تل عَجاجَة Agaga يقع على الضفة اليمنى لنهر الخابور، على بعد 30 كم جنوبي مدينة الحسكة، ويرتفع نحو283 متراً عن سطح البحر، ويأخذ شكلاً بيضوياً تقريباً، أبعاده 1.8كم شمال شرق و1كم شرق غرب. وقد أثرت الفيضانات العديدة لنهر الخابور، فجرفت قسماً كبيراً من جهته الشرقية ليشكل هنا جرفاً قائماً بشكل حاد باتجاه النهر، وينحدر تدريجياً في الجهة الأخرى منه.

تل عجاجة في سوريا.

زار الموقع السير أوستن هنري لايارد Sir Austan Henry Layard عام 1853، وأجرى فيه تنقيبات أثرية مدة أسبوعين، عثر في أثنائها على بعض المنحوتات والتماثيل وبعض اللقى الأثرية الصغيرة، وزار بعض الرحالة التل وذكروه في كتبهم، وأشاروا إلى أهميته مثل، ابن حوقل والمقدسي وهرتسفلد E. Hertzfeld وأوپنهايم Oppenheim وپواديبار Poidebard، وفي أعوام 1982 و1984 و1989 أجرت المديرية العامة للآثار والمتاحف تنقيبات أثرية عثر فيها على تماثيل ومنحوتات أخرى جديدة كانت خارج نطاق المكان الذي نقب فيه.

أظهرت التنقيبات ثلاث سويات:

  • السوية الأولى وتعود إلى العصور العربية الإسلامية،
  • السوية الثانية وتعود إلى العصور البيزنطية،
  • السوية الثالثة وتعود إلى العصر الآشوري الحديث، وفيها مدخل القصر الذي كان مشيداً فوق مصطبة بُنيت بتربة حمراء مدكوكة ومتماسكة، وبداخله المنحوتات الكبيرة المسماة لاماسو Lamassu (ثور مجنح)، ويؤدي المدخل إلى غرفة أولى تتبعها غرفة ثانية رصفتا ببلاط من الآجر المشوي، تخترقهما قناة لتصريف المياه. وقد وضعت منحوتات اللاماسو على جانبي المدخل، وهي على شكل ثور مجنح برأس إنسان واقف، كذلك هناك منحوتتان تزينان جانبي مدخل الغرفة الثانية، تدل هذه المنحوتات على الرهبة والعظمة في نفس كل من يدخل إلى القصر.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أورثوستات

وعلى جدران المدخل عثر على بعض المنحوتات النافرة المصنعة أيضاً من الحجر الكلسي والمسماة أورثوستات Orthostat، وهي تشكل مع تماثيل اللاماسو وحدة هندسية معمارية متكاملة استعملت في بناء القصور التي كانت في شمالي سورية وقصور الآشوريين في العراق، وهي تزين الجدار وتحميه وتدعمه. وقد تعددت موضوعات الأورتوستات التي عثر عليها في تل عجاجة، مثل اللوحة النافرة الكلسية التي تمثل ثوراً مجنحاً يقف بحركة رشيقة أمام شجرة الحياة، ولوحة نافرة أخرى تمثل طائر العقاب الأسطوري بجسم إنسان يحمل ثمرة صنوبر ووعاء، وفوقه رموز الإله شمس وقمر وعشتار، ولوحة نافرة أخرى لأسد فاغر الفم، ولوحة نادرة تمثل إلهاً واقفاً يمسك بيده زهرة اللوتس ويحمل ماعزاً بيده الأخرى، وجميع هذه اللوحات معروضة في متحف دير الزور. كذلك كان يزين الجزء العلوي من بعض الجدران نطاق من الآجر المزجج والمزخرف بألوان تماثل زخارف قصور الآشوريين المكتشفة في نمرود ونينوى وخرساباد في العراق. كذلك اكتشفت قطعة نادرة، وهي دبوس من حجر المرمر منقوش بالكتابة المسمارية، كان صاحبه يفخر بحمله سلاحاً.


شاديكاني

تمكن علماء الآثار من تحديد موقع المدينة التاريخية شاديكاني Shadikanni التي جاء ذكرها في حوليات الملوك الآشوريين في القرن الحادي عشر ق.م.، والقرن التاسع ق.م.، بتل عجاجة الحالي، من إحدى اللوحات النافرة لمدخل القصر المكتوبة بالخط المسماري، تحمل اسم الحاكم موشزب-نينورتا Mushezeb-Ninurta. ومدينة شاديكاني إحدى المدن المهمة على نهر الخابور، وتذكر المصادر أن الملك الآشوري، آشور ناصر بعل الثاني (878 ق.م.) قد توقف فيها وأخذ الجزية من حاكمها موشزب نينورتا، كما كان يأخذها من والده سابقاً،وتدل المكتشفات على استمرار السكن في المدينة في العصور الرومانية والبيزنطية، لكن اسم المدينة في هذه الفترة مايزال مجهولاً، علماً أنها أخذت اسم مدينة عربان Araban في العهود العربية الإسلامية، وهي غير عربان في محافظة غازي عينتاب، جنوب شرق تركيا). وتدل المصادر في العصر العباسي على أنها كانت من المدن المهمة، وكانت تشتهر بأقطانها وصناعة الثياب، ولها سور واسع، و شاد فيها نور الدين الزنكي جسراً لاجتياز الخابور، هُدَمَ، ولازالت بعض حجارته في النهر.

المصادر

  • أسعد المحمود. "عجاجة (تل -)". الموسوعة العربية.