گرشوم شولم

(تم التحويل من Gershom Scholem)

گرشوم شولم Gershom Scholem (بالعبرية: גרשם שולם) (و. 5 ديسمبر 1897 – ت. 21 فبراير 1982)، هو مؤرخ يهودي إسرائيلي من أصل ألماني، تَخصَّص في دراسة القبَّالاه وفك رموزها حتى ارتبط اسمه بها تماماً.

جيرشوم شوليم عام 1925

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حياته

وُلد شوليم في ألمانيا لأسرة يهودية مندمجة وقد تمرَّد على هذه الثقافة الاندماجية واتجه نحو حركات الشباب الصهيونية تحت تأثير مارتن بوبر. ولكنه اختلف معه أثناء الحرب العالمية الأولى إذ يبدو أن بوبر أيَّد الحرب، ولكن شوليم تبنَّى موقف جماعة داعية للسلام رافضة للحرب برئاسة جوستاف لانداور. ولكن موقف شوليم كان لا ينبع من أي حب للسلام أو أي عداء للحرب وإنما من موقف انعزالي يرى أن اليهود أمة عضوية لا علاقة لها بأوربا أو بحروبها وأن عليهم أن يهاجروا إلى فلسطين لتأسيس دولة صهيونية، أي أن الخلاف بينه وبين بوبر لم يكن جوهرياً إذ أن بوبر كان هو الآخر من دعاة القومية اليهودية العضوية (أي الصهيونية).[1]

وقد درس شوليم الفلسفة والرياضيات في بادئ الأمر. ولكنه قرَّر أن يتخصص في القبَّالاه فتَعلَّم قراءة النصوص العبرية وكتب رسالة عن كتاب الباهير نال عنها درجة الدكتوراه من جامعة ميونيخ عام 1922. وفي العام التالي، هاجر شوليم إلى فلسطين حيث عُيِّن في الجامعة العبرية محاضراً في التصوف اليهودي ثم أستاذاً وظل فيها إلى أن تقاعد عام 1965 بعد أن جعل القبَّالاه موضوعاً أساسياً للدراسة ومكوناً أساسياً في تفكير كثير من المفكرين من أعضاء الجماعات اليهودية (مثل وولتر بنجامين وهارولد بلوم).

كان كثير من المفكرين من أعضاء الجماعات اليهودية، انطلاقاً من مُثُل عصر الاستنارة، يذهبون إلى أن اليهودية عقيدة عقلانية تزود الإنسان بقوانين عامة لا علاقة لها بالعواطف المشبوبة أو الشطحات الصوفية. ولكن شوليم وقف على الطرف النقيض منهم (فهو من دعاة العداء للاستنارة) إذ ذهب إلى أن الغنوصية هي الجوهر الحقيقي لليهودية وأن الصوفية (القبَّالاه) هي القوة الحيوية الحقيقية في تاريخ اليهودية واليهود وأنه لولاها لتجمدت الفلسفة اليهودية وتيبست الشريعة.

ويذهب شوليم (متبعاً الإيقاع الثلاثي الهيجلي) إلى أن كل الأديان تمر بثلاث مراحل تاريخية: المرحلة الأسطورية حيث يكون الإنسان في علاقة مباشرة مع الإله (مرحلة الواحدية الكونية الوثنية في مصطلحنا)، ثم المرحلة الفلسفية والقانونية حيث يتم إعطاء الوحي إطاراً مؤسسياً دينياً ويتم تفسير النص المقدَّس وأداء الشعائر من خلال المؤسسات الدينية. ثم تظهر أخيراً المرحلة التصوفية حيث يحاول الإنسان المؤمن أن يستعيد العلاقة المباشرة التي تسم علاقة الخالق بالمخلوق في المرحلة الأولى، بعد أن تجمدت وتيبست نتيجة المرحلة الثانية.

ومن الواضح أن شوليم يرى أن جوهر التاريخ هو الأسطورة، فهو يبدأ بالأسطورة ثم يعطيها إطاراً مؤسسياً ثم يحاول العودة إليها (أي أن تاريخ الدين هو تاريخ الحلولية الواحدية الكونية ومحاولة العودة إليها).

ويذهب جيرشوم شوليم إلى أن القبَّالاه إن هي إلا نظام فكري غنوصي وتعبير عن القوى المظلمة الخفية، وأن المتصوفة اليهود توصلوا إلى شكل من أشكال الغنوص متلبساً لباساً توحيدياً، وأن هذه الطبقة الغنوصية ظلت قائمة في أطراف التراث وانتقلت من بابل إلى جنوب فرنسا (عبر إيطاليا وألمانيا) حيث ظهرت بشكل مبدئي في كتاب الباهير ثم بدأت الموضوعات الغنوصية في التبلور وعبَّرت عن نفسها في القـبَّالاه والحــركات الشـبتانية ثم هيمنت تماماً على اليهودية.

ولكن كيف تمكنت القوى الغنوصية المظلمة الخفية من إنجاز ذلك؟ يرى شوليم أن الشبتانية كانت هناك دائماً داخل المنظومة الحاخامية، لكن المنظومة الحاخامية كانت تنطلق منذ البداية من الإيمان بالشريعة الشفوية التي تذهب إلى أنه لا يوجد نص ثابت وأن الوحي يضم النص وتفسيره وأن التفسير جزء من النص المقدَّس ويحل محله (ومن ثم بدأ يظهر نص مفتوح لا حدود له)، فالتفسيرات متغيرة لا حدود لها وفَتْح النص هو فَتْح الباب على مصراعيه للنسبية والعدمية. وبدأت الهرطقات تدخل عالم التفسـير، كما بدأت المراكز تتعـدد داخـل المنظومـة الحاخامية. وبالتدريج، تزايدت الهرطقات وأخذت شكل القبَّالاه. ولكن القبَّالاه لم تكن غريبة تماماً عن التراث، فالقبَّالاه تعني التقاليد (رغم أنها تقاليد مضادة). وهكذا هيمنت القبَّالاه على اليهودية وأصبحت الهرطقة هي المعيار وأصبح الغنوص هو التوحيد!

ويذهب شوليم إلى أن هذه الحركات هي التي هزت اليهودية الحاخامية من جذورها وأنها بذلك هي الحدود الفارقة بين العصور الوسطى والعصر الحديث وأنها إرهاص لظهور العلمانية. ولم يكن فكر حركة الاستنارة والحسيدية سوى ردود أفعال للحركة الشبتانية ومن ثم فإن ظهور اليهودية الحديثة كان نتيجة حدوث كارثة داخل التقاليد اليهودية الدينية ولم يكن مجرد نتيجة لقوى خارجية.

ويرى شوليم أن الدوافع الأسطورية والصوفية في القبَّالاه هي القوى الخفية لليهودية في القرن العشرين وأن الصهيونية أخذت طاقتها من هذه القوى الخفية ولكنها قد تنتهي بكارثة مثل الحركات الشبتانية إن فشلت في تحييد القوى العدمية. وفي محاولته وضع موقفه موضع التنفيذ، انضم شوليم لجماعة بريت شالوم كما هاجم شبتانية جماعة جوش إيمونيم، فكأن شوليم يُظهر حماسه للشبتانية في الماضي كقوة بعْث وحياة ولكنه يرفض القوى نفسها في الواقع التاريخي المعاصر.

ويرى البعض أن حماس شوليم للحركة الصهيونية تعبير عن أزمة بعض المثقفين العلمانيين من أصل يهودي الذين نشأوا في بيئة اندماجية وفقدوا الإيمان الديني ولكنهم مع هذا يرفضون فكرة الاندماج وفقدان الهوية ومن ثم يحاولون الاستيلاء على اليهودية ورموزها، فهي شخصيات علمانية فقدت انتماءها الديني اليهودي وتحن له في الوقت نفسه فتظهر اليهودية الإلحادية أو الإثنية التي ليس لها مضمون ديني توحيدي. وهذا ما فعله شوليم مع الغنوص اليهودي، فقد بيَّن أن الغنوص (التاريخ المضاد المظلم) هو التاريخ العقلي وجوهر اليهودية وبذلك تتحول الهرطقة إلى الشريعة.

والصهيونية هي في جوهرها المحاولة نفسها. فالصهاينة يودون الانسلاخ من يهودية المنفى ولكنهم يودون الحفاظ على هوية قومية عضوية (على الطريقة الغربية الألمانية) فنظروا للتاريخ اليهودي وقرروا عدم قبوله في كليته، وبدلاً من ذلك عادوا للمرحلة العبرانية، أي قبل ظهور الأنبياء وظهور اليهودية حيث كان اليهود لا يزالون عبرانيين وشعباً وثنياً لم تُضعف القيم الأخلاقية التوحيدية إرادته بعد. ونادى الصهاينة بأن هذا هو التاريخ اليهودي الحقيقي وأن وثنية مرحلة ما قبل الأنبياء هي اليهودية الحقيقية، وأسست الحركة الصهيونية دولة تبعث هذا التاريخ المضاد. وهكذا تتحول الهرطقة إلى الشريعة في شكل دولة تزعم أنها ليست دولة بعـض اليهـود وحسـب أو حتى كل اليهود وإنما دولة يهودية!


جوائز

نظريات ومنح

 
مذكرة كان يستخدمه جيرشوم شوليم لكتابة ملاحظاته.
 
بيت جيرشوم شوليم في 28 شارع أباربانل، القدس.

جدل مع حنا أرنت

التأثير الأدبي

 
رسم عام 1947 لترود كروليك للشاب شوليم "بعل حازوهار" (سيد زوهار)، في مجموعة شوليم، المكتبة الوطنية في إسرائيل (الجامعة العبرية)، القدس.

أعمال مختارة بالإنگليزية

من أهم مؤلفات شوليم الاتجاهات الأساسية في التصوف اليهودي (1961) حيث يبيِّن أن كتاب الزوهار لم يُكتَب في العصور القديمة (كما كان هو نفسه يظن) وإنما كُتب في القرن الثالث عشر. ومن مؤلفاته الأخرى الفكرة المشيحانية في اليهودية ومقالات أخرى (1971). كما كتب شوليم سيرته الذاتية بعنوان من برلين إلى القدس (1981).

  • Major Trends in Jewish Mysticism, 1941
  • Jewish Gnosticism, Merkabah Mysticism, and the Talmudic Tradition, 1960
  • Arendt and Scholem, "Eichmann in Jerusalem: Exchange of Letters between Gershom Scholem and Hannah Arendt", in Encounter, 22/1, 1964
  • The Messianic Idea in Judaism and other Essays on Jewish Spirituality, trans. 1971
  • Sabbatai Sevi: The Mystical Messiah, 1973
  • From Berlin to Jerusalem: Memories of My Youth, trans. Harry Zohn, 1980.
  • Kabbalah, Meridian 1974, Plume Books 1987 reissue: ISBN 0-452-01007-1
  • Walter Benjamin: the Story of a Friendship, trans. Harry Zohn. New York: Schocken Books, 1981.
  • Origins of the Kabbalah, JPS, 1987 reissue: ISBN 0-691-02047-7
  • On the Mystical Shape of the Godhead: Basic Concepts in the Kabbalah, 1997
  • The Fullness of Time: Poems, trans. Richard Sieburth
  • On Jews and Judaism in Crisis: Selected Essays
  • On the Kabbalah and Its Symbolism
  • Tselem: The Representation of the Astral Body, trans. Scott J. Thompson 1987.
  • Zohar — The Book of Splendor: Basic Readings from the Kabbalah, ed.
  • On History and Philosophy of History, in "Naharaim: Journal for German-Jewish Literature and Cultural History", v, 1-2 (2011), pp. 1–7.
  • On Franz Rosenzweig and his Familiarity with Kabbala Literature, in "Naharaim: Journal for German-Jewish Literature and Cultural History", vi, 1 (2012), pp. 1–6.

انظر أيضاً

الهوامش

  1. ^ جيرشوم شوليم، موسوعة عبد الوهاب المسيري
  2. ^ "Israel Prize recipients in 1958 (in Hebrew)". Israel Prize Official Site. Archived from the original on 17 January 2010.
  3. ^ "Recipients of Yakir Yerushalayim award (in Hebrew)". City of Jerusalem official website
  4. ^ "List of Bialik Prize recipients 1933–2004 (in Hebrew), Tel Aviv Municipality website" (PDF).

المصادر

قراءات إضافية

  • Biale, David. Gershom Scholem: Kabbalah and Counter-History, second ed., 1982.
  • Bloom, Harold, ed. Gershom Scholem, 1987.
  • Campanini, Saverio, A Case for Sainte-Beuve. Some Remarks on Gershom Scholem's Autobiography, in P. Schäfer - R. Elior (edd.), Creation and Re-Creation in Jewish Thought. Festschrift in Honor of Joseph Dan on the Occasion of his 70th Birthday, Tübingen 2005, pp. 363–400.
  • Campanini, Saverio, Some Notes on Gershom Scholem and Christian Kabbalah, in Joseph Dan (ed.), Gershom Scholem in Memoriam, Jerusalem Studies in Jewish Thought, 21 (2007), pp. 13–33.
  • F. Dal Bo, Between sand and stars: Scholem and his translation of Zohar 22a-26b [Ita.], in "Materia Giudaica", VIII, 2, 2003, pp. 297–309 – Analysis of Scholem's translation of Zohar I, 22a-26b
  • Jacobson, Eric, Metaphysics of the Profane - The Political Theology of Walter Benjamin and Gershom Scholem, (Columbia University Press, NY, 2003).
  • Lucca, Enrico, Between History and Philosophy of History. Comments on an unpublished Document by Gershom Scholem, in "Naharaim", v, 1-2 (2011), pp. 8–16.
  • Lucca, Enrico, Gershom Scholem on Franz Rosenzweig and the Kabbalah. Introduction to the Text, in "Naharaim", vi, 1 (2012), pp. 7–19.
  • Mirsky, Yehudah, "Gershom Scholem, 30 Years On", (Jewish Ideas Daily, 2012).