كلمة سلفية تعبر عن تيار إسلامي عريض يشمل الكثير من الحركات الإسلامية والمفكرين الإسلاميين يدعون فيه إلى العودة إلى نهج السلف الصالح كما يرونه والتمسك به باعتباره يمثل نهج الإسلام الأصيل والتمسك بأخذ الأحكام من الأحاديث الصحيحة دون الرجوع للكتب المذهبية و يبتعد عن كل المدخلات الغريبة عن روح الإسلام وتعاليمه، لكن ضمن هذا التيار توجد تنويعات كثيرة لتفسير وتطبيق السلفية فمنهم من يحاول استمداد روح فهم الشريعة من السلف الصالح ومنهم من يطالب بالتطبيق الحرفي لآراء السلف و أبرز ممثلي هذا الالتزام بآراء السلف ( الحركة الوهابية ) أهم أعلامهم : محمد بن عبد الوهاب ، عبد العزيز بن باز - ابن عثيمين.

بالمقابل يعارض رجال الدين المسلمين المذهبيين التوجه السلفي لأنهم يعتقدون انه امتداد لدعوة ابن تيمية و بأنه يعارض بنية المذاهب الفقهية التي يدافعون عنها و يتهمون السلفيين بأنهم يهدمون الفقه الذي بناه فقهاء عظام مثل الشافعي و أبو حنيفة و مالك و ابن حنبل و أن أي فقيه معاصر لن يصل لدرجة من الفقه تسمح له بمعارضة آراء الأئمة الكبار الأربعة و تلاميذهم او استنباط الأحكام مباشرة من القرآن و السنة التي هي وظيفة المجتهدين و العلماء.

لكن المنهجية التي ينظر بها إلى الاقتداء بالسلف تختلف اختلافا كبيرا بين العلماء و المدراس التي تصف نفسها بأنها سلفية فمع أن المصطلح ظهر أساسا في وصف بعض العلماء المجددين في الإسلام الذين أرادوا تحرير الشعوب من كوارث التعصب المذهبي الذي كان شائعا في أيام الدولة العثمانية ، هذه الشخصيات لا ترفض الاجتهاد كمبدأ و تحاول اتباع منهج السلف في العقائد غالبا أما الفقه فتعتقد أنه يجب أن يخضع دوما لعملية تجديد ليناسب العصر و من هنا كانوا من أهم من ركز على فكرة مقاصد الشريعة و إعادة إحياء البحوث الشرعية فيها. هؤلاء العلماء و رجال الدين يمكن أن نسميهم بالسلفية الاجتهادية و أبرز اعلام هذه المدرسة : (محمد عبده - رشيد رضا - ابن باديس - علال الفاسي - حاليا يوسف القرضاوي - محمد الغزالي).[1][2]

إلا ان هذا المصطلح سرعان ما انتشر لاحقا لوصف الملتزمين بالنص الشرعي (قرآنا و سنة) مع رفض لكل قياس أو اجتهاد و التزام بنهج السلف في رفض أي بدعة و تمثل هذه المدرسة أساسا أتباع و تلاميذ محمد بن عبد الوهاب و بالتالي هم من سيعرفون لاحقا بالوهابية أو يمكننا أن نسميهم سلفية نصية و هي بشكل عام توازي و تتطابق مع كلمة وهابية.

إلا أن هذه المدرسة السلفية ستتأثر لاحقا بالفكر السياسي الإسلامي، و سيتنبى بعض أعلامها الفكر السياسي الإسلامي الجهادي التي تحاول بناء دولة إسلامية عادلة، خصوصا بعد الصدام التي ستواجهه مع حكومات كانت تعتبرها إسلامية. فتعاون المملكة العربية السعودية مع الولايات المتحدة و دخول جيوش أمريكية لشبه الجزيرة العربية سيشكل صدمة للكثير أدت إلى انضمام العديد إلى فكر حركات الجهاد الإسلامي التي تكفر الحكومات العربية و تدعو للخروج عليها وهذا مايمكن أن ندعوه سلفية جهادية

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

تاريخ السلفية

نشأة السلفية

يعتبر أتباع السلفية النصية أنفسهم امتداداً لمدرسة أهل الحديث [3] التي ظهرت في العصر العباسي وعلى المذهب الحنبلي بقيادة أحمد بن حنبل بعد اصطدامه مع فرق المعتزلة والكلامية والشيعة. ثم تابع المسير على نفس منهجه تلامذته: عمر بن حسين الخرقي وأبي بكر عبد العزيز حسب مصادر السلفية [4]. وتوالت أجيال من علماء هذة المدرسة حتى ظهر كبير علماء السلفية التقليدية وهو ابن تيمية -الملقب من قبل أتباعه بشيخ الإسلام- الذي قام بالدعوة لمنهجه ونبذ العادات والأفكار التي اعتبرها بدعية وخارجة عن الإسلام الصحيح، وفي المقابل اعتُبر ابن تيمية شخص خارج عن العقيدة الصحيحة وينسب أقوال مدسوسة لأحمد بن حنبل مثل قوله بالتجسيم وإثبات الصفات، وسُجن إثر هذا أكثر من مرة [5]، لكنه أثر ببعض من احتكوا به مثل ابن قيم الجوزية وابن كثير والذهبي [6]. ومن بعد ابن تيمية ضعفت الدعوة السلفية لفترة حتى ظهرت الحركة الوهابية بقيادة محمد بن عبد الوهاب في نجد وبالتحالف مع محمد بن سعود الذان تبايعا على نشر الدعوة السلفية في ظل تأسيس المملكة السعودية [7].

في العصر الحديث

في القرن العشرين تنوع وتشعب تعريف السلفية، ولذلك كثر تباين المواقف حولها. حيث ظهر في البلاد الإسلامية تيار إصلاحي يلتقي مع التيار الوهابي في ما يخص العقيدة ويتجاوزه على صعيد الانفتاح على العصر، والنزوع نحو التجديد في الدين والفكر واللغة، أي أنه يجمع بين التمسك بالثوابت والأصول، مع ترك مساحة للمتغيرات بحيث تستوعب واقعنا المعاصر، وتقدم الحركة السلفية الإسلام خاليا نقيا من الشوائب والخرافة، وفي صورة مرنة وقابلة للتطبيق في الحياة [8]. وكان أهم أعلام هذا التيار جمال الدين الأفغاني الذي كان يعتمد على الأسلوب الثوري لمقاومة الاستعمار الغربي للدول الإسلامية، ومحمد عبده الذي اعتمد على الوسائل السلمية تكوين أجيال تحمل الدعوة وتنشر التربية الإسلامية، حتى لو اضطرها ذلك لمهادنة ومداهنة الاحتلال ما دام ذلك يدرأ المفاسد[1].

كما ظهرت حركات صوفية تعتمد فكرة الثورة المسلحة مثل حركة الأمير عبد القادر في الجزائر، المهدوية في السودان، حركة عمر المختار في ليبيا، ثورة ابن عبد الكريم الخطابي في المغرب، لكن تلك الحركات كانت محلية الطابع ولا تتخذ أفق عولمي. ثم قامت جماعة الإخوان المسلمين على منهج محمد عبده وفقا لرأي المفكر محمد عابد الجابري [1]، حيث يرى أنها تطبيق لدعوة محمد عبده لتكوين مجموعة تليها مجموعات تتولى الدعوة للإصلاح والعمل له مع تربية الشعب تربية دينية صحيحة الذي يطلق عليه البعض سلفية حركية [3]، كلنها سرعان ما خرجت عن نهجه وتحولت إلى جماعات سرية مسلحة لجأت للعنف في بعض الأحيان ولكنها الآن عادت إلى الأسلوب الدعوي السلمي [1].

وفي المقابل التزم أتباع الوهابية بالمنهج النصي للسلفية والالتزام بنموذج السلف الصالح كنموذج متكامل بحد ذاته وهو السبيل الوحيد لتقدم أمة المسلمين في كل زمان ومكان [1].

كما ظهرت جماعات مسلحة وصفت بالإرهابية، ترتبط بالوهابية على صعيد السلف، لكنها تتميز بكفير كل من يخالف عقيدتها وتستبيح قتله كمرتد، لذا يعتبرها البعض أنها تسعى لتبييض صورتها أمام العالم الإسلامي من خلال نسب نفسها للسلف، في حين يدافع السلفية عن منهجهم بأنه وسطي ليس به تكفير ولا تفجير. يرى الكثير من المحللين أن هذة النزعة التكفيرية الجهادية نتجت لأسباب سياسية أهمها الهيمنة الأمريكية على العالم ودعمها لإسرائيل في الصراع العربي الإسرائيلي بالإضافة لاعتقادهم بأن الحكومات العربية عميلة للغرب المتمثل في مريكا مما دفعهم لاعتناق ذلك الفكر الجهادي كنوع من المقاومة والنضال ضد الهيمنة الغربية [3]. والحركة السلفية قامت بإراقة دماء المسلمين في بدايتها في بلاد الحجاز ومازالت إلى الآن ترعى العمل المسلح حتى ضد المسلمين كما في الجزائر والسعودية ومصر والمغرب وموريتانيا.

مصطلح سلفية

يُطلق هذا المصطلح في اللغة ويراد به: السلف: جمع سالف وهو كل مَن تقدمك من آبائك وذوي قرابتك في السن أو الفضل، وقالوا: إنَّه كل عمل صالح قدمته. [9]

والسلف في الإسلام السني هم القرون الثلاثة الأولى المشهود لهم بالخيرية بنص الحديث عن الرسول محمد: «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» [10] وهم كما عرفوا فيما بعد: الرسول وأصحابه، والتابعين، وتابيعيهم بإحسان. وتستخدم لفظة سلفي بصفة عامة لمن يتمسك بالأصول الأساسية في المذهب أو التيار أو الحزب ولا يرحب بالأفكار التجديدية ويفضل التمسك بالتراث [3]. والسلفية في الإسلام هم متبعي منهج السلف الصالح والعودة للأصول النقية للإسلام.

يُذكر أن ابن تيمية وشيوخ السلفية النصية لم يطلقوا على أنفسهم "سلفية" وإنما كانوا يشيرون لأنفسهم بأهل السنة والجماعة لاعتقادهم أنهم الفرقة الناجية المتبعة للمنهج الصحيح لأهل السنة والجماعة. وإنما ظهر مصطلح السلفية في الأساس للتعبير عن تيار إصلاحي ظهر في عهد الدولة العثمانية يدعو لنبذ التعصب المذهبي الذي كان شائعاً حينها، الذي أطلق عليه حديثاً سلفية إصلاحية. ولكن في الوقت الحالي يعبر مصطلح سلفية المجرد عن السلفية النصية أو التقليدية، حيث استخدمه علمائهم المعاصرين كمسمى تمييزي عن باقي المدارس.

المنهج الفكري للسلفية

السلفية النصية تعتبر مدرسة فكرية أو منهج فكري على عقيدة أهل السنة والجماعة لهذا فعقيدتهم لا تختلف عن عقيدة المدارس الأخرى المنتسبة لأهل السنة والجماعة مثل الأشاعرة والماتريدية فمصدر العقيدة لديهم واحد، ولكن هناك اختلافات قليلة ترجع لاختلاف منهجية التلقي والاستدلال.

منهج السلفية النصية يعتمد على النص الصحيح من الكتاب والسنة هو مصدر العقيدة بفهم السلف الصالح ومن سار على نهجهم. وتتميز المدرسة النصية بالالتزام الشديد بالنصوص ورفض تأويلها فيرون أن النص لا يخالف المنطق العقلي، وإن اختلف فيقدم النص على العقل. وتتميز كذلك بالأخذ بأحاديث الآحاد إن صحت عن الرسول، وبإثبات صفات الله التي وردت في القرآن والسنة وعدم تأويلها [11].

أما السلفية الاجتهادية فمنهجها لا يتقيد بفهم السابقين للقرآن والسنة وإنما يتعامل معها بما يتناسب مع الاختلافات الناتجة عن اختلاف الزمان والمكان، فيتيحون مساحة أكبر للاجتهاد وفقاً للتغيرات المعاصرة.

تختلف مدارس السلفية مع الطرق الصوفية المنتسبة لأهل السنة والجماعة لاعتبارهم بعض العادات والمناسك الصوفية هي بدع لم تكن على عهد الرسول أو الصحابة مثل زيارة القبور والتوسل بالرسول و بالأولياء والصالحين و الإجتماع لذكر الله تعالى وغيرهاو هو اختلاف في فهم القرآن والسنة الشريفة.

قواعد المنهج السلفي في الاستدلال

لما كان المنهج السلفي يقوم على الاتباع ـ أي السير على منهاج الرسالة النبوية ـ وذم الابتداع (إدخال أمور في الدين ليس عليها دليل شرعي من الكتاب والسنة) فقد وجد أن السفلية تقوم على عدد من القواعد الأساسية[12]:

1 ـ الاستدلال بالكتاب والسنة

منذ عهد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والإجماع منعقد على وجوب الأخذ بكافة أحكام الكتاب والسنة، دون التفريق بينهما في الاستدلال الشرعي، فما كان الصحابة ولا من جاء بعدهم يفرقون بين حكم ورد في القرآن وبين حكم وردت به السنة، لأنهما معاً وحي من الله، ومن الآيات التي يستدلون بها: "وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا"، وفي الحديث: "ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه"، وهو المنهج الذي التزمه السلفيون في السابق ويتمسك به مجددو الدعوة السلفية في عصرنا الحالي.

فالكتاب والسنة بمنزلة واحدة من جهة التشريع وإن كان القرآن مقدم تشريعاً وتعظيماً لأنه كلام الله، لكن السنة أيضاً أصل في الاستنباط قائم بذاته، ثبت وجوب الأخذ بها في نصوص كثيرة واردة في القرآن نفسه، لذا لا يجوز الاستغناء عنها بزعم الاكتفاء بالقرآن، لأن السنة تشرح القرآن وتفسره "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ" بل هي خير تفسير يفسر به القرآن بعد القرآن، وقد يتوقف فهم مجمل القرآن على تفصيل السنة، وقد تأتي السنة بأحكام غير مذكورة في القرآن، وهو ما يوجب الأخذ بالكتاب والسنة جميعاً دون تفريق بينهما.

ومن هذه المنطلقات أولى السلفيون في القديم والحديث اهتماماً كبيراً بهذين النبعين (الكتاب والسنة) عند الاحتجاج، واعتمدوا عليهما في الرد على كافة التساؤلات المطروحة من المسلمين وغير المسلمين حول حقائق الدين، وأيضاً في التعبد بالتلاوة والحفظ والفهم والتفسير والاقتداء.

2 ـ التمسك بفهم الصحابة للدين

يقوم المنهج السلفي على فهم القرآن والسنة والعمل بهما وفق فهم الصحابة لهما، وذلك راجع إلى ما للصحابة من فضل وسبق في الإسلام.. فهم حواريو رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأعلم الأمة بالكتاب والسنة، صحبوا النبي وشهدوا أحواله وأخذوا عنه الدين شفاهة، فهم أشد الناس تمسكاً بالإسلام وتضحية في سبيله، شهد الله تعالى لهم بالإيمان والصدق، وأجمعت الأمة جيلاً بعد جيل على إمامتهم وعدالتهم، كما أثبت لهم التاريخ انتصاراتهم المذهلة، وما حققوه من أعمال لنصرة الدين والجهاد ونشر الدعوة الإسلامية.

يقول عبد الله بن عمر: "كان أصحاب رسول الله خير هذه الأمة قلوباً، وأعمقهم علماً، وأقلهم تكلفاً، اختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه ونقل دينه". ويقول د.مصطفى حلمي: "لا يمكن تفسير الانتصارات المذهلة للصحابة إلا في ضوء استجابتهم لعقيدة الإسلام وفهمها حق الفهم وتطبيقها عملياًً، فاجتذبوا غيرهم من الشعوب ذات الحضارة العريقة، فكان الصحابة في وضع الطلائع والصفوة الممتازة".

لذلك فإن ما ورد عن الصحابة من آراء فقهية، وأحكام دينية، وأقوال اجتهادية، أنزلها السلفيون منزلة خاصة، فما أجمع عليه الصحابة فهو حجة ملزمة لا يسع أحد الخروج عنه. وإن كان الإجماع حجة، فأقوى الإجماع إجماع الصحابة، ثبت بالتواتر ولم يتفق الفقهاء على إجماع سواه. يقول ابن القيم الجوزي: "إن الصحابي إذا قال قولاً، أو حكم بحكم، أو أفتى بفتيا فله مدارك ينفرد بها (...) وإن ما انفردوا به من العلم عنا أكثر من أن يحاط به".

لكن السلفيون وإن كانوا يقرون بأن إجماع الصحابة معصوماً إلا أنهم لا يقرون بذلك للرأي الذي ينفرد به أحدهم، إذ ليس الصحابي معصوماً من الخطأ في اجتهاد تفرد به، وفي ذلك يقررون رد الخطأ إن تبين مخالفته للكتاب والسنة مع الاحتفاظ بالعذر للصحابي.

وصواب الأخذ عن منهج الصحابة في فهم الدين نهج خطه كبار أئمة الإسلام قديماً، حيث يقول الإمام أبو حنيفة: "إذا لم أجد في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسوله أخذت بقول أصحابه (...) ولا أخرج من قولهم إلى قول غيرهم". ويقول الإمام الشافعي في كتابه "الأم": "إن لم يكن في الكتاب والسنة صرنا إلى أقاويل أصحاب رسول الله، أو واحد منهم".

ومما يستند إليه السلفيون في ذلك كثرة الآيات والأحاديث النبوية التي تبين فضل الصحابة، منها: (لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة)، (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم)، (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه). أما الأحاديث ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله قال: (ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب، يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون)، وفي صحيح مسلم أيضاً :(أنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون).


3 ـ تقديم النقل على العقل

من أهم أسس الاستدلال في المنهج السلفي: تقديم النقل (النص الشرعي المأخوذ من الكتاب والسنة الصحيحة) على العقل (الأدلة العقلية المأخوذة من الفلاسفة والمتكلمين). ذلك لأن العقل الإنساني غير معصوم بل ومن الوارد وقوعه في الخطأ، ومن ثم فليس له أن يحلل شيئاً أو يحرمه، وإنما مرد ذلك إلى الشرع وحده، يقول الشاطبي في الاعتصام: "إن الشريعة بينت أن حكم الله على العباد لا يكون إلا بما شرع في دينه على ألسنة أنبيائه ورسله"، فالعقل وإن كان شرعاً مناط التكليف، إلا أن الإسلام لم يجعل له دوراً في تشريع الحلال والحرام أو تحديد الواجبات الدينية والمنهيات الشرعية.

علاوة على ذلك أن هناك أموراً لا يقدر العقل بمقاييسه المحدودة أن يحيط بها علماً، في الكون والحياة، وهذا ما يؤكده التطور العلمي عصراً بعد عصر، وأهم من ذلك الأمور الاعتقادية والغيبية التي هي فوق مستوى العقل وإدراكه، والتي ينبغي إرجاعها كاملة إلى الوحي المتمثل في الكتاب والسنة، وهذا من أصل الإيمان بالرسل والأنبياء والكتب المنزلة.

وفي تفاصيل هذا الأساس السلفي كون العقل مخلوق خلقه الله وأودعه في الإنسان، وهو يؤدي وظيفته من خلال قدراته المحدودة، ومن خلال ما يدركه بحواس الإنسان المحدودة، فالقدرة المطلقة والإحاطة الشاملة، هي من صفات الخالق وحده وليست من صفات العقل المخلوق.

ومن هذه النظرة يؤكد السلفيون على ترك أي رأي يخالف الكتاب والسنة مهما كان صاحبه، وإن كانوا يحتفظون بالعذر لمن اجتهد فأخطأ إلا أنهم لا يرون عذراً لمن قلد الأئمة في آرائهم التي اتضح مخالفتها للكتاب والسنة، فلم يكن من منهج السلف التقيد بكل ما يفتي به إمام من الأئمة، بل وكان كبار أئمة الإسلام أنفسهم يحثون تلاميذهم على تقديم الكتاب والسنة على اجتهاداتهم وآرائهم إذا تبينت مخالفتها.. فالإمام أحمد يقول: "ليس لأحد مع الله ورسوله كلام"، وهو نفس مقصد الإمام مالك من قوله: "ما من أحد إلا ومأخوذ من كلامه ومردود عليه إلا رسول الله". والإمام الشافعي يقول: "إذا صح الحديث فهو مذهبي وإذا رأيتم كلامي يخالف الحديث فاعملوا بالحديث واضربوا بكلامي الحائط"، أما أبو حنيفة فيقول: "لا ينبغي لمن لم يعرف دليلي أن يفتي بكلامي".

لكن لا يعني تقديم السلف للنقل على العقل، واقتصارهم في الاستدلال على الكتاب والسنة، أنهم ينكرون دور العقل في التوصل إلى الحقائق والمعارف، أو أنهم لا يستعملون الفكر والنظر في الآيات الكونية. ولكن ذلك يعني أنهم لا يسلكون مسلك المتكلمين في الاستدلال بالعقل وحده في المسائل العقائدية والغيبية، وتقديمه على كلام الله، أو تقديمه على السنة النبوية.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

4 ـ رفض التأويل الكلامي

يعرف ابن خلدون علم الكلام بأنه: "علم يتضمن اللجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية". وينسب تنظيم علم الكلام وتبويبه وتفريعه إلى المعتزلة، لأنهم أول من فعل ذلك، حين تكلموا في الوعد وإنكار القدر ثم نفوا الصفات الإلهية. ورفض التأويل الكلامي من السمات البارزة للمنهج السلفي في الاستدلال، ويتلخص "التأويل" في التفسيرات والآراء العقلية التي أوجدها المتكلمون لمسائل العقيدة والدين بغير دليل شرعي، فالتأويل إذاً إنما يعني اتخاذ العقل أصلاً يكون النقل (الأدلة الشرعية) تابعاً له فإذا ما ظهر تعارض بينهما تم تأويل النص الشرعي حتى يوافق العقل، حسبما يرى المتكلمون.

وهذا التأويل يلجأ إليه المتكلمون في أبحاثهم الكلامية في مسائل التوحيد والعقائد الغيبية والصفات الإلهية، وهو ما يجعلهم على طرفي نقيض من أصحاب المنهج السلفي، الذي يرون الأخذ بمسائل الاعتقاد كما وردت في الكتاب والسنة وإجراء النصوص على ظاهرها من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل. كما أن الإيمان المبني على التسليم للوحي يجعل الموقف السلفي يقوم على أساس دخول العقل تحت الوحي، بمعنى أن الوحي هو الموجه والعقل يمارس وظيفته في ظل توجيهات الوحي. يقول ابن أبي العز في شرحه للعقيدة الطحاوية: "وكل من قال برأيه وذوقه وسياسته مع وجود النص، أو عارض النص بالمعقول فقد ضاهى إبليس حيث لم يسلم لأمر ربه بل قال:"أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ".

ويعتقد السلفيون أن منهج المتكلمين في تأويل النصوص باطل لأسباب منها:

1- أن هذا النوع من التأويل هو في حقيقته تحريف للنصوص وتعطيل لها.

2- لا يجوز شرعاً معارضة كلام الله بمصطلحات كلامية وضعها البشر، وهي مأخوذة في الأصل من فلاسفة وعلماء كلام من غير المسلمين.

3- أن موافقة المتكلمين فيما ذهبوا إليه تؤدي إلى الاستخفاف بأدلة الكتاب والسنة، والتقليل من قيمتها، كما أنه يؤدي إلى صرف الناس عن الكتاب والسنة وفهم معانيهما وهما أصل الدين.

4- أن الحجة العقلية الصحيحة لا تعارض الحجة الشرعية الصريحة بل يمتنع تعارضهما، إلا إذا كانت الحجة العقلية فاسدة، أو الفهم للحجة الشرعية فاشد.

5- أن الشرع الإسلامي قد يأتي بأمور تحتار العقول في إدراكها، ولكنها ـ في الوقت نفسه ـ غير مستحيلة عقلاً.


أهم أعلام السلفية

في التاريخ الإسلامي

القرن الثامن عشر وأوائل القرن العشرين

القرن العشرون

الجزيرة العربية

مصريون


اقرأ أيضا

مصادر

  1. ^ أ ب ت ث ج السلفية في طريق النهضة .. مشكل أم حل - إسلام أون لاين
  2. ^ من الوهابية إلى السلفية الإصلاحية ..إلى "الجهادية" بقلم محمد عابد الجابري
  3. ^ أ ب ت ث فتاوى مباشرة - إسلام أونلاين الأستاذ نواف القديمي
  4. ^ الإمام أحمد بن حنبل وانتشار المذهب الحنبلي
  5. ^ آخِر رسالة كتبها ابن تيمية في السجن قبل موته بشهر ونصف!
  6. ^ كتاب المحاضرات في الاعتقادات (القسم الثاني) للسيد الميلاني (ص752 - 772
  7. ^ أهـداف دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب (رابط تحميل)
  8. ^ حامد العلي .. سلفية بالنكهة الإخوانية
  9. ^ السلفية: حقيقتها ومكانتها في الحركة الإسلامية المعاصرة - بقلم: فضيلة الشيخ محمد عبد الله الخطيب - إخوان أون لاين
  10. ^ ما ذكر في الكف عن أصحاب النبي
  11. ^ عقيدة أهل السنة والجماعة - صيد الفوائد
  12. ^ علي عبد العال (2009-02-28). "السلفية.. منهج ومعالم ومحددات". جريدة المصريون الإلكترونية. Retrieved 2009-02-28.

وصلات خارجية