بهاء الله

(تم التحويل من حسين علي النوري)

الميرزا حسين علي النوري الملقب بـ "بهاء الله"، هو مؤسس الدين البهائي (18171892 م). ويعتبر الدين البهائي ثاني اكتر الديانات انتشارا في العالم من الناحية الجغرافية.

بهاء الله، ميرزا حسين على نوري
جواز سفر بهاء الله، تاريخ يناير 1853.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حياته

ولد بهاء الله في طهران في 12 نوفمبر 1817 في منطقة تدعى بوابة شمران، طهران، إيران. وكان والده الميرزا عباس النوري الملقب بميرزا بزرگ من نبلاء إيران حيث تنحدر سلالة بهاء الله من السلالة الساسانية العريقة، وكانت عائلته تملك أراض واسعة وعقارات متعدده في إقليم نور في مازندران وتتمتع بمكانة مرموقة في المجتمع الفارسي في تلك الحقبة.

 
بهاءالله مع أهله وعشيرته

شغل أفراد أسرة بهاء الله مناصب سياسية هامة في الدولة لعدة أجيال، فقد شغل والده الميرزا عباس منصب وزير الدولة لشئون منطقة مازندران. وشأن أولاد الأغنياء والنبلاء في ذلك العصر، لم يذهب بهاء الله إلى المدارس بل اكتفى بتلقي فنون الفروسية والخط ومبادئ القراءة في بيت والده(من دون تعليم نظامي). وعند وفاة ميرزا عباس عام 1839 م، عرضت الحكومة على بهاء الله وظيفة والده ولكنه رفضها واستمر بالقيام بأعمال الخير التي عرف بها. فقام بهاء الله بعد وفاة والدة بقضاء عدة أعوام في إدارة أملاك العائلة والاستمرار بالمشاركة بشكل واسع في أعمال الخير، فأطلق عليه أهل المنطقة لقب "أبو الفقراء".

وفي سن الثامنة والعشرين، آمن حسين علي بدعوة الباب في سنة 1844 م فور إطلاعه على بعض كتابات الباب التي أرسلها له مع أقرب مؤيديه ملا حسين بشروئي. وصار بهاء الله من أشهر أتباع الباب وأنصار دينه، وقام بنشر تعاليمه وخاصة في إقليم نور وكانت قد حمته مكانة أسرته وحسن سيرته من الاضطهاد نوعا ما خلال السنوات الاولى من إيمانه بدعوة الباب. ولعب بهاء الله دورا رئيسيا في انتشار دعوة الباب وخاصة خلال مؤتمر بدشت الذي يعتبر نقطة تحول هامة في تاريخ البابية لانه ثم من خلالها الاعلان عن استقلال الشريعة البابية عن الاسلام واعتبارها شريعة مستقلة بأحكامها ومبادئها. واتخذ حسين علي لنفسه خلال هذا المؤتمر لقب بهاء الله.

وبعد وفاة الباب استمر بهاء الله بترويج دعوة الباب وتمتع بمكانة قيادية خاصة بين البابيين. وفي سنة 1852 م قبض على بهاء الله وزج به في سجن سياه جال (النقرة السوداء) بعد محاولة فاشلة لإغتيال الشاه التي اتهم بهاء الله بالضلوع فيها رغم عدم توفر الأدلة. ولم تحميه مكانته الاجتماعية من التعرض لشتى أنواع العذاب والاضطهاد بعد ذلك. ويذكر التاريخ البهائي أن بداية نزول الوحي على بهاء الله كانت خلال فترة وجوده في ذلك السجن ولو أنه لم يفصح بذلك إلا بعد مرور 10 سنوات.

أطلق سراح بهاء الله من سجن السياه جال بعد أن قضى فيه أربعة أشهر ونصف، وذلك بعد اعتراف الأشخاص الحقيقيون بمحاولة اغتيالهم الشاه. وعقب خروج بهاء الله من السجن نفي فورا من وطنه إلى مدينة بغداد التي كانت وقتها تحت الحكم العثماني ومكث فيها عشرة سنوات. ولقد عرف بهاء الله في هذه الفترة بعلمه ومساعدته للفقراء والمحتاجين. ويذكر التاريخ البهائي أنه بالإضافة إلى علاقة بهاء الله الطيبة مع أهل المنطقة، فلقد احترمه علماء المنطقة وقادتها فجاء للقائه الأكراد من علماء الصوفية الذين كانوا قد سمعوا عنه خلال فترة عزلته التي دامت سنتين في منطقة السليمانية. وزاره كذلك العديد من معاصريه من علماء بغداد ومن ضمنهم ابن الألوسي مفتي بغداد الشهير والشيخ عبد السلام والشيخ عبد القادر والسيد الداودي ووفود عديدة من أصحاب الشأن ونبلاء البلاط العثماني والفارسي.

ونتيجة ضغوط من الحكومة الإيرانية، نفي بهاء الله بعد ذلك مرة أخرى إلى القسطنطينية وبعدها إلى مدينة أدرنة في القسم الأوروبي من تركيا وبقى هناك خمسة سنوات حبس بعدها في قلعة عكاء في فلسطين. وكان حبسه ونفيه الذين داما طوال الأربعين سنة الأخيرة من حياته لغرض التخلص منه والحد من انتشار نفوذ دعوته. ويذكر التاريخ البهائي أن بهاء الله اعلن دعوته كصاحب رسالة مستقلة إلى بعض اتباعه في حديقة على ضفاف نهر دجلة سميت فيما بعد بـ "حديقة الرضوان" وكان ذلك قبل رحيله من بغداد.

وأثناء وجود بهاء الله في مدينة ادرنة، زاد الخلاف بينه وبين اخيه غير الشقيق الملقب بــ (صبح أزل) الذي كان يصر على زعامته للحركة البابية حسب وصية الباب وانتهى هذا الخلاف بدعوة بهاء الله العلنية في 1866 بأنه هو الذي بشر الباب بقدومه بكنية "من يظهره الله" وموعود الظهورات التي سبقته. بعد ذلك وبتحريض من الحكومة الإيرانية، نفي صبح أزل مع اتباعه إلى جزيرة قبرص ونفي بهاء الله إلى سجن عكاء.

كتب بهاء الله خلال الاربعين سنة التي قضاها في الحبس والنفي العدد الوفير من الكتب والرسائل باللغتين العربية والفارسية ومن كتبه المشهورة: الكتاب الأقدس الذي دون فيه أحكام الدين البهائي، و كتاب الإيقان وكتاب الوديان السبعة وكتاب الكلمات المكنونة وغيرها . وخلال إقامته في ادرنة سنة 1866 وكذلك بعدها خلال سجنه في قلعة عكاء سنة 1868، أرسل بهاء الله عدة رسائل معنونة إلى ملوك وسلاطين ذلك العصر ولبابا الكنيسة الكاثوليكية، أعلن لهم فيها عن مقامه ودعاهم فيها إلى نبذ الخلافات والى العمل من اجل وحدة العالم ومن اجل السلام. وكان من ضمن هؤلاء، السلطان عبد العزيز و ناصر الدين شاه ملك إيران ونابليون الثالث والملكة فكتوريا ملكة بريطانيا وملك النمسة وقيصر روسيا وغيرهم .

 
مدخل ضريح بهاء الله قرب قصر البهجة في ضواحي عكاء

وقرب نهاية حياته، تراخت صرامة الحبس وتطبيق احكام السلطان عبد العزيز شيئا فشيئا. ورغم انه كان لايزال سجينا رسميا، فلقد سمح لبهاء الله ان يقضي آخر سنوات عمره في بيت واسع في احدى ضواحي المدينة كان قد اشتراه ابنه عباس افندي "عبد البهاء". وأستمر بهاء الله في الكتابة في سنواته الاخيرة في هذا البيت الذي يسمى بـ "قصر البهجة". وزاره في هذا البيت المستشرق ي. ج. براون و وصف براون لقائه هذا مع بهاء الله في كتابه"مقالة سائح" (من مطبوعات جامعة كامبردج).

وعند وفاة بهاء الله في سنة 1892 دفن في احدى الغرف في البيت المجاور لقصر البهجة، ويعتبر مرقده أحد الأماكن المقدسة التي يزورها العديد من الناس ويعتبر كذلك قبلة البهائيين في صلاتهم.


رأي المعاصرين في بهاء الله

  • كتب الأستاذ جاد عيد من أهالي عكا راثيا بهاء الله: «...فلا محاسن فضله تدرك، ولا مآثر عدله تعدّ، ولا فيوض مراحمه توصف، ولا غزارة مكارمه تحصر، ولا كرم أعراقه ككرم أعراق النّاس. فإنّ كلّ هذه الصّفات الّتي كان فيها آية الله في خلقه لم تكن لتفي بوصف بعثته الشّريفة، فهو الإمام المنفرد بصفاته، والحبر المتناهي بحسناته ومبرّاته، بل هو فوق ما يصف الواصفون وينعت النّاعتون...»
  • ومن رثاء نظمه الشيخ عبد الملك الشعبي:
لقد كان ربّ الفضل والعلم والتّقى وبحر النّدى والجود والحلم والمجد
ومصباح جود في الدّجى يهتدي به بلى غاية الرّاجي وأكرم من يسدي
  • ومن رثاء نظمه المعلم أمين فارس من كفر يسيف:
قد كان كهفًا للبرايـا كـلّ مـن وافاه كان ينال ما يستنظر
قد كان شمس هدى وبدر فضائل ومفاخر ومآثـر لا تنكـر
  • ومن رثاء رشيد أفندي الصفدي من عكا:
إمام قد حوى علمًا وفضلاً ورشدًا منه قد ظهر البهاء
بتحقيق اليقين على صلاح وزهد لا يشوبهمـا ريـاء
  • ومن رثاء أمين زيدان:
يا إمام الهدى ونور البهـاء أيّ لفظ يفيك حقّ العزاء
ليت شعري من لي بلفظ نبيّ فيه أرثي علامة الأنبياء
  • وقال شكيب أرسلان: «ومما لا جدال فيه أن البهاء وأولاده بمقامهم هذه المدة الطويلة بعكا أصبحوا بأشخاصهم معروفين لدى أهالي بلادنا المعرفة التامة، بحيث صفا جوهرهم عن أن تعتوره الجهالة، وامتنعت حقيقتهم عن أن تتلاعب بها حصائد الألسنة. أما البهاء فقد أجمع أهل عكا على أنه كان يقضي وقته معتزلا معتكفا، وأنه ما اطلع له أحد على سوء، ولا مظنة نقد، ولا مدعاة شبهة في أحواله الشّخصية كلها...»[1]
  • وكتب محمود خير الدّين الحلبي، صاحب جريدتي وفاء العرب والشورى الدمشقيّتين: «...وانتقل حضرة بهاء الله إلى (البهجة) وواصل جهاده حتى أصبح كعبة الوراد من جميع الجهات. وبدأت الهبات ترد عليه بكثرة من الأتباع والمريدين. ومع ذلك فما كان يتجاوز حدود البساطة وكان ينفق على الفقراء والمساكين، ويقضي معظم أوقاته بالصلاة والعبادة...»[2]

هامش

  1. ^ الأمير شكيب أرسلان، حاضر العالم الإسلامي، المجلد ۲، الجزء ۳ ص٣٥٨.
  2. ^ محمود خير الدّين الحلبي، عشر سنوات حول العالم، الجزء ۱، ص٤١، مطبعة ابن زيدون، دمشق، ١٩٣٧

المراجع

  • Bahá’u’lláh; The King of Glory، Hassan Balyuzi، Oxford، George Ronald، 1980
  • "كتاب القرن البديع: من آثار قلم حضرة وليّ أمر الله شوقي ربّاني"، من منشورات دار النّشر البهائيّة في البرازيل، 1986م ترجمّة محمّد العزّاوي.
  • The Bahá’í Faith، The Emerging Global Religion، William Hatcher and Douglas Martin، Harper & Row Publishers، 2nd Edition 1997 ترجمه إلى العربيّة عبد الحسين فكري بعنوان "الدين البهائي: بحث ودراسة"، دار النّشر البهائيّة، البرازيل، 2002م
  • Adib Taherzadeh، The Revelation of Bahá’u’lláh، George Ronald، Oxford، 1975

وصلات خارجية