جورج گوردون بايرون

(تم التحويل من Lord Byron)

جورج گوردون بايرون أو اللورد بايرون (Lord Byron؛ 22 يناير 1788 في إنجلترا - 19 أبريل 1824 في اليونان) شاعر بريطاني من رواد الشعر الرومانسي. كانت قصائده تعكس معتقداته وخبرته. شعره تارة ما يكون عنيفاً وتارة أخرى رقيقاً، وتتصف قصائده في أغلب الأحيان بالغرابة. يصر اللورد بايرون على حرية الشعوب.

جورج گوردون بايرون
اللورد بايرون

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حياته المبكرة

 
Engraving of Byron's father, Captain John "Mad Jack" Byron, date unknown

ولد اللورد بايرون في مدينة لندن بإنجلترا في 22 يناير 1788، وعاش حياته في إسكتلندا. حينما أصبح في سن السادسة عشر، حصل على لقب "اللورد"، ثم انتقل إلى إنجلترا ودرس في جامعة كمبردج. في عام 1807 انتهى من أول كتاب شعر له وكان اسمه "ساعات الكسل" (بالإنجليزية: Hours of Idleness). في السنين التالية أخذ يتجول في أوروبا الشرقية، وفي عام 1812 قام بأول نشر لكتابه الشعري "رحلة تشايلد هارولد" (بالإنجليزية: Childe Harold's Pilgrimage). تلى ذلك عدد من الأعمال أبرزها: "عروس أبيدوس" (The Bride of Abydos)، و "القرصان" (The Corsair). في عام 1815 تزوج آن إيزابلا ملبانك. غادر اللورد بايرون إلى إيطاليا في عام 1816، وكتب أعمال منها: "مانفرد" (Manfred)، و "كين" (Cain)، و "دون جوان" (Don Juan) الذي لم يكمله بسبب وفاته في عام 1824.


 
The mountain Lochnagar is the subject of one of Byron's poems, in which he reminisces about his childhood


1809-1811

 
Catherine Gordon, Byron's mother

لم تكن رحلة - من الناحية التقليدية - هائلة: فقد كانت إنجلترا في حالة حرب، وكان نابليون يحكم فرنسا وبلجيكا وهولندا وألمانيا وإيطاليا، لذا فقد قضى بايرون معظم العامين اللذين استغرقتهما رحلته في ألبانيا واليونان وتركيا، وقد تركت هذه الرحلة أثرا مهما في سياساته وفي وجهات نظره عن النساء والزواج بل وأثرت في موته. لقد خلف ديونا مقدارها 000،31 جنيه إسترليني وراءه (المقصود قبل أن يبدأ رحلته) واصطحب معه أربعة من الخدم. لقد وجد لشبونة فقيرة مسلوبة القوة ولم تكن حرب شبه الجزيزة الأيبيرية مبررا كافيا لهذه الحال، وبدا كل الناس عدوانيين فكان بايرون يحمل مسدسيه أينما ذهب. وانتقل ركبه على ظهور الخيل إلى أشبيلية وقادش ومنها - على ظهر فرقاطة بريطانية - إلى جبل طارق (وهناك أعفى كل خدمه ما عدا خادمه الخصوصي متولي أمور ملابسه وليم فلتشر) ومن جبل طارق اتجه إلى مالطة حيث أحب السيدة سبنسر سمث (1 - 81 سبتمبر 9081)، وتصرف بشكل مناف للذوق حتى إن القبطان البريطاني علق على تهوره وعدم كياسته. فتحداه بايرون مع تلميح ادعائي سخيف طالما أن السفينة التي عليّ أن أركبها لا بد أن تبحر على أول تغير في اتجاه الريح، فإن الإبحار في الساعة السادسة غدا هو الوقت المناسب تماما، فهذا أدعى لترتيب أشغالنا بشكل أفضل وأسرع واعتذر القبطان عن عدم تنفيذ ذلك. وفي 91 سبتمبر غادر بايرون وهوبهوس على السفينة سبيدر Spider (الكلمة تعني العنكبوت أو المقلاة) وبعد أن ظلت مبحرة طوال أسبوع وصلت إلى باتراس Patras. فنزلا إلى الشاطئ فورا لمجرد وضع أقدامهما على تربة اليونان، لكن في الليلة نفسها عاودا ركوب السفينة (سبيدر) وأبحرت السفينة متجاوزة ميسولونجي Missolonghi وبينيلوب الملحقة بإيثاكا Penelopes Ithaca نزلا إلى الشاطئ في بريفيرا Preveza بالقرب من أكتيوم Actium التي شهدت معركة تحدد فيها مصير أنطونيو وكليوباترا. ومن هنا اتجها شمالا على ظهور الخيل خلال إبيروس Epirus ودخل ألبانيا التي كان التركي المرعب علي باشا يحكم من عاصمتها - بالسيف والأوامر - كل ألبانيا وإبيروس، وقد رحب ببايرون ترحيبا يليق بلورد بريطاني لأنه (كما قال للشاعر) عرف أنه ذو أصل نبيل لصغر يديه وأذنيه.


أولى رحلاته للشرق

 
The Byron's Stone in Tepelene، ألبانيا
 
Teresa Makri in 1870


وفي 32 أكتوبر عاد بايرون ورفاقه. وفي 72 من الشهر نفسه وصلا إلى يانينا Janina عاصمة إبيروس. وهناك بدأ يسجل انطباعاته عن الرحلة في (Childe Harold Pilgrimage) على شكل سيرة ذاتية. وفي 3 نوفمبر ارتحلت المجموعة جنوبا حتى ما يعرف اليوم باسم إيتوليا Aetolia في حماية حرس الباشا من المرتزقة الألبانيين، وكان كل واحد من هذا الحرس بارعاً في القتل والسرقة. وقد أحبوا سيدهم الجديد (المقصود لورد بايرون) وكان أحد أسباب ذلك أنه بدا لهم غير هياّب من الموت. وعندما أصابت الحمى بايرون هددوا الطبيب بالقتل إذا مات مريضه، ففر الطبيب وشفي بايرون. وفي 12 نوفمبر استقلت المجموعة سفينة نقلتهم من ميسولونجي Missolonghi إلى باتراس Patras وتقدموا يصحبهم حرس جديد على ظهور الخيول في البلوبونيز وأتيكا Attica (في اليونان الحالية) ورأوا دلفي Delphi وثيبز Thebes ودخلوا أثينا في يوم الكريسماس 9081. وكان لابد أن يمر على الرحالتين يوم حافل بالأفراح والأحزان معا. عظمة الآثار القديمة، والدمار الذي لحق بالبلاد حديثا، وعدم الترحيب الشديد بالحكم التركي، فاليونانيون كانوا يوما شعبا فخورا معتزا بنفسه وأصبحوا الآن وقد نزلوا من علياء مجدهم السياسي والفكري ورضوا بحكم الأيام. لقد كان هذا مدعاة لتسلية هوبهوس لكنه أحزن بايرون الذي تجسدت فيه روح الاستقلال، والفخر بالعرق.

وعلى أية حال فقد كانت نساء اليونان جميلات، عيونهم سوداء مثيرات، خضوعهن (استسلامهن) لطيف. وقد سكن بايرون وهوبهوس عند الأرملة ماكرى Macri التي تولت خدمتهما، وكان لديها ثلاث بنات كلهن دون الخامسة عشرة. الفاسقة الصغيرة تعلمت أن تحسّ إزاءهم بعاطفة أبهجتهما وذكرتهما بحبهما أيام براءتهما الأولى. إنها تريزا البالغة من العمر اثنتي عشرة سنة وهي التي علّمته التحية الشجية: يا حياة حياتي، أنا أحبك Zoe mou sas agabo وقد كتب أغنيته الشهيرة مستوحيا أفكارها من هذه الكلمات: ياعذراء أثينا، هل سنفترق ! أعيدي إليّ قلبي! وفي 91 يناير 0181 انطلق بايرون وهوبهوس مع خادم ودليل ورجلين للعناية بالخيول لزيارة واحد من أكثر المشاهد إلهاما في اليونان، واستغرق انتقالهم راكبين أربعة أيام لكن الغاية تبرر الوسيلة: لقد أصبحوا على مرأى الأعمدة الباقية من معبد بوسيدون (النص temple to Poseidon) في الماضي البطولي على قُنةَّ جبل سونيوم Sunium Promontorium (Cape Colonna) لتخبر البحارة أنهم وصلوا بلاد الإغريق. ومما يذكر أن مشاهد هذا الكمال القدسي المتناثرة ومنظر بحر إيجه الذي يبدو على البعد هادئا ناعما، كل ذلك أوحى للشاعر بتأليف قصيدته (جزر اليونان) التي أدرجها أخيرا في النشيد الثالث في عمله (دون جوان). ومن سونيوم Sunium تستغرق المسافة إلى الماراثون ثلاثة أيام فقط على ظهور الخيل، وفي الماراثون تحركت قريحة الشاعر بالأبيات المشهورة التالية:

الجبال تُطل على الماراثون،
والماراثون يُطل على البحر،
ورحت أسلّي نفسي هناك ساعة وحدي،
وحلمت أن تعود اليونان حرة
تقف على جثت الفرس (المقصود الأتراك)
إنني لا أُطيق أن أكون عبدا

وفي 5 مارس غادر بايرون وهوبهوس أثينا واستقلتهما سفينة إنجليزية (البايلادز Pylades) قاصدين سميرنا Smyrna، وأجبروا هناك على الانتظار شهرا حيث أكمل الشاعر النشيد الثاني في مؤلفه الشعري (شايلد هارولد Childe Harold ). وقام برحلة جانبية استغرقت ثلاثة أيام إلى إفسوس Ephesus واستوحى خرائب (آثار) مدينة شهدت أوج الحضارات الثلاث - الإغريق، والمسيحية والإسلام (النص: الديانة المحمدية). ولاحظ هوبهوس أن انحلال الأديان الثلاثة يقدم هناك من وجهة نظر واحدة(7).

وفي 11 أبريل عبروا (الشاعر وهوبهوس ومن معهما) على الفرقاطة سالست Salsette إلى القسطنطينية (المقصود إستانبول)، وأدت الرياح القاسية والموانع الدبلوماسية للإبقاء على السفينة طوال أسبوعين راسية على الجانب الأسيوي من الدردنيل، ووطئ بايرون وهوبهوس سهل طروادة Troad Plain على أمل أن يكون قد غطى عظام هومر Homers Ilium ولكن شليمان Schliemann لم يكن قد ولد بعد. وفي 51 أبريل قام بايرون والضابط البحري الإنجليزي - الليفتنانت وليم إكنهيد بالانتقال عبر الهيليسبونت Hellespont إلى الجانب الأوربي، وحاولا العودة سباحة لكنها عانيا من شدة التيار وبرودة الماء. وفي 3 مايو حاولا مرة ثانية وعبرا من سيستوس Sestos في الجانب الأوربي من تركيا إلى أبيدوس Abydos في آسيا الصغرى. وأنجز إكنهيد Ekenhead قطع المسافة في 56 دقيقة أما بايرون فأنجزها في سبعين دقيقة، وكان طول القناة في هذا الموضع (المقصود القناة الموصلة بين البر والأسيوى والبر الأوربي) ميلا واحدا فقط، لكن التيارات المائية أجبرتها على السباحة أكثر من أربعة أميال(8).

ووصل السائحان إلى القسطنطينية (المقصود إستانبول) في 21 مايو وأثارت المساجد إعجابهما وغادراها في 41 يوليو وفي السابع عشر من الشهر نفسه رست سفينتهما في مرفأ زي 'Zea في جزيرة كوس Koes، وهناك افترقا فتابع هوبهوس طريقه إلى لندن واستقل بايرون وفلتشر قارب آخر متجها إلى باتراس Patras. ومرة أخرى عبر الطريق البري إلى أثينا. وهناك راح بايرون يواصل بحثه الطويل عن الفروق بين النساء (الفوارق الأنثوية). لقد تباهى بغزواته (المفهوم طبعا غزواته النسائية) وأصيب بالسيلان، وسار سراعا في طريق الاكتئاب، ففي 62 نوفمبر كتب إلى هوبهوس: لقد رأيت العالم الآن ... وذقت كل أنواع اللذة.. ليس لي من أمل آخر. وربما بدأت في التفكير في أفضل طريقة للخروج من هذا العالم .. آمل أن أستطيع أن أجد بعضاً من نبات الشوكران (نبات سام) الذي حصل عليه سقراط(9) وفي يناير سنة 1181 استأجر غرف لإقامته وإقامة بعض خدمه في دير كابوشن Capuchin عند سفح الأكروبوليس وراح يحلم بالسلام (النفسي) الذي تتيحه الحياة في دير.

وفي 22 أبريل غادر أثينا لآخر مرة ومكث شهرا في مالطة ثم واصل رحلته عائدا إلى إنجلترا التي وصلها في 41 يوليو بعد عامين واثني عشر يوما من مغادرتها، وبينما كان منشغلا بتجديد عقوده في لندن تلقى خبر وفاة أمه عن عمر يناهز السادسة والأربعين، فاندفع متجها إلى مبنى دير نيوستيد Newstead، وقضى الليل جالساً في الظلام إلى جوار جثمان أمه وعندما توسّلت إليه الخادمة أن يترك الجثمان ويعود إلى غرفته رفض قائلا: لم يكن لدي إلا صديق وحيد في العالم إنها أمي. وقد فارقتني! وكان قد قال عبارة قريبة من هذه ونقشها على قبر كلبه (من نيو فوندلاند) بوتسوين Boatswain الذي مات في نوفمبر سنة 8081 ودفن في سرداب بحديقة الدير:

للتذكير ببقايا صديق أقمت هذا الشاهد، فلم يكن لي إلا صديق واحد - انه يرقد هنا. وفي أغسطس سنة 1181 سجل وصية لوقف مبنى الدير على ابن عمه جورج بايرون، وخصص منحاً لخدمه، وترك توجيهات تنفذ عند دفنه أريد أن يدفن جسدي في قبو في حديقة نيوستيد دون أية شعائر أو صلوات وألا ينقش على شاهد القبر أي شيء سـوى الذي هو مدفون فيه(01) وبعد أن رتب الأمور المتعلقة بموته اتجه إلى لندن لمواصلة غزواته.

أسد لندن 1811 - 1814

لقد كان لديه - في لندن - أصدقاء بالفعل لأنه كان جذابا دمثا جيد الحديث واسع المعرفة في الأدب والتاريخ كما كان مخلصا لأصدقائه أكثر من إخلاصه لخليلاته. لقد استأجر مقراً في 8 شارع جيمس، وهناك في مقره هذا استقبل بترحاب توماس مور وتوماس كومبل Compbell وصامويل (صموئيل) روجرز، وهوبهوس... كما زارهم ورحبوا به بدورهم. وعن طريق روجرز، ومور دخل بايرون دائرة الضوء في دار هولاند Holland House، وهناك قابل ريتشارد برينسلي شريدان Sheridan الذي كان نفوذه السياسي قد قل لكنه لم يكن قد فقد ميله للنقاش والحديث لقد روى بايرون متذكرا عندما كان يتحدث كنا نصغي من الساعة السادسة حتى الواحدة دون أن يتثاءب واحد منا .. يا له من رفيق بائس! لقد انهمك في الشراب بشدة .. لقد كان من نصيبي في عدة مناسبات أن أنقله للبيت(11) وتبنى بايرون موقف اللوديت Luddite (محطمو الماكينات في موطنه نوتنجهامشير Nottinghamshire) متأثرا بهؤلاء المثقفين المؤيدين للإصلاح (الهويجيين Whiggish- الهويج هو حزب الأحرار فيما بعد)، وفي 02 فبراير سنة 2181 أجاز مجلس العموم مرسوما بالحكم بالإعدام على كل من يضبط متلبساً بتحطيم الماكينات، وعند مناقشة هذا المرسوم في مجلس اللوردات في 71 فبراير عارضه بايرون، وكان قد كتب خطابه مقدما بلغة إنجليزية راقية. وذكر أن بعض العمال مذنبون لقيامهم بأعمال عنيفة سببت خسائر في الممتلكات وأن الماكينات المحطمة كانت - على المدى البعيد - ستحقق مكاسب للاقتصاد الوطني. لكنها - أي هذه الماكينات - قد أدت إلى حرمان المئات من العمال من العمل الذي كانوا يعولون أسرهم عن طريقه، فأصبحوا الآن فقراء بائسين يعتمدون على ما يتلقونه من هبات وصدقات، وأن هذا اليأس وهذه المرارة هما اللذان أديا إلى قيامهم بأعمال العنف. وكلما تقدم في خطابه تخلى الخطيب الشاب عن حذره وراح يهاجم الحرب كمصدر لبؤس غير مسبوق يعاني منه العمال الإنجليز. لكن اللوردات تجهموا لمقالته وأجازوا المرسوم الآنف ذكره. وفي 12 أبريل ألقى بايرون خطابا ثانيا أدان فيه الحكم البريطاني في أيرلندا ودعا إلى تحرير (عتق) الكاثوليك في كل أنحاء الإمبراطورية البريطانية، وقد امتدح اللوردات بلاغته ورفضوا قضيته وأجبروه على الجلوس (عدم مواصلة حديثه) باعتباره غرا سياسيا لمّا ينضج بعد، وتخلى عن السياسة وقرر الدفاع عن قضاياه وأفكاره من خلال الشعر.

عمله المبكر

فبعد اثني عشر يوما من خطبته غير المسبوقه قدم النشيدين الأولين الواردين في مؤلفه Childe Harolds Pilgrimage للناس. وكادا يلقيان نجاحاً غير مسبوق فقد نفدت الطبعة الأولى (005 نسخة) في ثلاثة أيام مما أقنعه أنه وجد وسيلة أكثر بقاء وقوة من الخطب المثيرة للجدل. لقد لفت الآن الأنظار إليه بشدة لقد استيقظت ذات يوم فوجدت نفسي مشهورا(21). حتى أعداؤه القدامى في دورية (مستخلصات أدنبره) امتدحوه، وإقراراً بالفضل أرسل اعتذارا لجفري لتعرضه له في دورية English Bards & Scotch Reviewers. تكاد تكون كل الأبواب مشرعة أمامه الآن، ودعته النساء الشهيرات - اثنتا عشر امرأة تحلّقن حوله مبتهجات بوجهه الوسيم كل منهن تأمل في إيقاع الأسد الشاب في حبائلها. ولم يبعدهن عنه ما عرف عنه من نهم جنسي، كما أن لقب اللورد الذي يحمله جعله يبدو صيدا ثمينا لمن لا يعرفن ديونه. لقد سعد باهتمامهن به وكان بالفعل مستثارا بسحرهن الغامض. لقد قال: هناك شيء فيَّ مريح جدا يظهر في حضور امرأة - إنه تأثير غريب على نحو ما حتى لو كنت غير عاشق لها - شيء لا أعرف كُنهه، فلست خبيرا بالجنس خبرة يشار إليها بالبنان(31).

حياته الشخصية

وكانت الليدي كارولين لامب (5871 - 8281) تمثل إحدى غزواته النسائية الأولى، وهي ابنة الإيرل الثالث لبيسبورو Bessborough وتزوجت في العشرين من عمرها من وليم لامب الابن الثاني للورد ميلبورن وليدي ميلبورن. وبعد أن قرأت كتابه (Childe Harolds Pilgrimage) قررت مقابلة المؤلف لكنها عندما رأته اعتبرته شخصا من الخطر معرفته وابتعدت عنه سريعا، فأثاره ذلك وعندما التقى بها ثانية رجاها أن يلتقيا وأتى إليها وكانت وقتها أكبر منه بثلاث سنين وكانت قد أنجبت بالفعل وكانت وارثة لثروة كبيرة كما كانت عطرة مرحة. وأتى إليها ثانية، وتكررت زياراته فغدت كل يوم تقريبا. وكان زوجها مشغولا بأعماله فقبله كمرافق لزوجته أو عشيق لها وهو أمر شائع في إيطاليا Cavalier Servente وتعلقت به أكثر فأكثر وذهبت إلى بيته علنا أو متنكرة في زي غلام وكتب له خطابات غرامية حارة، وازداد اندماجهما حتى إنه اقترح عليها أن تفر معه تاركة بيت الزوجية(41) لكن عندما ذهبت إلى أيرلندا (في سبتمبر 2181) مع أمها وزوجها، كان قد تخلى عنها بالفعل وسرعان ما وثّق علاقته بليدي أو كسفورد.


وفي خضم مثل هذه الأمور المعكرة للصفو، احتفظ بايرون ببعض الاستقرار النفسي بأن راح يكتب بسرعة شعراً سهلاً كان مجاله حكايات مغامرات وعنف وحب مستوحاة من تراث الشرق. ولم يعرض فيها صور العظمة الصارخة المدعاة، وإنما كانت حكايات خيال رومانسي تعكس أفكار الشاعر ومشاعره التي استوحاه من رحلاته في ألبانيا وإبيروس واليونان، ولم يجهد المؤلف فكره في كتابتها، كما لم تكن تتطلب من قارئها قدح ذهنه وإجهاد عقله، وقد راجت بشكل مدهش وبيع منها عدد كبير من النسخ. ظهرت القصة الشعرية الأولى وهي The Giaour في مارس سنة 3181، وسرعان ما ظهرت الأخرى في ديسمبر The Bride of Abydos التي بيع منها ستة آلاف نسخة في شهر واحد، ثم الثالثة التي كانت أكثر رواجا وهي Corsiar (يناير 4181) التي حطمت كل الأرقام السابقة إذ بيع منها عشرة آلاف نسخة في اليوم نفسه الذي ظهرت فيه، ثم ظهرت لارا Lara (5181) وحصار كورنثه Corinth Siege of (6181). وجمع الناشر جنيهاته وقدم نصيبا منها لبايرون الذي تصرف كلورد وعفّ أن يأخذ ثمنا لأشعاره.

وحتى عندما كان بايرون يؤلف هذه الحكايات التي تدين الخارجين على القانون كان هو نفسه قلقا منزعجاً بسبب حياته غير الملتزمة (الخارجة عن العرف والقانون). فلم يكن يستطيع مواصلة التشبب بالنساء إلا إذا دمَّر صحته، وميزانيته. لقد كان قد نذر هو وهوبهوس ألا يتزوجا لأن الزواج سجن للروح والبدن ، أما الآن فقد راح يميل إلى أن الزواج كابح أساسي ومنظم للرغبات التي إن تركت على عواهنها دمرت الفرد والمجتمع جميعا. لقد شعر أنه قد يجد مبررا للتخلي عن حريته في سبيل الاستقرار والهدوء أو في سبيل دخل أكثر ثباتا مما يدره عليه مبنى الدير (الذي يمتلكه) ذلك المبنى الذي أصبح آيلاً للسقوط.

وبدت له أنابلا ميلبانك Annabella Milbanke وكأن فيها من المواصفات ما يحقق كل مطالبه. ففيها الجمال ونالت قسطا من التعليم وكانت الطفلة الوحيدة لأسرتها وتنتظرها ثروة طائلة. وعندما قابلها للمرة الأولى في 52 مارس 2181 في منزل عمتها الليدي ملبورن Melbourne تعلق بها فقد كانت ملامحها صغيرة وأنثوية، رغم أنهما أي الملامح - غير منتظمة، كانت بشرتها أجمل بشرة يمكن تخيلها، وكان قوامها جميلا مكتمل الخلق متناسبا مع طولها، وكان يحيط بها جو من البساطة والتواضع ... مما جعلني أزداد تعلقاً بها(51). ولم يتحدث إليها، فقد كان كل منهما ينتظر المبادأة من الآخر. لكنها كانت هي أيضا شغوفة به، ففي يومياتها وخطاباتها راحت - أحيانا - تحلل شخصيته: حدة روح.. سخرية شديدة... مخلص ومستقل.. يقال إنه كافر (غير مؤمن) ربما كان هذا صحيحا وذلك من خلال الطبيعة العامة لعقليته. وقصيدته (يقصد Childe Harold) برهان كافٍ على أنه يستطيع أن يحس أحاسيس نبيلة، لكنه كان يداري طيبته أو بتعبير آخر لا يظهر أحاسيسه الطيبة(61). كانت هذه عبارة متدبّرة ذكية ربما راودها بعد ذلك سؤال هو كيف حاولت أن تنزع من هذا الرجل الحساس مشاعره - تلك المحاولة الشائقة إلا أنها خَطِرة - وكيف حاولت أن تمنعه وهو أسد لندن - عن كل هؤلاء النسوة اللائي انجذبن إليه بسبب شهرته الكبيرة؟

ومضت شهور اعتلت فيها الليدي كارولين لامب خشبة المسرح (المقصود دخلت حياته ثانية) لكن لهيب الحب برد بسبب القناة الأيرلندية (المقصود أن البعد جفاء - أي أنها عندما ذهبت لأيرلندا تاركة حبيبها وفي لندن، راح لهيب شوقها وشوقه يبردان أو ينطفئان رويدا كلما زاد البعاد)، وفي 31 سبتمبر سنة 2181 كتب بايرون إلى الليدي ميلبورن خطابا غريبا فرض على حياته اتجاها بدا وكأنه قدر محتوم: أخشى أن أقول إنني كنت ولا زلت وسأظل مفتونا... بتلك الآنسة التي لم أقل عنها كثيرا، لكنها لم تغب أبداً عن ناظري.. إنها تلك التي أريد أن أتزوجها لولا أن أمور مدام لامب هذه اقتحمت حياتي .. إنني أريد الزواج منها هي الآنسة ميلبانك Milbanke.. إنني لم أر أنثى حظيت بتقديري مثلما حظيت هي(71) وأخبرت الليدي ميلبورن - سعيدةً - ابنة أخيها باعتراف بايرون طالبة منها الموافقة. وفي 21 أكتوبر أرسلت الآنسة ميلبانك رداً جديراً بتاليران Talleyrand: اعتقاداً مني أنه لن يكون أبداً موضع حب شديد يجعلني سعيدة في حياتي الأسرية إلا أنني أغمطه حقه على نحو ما إن أنا - حتى ولو بشكل غير مباشر - جعلته يتأكد من مشاعره الحالية. فمن خلال ملاحظاتي المحدودة لمسلكه أراني أميل إلى أن سبب ذلك هو تزكيتك الشديدة له، وإنني أعزو موقفي هذا منه إلى قصور في مشاعري أكثر من أن أعزوه إلى طبيعته، ذلك أنني لا أميل إلى مبادلته مشاعره. بعد هذا الذي قلت بأسف لما يسببه من آلام له فلا بد أن أترك علاقاتنا في المستقبل حسب تقديره وحكمه. وليس لدي سبب يحملني على التخلي عن معرفة ما يشرفني فهو قادر على منحي كثيرا من المباهج والمسرات الفكرية إلا أنني أخشى خداعه بشكل غير مقصود.(81).

وتلقى بايرون هذا الرفض بتسامح فلم يكن في حاجة ماسة لهذه الليدي المتعلمة يقظة الضمير، ذلك أنه - بالفعل - كان يجد سلواه في أحصان كونتيسة أكسفورد، وفي أحضان الليدي فرانس Frances وبستر وفي الوقت نفسه في أحضان أخته غير الشقيقة أوغسطا لاي Augusta Leigh لقد مضى على زواجها الآن (3181) من ابن عمها الأول الكولونيل جورج لاي، ست سنوات وأنجبت منه ثلاثة أطفال. وفي هذه الأثناء أتت إلى لندن من منزلها في كمبرد جشير Cambridg shire لتطلب من بايرون مساعدة مالية لتعينها في مواجهة الصعاب بعد الخسائر التي مني بها زوجها وغيابه الطويل في حلبات السباق ولم يستطيع بايرون أن يقدم لها الكثير لأن دخله كان متقلقلاً غير قائم على أساس وطيد. لكنه أمتعها بحواراته الممتعه واكتشف أنها امرأة (المعنى مفهوم). لقد كانت في الثلاثين ولم تكن أنثى متفجرة وكان ينقصها الجانب الفكري والثقافي كما كانت الحيوية تنقصها أيضا لكنها كانت عاطفية لينة العريكة وربما كانت متأثرة بشهرة أخيها، فكانت ميالة لإعطائه ما ترغبه، فطول بعادها عنه بالإضافة لإهمال زوجها جعلها في حالة خواء عاطفي. وكان بايرون قد نحى جانبا كل المحاذير الأخلاقية أو كل المحرمات التي لم تتفق مع عقله الشاب فتساءل متعجبا لم لا يتزوج أخته كما كان الفراعنة يفعلون. وتشير الدلائل اللاحقة أنه الآن أو بعد ذلك أقام مع أخته أوجستا Augusta علاقات جنسية(91). وفي أغسطس سنة 3181 فكر في اصطحابها في رحلة في البحر المتوسط(02). لكن الخطة فشلت فأخذها إلى مبنى دير نيوستيد في شهر يناير، وعندما أنجبت بنتا في 51 أبريل كتب بايرون إلى الليدي ميلبورن أنه إذا كانت قردة، فلا بد أن يكون ذلك خطئي وكانت الطفلة نفسها - ميدورا لاى Medora Leigh - تعتقد أنها ابنته(12). وفي شهر مايو أرسل إلى أوجستا ثلاثة آلاف جنيه لدفع ديون زوجها. وفي يوليو كان معها في هاستنجز Hastings وفي شهر أغسطس أقامت معه في مبنى الدير.

وبينما راح يندمج أكثر وأكثر في علاقاته الجنسية مع أخته غير الشقيقة أرسلت له الآنسة ميلبانك خطابات أججت مشاعره حتى إنه كتب في يومياته عند حديثه عن الأول من ديسمبر سنة 3181: بالأمس وصلني خطاب رقيق من (أنابلا) وقد أرسلت لها خطابا رداً على خطابها. إن لصداقتنا وموقفنا وضع فريد غريب، وأي غرابة! - فبدون بارقة حب واحدة من كلينا... هي امرأة متفوقة جدا، عيوبها قليلة جدا بالنسبة لامرأة لها هذا النصيب الوافر من المال والثراء وفي العشرين من عمرها.. فمن هي في وضعها وفي سنها قد لا تزيد عن طفلة. إنها شاعرة ورياضية ومتيافيزيقية ومع ذلك - وفوق هذا - فهي لطيفة جدا وكريمة جدا وظريفة جدا، لا تدعي كثيرا. إن أحداً غيرها قد تدور رأسه إذا امتلك ما تملك وإن كان لديه عُشر مزاياها(22).

وكأنما كانت قد قرأت هذا التقدير لها (مع أنه لم يكتبه لها وإنما سجله في يومياته) فقد أصبحت خطاباتها في سنة 4181 تعجّ شوقا وأكدت له أن قلبها غير مشغول الآن بأحد وطلبت منه صورة له ووقعت خطاباتها مشفوعة بكلمة (مع حبي) أو (المحبة). وقد كتب لها تجاوبا مع خطاباتها الدافئة في 01 أغسطس: كنت دوما ولا زلت أحبك فأجابت أنها لا تصلح للزواج فقد استغرقتها الفلسفة والشعر والتاريخ(32). وقد أجاب على تحديها بأن أرسل لها في 9 سبتمبر اقتراحاً آخر أقل عاطفية يدعوها لتواجههه في لعب الشطرنج فإن رفضت مرة أخرى فإنه سيخطط لمغادرة بريطانيا مع هوبهوس إلى إيطاليا. وقبلت مواجهته في (دَوْر) شطرنج.

لقد بدأ قدره ينحو به نحو الانضباط. لقد كان قد فقد الحرية التي اعتادها - حرية في الصداقة والجنس والأفكار آملاً في أن ينقذه الزواج من الروابط المتشابكة المعقدة والخطرة. لقد شرح لأصدقائه: لا بد بطبيعة الحال أن أصلح حالي. ..إنها إنسانة طيبة وقال لخطيبته آمل أن تكوني صالحة طيبة.. سأكون كما تريدين(42) وقبلت مهمتها على أساس أنها مهمة يقوم بها الصالحون الأتقياء. وكتبت لإميلي ميلنر Milner في نحو الرابع من أكتوبر سنة 4181:

إن شخصية لورد بايرون الحقة لا مجال للبحث عن نظيرلها في هذا العالم، وكل ما يمكننا هو البحث عن شخصية أقرب ما تكون إلى شخصيته. نبحث عن التعس الذي واساه وعن البائس الذي ساعده وعن أتباعه الذين كان لهم نعم السيد. أما عن قنوطه فأخشى أن أكون مسؤولة عنه طوال العامين الأخيرين. إنني أحس باطمئنان عميق - فأنا أثق في الله وفي الإنسان(52).

وعندما حان الوقت ذهاب بايرون إلى أسرة أنابلا في سيهام (بالقرب من درهام) لطلب الزواج منها خانته شجاعته فعرّج في الطريق على منزل أوجستا وهناك كتب خطابا إلى خطيبته معلنا انسحابه من مشروع الارتباط بها لكن أوجستا حثته على تمزيق الخطاب(62) وأن يقبل الزواج كرباط منقذ له. وفي 92 أكتوبر تابع طريقه إلى سيهام وبصحبته هوبهوس الذي كتب في يومياته: لم يكن متعجلا. لم أر عاشقا أقل تسرعا منه ورحبت أسرة العروس به وأظهر هو من الصفات الطيبة ما جعلهم مسرورين وفي الثاني من شهر يناير 5181 ذهب معها إلى مذبح الكنيسة (لإتمام الزواج).


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

محنة الزواج 1815 - 1816

وبعد إتمام طقوس الزواج ركبا في يوم من أيام الشتاء العابسة متجهين إلى (هالنابي هول) في ضواحي درهام لقضاء شهر العسل. لقد كان عمره الآن يقترب من السابعة والعشرين، وكانت هي في الثالثة والعشرين. وقضى ثماني سنوات أو أكثر يكاد لا يكف عن اللقاءات الجنسية غير الشرعية وغير المسؤولة وقلما كانت معاشرته الجنسية ترتبط بالحب. وعلى وفق ما ذكره مور Moore عن فقرة قرأها في مذكرات بايرون (تم إحراقها في عام 4281) فإن الزوج لم ينتظر حلول الليل، وإنما طرح الليدي بايرون على الأريكة قبل تناول العشاء في يوم الزواج نفسه(72) وبعد تناول العشاء إن جاز لنا أن نثق في ذاكرته سألها إن كانت تنوي أن تنام معه في السرير نفسه، وأضاف قائلا إنني أكره النوم مع أي امرأة لكن إن اخترت ذلك فسأفعل(82) وكيّف وضعه مع طبيعتها (المعنى غير عادته ونام معها في السرير نفسه) لكنه أخبر هوبهوس أنه في تلك الليلة الأولى حاصرته نوبة مفاجئة من الانقباض وغادر السرير وفي اليوم التالي (كما زعمت الزوجة) قابلني عازفا عني وتمتم بكلمات ساخرة لاذعة لقد نفد القضاء، وكان ما كان(92) ووصله خطاب من أوجستا لاي فقرأ على أنابلا استهلاله: يا أعز خلق الله وأفضلهم وأولهم(03) وعلى وفق ما روته الزوجة فإنه كان يشكو قائلا إنه إذا كنت تزوجته قبل ذلك بعامين لكنت قد أنقذته من علاقة لا يستطيع هو نفسه أن يسامح نفسه عليها - لقد قال إنه يستطيع أن يخبرني لكن لا يجوز لأن هذا سر شخص آخر... وتساءلت إذا كانت أوجستا تعرف هذه العلاقة، فبدا مرعوبا لتساؤلي(13) وعلى أية حال فيبدو أن أنابلا لم تكن تشك في أوجستا وقتها. وبعد ثلاثة أسابيع في (هالنابي هول) عاد العروسان وهما لا يزالان في شهر العسل إلى (سيهام) ليقيما مع أسرة (ميلبانك). وكيّف بايرون نفسه وأصبح أليفا لكل من حوله بمن فيهم زوجته. وبعد ستة أسابيع بدأ يَحِنّ لمباهج لندن وأصوات أصدقائه. ووافقت (أنابلا). وفي لندن أقاما في مقر فاخر في 31 (بيكادللي تراس) وبعد يوم من وصولهما أتى (هوبهوس) واستعاد بايرون روحه الفَكِهه. تروي زوجته أنه طوال عشرة أيام كان رقيقا رقة لم أعهدها فيه أبداً من قبل(23) وربما عرفاناً بالجميل أو خوفاً من الوحدة دعت أوجستا لقضاء بعض الوقت معهما. وبالفعل أتت أوجستا في أبريل سنة 5181 وظلت مقيمة معهما حتى يونيو. وفي العشرين من هذا الشهر زار جورج تكنور المؤرخ الأمريكي الذي تخصص في تاريخ الأدب الإسباني عش الزوجية الجديد وأثنى على مسلك بايرون. وفي هذه المناسبة دخل عم (أنابلا) مبتهجا بأخبار يحملها مفادها أن نابليون قد هزم لتوه في واترلو، فقال بايرون لقد كدت أموت كمداً لذلك.

وواصل بايرون كتابة الشعر. وفي أبريل 5181 اشترك مع مؤلفين يهوديين في إصدار (ألحان عبرية Hebrew Melodies) وقد ألف بايرون كلماتها ووضع اليهوديان ألحانها. وبيع منها عشرة آلاف نسخة رغم أن سعر النسخة كان جنيها إنجليزيا، وأصدر الناشر مري Murry طبعة بالقصائد وحدها (دون الألحان الموسيقية) لاقت أيضا رواجا كبيرا. وفي أكتوبر أنهى بايرون (حصار كورنيث The Seige of Cornith)، وقدمت الليدي بايرون نسخة واضحة للطابع. لقد قال بايرون لليدي بليسنجتون Blessington: إن (أنابلا) على درجة كبيرة من الانضباط والتحكم في النفس بشكل لم أر له مثيلا.. وهذا يؤثر فيَّ سلبا(33). وكان لديه بعض العذر لنزقه وسرعة استثارته. وقد استأجر بيتا مفروشا غاليا ليقيم فيه مع زوجته وراح ينفق ببذخ في إعادة تأثيثه - كل هذا لأنه افترض أن الثمن الذي سيتقاضاه من بيع بيته في نيوستيد Newstead Abbey سيكون مرتفعا، لكن الأسعار تدنت في هذه الأثناء ووجد بايرون نفسه محاصراً بكل ما تعنيه الكلمة. وفي نوفمبر سنة 5181 دخل مساعد المأمور البيت المؤثث واحتجز بعض الأثاث وهدد بالمبيت في البيت إلى أن يدفع بايرون ما عليه من ديون (يسدد فواتيره). وشعر بايرون أن والديْ (أنابلا) الثريين لابد أن يساهما مساهمة أكثر كرما في تكاليف منزل الزوجية الجديد.

وقد طبعت متاعبه أثراً واضحا بسبب ما سببته من مرارة وكآبة. لقد قال لزوجته إذا كانت هناك امرأة قادرة على جعل الزواج أمراً محتملاً لي، فهو أنتِ. أعتقد أنك ستظلين تحبينني حتى أضربك وعندما عبَّرت عن أملها ويقينها أنه سيعرف كيف يحبها، راح يكرر هذا متأخر جدا الآن. لو أنّك تزوجتني منذ عامين مضيا .... لكن قدري هو أن أحطم كل من أقتربُ منه(43). وقبل بايرون وظيفة في الهيئة الحكومية لمسرح درورى لين Drury Lane Theatre فاستغرقه الشّراب مع شريدات وآخرون، وكوّن علاقة جنسية مع إحدى الممثلات(53). ودعت (أنابلا) أخته غير الشقيقة (أوجستا) للقدوم لمعاونتها على ضبطه. وفي 51 نوفمبر 5181 قدمت (أوجستا) ووبخّت أخاها، ووجدت نفسها هي و (أنابلا) ضحايا حنقه وغضبه وحزنت (أوجستا) كثيرا لحال زوجة أخيها(63).

وخلال أصعب هذه الشهور حملت الليدي بايرون وفي العاشر من ديسمبر 5181 وضعت أنثى وأسمتها (أوجستا أدا) وأصبح اسمها بعد ذلك (أدا) وفرح بايرون وسَعِد بالطفلة وبالتالي بزوجته. لقد قال لهوبهوس في هذا الشهر إن زوجتي كاملة .. إنها الكمال نفسه. إنها أفضل مخلوق يتنفس .. لكن نفسي ترفض الزواج (73) وسرعان ما عاودته نوبات الغضب بعد مولد (أدا) وفي إحدى نوبات غضبه قذف في نار المدفأة ساعة ثمينة كانت معه منذ صباه ثم كسرها بالقضيب المعدني الذي يحرّك به وقود المدفئة(83)، وفي 3 يناير 6181 - على وفق ما قالته (أنابلا) لأبيها - دخل بايرون غرفتها وتحدث بعنف ظاهر عن علاقته الجنسية بإحدى نساء المسرح. وفي 8 يناير استدعت الدكتور متّى بيلي Matthew Baillie لفحص بايرون، فأتي وفحص الشاعر الحبيس، ومال إلى وصف الأفيون له.

وكان من الواضح أن بايرون موافق على ضرورة ذهاب (أنابلا) مع طفلها لتقيم مع أمها الليدي (ميلبانك) وكان اسم أسرتها قبل زواجها هو نول Noel - المقيمة في عقارات نول Noel في كيركبى Kirkby في ليسسترشير وفي بكور، الخامس عشر من شهر يناير غادرت مع (أدا) بينما كان بايرون لايزال نائما. وفي ووبورن Woburn توقفت لترسل له تحذيرا وعظيا، جديرا بالذكر:

بايرون الأعز: الطفلة على مايرام وهي أفضل المسافرين. آمال أن تكون صالحا good، وتذكر دعواتي وصلواتي ووصاياي لا تستسلم لحرفة الشعر البغيضة ولا للبراندي (نوع من الخمور) ولا لأي شيء غير شرعي أو شخص لا يكون على جادة الطريق. رغم أنك غير مطيع فدعني أسمع أنك أصبحت مطيعا وأنا في كيركبى Kirkby ابنتنا (أدا) تحبك . وكذلك أنا. بيب Pip(93) وكتبت له من (كيركبى) مرة أخرى كتابات فكهة وعاطفية ذاكرة له أن والديها يتطلعان لرؤيته. وفي اليوم نفسه كتبت لأوجستا (التي كانت لاتزال تقيم مع بايرون) تنصحها بتخفيف اللودانيوم (مستحضر أفيوني) الذي يتناوله بايرون بثلاثة أرباعه ماء. وبالتدريج أخبرت (أنابلا) والديها كيف كان بايرون يعاملها - ذلك من وجهة نظرها، فَصُدِما وأصرا على انفصالها عنه نهائيا، فاندفعت الليدي (ميلبانك) إلى لندن لمناقشة الطبيب الذي كان يراقب سلوك بايرون، فإذا كان خبل (جنون) بايرون محقَّقا لأمكن إبطال زواجه دون ضرورة الحصول على موافقته. وكتب الطبيب تقريراً ذكر فيه أنه لا يرى علامات الجنون على الشاعر لكنه سمع أنه كانت تنتابه حالات هياج عصبي وأرسلت (أنابلا) تحذيرا لأمها بألا تُدخِل (أوجستا لاي) في الأمر لأن (أجستا) هي أصدق صديقاتي.. وأخشى كثيرا أن تدرك أن كثيرين يؤيدون الانفصال عن بايرون، وسيكون هذا قاسيا بالنسبة إليها(04).

وفي الثاني من فبراير سنة 6181 راسل السير(رالف ميلبانك) - والد (أنابلا) - بايرون طالبا منه الانفصال عن ابنته بشكل ودي، فأجابه بايرون متوددا ذاكراً أنه لا يرى سببا لأن تغير زوجة ظلت ترسل إلى وقت قريب رسائل ملؤها الحب موقفها هذا التغيير الكامل. وكتب إلى (أنابلا) متسائلا هل هي حقا موافقة بكامل إرادتها على موقف أبيها. وأصبحت في حالة أسى ومحنة بسبب هذا الخطاب لكن والديها منعاها من كتابة خطاب ترد فيه عليه. وكتبت (أوجستا) إليها طالبة إعادة النظر في الأمر، فأجابتها (أنابلا): إنني فقط - أذكر اللورد بايرون بمقته الشديد الذي يفوق الحد للحياة الزوجية. وبرغبته وتصميمه. اللذين عبر عنهما - حتى منذ بداية الزواج - على التخلص من هذا الرباط الذي كان يرى فيه قيدا لايحتمل(14) وفي 21 فبراير ذهب (هوبهوس) ليرى بايرون. وفي الطريق سمع بعض الإشاعات تدور في الأوساط الاجتماعية والأدبية في لندن مفادها عدم إخلاص بايرون لزوجته وفيما يلي نُتفة مما كتبه (هوبهوس) في مذكراته عن هذا اليوم: رأيت السيدة (لاى) وجورج بايرون - ابن عم الشاعر - وعلمت منهما ما أخشى أن يكون حقيقة وهو أن بايرون مذنب لطغيانه الشديد، كثير التهديد والعوعيد دائم الغضب والثورة، مهمل لزوجته، بل وألحق بها أذى حقيقيا فكان على سبيل المثال يخبرها بأنه كان يعيش مع امرأة أخرى... لقد كان يغلق الأبواب، ويلوح بالمسدسات .. وهي أمور ترويها جميعا الليدي بايرون تؤكد إنه مدان (مذنب) - لكنهم يبرئونه - كيف؟ بقولهم انه مجنون.... بينما سمعت هذه الأمور أتت السيدة (لاي) وراحت تقول إن أخاها يصرخ بمرارة في غرفة النوم.. إنه بائس .. بائس حقا.

الآن وجدت من واجبي أن أخبر بايرون أنني غيرت رأيي... وعندما أخبرته بما سمعته في الشوارع في هذا اليوم ذهل - لقد كان قد سمع أنه متهم بالقسوة والإغراق في الشراب وعدم الإخلاص لزوجته. لقد ذكرت له كثيرا مما سمعته في الصباح - فاهتاج هياجا هائلا وقال إنه محطم وإنه سيحطم رأس نفسه.. وكان أحيانا يقول: وحتى لو أحبتني ذات مرة، وفي أوقات أخرى كان يقول إنه سعيد للتخلص من مثل هذه المرأة - وقال: لو أنني غادرت البلاد لانفصلت عنها فورا(24). وفي نحو هذه الفترة تلقى بايرون فاتورة مطلوباً سدادها بمبلغ ألفي جنيه ثمنا للمركبة الكبيرة التي كان كان قد اشتراها له ولزوجته. ولم يستطع تسديد الدين فلم يكن معه إلا 051 جنيها، ومع هذا فإنه في نحو 61 فبراير 6181 أرسل مائة جنيه إلى الشاعر كولردج وهذا دليل على كرمه الطائش الذي تتسم به شخصيته.

قضايا وفضائح

وفي 22 فبراير أتت (أنابلا) إلى لندن وذكرت للدكتور (ستيفن لوشينجتون) أن الانفصال عن بايرون أصبح ضروريا بناء على تقريره عن حالة بايرون. وفي هذا الأسبوع سرت إشاعات ذكرت السيدة لاي وبايرون المتهم باللواط، أو العلاقة الجنسية غير السوية، وهنا أدرك بايرون أن الاستمرار في رفضه الانفصال بهدوء عن زوجته قد يؤدي إلى إجراء قضائي تتعرض فيه (أوجستا) لتدمير سمعتها. وفي 9 مارس وافق على الانفصال وعرض التخلي عن كل حقوقه في ثروة زوجته التي كانت تتيح للزوجين ألف جنيه في السنة. لكنها وافقت على حصوله على هذا المبلغ سنويا ووعدت علانية بتجديد صداقتها مع (أوجستا) وأوفت بوعدها، كما أنها لم تطلب الطلاق.

وسرعان ماألف بعد الانفصال قصيدة أرسلها إليها:

- Fare thee well, and if for ever.

- Still fare thee well.


سنواته الأخيرة

وواساه في إخفاق زواجه جماعة من أصدقائه أتوا إليه هم: هوبهوس، سكروب ديفز، لاي هنت، صامويل روجرز، لورد هولاند، بنيامين كونستانت. وحملت له ربيبة جودون (ابنة زوجة جودون) - كلير Claire كلمة إعجاب من الشاعر المنافس بيرسي شيلي Shelley وعرضت نفسها عليه لتكون بلسماً لجراحه. وقبل عرضها مفتتحاً بذلك سلسلة جديدة من الأحزان. وفي 25 أبريل 1816 أبحر مع ثلاثة من الخدم وطبيبه الخاص قاصدا أوستند Ostend ولم ير إنجلترا بعد ذلك.

 
Frontispiece to a c. 1825 edition of Childe Harold's Pilgrimage

أطفاله

عمله السياسي

وفاته

بعد وفاته

 
Lord Byron on his deathbed as depicted by Joseph-Denis Odevaere c.1826 Oil on canvas, 166 × 234.5 cm Groeningemuseum, Bruges. (لاحظ أن العباءة تغطي قدمه اليمنى المعوجة)

أعماله شعرية

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

دون جوان

 
Lord Byron (1803), as painted by Marie Louise Élisabeth Vigée-Lebrun

الشهرة

ولعه بالحيوانات

تأثيره الدائم

قطع موسيقية، أشعار

أعماله

أعمال شهيرة

أعماله أخرى

انظر أيضا

المصادر

ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.

قراءات إضافية

وصلات خارجية

أعماله

مراجع أخرى أونلاين

نبيل إنگليزي
سبقه
William Byron
Baron Byron
1798–1824
تبعه
George Byron