الاحتجاجات الجزائرية 2019-2022

احتجاجات الجزائرية 2019، هي احتجاجات شعبية واسعة اندلعت في 22 فبراير 2019 في عديد المدن الجزائرية للمطالبة بعدم ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لفترة رئاسية خامسة؛[1][2] بعدما رشّحهُ حزب جبهة التحرير الوطني – الحزب الحاكم في البلاد – للمشاركة في السباق الانتخابي ثم أعلنت العديد من الأحزاب والنقابات دعمها لإعادة انتخاب بوتفليقة رغم أنّ حالته الصحية في تدهور خاصة بعدما أُصيب بسكتة دماغية عام 2013.[2]

الاحتجاجات الجزائرية 2019
مظاهرات الجزائر ضد العهدة الخامسة لبوتفليقة.jpg
من مظاهرات الجزائر ضد العهدة الخامسة لبوتفليقة.
التاريخ22 فبراير- الحاضر
المكان
عدد من المدن الجزائرية
السببترشح عبد العزيز بوتفليقة لفترة رئاسية خامسة
الأهدافعدم ترشح بوتفليقة للانتخابات الرئاسية وتغيير النظام
أطراف الصراع الأهلي
الجزائر الشعب الجزائري
أحزاب المعارضة
الجزائر حزب جبهة التحرير الوطني
الأحزاب المؤيدة له أو المتحالفة معه
الشخصيات الرئيسية
لا يوجد عبد العزيز بوتفليقة
أحمد أويحيى
دعم: الأمن الوطني الجزائري
العدد
الآلاف
غير معروف
الخسائر
القتلىقتيل
الجرحىالعشرات

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خلفية

 
المحتجون أمام مقر ولاية وهران.

فُرض حظر على المظاهرات في الجزائر منذ عام 2001؛[2] ثمّ رُفعت حالة الطوارئ عام 2011.[1] بحلول شهر فبراير من عام 2018؛ حاول الآلاف من الأطباء حديثي التخرج التظاهر، ولكن الشرطة حوطتهم ومنعتهم من التظاهر.[2] تكررت الاحتجاجات في نفس الشهر من عام 2019 لكنّها هذه المرة كانت قويّة حيثُ حضرها عشرات آلاف الجزائريين بعد صلاة الجمعة في كل من الجزائر العاصمة، عنابة، والمسيلة وسطيف وقالمة، جيجل، بجاية، تيزي وزو، البويرة، بومرداس، تيارت، غليزان، وهران وورقلة.[1]


خط زمني

2019

فبراير

بُعيد أيام من إعلان الحزب الحاكم عزمهُ ترشيح عبد العزيز بوتفليقة للانتخابات الرئاسية 2019؛ بدأت أصوات شعبيّة تتعالى من الداخل وتُعبر عن رفضها واستنكارها لهذا الترشيح. تركّزت الانتقادات في البداية عبر مواقع التواصل الاجتماعي ثمّ سرعان ما امتدت للشوارع حينما تصاعدت المظاهرات المطالِبة بعدم ترشح بوتفليقة لولاية خامسة. رفعَ المتظاهرون عدّة شعارات في مختلف المدن والولايات ولعلّ أبرزها شعاري «لا للعهدة الخامسة» و«بركات ... لا نريد العهدات» و« يا أويحيى يا سعيد ... الشعب ليس سعيد» فيما رفعَ آخرون البطاقة الحمراء في إشارة إلى رفضهم ما قامَ به الحزب الحاكم.[3] نادَ المحتجونَ أيضًا برحيل الوزير الأول (يُطلق عليه رئيس الوزراء في دول أخرى) أحمد أويحي.[4]

تميّزت هذه المظاهرات بسلميّتها رغم الأعداد الكبيرة التي شاركت فيها؛ ورغم الاحتكاك المباشر بين الجموع الغفيرة من المحتجين من جهة وبين الأمن من جهة ثانية،[5] فيما شهدت نقاط تماس أخرى مواجهات وُصفت بالخفيفة والعاديّة في مثل هكذا تظاهرات جرى خلالها استعمال الغاز المسيل للدموع من قِبل الشرطة. بحلول يوم الأحد الموافق لـ 24 فبراير/شباط؛ خرجت مظاهرات جديدة في العاصمة ومدن أخرى دعت إليها بعض أحزاب المعارضة تحت اسم الحراك. ثمّ تجددت المظاهرات يوم الثلاثاء الموافق لـ 26 فبراير وحضرها آلاف طلاب الجامعات وتلاميذ الثانويات والذين عبروا بوضوح عن موقفهم من العهدة الخامسة.[6] [7]

مارس

 
جانب من المُشاركين في احتجاجات الأوّل من مارس 2019

بحلول يوم الجمعة الموافق للأول من مارس؛ تجددت المظاهرات في عموم المدن الجزائرية وحضرها عشرات الآلاف من مختلف طبقات الشعب الجزائري وتميّزت بانضمام شخصيات معروفة نزلت بدورها الشارع على غرار المُقاومة جميلة بوحيرد ورئيس الحكومة السابق علي بن فليس والوزير السابق علي بن نواري ورجل الأعمال يسعد ربراب ورئيس حزب جبهة العدالة والتنمية الإسلامي، عبد الله جاب الله، ورئيسة حزب العمال لويزة حنون[8].[9] ردّد المتظاهرون خلالَ احتجاجاتهم هتافات مناهضة للسلطة وذلكَ مع بدء المسيرة من أمام مبنى البريد المركزي في وسط العاصمة، فيما لوحوا بالأعلام الجزائرية. في المُقابل؛ استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لمنع المحتجين من الوصول إلى ساحة أول مايو فيما منعت شرطة مكافحة الشغب الآلاف من المتظاهرين من التقدّم باتجاه ساحة الشهداء مستخدمةً في ذلكَ الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.[10]

في 11 مارس أعلن بوتفليقة عدم ترشحه لولاية خامسة، وتأجيل الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة يوم 18 أبريل 2019، كما أعلن في رسالة إلى الشعب الجزائري عن إجراء تعديلات جمة على تشكيلة الحكومة وتنظيم الاستحقاق الرئاسي عقب الندوة الوطنية المستقلة تحت إشراف حصري للجنة انتخابية وطنية مستقلة.[11]

حسب مصدر حكومي جزائري، من المتوقع أن ينضم الأخضر الإبراهيمي وممثلون للمحتجين إلى مؤتمر يهدف للتخطيط لمستقبل البلاد بعد إعلان بوتفليقة عدم الترشح لفترة خامسة. ومن المتوقع أن يرأس الإبراهيمي المؤتمر الذي سيشرف على انتقال السلطة وصياغة دستور جديد وتحديد موعد الانتخابات.[12]

وأضاف المصدر أن المؤتمر سيضم ممثلين عن المتظاهرين بالإضافة إلى شخصيات لعبت دوراً بارزا في حرب الاستقلال التي استمرت من عام 1954 إلى عام 1962.

من جهة أخرى قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم إن قرار بوتفليقة التراجع عن الترشح لعهدة خامسة يفتح فصلاً جديداً في تاريخ الجزائر ودعا إلى فترة انتقالية "لمدة معقولة".

استقبل المحتجين الجزائريين اختيار الإبراهيمي للمجلس الانتقالي باستياء، فبالإضافة إلى تقدمه في العمر 85 سنة، فإن غالبية الجزائريين الذين يتظاهرون منذ 22 فبراير، هم شباب يدعون إلى تغييرات جذرية، ليس من المؤكد أن الابراهيمي سيكون قادرًا على فهم هذه النداءات وتقديم إجابات مفيدة. والعائق الآخر يتعلق بحياده، فقد كان الجزائريين يأملون في أن تتولى شخصية محايدة ترأس الندوة وليس شخصية معروفة بقربها من الرئيس بوتفليقة، لا سيما وأنهم ألفوا مشاهدته في ڤيديوهات مع الرئيس منذ تدهور حالته الصحية، حيث أصبح أحد زواره القلائل، وغالبا ما يتم استدعاؤه من أجل دحض الإشاعات التي كانت تظهر بين الفينة والأخرى بخصوص صحة الرئيس.[13]

إضافة إلى هذا فإن الأخضر الإبراهيمي يعيش في الخارج منذ سنوات عديدة، ولا يلتقي بالطبقة السياسية الجزائرية لا من الموالاة ولا من المعارضة، وليست له شبكة لمساعدته في التعامل مع الندوة الوطنية، كما أنه أبعد ما يكون عن الشعب.

في 25 مارس 2019 دعا نائب وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش الجزائري، أحمد قايد صالح، إلى اللجوء إلى المادة 102 من الدستور المتعلقة بشغور منصب رئيس الجمهورية.[14]

وتنص المادة 102 على أنه: "إذا استحال على رئيس الجمهورية أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدستوري وجوباً، وبعد أن يتثبت من حقيقة هذا المانع بكلّ الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التّصريح بثبوت المانع". وكان صالح قال إن الجيش والشعب لديهما رؤية واحدة للمستقبل، فيما يعد إشارة إلى أن الجيش يدعم المتظاهرين.

أبريل: استقالة بوتفليقة

يوم الأحد، 31 مارس 2019، شكل بوتفليقة مع رئيس الوزراء الذي تولى المنصب قبل 20 يوم، وزارة من 27 عضو مع الاحتفاظ بستة وزراء فقط من المعينين في ادارة الرئيس المنتيهة ولايته. احتفظ رئيس الأركن قايد صالح بمنصبه. كانت الحكومة الجديدة تحت رئاسة نور الدين بدوي.[بحاجة لمصدر] في اليوم التالي، أعلن بوتفليقة عزمه الاستقالة بحلول 28 أبريل 2019.[15] في النهاية أعلن استقالته في 2 أبريل.[16] وتولى عبد القادر بن صالح، رئيس مجلس الأمة الجزائري الرئاسة مؤقتاً.


في كلمته التي ألقاها رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح في 16 أبريل 2019، اتهم رئيس المخابرات الأسبق الجنرال محمد مدين (المدعو توفيق)، بمحاولة عرقلة مساعي حل الأزمة، وحذره من اتخاذ إجراءات قانونية صارمة ضده، كما توعده بأن هذا آخر إنذار له.[17]

وقال صالح في كلمته: "لقد تطرقت في مداخلتي يوم 30 مارس إلى الاجتماعات المشبوهة التي تعقد في الخفاء من أجل التآمر على مطالب الشعب ومن أجل عرقلة مساعي الجيش الوطني الشعبي ومقترحاته لحل الأزمة". واستدرك: "إلا أن بعض هذه الأطراف وفي مقدمتها رئيس دائرة الاستعلام والأمن السابق (في إشارة لرئيس المخابرات الأسبق مدين)، خرجت تحاول عبثا نفي تواجدها في هذه الاجتماعات ومغالطة الرأي العام، رغم وجود أدلة قطعية تثبت هذه الوقائع المغرضة".

وفي سياق غير بعيد، دعا قايد صالح في خطابه، القضاء بتسريع التحقيقات في ملفات فساد شهدتها البلاد في العقدين الأخيرين (خلال حكم بوتفليقة).

وأضاف: "ننتظر من الجهات القضائية المعنية أن تسرع في وتيرة معالجة مختلف القضايا المتعلقة باستفادة بعض الأشخاص، بغير وجه حق، من قروض بآلاف المليارات وإلحاق الضرر بخزينة الدولة واختلاس أموال الشعب".

وفي 30 مارس 2019، اتهم صالح، أطرافا أسماهم بأصحاب النوايا السيئة بإعداد مخطط لضرب مصداقية الجيش ومحاولة الالتفاف على مطالب الشعب، مؤكدا في الوقت ذاته أنه سيتصدى لهم بكل الطرق القانونية. ومطلع أبريل، نفى قائد المخابرات الأسبق محمد مدين، مشاركته في اجتماع مع الرئيس السابق للجهاز بشير طرطاق، ورئيس البلاد الأسبق اليامين زروال، وبحضور عناصر من مخابرات أجنبية، للتآمر ضد الجيش.

وفي إشارة إلى هذه الاتهامات، تابع قائد أركان الجيش الجزائري: "قد أكدنا يومها أننا سنكشف عن الحقيقة، وهاهم لا يزالون ينشطون ضد إرادة الشعب ويعملون على تأجيج الوضع، والاتصال بجهات مشبوهة والتحريض على عرقلة مساعي الخروج من الأزمة". وأضاف: "وعليه أوجه لهذا الشخص آخر إنذار، وفي حالة استمراره في هذه التصرفات، ستتخذ ضده إجراءات قانونية صارمة".

2020

2021

فبراير: ذكرى الحراك

 
حشود المجتحين في مدينة خراطة في ذكرى الحراك الجزائري، 16 فبراير 2021.

في 16 فبراير 2021، انطلع جموع من المواطنين في مسيرة حاشدة بمدينة خراطة بولاية بجاية احتفالاً بذكرى أولى مسيرات الحراك الجزائري. وسبق ذلك دعوات على وسائل التواصل الاجتماعي، منذ عدة أشهر، للعودة إلى الاحتجاجات، رغم قيود جائحة كوڤيد-19، للتعبير عن عدم الرضا عن أوضاع البلاد. بالتزامن مع هذه الدعوات، حذرت السلطات، من جهتها، المواطنين من الانجرار في مخططات أجنبية تستهدف الجزائر في ظل وضع شديد التعقيد إقليمياً ودولياً.

ورفع المتظاهرون، الأعلام الجزائرية والأمازيغية مرددين شعارات الحراك: "من أجل استقلال الجزائر" و"(الرئيس) تبون مزوّر جابوه العسكر"؛ أي وصل بالتزوير وعيّنه الجيش، و"الجنرالات في سلة المهملات". وبدأ مئات المتظاهرين التجمع وسط المدينة منذ مساء الاثنين تحضيراً لمسيرة الثلاثاء المقررة منذ أسابيع.[18]

وكانت أولى المسيرات الاحتجاجية في الجزائر، التي آلت إلى إنهاء حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في ربيع 2019، قد انطلقت من مدينة خراطة، في شمال شرق الجزائر، في منتصف فبراير 2019 قبل أن تتوسع رقعتها، ابتداء من 22 فبراير 2020، إلى كامل البلاد بمستويات مشارَكة شعبية غير مسبوقة منذ استقلال الجزائر في سنة 1962 وبحماية أمنية فعالة. غير أن الجزائريين سرعان ما انقسموا بشأن المطالب وفقا لتوجهات كل طرف وتحالفاته وارتباطاته الأيديولوجية والسياسية.



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

يونيو

في 22 يونيو 2021، أعلنت عائلة الناشطة الحقوقية الجزائرية فتيحة بريكي أن الأخيرة موقوفة منذ نحو أسبوع في الجزائر العاصمة، من دون أن تعرف حتى الآن أسباب اعتقالها. ولم تتمكّن عائلة بريكي من زيارتها إلا مؤخراً. ولفت العائلة في بيان إلى أن فتيحة بصحة جيدة بدنياً ونفسيًا، مطالبة بالإفراج عنها فوراً.[19]

بدورها أكدت اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين اعتقال فتيحة من دون معرف الأسباب. وفي هذا الإطار، أشار نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان سعيد صالحي إلى أنّ "فتيحة بريكي عضو في اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين. إنها سيدة قديرة. أظنّ أنّ نشاطها لصالح الموقوفين هو سبب توقيفها". وتابع صالحي: "إنها العمود الفقري في توثيق حالات انتهاكات حقوق الإنسان. تهمتها هي ارتكاب جريمة التضامن".

تجدر الإشارة إلى أن بريكي أستاذة جامعية متقاعدة تعرف بالتزامها الدفاع عن حقوق الإنسان ومناهضة التعذيب، وقد أوقفت وفتّش منزلها في 17 يونيو، وفق اللجنة التي تدافع عن معتقلي الرأي وتنشط فيها الموقوفة. ومدد الحجز تحت النظر بحق فتيحة بريكي بدون الكشف عن الأسباب.

وقد شاركت فتيحة في مسيرات الحراك الاحتجاجي باستمرار، قبل أن تحظرها وزارة الداخلية مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية. إلى ذلك، أوضح نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان أن "التوقيفات مستمرة حتى بعد الانتخابات التشريعية. في واقع الأمر، تريد السلطة الانتقام وإنهاء الحراك السلمي المنادي بالديمقراطية". وأكد صالحي أنه جرى توقيف الناشط الهادي العسولي مساء الإثنين.

يذكر أنه تم توقيف الأستاذ الجامعي عبد العالي رزاقي في 17 يونيو، وهو محلل سياسي يعرف بمداخلاته في الإعلام وخاصة عبر تلفزيون "فرانس 24"، قبل أن تطلق الشرطة سراحه بعد ساعات بدون تقديم توضيحات.

وهناك حالياً ما لا يقل عن 260 شخصاً وراء القضبان على خلفية الحراك و/أو قضايا حريات فردية، وفق اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين. ووجه أكثر من 80 منظمة غير حكومية جزائرية ودولية مؤخرا رسالة إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على خلفية "التصاعد الملحوظ لمستوى القمع" و"التجريم المتزايد لحريات التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات" في الجزائر.

2022

بالمقارنة مع أكثر الممارسين جرأة لملاحقة المعارضين السياسيين في الخارج - المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، تقطيع أوصال الصحفي جمال خاشقجي - لم تحظ الجزائر باهتمام كبير.[20]

لكن النشطاء داخل الشتات الجزائري خائفون، بعد عدة حالات يبدو أنها تكمل جهود الحكومة لسحق حركة الاحتجاج السلمي التي استمرت ثلاث سنوات والمعروفة باسم "الحراك".

في 24 مارس، أصدرت إسبانيا أمر طرد ضد العريف العسكري السابق محمد بن حليمة ونقلته في نفس اليوم إلى الجزائر، التي ورد أنها أصدرت مذكرة توقيف دولية بحقه. وقال إن بن حليمة فر إلى إسبانيا في 2019 خوفاً من أعمال انتقامية بعد مشاركته في احتجاجات شوارع الحراك. في أوروبا، حافظ بن حليمة على قناة على يوتيوب تدين المسؤولين العسكريين.

رفضت إسبانيا مرتين طلب اللجوء الذي قدمه بن حليمة قبل إرساله إلى الجزائر، على الرغم من حث مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إسبانيا على أن تأخذ في الحسبان الخطر الحقيقي بالتعرض للتعذيب وتجريم الجزائر للمعارضة السلمية. واستأنف محامي بن حليمة في إسبانيا قرار طرده.

بعد إعادته، قامت السلطات الجزائرية على الفور بسجن بن حليمة وحاكمته بتهمة نشر "معلومات كاذبة" من شأنها الإضرار بـ "وحدة الأراضي" - وهي تهم استخدمتها السلطات لسجن العديد من مئات نشطاء الحراك المسجونين حالياً أو سابقاً.

وكانت إحدى المحاكم قد حكمت بالفعل على بن حليمة بالسجن 10 سنوات غيابياً على هذه الجرائم. وبحسب ما ورد حكمت عليه محكمة أخرى بالإعدام غيابياً بتهمة التجسس والفرار من الخدمة العسكرية.

كان سليمان بوحفص لاجئاً معترف به من قبل الأمم المتحدة في تونس. كان قد غادر الجزائر بعد أن أمضى 18 شهراً في السجن بتهمة "إهانة الإسلام". بوحفص، الذي اعتنق المسيحية، يدافع عن حقوق سكان القبائل (البربر) الجزائريين. في 25 أغسطس 2021، أفاد شهود عيان أنهم رأوا رجالاً في ثياب مدنية يخطفونه من منزله في تونس العاصمة. بعد أربعة أيام ظهر على السطح في حجز الشرطة في الجزائر العاصمة.

ولم تعلن أي من السلطات التونسية أو الجزائرية مسؤوليتها عن نقل بوحفص إلى الجزائر. ولم يذهب وعد الرئيس التونسي قيس سعيّد بالتحقيق في القضية إلى أي مكان. في غضون ذلك، تزعم السلطات الجزائرية أنها اعتقلته داخل الجزائر. بوحفص في السجن بانتظار محاكمته بتهم تتعلق بالإرهاب.

وسعت الجزائر في عام 2021 تعريف الإرهاب في المادة 87 مكرر من قانون العقوبات ليشمل "محاولة الوصول إلى السلطة أو تغيير نظام الحكم من خلال وسائل غير دستورية"، وهو تعريف موسع تستخدمه السلطات لمقاضاة المعارضين السلميين، وآخرها الصحفي المؤيد للحراك. إحسان القاضي.

هذا العام، مُنع ما لا يقل عن ثلاثة جزائريين-كنديين على الأقل من السفر إلى كندا بشكل تعسفي وتم استجوابهم بشأن صلاتهم بالحراك. سُمح لاثنين من الثلاثة بالمغادرة، بعد ثلاثة أشهر من محاولاتهم الأولية.

الرسالة واضحة: الجزائريون الذين يتحدثون بصراحة يحتاجون إلى الانتباه، بغض النظر عن المكان الذي يعيشون فيه.


التغطية الإعلامية

 
متظاهر شاب يحمل علم الجزائر خلال مشاركتهِ في المظاهرات ضدّ العهدة الخامسة

على عكسِ الاحتجاجات السودانية؛ فقد لقيت المظاهرات في الجزائر تغطيّة إعلامية عربيّة ودولية كبيرة باستثناء تغطية وسائل الإعلام المحليّة بشقيّها العام – المملوك للدولة – والخاص والتي تفادت الحديث عن التظاهرات بالرغمِ من مشاركة الآلاف فيها فيما تحدث وسائل إعلام أخرى بشكل طفيف للغاية وذكرت أنّ المطلب الشعبي هو تحسين الوضعية المعيشية بينما كان المطلب الحقيقي هو مطالبة بوتفليقة ونظامه بالعدول عن الترشح لعهدة جديدة.[21]

في المُقابل قدّم عدد من الصحفيين والإعلاميين استقالتهم بسبب ما اعتبروه «تغطية مضللة وغير مهنية» للاحتجاجات والمظاهرات الشعبيّة فيما اعتبرَ آخرون أنّ معظم القنوات التلفزيّة الجزائرية قد فشلت في نقل الصورة الحقيقية وحاولت التعتيم على تحركات المحتجين والتكتم على مطالبهم. تواصلت سلسلة الاستقالات هذه بعدما قدمت رئيسة تحرير القناة الإذاعية الثالثة الناطقة بالفرنسية مريم عبدو استقالتها من منصبها الصحافي ونفس الأمر فعلهُ مدير الأخبار بقناة البلاد أنس جمعة في يوم 24 يناير/كانون الثاني الذي أكّد على تركه لمهنة الصحافة نهائيًا بعد شعوره بالحرج من عدم تغطية المظاهرات.[22][23]


في 23 فبراير 2019، أعلنت الرئاسة الجزائرية توجه بوتفليقة إلى جنيڤ لإجراء فحوص طبية دورية، لكنها لم تكشف عن مزيد من التفاصيل. بعد أسبوع في مطلع مارس، عادت طائرة رئاسية جزائرية، من مطار جنيڤ، وعلى متنها شقيق الرئيس عبد الرحيم بوتفليقة المدعو "ناصر"، ورمطان لعمامرة، وبقى بوتفليقة في مستشفاه بجنيڤ. وحسب المصادر، فقد استدعى بتوفليقة مستشاره الدبلوماسي ووزير الخارجية السابق، رمطان لعمامرة، إلى جنيڤ للتفاوض حول إمكانية تعيين الأخير رئيساً لوزراء البلاد، لشعبيته الواسعة خلفاً لأحمد أويحيى الذي يواجه عاصفة من الغضب الشعبي ومعارضة حادة من الأحزاب والمنظمات.[24]


انظر أيضاً

مرئيات

الفريق قايد صالح يدعو لعزل بوتفليقة من الرئاسة بموجب المادة 102
من الدستور الجزائري، لعدم قدرته على أداء مهام منصبه، 25 مارس 2019.
كلمة الفريق قايد صالح، يتهم فيها الجنرال توفيق بعرقلة حل الأزمة
الجزائرية، 16 أبريل 2019.

المصادر

  1. ^ أ ب ت مظاهرات في الجزائر ضد ترشيح بوتفليقة لولاية خامسة Archived 2019-02-24 at the Wayback Machine
  2. ^ أ ب ت ث مظاهرات في الجزائر احتجاجا على ترشح بوتفليقة لولاية خامسة Archived 2019-02-23 at the Wayback Machine
  3. ^ "رغم حظر التظاهر.. احتجاجات في الجزائر ضد ترشح بوتفليقة لولاية خامسة". CNN Arabic. 22 February 2019. Retrieved on 23 February 2019. Archived 2019-02-23 at the Wayback Machine
  4. ^ "الشرطة الجزائرية تستخدم الغاز المسيل للدموع لتفريق مسيرة ضد ترشح بوتفليقة". 22 February 2019. Retrieved on 23 February 2019 – via www.bbc.com. Archived 2019-02-23 at the Wayback Machine
  5. ^ "احتجاجات الجزائر.. هل ينسحب بوتفليقة؟". www.aljazeera.net. Retrieved on 23 February 2019.
  6. ^ الخبر: وقفات احتجاجية بالجامعات ضد الخامسة Archived 2019-02-28 at the Wayback Machine
  7. ^ طلاب الجامعات يلتحقون بالاحتجاجات ضد ترشح بوتفليقة Archived 2019-02-27 at the Wayback Machine
  8. ^ اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين قرب القصر الرئاسي في العاصمة الجزائرية Archived 2019-03-02 at the Wayback Machine
  9. ^ "مظاهرات "العهدة الخامسة" تتواصل بالجزائر وبوحيرد تنضم للمحتجين". www.aljazeera.net. Retrieved on 1 March 2019.
  10. ^ "احتجاجات جديدة في الجزائر ضد ترشح بوتفليقة لولاية خامسة". فرانس 24 / France 24. 1 March 2019. Retrieved on 1 March 2019.
  11. ^ "الجزائر.. بوتفليقة يعلن عدم ترشحه لولاية خامسة وتأجيل الانتخابات الرئاسية وإطلاق ندوة للحوار الوطني". روسيا اليوم. 2019-03-11. Retrieved 2019-03-12.
  12. ^ "مصدر: الأخضر الإبراهيمي قد يرأس مؤتمرا انتقاليا حول مستقبل الجزائر السياسي". رويترز. 2019-03-12. Retrieved 2019-03-12.
  13. ^ "الجزائر – الأخضر الإبراهيمي .. الخيار السيئ الآخر لبوتفليقة". TSA عربي. 2019-03-12. Retrieved 2019-03-12.
  14. ^ "الجزائر: قائد الجيش أحمد قايد صالح، يدعو لعزل بوتفليقة من منصبه". بي بي سي. 2019-03-26. Retrieved 2019-03-26.
  15. ^ "Algeria's Bouteflika will resign by April 28: State media". Al Jazeera. 1 April 2019. Retrieved 1 April 2019.
  16. ^ Ahmed, Hamid (4 April 2019). "Algerian president Bouteflika resigns: state news agency". Reuters. Retrieved 2 April 2019.
  17. ^ "قايد صالح يوجه آخر انذار للجنرال توفيق". الخبر. 2019-04-16. Retrieved 2019-04-16.
  18. ^ "الحراك الجزائري ينظم مسيرة لإحياء الذكرى الثانية للانتفاضة". جريدة الشرق الأوسط. 2021-02-16. Retrieved 2021-02-16.
  19. ^ "الجزائر: استمرار حجز الناشطة فتيحة بريكي من "دون الكشف عن أسباب توقيفها"". فرانس 24. 2021-06-22. Retrieved 2021-06-22.
  20. ^ Eric Goldstein (2022-05-26). "Algeria Targets Diaspora Critics". www.hrw.org.
  21. ^ وكالات, عرب ٤٨ / (23 February 2019). "سابقة: تغطية إعلامية جزائرية رسمية للتظاهرات ضد ترشح بوتفليقة". موقع عرب 48. Retrieved on 25 February 2019.
  22. ^ "إعلاميون جزائريون يحتجون على تغطية ترشح بوتفليقة". RT Arabic. Retrieved on 25 February 2019. Archived 2019-02-26 at the Wayback Machine
  23. ^ بريس", "أنفاس. "احتجاجا على عدم تغطية مظاهرات الجمعة.. إعلامية تستقيل من منصبها في الإذاعة الجزائرية". الكاتب. Retrieved on 25 February 2019. Archived 2019-02-26 at the Wayback Machine
  24. ^ "أنباء عن ترشيح لعمامرة لرئاسة حكومة جديدة في الجزائر". إرم نيوز. 2019-03-01. Retrieved 2019-03-03.