الخلاف السني الشيعي

تفترق الطائفة الشيعية عن أهل السنة والجماعة في أنها لا تقر بأحقية خلافة الخلفاء الراشدين الثلاث الأوائل: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب و عثمان بن عفان. ويرى الشيعة أن الأحق بذلك هو الخليفة علي بن أبي طالب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وانه قد أوصى له بذلك وان إمامته منصوص عليها ومحددة من قبل الله ، بينما يرى أهل السنة أن الإمامة لم يتم تحديدها من قبل الله لعلي بن أبي طالب لعدم ورود نص صريح على ذلك من القرآن .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

تاريخ الخلاف

يرى البعض أن جذور الخلاف الرئيسي بين السنة والشيعة تعود إلى أكبر وأول أزمة مر بها التاريخ الإسلامي، وهي الفتنة التي أدت إلى مقتل عثمان بن عفان، هذه الفتنة وما خلفته وراءها من نزاعات عنيفة لا سيما بين معاوية بن أبي سفيان وعلي بن أبي طالب الخليفة الراشدي الرابع كانت السبب الرئيسي وراء تفتت المسلمين. وكان الموقف الأساسي لمعظم الصحابة هو محاولة إنهاء هذا الخلاف والاصلاح بين الطرفين كما حدث من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها والبعض أخذ موقف حيادي من النزاع، أمثال عبد الله بن عمر الذي صرح بهذا الموقف مرات عديدة. وهذه الحيادية، وإن كانت تميل في الكثير من الأحيان لإعطاء الأحقية في النزاع لعلي دون معاوية، إلا أنها في النهاية تنحو نحو المساواة بين كافة الصحابة وعدم الخوض في تفسيق أحد منهم أخذاً بالقول أن (المجتهد إذا أخطأ فله أجر، وإذا أصاب فله أجران). فالانقسام في تلك الفترة كان سياسي، طرفاه هم شيعة علي وشيعة معاوية والبعض يرى أن لعبد الله بن سبأ ضلع كبير في الفتنة. ولم يكن الخلاف بين علي ومعاوية قد أخذ في حينه بعداً عقدياً كما هو اليوم ، إنما كان الخلاف على السلطه فقط ، إلا أنه ومع مرور الوقت تحول الى خلاف عقدي ابان ظهور علماء من الطائفة الاثني عشرية في القرن الثالث الهجري الذي توفي فيه الإمام الحادي عشر عند الطائفة الاثني عشرية والقول بأن له ولد يعتبر الامام الثاني عشر عندهم ويسمونه المهدي واختفائه في سرداب سامراء . منذ ذلك الزمن بدأت تظهر مصنفات لعلماء الشيعة الاثني عشرية أدت بما تحويه من آراء الى اتساع هوة الخلاف بين الفريقين ، وأصبحت النظره السائدة لدى الشيعة أن أهل السنة ظلموا أهل البيت واغتصبوا حقوقهم واضطهدوهم معتبرين ما حدث للحسين بن علي رضي الله عنهما في موقعة كربلاء أحد ركائز هذا الاضطهاد وأصبح تصنيفهم لأهل السنة على أنهم نواصب لأهل البيت معادين لهم وبدأت تتسع دائرة الخلاف لتنادي بالأخذ بثأر الحسين ، وكان لهذا التحول اثره في الصراعات الدامية بينهم عبر التاريخ ، والبعض يتهم الدولة الصفوية في إثارة هذه الخلافات العقدية بين المسلمين .


نظرة كل من الطرفين إلى بعضهما البعض

يرى كثير من علماء أهل السنة وخاصة السلفية كفر علماء الشيعة وخاصة الطائفة الإثنا عشرية ، دون عوامهم ، وحجتهم في ذلك هو تكفير أأمة وعلماء الاثني عشرية للصحابة واعتبارهم ارتدوا عن الاسلام بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم ، وطعنهم هذا في الصحابة يلزم منه الطعن في القرآن لأنه وصل الى الأجيال اللاحقة عن طريقهم وكذلك السنة . ومن الأسباب أيضاً القول بتحريف القرآن الكريم وهو قول له اعتباره عند علماء الاثني عشرية ومنهم من ألف كتاباً أسماه ( فصل الخطاب في إثبات تحريف كلام رب الأرباب ) .

وفي المقابل يرى كثير من علماء الشيعة وخاصة الإثنا عشرية أن من لم يعتنق مذهبهم او يؤمن بالولاية كافراً . يقول محمد حسن النجفي في جواهر الكلام ( 6/26 ط دار إحياء التراث العربي بيروت ) : ( والمخالف لأهل الحق كافر بلا خلاف بيننا … كالمحكي عن الفاضل محمد صالح في شرح أصول الكافي بل والشريف القاضي نور الله في إحقاق الحق من الحكم بكفر منكري الولاية لأنها أصل من أصول الدين ) ، ويقول الملا محمد باقر المجلسي في (بحار الأنوار) (23/390): (اعلم أن إطلاق لفظ الشرك والكفر على من لم يعتقد إمامة أمير المؤمنين والأئمة من ولده عليهم السلام وفضَّل عليهم غيرهم يدل أنهم مخلدون في النار ). ويقول آية الله الماقاني في تنقيح المقال (1/208) باب الفوائد – ط النجف 1952): (وغاية ما يستفاد من الأخبار جريان حكم الكافر والمشرك في الآخرة على من لم يكن اثني عشريا)، يقول الشيخ محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي الملقب بالصدوق في رسالة الاعتقادات (ص103- ط مركز نشر الكتاب - إيران 1370) ما نصه: (.. واعتقادنا فيمن جحد إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والأئمة من بعده - عليهم السلام - أنه كمن جحد نبوة جميع الأنبياء، واعتقادنا فيمن أقر بأمير المؤمنين وأنكر واحدًا ممن بعده من الأئمة أنه بمنزلة من أقر بجميع الأنبياء وأنكر نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم"، وينقل حديثًا منسوبًا إلى الإمام الصادق أنه قال: " المنكر لآخرنا كالمنكر لأولنا ).

وبالنظر الى وقائع التاريخ يظهر جلياً أن مسألة التقارب بين الطرفين مستبعدة جداً بسبب تمسك كل طرف برأيه .

و بالرغم من هذا فأن أكثر الدول يتعايش الشيعة والسنة فيها بشكل قد يخلو تقريبا من الحدة أو النزاع المسلح تماما وخصوصا في الكويت والبحرين والسعودية والإمارات .