Retrieved 28 November 2020.
  37. ^ أ ب ت ث ج "What is white phosphorus, and what does it mean that Russia may be using it in Ukraine?". CBS. 2022-03-25. Retrieved 2022-04-04.
  38. ^ أ ب "Ukraine claims that Russia is using white phosphorus". The Washington Post. 2022-03-25. Retrieved 2022-04-04.
  39. ^ "'White Phosphorus' Claimed To Be Used In Ukraine May Really Be Russian Napalm Weapon". Forbes. 2022-03-25. Retrieved 2022-04-04.
  40. ^ "'They Burn Through Everything'". Human Rights Watch. 2020-11-09. Retrieved 2022-04-04.
  41. ^ I. J. MacLeod and A. P. V. Rogers. "The Use of White Phosphorus and the Law of War" Archived 20 أغسطس 2016 at the Wayback Machine, in Yearbook of International Humanitarian Law (2007)
  42. ^ Phosphorous weapons – the ICRC's view
  43. ^ ICRC: Incendiary weapons
  44. ^ International Humanitarian Law Databases / Practice relating to Rule 85. / The Use of Incendiary Weapons against Combatants / Section A. The use of incendiary weapons in general / VI. Other National Practice
  45. ^ Article II: Definitions and Criteria
  46. ^ Organisation for the Prohibitions of Chemical Weapons. "Schedules of Chemicals". Archived from the original on 24 May 2008. Retrieved 25 August 2007.
  47. ^ "Organisation for the Prohibition of Chemical Weapons (OPCW)". Archived from the original on 28 May 2019. Retrieved 25 September 2007.
  48. ^ Paul Reynolds (16 November 2005). "White phosphorus: weapon on the edge". BBC News. Archived from the original on 29 November 2019. Retrieved 4 April 2007.
  49. ^ Chemical Warfare Agents: Toxicology and Treatment, Timothy T. Marrs, Robert L. Maynard, Frederick Sidell, p. 697
  50. ^ White Phosphorus Smoke. National Academies Press (US). 1999. Archived from the original on 12 November 2020. Retrieved 10 June 2017.
  51. ^ Chemical Warfare Agents: Chemistry, Pharmacology, Toxicology, and Therapeutics, Second Edition, Brian J. Lukey, James A. Romano Jr., James A. Romano, Harry Salem, Brian J Lukey, p. 480
  52. ^ Khalili, Mustafa; Tait, Michael (19 January 2009). "White phosphorus in Gaza: the victims". The Guardian. London. Archived from the original on 3 January 2017. Retrieved 18 December 2016.
  53. ^ أ ب Agency for Toxic Substances and Disease Registry (ATSDR). "White Phosphorus: Health Effects". Toxicological Profile Information Sheet (PDF).
  54. ^ "Smokes, Fuels, and Incendiary Materials" (PDF). J R Army Med Corps. 148 (4): 395–397. 2002. doi:10.1136/jramc-148-04-11. PMID 12703429. S2CID 220149224. Archived (PDF) from the original on 30 October 2019. Retrieved 30 October 2019.
  55. ^ "ATSDR – Minimal Risk Levels for Hazardous Substances (MRLs)". Retrieved 4 December 2005.
  56. ^ أ ب Lisandro Irizarry, MD, MPH, FAAEM. "eMedicine – CBRNE – Incendiary Agents, White Phosphorus". Retrieved 4 December 2005.{{cite web}}: CS1 maint: multiple names: authors list (link)
  57. ^ http://www.fas.org/nuke/guide/usa/doctrine/dod/fm8-9/3ch8.htm
  58. ^ http://www.ilo.org/public/english/protection/safework/cis/products/icsc/dtasht/_icsc06/icsc0628.htm

قراءات إضافية