الفن الياباني

يستمد الفن الياباني فلسفته من العوالم الخارجية ، خصوصا الطبيعة ، إذ أبدع اليابانيون في نقل أجواء الطبيعة الساحرة بدقة وعذوبة كبيرة ، إضافة إلى رسم العوالم المتغيرة ، والاهتمام بعالم المرأة ، وفن المسرح الذي كان مزدهرا في حقب تاريخية مختلفة ، وغلب على اللوحات المعروضة الطابع التزييني ، وكانت تكرارا لما نسخه الفنانون على الستائر والمراوح والأقنعة والأسلحة والأبواب والأواني السيراميكية.

الفن الياباني
منظر من Genji Monogatari Emaki، فترة هـِيْ‌آن، مطلع القرن 12 (كنز وطني)
تاريخ الفن
تاريخ الفن الشرقي
تاريخ الفن الياباني
عام

الصفحة الرئيسية للفن الياباني
تصنيفات
العمارة - فن الخط
لك - الرسم - الخزف
Prints - النحت - السيوف

فترات تاريخية

Jōmon and Yayoi periods
Yamato period
Heian period
Kamakura period
Muromachi period
Azuchi-Momoyama period
Edo period
Meiji period
20th century
الفن الياباني المعاصر

فنانون يابانيون

الفنانون (زمنياً)
الفنانون - الخطاطون
Geisha - الرسامون
المثالون - المعماريون
المصورون - Printmakers

المدارس والأنماط والحركات

Schools category
الفن البوذي
Kanō - كيوتو - Nanga
Rinpa - Tosa - Ukiyo-e

عالم الفن

متاحف الفن

أنيمي ومانگا

أنيمي - مانگا - Animators
Illustrators - Manga artists

Japan WikiProject
Pagoda and Kondo at Horyu-ji, 8th century
Sudden Shower at the Atake Bridge, Hiroshige, 1856
Statuette with Snow Glasses, Jōmon Era
Pagoda and Kondo at Horyu-ji, 8th century
Byodoin Phoenix Hall
PanelPictorial scroll of the Tale of Genji, 1130
Nageire-dou, Tottori ,11th century
Bandainagon Ekotoba, Tokiwa Mitsunaga, 12th century
Portrait of Minamoto no Yoritomo, 12th century
Nio Gurdian at the Todai-ji, Unkei, 1203
Ginkaku-ji, Kyoto, 1489
Cypress Tree Byobu, Kano Eitoku, 1590
The Siege of Osaka Castle, 17th century.
Otani Oniji II, Toshusai Sharaku, 1794
Sudden Shower at the Atake Bridge, Hiroshige, 1856
Calligraphy of Bodhidharma, “Zen points directly to the human heart, see into your nature and become Buddha”, Hakuin Ekaku, 17th century

ويتميز هذا الفن بصورة عامة بالطابع القصصي السردي الملحمي، ذلك أن رؤية الفنان للأشياء التي تحيط به، هي مزيج لرؤيته التخيلية المتداخلة لاكتشاف أسرار ومعاني وخفايا الطبيعة التي كان يرسمها ببهرجة وإمعان كبير في التزيين ، حيث يعكس ذلك الحاجات المترفة لمحبي تلك اللوحات التي عادة ما تتميز بأناقة ألوانها وحسن انتظام بنائها.

إلا أن اليابان، التي لم تحطمها الحرب العالمية الأولى، تمتعت بفترة من الازدهار الفني بعد انتهاء الحرب مباشرة، فانتعشت الثقافة والفنون فيها، وشارك العديد من الفنانين اليابانيين في المحافل الفنية في باريس، مستفيدين من آخر تطورات الفن، ليعيدوها معهم إلى اليابان ويطوروا عليها. وقد استقبل الفنانون اليابانيون هذه الأفكار الجديدة بحماس ، وبدأت التحركات الفنية الجديدة تواجه مؤسسات الفن اليابانية التي أُنشئت من مزيج مدارس الفن الفرنسية والانطباعية، وكانت بصورة أو بأخرى تحارب مدرستي التعبيرية والفوضوية اللتين سادتا أوروبا عقب الحرب العالمية الأولى.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فن الطباعة

يعد فن الطباعة اليوم واحدا من أنواع الفنون المعاصرة ، فهو مزيج من الطباعة و النحت ، ولم يعد حكرا على قطاع مهنة الطباعة ، وقد قاد التوسع في استخدام وسيلة الطباعة إلى إحداث تطورات في تقنيات الطباعة ، جاعلا منها عملا فنيا ابتعد تماما عن مفهوم الطباعة التقليدي.

ويعود فن الطباعة في اليابان إلى التحركات الفنية التي تشكلت في أواخر العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي ، فقد ارتبطت هذه التحركات بالتيارات العالمية للفنون الحديثة ، كما كان لانهيار السوق الاقتصادية العالمية اثر كبير في عالم الفن ، لذلك فإن كثيرا من متعاطي الفن في باريس ومركز الفنون العالمي اضطروا إلى إغلاق أبوابهم.

 
Nageire-dou, Tottori ,11th century


فن العمارة

في عام 594 أمرت الامبراطورة سويكو أن تقام المعابد البوذية في طول البلاد وعرضها ، إما اعتقاداً منها بما في الدعوة البوذية من حق ، أو التماساً لما عسى أن يترتب عليها من نفع ؛ وعهد بتنفيذ هذا الأمر إلى الأمير شوتوكو ، فاستدعى من كوريا كهنة ومعماريين وناحتي الخشب وصانعي البرونز وصانعي النماذج من الطين وبنائين ومُذَهّبين وصانعي القرميد ونساجين وغير هؤلاء من مهرة الصناع ، وقد كان في استدعاء هذه الحملة الثقافية بداية تقريبية للفن في اليابان ؛ ذلك لأن "شنتو" لم يكن يرضى عن زخرفة البناء ، ولم يكن يسمح بتشويه صور الآلهة في تماثيل منحوتة ؛ أما مذ جاءت تلك البعثة الثقافية ، فقد امتلأت أرجاء البلاد بالأضرحة والتماثيل البوذية ؛ وكانت المعابد في جوهرها شبيهة بمعابد الصين. غير أنها كانت أغنى من معابد الصين زخرفاً وأرق نحتاً ؛ وترى في معابد اليابان ما تراه في معابد الصين ، من بوابات فخمة على طول المرتقى أو المدخل الذي يؤدي إلى الحرم المقدس ؛ وتزدان الجدران الخشبية بناصع الألوان ، وترتكز السقوف القرميدية - التي تسطع في ضوء الشمس - على عمد ضخمة ، ويفصل الضريح الأوسط من الأشجار المحيطة به أبنية صغرى كسلسلة من الأبراج مثلاً أو معبد من الطراز المعروف باسم "باجودا" ، وأعظم ما أبدعه أولئك الفنانون الأجانب هو مجموعة المعابد التي في "هوريوجي" ، والتي أشرف على بنائها الأمير "شوتوكو" ، وهي قائمة على مقربة من "نارا" ، وتم بناؤها عام 616.

وإنه لما يذكر حسنة من حسنات الخشب باعتباره أدوم مواد البناء بقاء ، أن أحد هذه الأبنية الخشبية قد ظل قائماً رغم ما تعاوره من زلازل لا تحصى عدداً فكان أطول عمراً من مائة ألف معبد من المعابد التي شيدت بالحجر ، وكذلك مما يذكر على سبيل الفخر للبنّائين الذين أقاموا تلك المعابد أن اليابان لم تشهد فيما بعد بناء واحداً يفوق هذا الضريح العريق في القدم من حيث جلال البساطة ، وربما كانت المعابد المقامة في "نارا" نفسها موازية في جمالها لهذا الضريح ، وهي أحدث منه بقليل ، وخصوصاً "القاعة الذهبية" التي في معبد "تودايجي" والتي بلغ التناسب في أجزائها حد الكمال ، ويقول "رالف آدمز كرام" إن "نارا" تحتوي على أنفس آيات الفن المعماري في آسيا. وبلغت العمارة في اليابان أوجها الثاني في عهد حكومة "أشيكاجا" العسكرية ؛ فقد صمم "يوشيمتسو" أن يجعل من كيوتو أجمل عاصمة على وجه الأرض ، فشيد للآلهة معبداً من طراز "ياجودا" بلغ ارتفاعه 360 قدماً ، وشيد لأمه "قصر التاكاكورا" الذي بلغت تكاليف باب واحد من أبوابه عشرين ألف قطعة من الذهب (ما يساوي مائة وخمسين ألف ريال) ، ثم شيد لنفسه "قصر الزهرة" الذي بلغت تكاليفه ما يساوي خمسة ملايين من الريالات ، وكذلك أقام لمجد الشعب كله "البهو الذهبي" في "كنكاكوجي" ؛ وأراد "هيديوشي" أيضاً أن ينافس "قبلاخان" فبنى في "مرموياما" قصر النعيم ، ولم يكد يمضي على بنائه بضع سنين حتى شاءت أهواؤه المتقلبة أن يهدمه ، ونستطيع أن نحكم بما كان لذلك القصر من فخامة ، من "بوابة اليوم كله" التي أخذت منه ليزينوا بها معبد "نيشي بنجوا" ، وإنما أطلق على البوابة هذا الاسم لأن المعجبين بها يقولون إنك قد تظل يوماً كاملاً تدقق النظر في نقشها دون أن تأتي على كل ما فيها من روعة ، وكان "كانوبيتوكو" ل"هيديوشي" بمثابة "استينوس" أو "فيدياس" ، لكنه زخرف له مبانيه بما هو أقرب إلى فخامة البندقية منه إلى الاعتدال اليوناني ، فما شهدت اليابان قط ، بل ما شهدت آسيا قبل ذاك مثل هذا الزخرف الفاخر ، وكذلك حدث في عهد "هيديوشي" أن بدئ في "حصن أوساكا" المتجهم ، حتى تشكلت صورة البناء ، وأريد بذلك الحصن أن يشرف على موقع هو في اليابان بمثابة "بترسبرج" ، وأن يكون مقبرة لولده.

وأما "أيياسو" فقد كان أميل إلى الفلسفة والأدب منه إلى الفنون ، لكن حفيده "أبيمتسو" - الذي اكتفى بكوخ من الخشب يتخذ منه قصراً لنفسه - راح ينفق بسخاء من ثروة اليابان وفنها ، ليبني حول رفات "أيياسو" في "نكو" أجمل بناء تذكاري شيد من أجل فرد واحد في أرجاء الشرق الأقصى ، ففي هذه البقعة التي تبعد عن طوكيو تسعين ميلاً ، وعلى قمة تل هادئ تبلغها بطريق مظلل مزدان بالقباب الفخمة ، في هذه البقعة بنى مهندسو العمارة الذين استخدمهم الحاكم العسكري ، سلسلة من المداخل الفسيحة المدرجة ، بنوا تلك المداخل بادئ ذي بدء ، ثم عقبوا عليها ببوابة مزخرفة لكنها رائعة ، وهي المعروفة باسم "يو - مي - مون" ، ثم أقاموا على مجرى مائي جسراً مقدساً حرام لمسه، ثم سلسلة من المقابر والمعابد أقاموها بالخشب المبطن "باللاكيه" وهي تمتاز بجمال الأنوثة وضعفها ، فالنقوش فاخرة إلى حد الإسراف والبناء نفسه ضعيف ، وترى لون الطلاء الأحمر فاقعاً حولك حيثما أدرت البصر ، كأنه مسحوق الزينة الأحمر على شفاه امرأة بالغت فيه ، تراه فاقعاً وسط أخضر الأشجار الباهتة ، ومع ذلك فلنا أن نقول إن بلداً يزدهر بالأزهار كل ربيع ، قد يكون أحوج إلى ألوان ساطعة للتعبير عن مشاعره ، من بلد أقل اضطراماً في عاطفته يقنعه ويرضيه ما هو أقل من ذلك سطوعاً.

وليس في وسعنا أن نقول إن هذه العمارة جبارة ، لأن شيطان الزلازل قد شاء لليابان أن تبنى على نطاق متواضع ، وألا تركم الحجارة بعضها فوق بعض حتى تعلوا إلى السماء ، بحيث تتقوض حطاماً حين تعبس الأرض عبوساً يغضن جلدها ؛ ومن ثم تراهم يبنون بيوتهم من الخشب ، وندر أن يرتفع البيت عن طابق واحد أو طابقين ؛ ولم يجعل أهل المدن سقوفهم من القرميد - إذا استطاعوا إلى نفقاته سبيلا - إلا بعد أن عانوا من الحرائق المتكررة ، وبعد أن أمرت الحكومة بذلك أمراً جعلت تتشدد في تنفيذه ، عندئذ فقط اضطر أهل المدن أن يغطوا بالقرميد أكواخهم أو قصورهم الخشبية. ولما تعذر على أبناء العلية أن يشمخوا بقصورهم إلى السحاب ، راحوا ينشرونها على أرض فسيحة ، على الرغم من الأمر الإمبراطوري الذي يحدد مساحة الدار الواحدة بمائتين وأربعين ياردة مربعة ؛ ويندر أن يكون القصر بناء واحداً ، بل كان القصر في العادة يتألف من بناء رئيسي متصل بوساطة مماش مسقوفة بأبنية فرعية تعد لمختلف فروع الأسرة ؛ ولم يكن من عاداتهم أن يخصصوا غرفة للطعام وغرفة للجلوس وغرفة للنوم ، فالغرفة الواحدة تستخدم لكل الأغراض ؛ فإذا شاءوا طعاماً فما هي إلا لحظة واحدة ، حتى ترى المائدة قد مدت على أرضية الغرفة المغطاة بالحصير ، وإن أرادوا نوماً ، فما عليهم إلا أن يمدوا فراش النوم المطوية ، فيخرجوها من مخبئها وينشروها على الأرض مدة الليل ؛ والجدران قوامها أجزاء تتداخل ، أو تزال من مواضعها ، وبذلك يمكنهم فصل الحجرات بعضها عن بعض أو فتح بعضها على بعض ، بل إن الحائط الخارجي نفسه - بما فيه من شبابيك ونوافذ ، يمكن طيه بسهولة ليمكنوا أشعة الشمس من الدخول كاملة ، ولنسيم المساء البارد من التغلغل في ديارهم ؛ وهم يضمون في منازلهم أستاراً جميلة من فلقات الخيزران ، فتكسبهم تلك الأستار ظلاً وستراً في آن معاً ؛ والنوافذ هناك من علامات الترف ، إذ ترى بيوت الفقراء ذات فتحات كثيرة تُترك على حالها في الصيف ليدخل الضوء ، حتى إذا ما جاء الشتاء سدوها بصنف من الورق المشمع ليتقوا برد الشتاء ، إن نظرة إلى فن العمارة في اليابان تدلك على أن تلك العمارة ولدت في بلاد حارة ، ثم نقلت في غير حذر إلى جزر تمتد بأعناقها شمالاً حتى تصل إلى كامشتكا التي ترتعش من شدة البرد وهذه المنازل البسيطة الرقيقة إذا ما شهدتها في المدن الجنوبية ألفيت لها أسلوباً معمارياً وجمالاً خاصاً يميزها ، وهي هناك مساكن ملائمة لشعب كان يوماً من أبناء الشمس الذين تملؤهم نشوة المرح.


المعادن والتماثيل

كان سيف الرجل من طائفة الساموراي "السيافين" أصلب عوداً من مسكنه ؛ لأن صناع المعادن في اليابان بذلوا جهدهم كله في صناعة أسياف تفوق أسياف دمشق و طليطلة ، فقد كانوا يصنعونها من المضاء بحيث تكفي ضربة واحدة منها لشق الرجل من كتفه إلى فخذه ؛ وكذلك كانوا يزخرفونها بالمقابض والمدلَّيات التي يسرفون في تزيينها ، أو في ترصيعها بالجواهر ، إسرافاً لم يجعلها دائماً صالحة للنقل ؛ ومن صناع المعادن من كانوا يختصون بصناعة المرايا من البرونز ، يصقلونها صقلاً أثار خيال أصحاب الأساطير ، بحيث راحوا يروون أساطيرهم إعجاباً بما بلغته تلك المرايا من كمال ؛ من ذلك مثلاً أن فلاحاً اشترى مرآة لأول مرة ، ونظر إليها فظن أنه يرى فيها وجه أبيه الميت ، فأخفاها على أنها كنز ثمين ؛ لكنه كان يتسلل إليها فارتابت زوجته في أمره ، وأخرجت المرآة يوماً من مكمنها ، فما كان أشد فزعها حين رأت امرأة في مثل سنها ، ورجحت أن تكون تلك المرأة خليلة زوجها ؛ ومن هؤلاء الصناع من افتنَّ في صناعة الأجراس الضخمة ، مثل ذلك الجرس العظيم في نارا (732 ميلادية) الذي تبلغ زنته تسعة وأربعين طناً ، وكانوا يستخرجون من تلك الأجراس أنغامها الحلوة - أحلى من الأصوات التي تنبعث من مصفقاتنا المعدنية في الغرب - بطرقها بلسان من خارجها ، يهزونه بوساطة عمود خشبي متأرجح.

وكان النحاتون أميل إلى استخدام الخشب أو المعدن منهم إلى استخدام الحجر ، لفقر بلادهم في الجرانيت و المرمر ؛ ومع ذلك فعلى الرغم من صعوبات المادة كلها ؛ استطاعوا أن يفوقوا معلميهم من أهل الصين و كوريا ، في هذا الفن الذي هو أوضح فن في تحديد معالمه - فسائر الفنون كلها تحاول في خفاء أن تحاكي ما يفعله النحات صابراً حين يزيل ما لا يجوز بقاؤه من مادته ، وأقدم آية في فن النحت الياباني تقريباً وربما كانت كذلك أعظم آيات اليابان في ذلك الفن - هي "ثالوث هوريوجي" البرونزي- وقوامه بوذا جالساً على برعم من براعم اللوتس بين بوذيْن منتظَرَيْن ، أمام ستار وهالة من البرونز ، لا يفوقهما جمالاً إلا الوشي الحجري الذي نراه على ستار "أورنجزيب" في "تاج محل" ؛ ولسنا ندري من ذا أبدعت يداه هذه المعابد فأقامها ، وتلك التماثيل فنحتها ؛ ولنا أن نقول إنها من إرشاد معلمين كوريين ، أو أنها اقتفت نماذج من الصين ؛ أو أنها تعزى إلى حوافز من الهند ، بل لنا أن نقول إنها متأثرة بمؤثرات يونانية جاءتها من أيونيا البعيدة عبر ألف من السنين ؛ لكن الذي لا نشك فيه هو أن هذا الثالوث آية من أبدع آيات الفن في تاريخه كله.

ويجوز أن يكون قِصَر قامة اليابانيين ، بحيث توشك أجسامهم أن تنوء بحمل مطامحهم وقدراتهم الروحية ، هو الذي جعلهم يلتمسون المتعة في إقامة التماثيل الضخمة ؛ وقد وفقوا في هذا الفن المحفوف بمواضع الزلل ، أكثر مما وفق المصريون أنفسهم ؛ فلما فشا الجدري في اليابان سنة 747 ، كلف الإمبراطور "شومو" "كيميمارو" أن يصوغ تمثالاً ضخماً لبوذا استرضاء للآلهة ؛ فاستخدم "كيميمارو" لهذه الغاية أربعمائة وسبعة وثلاثين طناً من البرونز ، ومائتين وثمانية وثمانين رطلاً من الذهب ، ومائة وخمسة وستين رطلاً من الزئبق ، وسبعة أطنان من الشمع النباتي ، وعدة أطنان من الفحم ، وقد تطلب هذا العمل عامين ، واقتضى سبع محاولات ؛ فصب الرأس في قالب واحد ، أما البدن فكان مؤلفاً من رقائق معدنية كثيرة لصق بعضها ببعض ، ثـم غطيت بغشـاء سميك مـن الذهب ؛ وإن الأجنبي عـن اليابان ليعجب لتمثال بوذا "وايبوستو" القائم في "كاماكورا" ، أكثر مما يعجب لذلك التمثال الكئيب العابس في "نارا" و تمثال وايبوستو هذا مصبوب من البرونز تم صنعه سنة 1252 على يدي "أونوجرينمون" ، ولعل ما يجعل حجم هذا التمثال مناسباً للغاية منه ، كونه جالساً على مرتفع في الفضاء المكشوف ، محوطاً بمنظر جميل من الشجر ، فضلاً عن أن الفنان هنا قد عبر ببساطة تدعو إلى العجب ، عن روح بوذا في تأمله وسكينته ؛ وكان هذا التمثال بادئ الأمر قائماً في معبد - كما هي الحال اليوم في التمثال القائم في "نارا" - لكن حدث في سنة 1495 أن اجتاحت المكان موجة من البحر ، فاكتسحت المعبد والمدينة جميعاً ، تاركة فيلسوفنا البرونزي هادئاً وسط هذا الخراب الشامل ، وما ملأ الأرض حوله من عذاب وموت ، كذلك شيد "هيديوشي" تمثالاً ضخماً في كيوتو ، ولبث خمسون ألف رجل يعملون مدى خمسة أعوام في إقامة هذا التمثال لبوذا ؛ بل كان الحاكم العظيم نفسه يتلفع أحياناً بثوب عامل بسيط ، ويعاون العاملين في إقامة التمثال معاونة كبرى ؛ لكنه لم يكد يتم بناؤه ، حتى زلزلت الأرض سنة 1596 فألقت به على الأرض هشيماً ، ونثرت حطام جزئه الداخلي الذي كان مفروضاً أن يكون حرماً وموئلاً ، نثرتها حول رأسه ؛ ويروى في اليابان أن "هيديوشي" رمى الصنم المحطم بسهم قائلاً في ازدراء: "لقد أقمتك هاهنا بباهظ النفقات ، فلم تستطع حتى حماية معبدك".

في هذا المدى الذي يتفاوت فيه الحجم: من أمثال هذه التماثيل الضخمة إلى المدليات (النتسوكا) الصغيرة ، تناول النحت الياباني كل ضروب الأشكال في شتى ضروب الأحجام: فأحياناً ترى سادة هذا الفن - مثل "تاكامورا" في يومنا هذا - ينفقون أعواماً من العمل المتصل في صناعة تماثيل لا تكاد تبلغ قدماً واحدة في طولها ؛ وكان يمتعهم أن يصوروا بتماثيلهم تلك كهولاً في الثمانين التَوَت أبدانهم ؛ أو شرهين يمرحون في الشره ، أو كهنة متفلسفين ؛ وإنه لمن الخير أن نرى روح الفكاهة في عملهم قد شجعهم على المضي في فنهم ، لأن معظم الكسب الذي كانت تدره صناعتهم ، كان يستولي عليه مستخدموهم الدهاة ؛ وكانوا في تماثيلهم الكبيرة مقيدين بتقاليد خاصة بموضوع التمثال ، أو بطريقة أدائه ، مما يفرضه عليهم الكهنة ؛ فالكهنة إنما أرادوا من هؤلاء النحاتين أن يصوروا لهم آلهة لا نساء فاجرات، أرادوا أن يوحوا إلى الناس بالتقوى ، أو أن يحيطوا فضائلهم بعوامل الخوف لا أن يستثيروا في الناس إحساسهم بالغبطة والجمال ، ولما كان النحاتون مرتبطين يداً وروحاً بالدين فقد تدهور فن النحت حين بردت حرارة الإيمان وذهبت قوته ؛ وكما حدث في مصر من قبل ، رأينا أنه لما غاض معين التقوى ، بقيت صلابة التقاليد في الفن دليلاً على برودة الموت.

 
Ming Style Celadon Kyoto Ware 1800s

الخزف

إنه ليس من العدل التام بالنسبة إلى اليابان ، أن نتحدث عن استجلابها لمدينتها من كوريا والصين ، إلا بالمعنى الذي نقصده من مثل هذا الكلام حين نقول عن شمالي غربي أوربا إنه أخذ مدينته عن اليونان و روما ؛ هذا إلى أنه يجوز لنا أن نعد شعوب الشرق الأقصى كلها وحدة بشرية وثقافية ، وكل جزء من أجزاء هذه الوحدة - شأنها في ذلك شأن أقاليم القطر الواحد - قد أنتج فنه وثقافته في مكانه الخاص وزمانه الخاص ، بحيث جاءت تلك الثقافة وذلك الفن يشبهان ويعتمدان على ما أنتجته بقية الأجزاء من ثقافة وفن ؛ وعلى هذا نرى الخزف الياباني جزءاً من الفن الخزفي في الشرق الأقصى ، ووجهاً من وجوهه ؛ وهو في أساسه شبيه الخزف الصيني ، إلا أنه مطبوع بطابع يميزه من الرقة والرشاقة اللتين تميزان الفن الياباني كله ؛ وقد كان الخزف الياباني - حتى قدوم الصناع الكوريين في القرن السابع - مجرد صناعة خالية من لمسة الفن ، أعني أنه كان لا يعدو أن تصب المادة صباً على نحو غليظ لتكون آنية للاستعمال اليومي ؛ والأرجح أنه لم يكن في الشرق الأقصى قبل القرن الثامن خزف مصقول ، وأكثر من هذا ترجيحاً أنه لم يكن به نوع الخزف المسمى "بورسلان" ، ثم أصبحت الصناعة فناً ، وكان أكبر العوامل على هذا التطور دخول الشاي في القرن الثالث عشر ؛ فقد صحب الشاي عند دخوله البلاد أقداح صينية لشربه من طراز "صنج" فأثارت الإعجاب عند أهل اليابان ؛ حتى غامر خزاف ياباني سنة 1223 وهو "كاتوشيروزيمون" ، فسافر إلى الصين ، ودرس هناك فن الخزف مدى ستة أعوام ، وعاد بعدها ليقيم مصنعاً له في سيتو ، وتفوق بضاعته على كل ما سبقه في بلاده من هذه الصناعة ، حتى أصبحت "منتجات سيتو" علماً على كل صناعة خزفية في اليابان كلها ، وذلك شبيه بما حدث في اللغة الإنجليزية في القرن السابع عشر ، حين أطلقت كلمة "منتجات صينية" على الخزف البورسلاني ؛ وقد كتب الحاكم العسكري "يوريتومو" الثراء لذلك الخزاف "شيروزيمون" حين ابتدع بدعاً جديداً ، وهو أن يكافئ الخدمات الصغرى بهدايا من أباريق الشاي التي "صنعها شيروزيمون" ، هذا بعد أن يملأها بهذه الأعجوبة الجديدة ، وهي مسحوق الشاي ، وما بقي لنا اليوم من آثار هذه المنتجات - ويطلق عليها اسم "توشيرو - ياكي" - يكاد يغلو عن أي ثمن مهما غلا ، وترى تلك الآثار باقية ملفوفة في الحرير الموشي الثمين ، ومصونة في صناديق من خشب "اللاكيه" الجميل ، وإذا حدثك محدث عن أصحابها ، حدثك عنهم بأنفاس متقطعة على أنهم سادة خبراء الفن.

وبعد ذلك بثلاثمائة عام ، أغرت الصين يابانياً آخر بالرحلة إليها ، وهو "شونْزِوِي" ليدرس مخازفها المشهورة ؛ ولما عاد إلى بلاده ، أنشأ مصنعاً في "أريتا" في إقليم "هيزن" ، وكان مما قام في وجهه من صعاب ، أنه لم يجد في تربة بلاده المواد المعدنية التي تعين على صناعة الخزف الرقيق ، كالتي توجد في تربة الصين ؛ وقد قيل عن منتجاته إن عنصراً من أهم عناصرها مستمد من عظام صُنَّاعه ، ومهما يكن من أمر ، فمنتجات "شونزِوِي" ذات اللون الأزرق الإسلامي قد بلغت من الروعة حداً أغرى خزافي الصين في القرن الثامن عشر أن يبذلوا وسعهم في تقليدها وتصديرها مُزَوَّدة باسمه ، والعينات الباقية من صناعته ، تقـدر اليــوم بما يقـدر به أندر الصـور الفنية التي رسمتها ريشة الصفوة من أعلام الفن في اليابان ، وحدث حوالي سنة 1905 ، أن كشف رجل من كوريا - هو "رايزمبي" - في "إزومي - ياما" الواقعة في إقليم "أريتا" عن رواسب غزيرة من حجر البورسلان ، فأصبحت "هيزن" منذ ذلك الحين مركزاً لصناعة الخزف في اليابان، وكذلك كان "كاكيمون" المشهور ممن قاموا بهذه الصناعة في "أريتا" إذ تعلم فن الطلاء بالميناء من ربان سفينة صينية ، وبعدئذ احترف هذه الصناعة حتى كاد اسمه يصبح كلمة معناها البورسلان الذي طلى بالميناء طلاء رقيق الزخارف ، وراح التجار الهولنديون يرسلون إلى أوربا مقادير هائلة من مصنوعات هيزن ، كانوا يعبئونها في السفن من ميناء "أريتا" عند "عماري" ، فأرسلوا من ذلك 943ر44 قطعة إلى هولندا وحدها عام 1664 ، فأثارت "المنتجات العمارية" الباهرة هزة في أوربا ، وأوحت إلى "إيبرجت دي قيصر" أن يفتتح عهداً ذهبياً من صناعة الخزف الهولندية بمصانعه في "دلفت". هذا إلى أن ظهور الاحتفال بشرب الشاي ، قد حفز على تطور جديد في اليابان ، وذلك أنه في عام 1578 كلَّف "نوبوجانا" - بإشارة من "ركْيُو" سيد الشاي - أسرة كورية من المشتغلين بصناعة الخزف في كيوتو ، أن تصنع له مقداراً كبيراً من أقداح الشاي وغيرها من الأدوات المستعملة في عمله وشربه ، ومضت أعوام قلائل بعد ذلك ثم أهدى "هيديوشي" تلك الأسرة خاتماً ذهبياً ، وجعل مصنوعاتها وتعرف باسم "راكو - ياكي" شرطاً يكاد يكون لازماً لتمام الاحتفال بشرب الشاي ، وعاد قادة جيش هيديوشي من حملتهم الفاشلة على كوريا ، عادوا ومعهم عدد كبير من الأسرى ، كان بينهم كثير من رجال الفن ، اختيروا قصداً ، وهو اختيار لا نألفه في رجال الحروب ، وفي سنة 1596 أحضر "شيمازويو شيهيرو" إلى "ساتسوما" مائة من مهرة الكوريين ، بينهم سبعة عشر خزَّافاً ، فكان لهؤلاء الرجال وأخلاقهم الفضل في نشر سمعة "ساتسوما" في أرجاء العالم كله مقرونة بتلك المصنوعات الخزفية المصقولة الزاهرة الألوان ، والتي نطلق عليها اليوم اسم مدينة إيطالية ، إذ نسميها "فاينْس" ، وكان علم أعلام هذا الفرع من فن الخزف هو خزف كيوتو ، واسمه "نِنسي" ، ولم يكتف هذا الرجل بابتكاره بطلي خزف "فاينس" بالميناء ، بل أضاف إلى ذلك رشاقة في مصنوعاته واعتدالاً سليم الذوق يعلو بقيمتها ، مما جعلها نفيسة في أعين هواة هذا الفن منذ ذلك اليوم ، حتى إن اسمه ليزوَّر أكثر مما يزور أي اسم آخر من رجال الفن في اليابان ، وقد كان من أثر صناعته ، أن أقبل الناس على خزف "فاينس" المزخرف ، إقبالاً بلغ في العاصمة حد الجنون ، وفي بعض الأحيان في كيوتو كنت ترى منزلاً من كل منزلين قد انقلب تحفة خزفية ؛ وهناك خزاف آخر ، لا يفوقه شهرة إلا "نِنسى" وهو "كِنزان" الذي كان شقيقاً أكبر للمصور "كورين".

وهنالك قصة تروي عن كيفية إحضار "جوتوسايجيرو" لفن البورسلان من "هيزن" إلى "كاجا" ، ومن تلك القصة نتبين طرفاً من أعاجيب الخيال التي كثيراً ما نراها كامنة وراء فن الخزف في نشأته وتطوره ، وذلك أن طبقة من رواسب الحجر الخزفي الجميل قد استُكشفت قريباً من قرية "كوتاني" ، فصمم الحاكم الإقطاعي في ذلك الإقليم على إنشاء صناعة البورسلان في إقليمه ، وأرسل جوتو إلى هيزن لدراسة طرائق صناعته في الأفران وزخرفته بالرسوم ، لكن جوتو لم يجد طريقه ميسَّراً ، إذ وجد القائمين على صناعة الخزف يكتمون أسرار صناعتهم كتماناً شديداً ، وأخيراً تنكر خادماً وقبل عملاً وضيعاً في منزل خزاف ، وبعد أن قضى في خدمته ثلاثة أعوام أذن له سيده بالدخول في مصنع الخزف ، وهناك لبث جوتو يعمل أربعة أعوام أخرى ؛ وبعدئذ هجر الزوجة التي كان تزوج بها في هيزن والأطفال الذين أنجبتهم له تلك الزوجة ، وفر إلى كاجا ، حيث أحاط مولاه علماً كاملاً بالطرائق التي تعلمها ، ومنذ ذلك الحين (1664) أصبح خزافو "كوتاني" أعلاماً في هذا الفن ، وباتت "كوتاني" - "ياكا" (أي مصنوعات كوتاني) تنافس خيرة منتجات اليابان في هذا الباب.

واحتفظت مصانع "هيزن" لمنتجات الخزف بزعامتها إبان القرن الثامن عشر كله ؛ وكان ذلك يرجع إلى حد كبير إلى العناية الكريمة التي أولاها الحاكم الإقطاعي "هيرادو" عمال مصانعه ، ولبثت مصنوعات الخزف الأزرق المسماة "منشاواكي" والتي كانت تنتمي لـ "هيرادو" ، لبثت قرناً كاملاً (1750-1843) في طليعة البورسلان الياباني ، ثم نَقَلَ "زنجورو هوزن" الزعامة في القرن التاسع عشر إلى كيوتو ، بتقليد بارع لمصنوعات "متشاواكي" ، كثيراً ما بز فيها النموذج المحتذي ، بحيث كان يستحيل أحياناً أن تفرق بين الأصل والتقليد ، وفي الربع الأخير من ذلك القرن ، هذبت اليابان من صناعة الطلي بالميناء ، فطوَّرتها من الحالة البدائية التي كانت عليها منذ قدومها من الصين ، وتزعمت العالم كله في هذا الميدان من ميادين الصناعة الخزفية ، وتدهورت فروع أخرى من تلك الصناعة في الفترة عينها ، لأن ازدياد الطلب في أوربا للخزف الياباني ، أدى إلى نمط فيه إسراف في الزخرف ، لا يستسيغه الذوق الياباني ، فكان من أثر هذا الطلب للخزف الياباني من خارج البلاد ، أثر في تعويد العمال عادات جديدة في صناعتهم تأثرت بها مهارتهم ، وضعفت تقاليد ذلك الفن ، وجاءت الصناعة الآلية فكانت هاهنا - كما كانت في كل مكان آخر - وبالاً ؛ فحل الإنتاج الكبير محل الجودة ، كما حل الاستهلاك الكبير محل الذوق الذي يميز الطيب من الخبيث ، ومن يدري؟ فلعله بعد أن يفرغ الاختراع الآلي في الصناعة من شوطه الخصيب ، وبعد أن تنتشر في الناس نعمة الفراغ وطريقة استعماله استعمالاً فيه خلق وإبداع، بفضل ما يطرأ على المجتمع من تنظيم وخبرة، ستتحول هذه النقمة إلى نعمة ، بحيث تنشر الصناعة في أكثرية الناس ألوان الترف ، فقد يعود العامل فيصبح فناناً كما كان - بعد أن يستكمل ساعات عمله القليلة أمام الآلة - وقد يحول الإنتاج الآلي إلى عمل يعبر فيه عن شخصيته وفنه إذا ما أحبه حباً صادراً من صميم نفسه وفرديته.

 
لوحة البحيره من رسم كورودا سيكي ، 1897 ، رسم بألوان الزيت على القماش ، القاعه التذكاريه ، طوكيو


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التصوير

إن آيات التصوير الياباني نتاج فترة من الزمن طولها ألف ومائتا عام ، تتقسمها كثرة متشابكة الخيوط من مختلف المدارس؛ وقد طرأ على تلك الآيات الفساد أو الضياع على مر الزمن ، وتكاد كلها تكون خبيثة بين المجموعات الخاصة في اليابان. وأما الآيات القليلة المعروضة لأعين الباحثين من الأجانب ، فمختلفة في قالبها وطريقتها وأسلوبها ومادتها عن الصور الغربية اختلافاً ، يستحيل معه إصدار حكم سليم عليها من عقل غربي. فالصور اليابانية - قبل كل شيء تشبه نماذجها في الصين من حيث إنها رُسمت أول ما رسمت بنفس الفرجون الذي كان يستخدم للكتابة ؛ والكلمة التي معناها كتابة ، والأخرى التي معناها تصوير ، هما في الأصل كلمة واحدة - كما هي الحال أيضاً عند اليونان ، فالتصوير كان عبارة عن فن خطي ؛ وهذه الحقيقة الأساسية قد تفرع عنها نصف خصائص التصوير في الشرق الأقصى ، بادئاً من المادة المستعملة في التصوير ، ومنتهياً إلى إخضاع اللون للتخطيط ، فالمواد المستعملة بسيطة: مداد أو ألوان مائية ، و فرجون وورق نشاف أو حرير نشاف ، وأما العمل نفسه فعسير: فالفنان لا يعمل وهو واقف ، بل يعمل جاثياً على ركبتيه ، منحنياً على قطعة الحرير أو قطعة الورق المنشورة على الأرض ؛ ولابد له من ضبط يده في التخطيط بالفرجون ، حتى يستطيع أن يخط إحدى وسبعين درجة أو أسلوباً من درجات التخطيط أو أساليبه ؛ وكانت الرسوم ترسم على الجدران في القرون الأولى ، أيام أن كانت البوذية مسيطرة على الفن في اليابان ، على نحو ما كانت ترسم الصور الجدارية في "أجانتا" أو "تركستان" ؛ غير أن كل ما بقي لدينا تقريباً من أعمال فنية واسعة الشهرة إما أن تكون من نوع الـ "ماكيمونو" (أي اللفائف) أو نوع الـ "كاكيمونو" (أي التعاليق) أو من نوع الستائر ، ولم تكن هذه الصورة ترسم لتعرض في متاحف الفن عرضاً يخلو من استساغة المشاهدين لفنها - إذ ليس في اليابان متاحف للفن - إنما كانت ترسم لتكون متعة لناظري مقتنيها وأنظار أصدقائه ؛ أو كانت تُرسم لتكون جزءاً من زينة زخرفية في معبد أو قصر أو منزل ؛ وكان من النادر جداً أن تصور تلك الرسوم أشخاصاً معينين ، إذ كان معظمها يصور لمحات من الطبيعة ، أو مشاهد من النشاط العسكري ، أو قبسات فكهة أو تهكمية تصور ما يشاهده الفنان من طرائق العيش عند الحيوان أو بني الإنسان نساء ورجالاً. كانت صورهم أقرب إلى أن تكون قصائد تعبر عن وجدان الفنان ، منها إلى أن تكون رسماً لأشياء ؛ كما كانت أدنى شبهاً بالفلسفة منها بالتصوير الفوتوغرافي ؛ فلم يحاول الفنان الياباني أن يلتزم الواقع في تصويره ، وقلما أراد أن يقلد برسمه الصورة الخارجية للشيء المرسوم ، فقد نفض يديه ، في ازدراء من ظلال الأشياء، على اعتبار أنها لا تتصل بجواهر الأشياء ، مؤثراً لنفسه أن يصور "في الهواء الطلق" بمعنى أنه لا يتقيد بتجسيم الشيء بوساطة تأثير النور والظل ، وهو يبتسم ساخراً بالغربيين في إصرارهم على أن يخضعوا الأشياء البعيدة لقواعد النظر في رؤيته للأشياء على أبعاد، بحيث تصغر تبعاً لذلك أو تكبر، يقول "هوكاساي" - في تسامح فلسفي - "إن التصوير الياباني يمثل القالب واللون بغض النظر عن التجسيم.

أما طرائق الأوربيين فتهدف إلى التجسيم والإيهام" ؛ أراد الفنان الياباني أن ينقل شعوراً أكثر مما ينقل شيئاً ، أراد أن يوحي أكثر مما يعرض الشيء بأكمله كما هو ، ففي رأيه لا يلزم أن تبين من عناصر المنظر المرسوم أكثر من عدد قليل ، فالأمر هنا في التصوير كالأمر في الشعر الياباني ، الذي لا يسمح بالزيادة في القول عن مجرد القدر الذي يكفي لإثارة وجدان التقدير الفني في السامع ، بحيث يعمل خياله إعمالاً يكمل به النتيجة الجمالية المراد بلوغها ، وكان المصور شاعراً ، يقدر إيقاع التخطيط ، ويقدر موسيقى القوالب ، أكثر جداً مما يقدر أشكال الأشياء وطرائق بنائها التي تختار اختياراً كما اتفق ، وهو كالشاعر يعتقد أنه لو أخلص لمشاعره ، فحسبه هذا القدر من الواقعية.

ويحتمل أن تكون كوريا هي التي جاءت بفن التصوير للإمبراطورية القلقة التي تم لها عندئذ غزوها ، وأغلب الظن أن بعض رجال الفن من كوريا هم الذين رسموا الصور الجدارية ذات الانسياب في خطوطها والازدهار في ألوانها التي تراها في "معبد هوريوجي" ، لأنك لا تجد شيئاً في تاريخ اليابان فيما قبل القرن السابع ، تفسر به مثل هذا الإنتاج القومي المفاجئ الذي بلغ فيه كمال الفن روعة لا يعيبها خطأ ، ثم جاءها الحافز الثاني من الصين مباشرة ، حين ذهب إليها الكاهنان اليابانيان "كوبودايشي" و "دنجيودايشي" ليدرسا فيها فن التصوير ، فلما عاد "كوبودايشي" (سنة 806) إلى اليابان ، كرس نفسه للتصوير وللنحت وللأدب والعبادة في آن معاً ، وبعض الآيات التي تعد من أقدم الآيات الفنية ، هي من نتاج فرجونه المتعدد المواهب؛ وكانت البوذية أيضاً مصدر وحي للفنان في اليابان كما كانت مصدر حي له في الصين ، فممارسة الحالة التأملية البوذية المعروفة باسم "زن" قد اتجهت ناحية الإبداع في ناحيتي اللون والشكل ، بقوة تكاد تقرب من القوة التي اتجهت بها نحو الفلسفة والشعر ؛ وكثرت مناظر "اميدا بوذا" في الفن الياباني كثرة مناظر البشرى بمولد المسيح ومناظر صَلْبه على الجدران واللوحات التي ترجع إلى عهد النهضة الأوربية ؛ والكاهن "ييشين سوزو" (مات سنة 1017) هو لليابان بمثابة "فرا إنجليكو" و "إلى جريكو" لذلك العصر ، فتصويره لصعود "أميدا" وهبوطه جعله أعظم مصور ديني في تاريخ اليابان ؛ وكان عندئذ "كوسي نو - كا نوكا" (حوالي 950) قد بدأ في جعل التصوير الياباني علماني الصبغة ؛ وهاهنا بدأت الطيور والزهور والحيوان تنافس الآلهة والأولياء على لوحات التصوير. غير أن فرجون "كوسي" كان ما يزال يتحرك على أساس القواعد الصينية ويفكر بعقول أهل الفن في الصين ؛ ولم تبدأ اليابان في قرونها الخمسة التي اعتزلت بنفسها فيها وأخذت خلالها تصور مناظرها هي ، وموضوعاتها هي ، بطريقتها الخاصة ، إلا حين وقفت علاقات الاتصال بين اليابان والصين في القرن التاسع ؛ ونشأت مدرسة قومية لفن التصوير حوالي سنة 1150 ، تحت رعاية الدوائر الإمبراطورية والأرستقراطية في كيوتو ؛ وأعلنت تلك المدرسة سخطها على ما يرد إلى البلاد من الخارج ، من حوافز وأساليب في عالم الفن ، وأخذت على نفسها أن تزخرف منازل العاصمة الفاخرة ، برسوم زهور اليابان ومناظرها الطبيعية ، وكان لهذه المدرسة عدة أسماء ، كما كان لها عدة أعلام بارزين ، فيطلق عليها "ياماتو- ريو" أو الأسلوب الياباني ، و "واجا - ريو" ومعناها كذلك الأسلوب الياباني ، و "كاسوجا" باسم مؤسسها المشهور ، وأخيراً يطلق عليها "مدرسة توسا" باسم أهم ممثل لها في القرن الثالث عشر، وهو "توسا جون - نو - كومي)؛ ومنذ ذلك الحين ، ظل اسم "توسا" يطلق على كل رجال الفن الذين ينتمون إلى تلك المدرسة، وهي مدرسة جديدة بوصفها بالصفة القومية، لأنك لا تجد في الفن الصيني ما يقابل مما أنتجته فراجين أتباع هذه المدرسة من حيث القوة والثبات والتنوع والفكاهة ، مما تراه في اللوحات التي تقص قصصاً عن الحب والحرب ، فحوالي سنة 1010 رسم "تاكايوشي" بالألوان رسوماً فخمة تصور حكاية "گنجي" وما فيها من غواية ، وسرى "توبا سوجو" عن نفسه برسم صور تهكمية نابضة بالحياة ، يسخر فيها من أوغاد عصره وكهنته ، تحت ستار من القردة والضفادع ، ولما وجد "فوجيوارا تاكانوبو" قرب نهاية القرن الثاني عشر ، أن حسبه الشريف لا يغنيه شيئاً مذكوراً في إشباع حاجته من الطعام والشراب ، استدار للفرجون يكسب به عيشه ، ورسم صوراً عظيمة لـ "يورنيومو" وغيره ، لا تشبه في شيء قط ما أنتجته الصين حتى ذلك الحين ، وصور ابنه "فوجيوارا نوبوزاني" ستاً وثلاثين صورة للشعراء ، محتملاً ما في ذلك العمل من صبر ، وفي القرن الثالث عشر رسم ابن "كاسوجا" وهو "كيون" - أو غيره.

تلك اللوحات الحية التي تعد من أروع ما أنتجه العالم كله في فن التصوير. لكن هذه المصادر القومية التي كانت تبعث الوحي ، راحت تجف شيئاً فشيئاً ، بحيث تتحول إلى أوضاع تقليدية في الأشكال والأساليب ، وعاد الفن الياباني من جديد فالتمس غذاءه عند المدارس الجديدة التي كانت ناهضة في الصين أيام "نهضة صنج" ، ولبث اليابانيون حيناً مدفوعين إلى تقليد الصين بغير ضابط ، وأنفق الفنانون اليابانيون الذين لم يشهدوا "المملكة الوسطى" قط ، أنفقوا أعمارهم في رسم أشخاص ومناظر من الصين ، فرسم "شو دنو" ست عشرة صورة لأولياء بوذيين ، هي الآن بين الكنوز المعروضة في "متحف فرير"للفن في واشنطن ، وأما "شوبون" فقد شاءت له ظروفه أن يولد وأن ينشأ في الصين ، فلما جاء ليقضي حياته في اليابان ، استطاع أن يصور مناظر طبيعية صينية مستعيناً في ذلك بذاكرته وبخياله معاً.

وكانت هذه الفترة الثانية من فترات التصوير الياباني ، هي الفترة التي أنجبت أعظم شخصية ظهرت في تاريخ التصوير كله ، وهو "سشيو" ، الذي كان كاهناً من طائفة "زن" في "سوكوكوجي" ، وهي مدرسة من المدارس الفنية الكثيرة التي أقامها "يوشيمتسوا" الحاكم العسكري من أسرة "أشيكاجا" ؛ فقد استطاع "سشيو" هذا وهو لم يزل في يفاعته أن يدهش بني بلده برسومه ؛ وتروي عنه أسطورة لم تدر كيف تعبّر عن إجلالها لفنه ، تروي أنه ربط ذات يوم إلى عمود لسوء سلوكه ، فرسم بأصابع قدميه جرذاناً بلغ شبهها بالجرذان الحية حداً جعل الحياة تدب فيها فتأتي لتقرض الوثاق الذي شد به ، ولما اشتد به الشوق إلى الاتصال بسادة الفن في الصين حينئذ اتصالاً مباشراً ، حصل على أوراق اعتماد رسمية من رؤسائه الدينيين ومن الحاكم العسكري ، ثم عبر البحر ، لكن رجاءه خاب حين وجد التصوير الصيني في طريقه إلى التدهور ، ثم عزى نفسه بما وجده في تلك المملكة العظيمة من تنوع في الحياة والثقافة ، وعاد إلى وطنه مملوءاً بآلاف الأفكار الجديدة التي توحي إليه بما ينبغي أن يفعله ؛ وتروي الرواية أن رجال الفن ورجال الطبقة العليا من أهل الصين ، صحبوه إلى السفينة التي أعادته إلى بلاده ، وأمطروه بورقات بيض ملتمسين منه أن يرسم فيها رسوماً تخطيطية بسيطة - إن لم يَجُدْ عليهم بأكثر من ذلك - ثم يرسلها إليهم ؛ ومن ثم - هكذا تقول هذه الرواية - سمي باسمه الرمزي "سشيو" ، الذي معناه "سفينة الثلج" ، لأن الورقات البيض تساقطت عليه كما يتساقط الثلج ، والظاهر أنه لما بلغ اليابان استقبله الناس هناك استقبالهم لأمير ، ومنحه الحاكم العسكري "يوشيماسا" منحاً كثيرة ، لكنه رفض هذه المنح كلها - لو أخذنا بما نقرأه عن الأمر - وعاد فأوى إلى أبراشيته الريفية في "شوشو" وهناك راح ينثر الفن نثراً ، واحدة في إثر واحدة ، كأنما ينتج في كل لحظة نتاجاً تافهاً عابراً أوحت به ظروف اللحظة الراهنة ، حتى كاد يخلّد بصوره كل جوانب الصين في مناظرها وحياتها ؛ فقلما رأت الصين مثل هذا التنوع كله في موضوعات التصوير عند الفنان الواحد - ولم تر اليابان مثل ذلك قط في تاريخها - كلا ولا رأت مثل هذه القوة في التصور والتصوير معاً ، وفي ثبات الخطوط؛ ولما بلغ الشيخوخة ، دقَّ رجال الفن في اليابان طريقاً إلى بابه وكرموه فجعلوه - حتى قبل موته - فناناً في طليعة الركب ؛ وإن الصورة بريشة "سشيو" لتقدر اليوم عند هواة الصور من اليابانيين ، بمثل ما يقدر به هواة الأوربيين صورة بريشة ليوناردو ؛ وتروي أسطورة من تلك الأساطير التي تحول الأفكار الغريبة إلى حكايات لطيفة ، أن رجلاً كان يملك صورة من رسم "سشيو" ثم اشتعلت النار بمنزله بحيث كان يستحيل عليه النجاة ، فبقر بطنه بقراً بسيفه ودسّ في معدته قماشة الصورة النفيسة - ووجدت الصورة بعدئذ سليمة من التلف داخل جثمانه الذي كانت النار قد أكلته إلى نصفه.

واستمر ازدياد التأثير الصيني في كثير من رجال الفن الذين كانوا في كنف أمراء الإقطاع من الأسرتين العسكريتين: "أشيكاجا" و "توكوجاوا" ؛ وكان لكل أمير في حاشيته مصوره الرسمي الذي نيط به أن يدرب مئات الفنانين الناشئين الذين قد تدعو الحاجة المباغتة إلى استخدامهم في زخرفة أحد القصور ؛ إذ كانت المعابد عندئذ تُنسى، لأن الفن كان في طريق التحول إلى المجال الدنيوي كلما ازدادت البلاد ثراء ؛ ولما دنا القرن الخامس عشر من ختامه ، أنشأ "كانو ماسانوبو" في كيوتو تحت رعاية "أشيكاجا" مدرسة للفنانين العلمانيين ، أطلق عليها الجزء الأول من اسمه ، وجعلها تتجه بجهدها كله نحو الاحتفاظ بكل شدة بالتقاليد الكلاسيكية الصينية في الفن الياباني ؛ وبلغ ابنه "كانو موتونوبو" في هذا الاتجاه مبلغاً جعله عَلَماً لا يمتاز عليه إلا "سشيو" وحده ؛ وإن قصة لتروى عنه فتبين بياناً واضحاً كيف أن تركيز الانتباه والثبات على غاية واحدة هما اللذان يكونان العبقرية ؛ تقول عنه القصة إنه قد طُلِبَ إليه أن يصور عدداً من طيور الكركيّ فشوهد مساءً بعد مساء يمشي مشية الكركي ؛ واتضح أنه كان في كل ليلة يقلد الكركي الذي كان مصمماً على تصويره في اليوم التالي ؛ فيظهر أن الإنسان لابد له من الذهاب إلى مخدعه والغاية المنشودة نصب عينيه ، حتى يستيقظ في الصباح مشهوراً، وظهر حفيد لـ "موتونوبو" - هو "كانو ييتوكو" ، فطوَّر على يديه تحت رعاية هيديوشي ، نمطاً فنياً أبعد ما يكون عن الكلاسيكية المتزمتة التي اصطنعها أسلافه ، على الرغم من أنه فرعاً من أسرة "كانو" ، وجاء "تانيو" فنقل مركز المدرسة من كيوتو إلى بيدو ، وعمل في كنف أفراد أسرة "توكوجاوا" وعاون في زخرفة مقبرة "أيياسو" في "نكو" وبالرغم من كل هذه المحاولات نحو مواءمة الفن لظروف العصر ، فقد استنفذت أسرة "كانو" دوافعها إلى الفن على مر الزمن، وأدارت اليابان وجهها نحو أعلام آخرين يبدءون لها في تاريخ فنها شوطاً جديداً.

وهكذا ظهرت طائفة أخرى من رجال التصوير سنة 1660 ، وأطلق عليها اسم عَلَمَيها الزعيمين ، إذ سميت "مدرسة كويتسو - كورين" ، وكان من طبيعة التذبذب الذي يطرأ على الفلسفات وأنماط الفن ، أن تنظر هذه المدرسة الجديدة إلى الأوضاع والموضوعات الصينية التي عني بها "سشيو" و "كانو" نظرتها إلى الشيء الرجعي الذي أبلاه الزمان ؛ وتلفت الفنانون الجدد يبحثون عن مناظر في بلادهم نفسها ، واستوحوا بلادهم الإلهام الفني والموضوعات التي يديرون فيها فنهم ذاك ؛ وكان "كويتسو" رجلاً بلغ به تنوع المواهب حداً يذكّرنا بما قاله "كارلايل" غيرةً من سواه من العظماء ، إذ قال إنه لا يعرف عظيماً واحداً لم يكن ليستطيع أن يكون عظيماً في أي مجال شاء ؛ ذلك أن "كويتسو" هذا كان ممتازاً في الخط وممتازاً في التصوير ، وممتازاً في الرسم على المعادن و "اللاكيه" والخشب ؛ وهو شبيه بـ "وليم مورس" في قيامه بحركة إحيائية في سبيل الطباعة الجميلة ، وأشرف على قرية قام فيها صُنَّاعُه بمختلف ألوان الفن تحت إرشاده ، ولم ينافسه الزعامة في التصوير في عهد "توكوجاوا" إلا "كورين" ذلك المصور البارع للأشجار والأزهار ، الذي يحدثنا عنه معاصروه فيقولون إنه كان يستطيع بجرة واحدة من فرجونه أن يطبع ورقة من أوراق السوسن على قماشه الحرير فتحيا ؛ ولست تجد مصوراً سواه تمثلت فيه الروح اليابانية الخالصة كاملة كما تمثلت فيه؛ أو أظهر الروح اليابانية كما أظهرها هو إظهار جعله بمثابة النمط لليابان كلها في سلامة ذوقه ودقة فنه.

وآخر مدارس التصوير اليابانية التي يسجلها التاريخ ، بمعنى كلمة التصوير الدقيق ، مدرسة أسسها "مارويامي أوكيو" في كيوتو في القرن الثامن عشر ؛ وكان "أوكيو" هذا رجلاً من الشعب ، حركت نوازع الفن في نفسه معرفته اليسيرة بالتصوير الأوربي ، فصمم أن يهجر الأسلوب القديم بما فيه من نزعة مثالية ونزعة تأثرية قد نفذت منهما عصارة الحياة ، وأن يحاول وصفاً واقعياً لمشاهد بسيطة يختارها من الحياة اليومية الجارية ؛ وأغرم غراماً خاصاً برسم الحيوان ، واحتفظ بصنوف كثيرة من أنواع الحيوان تعيش حوله ليتخذ منها موضوعـات لـفنه ؛ وقـد حـدث مـرة أن رسم خـنزيراً مـتوحشاً وأطلع الصيادين على صورته فخاب رجاءه حين ظن هؤلاء الصيادون أن الخنزير المرسوم يصور خنزيراً ميتاً ؛ فلبث يحاول ، حتى رسم صورة لخنزير قال عنها الصيادون إن الخنزير الذي تصوره ليس ميتاً ، ولكنه نعسان ؛ ولما كانت الطبقة العالية في كيوتو مفلسة ، اضطر "أوكيو" أن يبيع صوره لأبناء الطبقة الوسطى ، ولعل هذه الضرورة الاقتصادية هي التي ألزمته إلى حد كبير أن يختار لفنه موضوعات شعبية ، لدرجة أنه جعل يصور بعض غانيات كيوتو ، وصعق لذلك فنانو الجيل السابق لجيله ، ولكنه مضى في طريقه خارجاً على التقاليد ؛ وجاء "موري سوزن" فتقبل زعامة "أوكيو" في التزام الطبيعة في الفن ، وقصد إلى حيث تسكن الحيوانات فعاش بينها لكي يتاح له الإخلاص في تصويرها ، حتى أصبح أعظم مصور ياباني في رسم القردة والغزلان ؛ فلما مات "أوكيو" (1795) كان الواقعيون قد كسبوا السيادة التامة على فن التصوير ، واستطاعت مدرسة شعبية خالصة أن تستوقف الأنظار ، لا في اليابان وحدها ، بل في أرجاء العالم كله.


الصور المحفورة

إنها لأضحوكة أخرى من أضاحيك التاريخ أن يكون الفن الياباني أقرب إلى الغرب علماً وأعمق فيه تأثيراً ، عن طريق جانب من جوانبه ، هو أقل تلك الجوانب منزلة في اليابان نفسها ؛ فقد تحول فيما يقرب من منتصف القرن الثامن عشر ، فن الحفر الذي كان قد وفد على اليابان في ثنايا التعاليم البوذية وملحقاتها قبل ذاك بخمسمائة عام ، تحول فأصبح أداة لتوضيح الكتب وحياة الناس بالرسوم ، ذاك أن الموضوعات القديمة والطرائق القديمة كانت قد فقدت رونق الجدة ففقدت بذلك اهتمام الناس بها ، إذ أترع هؤلاء الناس بصور القديسين البوذيين والفلاسفة الصينيين ، والحيوانات التي استغرقت في التأمل ، والزهور التي ترمز للطهر والبراءة ؛ ونهضت طبقات جديدة من الناس فاحتلت مكان الصدارة ، وافتقدت في الفن تصويراً لشؤون حياتهم ، وراحت تخلق من رجال الفن من يُقبل راضياً على إشباع تلك الرغبات ؛ فلما كان التصوير يتطلب فراغاً ونفقات ، ولا ينتج إلا صورة واحدة في المرة الواحدة ، عمل الفنانون الجدد على اصطناع فن الحفر لتحقيق غاياتهم ، فحفروا الصور في الخشب ، وبذلك تمكنوا من إصدار عدد رخيص من الصورة الواحدة بمقدار ما يطلب سوادُ الشارين في السوق ، وكانت هذه الرسوم المحفورة تلوَّن باليد أول الأمر حتى إذا جاء عام 1740 صنعت ثلاثة "كليشيهات" للصورة الواحدة: واحدة لا لون فيها ، وثانية لوِّن جانب منها باللون الأحمر الوردي ، وثالثة لونت في بعض أجزائها باللون الأخضر ، ثم كانت الأوراق المراد طبعها على "الكليشيهات" بالتناوب ، وأخيراً في سنة 1764 صنع "هارونوبو" أول كليشيهات متعددة الألوان ، فمهد بذلك الطريق إلى تلك الرسوم الناصعة التي رسمها "هوكوساى" و "هيروشيجي". والتي جاءت للأوربيين الذين ملوا الثقافة القائمة وتحرقوا ظمأ لكل ما هو جديد. جاءت تلك الرسوم للأوربيين حافزاً وموحياً ؛ وهكذا ولدت مدرسة "يوكيوبي" التي جعلت موضوعها "صور الحياة العابرة". ولم يكن مصوروها أول من جعل الإنسان العاري من الألقاب موضوعاً للفن؛ فقد سبق لـ "إواسا ماتابي" في أوائل القرن السابع عشر أن أدهش فئة "السيافين" بتصويره على ستار سداسيّ الجوانب رجالاً ونساء وأطفالاً في أوضاع الحياة اليومية بغير تحفظ ؛ وقد وقع اختيار الحكومة اليابانية سنة 1900 على هذا الستار "واسمه هيكوني بيوبو" لعرضه في باريس ، وأمَّنت على سلامته أثناء الرحلة بثلاثين ألف ين (وهو ما يعادل خمسة عشر ألف ريال) وفي سنة 1660 صنع "هيشيكاوا مورونوبو" مصور الزخارف على الأقمشة في مدينة كيوتو ، أول رسوم بالكليشيهات ، صنعها أول الأمر لتطبع في الكتب توضيحاً لمادتها ، ثم صنعها ليستخدمها في طبع رسوم وبيعها للشعب كما تباع البطاقات المصورة عندنا اليوم ؛ وحوالي سنة 1687 ، انتقل "توروكوجوموتو" مصور المناظر في مسارح "أوساكا" ، انتقل إلى "ييدو" وعلَّم مدرسة "يوكيوبي" (التي كانت محصورة في العاصمة وحدها) كيف يمكنها أن تستفيد من الوجهة المالية ، إذا هي اتجهت نحو تصوير الرسوم المحفورة لمشاهير الممثلين في ذلك العصر ، وبعدئذ انتقل الفنانون الجدد من المسرح إلى مواخير الدعارة في "يوشيوارا" ، فخلعوا بفنهم مسحة من الخلود على كثيرات من ربات الجمال الزائل ، وهكذا دخلت الأثداء العارية والأطراف المتلألئة - بعد أن خلعت عذارها - حرم فن التصوير الياباني الذي كان لا يدخله من قبل إلا موضوعات الدين والفلسفة.

وظهر أعلام هذا الفن الذي تقدم وتطور ، حول منتصف القرن الثامن عشر ؛ فقد صنع "هارونوبو" رسوماً تحتوي على اثني عشر لوناً ، بل خمسة عشر لوناً ، مستخدماً في ذلك كليشيهات بعدد الألوان ، ولما أحس لذعة الضمير لرداءة ما صوره في سابق عهده للمسرح ، راح يعوض عن ذلك برسوم تتجلى فيها الرقة اليابانية ، يعرض فيها ألوان الشباب المرح في عالمه الشيق وبلغ "كيوناجا" أوج الفن في هذه المدرسة وجعل يستخدم اللون والخطوط متداخلاً بعضه في بعض ، في رسمه لسيدات من الطبقة العالية مستقيمات القامة ، دون أن تؤثر تلك الاستقامة في مرونة البدن ؛ وأما "شاراكو" فالظاهر أنه لم ينفق أكثر من عامين في حياته لتصميم الرسوم المحفورة ، لكنه في هذا الأمد القصير استطاع أن يرقى إلى طليعة العاملين في هذا الفن ، بفضل صوره عن "الأولياء (الرونين) الأربعة والسبعين ؛ ورسومه التي أفحشت في سخريتها بـ "نجوم" المسرح الهاويات من سمائها ؛ وصور "أوتامارو" الذي عرف بالخصوبة في نبوغه وتنوع قدرته ، كل ضروب الأحياء من الحشرات إلى الفاجرات ، فقد قضى نصف حياته العاملة في الـ "يوشيوارا" وأرهق نفسه متعهً وعملاً ، وزج في السجن عاماً (1804) لرسمه "هيديوشي" محاطاً بأربع غانيات من خليلاته ؛ وكأنما مل "أوتامارو" تصويره لغمار الناس في أوضاع الحياة العادية ، فأخذ يصور سيداته الرقيقات المهذبات في رشاقة تكاد تقول عنها إنها رشاقة روحانية ، صورهن برؤوس مائلة قليلاً ، وعيون مستطيلة منحرفة ، ووجوه طويلة ، وقدود عجيبة لفَّتها ثياب مناسبة كثيرة الطبقات ؛ ثم فسد في الذوق فأفسد هذا النمط الفني بحيث جعله متكلفاً ممقوتاً ، فانحدرت مدرسة "يوكيوبي" إلى ما يدنو من الفساد والتدهور ، لولا أن قام بها زعيماها المشهوران فمدا من حياتها نصف قرن آخر.

أما أحدهما فهو "هوكوساى" الذي نعت نفسه "بالرجل الكهل الذي جُنَّ بالتصوير" ، وقد امتد به العمر إلى ما يقرب من تسعين عاماً ، ومع ذلك كتب يرثي لبطء سيره نحو الكمال وقصر أمد الحياة ، فقال: "لقد تولاني جنون عجيب منذ السادسة من عمري برسم كل ما يصادفني من الأشياء كائناً ما كان ، فلما بلغت الخمسين كنت قد نشرت عدداً من آثاري مختلفة أنواعها ، لكن لم أطمئن إلى أي منها اطمئناناً تاماً ، ولم يبدأ عملي الحق إلا حين بلغت السبعين ، وهاأنذا الآن في الخامسة والسبعين ، وقد استيقظ في نفسي حب الطبيعة بمعناها الصحيح ، ولذا تراني آمل أن أظفر عند الثمانين بقوة من إدراك البصيرة يظل ينمو معي حتى أبلغ التسعين ، فإذا ما بلغت المائة كان لي - في أغلب الظن - أن أقرر تقرير الواثق بأن إدراك بصيرتي قد أصبح إدراكاً فنياً خالصاً ؛ ولو وهبني الله أن أعيش حتى العاشرة بعد المائة كان رجائي عندئذ أن يشعَّ من كل خط أسطره بل من كل نقطة أخطها فهمٌ جوهري صحيح بالطبيعة. وإني لأطلب من أولئك الذين سيمتد بهم العمر ما يمتد بي أن يروا إن كنت ممن يفون بما يعدون أو لم أكن ، لقد كتبت هذا وأنا في سن الخامسة والسبعين ، أنا الذي كان اسمه "هوكوساى" وأصبح الآن يدعى "الرجل الكهل الذي جُنَّ بالتصوير".

وكان شأنه شأن سائر رجال الفن من مدرسة "يوكيوبي" من حيث إنه نشأ من طبقة العمال ، فهو ابنٌ لصانع كان يصنع المرايا ، وألحقوه بفنان يدعى "شنسو" ليأخذ عنه الفن ، لكنه لم يلبث أن طرد لأصالته ، وعاد إلى أسرته ليعيش فقيراً شقياً مدى حياته الطويلة ، ولم يستطع أن يعيش بتصويره ، فراح يجول في المدينة بائعاً للطعام وكراسات التقويم ، وحدث أن احترقت داره ، فلم يزد على إنشائه هذه العبارة من الشعر:


لقد احترقت الدار

فما كان أجل الزهور وهي تهوي!.

وجاءه الموت وهو في التاسعة والثمانين، واستسلم له كارهاً وهو يقول:

لو وهبتني الآلهة عشرة أعوام أخرى فقط لأمكنني أن أكون فناناً عظيماً بحق".


وخلف وراءه خمسمائة مجلد تحتوي على ثلاثين ألف صورة كلها مخمور بروح الفن اللاشعوري حين يتناول الطبيعة في شتى صورها؛ فقد رسم - محباً لما رسم مكرراً له في أوضاع مختلفة - رسم الجبال والصخور والأنهار والجسور ومساقط الماء والبحر ، وحدث بعد أن فرغ من نشره لكتاب "ست وثلاثين صورة من مناظر فيوجي" أن قفل راجعاً ليجلس عند سفح الجبل المقدس من جديد ، كما فعل الكاهن البوذي المفتون الذي تروي عنه الأساطير ، وهناك رسم "مائة منظر من فيوجي" ، ونشر سلسلة أسماها "أخيلة الشعراء" عاد فيها إلى الموضوعات الرفيعة التي كان يتناولها الفن الياباني من قبل ، وكان من بين هذه المجموعة منظر يصور "لي بو" العظيم بجانب الوادي الصخري ومسقط الماء يطلق عليهما "لو". وفـي سنـة 1812 نشر الجـزء الأول مـن مجموعة قوامها خمسة عشر جـزءاً،أسمـاها "مانجو" - وهي سلسلة من صور واقعية تشتمل على الأخص تفصيلات الحياة اليومية الجارية تلذع بما فيها من فكاهة ، وتفحش بما تحتوي عليه من تشهير مقُنَّع ، وقد كان ينثر هذه الصور نثراً دون عناية أو مجهود ، فيخرج منها اثنى عشرة كل يوم ، حتى صور بها كل ركن من أركان الحياة الشعبية في اليابان ، ولم تكن الأمة قد شهدت قط من قبل مثل هذه الخصوبة ولا مثل هذا التصور العقلي السريع النافذ ، ولا القدرة على التنفيذ بكل هذه الحيوية الجامحة ، وكما أن رجال النقد في أمريكا قد قللوا في حسابهم من شأن "وِتمان" ، فكذلك قلل رجال النقد ودوائر الفن في اليابان من شأن "هوكوساى" ، فلم يروا إلا فورة فرجونه وسوقية عقله التي تتبدى آناً بعد آن ، لكن جيرانه لما مات - جيرانه الذين لم يكونوا يعلمون أن "وِسْلرْ" قد أخذه التواضع لحظة فوضعه في أعلى منزلة من منازل الفن التي لم يحتلها أحد سواه منذ "فلاسكويز" - أقول إنه لما مات دهش جيرانه حين رأوا كل تلك الجنازة الطويلة تنبعث من ذلك المنزل المتواضع.

وآخر شخصية برزت من مدرسة "يوكيوبي" هو "هيروشيجي" (1796-1858) الذي يقل شهرة عن "هوكوساى" في البلاد الغربية ، لكنه أكثر منه احتراماً في الشرق ، وتنسب إليه مائة ألف صورة حفرية متميزة الخصائص ، وكلها يصور المناظر الطبيعية في بلاده تصويراً فيه من الإخلاص ما ليس في رسوم "هوكوساى"، وفيه فنٌ أنزل "هيروشيجي" منزلة قد تجعله أعظم من صوَّر المناظر الطبيعية من أهل اليابان ؛ فقد كان "هوكوساى" إذا وقف إزاء الطبيعة لا يرسم المنظر كما يبدو ، بل يرسم خيالاً شاطحاً يوحي إليه بالمنظر الذي يراه ، أما "هيروشيجي" فقد أحب الطبيعة نفسها بشتى صورها ، ورسمها بدرجة من الإخلاص تمكن الرحالة الذي يمرّ بالأجزاء التي رسمها أن يتبين الأشياء والسفوح التي أوحت إليه بصوره تلك ، وفي وقت يقع حوالي سنة 1830 أخذ طريقه في السكة الرئيسية التي تمتد من طوكيو إلى كيوتو ، فكان في رحلته شاعراً بأدق معنى الشاعرية حين لم يقصد تواً إلى غايته المقصودة ، بل سمح لنفسه أن تنشغل بالمناظر التي استثارتها وهو في الطريق ؛ فلما فرغت رحلته جمع انطباعاته بتلك المناظر في مجموعة له مشهورة اسمها "المحطات الثلاثة والخمسون على الطريق العام" (1834) ، وقد أحب رسم المطر والليل في كل صورهما المشبعة بروح الغموض ، ولم يَفُقْه في ذلك إلا "وِسْلرْ" الذي جرى على غراره في رسمه لمناظر المساء ، وكذلك أحب "هيروشيجي" "فيوجي" كما أحبها "هوكوساى" ، ورسم لجبالها "المناظر الستة والثلاثين" ، غير أنه أحب معها مسقط رأسه "طوكيو" ، ورسم "مائة منظر من مناظر ييدو" قبيل موته ، ولْئن لم يعمَّر ما عُمِّره "هوكوساى" إلا أنه أسلم شعلة الفن وهو مطمئن لما صنع:


إني أترك فرجوني في "أزوما"

وأتابع رحلتي "إلى الغرب المقدس"

لكي أشاهد المناظر المشهورة هناك


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الأوريجامي

 
نموذج من فن الأوريجامي الياباني

الأوريجامي واحد من أجمل الفنون الشعبية اليابانية وجزء من الثقافة منذ مئات مئات السنين وهو فن ياباني قديم و اللفظ مشتق من اليابانية: أوري "طي" وگامي ورق تكون عملية الطي بأخذ ورقة مربعة الشكل وطيها عدة مرات فتنتج اشكال منوعة طبيعية وهندسية في اوضاع رائعة تتصف بالبساطة والغرابة و الجمال ويعتقد بأنه بدأ في العصور البعيدة منذ اكتشاف الورق وانتشاره و في عهد هييان (794-1185) انتشر استخدام الورق في لف الرسائل و الهدايا بشكل جميل. و في فترة إيدو (1603-1868) أصبح هذا الفن منتشرا في كل أنحاء اليابان. و في عهد مييجي (1868-1912) أصبح هذا الفن يعلم في المدارس الابتدائية.. وهو فن طي الورق لصنع أشكال مختلفة يرمز كل منها إلى معنى معين فيمثل الضفدع الخصب والحب ويرمز الكركي إلى الحياة الطويلة لأنه باعتقادهم يعيش ألف عام ولايعرف لهذا الفن عمر محدد ويقال أنه بدأ عندما كانت هناك وحدة بين الدولة والمعبد ووجد ليكون رمزاً لأهمية التقاليد واستخدم لأغراض الاتصالات وعمل الوثائق الخاصة بالتقاليد وأصبح له أشكال وانواع كثيرة منها اليوجي أوريجامي وهو الخاص باللعبوالكيريكومي أوريجامي حيث كان الورق يطوى ثم يلون وكانت بعض عرائس الاوريجامي تبدو مثل صور من قطع الأقمشة الملصقة في حين كانت تصنع ملابسها من قطع صغيرة من الحرير الموشّى بالذهب والفضة وكان الوجه يطلى باللون الأبيض الصيني كأساس ثم يرسم الأنف والعينان ثم تعددت الأشكال حتى أصبح يوجد سبعون نوعاً منها كالزهور والمناطيد والقوارب.. لكن هذا الفن لم ينتشر بين عامة الشعب لغلاء ثمن الورق. وما بين عامي 1912 و 1926 أمكن نشر الاوريجامي على نطاق واسع لأغراض التعليم ولقضاء أوقات الفراغ واعترف به كمادة دراسية لتعليم الأشغال اليدوية في رياض الأطفال وفي السنوات الأولى من الدراسة الابتدائية. وقد ظهرت قيمته كوسيلة لتعليم المبادئ الأساسية لعلم الهندسة ذلك أنه أثناء تعلم هذا الفن يستطيع الأطفال الصغار أن يستوعبوا الأشكال ذات البعدين والعلاقة بينها وبين الأشكال المكعبة وقد زاد الاهتمام بالقيمة التربوية له كوسيلة لتربية العقل المبتكر. كما دخل حديثاً في دائرة الضوء كميدان جديد من ميادين الفنون الجميلة وتبقى الجمالية المرجوّة وتخليقها هي الهدف إضافة إلى الصبر في العمل من خلال العلاقات بين السطوح والخطوط التي يُكونها الورق بعد طيه وفق قواعد معينة لإعطاء عمل فني يؤكد الجمال التكويني للأسطح الورقية على اختلاف مساحاتها وسماكاتها سواء كان الموضوع أو الشكل واقعياً أو رمزياً أو تجريدياً.

فنون الأداء

 
Kabuki Theater

المصادر

موقع الفن العربي

  • [مكتوب]
  • ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.


هامش


انظر أيضاً


المصادر

  • This article was originally based on material from WebMuseum Paris - Famous Artworks exhibition [1].
  • This article contains material from the Library of Congress Country Studies, which are United States government publications in the public domain. - Japan
  • "The Diffusion of Classical Art in Antiquity" by John Boardman (Princeton University Press, 1994) ISBN 0-691-03680-2
  • "Alexander the Great: East-West Cultural contacts from Greece to Japan" (NHK and Tokyo National Museum, 2003)
  • "De l'Indus à l'Oxus, Archéologie de l'Asie Centrale", Osmund Bopearachchi, Christine Sachs, ISBN 2-9516679-2-2
  • "The Crossroads of Asia, Transformation in image and symbols", 1992, ISBN 0-9518399-1-8

وصلات خارجية