معركة أمدرمان

(تم التحويل من معركة أم درمان)

في معركة أمدرمان (2 سبتمبر 1898)، انتصر جيش بقيادة الجنرال البريطاني السير هربرت كتشنر على جيش عبد الله التعايشي، خليفة المهدي المدعي محمد أحمد. وقد كانت استعراضاً لتفوق جيش بقيادة اوروبية عالي النظام مزود ببنادق ومدفعية حديثة على قوة تفوقه عدداً بمراحل ولكن مسلحة بأسلحة قديمة، كما بينت المعركة نجاح الجهود البريطانية لاعادة اخضاع السودان. إلا أن تلك الجهود لم تتم إلا بعد عام في معركة أم دويكرات.

معركة أمدرمان
Battle of Omdurman
جزء من الحرب المهدية
(حرب السودان)
21lancers.JPG
"اندفاع الرماحين الحادية والعشرين" بريشة إدوارد ماثيو هيل.
التاريخ2 سبتمبر 1898
الموقع
النتيجة نصر بريطاني حاسم
المتحاربون
Flag of المملكة المتحدة المملكة المتحدة
Flag of مصر مصر
السودان المهدي
القادة والزعماء
هربرت كتشنر عبد الله التعايشي
القوى
8,200 بريطانيون،
17,600 جنود سودانيون ومصريون
52,000 مقاتل
الضحايا والخسائر
47 قتلى[1]
382 جرحى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

معركة أمدرمان

ترجمة من كتاب حرب النهر / وينستون شرشل أحمد الزبير

 
معركة أمدرمان، 1898، من متحف پرتون، إنگلترة. هذا الرسم يصور البريطانيين يرتدون زي المراسم الأحمر ليميز الأفواج المشاركة. الأفواج في الصورة لهم أرقام مطبوعة معهم ومفتاح أسفل الرسم لتعريفهم. الزي الأحمر كان قد حل محله الكاكي منذ 1848 في الهند.

انطلقت الأبواق في تمام الساعة الرابعة والنصف من كل مكان في المعسكر قرب النهر، وثم تلاشت تدريجيا، أمتطى الفرسان خيولهم، وأستعد المشاة بأسلحتهم، والمدفعية إلي مدافعهم. وأشرقت الشمس من وراء النيل، علي السهول الممتدة والجبال الصخرية السوداء وعلى الجيوش المنتظرة.

وقبل بزوغ الفجر تماما دُفـع بعدد مـن سرايا الفرسان البريطانية والمصرية الي المقدمة لاكتشاف نوايا العدو، كانت أولي هذه السرايا بقيادة الكابتن بيرنق التي احتلت جبل (سيرقام) (يبدو إن المقصود هو جبال المرخيات)، وانتظرت في الظلام حتي يتم تحديد مواقع الدراويش عند الفجر. كانت محاولة محفوفة بالمخاطر لاحتمال تواجدهم علي غير توقع علي مسافة قريبة جدا.

وعند طلوع الشمس خرجت وحدة ال 21 لانسر من (الزريبة) وقامت بطواف عسكري، لم يكن هنالك هجوم عسكري ليلي، وكما هو متوقع عادت قوات الدراويش الي مواقعها الاساسية ودخل جزء منها الي المدينة. حيث لم يكن يتوقع الهجوم منهم في وضح النهار من خلال السهل المكشوف لمهاجمة (الزريبة).

لكن هذه التوقعات سرعان ماتبددت بالمشهد البادي من قمة التل.

 
وصف لمعركة أمدرمان، 1898.

الساعة تشير الي السادسة إلا ربع، الضوء خافت، لكنه يزداد قوة كل لحظة وهنالك وراء السهل الممتد يرابط العدو، أعداده لم تتغير، ثقته وتصميمه يبدو أنهما لم يهتزا، مقدمتهم الان يقارب طولها يقترب من الخمسة أميال، تتكون من عدد ضخم من الرجال أنضموا الي بعضهم البعض، ومن الخلف وبالقرب من الاجنحة عدد كبير من الأحتياطي بدوا من قمة التل وكأنهم ضباب داكن مخطط يجسمه وميض متنوع غريب يلمع من سنان رماحهم.

وعندما بلغت الساعة السادسة إلا عشرة دقائق بدا واضحا أن الحشد يتحرك ويتقدم بسرعة، الامراء يمتطون خيولهم يركضون جيئة وذهابا امام جنودهم، الكشافون والطوافون توزعوا في كل الانحاء المتقدمة، بدأوا بالهتاف وكانوا علي بعد ميل من الجبل تحجبهم عن قوات السردار بعض المنحنيات الارضية.

وتنامت الأصوات خافتة إلي أسماع الجنود بالقرب من النهر. لكن للذين يراقبون من الجبل كانوا يسمعون هديرا هائل يأتي كموجات مكثفة، كأنه صخب ريح يتكثف في البحر قبل بداية العاصفة.

انتظمت القوات البريطانية والمصرية في شكل خطوط مولية ظهرها تجاه النهر، أجنحتها تحميها السفن المسلحة الراسية في النهر. امامها سهل من كثبان الرمال المتحركة، وتبدو من قمة التل ناعمة مسطحة كمائدة ممتدة، ومن الناحية اليمني بدت ملامح جبال كرري، بالقرب منها تجمع فرقة الفرسان المصرية ومعهم كتلة قوية من الرجال السود والخيول. في الناحية اليسري كانت وحدة 21 لانسر مع سرب دُفعِت الي الامام في أنتظار ومراقبة الطوف الذي صعد الي جبل (سيرقهام) وأمتد الي مابعده، أو قبع يراقب من القمة كما نفعل نحن من قمة التل.

رغم أن الدراويش كانوا يتقدمون باستمرار، إلا أن علمنا بأن تسليحهم أدني درجة شجعنا علي المراقبة من مكان أكثر قربا، أسرعنا جريا حول المنحدر الجنوبي الغربي لجبل سيرقام، حتى وصلنا إلي جبل ساند من ناحية العدو، والذي كانت تنتظر فيه أحد الكتائب منذ الامس.

من ذلك المكان كان كل ما يحدث مرئي بشكل تفصيلي، يبدو أن كل رجل من الاف الرجال يمكن فحصه بمفرده، خطوات مشيتهم سريعة ومستمره، بدا واضحا أن الانتظار أكثر ذلك في جبل ساند أصبح مسألة في غاية الخطورة.

لكن المنظر الذي شاهدناه أدهشنا وشكل أفتتانا خطيرا جعلنا نتلكأ في المغادرة.

رايات الامراء المشهورين سهل التعرف عليها، في أقصي اليسار تجمع قواد وجنود الراية الخضراء تحت قيادة علي ودحلو. ونحو الوسط منهم أرتفعت الراية الزرقاء بقيادة عثمان شيخ الدين فوق كتلة من الرماح يتبعها صف طويل من المحاربين مسلحين بالبنادق. الوسط بقيادة يعقوب أرتفعت الراية السوداء المقدسة لدي الخليفة عاليا. في اليمين أنتظمت مربعات ضخمة من الدراويش تحت قيادة الراية البيضاء في وسطها الشارة الحمراء للشريف. بكل كبرياء قوة أمبراطورية الدراويش تم حشدها في هذا اليوم الاخير لوجودها. الرجال المسلحين بالبنادق الذين ساهموا في تحطيم هكس، والمسلحين بالرماح الذين هاجموا أبوالكيلك، أمراء شاهدوا طرد غردون، البقارة قادمين حديثا من غزواتهم ، المحاربون الذين حاصروا الخرطوم، كلهم يتقدمون ملهمون بالانتصارات السابقة لتأديب الوقحين ودحر الغزاة، رغم شعورهم بالمرارة من الهزائم الاخيرة .

يتواصل التقدم الجزء الايسر من قوات الدراويش بإمتداد عبر السهول حتي جبال كرري كما توقعت، لينقلب علي جناحنا الايمن. تحرك الوسط تحت الراية السوداء نحو جبل سيرقام ، وهذه المجموعة من الرجال هي أكثر القوات قوة وعنفا ولم يتجاوز عددها ال 6000 رجل، لكن صفوفهم منظمة يرفعون العديد من الاعلام ربما 500 علم وتبدو عن البعد أنها بيضاء لكنها كانت مغطاة بنصوص من القران وأصطفافهم المثير للاعجاب جعل هذه المجموعة من قوات الخليفة تشبه تمثيل الصليبين في (نسيج بياكس)[1].

لو كان هنالك نوع من الأسلحة العرب أقل شأنا فيه مقارنة بأعدائهم، فهي البندقية، لكن رغم ذلك وبهذه البندقية بالذات بدأوا هجومهم، برزت من وسط خطوط الدراويش المتقدمة في الهجوم أنفاث من الدخان، وعلي بعد 50 ياردة من الجدار الشوكي تطايرت سحابتان حمراوتان اللون من الرمل الي أعلي، حيث سقطت قذيفه.

سحابة كبيرة من الدخان غطت كل الخطوط الامامية للفرقة البريطانية والسودانية، و واحده تلو الاخري فتحت أربعة مدافع يصل مداها الي 3000 ياردة نيرانها علي العدو، وصوت المدفعية نسمعه نحن في التل، وتردد صداها الجبال.

من فوق رؤوس الحشود المتحركة تنفجر القذائف تاركة في الهواء كرات دخانية وفي الارض أجسادا. هنالك مأساة علي وشك الوقوع، الراية البيضاء كادت أن تتخطي قمة التل، وبعد دقيقة أخري سيصبح جنودها مكشوفين أمام نيران المدفعية، حيث يفصل بينهم وبين المدفعية الميدانية (32) ومدفع السفن 2800 ياردة وفي أقل من ثوان سوف يدمر هؤلاء الرجال الشجعان تدميرا كاملا، هي مسألة آلة وكل ما بعدت المسافة حدثت /المذبحة دون أن يحس أو يشعر بها الآخرون هل كانوا يعلمون ماذا سيحدث لهم؟

راياتهم البيضاء جعلتهم أكثر وضوحا، وعند رؤيتهم لمعسكر أعدائهم بدأو أفراغ ذخيرتهم وهم يهتفون بصرخات عسكرية عالية ويتقدمون بخطي سريعة وخطوات منتظمة تقدمت الراية البيضاء عند تخطيها قمة التل أصبحت كل الفرقة مكشوفة لنيران مدفعية السفن ومدفعية الفرقة المدفعية البريطانية (32) و مدفعية الزريبة. أصابتهم 20 قذيفة في الدقائق الاولي لأنفجر بعضها في الهواء والاخر أنفجر في وجوههم وأخريات تسقط وتغوص في الرمل ثم تنفجر مرسلة سحابة من الغبار الاحمر.

الرايات البيضاء سقطت في كل الاتجاهات لكنها ترفع من جديد وعندها يضغط فوج جديد من المحاربين الي الامام يضحون بأنفسهم من أجل المهدي وخليفته.

كان منظرا فظيعا،ويبدو أنه تفوق غير عادل ذلك الذي يمكننا من ضربهم دون أن يتمكنوا من الرد علينا والحاق الضرر بنا حتي الان.

وتحت تأثير الضرب المتصل تبعثرت الراية البيضاء الي خطوط رقيقة من حملة الرماح والمناوشين، حيث قلت أعدادهم وعمت صفوفهم الفوضي ورغم ذلك لا يزال حماسهم مستمر.

والان أتي دور الفرسان لتنظيف ماتبقي بأسرع فرصة ممكنة لنترك ماتبقي للمشاة وبندقية المكسيم

انسحب الطوافون الي سرايهم والفرقة الي الزريبة، وتواصلت القذائف من السفن وأندلعت النيران وتصاعد الدخان من كل الخطوط الامامية.

الصخب صار عاليا وكثيفا حتي ولم يعد ممكنا سماع الاصوات الصادرة من مدفع المكسيم من كثرة الجلبة والضوضاء، المدفعية 32 ترسل قذائفها وتبعد منا فقط 80 ياردة، الضباط يقفون فوق صناديق البسكويت ينظرون من خلال نظارتهم لمعرفة أثر ذلك علي ميدان المعركة. حين نظرت علي بعد 800 ياردة (731.5)متر صفوف من الرجال ذوي الملابس الرثة يقاومون بيأس ويوجهون نيران لاتشفق والراية البيضاء تسقط مرات وتتهاوي مرات أخري وعشرات الرجال يسقطون في ارض المعركة، ودخان أبيض يتصاعد من بنادقهم، ودخان أكبر يتصاعد من خطوط المقدمة من جراء أنفجار القذائف العنيف.

الجنود المشاة يطلقون النار بأستمرار دون عجلة أو أثارة، لأن العدو بعيد والضباط حذرين. حين تصبح بنادقهم أكثر سخونة يتم أستبدالها من الاحتياطي، أثناء ذلك وعند الجانب الاخر من السهل الرصاص يخترق اللحم ويهشم العظام ورجال شجعان يقاومون جحيم مكثف من المعادن، قذائف متفجرة، وغبار منتشر. وهكذا كان الجزء الاول من معركة أمدرمان كانت بالنسبة لهم ألم ويأس وموت.


المصادر

  • gilany. "معركة أمدرمان - ترجمة "أحمد الزبير" من كتاب حرب النهر / وينستون شرشل". شبكة ومنتديات النافذة.

الهامش

  • Churchill, Winston Spencer. River War: An Historical Account of The Reconquest of the Soudan., two-volume unabridged version, published by Longmans & Green in 1899, and abridged to one volume in 1902; unabridged two volume version to be republished by St. Augustine's Press in 2008, ISBN 1-58731-700-1 - also available at the Gutenberg Project

للاستزادة

  • Asher, Michael (2005). Khartoum: The Ultimate Imperial Adventure. London: Penguin. ISBN 0-140-25855-8.
  • Brighton, Terry (1998). The Last Charge: the 21st Lancers and the Battle of Omdurman. Marlborough: Crowood. ISBN 1861261896.
  • Featherstone, Donald (1993). Omdurman 1898: Kitchener's victory in the Sudan. London: Osprey. ISBN 1855323680.
  • Ferry, John (2008). After Omdurman. London: Robert Hale. ISBN 0-709-08516-8.
  • Harrington, Peter, and Frederic A. Sharf (ed.) (1998). Omdurman 1898: The Eyewitnesses Speak. London: Greenhill. ISBN 1-85367-333-1.
  • Meredith, John (1998). Omdurman Diaries 1898: Eyewitness accounts of the legendary campaign. Barnsley: Pen & Sword. ISBN 0850526078.
  • Spiers, Edward M. (ed.) (1999). Sudan: The Reconquest Reappraised. London: Frank Cass. ISBN 0-7146-4749-7.
  • Ziegler, Philip (1974). Omdurman. New York: Knoff. ISBN 0-394-48936-5.
  • Zulfo, I.H. (1980). Karari: The Sudanese Account of the Battle of Omdurman. Warne.. ISBN 0723226776.

وصلات خارجية