العلاقات العراقية الكويتية

العلاقات العراقية الكويتية، هي العلاقات الخارجية بين الكويت والعراق. ويوجد للكويت سفارة في بغداد، وللعراق سفارة في مدينة الكويت.

العلاقات العراقية الكويتية
Map indicating locations of العراق and الكويت

العراق

الكويت


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التاريخ

مطالبة كويتيون لضم بلادهم إلى العراق

في فبراير 1939، اجتاحت الكويت مظاهرات عارمة تُنادي بسقوط أمير الكويت، وتطالب بالانضمام إلى العراق "الوطن الأم".

لم يكن هؤلاء المتظاهرون عراقيي الجنسية أو مندسين وعملاء للخارج، وإنما كانوا كويتيين مخلصين من أبناء البلد، اعتقدوا أن مكانه الأمثل هو أن يكون تابعاً لبغداد. رفع المتظاهرون الكويتيون العلم العراقي بجوار لافتات كتبوا عليها "الكويت جزء من العراق".

لم تكن هذه المظاهرات مجرد حدث طارئ على الساحة السياسية الكويتية، وإنما مثّلت الشكل الأكثر حماسة لنشاط التيار القومي الكويتي الذي احتلَّ مكانة كبيرة في الشارع الكويتي، ونال جُل ثقتهم، وهو ما دفع أقطابه للسعي إلى مقارعة الأمير أحمد الجابر وإطفاء تجربته في الحكم، بعد أن اعتبروا أنه يسير بالكويت بعيداً عن جادة الصواب.

شكّل هذا التيار الوحدوي صداعاً كبيراً لرأس أمير الكويت طوال وجوده، وكان طبيعياً أن تقع بينهما المصادمات الواحدة تلو الأخرى، في ظل استحالة التوفيق بين أجندة حاكم متشبث بمنصبه وصلاحياته، وجماعة تسعى لإنهاء وجوده من الأساس.

البداية: وصفة هتلر

بحسب كتاب "أسوار الطين في عقدة الكويت وأيدولوجيا الضم" (1996) لحسن العلوي فإن نهاية الثلاثينيات مثّلت ذروة انجذاب المجتمع الكويتي للنموذج العراقي، وهو ما استغلّه الملك العراقي غازي، في تجييش الكويتيين المفتقدين لخدمات الصحة والتعليم التي يجدونها في جارتهم الكبرى. سعى الملك غازي لتحقيق حلمه بضمِّ الكويت إلى العراق، ليكون أول حاكم عراقي يُعرب عن هذه الرغبة علناً، وهي الرغبة التي ستُشكّل حجر زاوية في العلاقة بين البلدين لاحقاً، بعدما يمضي على ميراثه الاستحواذي حكام العراق اللاحقين، عبد الكريم قاسم وصدام حسين.

في عهد الملك غازي، اعتبرت الحكومة العراقية نفسها وريثة للإدارة العثمانية للخليج، وعليه رأت أن الكويت جزء لا يتجزأ من محافظة البصرة، وأعربت عن هذه الرغبة مراراً للدبلوماسيين الإنجليز الذين رفضوا هذه المطالب مراراً أيضاً.

أتت هذه الخطوة بعد تنامي السخط العراقي على الشيخ أحد الجابر، بسبب عدم قُدرته على الحدِّ من عمليات التهريب من البلدين، وهي العمليات التي اعتبرت بغداد أنها تُفقدها حصيلة جمركية مُعتبرة، فاعتبرت أن ضمّ الإمارة إليها سيحل هذه المشكلة نهائيّاً.

في هذه الأثناء، لمع نجم القائد الألماني هتلر بعدما تمكن من ضم جمهورية النمسا وإقليم السوديت التشيكوسلوفاكي Sudetenland إلى ألمانيا، وهو ما حقّق له شعبية جارفة في أرجاء العالم، دفعت العديد من البلدان الأخرى إلى التقليب في دفاترها القديمة للمُطالبة بأراضٍ انتُزعت منها سابقاً بسبب ضرورات التاريخ.

فطالبت روسيا بضمِّ أوكرانيا إليها، كما طالب الإيطاليون بإعادة فرض هيمنتهم على تونس وجيبوتي، وأعاد العراق طلبه المتكرر بضمِّ الكويت إلى أرضه.

بدأ هتلر مساعيه لضمِّ النمسا عبر تقديم دعمٍ سخي للحزب الوطني الاشتراكي النمساوي، حتى وُصِف بأنه ذراع النازيين في النمسا، وبنمو شعبية هذا الحزب، استسلمت النمسا لإرادة هتلر وانضمّت لألمانيا سلمياً في مارس 1938م بدون رصاصة واحدة.

لم يُخفِ الملك غازي إعجابه بسياسات ألمانيا النازية، بل إن السفير الألماني في عهده تمتّع بنفوذ يوازي السفير الإنجليزي الذي سيطرت قوات بلاده على سائر المنطقة.

لذا، على نفس الخُطى الهتلرية سار الملك غازي، عبر تقديم الدعم لكتلة "الشباب الوطني"، في مساعيها لحصد مشاركة فعّالة في المجلس التشريعي الكويتي، الذي نجح أخيراً في إرغام أمير الكويت على الموافقة على تكوينه، بعد إلحاح مارسه كبار التجار بشأن ذلك الطلب منذ عام 1921.

بحسب دراسة "الحركة القومية العربية في القرن العشرين" لهاني الهندي، فإن الكويت كانت أبرز ساحات العمل الوحدوي العراقي، الساعي لصهر البلاد العربية بأسرها في دولة واحدة تكون بغداد هي عاصمتها الأم.

وفقاً للعلوي، فإنه في ذلك الوقت، مثّل العراق نموذجاً للبلد الحديث الذي تمنّى الكويتيون أن تُصبح بلدهم مثله. بعدما عرفت الإمارة الصغيرة في هذه الفترة سوءاً كبيراً في الإدارة، انعكس في ضعف أداء مؤسسات الدولة التعليمية والصحية وقلّة مياه الشُرب.

حينها كانت غالبية المثقفين الكويتيين أتموا تعليمهم في العراق، وهم الذين سيصيرون لاحقاً عماد "نخبة الرأي" في الكويت، والتي ستقود تأثير الرأي العام في السنوات اللاحقة.

كما أن أغلب التجار، وحتى أفراد الأسرة الحاكمة، امتلكوا مصالح اقتصادية كبيرة في العراق، وخاصةً بساتين التمر في البصرة التي استثمروا فيها الكثير من الأموال.

وبحسب كتاب تأثير الفكر الناصري على الخليج العربي (20003) لنور الدين حجلاوي، فإن هرولة الكويت اقتصادياً نحو العراق نتجت عن الحصار التجاري الذي فرضته السعودية على الكويت بسبب الخلافات الحدودية بينهما، وعجز بموجبه الكويتيون عن التجارة أو الاستثمار مع السعوديين، فأقبلوا على العراقيين بدلاً منهم، وهو زاد من العمق الثقافي العراقي في نفوس الكويتيين.

وفي الوقت الذي لم تعرف فيه الكويت أي صحافة أو إعلام مؤثر بعد، كانت الصحافة العراقية المتطّورة، بمقاييس هذا الزمان، تصبُّ جام غضبها على الشيخ أحمد الجابر، بأسلوبٍ رنّان بليغ على ورقٍ لامع مصقول، وتدعم الكُتل السياسية المُعارِضة للأمير، مثل "كتلة الشباب الوطني" التي داومَت على نشر بياناتها وبرامجها السياسية الإصلاحية.

كما داومت إذاعة قصر الزهور (تأسست بدعمٍ ألماني مباشر) على تبنّي نهج قومي متطرف، يقدّم خطاباً يسعى لدغدغة المشاعر، ويدعو العرب إلى مقاومة الاستعمار والتوحد خلف راية الملك غازي.

وفي الخلفية، من كل هذا كانت الثورة الفلسطينية المنطلقة من عام 1936 ضد المطامع الصهيونية بفلسطين، وحينها كثرت أنشطة الكويتيين الداعمة لفلسطين، سواء عبر الاكتتاب وجمع التبرعات أو شراء الأسلحة وإرسالها إلى فلسطين.

شهد هذا العام ظهور مجلس المعارف الكويتي (1936) إلى النور، والذي ضمّ عدداً من أقطاب "الشباب الوطني" لاحقاً، وهم: عبدالله الصقر، محمدالغانم، سليمان العدساني وآخرون.

في اجتماعٍ له، قرّر مجلس المعارف تحديث التعليم وفقاً للتجربة العراقية، فسعى لاستجلاب مدرّسين عراقيين ومناهج عراقية، وهو ما رفضه الشيخ أحمد، وأمر بجلب المدرسين والمناهج من مصر. وهو ما رفضه المجلس بِاعتبار أن المملكة المصرية وقتها لم تتبنَّ نهجاً عروبياً واضحاً مثل بغداد (لم تلتزم القاهرة بالنهج العروبي الوحدوي إلا لاحقاً في عهد جمال عبدالناصر)، وكحل وسط لهذه الأزمة استُقدم مدرسون فلسطينيون.

هؤلاء المدرسون كانوا النواة لجالية فلسطينة كبيرة في الكويت، بلغ حجمها قرابة 48% من إجمالي العاملين في القطاع العام الكويتي عام 1965، وأبقى جذوة القضية الفلسطينية مشتعلة في نفوس الكويتيين.

 
مقال منشور في جريدة الزمان العراقية سنة 1938

ولا شك فإن التأييد الرسمي العراقي الجارف للهبّة الفلسطينية تركت أثراً في نفوس النخبة الكويتية، فالأسلحة الكويتية هُرِّبت إلى فلسطين عبر الأراضي العراقية، كما أن أموال التبرعات جمعتها صحفية "الناس" التي كانت تصدر في البصرة، وهكذا أصبح العراق بوابة الكويت لدعم فلسطين قضية العرب الرئيسية في تلك الحقبة، فعلَق في الأذهان بصفته الراعي الأكبر لـ"قضية العرب الأكبر".

أيضاً، تبّنى أعضاء كتلة الشباب الوطني موقفاً حادّاً من شيعة الكويت الذين أسموهم بـ"المهاجرين الإيرانيين"، فرفضوا منحهم حقّ التمثيل في المجلس النيابي، وبالتأكيد فإن مساعيهم للتقرّب من العراق حملت نوايا الحفاظ على عروبة الكويت ولو بالذوبان في جسد العراق، تحسباً ليوم ينال فيه الشيعة أغلبية تسمح للإيرانيين بالسيطرة على البلاد، على حد قول جاسم الصقر (أحد قادة "الكتلة الوطنية") للدكتور فلاح المديرس، والذي وثّقه في كتابه الحركة الشيعية في الكويت (1999).

سريعاً غرست تلك الأقاويل المكثفة بذورها في التربة الكويتية. يحكي دكتور مجيد خدوري في كتابه العراق الجمهوري (1974)، أن شخصيات كويتية عامة ناشدت الملك غازي في بيانات عامة أن يتدخّل ويضمُّ العراق ويُنهي نظام الحُكم القائم.

كتلة الشباب الوطني والانفجار

بدأت كتلة الشباب الوطني الكويتية بمجموعة شباب بدأوا في إرسال عرائض الشكوى إلى الأمير، يُطالبونه بإصلاح أحوال البلاد، بلغ عددهم قرابة 200 شاب كانوا يجتمعون بشكلٍ غير سري فوق سطوح المنازل.

وفي أواخر عام 1937، كوّنوا جمعية قادَها 12 عضواً، داوموا على نشر آرائهم المعارضة في الصحافة العراقية، وكانوا يكتبون بيانات ملتهبة العبارات ضد الأمير، يطبعونها في العراق ثم يُوزعونها في الكويت.

أثمرت تلك الضغوط عن موافقة الأمير على تشكيل مجلس تشريعي، خاض هؤلاء الشباب الوطنيون غمار انتخاباته تحت اسم "الكتلة الوطنية"، وحازوا أغلبيته، وترأّسه عبدالله سالم الصباح عضو الأسرة الحاكمة، الذي عُرف عنه تعاطفه مع تلك الحركة.

منذ لحظات تأسيسه الأولى، لم يخفِ المجلس "هواه العراقي"، فعددٍ من أبرز نواب المجلس، مثل عبدالله حمد الصقر وسليمان العدساني وعبداللطيف الغانم، كانوا أعضاء صفوف "الحزب القومي العربي" الذي تعرّف عليه الصقر والعدساني خلال إقامتهما في سوريا والعراق. تبنّى ذلك الحزب نهجاً متطرفاً للقومية العربية، على غرار النهج الفاشي والنازي، باعتبار أن نجاح هذا النهج في أوروبا، يقتضي الاستعانة به في العالم العربي لحل مشكلة فلسطين والقضاء على الاستعمار.

نجحت الدعاية العراقية في تحقيق غرضها كأفضل ما يكون، بعدما اجتمع المجلس التشريعي الكويتي، وصوّت 10 من أصل 14 عضواً لصالح الانضمام إلى العراق.

استدعت هذه الخطوة ردّ فعلٍ عنيف من قِبل الشيخ أحمد، الذي أمر فوراً بحلِّ المجلس واعتقال جميع أفراد "كتلة الشباب الوطني"، كما منع المواطنين من الاستماع إلى إذاعة قصر الزهور بالقوة الجبرية.

في هذه القرارات تلقّى أمير الكويت دعماً بريطانيّاً وسعوديّاً خوفاً من امتداد تلك التجربة إلى باقي الخليج، ورفضاً لسياسات الملك غازي الوحدوية. وهنا لا يجب نسيان التنافس التاريخي بين السعوديين والهاشميين، فالمملكة السعودية بالأساس أقيمت على أنقاض المملكة الحجازية الهاشمية. ورغم ذلك ظلَّ السعوديون ينظرون إلى الهاشميين طويلاً نظرة ريبة، لأنهم منافسوهم الوحيدون القادرون على ادّعاء أحقيتهم في عرش بلاد الحجاز.

وبالمقابل، اكتسبت هذه الحركة زخمًا كبيرًا في أنحاء الوطن العربي -ربما بسبب دعم العراق لها وفي كتاب "الكويت.. بريطانيا، الصباح، النفط" (1999) للمؤرخ البريطاني سايمون سميث أكد أن صحفًا في مصر وسوريا ولبنان وفلسطين والأرجنتين ناصرت "قضية الشباب"، وحينما أحصى تقرير استخباراتي بريطاني عدد الجرائد المؤيِّدة للحركة فاقت الـ23 صحيفة في شتى أنحاء الوطن العربي.

 
صحيفة عراقية تعارض الدستور الكويتي الجديد سنة 1939

المجلس التشريعي الكويتي: متى سنحكم البلاد؟

أيضاً لا يُمكن فهم هذا الموقف التصادمي للمجلس التشريعي إلا في السياق الزمني، الذي شهد الكثير من الشد والجذب بين القوى الإصلاحية في مجتمع الكويت، وبين أمير البلاد، حتى باتوا يلتمسون أي سبيل للخلاص منه.

فمنذ بداية العشرينيات، تزعّم التجار والأعيان حركة تدعو إلى ضرورة مشاركة الأمير في اتّخاذ القرارات، وهو ما استجاب له أمير البلاد في النهاية، عبر تأسيس أول مجلس شورى خليجي في أبريل 1921، ترأّسه أحمد الصقر كبير التجار.

رغم هذه الخطوة، فشل المجلس في المشاركة في نظام الحكم الكويتي، وظلَّ عاجزاً عن اتخاذ أي قرار حتى تم حلّه.

لم يمنع هذا الفشل من ممارسة المزيد من الضغط على الأمير لإعادة التجربة النيابية مجدداً، وهو مالم يتم إلا عام 1934، الذي شهد انتخاب الكويتيين لأعضاء مجلس البلدية، والذي سرعان ما تم حلّه مُجدداً.

ووفقاً لكتاب المجالس التشريعية في دول مجلس التعاون (2010) لعبدالعزيز ابل، فإن هذا "الاحتدام النيابي" بين المجالس المنتخبة وبين الأمير ظل مستمرّاً، بسبب رغبة كل مجلس في تحديد صلاحيات الأمير المُطلقة، والإشراف على كافة الاتفاقيات الخارجية والاقتصادية، وهو ما أغضب البريطانيين كذلك، لاعتبارهم أن إدارة الملفات الخارجية والداخلية أيضاً في دول الخليج يجب ألا تتمّ بمعزلٍ عنها.

قرارات الحل المتتالية والتملُّص من وعود توسيع دائرة المشاركين في الحُكم زادت من نقمة البرلمانيين القوميين على الأمير وسياساته، التي بدت لهم لم ولن تنسجم مع مساعيهم الوحدوية أبداً، فتمنّوا إزالة نظامه بالكلية من الصورة.

وحينما أوشك العقد الرابع من القرن العشرين على الانزواء، كان أبناء التجار الكويتيين الذين تأثروا بالتجربة العراقية في الاقتصاد والسياسة هم النواة الصلبة للعملية السياسية في البلاد. وحينها كان أمير البلاد يفتقر إلى بنية أمنية قوية من أجهزة استخباراتية تُنبئه بالخطر قبل وقوعه، فترك "الحبل على الغارب" لشباب الكويت المتحمّس، في الاجتماع والتجييش والانتشار حتى امتلكوا أغلبية نيابية.

أقرَّ برلمان 1938، أن الأمة هي مصدر السلطات، ومنح نفسه الحق في إقرار الشؤون القضائية والاقتصادية، والحق في الموافقة أو الرفض لمراسيم الأمير. لذا حينما وقع التصادم بين الطرفين، بادر الأمير إلى التخلص من المجلس بالكلية، وفرض قبضته على السلطات مجدداً.

في كتاب القومية العربية... الأمة والدولة، نظرة تاريخية (2002) يؤكد الدكتور يوسف الشروي أن بعض أعضاء المجلس التشريعي سعوا لمقاومة هذا التحرك باستخدام الورقة العراقية مجدداً، فوزّع سليمان العدساني عريضة على أعضاء المجلس تدعو الملك غازي إلى ضمّ الكويت إلى العراق. قُبض على العدساني وأُودع في السجن، فيما هرب زميله عبدالله الصقر إلى العراق، وكذا فعل بقية "الكويتيين الوحديين"، الذين هربوا إلى العراق، وتحمّسوا بشدة لثورة رشيد الكيلاني عام 1941 ضد الإنجليز.

تقول همسة الجميلي في كتابها الإصلاح السياسي في دول مجلس التعاون الخليجي (2011): بعد حل المجلس، ألغى الشيخ أحمد الدستور المقترح، ووضع بدلاً منه دستوراً جديداً ينصُّ على الروابط العميقة بين بريطانيا والكويت، كما أمر بتشكيل كيان جديد "منزوع الصلاحيات" منحه اسم "مجلس الشورى"، اقتصر أعضاؤه على أفراد الأسرة الحاكمة والأعيان المقرّبين من الأمير.

ويضيف فلاح عبدالله مديرس في كتابه المجتمع المدني والحركة الوطني في الكويت، أنه بالتخلص من "كتلة الشباب" دخلت الكويت في حالة ركود على الصعيد السياسي والثقافي، لم تفق منه إلا في منتصف الأربعينيات.

رغم فشلها في تحقيق أغراضها، بقيت "الكتلة الوطنية" خير معبّرٍ عن أقوى حركة معارضة شهدتها الأسرة الحاكمة في الكويت، وبقيت التجربة باقية في وجدان السياسة الكويتية، حتى أن عام 1938م بات يُطلق عليه شعبياً بـ"سنة المجلس".

لذا كان من اللافت جداً أن تعلن مجموعة "معارضة شبابية" أيضاً عن نفسها في عام 2006، للمطالبة بإجراء إصلاحات على نظام الحكم في الكويت، متّخذة اسم "كتلة الشباب الوطني"، ومعتبرة نفسها امتداداً لكتلة عام 1938 ونهجها الإصلاحي. [1]


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

غزو الكويت

بعد انتهاء حرب الخليج الأولى عام 1988 ، بدأت بوادر خلافات بين النظام العراقي البعثي و السلطات الكويتية حلفاء الأمس . كانت الذرائع الأساسية للرئيس العراقي السابق صدام حسين هو خلافات حول بعض آبار النفط في المناطق الحدودية ، أما بشكل غير مباشر فكان صدام يعيد إحياء أفكار حول كون الكويت أحد المحافظات التاريخية التابعة للعراق . في 2 أغسطس 1990 اجتاحت القوات العراقية الكويت و اطاحت بحكم آل الصباح لحين عودتهم بعد انحسار الجيش العراقي على يد قوى التحالف في حرب الخليج الثانية.

العلاقات الحديثة

 
مصطفى الكاظمي ومرزوق الغانم، الكويت، 24 أغسطس 2021.

في 23 أغسطس 2021، وصل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى الكويت على رأس وفد حكومي، اجتمع فيما بعد مع المسؤولين في دولة الكويت. وأثارت صورة تساؤلات رواد مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، لشخص جلس بين الكاظمي والغانم، وكأنه مترجم بينهما. ومن جانبها، علقت شبكة روداو العراقية، قائلة: "ترى ما هو عمل الرجل الذي يتوسط رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم ورئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، هل يستعين الغانم بمترجم؟".[2]

وقال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، إن "جدول أعمال زيارته للكويت صفحات مفتوحة من القلب إلى القلب". وأوضح رئيس الوزراء العراقي أن "معالجة الملفات وفق القواعد القانونية والأخوية التي ترعى مصالح الطرفين، لإحقاق الحقوق ولإزالة أي معوقات من درب التعاون، هو المقصد الأهم".

من جهته، رحّب أمير دولة الكويت، الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، بحسب البيان، برئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي والوفد المرافق له في الكويت، معربًا عن "تمنياته بتعزيز التعاون بين البلدين الشقيقين، وأكد أن الكويت ستظل مساندًا للعراق وحكومته في مواجهة الكثير من التحديات، والمشاركة في تذليل العقبات؛ من أجل تعزيز أفضل العلاقات، وبما يضمن مصالح شعبي البلدين". وأكد الكاظمي قبيل مغادرته بغداد، وفقا لبيان لمكتبه الإعلامي، أن "الزيارة تأتي ضمن مساعي الحكومة؛ لتعزيز التعاون، والعلاقات الثنائية مع مختلف الدول، ومنها دولة الكويت الشقيقة"، موضحا أن "الزيارة ستبحث في العديد من الملفات الاقتصادية، والسياسية، والطاقة، والاستثمار، وغيرها من الملفات، وتعزيزها بما يخدم مصلحة الشعبين الشقيقين".


في 29 يناير 2022، أعلنت الكويت تعليق رحلاتها الجوية إلى العراق عقب الهجوم الذي استهدف مطار بغداد الدولي اليوم السابق. وقالت شركة الخطوط الجوية الكويتية إن القرار جاء بناء علي التعليمات الصادرة من الإدارة العامة للطيران المدني. وتابعت الشركة أن التعليق جاء بناء علي التعليمات الصادرة من الإدارة العامة للطيران المدني، وذلك "نظرا للأوضاع الراهنة في الجمهورية العراقية".[3]

مستقبل العلاقات بين البلدين

لا يمكن لمستقبل العلاقات العراقية-الكويتية القيام على أسس متينة من الثقة والتوافق والتسامح والأخاء ما لم يصار الى حل القضايا المعلقة بين البلدين وابرزها الالتزامات المالية على العراق والتي تتمثل في:

1- التعويضات:

وتقدر قيمتها بنحو 177.6 مليار دولار اميركي وهي التعويضات الناجمة عن الاجتياح العراقي للكويت عام 1990 وأقرت الامم المتحدة منها 37.2 مليار دولار استلمت الكويت منها 9.3 مليار.

2- الديون:

تقدر ديون الكويت على العراق بحوالي 13.2 مليار دولار اميركي بدون الفوائد المالية المستحقة على هذه الديون.

وفي المؤتمر الذي عقد في مدريد للدول المانحة وشاركت فيه 60 دولة تم جمع 33 مليار دولار لإعمار العراق من ست دول بالاضافة الى البنك الدولي والاتحاد الاوروبي.

وكانت الكويت والسعودية من بين الدول المشاركة في هذا الدعم حيث تعهدت الكويت بتقديم مليار ونصف مليار دولار، فيما تعهدت السعودية بتقديم مليار دولار فقط.

وينتظر الجميع من الاشقاء الكويتيين اطفاء الكثير من الديون والتعويضات بوصفها ديوناً بغيضة مازال الشعب العراقي يعاني من انعكاساتها نتيجة لطيش النظام السابق وتلاعبه بمقدرات ومستقبل العراق والدول المجاورة، خاصة وان العلاقات بين البلدين تنطوي على نسيان آلام الماضي وما حفل به من اخطاء وتجاوزات لفتح صفحات جديدة مشرقة من التعاون والتفاهم والمحبة على الامد البعيد.

كما ان دور الكويت في عمليات اعادة اعمار العراق مازال وارداً كما يتوقع خبراء خليجيون، إذ ستكون الكويت بما تملكه من اموال وشركات وخبرات اكثر تأهيلاً ومنافسة للاسهام في هذه العمليات فضلا عن قدرتها الاقتصادية والتجارية على تغطية ما تحتاجه السوق من سلع وخدمات وبضائع وستكون مساهمة الكويت وقطاعها الخاص في اعمار العراق مدخلاً مهماً لاقامة شراكة دائمة متطورة تضمن مصالح البلدين على حد سواء، وتزيد من تلاحمها لدعم التنمية والاستقرار والتقدم في المنطقة.

وهذا ما أكده السيد نوري المالكي رئيس الوزراء اثناء زيارته للكويت في مطلع تموز 2006 من ان لدى حكومته برنامجا طموحا لجذب رؤوس الاموال العربية قائلاً:”اننا نرحب من خلال هذا البرنامج بالمستثمرين العرب ورؤوس الاموال العربية لمن يريد ان يستثمر في العراق ونتمنى ان يوجهوا استثماراتهم في العراق في برامج اعادة الاعمار“.

وأضاف المالكي في المؤتمر الصحفي الذي حضره رؤوساء تحرير الصحف المحلية انه:”لا توجد ازمة حدودية مع دولة الكويت.. ونحن لا نجد ازمة كبيرة بين دولة الكويت والعراق حتى تعقد لها جلسة محادثات وانما هناك مسألة فنية تعمل لجنة فنية على متابعتها“، مؤكدا على”ان سياستنا مبنية في الوقت الراهن على تثبيت العلاقات المتينة بين العراق وجيرانه“، وشدد المالكي من جانب اخر على اهمية حسم الامور في كل القضايا من خلال الوضوح والشفافية لاسيما فيما يتعلق بموضوع الديون والمشاكل الفنية الحدودية والمشروعات المعطلة بين البلدين لان الوضوح سيعمل على بناء قاعدة متينة من العلاقات ننطلق من خلالها وبشأن قضية الديون قال المالكي”نحن نتطلع الى مساعدة اشقائنا لاسيما ان هناك عددا من دول العالم اسقطت ما نسبته 80% من ديونها، ولذلك نحن نتمنى على اشقائنا مساعدتنا في هذا الشأن“. وبشأن القول ان دولة الكويت جزء لا يتجزأ من العراق أكد المالكي ان”مقولة دولة الكويت جزء من العراق تعتبر سيمفونية صدامية، والحديث بمثل هذا القول هو عود على بدء في اطار المؤامرة“ مبيناً ان”هذا الموضوع محسوم بالنسبة لي ولن يكون هناك عودة الى هذا المنطق التافه“. [4]

الحدود المشتركة

تعود مشكلة الحدود بين البلدين الى مطلع ثلاثينيات القرن الماضي عندما طلبت بريطانيا من العراق ترسيم الحدود مع الكويت ليتسنى له الحصول على استقلاله والانضمام الى عصبة الأمم في العام 1932. فبعث رئيس الوزراء العراقي وقتذاك نوري السعيد برسالة الى السلطات البريطانية في 21 تموز 1932 تتضمن وصفاً تفصيلياً للحدود البرية بين البلدين.

وخلال المباحثات التي كانت جارية بين العراق والأردن عام 1958 لتشكيل ”الاتحاد الهاشمي“ اقترح نوري السعيد على بريطانيا منح الاستقلال للكويت ليتسنى لها الدخول في الاتحاد كدولة مستقلة. لكن بريطانيا رفضت هذا الاقتراح وبقيت الكويت محمية بريطانية.

وفي العام 1961 قررت بريطانيا منح الاستقلال للكويت لكن الزعيم عبدالكريم قاسم وخلال مؤتمر صحفي عقد في وزارة الدفاع يوم 25 حزيران 1961 طالب بضم الكويت الى العراق على اساس انها كانت قضاء عثمانياً تابعا لولاية البصرة في العهد العثماني.

وباءت هذه المحاولة بالفشل عندما قامت بريطانيا بانزال قواتها في الخليج للدفاع عن الكويت. وبقي العراق معارضاً لإنضمام الكويت للأمم المتحدة حتى انقلاب 8 شباط 1963 حيث دعت الحكومة العراقية الجديدة الى حل النزاع بالطرق السلمية.

واثر ذلك وصل وفد كويتي برئاسة صباح السالم الصباح ولي العهد الى العاصمة بغداد واجتمع بوفد عراقي برئاسة احمد حسن البكر رئيس الوزراء في ذلك الوقت.

وتمخض الاجتماع عن توقيع محضر مشترك صدر في 4 تشرين الثاني 1963 تم بموجبه الاعتراف باستقلال دولة الكويت وسيادتها على اراضيها وحدودها. وبالرغم من كل ما جرى من مداولات ومشاورات بشأن الحدود العراقية الكويتية، بقيت مسألة الحدود بالنسبة للجانب العراقي مرسومة على الورق فقط، في الوقت الذي تطورت فيه العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين البلدين ولم تظهر اية مشكلة بهذا الشأن حتى عام 1989.

وتعززت العلاقات بين البلدين اكثر خلال قيام الحرب العراقية-الايرانية، اذ قدمت الكويت للعراق خلال هذه الحرب دعماً مالياً واقتصادياً واعلاميا لا يمكن التقليل من شأنه ابداً منذ بداية الحرب وحتى توقفها في 8/8/ 1988.

وطوال هذه المدة بقيت قضية ترسيم الحدود بين البلدين بعيدة عن المداولة والنقاش على ارض الواقع، وبعد انتهاء الحرب العراقية-الايرانية بدأت بوادر ازمة ترسيم الحدوج بين البلدين تلوح في الافق نتيجة لأسباب عديدة ابرزها:

1- قيام العراق بعقد معاهدات وتسوية مشاكل بينه وبين الاردن والسعودية كل على حدة في الوقت الذي اجل اتخاذ اجراءات مماثلة مع الكويت الى وقت اخر وهو ما يفسر كاسلوب من اساليب الضغط على الكويت او ورقة سياسية يمكن اللجوء اليها عند الحاجة.

2- مطالبة صدام لدولة الكويت بالتنازل عن ديونها للعراق واعتبارها منحاً ومساعدات قدمتها الكويت للعراق ليدافع عن استقلالها ووجودها امام المد الايراني. وكانت هذه محاولة من قبل النظام السابق لمواجهة الدمار الاقتصادي الذي لحق بالعراق بعد انتهاء حربه مع ايران.

3- إقدام الكويت ودولة الامارات العربية المتحدة على زيادة انتاجهما من النفط بعد توقف الحرب العراقية-الايرانية، ويبدو ان سبب هذه الزيادة للتعويض عن انخفاض اسعار النفط عالميا.. لكن هذه الزيادة في الانتاج ادت الى انخفاض جديد جعل سعر البرميل الواحد يصل الى 12 دولاراً فقط. وقد ادت هذه السياسة الى تحمل العراق خسائر تقدر بسبعة مليارات دولار سنوياً.

وامام هذا الواقع طالب النظام العراقي السابق دول الخليج كافة بالتنازل عن ديونها واعتبارها منحاً ومساعدات بحجة انه كان يخوض حربه مع ايران بالنيابة عن هذه الدول.

ولم تتوقف المطالبة عند هذا الحد بل تعدته الى مطالبة هذه الدول بتقديم عشرة مليارات دولار كمنحة للعراق وتأجيره جزيرة وربة وبوبيان الكويتيتين. ولم تنفع الجهود الدولية والعربية لاحتواء هذه الازمة المتفاقمة التي اخذت تتطور وفق تداعيات خطيرة.

ففي اواخر يوليو 1990 عقد اجتماع في الطائف بين وفد عراقي يرأسه عزت الدوري ووفد كويتي يرأسه الشيخ سعد العبد الله الصباح ولي العهد.

وفي الاجتماع الاول وافق الوفد الكويتي على دفع 9 مليارات دولار فقط. وتبرع العاهل السعودي الملك فهد بالمليار العاشر في حفلة عشاء ضمت الوفدين، وفيما ظن الكثيرون ان الاجواء عادت الى الهدوء طالب الوفد الكويتي بترسيم الحدود دوليا قبل قيامه بدفع ما تعهد به من اموال للطرف العراقي. وهذا ما ادى الى تجدد الازمة والجدل من جديد. وعاد الوفد العراقي الى بغداد دون ان يحقق شيئاً. وفي 2 آب 1990 اصدر الرئيس العراقي السابق صدام اوامره للجيش العراقي المحتشد على الحدود الكويتية باجتياح الكويت بالكامل.

وبقيت القوات العراقية في الكويت لمدة ستة اشهر، ورفض النظام السابق وساطة الوفود الرسمية والشعبية من مختلف دول العالم بالانسحاب من الكويت، مما ادى الى تشكيل تحالف دولي يضم عددا من الدول العربية لتحرير الكويت من سيطرة القوات العراقية. واستطاعت العمليات التي سميت بـ”عاصفة الصحراء“ اخراج هذه القوات من الكويت بالقوة.

وصاحب ذلك قيام الانتفاضة الشعبانية في العراق على اثر هذا الانسحاب لتتفاقم ازمات النظام السابق سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. واثر هذه العملية شكل مجلس الامن لأول مرة في تاريخه لجنة خاصة لتخطيط الحدود بين البلدين. واعتمدت في اجراءاتها على رسالة نوري السعيد عام 1932 والمحضر الموقع بين العراق والكويت عام 1963 .

وجرى تخطيط الحدود من قبل هذه اللجنة وتم اعتراف النظام السابق بما ورد فيها في تشرين الثاني عام 1994 كشرط من شروط رفع الحصار الاقتصادي، لكن العلاقات لم يتم تطبيعها بين البلدين الشقيقين لوجود الكثير من الامور المعلقة بينهما خاصة قضية الاسرى والمفقودين الكويتيين اثناء الاجتياح العراقي للكويت.. وبقيت الامور على ما هي عليه حتى سقوط النظام السابق في 9 نيسان 2003 فسارعت الكويت بروح انسانية عالية الى دعم الشعب العراقي فكانت من الدول التي اسهمت في ارسال التعزيزات الغذائية والطبية للمواطنين في العراق اثناء العمليات العسكرية لقوات التحالف، وشهد الجنوب العراقي نشاطاً ملحوظا في تقديم هذه المساعدات، اضافة الى الدعم والمنح التي التزم بها الكويت مع الدول المانحة.

في مارس 2013، احتجت الكويت للأمم المتحدة عن استيائها من مظاهرة نظمها عراقيون أخذوا يلقون حجارة، احتجاجاً على اتفاق لترسيم الحدود وأبرز ذلك التوترات القائمة بين البلدين رغم مرور عشر سنوات على الاطاحة بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين.[5]

في 12 أكتوبر 2020، صرح مسؤول بالحكومة الكويتية أن بلاده علقت العمل في مشروع ميناء مبارك الكبير في جزيرة بوبيان، والذي تبلغ تكلفته 6.5 مليار دولار، مرجعاً ذلك إلى إجراء المزيد من دراسات الجدوى.[6]

ونقلاً عن يوسف العبد الله الصباح، المدير العام لمؤسسة الموانئ الكويتية، فإن أرض المشروع يمكن إتاحتها لمشاريع أخرى، مثل توليد الطاقة وتحلية المياه. وأضاف الصباح: "إنه بالنظر إلى عمق المياه المحاذية لمشروع الميناء عند 1.5 متر، فإن تكاليف الجرف والأعمال ستكون هائلة، ولن يبدو إنشاء ميناء مُجدياً أو مربحاً، وتسبب المشروع أيضاً بمشاكل جيوسياسية مع جيراننا" في إشارة إلى الجارة العراق.

وتحدث عن أحد أسباب إيقاف المشروع، التي قال إنها ترجع إلى الأزمة الاقتصادية التي تعيشها بلاده بسببب جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط. وأوضح أنه سيتم طرح مناقصة لتصميم مشروع الميناء الذكي خلال الأسابيع المقبلة، موضحاً أنه سيتم الإعلان عن ترسية مناقصة تطوير البنية التحتية قريباً لميناء الشويخ.

ويعد مشروع ميناء مبارك الكبير مكوناً رئيساً من المرحلة الأولى من خطة مدينة الحرير شمالي البلاد، التي تبلغ قيمة مشاريعها نحو 86 مليار دولار، إضافة إلى أنه كان جزءاً من خطة رؤية "كويت 2035" الطموحة التي شملت 11 مشروعاً آخر، منها 3 مشاريع لتطوير موانئ في مناطق الشعيبة والدوحة والشويخ، و4 مدن لوجيستية، وميناء بري، ومشروع ميناء ذكي.

وكانت الأعوام الثلاثة الماضية قد شهدت خلافات بين العراق والكويت حول اتفاقية تتعلق بتنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله الحدودي بين البلدين والذي يقع فيه مخطط مشروع ميناء مبارك الكبير، تزامنت مؤخراً مع تصاعد الأصوات العراقية الداعية إلى إلغاء الاتفاقية.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

العلاقات الاقتصادية

حقول النفط المشتركة

تمتد حقول نفطية على جانبي الحدود الكويتية - العراقية، التي رسمت بقرار أصدرته الأمم المتحدة عام 1993، وافق عليه العراق رسمياً وتتمسك به الكويت، لكن ساسة عراقيين وبعضهم في الحكومة لا يفتؤون من حين الى آخر يشككون في عدالة الظروف التي رسمت فيها الحدود. ويدعون الى اعادة التفاوض في شأنها، وهو أمر قد يطرأ على أي اتفاق نفطي مستقبلاً.

في شمال الكويت، مجموعة من الحقول النفطية أهمها الروضتين وبحرة والصابرية، وفي جنوب العراق حقول الزبير والقرنة وجزيرة مجنون، وهناك حقل مهم يمتد في اراضي البلدين من الشمال الى الجنوب، ويقع الى الغرب من منفذ صفوان العبدلي الحدودي، يسميه الكويتيون الرتقة ويسميه العراقيون الرميلة. والاتفاق على هذا الحقل اهم صعوبات التعاون النفطي الذي تحدث عنه الوزير العبدالله. ومعروف ان الرئيس العراقي السابق صدام حسين، اتخذ من الملف النفطي مدخلاً لمشروعه غزو الكويت عام 1990، حين اتهم الكويتيين بأنهم يسرقون نفط العراق عن طريق الحفر الافقي تحت الارض.

وعلى رغم التحسن المهم في العلاقات بين البلدين بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، وتبادل السفراء، فإن منطقة الحدود لا تزال تشهد من حين الى أخر حوادث اطلاق نار وتسلل، فيما ينظم عراقيون تظاهرات مضادة للكويت.

وتتخذ الكويت اجراءات أمن مشددة جداً على امتداد الشريط الحدودي، اقامت موانع كثيرة تشمل خندقاً حدودياً وانبوب حديد عائقاً للسيارات، وسوراً مكهرباً وأبراج مراقبة بصرية وحرارية. كما أقامت الكويت منفذاً وحيداً لعبور المدنيين والبضائع الى العراق، وهناك منفذ عسكري خاص بالقوات الغربية العاملة في العراق والتي لها قواعد لوجستية ضخمة في الكويت وتتخذ ميناء «الشعيبة» في جنوب الكويت منفذاً استراتيجياً لحركة نقل المعدات العسكرية من العراق وإليه.

مصدر في الصناعة النفطية الكويتية قال لـ «الحياة» ان أي تفاهم على تلك الحقول الحدودية «اذا تجاوز العقبات السياسية والامنية» سيـتضمن «تعقيدات فنية وعملية كثيرة لا يمكن التغلب عليها الا بدرجة عالية من التوافق والثقة بين حكومتي البلدين».

وقال ان تجربة الكويت في التعاون النفطي مع السعودية و«هي دولة لها اوثق الصلات مع الكويت، مما لا تمكن مقارنته بحال العراق»، أظهرت ان التفاصيل التنفيذية للانتاج المشترك للنفط «تستغرق سنوات من التفاوض والتنسيق كي يُنجز التفاهم حولها».[7]

وكان ترسيم الحدود بين الكويت والسعودية عام 1922 ترك ما سمي «المنطقة المقسومة» ومساحتها أربعة آلاف كيلومتر مربع من دون اتفاق، وحين ظهر النفط هناك في حقل «ام قدير الشرقي» البري، وحقل «الخفجي» البحري، اتفقت الكويت والرياض على تقاسم الانتاج النفطي في «المنطقة المقسومة» مناصفة، واستمر هذا الاتفاق حتى الآن مع ان هذه المنطقة لم تعد موجودة، إذ سوى اتفاق عام 1968 سيادة الدولتين عليها فذهب نصفها الشمالي للكويت ونصفها الجنوبي للسعودية.

اتفاق القسمة النفطي السعودي - الكويتي تضمن الاتفاق مع شركة انتاج اجنبية (شركة الزيت العربية المملوكة لليابان) على ادارة عمليات الانتاج، على ان توزع بالتساوي فرص العمل للمواطنين الكويتيين والسعوديين فيها، لجهة العدد والرواتب، وان يتناوب على رئاسة الشركة مدير سعودي وكويتي كل ثلاث سنوات. وتدير شركة نفط الخليج (KGOC) منذ 6 سنوات حقوق الجانب الكويتي، بينما تتولى شركة متفرعة عن آرامكو مصالح الجانب السعودي.

ويستبعد المصدر ان تكون هناك ادارة عمليات نفطية مشتركة بين الكويتيين والعراقيين «بالسلاسة القائمة بين الكويت والسعودية، وذلك للأسباب التاريخية والسياسية المعروفة ولو استعين بشركة أجنبية لادارة الانتاج».

وكان العراق وقع أخيراً اتفاقات مع شركات اجنبية لتطوير حقوله الجنوبية، بينها «بي بي» البريطانية، وقال المصدر النفطي الكويتي: «بي بي (بريتش بتروليوم) كانت تقوم، حتى سنتين مضتا، باستشارات لنا في حقول الشمال (الكويتية) وهي الآن وقعت مع العراق اتفاقاً في شأن بعض حقوله الجنوبية». وسأل: «هل ستستخدم المعلومات الخاصة بالحقول الكويتية لغير مصلحتنا في مفاوضات تقاسم النفط مع العراق مستقبلاً»؟

وكشف ان شركات نفط عاملة في العراق قدمت طلبات الى الحكومة الكويتية لتأمين منفذ حدودي خاص بها لعبور افرادها ومعداتها من الموانئ الكويتية الى العراق، الأمر الذي سيثير حساسيات كثيرة لأسباب امنية وسيادية.

وأعلنت الحكومة الكويتية أخيراً مشاريع طموحة لتطوير مناطق شمال الكويت صناعياً وإسكانياً، وبناء موانئ في جزيرة «بوبيان»، ما قد يساعد في إرساء تعاون اقتصادي ونفطي واسع مع العراق. لكن سياسيين مستقلين وكثيرين من أعضاء مجلس الامة (البرلمان) الكويتي، يشككون في سلامة التوجه الحكومي نحو مزيد من التقارب مع العراق الذي لا يتوقعون ان يتمتع باستقرار في السنوات المقبلة، خصوصاً بعد الخروج الاميركي منه وتزايد النفوذ الايراني فيه، واستمرار الحساسيات الأمنية والمذهبية في المنطقة.

في 3 سبتمبر 2010 أكد وزير النفط الكويتي الشيخ أحمد العبد الله الصباح أن الكويت والعراق توصلا الى اتفاق أولي في شأن تقاسم حقول النفط الحدودية وللسماح لشركة نفط عالمية بتطويرها، قد يعطي انطباعاً بأن البلدين يوشكان على خطوة كبيرة الى أمام في مجال التعاون ونسيان الماضي. غير ان مصدراً نفطياً كويتياً قال لـ «الحياة» إن في هذا الملف من التعقيدات الفنية والامنية والسياسية ما لا يجعل تنفيذه بالسهولة التي أوحت بها تصريحات الوزير. وكانت وكالة رويترز نقلت عن الشيخ احمد أن الاتفاق يتضمن اختيار شركة عالمية للتنقيب عن النفط في تلك الحقول لمصلحة كلا البلدين، لكنه اوضح أنه لم يجر بعد اختيار اي شركة. وقال ان البلدين «اتفقا من حيث المبدأ»، وان الجانب الكويتي «وقع الاتفاق الذي قد يوقعه الجانب العراقي هذا الاسبوع أو الاسبوع المقبل». وأضاف ان الاتفاق «سيعمل بتجنب أي مزاعم مستقبلية بأن أياً من البلدين يفرط في استغلال الحقول المشتركة».

النقل

في 15 ديسمبر 2020، أعلنت لجنة النزاهة النيابية العراقية، عن رفض العراق بشكل رسمي الربط السككي مع الكويت، وأضافت أن: "موضوع الربط السككي مع الكويت حسم بشكل فني، وأن موضوع الربط السككي الكويتي انتهى لأنه يؤثر بشكل حقيقي في الموانئ العراقية وعلى مشروع طريق الحرير". [8]

وكان وزير النقل ناصر حسين الشبلي، قد أكد في اليوم نفسه، أن مشروع القناة الجافة سينفذ أما عن طريق الاستثمار أو القروض الميسرة، مشيراً إلى أنه نقطة انطلاق طريق الحرير إلى أوروپا. وقال الشبلي: إن "الوزارة تخطط لتبدأ بالقناة الجافة التي تتكون من الفاو بخطين، الأول إلى تركيا والثاني من تركيا إلى أوروپا سواء النقل التجاري أو نقل المسافرين"، مشيراً إلى أن "الشركة العامة للسكك الحديد أكملت المخططات الخاصة بالمشروع، وكان من المؤمل أن يتم تنفيذه إلّا أنه بسبب الضائقة المالية، سيتم التنفيذ أما عن طريق الاستثمار أو عبر القروض الميسرة".

كردستان العراق

في 13 أكتوبر 2020، استقبل أمير الكويت، الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، رئيس إقليم كردستان العراق، نچرڤان بارزاني. خلال اللقاء الذي عُقد في قصر البيان، قدم نچرڤان بارزاني التعازي لوفاة الأمير جابر الصباح، وهنأ الشيخ نواف على تسلمه مقاليد الحكم. كما بحث الجانبان العلاقات بين إقليم كردستان والكويت، وأكدا على تعزيزها في جميع المجالات بحسب بيان لرئاسة إقليم كردستان. وقدم رئيس إقليم كردستان شكره للدعم والمساعدات الإنسانية الكويتية للإقليم، وخاصة في الإعانات المرسلة للاجئين السوريين والنازحين العراقيين في الإقليم، كما أشاد بدور وفاعلية ونشاطات القنصلية العامة للكويت في إقليم كردستان.[9]


مرئيات

قصيدة الشاعرة الكويتية سعاد الصباح "الى سيف عراقي"

التي ألقيت في مهرجان المربد الشعري في قاعدة المؤتمرات في بغداد في ١٩٨٥ .

عبد الكريم قاسم حاول احتلال الكويت عام 1961

قبل صدام ب 29 سنة لكنه تراجع

انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ "أنقذنا يا غازي من آل الصباح... كويتيون ناضلوا لضم بلادهم إلى العراق".
  2. ^ "لقطة غريبة خلال زيارة رئيس الوزراء العراقي إلى الكويت تثير التساؤلات... صور". سپوتنيك نيوز. 2021-08-24. Retrieved 2021-08-24.
  3. ^ "الكويت تعلن تعليق رحلاتها إلى العراق مؤقتا إثر الهجوم الذي استهدف مطار بغداد". فرانس 24. 2022-01-29. Retrieved 2022-01-29.
  4. ^ جريدة الصباح
  5. ^ [www.albedaiah.com/node/23813 "الكويت تحتج لدى الأمم المتحدة على مظاهرة عراقية ضد ترسيم للحدود"]. جريدة البداية. 2013-03-12. Retrieved 2013-03-12. {{cite web}}: Check |url= value (help)
  6. ^ "الكويت تعلق العمل في أضخم ميناء حدودي مع العراق". الخليج أونلاين. 2020-10-13. Retrieved 2020-10-13.
  7. ^ "تعقيدات فنية وسياسية تعرقل تقاسم النفط بين الكويت والعراق". جريدة الحياة اللبنانية. 2010-08-30.
  8. ^ "النزاهة النيابية: العراق رفض بشكل رسمي الربط السككي مع الكويت". أخبار العراق. 2020-12-15. Retrieved 2020-12-16.
  9. ^ "أمير الكويت يستقبل رئيس إقليم كردستان". جريدة الشرق الأوسط. 2020-10-14. Retrieved 2020-10-14.