محمد بخيت المطيعي

الشيخ محمد بخيت المطيعي احد اعلام الفكر الديني عاش الشيخ محمّد بخيت المطيعي في الثلث الأخير من القرن الثالث عشر الهجري، والنصف الأوّل من القرن الرابع عشر، وكانت دراسته في الأزهر طوعاً للمنهج التقليدي، فتأثّر بهذا في الطور الأوّل من حياته العلمية، ثمّ أخذ بعد ذلك بنصيب وافر من الثقافة والأدب، ومن ثمّ كان له دوره في السياسة ومقاومة رغبات المحتلّ، كما كان له الأثر في فتاويه ومؤلّفاته التي جابه بها الفكر الاستشراقي ومن سار على دربه.

محمد بخيت المطيعي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ولادتة ونشأتة

ولد الشيخ محمّد بخيت المطيعي ببلدة«المطيعة» من أعمال مديرية أسيوط سنة 1271 هـ ـ 1856م. وفي الرابعة من عمره بدأ تعلّم القراءة والكتابة في كتّاب بلدته، وحفظ القرآن الكريم قراءةً وتجويداً ولمّا يبلغ العاشرة من عمره، ثمّ التحق طالباً بالأزهر في سنة 1282 هـ ، وأخذ في دراسة المذهب المالكي.

ولعلّ هذا يرجع إلى أنّ هذا المذهب كان السائد في صعيد مصر، ولعلّ القرية التي نشأ فيها كان أغلب أهلها مالكية، وربّما سمع من شيخ الكتّاب أو إمام المسجد أو غيرهما من الذين لهم بعض الدراية بالفقه طرفاً من حياة الإمام مالك أو تلاميذه وأهمّ ما أُلـّف في المذهب من المتون والشروح، فلا غرو أن أقبل فور دخول الأزهر على دراسة مذهب إمام دار الهجرة، وإمام مدرسة الحديث، ومن ثمّ حفظ «مختصر خليل»، وهو ممّن اعتمد عليه المتأخّرون في المذهب، ولذلك شرحه عدد من فقهاء المالكية.


الشيخ بخيت طالباً في الأزهر

الشيخ المطيعي التحق طالباً بالأزهر سنة 1282 هـ، وقد أقبل على دراسة المذهب الحنفي فقهاً وأُصولاً ; لأنّه وسيلته للعمل في القضاء كما كان يتمنّى، ولم يقنع بدراسة هذا المذهب، وإنّما ألمّ بسواه من المذاهب، وأضاف إلى هذا دراسة علوم التفسير والحديث والتوحيد والنحو والصرف والبلاغة والمنطق، فضلاً عن دراسة العلوم الأدبية، كما أخذ بحظّ وافر من سائر العلوم والفنون.

لقد تتلمذ على يد كبار علماء الأزهر الأفذاذ، أمثال المشايخ : الدمنهوري، والمهدي، والشربيني، والملواني، والرفاعي.

ولأنّه طالب علم منهوم كان يسعى لأخذ العلم عن غير علماء الأزهر، فقد تلقّى العلوم الفلسفية والعقلية على السيّد جمال الدين الأفغاني، والشيخ حسن الطويل.

وظلّ الطالب بخيت يتلقّى العلوم الشرعية وآلاتها من العلوم العربية وغيرها نحو عقد من السنين، وكان في هذه السنوات لا يضيّع وقتاً أو يدّخر جهداً في مراجعة ومذاكرة ما يأخذه عن شيوخه، أو يطّلع عليه من المؤلّفات والدراسات.

الحياة العلمية للشيخ بخيت

بعد نحو ثلاث سنوات من حصوله على شهادة العالمية عهد إليه بتدريس علوم الفقه والتوحيد والمنطق في الأزهر، ولكنّه لم يستمرّ في العمل بالتدريس إلاّ نحو عامين، فقد أُسند إليه القضاء الشرعي لمديرية القيلوبية، ومكث في هذه المديرية قاضياً لها نحو عام لينقل قاضياً لمديرية المنيا، وظلّ في هذه المديرية نحو عامين، ثمّ يعيّن قاضياً لمحافظة بور سعيد، وبعد عامين ينقل إلى قضاء محافظة السويس، ويترك هذه المحافظة بعد عامين أيضاً إلى قضاء مديرية الفيوم، ثمّ يغادر هذه المديرية بعد أربعة أعوام إلى قضاء مديرية أسيوط، وبعد نحو عام ينقل إلى التفتيش الشرعي بنظارة الحقّانية التي أُطلق عليها بعد ذلك وزارة العدل، ولكنّه ما لبث بعد عام من عمله في التفتيش الشرعي، حتّى عيّن قاضياً لمحكمة الإسكندرية ورئيساً لمجلسها الشرعي، ولم يمكث في عمله بالإسكندرية إلاّ نحو ثلاثة أعوام، فقد عيّن عضواً أوّل بمحكمة مصر الشرعية ورئيساً لمجلسها العلمي في سنة 1314 هـ، وفي سنة 1315 هـ / 1897م عيّن العضو الأوّل بمحكمة مصر الشرعية العليا بعد التشكيل الجديد للمحاكم الشرعية بمقتضى لائحة سنة 1897م، وفي هذه الأثناء ناب عن الشيخ عبدالله جمال الدين أفندي قاضي مصر ستّة أشهر أيّام مرضه، إلى أن حضر خلفه القاضي التركي يحيى أفندي.

ولم ينقطع عن تدريس العلوم الإسلامية النقلية والعقلية لطلبة العلم الشريف من يوم أن نال شهادة العالمية إلى أن توفّي، أي : أنّه لازم بالتدريس أكثر من ستّين سنة، فإذا كان عمله في القاهرة أو بلد قريب منها كان تدريسه للعلم بالقاهرة، وإذا كان في بلد بعيد كان درسه بذلك البلد.

وقد قام بتدريس الكتب المطوّلة في علوم التفسير والحديث والفقه وأُصول الفقه والتوحيد والفلسفة والمنطق وغير ذلك، وتخرّج على يديه كثير من أفاضل العلماء الذين نفعوا الأزهر الشريف بعلمهم وفضلهم، كما كان لهم دورهم الرائد في نشر الثقافة الإسلامية، والتصدّي للقوى المضادّة للأحكام الشرعية، ومن هؤلاء الشيخ حسنين محمّد مخلوف الذي خلف الشيخ عبدالمجيد سليم.

الملامح العامّة لشخصية الشيخ المطيعي

يمكن من خلال تطوّر مراحل حياة الشيخ وما أشار إليه من ترجموا له أو تحدّثوا عنه وما جاء في بعض مؤلّفاته ودراساته تحديد ملامح شخصيته فيما يلي :

أ ـ التقوى، والصلابة في الحقّ، وعفّة اليد.

ب ـ مشاركاته الإيجابية في التصدّي لمشكلات عصره.

ج ـ مشاركاته السياسية.

د ـ التواضع، والكرم، وحبّ الدعابة.

أ ـ التقوى، والصلابة في الحقّ، وعفّة اليد

إنّ نشأة الشيخ الدينية، وثقافته الأزهرية، وما صدر عنه في بعض كتبه ومحاضراته أو مواقفه، يؤكّد أنّه كان تقياً ورعاً، يخشى الله في كلّ تصرفاته ويستشعر رقابته في كلّ أقواله وأفعاله، ولهذا كان يجهر بكلمة الحقّ دون أن يعبأ بذي سلطان أو مسؤول كبير، وما عرف عنه أنّه داهن أحداً، أو جامل في أحكامه القضائية، مهما تكن منزلة المدّعي أو المدّعى عليه، أو علاقته بهما، وقد أدّى به تشدّده في أقضيته إلى الفصل من وظيفته، فما عبِئ بهذا ولا سعى للعودة إلى عمله بوسيلة تخدش كرامته أو تنال من عقيدته.

ويشهد للشيخ بتقواه ودفاعه المجيد عن الإسلام ما واجه به بعض المستشرقين ومن سار على دربهم من أشباه المسلمين، فقد ردّ على المستشرق الفرنسي «رينان» ما جاء عنه من افتراءات وأباطيل في كتاب «تنبيه العقول الإنسانية لما في آيات القرآن من العلوم الكونية والعمرانية» .

ب ـ مشاركاته الإيجابية في التصدّي لمشكلات عصره

تدلّ مؤلّفات الشيخ وأبحاثه ومقالاته ومحاضراته وما قضى به وأفتى على أنّه عاش مشكلات عصره، وواقع بيئته، وأنّه لم يدّخر وسعاً من أجل تقديم الحلول الشرعية لهذه المشكلات. وهو من ثمّ يؤكّد بما قدّم؛ مسؤولية العلماء نحو الأُمّة، وهي مسؤولية جسيمة ; لأنّها تتعلّق ببيان أحكام الله في أفعال عباده، والتصدّي للأباطيل التي تحاول التشكيك في صلاحية هذه الأحكام لكلّ زمان ومكان.

ولا مجال لتفصيل القول في آراء الشيخ التي عالج بها أهمّ النوازل والمستجدّات التي عرفها المجتمع الإسلامي في أواخر القرن الثالث عشر الهجري ومنتصف القرن الرابع عشر، والتي عبّرت عن شخصيته الاجتماعية تعبيراً واضحاً، وأنّه لم يعش بأفكاره وفقهه في برج عاجي، وإنّما كان على معرفة بكلّ ما تموج به الحياة الإنسانية في زمنه من قضايا وأفكار وعادات معرفة علمية مكّنته من أن يكون في بحثه الفقهي وثيق الصلة بعصره ومقدّماً العلاج الملائم الذي يكفل سيادة التشريع في دنيا الناس.

وإذا كان المجال لا يسمح بتفصيل القول في هذا الجانب من شخصية الشيخ المطيعي، فإنّ «ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه»، ولهذا أجتزئ ببعض القضايا التي تشهد له بأنّه كان في جهاده العلمي يعيش الواقع ويهتمّ به ويكتب عنه، وهذه القضايا تشمل مايلي :

1 ـ التكافل الاجتماعي.

2- رأيه في الشيوعية.

3 ـ محاربة التبشير.

4 ـ محاربة البغاء الرسمي.

1 ـ التكافل الاجتماعي:

لقد سألت وزارة المالية الشيخ ـ وهو يتولّى منصب الإفتاء ـ بتاريخ 25/2/1920م عن عريضة مرفوعة من امرأة فقيرة لا تملك شيئاً ، وليس لها قريب ما يستطيع أن يعولها مع تقدّم السنّ وضعف البنية، وهي تطلب من الدولة نفقة شهرية باعتبارها مواطنة مصرية، فدرس الشيخ الموضوع من جوانبه الفقهية وقوّاه بالسند القانوني حين أكّد أنّ بيت المال ( وزارة المالية )، يجبي الأموال من مرافق مختلفة، حدّدها بالاسم، ومنها التركات التي لا وارث لها أصلاً، أو لها وارث ويبقى شيء من التركة، وهذا النوع على المشهور من المذاهب يصرف للفقراء الذين لا أولياء لهم، ومصرفه لكلّ عاجز عن الكسب، ومتى كانت المرأة فقيرة محتاجة وليس لها عائل كان الحقّ لها أن تأخذ من مصارف الخراج الخاصّ بالأراضي الزراعية ومن ضرائب الجمارك ومن التركات التي لا وارث لها، فيجب على الحكومة أن تعطيها الكفاية من مرفقي الضرائب والتركات.

2 ـ رأيه في الشيوعية:

بعد أن نجحت الثورة الروسية سنة 1917 وقامت الشيوعية رسمياً ، ظهرت عدة كتب خاصّة تشيد بمبادئها، وتعلن أنّها الحلّ النهائي لمشكلات البشرية، وأنّ العقائد الدينية ليست إلاّ أفيوناً للعامّة يسكرهم عن حقوقهم المغتصبة.

قرّر أنّ البلشفية تهدم الشرائع السماوية، وتجعل الناس فوضى في معاملاتهم، فهم يهدفون إلى هدم الكيان الاجتماعي، ويحرّضون الطبقات الفقيرة لتثير حرباً عواناً على كلّ نظام اجتماعي يستند إلى قواعد الفضيلة والآداب. وإذا كان هؤلاء لا يعتقدون في شريعة من الشرائع الإلهية ولا يعتقدون ديناً سماوياً فهم كافرون.

3 ـ محاربة التبشير:

أمّا التبشير بالمسيحية بين المسلمين فله جذور قديمة ترجع إلى ما بعد هزيمة الجيوش الصليبية وطردهم من بلاد المسلمين، ولكن بعد أن خضع العالم الإسلامي كلّه تقريباً للنفوذ الاستعماري باحتلال أرضه، وفرضت القوانين والتقاليد الغربية عليه، أخذ التبشير يخطّط لزعزعة ثقة المسلمين بدينهم، والتبشير بالنصرانية بينهم، وتعاون الاستشراق مع التبشير في سبيل ذلك. وقد لجأ التبشير إلى وسائل متعدّدة، وأصبح يمثّل خطراً على عقيدة الأُمّة.

ولم يكن الشيخ بخيت في غفلة عن هذه الهجمة الباغية، فقد نبّه إلى ذلك الخطر، وحذّر من مغبّة التغاضي عن مقاومته، وممّا كتبه في هذا ما نشر تحت عنوان «التبشير وكيف نقاومه ونأمن غوائله ».

وخلص من هذا إلى بيان الأسباب التي أدّت إلى تنصير أبناء المسلمين وتخطّفهم من بين أيدينا إلى حيث معاهد التبشير ومدارس التنصير، وقد حصر هذه الأسباب في أُمور أربعة، هي :

1 ـ أولياء أُمور الطلبة من الأغنياء المفتونين بأُوروبّا والثقافة الغربية بإدخال أولادهم المدارس الأجنبية، فهذه المدارس لا تهتمّ بالثقافة الإسلامية، ومن ثمّ تجرّد طلاّبها من الغيرة الدينية، ويصبح ولاؤهم للدول التي أنشأت هذه المدارس أكثر من ولائهم لوطنهم وقوميتهم، وبذلك تستحيل عواطفهم وأفكارهم وعاداتهم إلى عواطف غربية وأفكار أُوروبّية وميول وعادات إباحية.

2 ـ قلّة الملاجئ والمستشفيات والمستوصفات لدى المسلمين مع وفرتها وكثرتها لدى المبشّرين، والحاجة الملحّة هي التي تدفع بالفقراء والضعفاء واليتامى إلى ملاجئ ومستشفيات التبشير، وفيها يقوم التبشير بمهمّته في جذب الفقراء ونحوهم إلى التنصير بما يبذله من مال ورعاية صحّية.

3 ـ عدم الرقابة الكافية من الحكومة على ما يدرّس ويعلّم ويجري بين جدران تلك المدارس التبشيرية، وبخاصّة المؤلّفات والكتب التي تشتمل على كثير من الشكّ والتشكيك في عقائد المسلمين، والحطّ الجارح من قدر النبي الكريم، وكذلك عدم الرقابة على ما يجري في الملاجئ والمستشفيات والمستوصفات من محاولات لإغراء الضعفاء بالتخلّي عن عقيدتهم وقوميتهم.

4 ـ ضعف المسلمين وتنازعهم أتاح لأعدائهم فرصة إحياء النعرة الوطنية والنزعة الإقليمية بينهم، وإحلالهما محلّ الأُخوّة الإسلامية، ممّا ترتّب عليه زوال التعاون والتناصر والتعارف، ومن ثمّ تفرّقوا واختلفوا وتنازعوا على الحدود، فلا غرو أن طمع فيهم الأجنبي وغزاهم المبشّرون في عقر دارهم.

ج ـ مشاركاته السياسية:

لم يكن الشيخ المطيعي عالماً ضليعاً في فروع الدراسات الإسلامية بمفهومها المعاصر، وكذلك الدراسات العربية والتاريخية فحسب، وإنّما كان إلى هذا رجلاً اجتماعياً ومجاهداً وطنياً، وله بصماته في مجال القضايا السياسية منذ شبابه وحتّى الأعوام الأخيرة من عمره، ولعلّ تلمذته لجمال الدين الأفغاني، وما كان يتحدّث به هذا في مجالسه عن واقع الأُمّة ووجوب العمل الجاد لإخراجها من دياجير التخلّف والتسلّط والقهر والتدخّل الأجنبي في شؤونها، كان له الأثر في اهتماماته السياسية ومشاركته في النشاط الوطني لحماية الأُمّة ممّن يكيدون لها ولا يريدون أن تعيش عزيزة كريمة مستقلّة.

التنوّع الثقافي للشيخ المطيعي

إنّ من كان مثل الشيخ في عكوفه على القراءة، والتبحّر في العلم، والتمتّع بالموهبة العقلية والذكاء والعبقرية، وما كتب من مؤلّفات، وألقى من محاضرات، وسطّر من فتاوى ودراسات، وعاش مشكلات الأُمّة يعالجها بالحكمة والموعظة الحسنة، يكون بلا مراء متعدّد المجالات الثقافية والفكرية، وتكون حياته كلّها سلسلة من الجهاد في شتّى المجالات العلمية والاجتماعية والسياسية.

لقد ألّف الشيخ في كلّ العلوم الإسلامية بمفهومها المعاصر، ألّف في علوم : القرآن، والسنّة، والسيرة النبوية، وعلم التوحيد، والأُصول، والفقه، والتاريخ. وكان إلى هذا يلمّ بالعلوم الفلسفية والعقلية والأدبية، بل إنّ قوّته في هذه العلوم لا تقلّ عن قوّته في العلوم الشرعية.

ولقد أفاض المتحدّثون عنه بعد وفاته، فأشادوا بمكانته العلمية وتشعّب اهتماماته الثقافية، فيرى بعضهم أنّه كان أعلم جيله بدقائق الفقه الحنفي، وأبسطهم لساناً في وجوه الخلاف بين أصحاب الشافعي وأصحاب أبي حنيفة، كما ذهب آخرون إلى أنّه عرف بالزعامة في علم الأُصول، فكان يرجع إليه جلّة العلماء فيما يشكل من مسائله، ويصادفون لديه لكلّ مشكلة حلاًّ، كأنّها مرّت به من قبل، فعالجها وانتهى إلى ما يحسن السكوت عليه من أمرها .

ولم تكن عبقريته مقصورة على نبوغه في علمي الفقه والأُصول، وإنّما كان في كلّ ما كتبه العالم المتبحّر المتمكّن من مادّته، ويتجلّى ذلك في كتبه : «تنبيه العقول الإنسانية لما في آيات القرآن من العلوم الكونية والعمرانية»، و« حقيقة الإسلام وأُصول الحكم»، و« توفيق الرحمن للتوفيق بين ما قاله علماء الهيئة وبين ما جاء في الأحاديث الصحيحة وآيات القرآن».

التنوّع الثقافي للشيخ المطيعي، ذلك التنوّع الذي عبّر عن ثقافة امتدّت فروعها وتشابكت أغصانها وتعدّدت ثمراتها..

فقيه لا يعرف التعصّب المذهبي

إذا كان الشيخ حنفي المذهب، وكان يصدّر توقيعه على الفتوى بإمضاء محمّد بخيت المطيعي الحنفي، فإنّه كان يتّسع في الفتوى، فيلمّ بآراء المذاهب المختلفة، ويختار ما يرتاح إليه، غير مفرّق بين مذهب ومذهب ; لأنّه يعرف أنّ الحقّ رائد الجميع.

وهذا الاختيار ينسحب عليه مفهوم الاجتهاد الانتقائي، وهذا الاجتهاد يقتضي الانفتاح على كلّ المذاهب المعتبرة دون تعصّب لرأي مذهبي خاصّ، فالاجتهاد الإنشائي فريضة شرعية لمن توافرت فيه شروط الاجتهاد المطلق، ولكن هذا الاجتهاد في العصر الحاضر لا سبيل إليه إلاّ بالاجتهاد الجماعي، بيد أنّ الاجتهاد الانتقائي قد يتحقّق من فرد يستطيع أن يرجّح بين الآراء، ويختار منها ما يكون أكثر ملاءمة للواقع المعاصر من حيث معالجة المشكلات ووضع الحلول العملية لها.

وهكذا كان الشيخ المطيعي يرى أنّ التراث الفقهي بكلّ مذاهبه ملك للأُمّة، وعلى علمائها أن ينتفعوا بهذا التراث دون تعصّب، فالتعصّب آية على الانغلاق الفكري والجمود المذهبي، وقد برئ منه أئمّة المذاهب، وما زعموا أنّ آراءهم لا تجوز مخالفتها، ولكن عصر الجمود والتقليد هو الذي أضفى على آراء المذاهب قداسة لا يقرّها نقل ولا عقل.

وكانت قد هبّت فتنة بين بعض المنتسبين للعلم وليسوا من أُصلائه حول تفضيل صاحب مذهب فقهي على إمام مماثل، وبادر بعضهم بطبع كتاب يسمّى «مغيث الخلق في ترجيح القول الأحقّ»، ينسب إلى إمام الحرمين الجويني ( ت : 478 هـ )، وفيه سبٌّ صريح وافتيات منكر على الإمام أبي حنيفة، وكان الشيخ بخيت حينئذ في مرضه الأخير، حيث لقى ربّه بعد أمد قريب، وقد تصدّر لقمع هذه الفتنة الباغية، فقد أرسل إليه من يظنّ أنّ الرجل الكبير سيكيل بالصاع صاعين لمن شاق أبا حنيفة، بل لصاحب المذهب الذي ينتسب إليه الجويني، وهو الإمام الشافعي، وخاصّة ما جاء بالكتاب من أنّ أبا حنيفة قليل البضاعة في علم الحديث، ولكن الرجل الكبير والإمام الحجّة البصير ألقى درساً كبيراً في صفحات متتالية في وجوب احترام الأئمّة جميعاً، وقال في خاتمة حديثه :

« إذا تقرّر هذا، فمذهب أبي حنيفة ومذهب غيره من الأئمّة سواء، ولا يمكن لأحد من المجتهدين أن يعتقد أنّ مذهب غيره خطأ لا يحتمل الصواب، وأنّ مذهبه صواب لا يحتمل الخطأ، وإلاّ لكان مذهب هذا المجتهد بمنزلة كلام المعصوم الذي لا يخطئ، وليس هذا في وسع بشر سوى الرسل (عليهم السلام)، فلا وجه إذاً لتخصيص مذهب وتفضيله على مذهب آخر. وعلى هذا إمّا أن يكون ما ذكر في الكتاب «مغيث الخلق» مدسوساً على الإمام الجويني، والرجل بريء منه، وهو أكبر الظنّ عندنا، وإمّا أن يكون صحيحاً، وهو يناقض آراءه ونقوله التي ذكرها في «البرهان»، وغيره. ولو أردنا تقصّي كلّ ما جاء في سؤال السائل ممّا ذكر في الكتاب لوجدنا له ردّاً وأقمنا له من الحقّ ضدّاً، ولكنّنا نكون بذلك قد خضنا متعصّبين لمذهبنا مفضّلين إمامنا، فنقع فيما وقع فيه إمام الحرمين. وما أُريد بهذه العجالة إلاّ أن ألفت نظر السائل الباحث وجميع المسلمين إلى وجوب الاعتقاد بأنّ الأئمّة الأربعة كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها، وأنّهم من الكمال وعناية الله بهم بحيث لا يقاس عليهم غيرهم».

فهذا الموقف من الشيخ يدلّ على نصفة تامّة، ويُصوِّر خلقاً نبيلاً يجب احتذاؤه، إنّه موقف الاحترام والتقدير لكلّ المذاهب، وأنّها جميعها على درجة سواء، فلا مفاضلة ولا تمييز بينها ; لأنّها فهم بشري للنصوص الشرعية، فليس لها من ثمّ عصمة، وكلّ من يرى غير ذلك فهو مخطئ، ولا يعوّل على ما يذهب إليه.

والشيخ مع هذا شكّك في نسبة كتاب «مغيث الخلق» إلى إمام الحرمين، بل كاد يجزم بأنّه منحول، فالآراء التي وردت فيه تناقض ما جاء في «البرهان»، وهو موسوعة أُصولية، و« نهاية المطلب»، وهو موسوعة ضخمة في الفقه، وغيرهما من مصنّفات أبي المعالي.

وإذا كان الشيخ قد ذكر أنّ المذاهب الأربعة السنّية كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها، فإنّ هذا لا يعني أنّ سوى هذه المذاهب ليس داخلاً في هذه الحلقة المفرغة، وبخاصّة المذاهب غير السنّية، فقد ردّ على «رينان» في افترائه بأنّ أُمّة الفرس شيعية وليسوا بمسلمين، قال : «والله، يعلم ويشهد إنّه لكاذب فيما يقول. أمّا الفرس فمنهم سنّيون وشيعيّون، ولكنّهم مسلمون قبل كلّ شي، وها هم علماء الفرس وأئمّتهم قديماً وحديثاً يعتنقون الإسلام، ويحجّون بيت الله الحرام ككلّ المسلمين، ويصلّون صلاة المسلمين إلى قبلة المسلمين، ويصومون كما يصوم المسلمون، وهذه كتبهم ومؤلّفاتهم المخطوطة والمطبوعة تملأ البلاد، وهي كتب إسلامية أُصولاً وفروعاً».

ويقول أيضاً : «ومنهم كثير من أفاضل العلماء المجتهدين في فقه الشريعة الإسلامية، وفي فقه الحنفية خصوصاً».

ويتحدّث الشيخ في معرض ردّه على «رينان» حيث ذهب إلى أنّ انتقال مركز الخلافة إلى بغداد قد عاق مسيرة النهضة العلمية نحو مائتي عام، فيقول : «وبعد أن دخل أهل العراق ومن جاورهم من الفرس في دين الإسلام قد وجد منهم مجموعة عظيمة في العلوم الفلسفية، عقلية كانت أو شرعية، كونية أو عمرانية، وكانوا جميعاً ـ وعلى الأخصّ الفرس منهم ـ أشدّ الناس تمسّكاً بدين الإسلام، وكان منهم المجتهدون في فقه الحنفية وفقه الشافعية وفقه الإمامية.

وها هي مؤلّفاتهم في كلّ العلوم، وهي متداولة قديماً وحديثاً، تشهد بكذب «رينان»، وأين هو ( أي : رينان ) من مؤلّفات الفارابي، وابن سينا ، وتلميذه بهمنيار، وابن سبعين، والصدر الشيرازي، وغير هؤلاء ممّن لا يحصون كثرة، مع أنّ مؤلّفاتهم تملأ خزائن الشرق والغرب ؟ ! ولكن فلسفة «رينان» قضت عليه أن لا يكلّف نفسه النظر فيما بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وشماله من تلك المؤلّفات، وتعامى عنها حتّى نسب إلى الفرس ما نسب.

ومع ذلك فقد نسي بما قدّمت يداه من أنّ الإسلام يرفع الفوارق الجنسية والقومية، فأهل فارس بعد أن اعتنقوا دين الإسلام أصبحوا هم والعرب أُمّة واحدة إسلامية لا تربطهم إلاّ رابطة الدين الإسلامي التي هي العروة الوثقى لا انفصام لها».

وتفنيد الشيخ لرأي «رينان» حول الشيعة وعلاقة أهل فارس بالإسلام يشهد له بأنّه كان على اطّلاع بالفقه الشيعي، ومعرفة بآثار علماء فارس في الفلسفة والطبّ واللغة، ولا يرى في هذا الفقه إلاّ ما يراه في الفقه السنّي، فليس بين الفقهين تفاوت في الأُصول، وإنّما ينحصر الاختلاف في بعض الفروع، وهو اختلاف لا يقضي على العروة الوثقى التي تربط بين المسلمين في كلّ مكان.

وقال في كتابه «رفع الأغلاق عند مشروع الزواج والطلاق» ـ وهو يتحدّث عن المسائل الخلافية والعمل بها وأنّ أحداً لا يستطيع أن يمنع أحداً من أن يعمل بمذهب من المذاهب ـ : «ألا ترى أنّ الإمامية الموجودين في القطر المصري يعملون فيما بينهم بما يعتقدونه مذهباً لهم بدون حرج ؟ !».

وفي هذا القول إشارة إلى أنّ المذهب الإمامي كان له وجود في مصر في عصر الشيخ المطيعي، وأنّ العمل باجتهادات فقهاء هذا المذهب لا يختلف عن سائر المذاهب، وبخاصّة الأربعة المشهورة، وهذا يعني أنّ الاجتهادات المذهبية لها اعتبارها، لا فرق بين مذهب سنّي ومذهب شيعي.

وهذه النظرة تنكر التعصّب المذهبي، وتحترم كلّ اجتهادات الفقهاء في المذاهب المعتبرة، وتعدّ دعوة من الشيخ للتقريب بين أتباع هذه المذاهب ; لأنّه لا يوجد فرق جوهري بين أُصولها.

وكأنّي بالشيخ ـ وهو يتحدّث عن الفقه الشيعي ـ يعبّر عن الدعوة التي بدأها الشيخ محمّد عبده، وتبنّاها الشيخ رشيد رضا، ثمّ أصبحت رسالة «جماعة التقريب» في القاهرة، ومهمّة المجمع العالمي للتقريب في طهران، هذه الدعوة التي تتمثّل في العمل المخلص الجاد الذي لا يعرف كلمات المجاملة للتقريب بين المذاهب الفقهية، وأن تكون القاعدة الذهبية التي وضعها الشيخ محمّد رشيد ـ وهي الالتقاء حول ما اتّفق عليه الجميع ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه ـ هي منطلق الجهاد العلمي للتقريب الفقهي، حتّى يتحقّق للأُمّة التقريب السياسي، والتكامل الاقتصادي، والتعاون في شتّى المجالات، والوقوف في وحدة قويّة أمام التحدّيات التي تهدّد مستقبل الإسلام والمسلمين في العصر الحاضر، وهي تحديات خطيرة لم يعرفها المجتمع الإسلامي عبر تاريخه الطويل.

أمّا مؤلّفات الشيخ المطيعي فقد بلغت نحو أربعين مؤلّفاً، وشملت كلّ فروع التخصّصات في الدراسات الإسلامية غالباً، بالإضافة إلى الفتاوى التي تجاوزت عدّة آلاف، ويكفي أنّه في فترة عمله مفتياً رسمياً أصدر نحو ألفي فتوى، كما ذكرت من قبل.

ومن ثمّ يحتلّ الشيخ منزلة متميّزة بين هؤلاء العلماء الذين عاصروه من حيث كثرة مؤلّفاته وتنوّعها، بالإضافة إلى فتاويه الجمّة، ومحاضراته الفكرية والاجتماعية الكثيرة.

وإذا كان هؤلاء الأعلام فيما عدا الأُستاذ الإمام قد تولّوا مشيخة الأزهر، فإنّ الشيخ المطيعي قد رشّح مرّتين من قبل الخديوي لهذه المشيخة، فلم يوافق رئيس النظّار على ذلك، ولعلّ عدم الموافقة مردّها إلى ما عرف عن الشيخ من شجاعة وصراحة في أحكامه القضائية.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مؤلفاته

بلغت مؤلّفات الشيخ المطيعي نحو ثلاثين كتاباً، ولا يسمح المجال بتفصيل القول في هذه المؤلّفات، ومن ثمّ أكتفي بالتعريف المجمل بها، وقد سبق أن أشرت إلى ثلاثة منها، ومدى دلالتها على تنوّع ثقافة الشيخ، وإلمامه بالمعارف العلمية التي لا تدخل في نطاق تخصّصه الدقيق.

وهذه المؤلّفات يمكن تصنيفها على النحو التالي :

1 ـ مؤلّفات في علم العقيدة أو التوحيد.

2 ـ مؤلّفات في علوم القرآن.

3 ـ مؤلّفات في علوم الحديث.

4 ـ مؤلّفات فقهية.

5 ـ مؤلّفات أُصولية.

6 ـ مؤلّفات إسلامية عامّة.

أمّا مؤلّفاته في العقيدة فهي بوجه عامّ شرح لمنظومة أو حاشية على شرح، وهذه المؤلّفات هي : 1 ـ القول المفيد على وسيلة العبيد.

وهو شرح لمنظومة، وقد طبع لأوّل مرّة بالمطبعة الخيرية سنة 1326 هـ في 104 صفحة من القطع الكبير.

وجاء في مقدّمة هذا الشرح : «قد طلب منّي حضرة الأُستاذ أحمد بك الطاهري من أعيان بندر المنصورة أن أشرح منظومة والده الشيخ محمّد الإمام الطاهري في علم التوحيد التي سمّاها وسيلة العبيد، فأجبت الطلب، وشرحتها كما شرحها جمع خلاصة الفنّ».

وقال عن منهجه في هذا الشرح : إنّه أعرض عن كلّ ما كثر فيه القال والقيل، معوّلاً على ما يقتضيه الدليل، غير متعصّب لمذهب دون مذهب، بل يدور مع الحقّ حيث دار.

2 ـ شفاء السقام في زيارة خير الأنام.

اختلفت آراء العلماء في الصفة الشرعية لزيارة قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ومن العلماء الذين أثبتوا بالدليل أنّ هذه الزيارة مشروعة قاضي القضاة الخزرجي والد التاج السبكي صاحب الطبقات ( ت : 756 هـ )، وقد ألّف كتاباً رأى فيه الشيخ المطيعي أنّه واف بالغرض، فاهتمّ به ونشره، وكتب له مقدّمة بلغت نحو عشرين صفحة، أطلق عليها : «تطهير الفؤاد من دنس الاعتقاد».

فكتاب «شفاء السقام» لقاضي القضاة السبكي، ولم يكن للشيخ تعليقات أو حاشية عليه، وإنّما اكتفى بالمقدّمة التي كتبها، وحمل فيها على من أنكر الزيارة، وآثر لها عنواناً يشير إلى أنّ الأفئدة التي بنت القول بعدم مشروعية الزيارة تحتاج إلى مراجعة نفسها لتتطهّر ممّا شابها من الفهم السقيم أو ممّا يشين صفاءها ونقاءها.

3 ـ حاشية على شرح العلاّمة أبي البركات أحمد الدردير على منظومته في العقائد المسمّاة بالخريدة البهية في علم العقائد الدينية.

وأما مؤلفاته في علوم القرآن فهي:

1 ـ حسن البيان في إزالة بعض شبه وردت على القرآن.

2 ـ الكلمات الحسان في الحروف السبعة وجمع القرآن.

3 ـ حجة الله على خليفته في بيان حقيقة القرآن وحكم كتابته وترجمته.

4 ـ تنبيه العقول الإنسانية لما في آيات القرآن من العلوم الكونية.

5 ـ توفيق الرحمن للتوفيق بين ما قاله علماء الهيئة وبين ما جاء في الأحاديث الصحيحة وآيات القرآن.

ومما كتبه الشيخ في مجال علوم الحديث كتاب «الكلمات الطيّبات في المأثور من الروايات عن الإسراء والمعراج».

ويعدّ كتاب «حقيقة الإسلام وأُصول الحكم» من مؤلّفات الشيخ المطيعي في ] مجال [ الدراسات الإسلامية، ويبلغ حجمه في طبعة المكتبة السلفية بالقاهرة 457 صفحة من القطع الكبير، وقد سبق التعريف به في المبحث الثالث.

أمّا رسالة «حلّ الرمز عن معمّى اللغز» فهي تتناول حلّ لغز أدبي، وهي قصيرة ; إذ تبلغ 18 صفحة من القطع الصغير، وهذا اللّغز بعث به صاحبه نظماً، وينهض حلّه على ما يسمّى بحساب الجمل، وهو ضرب من الحساب يَجعل فيه لكلّ حرف من الحروف الأبجدية وفق ترتيب أبجد، هوّز، حطّي، كلمن.. الخ، عدداً من الواحد إلى الألف. ويدلّ حلّ اللغز على أنّ الشيخ المطيعي كان على معرفة دقيقة بحساب الجمل وتأويله العلمي للرموز التي وردت في السؤال، وأنّه مع حلّه نثراً صاغ هذا الحلّ شعراً، وهذا شاهد آخر على الثقافة الموسوعية.

هذا ما تيسّر الوقوف عليه من مؤلّفات الشيخ والتعريف المجمل بها، ويلاحظ أنّ هذه المؤلّفات غلب على عناوينها السجع، وبعضها كان ردّاً على أسئلة وجّهت إليه، وتفاوتت هذه المؤلّفات في الحجم، وغلب عليها لغة الفقهاء وكثرة النصوص، اللهم إلاّ في المؤلّفات التي كتبت في موضوعات ليست فقهية خالصة.

النتائج

وبعد دراسة حياة الشيخ المطيعي والتعريف العامّ بشخصيته وثقافته ومؤلّفاته يمكن القول : بأنّ أهمّ نتائج هذه الدراسة ما يلي :

أوّلاً : كان الشيخ المطيعي يتمتّع بمكانة علمية شهيرة طبقت العالم الإسلامي كلّه، فلا غرو أن كانت ترد إليه الرسائل من كلّ البلاد الإسلامية.

ثانياً : كان الشيخ علماً من أعلام الإسلام، ومنارة هادية إلى أحكامه، ومثلاً عالياً في الذكاء والعبقرية، رحب الأُفق، واسع المدارك.

ثالثاً : كذلك كان الشيخ يمقت التعصّب المذهبي، ويؤمن بالتقريب بين أتباع المذاهب الفقهية، ويدعو إلى الوحدة الإسلامية.

رابعاً : عاش الشيخ مشكلات أُمّته، وأسهم في علاجها، كما خدم العلم، ودافع عن العقيدة الإسلامية.

خامساً : ترك الشيخ ثروة علمية من المؤلّفات والفتاوى والمحاضرات، عبّرت عن ثقافية موسوعية، واطّلاع على كلّ ما كان يموج في عصره من أفكار وآراء.

المصادر

انظر أيضاَ

قائمة مفتي الديار المصرية