فاصل الكونغو-النيل

فاصل الكونغو-النيل Congo-Nile Divide، هو فاصل قاري يفصل بين أحواض صرف نهر النيل ونهر الكونغو ويبلغ طوله 2000 كم.

حوض الكونغو، والفاصل بينه وبين حوض النيل إلى الشرق مظلل باللون الأخضر.

يوجد العديد من الأقسام الجيولوجية والجغرافية المختلفة فيما بين النقطة الحدودية بين جمهورية أفريقيا الوسطى وجنوب السودان حيث يلتقي حوض النيل وحوض الكونغو مع حوض تشاد، والنقطة الجنوبية في تنزانيا إلى الجنوب الغربي من بحيرة ڤكتوريا حيث تتباعد حدود حوض النيل والكونغو.

الشعوب القاطنة على إمتداد هذا الفاصل متنوعة، يتحدث معظم شعوب المناطق الشمالية اللغات السودانية الوسطى وفي الجنوب يتحدثون لغات البانتو.

استخدم المستعمرون الأوروپيون تقسيم الكونغو-النيل كحدود بين الأراضي تحت الاستعمار البريطاني في الشمال والأراضي تحت الاستعمار الفرنسي والبلجيكي في الغرب. أُقر هذا في الوقت الذي زار فيه عدد قليل من الأوروپيين المنطقة، والتي لم يتم رسمها على الخريطة بعد. تعيش الجماعات العرقية المنقسمة في المنطقة على جانبي الفاصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الموقع

القسم الشمالي: السودان

 
شعوب الزانده ح. 1880. تقع أراضيهم على الجانب الشمالي من الفاصل، الذي اعتمد كحدود دولية في مؤتمر برلين.

يبدأ فاصل الكونغو-النيل عند التقاء أحواض الكونغو، تشاد والنيل، ويمتد إلى الجنوب الشرقي ثم جنوباً على طول الحدود بين جنوب السودان واوغندا من الشرق وجمهورية أفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية من الغرب.

هضبة جبل الحديد الواقع بين جنوب السودان والكونغو يتخلله الكثير من التيارات التي شكلت مناطق وعرة ووديان ضيقة.[1]الأراضي الرطبة الشاسعة في جنوب السودان والتي يغذيها نهر بحر الجبل، الذي يصب في بحيرة ألبرت وبحيرة ڤيكتوريا في الجنوب، وكذلك من الأنهار العشرة الصغيرة من فاصل الكونغو-النيل والتي تجلب معاً 20 بليون متر مكعب من المياه سنوياً.[2]

القسم الشمالي سهل الوصول من الفاصل يحتمل أنه كان المسار الرئيسي لتوسع البانتو إلى الشرق والجنوب في العصر الحديدي.

إزالة الغابات للزراعة، ملكية الماشية والتغيرات في الأسلحة والتكنولوجيا التي أتت مع طرح الحديد قد يكون سمح لمتحدثي البانتو بالهجرة جنوباً عبر المنطقة إلى بوگندا منذ لا يزيد عن 1.500 سنة مضت. من هناك، يحتمل أنهم استمروا في التقدم جنوباً.[3]

الشعوب التي تعيش الآن في فاصل الكونغو-النيل في جنوب السودان تتحدث اللغات السودانية الوسطى، ومن بينهم شعب الكرش.

سبق له العيش في غرب الفاصل في منطقة تقع إلى الجنوب من بحيرة تشاد، لكنهم أُجبروا على الرحيل شرقاً وجنوباً بسبب زيادة عدد السكان في الغرب.[4]

عام 1855 عرف الأوروپيون القليل عن المنطقة، عندما عينوا الفاصل كحدود بين منطقتي النفوذ البلجيكي والفرنسي في الغرب ومنطقة النفوذ البريطاني في الشرق. يمر الخط عبر أراضي شعب زندى، الذين يعيشون في أراضي الغابات المنيعة في أقصى الجنوب الشرقي فيما يعرف اليوم بدولة جنوب السودان وشمال شرق ما يعرف اليوم بجمهورية الكونغو الديمقراطية. حوالي 29% منهم يعيش اليوم في السودان، 68% في الكونغو والبقية في مستعمرة اوبانگي-شاري الفرنسية، جمهورية أفريقيا الوسطى حالياً.[1]

القطاع الأوسط: غرب الصدع الألبرتي

 
جبال روونزوري في الجزء الأوسط من الفاصل، إلى الغرب من الصدع الألبرتي

في القطاع الأوسط، فإن الفاصل يجري بمحاذاة الجبال التي تشكل الخاصرة الغربية للصدع الألبرتي من بحيرة ألبرت إلى الشـَمال، بعد بحيرة إدوارد في طريقنا إلى الطرفي الشمالي لبحيرة كيڤو. يعبر الفاصل الصدع الألبرتي على إمتداد خط جبال ڤيرونگا، إلى الشمال من بحيرة كيڤو.

ماسيف ڤيرونگا بطول الحدود بين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية يتكون من ثمانية براكين. اثنان منهما، نياموراگيرا ونيراگونگو، لا يزالان نشطان بقوة.[5] جنوب الڤيرونگا، تصرِّف بحيرة كيڤو جنوباً في بحيرة تنگانيقا عبر نهر روزيزي. بعدها تصب بحيرة تنگانيقا في نهر الكونغو عن طريق نهر لوكوگو.[6]

يبدو أنه من المرجع أن النظام المائي الحالي قد تأسس بعد فترة قريبة من فوران براكين ڤيرونگا وسد تدفق المياه شمالاً من بحيرة كيڤو إلى بحيرة إدوارد، مما جعله يتدفق جنوباً نحو بحيرة تنگانيقا. قبل هذا كان بحيرة تنگانيقا، أو الأحواض الفرعية المنفصلة الموجودة الآن في البحيرة، ربما لم يكن لديها منفذ بخر آخر.[7]

القطاع الجنوبي: شرق الصدع الألبرتي

 
جبال في رواندا. البراكين الموجودة في الخلفية هي جبال ڤيرونگا، موطن الغوريلا الجبلية المهددة بالانقراض.

في الجنوب، يجري الفاصل من نقطة بالقرب من الركن الجنوبي الغربي لبحيرة ڤيكتوريا في في الاتجاه الجنوبي الغربي عبر تنزانيا وبوروندي نحو الجبال التي تشكل الحائط الشرقي للصدع الألبرتي.

يجري الصدع شمالاً على إمتداد قمة هذه الجبال إلى شرق بحيرة تنگانيقا وبحيرة كيڤو.

هذه المنطقة تضم غابة نيونگوه في رواندا ومنتزه كيبيرا الوطني في بوروندي. المنتزه يمثل ملجأ لأنواع مختلفة الرئيسيات المهددة بالانقراض، وكذلك أنواع نادرة من الطيور والنباتات.

حول هذه المنتزهات الأراضي مكتظة بالسكان، وتمارس الزراعة بكثافة.[8] هناك صعوبة في الرعية بالمنطقة، حيث ترتفع الجبال إلى أعلى من .[9] المنتزهات تحت ضغط من السكان الذين يعيشون بالقرب منها.[8] نهر روكارارا ينبع من بلد الغابات في جنوب رواندا إلى شرق الصدع.[10] منبع روكارارا الآن يعرف بأنه الأساسي للنيل - نطقة واقعة على أقصى بعد من مصب النهر.[11][12]

الاستكشاف الأوروپي ووضع الحدود

 
خريطة لعام 1827، حييث كان حوض الكونغو أصغر، وكان النيل ينشأ في جبال القمر، إلى الغرب من جنوب السودان المعاصرة. يظهر على الخريطة الشريط الساحلي بدقة، لكن المناطق الداخلية والبحيرات العظمى غير معلومة.

هضبة البحيرات العظمى الشرقية الأفريقية كان من الصعب عبورها على المستكشفين الأوروپيين في القرن التاسع عشر، في ظل أرض قاحلة أو شبه قاحلة في الشملا، الشرق وجنوب الشرقي، وغابات حوض الكونغو العسيرة في الغرب.

الطريق من الجنوب عبر بحيرات وادي الصدع، نياسا وتنگانيقا، كانت أكثر سهولة، وفاصل الكونغو-النيل من الشمال الغربي يوفر مسار أيسر.[13]

نهر روزيزي، يتدفق جنوباً في بحيرة تنگانيقا، وهو جزء من مستجمعات المياه العلوية لنهر الكونغو. المستكشفون البريطانيون في القرن التاسع عشر، مثل ريتشارد فرنسيس برتون وجون هانينگ سپك، غير واثقين من إتجاه تدفق روزيزي، واعتقدوا أنه ربما يتدفق شمالاً من البحيرة نحو النيل الأبيض. أبحاثهم والبعثات التالية التي قام بها ديڤد لڤنگستون وهنري مورتون ستانلي أرست في أذهان الاوروپيين أن ذلك غير صحيح. يتدفق روزيزي في بحيرة تنگانيقا، والتي تتدفق في نهر لوكوگو، رافد رئيسي في الكونغو.[14]

المستكشفون الاوروپيون الآخرون الذين ساعدوا في رسم خرائط للمنطقة منهم پانايوتيس پوتاگوس (1839-1903)، گيورگ أوگوست شڤاين‌فورث (1836–1925) الذي اكتشفا نهر أوِلى، بالرغم من أنه اعتقد خطأً أنه يتدفق في حوض تشاد وليس الكونغو، ڤلهلم يونكر (1840-1892) الذي صحح النظريات الهيدروگرافية الخاصة بشڤاين‌فورث، وأوسكار لنز (1848-1925).

مؤتمر برلين 1885 اتفق على أن فاصل حوضي النيل-الكونغو سيشكل الحدود بين السودان البريطاني ودولة الكونغو.[1] وبمقتضى اتفاقية 12 مايو 1894 بين بريطانيا والملك ليوپولد الثاني من بلجيكا، فإن منطقة النفوذ البلجيكي في دولة الكونغو الحرة تم تحديدها على أنها "الحدود التي تتبع خط الزوال الثلاثين شرق گرينتش حتى تقاطعه مع فاصل المياه بين النيل والكونغو، ومن هناك بعد مستجمعات المياه في الإتجاه الشمالي والشمالي الغربي."[15]

عام 1907 نشر دي سي إي كومين مسح، المنابع الغربية للنيل، في جيوگرافيكال جورنال. زعم أنه "الرجل الأبيض الوحيد الذي عبر أعالي المياه في جميع الأ،هار من نهر واو حتى بحر العرب". عام 1911 كومين، في الخدمة والرياضة في السودان، وصف روافد النيل التي تأتي من صدع الكونغو-النيل إلى الشرق من جمهورية أفريقيا الوسطى.[16]

عام 1915-16، عندما تم تعريف الصدع على أنه جزء من الحدود الغربية للسودان المصري البريطاني، استكشف كثبرت كريستي المنطقة. رأى أنه مكان مناسب لمد سكك حديدية.

عقدت فرنسا وبريطانيا اتفاقية صداقة عام 1919 لتعريف الحدود بين السودان المصري البريطاني وأفريقيا الإستوائية الفرنسية. كانت الحدود تمتد على طول فاصل الكونغو-النيل حتى دائرة العرض 11، ثم على طول الحدود بين قبائل دارفور والوادي. معظم هذه المنطقة لم يسبق أن استكشفها الأوروپيون. غادرت بعثة إنگليزية-فرنسية مشتركة الخرطوم في نهاية 1921.[17] القطاع الممتد على طول الفاصل من دائرة العرض 11 حتى 5، حيث تلتقي أفريقيا الإستوائية الفرنسية مع الكونغو البلجيكية، كانت عبارة عن غابات وأراضي غير مأهولة. البعثة لم تستطع شراء الطعام من السكان المحليين، لكنها كانت تحمل جميع احتياجاتها.[18] كان إرساء موقع الفاصل صعب للغاية. فقد كانت التقنية هي السير في إتجاه البوصلة حتى الوصول للتيار، ثم تتبعه حتى منبعه النهائي، والذي عادة ما يكون منطقة أحراش، ولتحديد موقعها. عانى المساحون من نقص الطعام، بالرغم من توافر الطرائد، وعانوا من الملاريا ومن الأمطار الغزيرة. استغرقوا ثمانية أشهر لإنهاء المهمة.[19]

المصادر

الهوامش

المراجع

قراءات إضافية