أحمد سيكو توري


أحمد سيكو توري (و. 9 يناير 1922 - ت. 26 مارس 1984)، هو زعيم سياسي غيني وأول رئيس لغينيا، من 1958 حتى وفاته عام 1984. كان توري من بين الوطنيين الغينيين الرئيسيين الذين ناضلوا من أجل حصول غينيا على استقلالها عن فرنسا.

أحمد سيكو توري
Ahmed Sékou Touré
Sekou Toure usgov-83-08641.jpg
سيكو توري أثناء زيارة رسمية للولايات المتحدة عام 1982.
رئيس غينيا الأول
في المنصب
2 أكتوبر 1958 – 26 مارس 1984
سبقهلا أحد (تأسيس المنصب)
خلـَفهلوي لانسانا بياڤوگي
تفاصيل شخصية
وُلِد(1922-01-09)يناير 9, 1922
فارانا، غينيا
توفيمارس 26, 1984(1984-03-26) (aged 62)
كليڤلاند، أوهايو،
الولايات المتحدة
القوميةغيني
الحزبالحزب الديمقراطي الغيني
الزوجأندري توري

كمسلم متدين من العرقية المندينكية، كان سيكو توري الحفيد الأكبر لرجل الدين المسلم المندينكي البارز ساموري توري الذي أسس حكماً إسلامياً مستقلاً في غرب أفريقيا. أعلن عام 1960 عن تأسيس الحزب الديمقراطي الغيني، الحزب القانوني الوحيد في البلاد، وحكم منذ ذلك الحين كديكتاتور افتراضي. أعيد انتخابه دون معارضة لأربع فترات مدتها سبع سنوات في غياب أي معارضة قانونية. تحت حكمه قتل الكثير من الناس بما في ذلك على كامپ بويرو سيء السمعة.

يُعدّ سيكوتوري واحداً من أبرز القادة النقابيين والسياسيين المعتدلين في القارة الأفريقية. وفي الفترة الأخيرة من حياته أسهم بنشاط ملحوظ في منظمة المؤتمر الإسلامي، وترأس في عام 1982 وفد المنظمة للوساطة في الحرب العراقية الإيرانية. ألّف سيكوتوري عدداً من الكتب السياسية وله ديوان شعر مطبوع.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

السنوات المبكرة

 
كان ساموري توري مؤسس امبراطورية واسولو، دويلة إسلامية في غينيا المعاصرة والتي قاومت الحكم الاستعماري الفرنسي في غرب أفريقيا من عام 1882 حتى القبض على ساموري توري عام 1898.

كان والد سيكو توري وأمه فلاحين فقيرين أميين يعملان في الزراعة للقيام بأود عائلتهما، وقد أطلق عليه اسم سيكو توري التي تعني "شيخ الطريقة| لأنه بدأ حياته بالمواظبة على كتّاب تحفيظ القرآن.

لم تكن نشأة سيكو توري مختلفةً عن بني جلدته، فكانت نشأةً بسيطةً، في جوٍّ محافظٍ دينيّاً وثقافيّاً، وُلد في 29 يناير 1922، في مدنية فارانا، في أسرةٍ ريفيّةٍ ملتزمة دينياً، ويَنتسب أحمد سيكو توري بن ألفا توري إلى عرقية مندينكا، التي كان لها دَوْرٌ نضاليٌّ كبيرٌ ضدّ الاحتلال الفرنسي، فجدّه هو الإمام سَامُوري تُورِيه، مؤسّس إمبراطورية واسولو، الذي قاد الحركة الوطنية ضدّ المحتل الفرنسيّ حتى نهاية القرن التاسع عشر.

اطّلع سيكو توري في تلك الفترة على أعمال فلاسفة الشيوعية فانبهر بهم، وبخاصّة كارل ماركس وفلاديمير لينين، ثم حاول سيكو توري الدخول في غمار الوظائف، ولم يكن له حظٌّ إلا في وظائف تافهة، لكنه اسْتَطَاعَ من خلالها تمويل تعليمه وإكماله بدورات بالمراسلة، ولذا لم يحصل على مؤهّلٍ أكاديمي رسمي.


الدراسة والعمل النقابي

 
سيكو توري عام 1958.

بعد تركه المدرسة الدينية، انتقل أحمد سيكوتوري للدراسة في مدرسة جورج پوار الفرنسية في كوناكري، وبعد عام واحد من دراسته أي في عام 1936، طرد منها لقيادته إضراباً يٌطالب بتوفير الطعام للطلاب، وبعد طرده من المدرسة أكّب على القراءة ليعوض ما فاته من الدراسة. بعد ذلك عمل كاتبا في مؤسسة خاصة هي مؤسسة النيجر الفرنسية، ثم تركها ليعين كاتباً في مصلحة البريد والاتصالات الغينية، ثم عمل موزعاً للبريد ثم محاسباً في الإدارة المالية. وخلال عمله في مصلحة البريد انخرط سيكوتوري في النشاط العمالي والنقابي، واستطاع تأليف أول نقابة لعمال البريد والاتصالات في غينيا، وبعيد مدة قصيرة قامت هذه النقابة، بقيادته بتنظيم أول إضراب ناجح لعمال البريد والاتصالات في غينيا استمر 76 يوماً، من أجل زيادة الأجور ومنع التسريح التعسفي. وفي عام 1945 أصبح سيكوتوري الأمين العام لنقابات عمال البريد والاتصالات، ثم عضواً قيادياً في اتحاد نقابات عمال غينيا الذي أسس بعد ذلك بمدة قصيرة. وانتسب هذا الاتحاد الى الاتحاد العام للشغل (CGT) Confédération générale du travail، وهو منظمة عمالية فرنسية يقودها الحزب الشيوعي الفرنسي، وتضم عدداً من اتحادات نقابات العمال في فرنسا ومستعمراتها. وانتخب سيكوتوري رئيساً للاتحاد العام للشغل في إفريقيا. وبعد فترة وجيزة انتخب سيكوتوري نائباً لرئيس اتحاد النقابات العالمي الذي أصبح اتحاد عمال غينيا عضواً فيه.[1]

النضال ضد الاستعمار

 
سيكو توري في زيارة ليوغسلاڤيا عام 1961.

كان النظام الاستعماري الفرنسي نظاماً إداريّاً مركزيّاً، ذاق الإفريقيون تحته الكثير من صنوف العذاب، مثل: سياسة العنف الفرنسية، والتفرقة العنصرية.

وبالإضافة إلى ذلك قام الفرنسيون باستخدام الأفارقة في الحربين العالميتين، على سبيل المثال تمّ تجنيد 15.000 رجل في 1930، وتحويلهم إلى الرماة السنغاليون، وهو النعت الذي كان يُنعت به الأفارقة السود في الجبهة الفرنسية آنذاك، بين 1939-1940، وتمّ إرسال حوالي 80.000 أفريقي إلى فرنسا، وبين 1943-1945 عَبَرَ نحو 100.000 أفريقي البحر المتوسط للقتال في إيطاليا وغيرها.

ولم يقتصر الاستغلال الفرنسي للأفارقة على استخدامهم في غمار الحرب، فقد كان الأفارقة يعملون في المناجم لتقديم المواد الخامّ لفرنسا، وفي المزارع، والأعمال الشاقّة القسرية اللاإرادية التي أكلت أرواح ملايين الأفريقيّين، والأدهى من ذلك كلّه والأمرّ، تقديم الإفريقيّين الضرائب للنظام الكولونيالي لتمويل الحربَيْن العالميتَيْن.

منذ أواسط أربعينات القرن العشرين امتد نشاط سيكوتوري النقابي إلى الميدان السياسي، وكانت باكورة نشـاطه في هذا الميدان تعاونه مع كل من السياسيين فيلكس هوفويه بوانييه (من ساحل العاج) وليوبولد سنگور (من السنغال) لتأسيسس التجمع الديمقراطي الأفريقي، وهو حزب أخذ ينشـط في غرب أفريقيا الفرنسي، من أجل تحرير البلدان الأفريقية من الاحتلال الفرنسي وأسس الحزب الديمقراطي الغيني الذي أصبح أكبر حزب سياسي في البلاد.

وفي عام 1955 انتخب سيكوتوري رئيساً لبلدية كوناكري، فوجه اهتماماً خاصاً لتحسين الأحوال السكنية والمعاشية للعمال والفقراء عامة.

في عام 1956، في عهد الجمهورية الفرنسية الرابعة، انتخب سيكوتوري ممثلاً لغينيا في الجمعية الوطنية الفرنسية. ورأى سيكوتوري أن هذا المكسب هو موقع مهم للدفاع عن حق شعب غينيا في الاستقلال. في عام 1957 أصبح سيكوتوري نائباً لرئيس المجلس التنفيذي (مجلس الوزراء) في غينيا.

خطبته الشهيرة أمام ديجول

لقد كان سيكو توري شخصية كاريزمية ديناميكية، وعلى قدرٍ كبيرٍ من العبقرية ورجاحة العقل، الذي من خلاله تمكّن أن يبعث الروح العاطفية المؤثّرة في النّاس فكريّاً وحسيّاً وانفعاليّاً، بواسطة مهاراته الخطابية الأخّاذة، الملامسة لحاجة النّاس.

فوجئ الجنرال ديجول بسلوك المستقبلين له بشوارع كوناكري، وهم يصرخون بكلمة (Independence)، وعندما وصل إلى القصر الشعبيّ؛ وقف البطلُ الغِيني الإفريقي على المنصّة، وهو ابن خمسةٍ وثلاثين ربيعاً، ليُلقي خطبةً تُكتب بماء الذهب، يردّدها جيلٌ بعد جيل، ومما قاله فيها:

  السيد رئيس حكومة الجمهورية الفرنسية: إنّ هناك لحظات حاسمة في حياة الأمم والشعوب تحدّد مصيرهم، لحظات تاريخية نسجتها أيادي الأبطال بطريقتهم الخاصّة، طريقة تعبّر عن التطوّر البشري وعن جهاده...

الرئيس؛ نعلم أنكم كُلِفتم بمهمّة الحفاظ على وحدة المجتمع الفرنسي، هذا طموحٌ وجهدٌ نبيل، يُفترض من خلاله أن تفهم مطالب الشعوب الملتصقة بالمجتمع الفرنسي واحترام وَعْيها... في الواقع؛ يجب ألا تَكُون الأراضي [الأفريقية] الحالية AOF وAEF كيانات سرمدية، فسوف تتحولان إلى دولتَيْن قويتَيْن صديقتَيْن لفرنسا، ليسود الاحترام الإنساني والاجتماعي، وكذلك الاقتصادي والسياسي لدستور برلمانات هذه الدول وحكوماتها الديمقراطية.

نَحْنُ الأفارقة في غينيا؛ على ثقةٍ بأنّ شجاعتنا وولاءنا وسعينا المتواصل المُنتِج للخير، وحبّنا للعدالة والتقدّم، سيقود- مع مرور الوقت- قوة مجتمعنا مستقبلاً نحو الازدهار والحرية... سوف يؤكد الاستفتاء في 28 سبتمبر أنّ الموقف الغِيني مواتٍ فقط لما ينصّ عليه الدستور:

1- الحقّ في الاستقلال والمساواة القانونية بين الشعوب المعنيّة، حقٌّ يعادل حرية هذه الشعوب لبناء مؤسّسات يختارونها، وممارستها في نطاقٍ واسعٍ في ولاياتهم وفي مجتمعاتهم، وإعطائهم قوة تقرير المصير والحكم الذاتي.

2- بدون قانون الانفصال؛ سوف تَكُون العلاقات الفرنسية الإفريقية في الوقت الراهن علاقة عشوائية، أو ضبابية، ومفروضة على الجيل الناشئ.

3- سيسّهل [الاستفتاء] التضامن الفعّال بين الشعوب والدول الحليفة تسريع تنميتها، ولقد قلنا لكم بصراحة، الرئيس، مَا مطالب الشعب؟... مطالبنا الأولى وحاجتنا الأساسية: كرامتنا، بحيث لن تكون هناك كرامة دون حرية، فنحن نفضّل أن نعيش بحريّتنا كفقراء على أن نعيش عبيداً بترف.

 

وقعت هذه الخطبة على الجنرال ديغول وقوع الجمرة في الهشيم، لأنّ الحُلْم الفرنسيّ لمشروع المجتمع الفرنسيّ تحوّل إلى كابوسٍ في غِينيا، وربما في إفريقيا أجمع، وأجاب الرئيس الفرنسيّ في نبرةٍ غاضبة: «حسناً يمكنكم أن تحصلوا على استقلالكم، لن تعترض فرنسا، لكن سيكون هناك بالطبع عواقب».

استقلال غينيا

 
استفتاء استقلال غينيا، 28 سبتمبر 1958.

بعد تلك الخطبة الشهيرة في 25 أغسطس، والاستفتاء في 28 سبتمبر، أُعلنت غينيا دولة مستقلة في 2 أكتوبر 1958، وأصبح أحمد سيكو توريه رئيساً لجمهورية غينيا، في وقتٍ ليس في هذه الدولة الحديثة سوى 200 خريج جامعي، ونسبة الأمية 95%، ومتوسط الدخل السنوي لمعظم الفلاحين حوالي 40 دولار.

وبرغم كلّ هذه التحديات؛ فإنّه انتقد النُّخب الإفريقية المؤيّدة لفكرة الاندماج الإفريقي الفرنسيّ بقوله: «وإنه لسخفٌ كبيرٌ من جانب أولئك الزعماء الإفريقيّين المندفعين وراء أوهام الاندماج ونعيمه، التي لا يمكن أن يصلوا إليها بأفكار واقعهم العنصريّ الخاص، ونحن لا نقصد بالواقع العنصريّ مجرد الصفات البيولوجية، ولكننا نقصد الفروق الأساسية التي هي أكثر أهميّة، والتي لا يمكن أن تنصهـر في البوتقة الأوروبية الإفريقية التي يحلُم بها هؤلاء السّاسة».

رئيس غينيا

 
سيكو توري في زيارة لرومانيا عام 1979.

في عام 1958 طرح الرئيس الفرنسي شارل ديجول أمام المستعمرات الفرنسية استفتاء للتصويت على أحد خيارين: الانضمام إلى رابطة اتحادية مع فرنسا أو الاستقلال. ووجد سيكوتوري في هذا الاستفتاء فرصة سانحة لتحقيق استقلال بلاده، فقاد مع حزبه حملة شعبية واسعة ترفض الارتباط بفرنسا وتطالب بالاستقلال، وجاءت نتيجة الاستفتاء مؤيدة لرأي سيكو توري وحزبه، إذ اختارت الأغلبية الساحقة من السكان الاستقلال عن فرنسا. وكانت غينيا هي المستعمرة الفرنسية الوحيدة في إفريقيا التي لم تقبل الإبقاء على ارتباطها بفرنسا. وفي الثاني من أكتوبر 1958 أُعلنت غينيا جمهورية مستقلة، وتولى سيكوتوري رئاسة الحكومة، ثم انتخب رئيساً لجمهورية غينيا في 17 يناير 1961.

رد الفرنسيون على نتائج الاستفتاء بسحب جميع خبرائهم وموظفيهم المدنيين، ونقل جميع معدات المواصلات القابلة للنقل إلى فرنسا. وتفادياً لوقوع انهيار اقتصادي في البلاد قبل سيكوتوري المساعدات التي عرضها الاتحاد السوفييتي والدول الاشتراكية السابقة. وفي الوقت نفسه توجه لطلب المساعدة من بعض الدول الأوربية الغربية، كما عمد إلى الاقتراض الخارجي.

وفاته

تُوفي أحمد سيكو توري عام 1984، خلال عملية جراحية أُجريت له في كليڤلاند، أوهايو، الولايات المتحدة، وهو رئيس لجنة السَّلام الإسلامية التابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي.

مواقف وسياسات

الوحدة الأفريقية

 
أندري توري، زوجة سيكو توري والسيدة الأولى الغينية.

كان سيكوتوري مسانداً متحمساً لنضال جميع الشعوب الأفريقية للتحرر من الحكم الاستعماري، كما تعاون بحماس مع الرئيس الغاني كوامي نكروما، وساند برنامجه الداعي إلى إقامة وحدة سياسية أفريقية. ولكن الاتحاد الذي أعلن عنه في أواخر عام 1960، لم يتحول إلى قوة مؤثرة على الساحة الأفريقية، كما انضمت غينيا في عهده إلى حركة عدم الانحياز. وكان لسيكو توري أثر مهم في تثبيت دعائم الحركة وترسيخها على الصعيدين الأفريقي والدولي.[2]

وفي أواخر الستينات ساءت الأوضاع الاقتصادية في البلاد بسبب مواقف الدول الغربية من سياسته وفي مقدمتها فرنسا، وزاد الوضع تفاقماً حين شن المنشقون الغينيون اللاجئون إلى غينيا الپرتغالية المجاورة (غينيا-بيساو) في عام 1971، هجوماً على العاصمة كوناكري بدعم من سلطات غينيا الپرتغالية لإسقاط حكم سيكو توري. وبعد إحباط الهجوم واعتقال بعض مدبريه، قام سيكوتوري بعملية تطهير سياسي واسعة في البلاد، وفرض القيود على تحرك القوى المعارضة، وواصل حكمه بقبضة من حديد.

وفي السنوات التالية زاد سيكو توري من تركيز السلطة بين يديه، وأصبح أكثر اعتماداً على أفراد أسرته وقبيلته الذين تولوا المناصب الرئيسة في البلاد، وجمعوا من وراء ذلك ثروات ضخمة بطرق غير مشروعة. ومع أن الحزب الديمقراطي الغيني الذي أسسه سيكو توري قد حافظ على السلطة إلا أنه فقد الكثير من جماهيريته، ولم يجد من يدافع عنه حينما وقع الانقلاب العسكري في غينيا بعد وفاة سيكوتوري بمدة قصيرة.

لما انسحبت غينيا من المجتمع الفرنسيّ لقيت ما لقيت من صنوف التهديدات، التي كادت الدولة تنهار بسببها؛ لولا التفاف الشعب الغِينيي حول رئيسهم سيكو توري، وبرغم ذلك؛ لم تحدّ هذه الأزمات من طموح سيكو توري.

- توحيد الدول الإفريقية المستقلة تحت لواءٍ واحد:

سعى سيكو توري إلى توحيد الدول الإفريقية المستقلة تحت لواءٍ واحد، وكان لزيارته للرئيس الغاني كواميه نكروما أثرٌ كبيرٌ في غرس البذرة الأولى لتأسيس مُنظّمة الوحدة الإفريقية (الاتحاد الإفريقي حاليّاً)، حيث كوّنَا «اتحاد غينيا وغانا»، وانضمت إليهما مالي في 1960، وسُمّي: «اتحاد الولايات الإفريقية المستقلة».

انقسم الاتحاد بسبب الخلافات إلى وحدتَيْن متنازعتَيْن: وحدة مونروفيا، ووحدة الدار البيضاء، ولقد كان لكلٍّ من هاتَيْن الوحدتَيْن فلسفة متباينة في البحث عن حلول المشكلات الإفريقية.

ولم يستسلم سيكو توري لهذه المشكلات برغم تفاقمها وتشابكها، فاتصل بأقدم رئيسَيْن في القارة: الرئيس الإثيوبي «هيلي سيلاسي» والرئيس الليبيري «ويليام توبمان»، مقترحاً فكرة وحدة إفريقية تحت لواءٍ واحد، فاقتنع الرئيسان بفلسفة الرئيس توري، وبدأ كلٌّ منهما بإقناع نظرائهما بالفكرة، فاقتنعوا ووافقوا على إرسال وزراء خارجيتهم إلى العاصمة الإثيوبية لمناقشة سبل مَزْج الوحدتَيْن، وكلُّ هذه الأعمال كانت من أفكار سيكو توري.

- مساندته لجنوب إفريقيا في تحريرها دبلومسيّاً وماديّاً:

ساند سيكو توري جنوب إفريقيا في تحريرها دبلومسيّاً وماديّاً، وفي هذا يقول أحد رؤساء جنوب إفريقيا، في إحدى زياراته لغينيا كوناكري: «عندما قلتُ للرئيس مانديلا بأني ذاهبٌ إلى غينيا، فقال لي بأن أُبَلّغ تحيته الأخوية الحارّة إليكم- رئيس غينيا- وأن أقدّم إليكم الشكر على دعمكم ومساعدتكم لشعب جنوب إفريقيا في مقاومتهم لأجل التحرير»، فردّ الرئيس الغِيني قائلاً: «إنّ دولتنا صادقة لحُلْم القومية الإفريقية التي ظلّت جزءاً من سياستنا الخارجية».

- تقوية حكم نكروما:

ومن أعمال سيكو توري: تقوية شوكة حكومة الرئيس نَكرُومَا- رئيس غانا- في الانقلاب العسكري عام 1966، وقد دعاه أحمد سيكو توري إلى تولّي منصب نائب الرئيس لحكومة غينيا، وهو مشهد لم يتكرر في تاريخ السياسة العالمية كثيراً إلا في غينيا في عهد سيكو توري.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الثقافة الوطنية

كان سيكو توري يُدرك أهمية الثقافة في حياة الشعوب؛ لذا فقد اهتمَّ باللغة الوطنية، وكان من مقولاته: «يجب ألا تظلّ إفريقيا خاضعةً لأفكار وأساليب التعبير التي فرضتها فرنسا وإنجلترا والبرتغال، وغيرها من الدول الأوروبية، عليها إلى الأبد- إذا تبنّت هذه الدول لغاتها كلغات رسمية-، بل يتحتَّم على الدول الإفريقية استعادة تقييم لغاتها الوطنية الخاصّة، وتحويل اللغة الوطنية الغِينيّة إلى لغةٍ ثقافية؛ تسمح لها باستعادة أصالتها؛ بتحرّرها من أشكال التعبير الأجنبية التي غالباً ما تَكُون البرهان والدليل على النقص الفكري».

وأضاف أنّ «الكولونيالية حطّمت الشخصية القومية الإفريقية؛ إلى حدٍّ جعل بعضنا ينظر إلى قيمنا وتراثنا وتقاليدنا الأصيلة، وصور إنسانيتنا، بعين الازدراء، بأنها مظهرٌ لحياةٍ همجيةٍ بدائية، لكي يخلق فينا العُقَد التي تؤدّي بنا إلى اختيار أسلوب الفَرْنسة... لذلك يجب أن نسعى بجهودنا المتواصلة لإيجاد طريقنا الخاص للتفكير والتطوّر؛ إذا أردنا أن يتمّ تطوّرنا دون المساس بشخصيتنا الإفريقية، إنّ أيسر طريقٍ لحلّ مشاكلنا هو الذي ينبع من واقعنا الإفريقي، وكلّما كانت هذه الحلول صادرةً من صميم طبيعتها وتطوّرها النظري وهدفها العلمي؛ كان حلّ المشكلات أسهل وأبسط، لأنّ الذين يشتركون في وضعها لن يكونوا ضائعين في متاهات التفكير النظريّ المجرد، والبُعد عن واقعهم وظروفهم الخاصّة، هكذا يجب أن تعبّر صفاتنا المميزة عن إبداعنا الأصيل في التفكير والعمل».

لمّا كانت الثقافة في أعلى سلّم اهتمامات الرئيس توري، حيث ربطها بسياسته الوطنية، لقد قال في الذكرى الأولى للاستقلال 2 أكتوبر 1959م: «إذا كانت الثقافة ظاهرةً غير منفصلة عن الإنسان؛ فيتحتّم على القادة السياسيّين، الذين اكتسبوا ثقة النّاس بطريقةٍ حرّة وديمقراطية، مسؤولية توجيه تلك الثقافة على النَّهْج الصحيح، فَهُم- في الوقت نفسه- الناطقون والممثلون أو المدافعون [الرسميّون] عن تطلّعات شعوبهم وقِيَمهم الثقافية»(9).

التدخلات الفرنسية في ادارته

في الوقت الذي كانت فيه نيران حرب الاستقلال مشتعلةً في الجزائر؛ أراد ديغول منح الدول الإفريقية جنوب الصحراء استقلالاً ضمنيّاً، لتَكُون لفرنسا الكلمة العليا في السياسات الخارجية والداخلية والأمنية العسكرية والاقتصادية لهذه الدول.

وكانت فرنسا تحلُم بأن تستعيد قوتها وهيمنتها على غينيا؛ لِمَا وهبها اللهُ لها من الموارد الطبيعية والأراضي الزراعية الخلابة، فهناك تسعة أنهار إقليمية تنبع من غينيا، منها على سبيل المثال نهر النيجر.

ولقد سمّى الكاتب الفرنسيّ رولان بريه (Roland Pré) غينيا: «الانفجار الجيولوجي» Scandale Geologique ، وقال: «وتحتفظ غينيا الفرنسية باحتياطيات هائلة من المواد الخام على كامل أراضيها، ولكننا سوف ننظر بشكلٍ رئيسيٍّ إلى الودائع القريبة من البحر، التي من المرجّح أن تُستغل الآن: الإيداع الحديدي لشبه جزيرة كالوم، ويشمل جزيرة تومبو... يشكّل واحداً من أكثر الودائع العالمية المستوردة، متوسط محتوى الحديد من الخام الإيجابي المعترف به هو ما يقرب من 5%، والحمولة من هذا الخام الإيجابي المعترف بها هو 606,000,000 طن. أما بالنسبة للخام المحتمل؛ فيمكن تقدير حمولته بحوالي 2 مليار طن؛ بمتوسط 44% من الحديد».

جازف سيكو توريه في خطبته المشهورة، فكانت كإحدى الموبقات السّبع آنذاك، وصارت غينيا الدولة الفرانكوفونية الوحيدة في القارة الإفريقية التي عارضت خطّة فرنسا؛ متيقنة بأنّها لا تضمن لإفريقيا استقلالاً حقيقيّاً، فحوّلت خطبة سيكو توريه الحُلْم الفرنسيّ إلى كابوس.

وجاء ردّ الفعل الفرنسي أشبه بانتقام الحبيب المهجور، فغادر ثلاثة آلاف فرنسيّ غينيا، حاملين معهم كلّ ما يستطيعون، ومدمّرين كلّ ما لم يستطيعوا نقله، فالمدارس ودُور الحضانة والمباني الإدارية العامّة حُطِّمَت، والسيارات والكتب والأدوية وأدوات المؤسّسات البحثية والجرارات خُرِّبت وسُحِقَت، والخيول والأبقار في المزارع قُتلت، والأطعمة حُرقت أو سمّمت.

واتخدت الاستخبارات الفرنسية عدة خطوات لتُبْركَ غينيا سيكو توريه على قَدْميها أمام فرنسا العظمى، في تلك الأثناء كان جاك فوكار- رئيس الاستخبارات الفرنسية SDECE - موجوداً في دكار مع فريقه المكلّف بغينيا، وكان موريس روبرت Maurice Robert المسؤول عن غينيا.

ومن العمليات التي دبّرتها الاستخبارات الفرنسية لإسقاط حكم سيكو توريه:

- شنّ حربٍ اقتصادية ودبلوماسية على غينيا: اقترح هذه الفكرة الجنرال پول گرسون Paul Grossion، فقامت الخدمة السابعة بالاستخبارات الفرنسية بتنفيذها بقيادة غاي ماريان Guy Marienne، حيث قام بطباعة ملايين من العملة الغينية المزوّرة بمطبعة SDECE، وإدخالها بين العملة الغينية الصحيحة؛ لضرب اقتصاد غينيا الدولة الشابة؛ دولة سيكو توريه، ويقرّ موريس روبرت بحقيقة هذه الحادثة.

- التمركز على الحدود الغِينية، وبخاصّة السنغالية والإيفوارية: بغرض تنظيم الجيش الفولاني في منطقة فوتا جالون، كنقطة انطلاق لشنّ حربٍ أهليةٍ على إدارة سيكو توريه، بقيادة العقيد فريدي بوير Freddy Buer.

- التنصت على جميع الاتصالات الصادرة من غينيا عامّة، ومن إدارة سيكو توريه خاصّة، لصالح الاستخبارات الفرنسية: وكان المهندس كلورد باشيلاد Clould Bachelard هو منفذ عملية التنصت في غينيا، وقد لاذَ بالفرار إلى تونس عام 1959.

- التجسّس المكثف داخل غينيا نفسها، وبخاصّة العاصمة كوناكري: وكان من اختصاص الكابتن- الجندي الفرنسي السابق في الحرب الجزائرية- Roger Boureau Mitreale، الذي كان يعمل بالسفارة الفرنسية في كوناكري بوظيفة مزدوجة، حيث كان ممثل الاستخبارات الفرنسية سرّاً، وملحقاً صحافيّاً بالسفارة علناً، وكان نشيطاً في تجنيد المعارضين للرئيس.

- تخطيط عملية اغتيال الرئيس سيكو توريه في 1960م: دُبّرت على يد العقيد Triston Richard، أحد رموز المباحث والاستخبارات الفرنسية في الشؤون الإفريقية، وأخفقت عملية الاغتيال؛ لأنّ استخبارات جهمورية تشيكوسلوفاكيا أبلغت الرئيس توريه، وتمّ كشف جهاز التنصت من قِبل قوات الأمن التونسية.

بدأ سيكو توريه بتغيير العملة الوطنية بين حينٍ وآخر؛ تفاديّاً لتكرار عملية الأوراق المزورة التي دبّرتها فرنسا.

كما أوقف التجارة معها بشكلٍ شبه نهائي، وأجبر المواطنين على اختيار الاثنين يوماً للسوق الوطني؛ بدلاً من أن يكون لكلّ مدينة يوم سوق خاصٍّ بها، واستخدم أسلوب «أنّى لك هذا؟».

ولم يعد الرئيس سيكو توريه يرى حوله «سوى جواسيس وعملاء للكولونيالية القديمة والجديدة، وللإمبريالية العالمية، وللرجعية الإفريقية والغِينية»، وكان يحلو له أن يردد أنّ كلّ «ثورة تستتبع ثورةً مضادة؛ مثلما تستتبع الحياة والموت»، وأنّ «العنف الثوريّ هو ترياق العنف الرجعي والتآمري»، وأنّ «الثورة الغِينية لا بقاءَ لها ولا حياةَ؛ إلا بقدر ما تُفلح في أن تَكُون غينيا «مقبرة» للإمبرياليّين وعملائهم، وأذنابهم من الرجعيّين وخونة الأمّة والمرتدّين والمتخاذلين وأزلام الشيطان».

وقد أدّت هذه السياسة إلى الاعتقالات والعنف، وخروج ملايين الغِينيين إلى الدول المجاورة، لأنّ الرئيس فَقَدَ الثقة في الجميع، ولم يعد يدري مَن معه ومَن العدو.

فكره الإسلامي

رَفْض سيكو توري لنظرية فصل الدين عن الدولة:

رفض سيكو توري نظرية فصل الدين عن الدولة (أي فصل الإسلام عن الحياة الاقتصادية والسّياسيّة الاجتماعية)، ورأَى أنّ تلك دعاوى السياسيّين الذين يريدون تسخير السياسة لأهوائهم وطموحاتهم، فلم يجد الرئيس الفيلسوف في العِلْم تعارضا ًمع الدين، بل عدّ العِلْم أكبر برهان على وجود الله.

يرى أنّ مصطلح «السياسة الإسلامية» أدقّ من «الإسلام السياسي»:

ورأَى سيكو توري أنّ مصطلح «السياسة الإسلامية» أدقّ من مصطلح «الإسلام السياسي»، بمعنى أنّ السياسة تعمل في نطاق ومحدّدات الإسلام، لا أن يكون الإسلامُ مُسخّراً للأهداف السياسية، فيأتي التمسّح بالدين لجعل السياسات مقبولة.

نجح في وضع صورة للإمام المسلم العادل القُدْوَة:

وقد نجح في وضع صورة للإمام المُسلم العادل القُدْوَة، حتى إنه قد أعطى كلّ إمامٍ أرضاً زراعية لزراعتها، ليأكل من عمل يده، ويشعر بمعاناة النّاس والفلاحين.


كان لهذا المناضل الإفريقيّ باعاً طويلاً في تسيير القضايا الإسلامية، وتوحيد صفوف قادة المسلمين في مواجهة التحديات، ولعلّ من أبرزها تأسيس منظمة المؤتمر الإسلامي.

فقد اقترح سيكو توري فكرة تأسيس المُنظّمة على الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود عند لقائه بجلالته عام 1964؛ ليكون همزة وصلٍ تجمع الدول الإسلامية، وتكون بهواً لعرض وحلّ مختلف مشكلات المجتمعات الإسلامية، وتحقّقت الفكرة في 25 سبتمبر 1969م في العاصمة المغربية الرباط.

  • دفاعه عن فلسطين ومقدّساتها الإسلامية:

تزامن تأسيس مُنظّمة المؤتمر الإسلامي مع العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وحرق الأقصى الشريف في 21 أغسطس 1969م، لقد كان سيكو توري من أصحاب الصوت العالي في الدفاع عن فلسطين ومقدّساتها الإسلامية، منذ ذلك الوقت قطعت غينيا علاقاتها الدبلوماسية بإسرائيل، وقد اتجّه لعددٍ من الدول الإفريقية ساعياً لقطع علاقاتها بإسرائيل، قال Victor Levineو Timothy lake: «كان الإسلام- آنذاك- أداة التقارب الدبلوماسيّ بين الدول الإسلامية».

  • نجاحه في إعادة عضوية مصر إلى منظمة المؤتمر الإسلامي:

ولمّا جُمّدت عضوية مصر في جامعة الدول العربية، ومُنظّمة المؤتمر الإسلامي، عقب توقيع اتفاقيات السَّلام المصرية الإسرائيلية، عمل سيكو توري جاهداً لإعادة مصر، فقد قال في اجتماع مُنظّمة المؤتمر الإسلامي عام 1984م بالدار البيضاء: «لقد اتّضح لنا جميعاً: بأنّ مشاكلنا لن تُحلّ بتجميد عضوية مصر، بل على العكس، فقد ازدادت [مشكلاتنا] تعقّداً؛ لأننا صرنا أكثر ضعفاً، فبعد إبعاد مصر وتعليق عضويتها ضمّت إسرائيلُ القدسَ، وأصبحت حركة التحرير الفلسطينية (فتح) مهدّدة بالإبادة، وأصبحت سوريا تتعرض لاستفزازٍ متواصل، وهكذا دفعنا ثمناً غالياً لفُرقتنا»، وبعد هذه التصريحات الواضحة من الرئيس الغِيني تمّت إعادة عضوية مصر إلى منظمة المؤتمر الإسلامي.

الأزمة الإيرانية العراقية

ولم تكن الأزمة الإيرانية العراقية غائبةً عن دائرة اهتمام سيكو توري، فقد بَذَلَ ما كان في وُسْعِه من المحاولات لوقف نزيف الدم بين الدولتَيْن المسلمتَيْن، وكان الرئيس الغِيني رئيس «لجنة السَّلام الإسلامية» التّابعة لمنظّمة المؤتمر الإسلامي، وقد ذكر أنه «سيكون صعباً جدّاً على المنظّمة أن تلعب دَوْر المحكمة للفصل بين الظالم والمظلوم، ولكن يجب أن تنتهي هذه الأزمة من خلال التدابير العادلة (الدبلوماسية) والشريعة؛ لأنّ الشيطان يفرّق بين النّاس، والإسلام يوحّدهم».

إلى أن قال: «لسنا هنا للإجابة على أسئلتكم، ولكن جئنا حاملين السَّلام إليكم، ولأجل وضع حدٍّ لهذه الحرب، ونتوسل إليكم أن نركّز على حلّ المشكلة، وإنّ القيام بأيّ تضحيةٍ وجهدٍ في سبيل الإسلام ليس خيانة، لا شكّ بأنّ هذه الحرب لن تقتصر على إيران والعراق؛ بل ستتجاوزهما إلى دولٍ أخرى...».

نقد

من الناحية الأخرى؛ فقد كانت هنالك أصواتٌ معارضة لسياسة سيكو توري الداخلية والخارجية، ومن الذين ناضلوا بأقلامهم ضدّ سياساته: الكاتب الغيني إبراهيما بابا كاكية، وشارلز إ.سوري، وغيرهما.

ولعلّ هجوم الكاتب شارلز إ.سوري على شخصية سيكو توري ونظامه وسياسته كان مثيراً للجدل ولاذعاً جدّاً، جمع سوري انتقاداته لزعيم الثورة الغِينية في كتابه: Sekou Toure- L'Ange Exterminateur

يروي الكاتب شارلز إ.سوري أنّ سيكو توري اكتسب رمزيته الوطنية الكبرى من خلال الـ«لا» المشهورة التي رماها، في 28 أيلول سبتمبر 1958م، في وجه ديغول الذي كان في حينه ممثلاً لفرنسا النيو-كولونيالية؛ الساعية إلى إبقاء مستعمراتها السابقة تحت هيمنتها، لكن هذا الفعل البطولي– على حدّ قول سوري- لم يطل كثيراً، فلم يلبث أن تحوّل إلى ميلادِ أشرس الديكتاتوريات العالَمثالثيّة، التي حوّلت غينيا إلى سجنٍ كبيرٍ قضى فيه الآلاف من الغِينيّين نَحْبَهم تحت التعذيب، وأخذ الآلاف غيرهم طريقهم إلى المنفى طَوْعاً أو قَسْراً، وقَبَعَ مئات الآلاف من سكّان المدن والأرياف في فقرٍ مدقع، وفي حالة مطاردة دائمة للقمة العيش، في ظلّ نظامٍ من التقنين المعيشي وهيمنة الدولة التي بسطت قبضتها، باسم التحويل الاشتراكي، لكلّ كبيرةٍ وصغيرةٍ في دائرتَي الإنتاج والاستهلاك، وفي التجارة الخارجية والداخلية؛ على حدٍّ سواء.

يروي الكاتب أنّ معظم ضحايا نظام أحمد سيكو توري كان من إثنية الفولانية، وأشهر هؤلاء الضحايا على الإطلاق: «جالو تيلي» الذي شغل لمرتَيْن على التوالي منصب الأمين العام لمُنظّمة الوحدة الإفريقية، بين 1964 و1972، قبل أن يزجّ به سيكو توري في السجن، حيث مات بالتعذيب والتجويع في شباط فبراير 1977.

والواقع أنّ «جالو تيلي» اعتُبر في حينه المدبّر لما سُمّي بـ«مؤامرة البول»، وهذه لم تكن إلا المؤامرة السادسة في سلسلةٍ كان يكتشفها، أو يخترعها بالأحرى، النظام؛ لتكون مبرّره إلى ممارسة «العنف الثوري» الذي كان- على حدّ تعبير سيكو توري- «أوكسجين الثورة» الذي مِن دونه يكون مآلها إلى اختناق.

اتخذ سيكو توري وعائلتُه وعشيرتُه وإثنيتُه غِينيا مزرعةً خاصّة، ومعظم الطاقم الحاكم في نظام سيكو توري كان يحمل مباشرة اسم «توري»، أو اسم عائلة زوجته «كيتا»، كأخيه إسماعيل توري شقيقه الأصغر، وكاباسا كيتا. أما الوزراء وكبار ضباط الجيش وكبار الموظفين؛ فجميعهم تقريباً من عرقية «السوسو»، وعلى رأسهم تويا كونديه، الأمّي الذي رقّاه سيكو توري إلى منصب قائد أركان الجيش.

وبعد فترةٍ انتقالية، استولى فيها الجيش على مقاليد السُّلطة، حاولت أُسرتا توري وكيتا استعادة الحكم بالانقلاب، فأخفقت المحاولة، وتمّ إعدام أبرز أفراد الأسرتَيْن: عمارة توري، وإسماعيل توري، وسياكا توري، وعبدالله اللاي توري، ومامادي كيتا، وسيدو كيتا.

ثروته

187 مليون دولار؛ في مصارف سويسرا - 844 مليون دولار؛ في مصارف إنجلترا - 158 مليون سيليس؛ في غينيا - قصران؛ في الرباط والدار البيضاء بالمغرب، وقصر؛ في إسبانيا - مزرعة و42 فيلا؛ في مدينة فاس - وبناية من 16 طابقاً؛ في باريس.


أعمال لسيكو توري (قائمة جزئية)

  • Ahmed Sékou Touré. 8 novembre 1964 (Conakry) : Parti démocratique de Guinée, (1965)
  • A propos du Sahara Occidental : intervention du président Ahmed Sékou Touré devant le 17e sommet de l'OUA, Freetown, le 3 juillet 1980. (S.l. : s.n., 1980)
  • Address of President Ahmed Sékou Touré, President of the Republic of Guinee (sic) : suggestions submitted during the West Africa consultative regional meeting held at Conakry, during 19 and 20 November 1971. (Cairo : Permanent Secretariat of the Afro-Asian Peoples' Solidarity Organization, 1971)
  • Afrika and imperialism. Newark, N.J. : Jihad Pub. Co., 1973.
  • Conférences, discours et rapports, Conakry : Impr. du Gouvernement, (1958-)
  • Congres général de l'U.G.T.A.N. (Union général des travailleurs de l'Afrique noire) : Conakry, 15-18 janvier 1959 : rapport d'orientation et de doctrine. (Paris) : Présence africaine, c1959.
  • Discours de Monsieur Sékou Touré, Président du Conseil de Gouvernement des 28 juillet et 25 aout 1958, de Monsieur Diallo Saifoulaye, Président de l'Assemblée territoriale et du Général de Gaulle, Président du Gouvernement de la Républ (Conakry) : Guinée Française, (1958)
  • Doctrine and methods of the Democratic Party of Guinea (Conakry 1963).
  • Expérience guinéenne et unité africaine. Paris, Présence africaine (1959)
  • 'Guinée-Festival / commentaire et montage, Wolibo Dukuré dit Grand-pére. Conakry : Commission Culturelle du Comité Central, 1983.
  • Guinée, prélude à l'indépendance (Avant-propos de Jacques Rabemananjara) Paris, Présence africaine (1958)
  • Hommage à la révolution Cubaine ; Message du camarade Ahmed Sekou Toure au peuple Cubain à l'occasion du 20e anniversaire de l'attaque de la Caserne de Moncada (Juillet 1973). Conakry : Bureau de Presse de la Presidence de la Republique, (1975).
  • Ahmed Sékou Touré. International policy and diplomatic action of the Democratic Party of Guinea; extracts from the report on doctrine and orientation submitted to the 3d National Conference of the P.D.G. (Cairo, Société Orientale de Publicité-Press, 1962)
  • Ahmed Sékou Touré. Opening speech of the Summit of Heads of State and Government by President Ahmed Sékou Touré, chairman of the Summit (November 20, 1980). (S.l. : s.n., 1980)
  • Ahmed Sékou Touré. Poèmes militants. (Conakry, Guinea) : Parti démocratique de Guinée, 1972
  • Ahmed Sékou Touré. Political leader considered as the representative of a culture. (Newark, N. J. : Jihad Productions, 19--)
  • Ahmed Sékou Touré. Pour l'amitié algéro-guinéenne. (Conakry, Guinea : Parti démocratique de Guinée, 1972)
  • Rapport de doctrine et de politique générale, Conakry : Imprimerie Nationale, 1959.
  • Strategy and tactics of the revolution, Conakry, Guinea : Press Office, 1978.
  • Unité nationale, Conakry, République de Guinée (B.P. 1005, Conakry, République de Guinée) : Bureau de presse de la Présidence de la République, 1977.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

جوائز وتكريمات

حصل سيكو توري على عددٍ من الجوائز، اعترافاً بدَوْره المتميّز في القارة السمراء، منها: جائزة لينين للسلام في مايو 1961، وقلادة النيل من الرئيس الراحل عبد الناصر أثناء زيارته لمصر في 1961، والدكتوراه الفخرية في التاريخ الإسلامي من جامعة الأزهر؛ تقديراً لدَوْره وكفاحه ضدّ المستعمر في القارة الأفريقية.


انظر أيضاً

الهوامش

الحواشي

  1. ^ أحمد مكيّس. "سيكوتوري (أحمد ـ)". الموسوعة العربية. Retrieved 2020-07-29.
  2. ^ "أحمد سيكو توري (1922-1984م) .. حياته ، نضاله ، فكره ، جهوده". قراءات إفريقية. 2018-03-28. Retrieved 2020-07-29.

المصادر

  • Henry Louis Gates, Anthony Appiah (eds). Africana: The Encyclopedia of the African and African, "Ahmed Sékou Touré," pp. 1857–58. Basic Civitas Books (1999). ISBN 0-465-00071-1
  • Molefi K. Asante, Ama Mazama. Encyclopedia of Black Studies. Sage Publications (2005) ISBN 0-7619-2762-X
  • (in فرنسية) Ibrahima Baba Kake. Sékou Touré. Le Héros et le Tyran. Paris, 1987, JA Presses. Collection Jeune Afrique Livres. 254 p
  • Lansiné Kaba. "From Colonialism to Autocracy: Guinea under Sékou Touré, 1957–1984;" in Decolonization and African Independence, the Transfers of Power, 1960-1980. Prosser Gifford and William Roger Louis (eds). New Haven: Yale University Press, 1988.
  • Phineas Malinga. "Ahmed Sékou Touré: An African Tragedy" Archived 2018-10-22 at the Wayback Machine
  • Baruch Hirson. "The Misdirection of C.L.R. James", Communalism and Socialism in Africa, 1989.
  • John Leslie. Towards an African socialism, International Socialism (1st series), No.1, Spring 1960, pp. 15–19.
  • (in فرنسية) Alpha Mohamed Sow, "Conflits ethnique dans un État révolutionnaire (Le cas Guinéen)", in Les ethnies ont une histoire, Jean-Pierre Chrétien, Gérard Prunier (ed), pp. 386–405, KARTHALA Editions (2003) ISBN 2-84586-389-6
  • Parts of this article were translated from French Wikipedia's fr:Ahmed Sékou Touré.
مقالات إخبارية
  • "New West Africa Union Sealed By Heads of Ghana and Guinea" By THOMAS F. BRADY, The New York Times. May 2, 1959, p. 2
  • GUINEA SHUNS TIE TO WORLD BLOCS; But New State Gets Most Aid From East—Toure Departs for a Visit to the U. S. By JOHN B. OAKES, The New York Times, October 25, 1959, p. 16,
  • Red Aid to Guinea Rises By HOMER BIGART, The New York Times. March 6, 1960, p. 4
  • HENRY TANNER. REGIME IN GUINEA SEIZES 2 UTILITIES; Toure Nationalizes Power and Water Supply Concerns—Pledges Compensation, The New York Times. February 2, 1961, Thursday, p. 3
  • TOURE SAYS REDS PLOTTED A COUP; Links Communists to Riots by Students Last Month. (UPI), The New York Times. December 13, 1961, Wednesday, p. 14
  • Toure's Country--'Africa Incarnate'; Gui'nea embodies the emphatic nationalism and revolutionary hopes of ex-colonial Africa, but its energetic President confronts handicaps that are also typically African. Toure's Country--'Africa Incarnate' By David Halberstam, July 8, 1962, Sunday The New York Times Magazine, p. 146
  • GUINEA RELAXES BUSINESS CURBS; Turns to Free Enterprise to Rescue Economy. (Reuters), The New York Times, December 8, 1963, Sunday p. 24
  • U.S. PEACE CORPS OUSTED BY GUINEA; 72 Members and Dependents to Leave Within a Week By RICHARD EDER, The New York Times, November 9, 1966, Wednesday, p. 11
  • Guinea Is Warming West African Ties, The New York Times, January 26, 1968, Friday, p. 52
  • ALFRED FRIENDLY Jr. TOURE ADOPTING A MODERATE TONE; But West Africa Is Skeptical of Guinean's Words. The New York Times. April 28, 1968, Sunday, p. 13
  • Ebb of African 'Revolution', The New York Times, December 7, 1968, Saturday p. 46
  • Guinea's President Charges A Plot to Overthrow Him, (Agence France-Presse), The New York Times, January 16, 1969, Thursday p. 10
  • Guinea Reports 2 Members Of Cabinet Seized in Plot, (Reuters), The New York Times, March 22, 1969, Saturday p. 14
  • 12 FOES OF REGIME DOOMED IN GUINEA, The New York Times, May 16, 1969, Friday p. 2
  • Guinea Reports Invasion From Sea by Portuguese; Lisbon Denies Charge U.N. Council Calls for End to Attack Guinea Reports an Invasion From Sea (Associated Press), The New York Times, November 23, 1970, Monday, p. 1
  • Guinea: Attack Strengthens Country's Symbolic Role, The New York Times, November 29, 1970, Sunday, p. 194
  • GUINEAN IS ADAMANT ON DEATH SENTENCES, The New York Times, January 29, 1971, Friday. p. 3
  • Guinea Wooing the West In Bauxite Development; GUINEA IS SEEKING HELP ON BAUXITE, The New York Times, February 15, 1971, Monday Section: BUSINESS AND FINANCE, p. 34
  • Political Ferment Hurts Guinea, The New York Times, January 31, 1972, Monday Section: SURVEY OF AFRICA'S ECONOMY, p. 46
  • GUINEAN, IN TOTAL REVERSAL, ASKS MORE U.S. INVESTMENT By BERNARD WEINRAUB, The New York Times, July 2, 1982, Friday Late City Final Edition, p. A3, Col. 5
  • GUINEA IS SLOWLY BREAKING OUT OF ITS TIGHT COCOON By ALAN COWELL, The New York Times, December 3, 1982, Friday, Late City Final Edition, p. A2, Col. 3
  • IN REVOLUTIONARY GUINEA, SOME OF THE FIRE IS GONE By ALAN COWELL, The New York Times, December 9, 1982, Thursday, Late City Final Edition, p. A2, Col. 3
  • GUINEA'S PRESIDENT, SEKOU TOURE, DIES IN CLEVELAND CLINIC By CLIFFORD D. MAY, The New York Times, Obituary, March 28, 1984, Wednesday, Late City Final Edition, p. A1, Col. 1
  • THOUSANDS MOURN DEATH OF TOURE By CLIFFORD D. MAY, The New York Times, March 29, 1984, Thursday, Late City Final Edition, p. A3, Col. 1
  • AHMED SEKOU TOURE, A RADICAL HERO By ERIC PACE, The New York Times, Obituary, March 28, 1984, Wednesday, Late City Final Edition, p. A6, Col. 1
  • IN POST-COUP GUINEA, A JAIL IS THROWN OPEN. CLIFFORD D. MAY. The New York Times, April 12, 1984, Thursday, Late City Final Edition, p.A1, Col. 4
  • TOPICS; HOW TO RUN THINGS, OR RUIN THEM, The New York Times, March 29, 1984.
  • Guinea Airport Opens; Capital Appears Calm, The New York Times, April 7, 1984.
  • Guinea Frees Toure's Widow, (Reuters), The New York Times, January 3, 1988.
  • How France Shaped New Africa, HOWARD W. FRENCH, The New York Times, February 28, 1995.
  • Conversations/Kwame Ture; Formerly Stokely Carmichael And Still Ready for the Revolution, KAREN DE WITT, The New York Times, April 14, 1996.
  • Stokely Carmichael, Rights Leader Who Coined 'Black Power,' Dies at 57, MICHAEL T. KAUFMAN, The New York Times, November 16, 1998.
  • 'Mass graves' found in Guinea. BBC, 22 October 2002.
  • Stokely Speaks (Book Review), ROBERT WEISBROT, The New York Times Review of Books, November 23, 2003.
مراجع ثانوية أخرى

قراءات إضافية

  • ج.د.هـ. كول، رواد الفكر الاشتراكي، ترجمة منير البعلبكي (دار العلم للملايين، بيروت 1961).
  • بيتر وورسلي، العالم الثالث، ترجمة حسام الخطيب، مراجعة هيفاء هاشم (وزارة الثقافة، دمشق 1968).
  • حسين عبد المنعم، حركة عدم الانحياز (دار الهلال، القاهرة 1960).

وصلات خارجية

مناصب سياسية
سبقه
تأسيس المنصب
رئيس غينيا
1958–1984
تبعه
لوي لانسانا بياڤوگي (بالإنابة)