حصار الدرعية

حصار الدرعية حدث في 1818 في نهاية الحرب الوهابية المصرية 1811-18 أثناء تجريدة نجد. وصلت قوات ابراهيم باشا إلى الدرعية، حاول عبد الله الأول الدفاع عن عاصمته بجيش ضعيف. بعد حصار استمر لعدة شهور استسلم الملك عبد الله للجيوش المصرية في 9 سبتمبر. أقتيد عبد الله بن سعود مع حاشيته وحراسه وثروته سجينا إلى القاهرة. أرسل فيما بعد عبد الله بن سعود إلى إسطنبول، على الرغم من تعهد ابراهيم باشا له بالشفاعة لدى محمد علي وضمان سلامته، لكنه بعد وصوله إلى إسطنبول تم اعدامه. في نهاية 1819 عاد ابراهيم باشا إلى القاهرة، بعد قضاءه على قوى الوهابيين في شبه الجزيرة العربية وكانت هذه نهاية الحرب الوهابية المصرية.

حصار الدرعية
جزء من الحرب الوهابية
التاريخأبريل - 9 سبتمبر 1818
الموقع
النتيجة انتصار الجيوش المصرية.
المتحاربون
 الدولة العثمانية (المصريون) First-saudi-state3.JPG الدولة السعودية الأولى
القادة والزعماء
الدولة العثمانية ابراهيم باشا First-saudi-state3.JPG عبد الله الأول
القوى
30,000 رجل، 30 مدفعية. 2,000
الضحايا والخسائر
غير معروفة. قتل وجرح عدد كبير من المدنيين، ودمرت الدرعية.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أحداث المعركة

أنشا إبراهيم باشا في الشقراء مستشفى وترك بها فصيلة من الجنود، وسار قاصدا الدرعية عاصمة الوهابيين، وكانت تبعد عن المدينة المنورة التي اتخذها إبراهيم باشا قاعدة للحركات الحربية نحو 400 ميل، وهذا بذلك على عظم المراحل التي قطعها الجيش في الحرب والقتال.[1]

فعرج في طريقه إلى الدرعية على ضرمة إذ علم ان بها كثيرا من المؤونة والجياد، فامتنعت عليه، فضربها بالمدافع ودافع حاكمها وأهلها عن مدينتهم دفاعا شديدا وقتلوا كثير من المهاجمين، واستمر القتال حتى طلب الحاكم التسليم على أن يخلي البلد، فأخلاها وترك الأهالي هدفا لبطش الجيش، وأمر إبراهيم باشا بقتلهم عقابا لهم على ما كبدوا الجيش من الخسائر، فقتلوا جميعا.

بقى إبراهيم باشا شهرين في ضرمة حيث عاقته الأمطار عن الزحف، ثم غادرها في 22 مارس سنة 1818 قاصدا الدرعية عاصمة الوهابيين، فخط تجاهها يوم 16 إبريل في جيش مؤلف من خمسة آلاف وخمسمائة من المشاة والفرسان مجهزين باثنى عشر مدفعا.

تتألف الدرعية من خمسة أحياء متجاورة يحيط بكل منها سور، فكانت المدينة محصنة تحصينا منيعا وفيها بعض المدافع يستعملها الوهابيون في القتال.

رتب إبراهيم باشا مواقع جنوده وأعد العدة لمهاجمتها، وعاونه في رسم خط الحصار الضابط الفرنسي الذي يصحبه وهو المسيو فيسيير، وبدإ إبراهيم يضرب المدينة بالمدافع، ولكنها امتنعت عليه ودافع عنها الوهابيون دفاع الابطال واشترك نساؤهم في القتال فكان دفاعا مجيدا.

استمر الحصار اكثر من شهرين والمدينة مستعصية على الجيش المصري، فبدأ مركزه يتحرج، وزاد في حرجه أن الطبيعة أصابت الجيش بنكبة كادت تودي به لولا ثبات إبراهيم باشا وعزيمته الحديدية، فقد هبت عاصمة على معسكر الجيش يوم 21 يونيه سنة 1818 إطارت نارا كان أحد الجنود يوقدها، فاندلعت النار على خيمة منصوبة على قرب من مستودع الذخيرة، فاحترقت الخيمة وامتدت نارها إلى المستودع فانفجر لساعته ونسف الإنفجار من القنابل والرصاص ما ذهب بنصف ذخيرة الجيش، فذعر الجنود لدوي الانفجار ولما أصاب الذخيرة من التدمير، وكادت تحل الهزيمة بالجيش ويختل نظامه لولا ان قابل ابراهيم باشا تلك الكارثة بالشجاعة والجلد، وما يؤثر عنه في هذا الموقف أنه قال لمن حوله: "لقد فقدنا كل شئ، ولم يبق لدينا الا شجاعتنا فلنتذرع بها ولنهاجم العدو بالسلاح الأبيض.

وأخذ يشجع الضباط والجنود، وأرسل يطلب الذخيرة من المواقع التي يحتلها الجيش المصري، كالشقراء، وبريدة، وعنيزة، ومكة والمدينة وينبع.

وعلم الوهابيون بما حل بذخيرة الجيش المصري، فقرروا الهجمة عليه لعلهم يأخذونه من ضعف، وهاجموهم فعلا في اليوم التالي، ولكن ابراهيم باشا احكم خطط القتال وامر جنوده بالاقتصاد في الذخيرة فرد الوهابيون على أعقابهم، واستمرت الحرب سجالا إلى أن جاءته الذخيرة فسد بها النقص، وتلقى من أبيه رسالة بأنه ممدة بثلاثة آلاف من المقاتلة بقيادة خليل باشا، فاعتزم إبراهيم باشا أن يضرب الضربة القاضية قبل أن يتلقى المدد لكي لا يشاركه خليل باشا في فخر الظفر الوهابية.


رواية الجبرتي

أشار الجبرتي إلى تلك الحوادث بقوله:

"وفي منتصفه (رمضان سنة 1233 – يوليو سنة 1818) وصل نجاب وأخبر بأنه إبراهيم باشا ركب إلى جهة من نواحي الدرعية لأمر يبتغيه، وترك عرضيه (جيشه)، فاغتنم الوهابية غيابه وكبسوا على العرضي على حين غفلة وقتلوا من العساكر عدة وافرة، وأحرقوا الجبخانة (الذخيرة) فعند ذلك قوى الاهتمام وارتحل جملة من العساكر في دفعات ثلاث برا وبحرا يتلو بعضهم بعضا في شعبان ورمضان، وبرز عرضي جيش خليل باشا إلى خارج باب النصرة".

وقال في حوادث شوال من تلك السنة: "وفي ثامنة ارتحل خليل باشا مسافرا إلى الحجاز من القلزم وعساكره الخيالة على طريق البر"، ومعنى هذا أن المشاة ذهبوا من السويس بحرا وسار الفرسان برا من طريق برزخ السويس الى الحجاز، فتأمل عظم المراحل التي كان يقطعها الجنود والمتاعب الهائلة التي كانوا يتكبدونها في تلك الحرب الشاقة.

قلنا أن إبراهيم باشا اعتزم أن يضرب الدرعية الضربة القاضية، فوجه قواته إلى كل نواحي من أحيائها، وأحدا اثر آخر، فاستولى على الأول ثم على الثاني ثم على الثالث، وبذلك ضاق الخناق على الوهابيين، وكان الحصار قد دام خمسة أشهر، فرأى عبد الله بن سعود أن ليس في مقدوره المقاومة بعد ان فدحته الخسائر ونالته الاوصاب من طول الحصار واهواله، فجنح الى الصلح والتسليم، وارسل يوم 9 سبتمبر سنة 1818 رسولا الى ابراهيم باشا يطلب وقف القتال حتى يتم الانفاق على الصلح.

فابتهج إبراهيم باشا لهذه الرسالة ابتهاجا عظيما، وأذن بوقف القتال، ثم جاء عبد الله بن سعود بنفسه إلى معسكر إبراهيم باشا، فتلقاه القائد العظيم بالحفاوة والإكرام، وتم الاتفاق بينهما على ان يسلم الدرعية إلى البطل إبراهيم وأن يتعهد بالإبقاء عليها، وإلا يوقع بالوهابيين أو أنالهم بضرر، وأن يذهب عبد الله بن سعود إلى مصر ثم إلى الأستانة كما هي رغبة السلطان، فرضى عبد الله بن سعود بهذه الشروط، واستولى الجيش المصري على الدرعية بعد حصار دام نحو ستة أشهر، وبعد فتح الدرعية لم تلبث المدن الباقية من نجد أن سلمت وخضعت لقائد الجيش المظفر.

كان محمد علي في خلال تلك الوقائع قلقا على مصير الحملة التي يقودها ابنه في فيافي نجد ووهادها، وتأخرت عنه أخبارها، فاشتدت هواجسه ومرض بعينه وطلب من العلماء أن يقرءوا البخاري ويتوجهوا إلى الله بدعواتهم مبتهلين أن ينصر جيشه، قال الجبرتي في حوادث رمضان سنة 1233 (يوليو سنة 1818): "وانقضى شهر الصوم والباشا متكدر الخاطر ومتقلق ومنتظر ورود خبر يسر بسماعه".

إلى أن جاءته البشرى بانتصار إبراهيم باشا ودخوله الدرعية، فابتهج لهذه البشرى أيما ابتهاج، وأطلقت المدافع من القلعة يوم 28 أكتوبر سنة 1818، إعلانا لهذا النصر المبين.

هوامش

  1. ^ الرافعي, عبد الرحمن (2009). عصر محمد علي. القاهرة، مصر: دار المعارف. {{cite book}}: Cite has empty unknown parameter: |coauthors= (help)

المصادر