روبرت برنز

روبرت برنز Robert Burns (ع. 25 يناير 1759 - 21 يوليو 1796) شاعر وكاتب أغاني اسكتلندي.

روبرت برنز
Robert Burns
أشهر پورتريه لبرنز
أشهر پورتريه لبرنز
وُلِد25 يناير 1759
ألوواي، آيرشاير، اسكتلندة
توفي21 يوليو 1796 (عن عمر 37)
دمفريز، اسكتلندة
الوظيفةشاعر، كاتب أغاني، مزارع، مأمور ضرائب
العرقاسكتلندي
الحركة الأدبيةالرومانسية
أبرز الأعمالAuld Lang Syne, To a Mouse, A Man's A Man for A' That, Ae Fond Kiss, Scots Wha Hae, Tam O'Shanter

التوقيع

يقول أشعر شعراء إسكتلندة "إن دمي القديم الخسيس قد اندس إليَّ من أوغاد عاشوا منذ الطوفان" ولكننا لن نتقصى نسبه لأبعد من وليم بيرنز، الذي لم يكن وغداً بل مزارعاً مستأجراً سريع الغضب شديد الاجتهاد. وفي 1757 تزوج آجنس براون، التي أهدته روبرت في 1759. وبعد ست سنوات استأجر وليم مزرعة مساحتها سبعون فداناً في ماونت أوليفانت، وهناك عاشت الأسرة المتكاثرة عيشة التقتير في بيت منعزل. وتلقى روبرت تعليمه في البيت واختلف إلى مدرسة للأبرشية، ولكنه اشتغل في المزرعة منذ بلوغه الثالثة عشرة. فلما ناهز الرابعة عشرة "أدخلتني صبية جميلة، لطيفة مرحة، في عاطفة حارة لذيذة أراها برغم خيبة الأمل المرة، والحكمة الثقيلة، والفلسفة الغارقة في الدرس، أروع المباهج البشرية"(61). وفي الخامسة عشرة التقى بـ "ملاك" ثان وسهر الليالي المحمومة مفكراً بها.. وقد استحضر أخوه إلى الذهن أن "تعلق روبرت بالنساء اشتد كثيراً، وكان دائماً ضحية حسناء تسترقه"(62).

وفي 1777 وفي نوبة من الشجاعة المستهترة، استأجر وليم بيرنز مزرعة لوخلي، ومساحتها 130 فداناً، وفي تاربولتن، التي تعاقد على أن يدفع فيها 130 جنيهاً في العام. وأصبح روبرت الذي بلغ الآن الثامنة عشرة، والذي كان أكبر أبناء سبعة، العامل الأول في المزرعة لأن وليم شاخ قبل الأوان بعد أن حطمه الكد الذي لا غناء فيه. وقد باعد بين الوالد والولد غلو الأول في البيورتانية، وانفتاح الآخر على ناموس أرحب. وتردد روبرت على مدرسة للرقص رغم منع أبيه له. قال الشاعر ذاكراً تلك الحقبة "ومن مثل التمرد ذاك شعر بضرب من الكراهية لي، وكان هذا في اعتقادي من أسباب ذلك الفسق الذي اتسمت به سنواتي المستقبلة"(63): وحين بلغ روبرت الرابعة والعشرين انضم إلى محفل ماسوني. وفي 1783 صودرت المزرعة للتخلف في دفع الإيجار. وكتل روبرت وأخوه جلبرت مواردهما الضئيلة ليستأجروا مزرعة مساحتها 118 فداناً نظير تسعين جنيهاً في العام، وراحا يكدحان فوقها أربع سنين ولا يصيبان منها غير سبعة جنيهات لكل منهما في العام لنفقاتهما الشخصية؛ وهناك عالا أبويهما وشقيقاتهما وأشقاءهما. ثم مات الأب بالسل في 1784.

وقرأ روبرت في ليالي الشتاء الطويلة الكثير من الكتب، ومنها تواريخ روبرتسن، وفلسفة هيوم، والفردوس المفقود. "أعطني روحاً كروح بطلي المفضل، شيطان ملتن"(64). فلما غاظته رقابة الكنيسة الاسكتلندية على الأخلاق لم يعز عليه أن ينبذ لاهوتها ويكتفي بإيمان غامض بالله والخلود. وقد سخر من أولئك "السنيين، الذين يؤمنون بيوحنا فوكس، "وخامره الظن بأن هؤلاء القساوسة كانوا فيما بين أيام الآحاد يأثمون خفية كما يأثم(65). وقد وصف في قصيدة "المهرجان المقدس" (التي تدور حول اجتماع للإنعاش الديني (سلسلة من الوعاظ يذمون الخطيئة ويهددون بالجحيم، بينما تنتظر المؤسسات في ثقة خارج الاجتماع زبائنهن من جمهور المصلين.

واشتد بغض بيرنز لرجال الدين حين أوفد أحدهم مندوباً عنه ليوبخه ويغرمه عقاباً على معاشرته لبتي باتن دون أن يكون زوجاً لها. ثم استحال البغض غضباً حين وبخ مجلس الكنيسة موكلين (1785) مالك أرضه اللطيف، جافن هاملتن، على تخلفه المتكرر عن صلوات الكنيسة. وكتب الشاعر الآن أقذع أهاجيه "صلاة القديس ولي" التي سخرت من فضيلة وليم فشر المرائية، وكان من شيوخ كنيسة موكلين. فصوره بيرنز يخاطب الله قائلاً:

ولم يجرؤ بيرنز على نشر هذه القصيدة فلم تصل إلى المطبعة إلا بعد موته بثلاث سنين.

وكان في غضون هذا يتيح للكنيسة الكثير من المبررات لتقريعه. فقد لقب نفسه "زانياً محترفاً". وكانت كل عذراء جديدة تثير عواطفه: "كلو الفاتنة تطفو فوق الموجة اللؤلؤية"، وجين آرمر، وماري كامبل الهايلاندية، وبجي تشالمرز، و "كلارندا"، وجني كروكشانك، وجني الدالريه "مقبلة خلال الجاودار" و "الصغيرة الحلوة" دبورا ديفز، وآجنس فلمنج، وجني جافري، وبجي كندي الساكنة "نهير دون الجميل"، وجسي ليوارز، وجين لوريمر (كلوريس)، وماري موريسن، وآنا بارك، وآنا ويلي ستيوارت، وبجبي طومسن-وغيرهن(67). ولم يعوضه عن مشاق الحياة وخطوبها غير عيونهن المشرقة الضاحكة، وأيديهن الناعمة وصدورهن الناصعة مثل "الثلج المتساقط". وقد اعتذر عن تقلبه الجنسي بأن كل الأشياء في الطبيعة تتغير، فلم يكون الإنسان استثناء للقاعدة؟(68)ولكنه حذر النساء من الثقة بوعود الرجل. ونحن نعلم أنه أنجب خمسة أطفال من زوجته، وتسعة بغير زواج. وقال "إن لي عبقرية في الأبوة" وخيل إليه أنه لا شفاء له إلا أن يخصى. أما عن توبيخات القساوسة وقوانين إسكتلندة:

إني أبارك وأحمد قدرتك التي لا ضريب لها،

إذ تركت الألوف في الليل،

لتأتي إلى هنا وأنا أمام ناظريك

طالباً عطاياك وأفضالك ناراً ونوراً ساطعاً

لهذا البيت كله...

رباه إنك عليم بأنني كنت البارحة مع مج...

لذلك أطلب عفوك مخلصاً...

أواه! لا تكن هذه الفعلة لطخة دائمة

تلوث شرفي،

ولن أرفع ساقاً خاطئة

فوقها مرة أخرى.

ثم لابد أن أعترف

بأنني كنت مع أبنة ليزي ثلاث مرات،

ولكني كنت يا ربي مخموراً في يوم الجمعة ذاك

حين دنوت منها،

وإلا فما كان عبدك

ليجرؤ على إغوائها قط...

ثم أذكر رباه أن جافن هاملتن يهجر الكنيسة،

ويسكر ويحلف ويلعب الورق

ومع ذلك فقد كثرت حيله المحببة

للناس كبيرهم وصغيرهم،

وهو يسرق قلوب الناس

من القس الذي اصطفاه الله...

رب أدنه في يوم انتقامك،

رب ابتل من استخدموه

ولا تغض عنهم في مراحمك

ولا تستمع إلى صلاتهم!

ولكن لأجل شعبك أهلكهم

ولا تبق منهم أحداً.

ولكن أذكرني يا رب وكل ما أملك

بمراحم أرضية وسماوية،

حتى أضيء بالنعمة والثراء

ولا يبزني في ذلك أحد،

وليكن لك كل المجد

آمين، آمين!


فلتتضافر الكنيسة والدولة لتنهياني

عن فعل ما لا ينبغي أن أفعل.

فلتذهب الكنيسة والدولة إلى الجحيم

أما أنا فذاهب إلى حبيبتي أنا(70).

فلما ولدت له بتي باتن طفلاً (22 مايو 1785) عرض أن يتزوجها، ولكن أبويها رفضا العرض. فانصرف عنها إلى جين آرمر وأعطاها تعهداً كتابياً بالزواج، ولم تلبث أن حملت. وفي 25 يونيو مثل أمام مجلس الكنيسة وأعترف بمسئوليته؛ ولكن أباها رفض أن يزوجها لفلاح في السابعة عشرة مثقل بطفل غير شرعي. وفي 9 يوليو تلقى بيرنز من مقعده في الكنيسة التوبيخ العلني في إتضاع. وفي 3 أغسطس ولدت جين توأمين. وفي 6 أغسطس قبل هو وجين التوبيخ أمام شعب الكنيسة و "أحلاّ من الفضيحة" وأقسم الأب ليستصدرن أمراً بالقبض على بيرنز؛ فاختبأ الشاعر وخطط أن يركب البحر إلى جامايكا. ولم ينفذ أمر القبض، وعاد روبرت إلى مزرعته. في ذلك الصيف ذاته وعد بأن يتزوج ماري كامبل وأن يصطحبها إلى أمريكا؛ ولكنها ماتت قبل أن يستطيعا تنفيذ الخطة؛ وقد أحيا بيرنز ذكراها في قصيدتيه "ماري الهايلاندية" و "إلى ماري التي في السماء"(72).

في ذلك العام الحافل بالإنتاج (1786) نشر في كلمارنوك أول دواوين شعره بالاكتتاب. وحذف من الديوان القصائد التي تسيء إلى الكنيسة أو أخلاقيات الشعب، وأبهج قراءه بلهجته الإسكتلندية وأوصافه لمشاهد الطبيعة المألوفة؛ وسرّ الفلاحين برفع دقائق حياتهم إلى مستوى الشعر المفهوم. ولعل شاعراً من الشعراء لم يعبر قط كما عبر عن هذا التعاطف مع الحيوانات التي تشارك في أعباء يوم الفلاح، أو "الخروف الأبله" الحائر وسط الثلج المنهمر، أو الفأر الذي أزاحه عن جحره المحراث القديم.

ولكنك يا جرذي لست الوحيد
الذي يثبت أن بعد النظر قد يكون باطلاً،
فكثيراً ما تخطئ أشد الفئران والناس أحكاماً.

ويكاد يبلغ مبلغ هذه الأبيات في جريها على الألسن مجرى الأمثال تلك التي تختم قصيدته المساه "إلى قملة عند رؤيتها أخرى على قبعة سيدة في الكنيسة":

ألا ليت قوة من القوى تهبنا أن
نرى أنفسنا كما يرانا الغير(73).

ولكي يضمن بيرنز الترحيب بديوانه الصغير توجه بقصيدة سماها "ليلة سبت الفلاح": قصور الفلاح يستريح بعد أسبوع من الكد الشديد؛ وزوجته وأطفاله يلتفون به كل يحكي قصة من قصص نهاره؛ وكبرى بناته تقدم لأبيها الخطيب الخجول في تردد وإحجام؛ ثم المشاركة السعيدة في الطعام البسيط؛ والأب يقرأ الكتاب المقدس على أسرته؛ ثم الصلاة الجماعية، وإلى هذه الصورة السارة أضاف بيرنز مناجاة وطنية لـ "إسكتلندة، أرضي ووطني الحبيب!" وبيع كل مطبوع من النسخ إلا ثلاثاً وعددها 612 في أربعة أسابيع، وبلغ صافي حصيلة بيرنز منها عشرين جنيهاً.

وكان قد فكر في أن يستخدم هذه الحصيلة ف يدفع أجر الرحلة إلى أمريكا ولكنه عدل وخصصها لفترة يقيمها في إدنبرة. فلما بلغها على الجواد استعار في نوفمبر 1786 اقتسم حجرة وسريراً مع فتى ريفي آخر. وكان يشغل الطابق الذي يعلوها بعض المومسات الصاخبات. وفتح له الأبواب نقاد إدنبرة الأدبيون، فكان معبود المجتمع المهذب طوال الموسم. ووصفه السر ولتر سكوت بهذه العبارات:

كنت صبياً في الخامسة عشرة عام 1786-87 حين وفد بيرنز أول مرة إلى إدنبرة... ورأيته يوماً في بيت الأستاذ فيرجسون المحترم، حيث التقى نفر من السادة ذوي الشهرة الأدبية.. وكان شخصه قوياً عفياً، فيه جهامة ريفية بغير جلافة، عليه سيماء البساطة والصراحة الوقورين. وجهه ضخم والعين واسعة سوداء اللون... إذا تكلم... وكان في مجلسه من هؤلاء الرجال، وهم صفوة المثقفين في جيلهم ووطنهم، يعبر عن رأيه في قوة بالغة ولكن دون أدنى صلف".

وقد وجد التشجيع على إصدار طبعة مزيدة من قصائده. ولكي يضيف إلى ديوانه الجديد مزيداً من المادة اعتزم أن يضمنه قصيدة من مطولاته اسمها "الشحاذون المرحون" لم يجرؤ من قبل على طبعها في ديوان كلمارنوك وقد وصفت القصيدة تجمعاً للمتشردين؛ والصعاليك، والمجرمين، والشعراء، والعابثين، والبغايا، والعجزة، والجنود المنبوذين، في خمارة نانسي بمدينة موكلين. ثم وضع بيرنز في أفواههم أصرح السير الذاتية وأمعنها في الخطيئة، واختتم هذا الخليط بكورس مخمور:

"ما أتفه الذين يحميهم القانون!

إن الحرية مأدبة فاخرة!

وقصور الملوك لم تبن إلا للجبناء.

وما شيدت الكنائس إلا مسرة لرعاتها"

وهالت الدارس والواعظ هيو بلير فكرة نشر هذا الازدراء للفضائل، فأذعن بيرنز، ونسي بعد ذلك به نظم هذه القصيدة،(77)وقد احتفظ بها أحد أصدقائه ثم رأت النور في 1799.

رقيقة على سبيل الوداع.

قبلة حارة واحدة ثم نفترق،

وداع واحد، ثم لا لقاء بعده!

لو لم نحب هذا الحب الرقيق،

ولو لم نحب هذا الحب الأعمى،

ولو لم نلتق ولو لم نفترق،

لما تحطم قلبانا قط.

ولكنها وجدت زوجها يعيش مع ساقية زنجية، فعادت إلى إدنبرة. أما وقد عجز بيرنز عن إشباع عشقه لها، فقد التمس الصحبة والقصف في ناد محلي يسمى "المدافعون عن كروكلان"-رجال تعاهدوا على الدفاع عن مدينتهم. هناك كان الخمر والنساء هما الآلهة الحارسة"، والفسق السيد المتسلط. وقد جمع بيرنز لأجلهم الأغاني الإسكتلندية القديمة وأضاف إليها من عنده؛ ووجد بعضها طريقه إلى النشر سراً وغفلاً عن اسم الشاعر عام 1800 بعنوان "عرائس شعر كلدونيا المرحات". وقد قضى على ترحيب مجتمع إدنبرة ببيرنز سريعاً انتماؤه إلى هذا النادي، وازدراؤه السافر للفوارق الطبقية(79)، وإعرابه الصريح عن الآراء المتطرفة في الدين والسياسة.

ثم حاول الحصول على وظيفة جاب للضرائب. فلما صد عنها غير مرة، راض نفسه على المغامرة جديدة في الفلاحة. ففي فبراير سنة 1788 استأجر مزرعة إليسلاند، الواقعة على خمسة أميال من دمفريز، واثنى عشر من كريجنيتوك مدينة كارليل. وأقرض مالك المزرعة الشاعر 300 جنيه ليبني بئراً في المزرعة ويسيج الحقل بعد أن وصف التربة في غير مواربة بأنها "في أسوأ حالات الإنهاك"(80). واتفق على أن يدفع له بيرنز خمسين جنيهاً كل عام على امتداد ثلاث سنين، ثم سبعين. وولدت جين آرمز أثناء ذلك توأمين (3 مارس سنة 1788) لم يلبثا أن ماتا. وتزوجها بيرنز قبل 28 أبريل بقليل، وأقبلت بطفلها الوحيد الذي بقي لها من أطفالها الأربعة الذين ولدتهم له لتخدمه زوجة ومديرة لبيته في اليسلاند. وأنجبت له طفلاً آخر سماه بيرنز "رائعتي في ذلك النوع من الصناعة، لأني أرجو أن يكون "فام أو شانتر" إنجازي القياسي في الميدان السياسي"(81)وفي سنة 1790 توثقت علاقته بآنا بارك، الساقية في حانة دمفريز، وفي مارس سنة 1791 ولدت له طفلاً أخذته جين وربته مع أطفالها.

وكانت الحياة شاقة في اليسلاند، ولكنه واصل قرض الشعر الرائع. وهناك أضاف مقطعين شهيرين لأغنية سكارى قديمة سماها "الأيام الخوالي" وظل بيرنز يكدح حتى انهارت قواه كما انهارت قوى أبيه من قبل. واغتبط جين عين (14 يوليو سنة 1788) مفتش إنتاج، يجوب البلاد ليعاير البراميل، ويفتش على أصحاب المطاعم، والشماعين، ويقدم تقاريره لمجلس إنتاج إدنبرة. ويبدو أنه أرضى المجلس رغم كثرة شجاره مع جون بارليكورن. وفي نوفمبر سنة 1791 باع مزرعته بربح، وانتقل مع جين والأطفال الثالثة إلى بيت في دمفريز.

وقد آذى شعور أهل مدينة الوقورين بتردده على الحانات، وعودته مراراً إلى جين الصابرة وهو ثمل بالخمر.(83)على أنه ظل شاعراً فحلاً، ففي تلك السنوات الخمس نظم هذه القصائد: يا ضفاف نهر دون الجميل ومروجه" و "إلى الإسكتلنديين الذين أريقت دماؤهم مع ولاس" و "حبيبتي أشبه بوردة حمراء". وقد تبادل الرسائل مع السيدة فرانسيس دنلوب، التي كان يزورها أحياناً وكان في عروقها آثار من دم ولاس، لأنه افتقد في زوجته الرفيق الفكري. وقد جاهدت هذه السيدة لترويض أخلاق بيرنز ولغته، ولم يكن ذلك دائماً لفائدة شعره. وكان أكثر تقديراً لأوراق البنكنوت من فئة الجنيهات الخمسة، التي كانت وافيه بها بين الحين والحين. وقد عرض وظيفته في تفتيش الإنتاج للخطر بآرائه المتطرفة. فأشار على جورج الثالث في خمسة عشر مقطعاً رائعاً أن يتخلص من وزرائه الفاسدين، ونصح أمير ويلز (ولي العهد) بأن يكف عن فجوره، وعن إسرافه في لعب القمار مع تشارلي (فوكس) "إن شاء أن يرث العرش(85). وفي خطاب أرسله لصحيفة إدنبرة "كورانت" صفق لإعلان الاستقلال الأمريكي. وفي سنة 1789 كان "نصيراً متحمساً للثورة الفرنسية. وفي سنة 1795 فجر لغماً على فوارق المراتب.

أبسبب الفقر الشريف

ينكس الفقير رأسه ويخزى؟

إنا لنمر بالعبد الجبان فلا نعبأ به،

وإنا نجرؤ على أن نكون فقراء رغم هذا كله!.

ورغم أن كونا وكدحنا مجهولان مغموران.

أن المراتب ليست سوى خاتم الجنيه،

أما الإنسان فهو الذنب رغم هذا كله.

إن الرجل الشريف، وأن اشتد فقره

أمير القوم رغم هذا كله.

أترى ذلك الرجل الذي يلقبونه لورداً

والذي يختال في مشيته ويحدق في الناس

إنه ليس إلا غبياً أحمق رغم هذا

وإن انحنى المئات لأمره ونهيه

إذن لنصل ليأتي ذاك اليوم،

وهو آت لا ريب فيه رغم هذا كله،

يوم يحقق العقل والكفاءة الانتصار في كل الأرض قاطبة

إنه آت رغم هذا كله،

يوم يقف الرجل أما الرجل

إخواناً في بقاع الأرض.

وتوالت الشكاوي على مجلس الإنتاج تقول أن رجلاً متطرفاً كهذا ليس بالرجل الذي يصلح للتفتيش على الشماعين ومعايرة براميل الخمر، ولكن أعضاء المجلس صفحوا عنه لحبه لإسكتلندة وإشادته بها. وكانت الجنيهات التسعون التي أتته بها وظيفته لا تكاد تتيح له الخبز والكأس. وواصل تشرده الجنسي، وفي 1793 ولد له طفل من السيدة ماريا ريدل التي اعترفت بـ "قوة جاذبيتي التي لا تقاوم" وأضعف إدمانه الخمر عقله وكبرياءه أخر الأمر. فراح يرسل إلى أصدقائه خطابات الاستجداء على نحو ما كان يفعل موتسارت في هذا العقد ذاته. ورددت الشائعات أنه مصاب بالزهري، وأنه عثر عليه ذات صباح قارس البرد في يناير 1796 ملقى وسط الثلوج وهو سكران. وقد انتقدت هذه الشائعات باعتبارها هرطقة لا سند لها، ويشخص الأطباء الاسكتلنديين مرض بيرنز الأخير بأنه حمى روماتزمية آذت قلبه. وقبل لأن يموت بثلاثة أيام كتب إلى حميه يقول "أرجوك بالله أن ترسل السيدة آرمر إلينا فوراً، فزوجتي تتوقع كل ساعة أن تلزم الفراش. رباه! أي موقف يمكن أن تقفه المرأة المسكينة وهي بغير صديق!.(89)ثم لزم فراشه ومات في 21 يوليو 1796. وبينما كانوا يوارونه التراب ولدت زوجته ابناً. وجمع أصدقاؤه بعض المال للعناية بها، وقد عمرت إلى عام 1834 لأنها كانت صلبة العود قوية القلب.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

انظر أيضاً

الشاعر روبرت برنز (1759-1796). جمع الأغاني الشعبية الاسكتلندية.
كثيرة وحادة هي عللنا العديدة

منسوجة في إطارنا!
وبالرغم من نتوئها، فمازلنا نكوّن شخصياتنا
الندم وتأنيب الضمير والخزي!
وجه الإنسان، الذي أُحسـِن تصويره
تزينه بسمات الحب، –
وحشية الإنسان على الإنسان

تفجع الآلاف المؤلفة!
――خـُلِق الإنسان ليـُفجـَع: لحن حزين[1] (1786)



الهامش

  1. ^ روبرت برنز (2005). "Burns Country". 'Man was made to mourn: A Dirge'. robertburns.org. Retrieved 13 November 2009.

المصادر

  • Robert Burns, The Canongate Burns: The Complete Poems and Songs of Robert Burns, ed. Andrew Noble and Patrick Scott Hogg (2001; Edinburgh: Canongate, 2003). ISBN 1-84195-380-6
  • قالب:A Short Biographical Dictionary of English Literature (p.57)
  • Dietrich Hohmann: Ich, Robert Burns, Biographical Novel, Neues Leben, Berlin 1990 (in German)

وصلات خارجية

قالب:Scots makars

الكلمات الدالة: