جيمس الأول من إنگلترة

(تم التحويل من جيمس الأول)

جيمس الأول (إدنبرة 1566- هِيرفوردشِير، إنكلترا 1625 م) هو ملك إنكلترا وآيرلندا (1603-1625 م) وملك اسكتلندة أيضا (1567-1626) باسم جيمس السادس، والدته هي الملكة ماري ستيوارت.

جيمس السادس والأول
James VI and I
ملك الاسكوت، وإنگلترة وأيرلندة (more...)
جيمس الأول من إنگلترة من الفترة 1603–1613، بريشة پول ڤان سومر الأول (1576–1621)
جيمس الأول من إنگلترة من الفترة 1603–1613، بريشة پول ڤان سومر الأول (1576–1621)
ملك الاسكوت (المزيد...)
الحكم 24 يوليو 1567 – 27 مارس 1625
التتويج 29 يوليو 1567
سلفه ماري الأولى
Regent James Stewart, Earl of Moray
Matthew Stewart, Earl of Lennox
John Erskine, Earl of Mar
James Douglas, Earl of Morton
خليفته تشارلز الأول
Consort آن من الدنمارك
الأنجال
Henry Frederick, Prince of Wales
Elizabeth, Queen of Bohemia
تشارلز الأول
Robert Stuart, Duke of Kintyre
الألقاب والأنماط
جلالة ملك إنگلترة
His Grace The King of Scots
The Duke of

بعد أن أنهى مرحلة الطفولة عام 1583 م، تسلم مقاليد الحكم في اسكتلندا، وأفلح في أن يعيد إلى السلطة الملكية سيادتها. بعد وفاة الملكة إليزابيث الاول عام 1603، انتقل إليه عرش إنكلترا عن طريق جدته الكبرى مارگريت تيودر ابنة الملك هنري السابع.

نظم جماعة من الكاثوليك مؤامرة لنسف البرلمان بالبارود (1605 م) عند حضور الملك جيمس -مؤامرة البارود-، إلا أنه نجا بأعجوبة. قام بمطاردة فلول البيوريتان (puritan)، وهم جماعة انشقت عن البروتستانت كانت لها مطالب متشددة إزاء إصلاح الكنيسة، ثم عجل في إرسالهم إلى المستعمرات الجديدة في أمريكا. كان الملك منحازا جدا إلى دوق بكنگهام، والذي كان له أعداء كثر في البرلمان، كانت أفعاله وأقواله -أي الملك- قد جعلته غير مرغوب فيه بين رجال البرلمان، كان يعلن عن نيته عقد تحالف مع أسبانيا الكاثوليكية، ومما ينسب إليه قوله أن حقه الملكي هو حق إلهي. خلفه على العرش ابنه الثاني تشارلز الأول.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مشاركته على العرش

James I's Royal Coat in St Mary's Church, West Bergholt, Colchester

توج جيمس السادس ملكاً على إسكتلندة (29 يولية 1567) حين كان عمره ثلاثة عشر شهراً، حين كانت أمه سجينة في لوكليفن. وكان عمره ثمانية أشهر حين قتل دارنلي الذي يفترض أنه والده، كما كان يبلغ من العمر عشرة أشهر حين رأى أمه للمرة الأخيرة، ولم تعد له إلا اسماً وخيالاً تغشيه وتلطخه مأساة بعيدة مزرية. وتربى على أيدي لوردات نهازين باحثين عن مصلحتهم ومعلمين معادين لأمه. وتلقى قدراً كبيراً من العلوم الإنسانية، وقدراً أكبر مما ينبغي في اللاهوت، وقدراً ضئيلاً جداً في الأخلاقيات، حتى أصبح أعظم العلماء المسرفين في الشراب في أوربا.

وتولى الحكم باسمه أربعة أوصياء على العرش على التوالي- موري، لنوكس، مار، ثم مورتون، وكلهم عدا واحداً، ماتوا ميتة غير طبيعية. ودافعت جماعات النبلاء المتنافسة عن شخص الملك حصن سلطانهم وقوتهم. وفي 1582 احتجزه بعض اللوردات البروتستانت تساندهم الكنيسة الاسكتلندية الوطنية، في قلعة رثفن Ruhven خشية أن يخضع لنفوذ قريبه الكاثوليكي ازمي ستيوارت، فلما أطلق سراحه وعد بالدفاع عن العقيدة البروتستانتية، ووقع تحالفاً مع إنجلترا البروتستانتية، ولما بلغ السابعة عشرة من العمر، نهض بالمهام الفعلية للملك.

وكان شاذاً بين الملوك. وكان سلوكه خشناً غير مهذب، وكانت مشيته بشعة، وصوته عالياً، وكان حديثه محنة يبتلي بها سامعيه لما فيه من الغلظة والحذلقة المفتقرة إلى الحكمة. وقال أحد المراقبين الذين لا يكنون له كثيراً من الحب: "كانت معرفته باللغات والعلوم وشئون الحكم أكثر من أي فرد في اسكتلندة(1)" ولكن نفس المراقب أضاف: "أنه كان مغروراً بشكل غير عادي". وربما كانت هذه السمة أو الميزة ضرورية للمحافظة على الحياة في خضم المتاعب، بقدر ما هي المظهر المضلل لرجل لا يستطيع أن يسترجع في ذاكرته يوماً لم يكن فيه ملكاً. ولا بد أ يتحلى بشيء من الذكاء المنقذ ليحتفظ بتاجه على رأسه في إسكتلندة، ويلبس تاجاً أعظم في إنجلترا حتى يموت ميتة طبيعية. وكان متقلباً إلى حد ما بالنسبة للجنس، فتزوج من الأميرة الدنمركية الكاثوليكية، آن، ولكن لم يكن به ميل شديد إلى النساء، وانغمس في التودد إلى المحظيات إلى حد ساعد على القيل والقال.

وكان عليه أن يشتق طريقه بالحيلة والدهاء وسط الأفكار العنيفة المتصارعة في أيامه. فإن أسرة جيز في فرنسا، والملك فيليب في أسبانيا، والبابا في روما، تعاهدوا معه على استعادة إسكتلندة إلى حظيرة الكنيسة الكاثوليكية. ولكن الكنيسة الاسكتلندية الوطنية كانت تحسب عليه أنفاسه خشية أن ينحرف عن مذهب كلفن. ولكنه لم يحرق الجسور من خلفه، فتبادل الرسائل المهذبة مع الدول الكاثوليكية، وكان به ميل إلى تخفيف القوانين المفروضة على العبادة الكاثوليكية فأطلق خفية سراح أحد الجزويت، وتواطأ في تهريب آخر(2). ولكن المؤامرات الكاثوليكية أغضبته، وأثرت فيه البروتستانتية الظافرة في إنجلترا. وتنبأ بما قدر له مع الكنيسة الوطنية الاسكتلندية.

ولم تكن هذه الكنيسة رفيقاً مشجعاً مريحاً، وما حلت سنة 1583 حتى كان قساوستها يشكلون الأغلبية العظمى من رجال الدين الاسكتلنديين، وكانت مواردهم ضعيفة وحظهم من علوم الدنيا ضئيلاً، ومن ثم انصرفوا إلى العبادة والورع والتقوى، وتحلوا بالشجاعة والإقدام، وكدوا وجدوا في إعادة الكنائس المهملة، ونظموا المدارس، وتولوا أمر الصدقات، وحموا الفلاحين من ظلم اللوردات، وألقوا المواعظ المسهبة التي استوعبها ووعاها مستمعوهم، بدلاً من الكتب والمادة المطبوعة. وفي جلسات الكنيسة وفي المجامع الإقليمية وفي الجمعية العامة، حظي الأكليروس الجديد بقوة تنافس تلك القوة التي كانت هيئة الكنيسة الكاثوليكية قد استخدمتها ضدهم ببراعة. ولما كانوا يزعمون أنهم يتلقون الوحي من عند الله، ومن ثم فإنهم معصومون من الخطأ في ناحية العقيدة أو في الناحية الأخلاقية، فإنهم فرضوا على السلوك العام والخاص رقابة أقسى بكثير منها على عهد حراس أو حماة المذهب القديم المتراخين. وفي كثير من المدن فرضوا غرامات على الاسكتلنديين الذين لم يحضروا الصلوات البروتستانتية، وفرضوا توبة علنية، وفي بعض الأحيان عقوبات بدنية، على ما يضبط من خطايا(3). وروعوا بانتشار الفجور والزنى ففوضوا رؤساء الكنائس، في أن يتنبهوا بتشديد خاص إلى أية انحرافات جنسية، وأن يبعثوا بتقارير عنها إلى المجامع الكنسية البروتستانتية عند انعقادها، وصعقوا بالفحوش والفجور في المسرح الإنجليزي فسعوا إلى تحريم التمثيل المسرحي في إسكتلندة، فلما عجزوا عن ذلك، حظروا على أتباعهم أن يشهدوه، وفعلوا ما فعله أسلافهم من اعتبار الهرطقة جريمة عقوبتها الإعدام. وتعقبوا السحرة في حماسة بالغة وأقروا إعدامهم حرقاً(4). وأقنعوا البرلمان بأن يصدر قانوناً يفرض عقوبة الإعدام على أي قسيس يقرأ القداس ثلاث مرات، ولكن هذا المرسوم لم يطبق على أية حال، وعندما ترامت إليهم أنباء مذبحة سانت برثلميو، دعت الكنيسة الاسكتلندية البروتستانتية إلى تدبير مذبحة مماثلة للكاثوليك في إسكتلندة، ولكن الحكومة أغفلت هذا النداء(5).

وباستثناء ادعاء نزول الوحي على القساوسة وعصمتهم من الخطأ، كانت الكنيسة الوطنية الاسكتلندية (البروتستانتية) أكثر النظم ديمقراطية في عصرها. وكان قسيسو الدوائر أو الأقسام يختارون رؤساء الكنائس شريطة موافقة شعب الكنيسة، وكان جمهور المؤمنين يشهدون الجلسات والمجامع والجمعية العامة. وأهاجت وأغضبت هذه الإجراءات الديمقراطية البرلمان الأرستقراطي والملك الممسوح بالزيت. ولما كان جيمس يفكر ويجادل-وربما يعتقد ويؤمن-في أنه يحكم بمقتضى الحق الإلهي، فإنه شكا من أن "جماعة من القساوسة الملتهبين حماسة وغيرة في الكنيسة البروتستانتية، ملكوا قيادة الشعب على هذا النحو، وأنهم عندما استساغوا طعم الحكم وتلذذوا بحلاوته، بدءوا يفكرون في شكل ديموقراطي... لقد شوهوا سمعتي وافتروا عليَّ في مواعظهم، لا لأية رذيلة في شخصي، بل لأني ملك اعتبروه أكبر رذيلة(6)". وبذلك استؤنف نزاع العصور بين الكنيسة والدولة.

واتخذ النزاع آنذاك شكل هجوم أو حملة من القساوسة على الأساقفة. وكان هؤلاء-وهذا تراث كاثوليكي للكنيسة الاسكتلندية البروتستانتية-يختارون شكلاً بواسطة القساوسة ولكن كانوا فعلاً يعينون، وغالباً ما يفرضون على الأكليروس بواسطة الوصي أو الملك. وكانوا يسلمون قدراً كبيراً من إيرادات الكنيسة في الحكومة. ولم يجد القساوسة في الكتب المقدسة سنداً أو أساساً للنظام الأسقفي، ومن ثم عقدوا العزم على التخلص منه في إسكتلندة، على أنه لا يلتئم مع التنظيم الشعبي السائد في الكنيسة الاسكتلندية الوطنية الجديدة.

وكان زعيمهم أندرو ملفيل، اسكتلندياً عنيفاً متحمساً هيأته الطبيعة ليرث عباءة جون نوكس. وبعد أن أنهى تعليمه الجامعي في سانت أندروز، تابع دراسته في باريس، ورضع لبان مذهب كلفن على يد بيز B(ze في جنيف. ولدى عودته إلى إسكتلندة (1574) عين، وهو في التاسعة والعشرين من العمر، رئيساً لجامعة جلاسجو، فأظهر مقدرة وكفاية في إعادة تنظيم المناهج. وقواعد الضبط والسلوك فيها. وفي 1578 أسهم في جمع "الكتاب الثاني لقواعد الانضباط والسلوك" الذي ندد بالنظام الأسقفي باسم المساواة الكهنوتية. ودافع عن الفصل النهائي بين مجالات كل من الكنيسة والدولة. وكان لهذا أثره في الفصل بينهما في الولايات المتحدة، ولكنه طالب بحق القساوسة في تدريب الحكام المدنيين على ممارسة سلطاتهم "على أساس كلمة الله(7)". على أن جيمس، على أية حال، أراد أن يكون حاكماً مطلقاً مثل هنري الثامن وإليزابث، وآمن بأن نظام الأساقفة ضروري للإدارة الكنسية، كما أنهم وسطاء مريحون بين الكنيسة والدولة.

وفي 1580 "لعنت" الجمعية العامة للكنسية الوطنية الإسكتلندية (البروتستانتية) وظيفة الأسقف ودمغتها بأنها "حماقة من ابتداع الإنسان". وصدر الأمر إلى جميع الأساقفة- تحت التهديد بعقوبة الحرمان من الكنيسة، بأن يكفوا عن مباشرة أعمالهم، والتقدم إلى الجمعية العامة بطلب الترخيص لهم بأن يكونوا مجرد كهنة عاديين. ونبذت الحكومة "الكتاب الثاني لقواعد السلوك والانضباط"، وتمسكت بأن الحرمان من الكنيسة لا يصبح نافذ المفعول إلا إذا صدقت عليه الدولة. وفي 1581 رشح لنوكس، وكان آنذاك وصياً على العرش، روبرت مونتجمري رئيساً لأساقفة جلاسجو. ولكن قساوسة جلاسجو البروتستانت أبوا أن ينتخبوه، ولكنه على الرغم من هذا أصر على أن يتولى مهام منصبه، فقررت الجمعية العامة بزعامة ملفيل حرمانه من الكنيسة (1582)، ورضخ مونتجمري وانسحب. واتهم ملفيل بالتحريض على (الفتنة)، فرفض المحاكمة المدنية، وطالب بأن يحاكم أمام محكمة كنسية. ولما أدين بتهمة احتقار المحكمة، هرب إلى إنجلترا (1584). وأقنع جيمس البرلمان بأن يعلن أنه يعتبره خيانة: رفض الخضوع للقضاء المدفى، وتدخل القساوسة في شئون الدولة، ومقاومة حكومة الأساقفة، وأية اجتماعات كنسية لا يرخص الملك بعقدها. فآثر كثير من القساوسة أن يلحقوا بملفيل في منفاه، على الامتثال لهذه الأوامر. فما كان من جيمس، تمسكاً بسيادته العليا واستمتاعاً بها، إلا أن أمعن في حكم الإرهاب: فعوقب الكهنة لأنهم صلوا من أجل اخوتهم المنفيين، وأعدم اثنان آخران بتهمة التآمر.

وقاوم رجال الدين والمترددون على كنائسهم، بما عهد في الاسكتلنديين من عناد وصلابة، وشوهت النشرات التي لم يعرف مصدرها سمعة الملك. ونددت الأغاني بطغيانه والعار الذي لحق به من أجله، وحتى النساء كتبن له نقداً ساخراً لاذعاً ينذرنه فيه بالجحيم وسوء المصير. وتناقض شيئاً فشيئاً ما كان يحصل عليه أساقفته من الأموال، وسلموا الدولة منها الأقل فالأقل، ووجد جيمس أنه بات صفر اليدين، بلا مال-وهو مصدر قوة إرادته، واشتد ضعفه سنة بعد أخرى، وأقر برلمان 1529، بموافقته التامة، مرسوماً يحتفظ للكنيسة الاسكتلندية الوطنية (البروتستانتية) بحريتها، ويعيد إليها سلطاتها في الشئون القضائية والضبط، ويلغي نظام الأساقفة. وعاد المنفيون.

وإذ اشتدت جرأة ملفيل عن ذي قبل، واجه جيمس بقوله: "خادم الرب الأبله، وألقى عليه الحقيقة اللاهوتية التي لا ريب فيها، في 1596، بمثل الثبات ورباطة الجأش اللتين واجه بهما جريجوري السابع الإمبراطور هنري الرابع قبل ذلك بخمسمائة عام (1077) فقال: "إن في إسكتلندة ملكين ومملكتين. فهناك يسوع المسيح ومملكته، وهي في الكنيسة، وأحد رعاياها الملك جيمس... وما هو يملك ولا رئيس ولا لورد، ولكن مجرد عضو(8)". وقال-دافيد بلاك-وهو قسيس كنيسة سانت أندروز، لجماعة المصلين (1596) إن جميع الملوك أبناء للشيطان، وأن إليزابث كافرة ملحدة. وأن جيمس هو الشيطان بعينه(9). واحتج السفير الإنجليزي، واستدعى مجلس الشورى القس بلاك للتحقيق، فأبى أن يذهب قائلاً إن الجرم الذي يرتكب من فوق المنبر لا يخضع إلا لمحكمة الكنيسة، هذا فضلاً عن أنه تلقى رسالته من عند الله. وأمر جيمس بمحاكمته غيابياً. فذهبت إليه لجنة من القساوسة، ولكن الملك لم يعالج الأمر بنجاح، بل على العكس، طالب بأن تخضع لتصديقه كل قرارات الجمعية الكنسية والبرلمان. ودعا القساوسة إلى صوم عام، وأعلنوا منذرين متشائمين، أنه مهما حدث من شيء "فإنهم أبرياء من دم جلالته(10)".

وتجمع حشد من المشاغبين حول المبنى الذي كان يقيم فيه جيمس (17 ديسمبر 1596) فهرب إلى قصر هوليرود. وفي صباح اليوم التالي غادر أدنبرة مع كل حاشيته. وأعلن إلى سكانها، عن طريق مناد ينطق باسمه، أنها لم تعد تصلح لتكون عاصمة، وأنه لن يعود إليها إلا لتنفيذ الحكم على الثوار والعصاة، وأمر كل الأكليروس وغير المتوطنين بمغادرة المدينة. ولما لم يجد المشاغبون أحداً ليقتلوه، تفرقوا. وحزن التجار على فقدانهم ما كان يعود عليهم من ربح في التعامل مع الحاشية. وتساءل المواطنون في دهشة: هل كان النزاع يستحق الاستشهاد الاقتصادي، وعاد جيمس إلى المدينة في ظفر مشوب بالغضب (1 يناير 1597)، وعرضت الجمعية العامة المنعقدة في برث، خضوع الكنيسة الوطنية الاسكتلندية، ووافقت على ألا يعين أي قسيس في المدن الرئيسية دون موافقة الملك وشعب الكنيسة، وألا يتعرض القساوسة في خطبهم لقرارات البرلمان أو مجلس الشورى، وألا يهاجموا شخص أي إنسان من فوق المنبر. وسمح للقساوسة البروتستانت بعد ذلك بالعودة إلى العاصمة (1597). ولكن أعيد نظام الأساقفة. وغطت هدنة كئيبة منكودة على الحرب القديمة بين الكنيسة والدولة.

وبرزت في الأدب الاسكتلندي تلك في الحقبة شخصيتان عظيمتان: الملك نفسه، وأشهر معلميه. وكانت سيرة حياة جورج بوكانان مدهشة، فقد ولد في سترلنجشير في 1506، ودرس في باريس، وخدم العلم في فرنسا وإسكتلندة، ونهل الحماسة الفلسفية والسياسية من محاضرات جون ميجر، وعاد من أجل الحب والعلم إلى باريس: ورجع أدراجه إلى إسكتلندة هرطيقاً هجاءً لاذعاً، وأودعه السجن الكاردينال بيتون، فهرب إلى بوردو، وقام هناك بتدريس اللاتينية، وكتب قصائد ومسرحيات بلغة لاتينية جيدة إلى حد كبير، وشاهد تلميذه مونتاني يمثل في إحدى هذه الزاويات، ورأس إحدى الكليات في كوامبرا، وسجنته محكمة التفتيش الأسبانية لسخريته من الأخوة (في فرقة دينية)، وعاد إلى إسكتلندة وفرنسا، ثم إسكتلندة حيث تولى تعليم ماري ملكة إسكتلندة (1562)، وعين رئيساً للجمعية العامة (1567) وأعلن صحة "رسائل الصندوق الفضي" واتهم بتزييف قسم منها(11). وأدان-ماري بلا هوادة ولا رحمة في كتابه "كشف النقاب عن حكم ماري" (1571) وتولى التدريس لابنها على الرغم من اعتراضها على ذلك، وتخلى عن هذه المهمة (1582). وجد وجاهد في كتابه "تاريخ إسكتلندة" (1579) لتخليص تاريخ بلاده من "القيود الإنجليزية والغرور الإسكتلندي". وأكد من جديد في رسالته "الحكم الشرعي في إسكتلندة"-على الرغم من تلميذه الذي سيصبح عما قريب ملكاً مستبداً-أكد نظرية العصور الوسطى القائلة بأن المصدر الوحيد للسلطة السياسية، بعد الله، هو الشعب، وأن كل مجتمع يرتكز على عقد اجتماع ضمني يقوم على التزامات وقيود متبادلة بين المحكومين والحكام، وأن لإرادة الأغلبية، بحق أن تحكم الكل، وأن الملك يجب أن يخضع للقوانين التي يقرها ممثلو الشعب، وأنه يمكن بحق أيضاً مقاومة الطاغية أو عزله أو قتله(12). فأنت ترى أن أسطورة العقد الاجتماعي ظهرت هنا قبل هوبز بقرن من الزمان، وقبل مجيء روسو بقرنين. وشجب البرلمان الاسكتلندي كتاب بوكانان، وأحرقته جامعة أكسفورد، ولكن كان له أثر شديد. وذهب صمويل جونسون إلى القول بأن بوكانان هو العبقري الوحيد الذي أنجبته إسكتلندة(13). وأسبغ هيوم، في تواضع، هذا الامتياز على نابيير (عالم رياضيات اسكتلندي 1550-1617، مخترع اللوغاريتمات)، أما المؤرخ الاسكتلندي كاريل فقد خص به نوكس، حيث كان من أشد المعجبين به. أما جيمس السادس فقد كان له آراؤه الخاصة في هذه المسألة.

وكان الملك مزهواً فخوراً بكتبه قدر زهوه وفخره بحقوقه وامتيازاته. وفي 1616 نشر مجلداً ضخماً "أعمال الأمير، الأعظم والأقوى جيمس"، وهو مهدي إلى يسوع المسيح. وكتب قصائد، ونصائح إلى الشعراء، وترجمة "للمزامير"، ودراسة لسفر الرؤيا، ورسالة عن "الشياطين" وكتابين من (قطع الثمن) دفاعاً من الملكية المطلقة، أحدهما وهو "إلهية الملكية" (1598) كان كتاب نصائح لابنه هنري في فن الحكم وواجباته، أكد حكم الكنيسة على أنه "ليس بالجزء اليسير من مهمة الملك". أما الثاني وهو "القانون الحقيقي للملكيات الحرة" فقد شرح فيه الحكم المطلق ودافع عنه في فصاحة هائلة: إن الملوك مختارون من عند الله، ما دامت الأحداث الهامة تفرضها العناية الإلهية، وأن تعيينهم ومسحهم بالزيت يشكلان سراً مقدساً لا يجوز النطق به، مثلهما في ذلك مثل أي سر مقدس آخر. ومن ثم كان لهم كل الحق في أن يكون حكمهم مطلقاً، وأن معارضتهم تعتبر حماقة، وجريمة، وإثماً من شأنه أن يفضي إلى الضرر أكثر من أي طغيان. إن هذا الذي كان بالنسبة لإليزابث أسطورة نافعة، أصبح بالنسبة لجيمس مبدأ عاطفياً، ولد لأم ملكة. وورث عنه ابنه شارل النظرية، ودفع الثمن أو تلقى القصاص.

ومهما يكن من أمر فإن إنجلترا لم تتنبأ في 1598 بما حدث في 1649، وبعد أن شرب جيمس نخب البروتستانتية وتعهد بالتزامها، اعترف مجلس شورى الملكة إليزابث به وريثاً للتاج الإنجليزي، عن طريق أمه ماري. وبعد مضي أربعة أيام على وفاة إليزابث، بدأ جيمس (5 أبريل 1603) رحلة بهيجة مرحة من أدنبرة إلى لندن، وتوقف، متمهلاً، في الطريق، ليحتفي به النبلاء الإنجليز، وفي 6 مايو وصل إلى لندن التي أخذت زخرفتها وزينت للترحيب به-انحنت الجماهير له، وقبل اللوردات يديه. وبعد ألف سنة من صراع عقيم لا غناء فيه اتحدت الأمتان (ولم يتحد البرلمان قبل 1707) وهكذا كان عقيم إليزابث نافعاً مثمراً.


الحكم الشخصي في اسكتلندة

 
James in 1586, age 20.

الزواج

 
آن من الدنمارك، بريشة جون ده كريتز، ح. 1605.

العرش الإنگليزي

المناداة به ملكاً على إنگلترة

الملوك الإنگليز والاسكتلنديين
بيت ستوارت
 
جيمس السادس والأول
   هنري، أمير ويلز
   إليزابث، ملكة بوهميا
   تشارلز الأول
   روبرت، دوق كنتاير


 
پورتريه لجيمس بريشة نيكولاس هيليارد، من فترة 1603–1609.

أي صنف من الرجال كان قد أصبح جيمس في سبع وثلاثين سنة؟ كان متوسط القامة، ذا رجلين ضعيفتين، وكرش صغير، يرتدي سترة ضيقة وبنطلوناً محشوين أو مبطنين حتى يمنعا وصول نصال السفاحين إلى جسمه، وكان شعره ذا لون أسمر بني، وخلداه متوردين، وأنفه مكور، تشع من عينيه الزرقاوين نظرات الارتياب والحزن، وكأنما كان الرب خجلاً من جسمه. وكان كسولاً نوعاً ما، فآثر الراحة من عناء العمل، اعتماداً منه على إليزابث، وكانت لغته فظة، يتميز له وتسليته بالخشونة، وكان يتمتم ويتلعثم كثيراً، وكثيراً ما كان لسانه الخشن يفلت بغير حساب، وكان مزهواً كريماً، جباناً مخادعاً، لأنه كثيراً ما تعرض للخطر، وخدع وغرر به، مستعداً لتبادل الإساءة، وليصفح ويلتمس الصفح، من ذلك أنه عندما أنكر جون جب أنه ضيع بعض الوثائق الهامة، فقد جيمس صوابه، وركله بقدمه، فلما عثر على الأوراق، جثا أمام معاونه الذي أخزاه وأذله، وأبى أن ينهض حتى يصفح عنه جب. وكان متسامحاً وسط جو من التعصب وعدم التسامح. وكان في بعض الأحيان صلباً قاسياً، ولو أنه عادة حنون عطوف. وكان يرتاب في ابنه هنري لشعبيته البالغة، ويحب ابنه شارل إلى حد الحمق. ولم تشب علاقته بالنساء أية شائبة، ولكنه كان ميالاً إلى ملاطفة الشبان الوسيمين. وكان يؤمن بالخرافات، كما كان عالماً. وكان سخيفاً لاذعاً، يؤمن بالعفاريت والسحرة في الوقت الذي يعطف فيه على بيكون وجونسون، يحسد العلماء، ويولع بالكتب، وإن من أول قراراته بوصفه ملكاً أنه منج جامعتي أكسفورد وكمبردج حق إرسال ممثلين لهما إلى البرلمان. ولما رأى مكتبة بودلي صاح قائلاً: "لو لم أكن ملكاً لآثرت أن أكان جامعياً، ولو قدر لي أن أسجن، وكانت لي الخيرة من أمري، لما آثرت مكاناً أسجن فيه غير هذه المكتبة، ملازماً لهؤلاء المؤلفين الأفاضل والأساتذة الذين قضوا نحبهم(14). وصفوة القول أنه كان رجلاً يعوزه الاتزان والحزم، إلى حد ما، ولو أنه كان في قرارة نفسه سمحاً ودوداً، يسخر منه الأذكياء، ولكن يغفر له قومه، لأنه حتى اقتربت نهايته المحزنة، وفر لهم الأمن والطمأنينة والسلام.

ولم يكن جيمس يحب الماء كثيراً إلى حد أنه كره استخدامه لأغراض الغسل. وكان يدمن على الشراب، وأباح في بعض حفلات حاشيته أن تسرف النساء والرجال في الشراب حتى تلعب الخمر برءوس الجميع وينتهي الأمر إلى ثمل عاطفي. ودرجت الحاشية على الإسراف في الملابس وفي الحفلات، إسرافاً لم يسبق له مثيل في بلاط إليزابث. وكانت إليزابث تميل إلى التمثيليات التنكرية، ولكن أما وقد كتب بن جونسون الرواية، وصمم إنيجو جونز الملابس والمناظر، وقام بالأدوار فيها اللوردات العظام والسيدات الفاتنات، وكأنما ارتدى الجميع، من شدة البذخ، أموال المملكة، فإن الفن الخرافي الغريب غير الواقعي بلغ الآن ذروته. وبلغ الاستهتار والخلاعة. والفساد في البلاط مبلغاً لم يسبق له مثيل. حتى جاء على لسان سيدة في إحدى روايات جونسون قولها. "أعتقد أنني إذا لم أجد من يحبني غير زوجي المسكين، فلسوف أشنق نفسي(15)". وقبل أفراد الحاشية "هدايا" قيمة مقابل استغلال نفوذهم في الحصول على المراسيم والتراخيص والاحتكارات والمناصب لمن يطلبها. من ذلك أن البارون مونتاجو دفع عشرين ألفاً من الجنيهات مقابل تنصيبه وزيراً للخزانة(16). وروى بسند ضعيف، أن رجلاً حساساً رقيقاً مرض وفاضت روحه عندما سمع كم دفع أصدقاؤه مقابل تعيينه قاضياً محلياً(17).

ولم يول جيمس مثل هذه المسائل كلها اهتماماً كبيراً. ولم يجهد نفسه كثيراً في شئون الحكومة. وترك إدارة البلاد لمجلس الشورى الذي يتألف من ستة من الإنجليز ومثلهم من الاسكتلنديين، والذي يرأسه روبرت سيسل الذي عينه إرل سالسبوري (1605). وورث سيسل كل شيء إلا الصحة. فقد أقعده عن الحركة ظهره الأحدب، حتى بات منظره يبعث على الحزن والأسى. ولكنه تحلى بكل ما كان لأبيه من فطنة في اختيار الرجال وتوجيههم، وتشبث صامت وكياسة ماكرة، تفوق بها جميعاً على منافسيه المحليين وعلى أفراد أي بلاط أجنبي. ولما مات "كلب الصيد الصغير" وقع جيمس تحت سيطرة شاب وسيم هو روبرت كار، وعينه إرل سومرست، فهيأ له أن يخلف في مجال السياسة والإدارة، من هم أكبر منه سناً، وأكثر صقلاً وعلماً، مثل فرانسيس بيكون وإدوارد كوك.

وكان كوك تجسيداً للقانون، وحارساً أميناً عليه، أشهرته محاكمته للورد إسكس في 1600، ورالي في 1603، والمشتركين في مؤامرة البارود في 1605. وخرج على الناس في 1610 برأي تاريخي: يبدو في كتبنا أنه في حالات كثيرة، يطغى القانون العام على قرارات البرلمان، وفي بعض الأحيان يعتبرها باطلة. لأنه إذا كان قرار البرلمان مخالفاً للحق العام أو العقل.... أو يستحيل تطبيقه،فإن القانون العام لا بد أن يلغيه أو يقضي عليه بالبطلان(18).

وربما كان البرلمان لا يستسيغ مثل هذا الرأي، ولكن جيمس عين كوك رئيساً للمحكمة العليا (1613) وعضواً في مجلس الشورى. وانقلب من كونه رجل الملك، إلى رجل يزعج الملك ويقض مضجعه، يستنكر البحث أو التحقيق في الآراء الخاصة، ويؤيد حرية أعضاء البرلمان في الكلام، وتناول بالتجريح سلطة الملك المطلقة في مذكرات لاذعة تؤكد أن الملوك ليسوا إلا خدماً للقانون. وفي 1616 اتهمه منافسه بيكون بارتكاب أعمال محظورة، وعزل كوك، ثم أعيد إلى البرلمان ليستمر في تزعم حركة المقاومة ضد الملك. وأودع سجن لندن 1621، ولكن سرعان ما أطلق سراحه. ومات غير نادم (1634)، مخلصاً أشد الإخلاص لنصوص القانون وصرامته، وترك لنا أربعة مجلدات من "مجموعة القوانين" لا تزال تشكل مرجعاً هاماً في القضاء الإنجليزي . وفي نفس الوقت كان جيمس يتابع مع البرلمان مناقشته التي كان لا بد أن تتمخض في عهد ابنه عن الحرب الأهلية وقتل الملك. إنه لم يكتف بممارسة كل السلطات التي كان هنري الثامن وإليزابث قد سيطرتا بها على مشرعيهما المتذمرين أو الذين روعهم التهديد، إنه صاغ دعاواه على أنها أوامر إلهية. فأعلن إلى برلمان 1609:

إن مقام الملكية هو أسمى شيء في الأرض. لأن الملوك لا يقومون مقام الله على الأرض ويجلسون على عرش الله. فحسب، بل إن الله نفسه يسميهم آلهة أو أرباباً.... إن الملوك يسمون بحق آلهة، لأنهم يمارسون شيئاً شبيهاً بالسلطة الإلهية على الأرض. إنكم لو تدبرتم في صفات الله لوجدتموها مجتمعة ومتفقة في شخص الملك. إن الله قادر على الخلق أو التدمير والإفناء، على البناء والهدم، وفق مشيته، يبعث الحياة أو يرسل الموت، يحاسب كل الناس ولا يحاسبه أحد... وللملوك نفس القدرة أو القوة. إنهم يصنعون رعاياهم أو يحطمونهم، ولهم القدرة، ولهم الكلمة العليا على كل رعاياهم، وفي كل الأمور، ومع ذلك لا يحاسبهم أحد إلا الله وحده. ولهم السلطة في أن يجعلوا... من رعاياهم قطع شطرنج يحركونها كيف شاءوا- فالبيدق يطيح بأسقف أو بفارس- فيرفعون أياً من رعاياهم إلى عنان السماء أو يخسفون به الأرض، وكأنما يتصرفون في أموالهم(20).

وكانت هذه الخطوة إلى الوراء، لأن النظرية السياسية في العصور الوسطى، كانت قد جعلت الملك دوماً. نائباً عن الشعب صاحب السيادة. والبابوات فقط هم الذين أعلنوا أنهم نواب الله على الأرض. ولكن نضفي على هذه الدعوى أفضل واجهة فلسفية، يجدر بنا أن نفترض أن البابوات- بوصفهم الرؤوس العليا للسيادة والسلطان في العصور الوسطى، كانوا قد آمنوا بأن الدوافع الفردية في الإنسان قوية إلى حد أن الإبقاء على النظام الاجتماعي لا يتأتى إلا بأن يغرس في نفوس الناس، إجلال تقلدي للسلطة الدينية، وللبابوات بوصفهم صوت الله وممثليه. ولكن إضعاف الإصلاح الديني للسلطة البابوية أو هدمها. كان قد ترك السلطات السياسية مسئولة في المقام الأول، أو في النهاية، عن النظام الاجتماعي. وحكم هؤلاء أيضاً بأن السلطة البشرية الخالصة عرضة للتحدي، إلى درجة أنها لا تقوى على كبح جماح النزعات غير الاجتماعية في الإنسان، بطريقة فعالة أو من الناحية الاقتصادية. ومن ثم نمت نظرية حق الملوك الإلهي، جنباً إلى جنب، مع تطور القومية والانتقاص من سلطة البابوات. وبعد أن تولى الأمراء اللوثريين في ألمانيا، السلطات الروحية التي كانت للكنيسة القديمة في بلادهم، أحسوا بأنهم محقون في أن يحيطوا أنفسهم بالهالة الإلهية التي اعتقد معظم الحكام والملوك قبل 1789 أنها أساسية لا يستغني عنها للسلطة الأدبية والسلام الاجتماعي. وأخطأ جيمس في التعبير عن هذا الافتراض بوضوح أكثر مما ينبغي، وفي أشد صيغة تطرفاً.

وكان من الجائز أن يتقبل البرلمان، قبولاً نظرياً (مع ابتسامات خاصة) هذه الاستبدادية الملكية، إذا كان أعضاؤه، كما كان الحال مع إليزابث وهي في أوج عظمتها، من كبار ملاك الأراضي- الذين كانوا مدينين لملوك التيودور بأعمال جليلة بطولية. ولكن مجلس العموم الآن كان يضم بين أعضائه البالغ عددهم 467 عضواً، كثيراً من ممثلي الطبقات التجارية الناشئة الذين لا يستسيغون سيطرة ملكية بلا حدود على أموالهم- إلى جانب كثير من البيوريتانيين الذين ينكرون على الملك دعواه في أن يحكم ديانتهم. وحدد المجلس حقوقه في إغفال جريء لألوهية جيمس، أو حقوقه الإلهية. وأعلن أنه له القول الفصل في صحة انتخاب أعضائه. وطالب بحرية الكلام، وحصانة أعضائه ضد القبض عليهم في أثناء انعقاده، وأثبت أنه بغير هذا لا يكون للبرلمان أي معنى أو قيمة. واقترح أن يتولى التشريع في المسائل الدينية، وأنكر سلطة الملك في الفصل في مثل هذه المسائل دون موافقة البرلمان. على أن الأساقفة الأنجليكانيين على أية حال طالبوا بحث المجمع الكنسي الأنجليكاني في الفصل في الأمور الكنسية، على أن تخضع قراراته لموافقة الملك. وأبلغ رئيس مجلس العموم جيمس أنه ليس للملك أن يسن قانوناً، ولكن يستطيع فقط أن يعتمد أو يرفض أي قانون يجيزه البرلمان. وأعلن المجلس في يونية 1604: "أن امتيازاتنا وحرياتنا هي حقوقنا وتراثنا القانوني... وليست بحال من الأحوال أقل شأناً من أراضينا ومتاعنا... ولا يمكن انتزاعها منا، دون أن يكون في ذلك إساءة صارخة إلى المملكة بأسرها(21)".

وهكذا نسجت خيوط النزاع التاريخي بين "حقوق" الملك و "امتيازات" البرلمان، هذا النزاع الذي قدر له أن يخلق ديموقراطية إنجلترا، بعد مائة من السنين توالت فيها الانتصارات والهزائم.

مؤامرة البارود

الملك والبرلمان

إن الحب والدبلوماسية رفيقان شيمتهما الخيانة والغدر. ففي 1615 أحب الملك جيمس، بأسلوبه الرقيق ذي الوجهين، جورج ڤيليير Villiers، الشاب الوسيم الجريء الثري، ذا الثلاثة والعشرين ربيعاً، فخلع عليه لقب ارل، ثم مركيز ثم دوق بكنجهام، ثم بعد 1616 أطلق يديه في توجيه سياسة الدولة. وكانت زوجة بكنجهام، ليدي كاترين مانرز تتبع الطقوس الأنجليكانية في الظاهر، ولكنها في أعماق قلبها كاثوليكية، وكان من الجائز أن تقنعه بصداقة أسبانيا.

إن الملك جيمس نفسه كان رجل سلام، ولم يكن ليدع اللاهوت أو القرصنة لتورطه مع القارة. وما أن تولى العرش حتى وضع حداً للحروب الطويلة التي كانت إنجلترا قد شنتها على أسبانيا. ولما فقد فردريك أمير البلاتينات (إقليم غرب الراين)-وزوج ابنة جيمس المحبوبة إليزابث-أمارته في البداية "حرب الثلاثين عاماً"، راود جيمس الأمل في أن استرضاء ملك أسبانيا وهو من (آل هبسبرج) استرضاء جاداً كريماً، قد يؤثر على إمبراطورية آل هبسبرج فرديناند الثاني، فيسمح لفردريك باسترداد عرشه. وأثار جيمس استياء الشعب واشمئزازه حين اقترح لهذا الغرض على فيليب الرابع زواج أخته "الأميرة ماريا" الأسبانية من الأمير شارل.

ولقي رالي نهايته الأليمة ضحية السياسة الأسبانية. وكان رالي يعارض سراً ارتقاء جيمس عرش إنجلترا، كما كان يعارض بشدة اسكس، سند جيمس ومؤيده. وسرعان ما وصل جيمس إلى لندن حتى فصل رالي من جميع مناصبه الحكومية. وبانفعال واندفاع تميز بهما والتر، سمح لنفسه بالتورط في عدة محاولات لخلع الملك(65). فأودع السجن، واحتج بأنه بريء وحاول الانتحار. وحوكم، وأدين بناء على أدلة مشكوك في صحتها، وحكم عليه بالإعدام، في 13 ديسمبر 1603 وقاسى كل ألوان التعذيب، على أنه خائن. وفي 8 ديسمبر كتب إلى زوجته رسالة تفيض رقة وتقي- لم يشهدهما العالم فيه من قبل. ورفض جيمس توسلات الملكة والأمير هنري للعفو عنه. ولكنه سمح للسجين بالبقاء على قيد الحياة لمدة خمس عشرة سنة أخرى، مع بقاء حكم الإعدام سيفاً مسلطاً على رأسه، وسمح لزوجة رالي بالإقامة معه في بيت صفير بناه في تخوم البرج (السجن). وأمده أصدقاؤه بالكتب وأجرى بعض التجارب الكيميائية، ونظم بعض القصائد الرائعة، وألف كتابه "تاريخ العالم". وبدأ الكتاب- كما نشر 1614 بمقدمة ورعة مشوشة معقدة مطولة مملة، تكشف عن عقل منهوك شديد الاضطرابات والخبل. وبدأت القصة بنينوى، وانتقلت عبر مصر وجنوب فلسطين، وإيران وكلديا واليونان وقرطاجة، وانتهت برومة الإمبراطورية. ولم يحرص رالي على الوصول إلى الأزمنة الحديثة "لأن من يتوخى الصدق كل الصدق في كتابة التاريخ، قد لا ينجو من الأذى" وتحسن أسلوبه بمتابعة الكتابة، حتى بلغ مرتبة عالية في وصف معركة سلاميس، وبلغ الذروة في المناجاة الختامية "للموت البليغ العادل الجبار(68)".

ولكن رالي لم يرتض الهزيمة ولم يقنع بها، ففي 1616، بعد أن جمع 1600 جنيه، رشا دوق بكنجهام ليتوسط له لدى الملك(69)، ووعده، في حال إطلاق سراحه، بالإبحار إلى أمريكا الجنوبية، ليكشف عن ما ظن أنه مناجم الذهب الغنية في جويانا، ويعود بالغنائم الملكية للخزانة الظمأى. فأفرج عنه جيمس إفراجاً مؤقتاً مشروطاً، ووافق على أن يحتفظ رالي وشركاءه بأربعة أخماس أية كنوز قد يستولي عليها من "الوثنين المتوحشين" ولكن الملك الحذر البعيد النظر أبقى حكم الإعدام نافذ المفعول إغراء بحسن السلوك. وأشار السفير الأسباني كونت جوندومار إلى أن هناك في جويانا جاليات أسبانية، ورجا ألا يضاروا أو يعكر صفوهم. فما كان من جيمس الحريص على السلام، وعلى المصاهرة مع أسبانيا، إلا أن حظر على رالي-تحت طائلة تنفيذ حكم الإعدام-التدخل في شئون أية جاليات مسيحية في أي مكان والأسبانية منها بوجه خاص(70)، ووافق رالي كتابة على هذه التحذيرات(71)، واستمر جوندومار يعترضن ويحتج، فما كان من جيمس إلا أن أقسم على تنفيذ حكم الإعدام إذا خالف رالي تعليماته(72).

وجهز رالي بمعونة أصدقائه، أربع عشر سفينة أبحر بها في 17 مارس 1617 إلى مصب نهر الأورينوكو. ولكن مستوطنة سانتا توماس الأسبانية اعترضت الطريق عبر النهر إلى المناجم المزعومة، وتلك مسألة أسطورية تماماً. ونزل رجال رالي إلى البر- وبقي هو على ظهر السفينة- وهاجموا القرية وأحرقوها وقتلوا حاكمها. وفترت همة القوة المنهوكة بما لقيت من مقاومة أسبانيا بعد ذلك، وتخلت عن ضالتها المنشودة في الذهب؛ وعادت صفر اليدين إلى السفن.

وانخلع قلب رالي عندما علم أن ابنه قد ذبح في الهجوم، وأنب الرجل الذي يليه في القيادة، فانتحر الرجل نتيجة لذلك. ولكن رجال رالي فقدوا ثقتهم به، وتخلت السفينة عن أسطوله الواحدة بعد الأخرى، ولما عاد إلى إنجلترا، ووجد أن الملك غاضب عليه أشد الغضب، أجرى مفاوضات للهرب إلى فرنسا، ولكن قبض عليه، فعاود محاولة الهرب، ووصل إلى جرينتش، ولكن جاسوساً فرنسياً غدر به، فقبض عليه وأودع السجن، وأمر الملك، الذي كان يستحثه جوندومار، بتنفيذ حكم الإعدام.

وكان رالي، آخر الأمر، وقد سئم الحياة ورحب بنعمة الموت العاجل، فسار في 29 أكتوبر 1618، إلى ساحة الإعدام في وقار هادئ، جعل منه بطل شعب يمقت أسبانيا. وقال للموكلين بتنفيذ الحكم: "هيا، أنجزوا مهمتكم، لقد حانت سلعتي، ولن أدع أعدائي يظنون أني أرتعد فرقاً". واختبر بإبهامه نصل البلطة ثم قال "هذا علاج ناجح عادل لكل ما أعاني من مرض وشقاء(73)" وطالبت زوجته الوفية بجثته ودفنتها في إحدى الكنائس. وكتبت "لقد أنعم علىّ السادة بجثته، ولو أنهم أنكروا علىّ حياته. اللهم احفظ على عقلي وألهمني الصبر(74)".

إن رحلة رالي كانت من رحلات كثيرة، حملت رعايا جيمس إلى أمريكا، يحدوهم الأمل. فالفلاحون المتلهفون على امتلاك أرض خاصة بهم، والمغامرون الذين يجرون وراء الثراء من التجارة أو الأسلاب، والمجرمون الذين يريدون الإفلات من قبضة القانون، والبيوريتانيين المصممون على رفع راية مذهبهم فوق أرض عذراء-هؤلاء جميعاً وغيرهم ركبوا الصعاب وتحملوا مشاق البحر ليؤسسوا "إنجلترا" جديدة في كل مكان. فأسست فرجينيا في 1606-1607، وبرمودا في 1609، ونيوفوندلند في 1610، وهرب رجال الدين "الانفصاليون" الذين رفضوا كتاب الصلوات والطقوس الخاصة بالكنيسة الأنجليكانية، إلى هولندا مع أتباعهم في 1608. ومن دلفت (يولية 1620) وسوثمبتون ويليموث (سبتمبر) أبحر هؤلاء الحجاج عبر الأطلسي. وبعد ثلاثة أشهر من المحن والمخاطر، ألقوا مراسيهم على صخرة بليموث (21 ديسمبر).

وفي آسيا، اقتصرت شركة الهند الشرقية الإنجليزية على 30 ألف جنيه و17 سفينة، حاولت بها عبثاً أن تنتزع الثغور والطرق التجارية من شركة الهند الشرقية الهولندية التي كان لها 60 سفينة و340 ألف جنيه، ولكن بعثة سير توماس رو (1615) انتهت إلى إنشاء مستودعات تجارية في أحمد أباد وسورات وأجرا، وغيرها، في الهند، وأنشئ وعزز بالأسلحة فورت سان جورج، لحمايتها (6140). لقد اتخذت الخطوات الأولى لتأسيس الإمبراطورية البريطانية في الهند.

وعلى الرغم من مغريات المصالح التجارية، والإستحثاثات البرلمانية والغيرة الوطنية الشعبية، ظل الملك جيمس لمدة ستة عشر عاماً متمسكاً بسياسة السلام. وتوسل إليه مجلس العموم أن يدخل حرب الثلاثين عاماً إلى جانب البروتستانت المهددين بالخطر في بوهيميا وألمانيا. وأهاب به أن يزوج ابنه الوحيد الباقي على قيد الحياة، لا من أميرة أسبانية، بل من أميرة بروتستانتية. وندد بتراخيه في تنفيذ القوانين المعادية للكاثوليكية، وحثه على الأمر بفصل الأطفال الكاثوليك عن آبائهم، وأن ينشئوا على البروتستانتية، كما حذره مجلس العموم من أن التسامح لا بد أن يؤدي إلى نمو كنيسة كاثوليكية مفطورة صراحة على التعصب وعدم التسامح(75).

إن اختلاف وجهات النظر بين البرلمان والملك في 1621 كاد أن يكون بمثابة تجريب للصراع بين البرلمان الطويل وشارل الأول (1642). واستنكر النواب إسراف البلاط، والاحتكارات الدائبة على تعويق التجارة، وفرضوا الغرامة والنفي على المحتكرين، رافضين دفاعهم بأن الصناعة الناشئة لا بد من حمايتها ضد المنافسة. فلما أنب جيمس مجلس العموم على تدخله في أعمال "السلطة التنفيذية" أصدر المجلس (في 18 ديسمبر) "الاحتجاج الأعظم" التاريخي الذي أكد من جديد أن "الحريات والإعفاءات والامتيازات، وسلطة البرلمان، هي التراث القديم وحق المولد غير المشكوك فيهما لأبناء إنجلترا". وأضاف: "أن المسائل الشائكة العاجلة التي تتعلق بالملك والحكومة والدفاع عن الملكة.. كلها موضوعات ومادة صالحة للمشورة والمناقشة في البرلمان(76)". ومزق جيمس في غضب شديد، من مضبطة البرلمان، الصفحة التي دون فيها الاحتجاج، وحل البرلمان (8 فبراير 1622) وأمر بأن يودع السجن أربعة من الزعماء البرلمانيين: سوثمبتون، سلدن، كوك، بيم، وعجل بتحقيق رغبة بكنجهام في التحالف العسكري مع أسبانيا.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

العروس الاسبانية

 
پورتريه لجيمس، بريشة جون ده كريتس، ح. 1606
 
George Villiers, 1st Duke of Buckingham, by پيتر پول روبنز, 1625

وأغرى الوزير المستهتر آنذاك مليكه بأن يسمح له في اصطحاب الأمير شارل إلى مدريد، متباهياً، ليرى الأميرة الأسبانية، ويتمم الزواج، ووافق جيمس على كره منه، لأنه خشي أن فيليب قد يرد شارل إلى إنجلترا خائباً، فيكون أضحوكة أوربا.

ووصل الأمير شارل ودوق بكنجهام إلى مدريد (مارس 1623)، فوجد أن الأميرة الفاتنة لا يمكن الوصول إليها أو الاقتراب منه، وأن الشعب الأسباني غاضب أشد الغضب لمجرد التفكير في زواجها من أمير بروتستانتي، قدر استياء الإنجليز لفكرة عودة أميرهم بعروس كاثوليكية إلى إنجلترا. وقام فيليب ووزيره أوليفار بمراسم الحفاوة والتكريم للضيوف، وكتب لوب دي فيجا رواية كمظهر من مظاهر الترحيب، ورسم فيلاسكيه لوحة للأمير شارل، وامتدح بكنجهام المفاتن الأسبانية إلى حد الامتياز والشرف. ولكن وضع لإتمام الزواج شرط أساسي لا مناص منه، وهو منح الحرية الدينية للكاثوليك الإنجليز. ووافق شارل على الفور، ووافق جيمس آخر الأمر، ووقعت معاهدة الزواج، ولكن عندما طلب جيمس فيما بعد من فيليب أن يعد باستخدام الأسلحة الأسبانية، إذا اقتضى الأمر، في استعادة فردريك لإقليم البلاتينات، أبى فيليب أن يلزم نفسه بشيء، وأمر جيمس ابنه بالعودة إلى الوطن الحبيب. وإنا لنلمس الجانب الإنساني في الملك في رسالته إلى شارل (14 يونية 1623): "أنا الآن أعض بنان الندم، وأتألم أشد الألم، لأني سمحت برحيلك. عني أنا لا أعبأ بالزواج ولا بغيره، طالما أراك بين أحضاني ثانية. أعادك الله إلي أعادك الله إلي أعادك الله إلي(77) "أما الأميرة الأسبانية فإنها، عند توديعها الأمير شارل، جعلته يقطع على نفسه الوعد بالاهتمام بأمر الكاثوليك في إنجلترا ورعايتهم(78). وحيت إنجلترا الأمير العائد بوصفه بطلاً، لأنه لم يأت بعروس، بل أتى بدلاً منها بمجموعة من لوحات تشيان (Titan-رسام من البندقية 1477-1576).

أما بكنجهام الذي غضب الآن أشد الغضب لأنه خدع نفسه في أسبانيا وارتكب هذه الحماقة هناك (كما أكد له أوليفار ذلك) فقد ولى وجهه شطر فرنسا ليعقد معها حلف مصاهرة، وهيأ لشارل الزواج من صغرى كريمات هنري الرابع-وهي هنريتا ناريا التي كان مذهبها الكاثوليكي شوكة من الأشواك في جنب البرلمان القادم. واستعاد الوزير الشاب المتهور شعبيته في مجلس الهموم، بالإلحاح على جيمس-الذي تدهورت صحته وانحطت قواه العقلية-ليعلن الحرب على أسبانيا. وعاد البرلمان إلى الاجتماع في فبراير 1624، وانتهج سياسة قوامها، من جهة، المصالح التجارية المتلهفة على الاستيلاء على المكاسب أو المستعمرات أو الأسواق الأسبانية، ومن جهة أخرى، صرف أسبانيا عن مد يد المساعدة إلى الإمبراطور الكاثوليكي ضد البروتستانت في ألمانيا. إن الشعب الذي قال بأن جيمس جبان لأنه يحب السلام، قال عنه الآن أنه طاغية لأنه يجند الرجال للخدمة العسكرية، ولم تكن الكتائب التي أعدت ولا الأموال التي اعتمدت كافية. وأحس جيمس بالمرارة، لاختتام حكم سلمي بحرب عقيمة.


العلاقات الشخصية

 
James I wore the insignia of the Order of the Garter for this portrait by Daniel Mytens in 1621.

السنة الأخيرة

وتكاثرت عليه العلل والأدواء في أعوامه الأخيرة، وكان قد سمم جسمه بالإسراف في الطعام والشراب دون تمييز، وكان يعاني الآن من التهاب الجهاز التنفسي، والتهاب المفاصل والحصى في الكلى واليرقان والإسهال والبواسير، وكان لا بد من فصده يوماً، حتى جعلت أقل متاعبه الملكية من هذا الفصد أمراً غير ضروري(89). ورفض تناول الدواء. وتناول الأسرار المقدسة الخاصة بالكنيسة الأنجليكانية، وفاضت روحه في 27 مارس 1625، وهو يتمتم بآخر راحة لنفسه في عقيدته.

وعلى الرغم من غرور جيمس وخشونته كان ملكاً أفضل من بعض ملوك يبزوه في النشاط والشجاعة والمغامرة. وكان "حكمه المطلق" بالدرجة الأولى عبارة عن "نظرية لطف الجبن من حدتها" وغالباً ما استسلمت لبرلمان قوي. ولم تحل مزاعمه اللاهوتية دون إرادة التسامح عنده، وهو تسامح أكرم كثيراً من تسامح من خلفه. وهيأ حبه الجريء للسلام لإنجلترا الازدهار، وكبح جماح الولع بالقتل في برلمانه، وهو ولع يشوبه الفساد والرشوة، وما يقابله من حماسة في شعبه. وكان متملقوه قد أطلقوا عليه "سليمان" البريطاني لحكمته الدنيوية. ولما عجز صلي Sully عن توريطه في النزاع في القارة (أوربا) أطلق عليه "أعقل البلهاء في العالم المسيحي"، ولكنه لم يكن فيلسوفاً ولا أبله، ولكنه كان عالماً يمثل دور الحاكم، ورجل سلام في عصر جن جنونه بالأساطير والحرب. إن الكتاب المقدس الذي تمت ترجمته في عهد الملك جيمس أفضل من تاج أي غاز أو فاتح.

الألقاب والأنماط والدروع

 
Scottish quarterings of the Royal arms of James VI & I, post 1603
Royal styles of
King James I of England

 

Reference style His Majesty
Spoken style Your Majesty
Alternative style Sire

المسرح في عهد جيمس الأول

تابعت نشوة إنجلترا مسيرتها في الأدب، كما تابعتها في الدين. وإني لأنسب إلى عصر جيمس، النصف الأروع في روايات شكسبير، وكثيراً من روائع تشابمان، ومعظم روائع جونسون، ووبستر، ومدلتون، ودكر، ومارستون، وبعضاً من أحسن أعمال ماسنجر، وكل روائع بومونت وفلتشر، وفي الشعر دون وفي النثر برتون. وأروع وأكرم من هذا كله الكتاب المقدس ترجمة الملك جيمس، وتلك أمجاد تكفي لأن يتألق بها أي عصر، وكان الملك يتذوق المسرحية. وفي أحد الاحتفالات بعيد الميلاد مثلت أربع عشرة رواية في البلاط الملكي. وفي 1613 احترق مسرح الجلوب عن آخره نتيجة إطلاق مدفعين استلزم إطلاقهما تمثيل رواية هنري الثامن، ولكن سرعان ما أعيد بناؤه. وفي 1613 كان في لندن أو بالقرب منها نحو سبعة عشر مسرحاً.

وكان جورج تشابمان يكبر شكسبير بخمس سنوات، وعمر بعده ثمانية عشر عاماً، وشهد ثلاثة عهود (1558- 1634). وشق طريقه في أناة وروية حتى صار فحلاً في فنه، وكان في 1598 قد أكمل بنجاح رواية مارلو Hero and Leander، ونشر سبعة كتب من الإلياذة، ولكنه لم ينجز ترجمة هوميروس حتى 1615، وظهرت أحسن رواياته فيما بين 1607 و1613. وفتح للمسرحية الإنجليزية مجالاً جديداً، حين اقتبس من التاريخ الفرنسي الحديث فكرة رواية Bussy d, Ambois، (1607؟)- خمسة فصول من الخطابة الصاخبة المليئة بالتهديد والوعيد، لا يكاد يلطف من عنفها شيء من سحر البيان، ولكنها تقوى إلى حد مزعج في صحيفة يتبادل موسى وعدوه التحيات الساخرة التهكمية العسيرة الهضم قدر عسر هضم الحقيقة. ولم يفق تشابمان قط من التعلم أو لم ينقطع عنه، فإن القدر الكبير الذي حصله من اليونانية، والقدر الأكبر من اللاتينية استحوذا على كل تأملاته وتفكيره، بشكل خانق، وإن قراءة رواياته لهي ضرب من الجهد المضني لمجرد الإطلاع والدرس، لا حباً في الروايات أو الاستمتاع بها. ولن نبتهج كما فعل كيتس، "لأول نظرة نلقيها على ترجمة تشابمان لهوميروس". فثمة حيوية دافقة هنا وهناك في الترجمة السباعية التفاعيل تسمو بها فوق ترجمة بوب، التي هي أفضل بصفة عامة، ولكن موسيقى الشعر تضيع في الترجمة، فإن التفاعيل السداسية الوثابة في الأصل تداعبنا بتناغم أسرع مما تفعل التفاعيل الموزونة المقيدة في الشعر المقفى. إن أية قصيدة إنجليزية طويلة مقفاة لم تتخلص من النعاس الذي يغلب على أناشيد بحارة البندقية. وحول تشابمان إلى "شعر ملحمي" أبياتاً عشرية المقاطع ليتفق كل اثنين في القافية-حول الأوديسية ترجمته لها بنفس قوة التهدئة. ولا بد أن جيمس غلبه النعاس تحت هذه الأغطية الثقيلة، إلى جانب إيماءات هوميروس العارضة، لأنه أهمل في دفع مبلغ الثلاثمائة جنيه التي كان الأمير الراحل هنري قد وعد بدفعه إلى تشابمان، عند إتمام الترجمة. ولكن إرل سومرست أنقذ الشاعر العجوز من الفقر.

وهل نتوقف قليلاً عند توماس هاي‌وود، وتوماس مدلتون، وتوماس دكر، وسيريل تورنير، وجون مارستون، أو يسمحون لنا بأن نمر عليهم مر الكرام مع تحية متواضعة لشهرتهم المتأرجحة، أما فلتشر، فلن نستطيع أن نبخسه حقه.

فإنه في ذروة مجده (1612-1625) رفعته إنجلترا، في مجال المسرحية، إلى المرتبة التالية لمرتبة شكسبير وجونسون. كان فلتشر ابن أحد أساقفة لندن، وابن أخ أو ابن عم لثلاثة شعراء من طراز متواضع، فرضع الشعر وتربى على القوافي، وأضاف هو إلى هذا التراث ما كسب من ميزة اشتراكه مع شكسبير في "هنري الثامن"، "القريبان النبيلان"، ومع ماسنجر في "الخوري الأسباني"، واشتراكه بأعظم النجاح مع فرانسيس بومونت.

ومن هذا الطراز أيضاً ولد فرانك. وكان ابناً لأحد القضاة البارزين، وأخاً لشاعر صغير الشأن، ولد قبله بعام ومهد له طريق الحياة. وأخفق بومونت في إتمام دراسته في أكسفورد أو في أحد معاهد الحقوق The lnner Temple وحاول أن يجرب قلمه في شعر المرح، وانضم إلى فلتشر في كتابة الروايات. وشارك الأعزبان الوسيمان الواحد منهما الآخر، في الأكل والنوم، والأمتعة والملابس، والخليلات والأفكار، أو كمال قال أوبري "كانت ثمة مرآة شركة بينهما، وكان ثمة تتشابه غريب في أفكارهما وصورهما الذهنية(33)". وتعاون الاثنان على مدى عشر سنوات في إخراج روايات مثل The Maids' Tragedy, Loves Liesa-Bleeding, Philaster Thel Knight of the Burning Pestle والحوار القوي، ولكنه عاصف طنان، وحبكات الرواية متشابكة تشابكاً بارعاً. ولكن حل عقدها كان متكلفاً. وقل أن ارتقى التفكير إلى مستوى الفلسفة. ومع ذلك فإن هذه الروايات كما يؤكد لنا دريدن-كان لها في أواخر القرن، من الشعبية على المسرح، ضعف ما كان لروايات شكسبير(34).

وتوفي بومونت في سن الثلاثين، في العام الذي توفي فيه شكسبير، وبعد ذلك كتب فلتشر بمفرده أو مع آخرين، سلسلة طويلة من الروايات الناجحة التي جر عليها النسيان ذيوله. ونبعت ملهاة من رواياته التي قامت على دسائس ملتوية صاخبة مرحة، نبعت من نماذج أسبانية، كما أنها بدورها-بتركيزها على الزنى-مهدت للمسرحية في "فترة عودة الملكية". ولما تعب من هذه المناظر الدامية أو الداعرة، أخرج في (1608) رواية رعوية "الراعية المخلصة" خالية من الهراء والحمق، مثل رواية شكسبير "حلم ليلة منتصف الليل". بل أنها تنافسها من حيث الشعر. فإن كلورين، بعد أن مات حبيبها الراعي تأوي إلى كوخ ريفي بسيط بالقرب من مقبرته وتقطع على نفسها عهداً ألا تبرحه حتى يوافيها الأجل المحتوم:

سلاماً أيتها الأرض المقدسة التي تحتضن بين ذراعيها الباردتين، أصدق رجل أطعم قطعانه على سهول تساليا الدسمة المثمرة، وهكذا أحيي جدثك، وأوني بنذوري الأولى، وأقدم نظرات الإكبار والإجلال لرفاتك التي لا تزال موضع حبي. وهكذا أحرر نفسي من دفء وحرارة أي حب ينشأ من بعدك، وأودع كل رياضة أو بهجة أو ألعاب سارة، يعتز بها الرعاة. ولن يتوج بعد الآن جبيني بالأكاليل الغضة النضيرة، لأتصدر حلبة الرقص. ولن أفرح أو أبهج بعد اليوم بصحبة الغادات اليانعات والرعاة المرحين، ولا بصوت المزمار ذي الأنغام الغالية السارة في واد ظليل، حين يداعب النسيم العليل الأغصان، ولسوف أكون بمنأى عن هذا كله، ما دمت أنت نأيت عني، يا من كنت أجلس كثيراً إلى جواره السعيد متوجة بالأزهار الناضرة، بوصفي ملكة الصيف، على حين يرتدي صبية الرعاة اللون الأخضر الزاهي المفعم بالحياة، مع المنجل المزوق. والحقيبة المتدلية المصنوعة من الجلد الناعم الجميل. ولكنك وليت، وقد ولت هذه كلها معك، لقد فني كل شيء، اللهم إلا ذكراك العزيزة، التي سوف تبقى من بعدك، والتي سوف تنمو وتنتعش، طالما كانت هناك مزامير تصرخ أو رعاة مبتهجون يغنون.

وألقيت هذه القصيدة الرعوية مرة واحدة ثم اختفت من المسرح. وأي حظ من الطهارة والعفة لمثل هذه التسبيحة، في عصر لا يزال يجيش بانفعالات عهد إليزابث؟

أما أقوى الكتاب المسرحيين في عهد جيمس وأسوأهم، فهو جون وبستر. ونحن لا نكاد نعرف شيئاً عن حياته، ولعي في الحقيقة مجهولة. ونحن نستنتج حالته النفسية من مقدمة أحسن رواياته "الشيطان الأبيض" (1611) حيث يطلق على جمهور المشاهدين "الحمير الجهلة" ويشهد مقسماً بأغلظ الإيمان "بأن الأنفاس التي تخرج من الجمهور العاجز كفيلة بأن تسمم أعمق مسرحية مأسوية. والرواية هي قصة ڤيكتوريا أكورامبوني، التي هزت آثامها ومحاكمتها كل إيطاليا (1581-1585) أيام طفولة وبستر. وتحس فكتوريا بأن دخل زوجها لا يتفق مع جمالها، فتستجيب لملاطفات دوق براتشيانو الثري، واقترح بأن يعمل هو على التخلص من زوجها ومن زوجته، فيولي الموضع عنايته على الفور، بمعونة أخ قواد فاجر لفكتوريا هو فلامنيو الذي كان يقدم لمثل هذه الجرائم أشد الأشعار سخرية في الأدب الإنجليزي. وقبض على فكتوريا للاشتباه فيها، ولكنها تدافع عن نفسها في جرأة وبراعة إلى حد يجعل أي محام يفزع من لغته اللاتينية وأي كاردينال من قلنسوته. ثم اختطفها براتشيانو من بين يدي العدالة. فطورد الاثنان وأخيراً، قتل الاثنان مع من كانوا يتعقبونهما، قتلة مفاجئة مثيرة أشبعت رغبة وبستر إشباعاً تاماً طيلة سنة كاملة، لقد عولجت حبكة الرواية علاجاً حسناً، ورسمت الشخصيات رسماً متماسكاً متناغماً. وكانت اللغة غالباً قوية أو كريهة، والمناظر العصبية قوية. وارتفع الشعر أحياناً إلى مستوى فصاحة شكسبير. ولكن الرواية بالنسبة للذوق الذي أصابته المدنية بالوسوسة وشدة الحساسية، شوهتها فظاظة فلامنيو المتكلفة وحياته الحقيرة البائسة، كما شوهتها اللعنات والشتائم التي انسابت حتى من أرق الشفاه. "أواه: لو أني أستطيع قتلك أربعين مرة في اليوم الواحد، وأفل هذا أربع سنوات سوياً، لكان هذا شيئاً قليلاً جداً"(35)، كما كان يشوه الرواية الفحش المنتشر فيها، حيث ترددت لفظة "البغي" في كل صحيفة أخرى، ثم الألفاظ المزدوجة المعاني التي ربما خجل منها شكسبير نفسه.

وعاد وبستر إلى الأرض المخضبة بدماء القتلى في رواية "دوقة ملفي" (1613) فإن فرديناند دوق كالابريا، يحرم على دوقة أمالفي، أخته الشابة الأرملة الزواج مرة ثانية، لأنها إذا ماتت بلا زوج، فإن أخاها الدوق يرث أموالها. فترثي الدوقة للطهارة المتكلفة التي أكرهت عليها:

إن الطيور التي تعيش في المروج وفق هوى
الطبيعة الجامحة، تحيا حياة أسعد من
حياتنا، حيث تستطيع أن تختار رفيقاتها
وتشدو بألحانها العذبة للربيع(36).

واستبدت بها الشهوة والحرمان، فأغرت قهرمانها أنطونيو بالزواج سراً، وبمضاجعة عاجلة. فدبر أخوها فرديناند قتلها. وفي الفصل الأخير نرى شخصاً يقتل في كل دقيقة تقريباً، فالأطباء يستعدون بالسموم، والمتوحشون بخناجرهم، ولم يتذرع أحد بالصبر انتظاراً لقصاص عادل أو حكم مشروع. أما أسوأ الأشرار الأوغاد في الرواية-الذي قتل الدوقة واستولى على ممتلكاتها، واتخذ له خليلة ثم قتلها-فهو كاردينال، ولم يكن وبستر من أنصار البابوية. وهان أيضاً توجد توريات في صراحة بالغة، وتصميم على استنفاد ألفاظ اللعنة والبغض، واستنكار وحشي مشوش لحياة الإنسان. وترى شيئاً من النبل أو الإخلاص أو الرقة في الأركان السحيقة لهذه الحلبة المظلمة، فإن فرديناند ينسى نفسه، ويبتسم بالشفقة لبعض الوقت، وهو ينظر إلى أخته التي لا تزال جميلة في رقدة الموت.

"غطوا وجهها! عيناي تنبهران! لقد ماتت في عنفوان شبابها(37)! ولكن سرعان ما يستعيد وحشيته. ولنأمل في شيء أعذب وأحلى من هذا كله عند الرجل الذي كتب

"اشربي من أجل أنا وحدي، بعينيك"
Drink to me only with thline Eyes.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

Ancestry

انظر أيضاً

الهامش

المراجع

  • Atherton, Ian; and David Como (2005). The Burning of Edward Wightman: Puritanism, Prelacy and the Politics of Heresy in Early Modern England. English Historical Review, Volume 120, December 2005, Number 489, 1215–1250. Oxford: Oxford University Press.
  • Barroll, J. Leeds (2001). Anna of Denmark, Queen of England: A Cultural Biography. Philadelphia: University of Pennsylvania. ISBN 0812235746.
  • Barroll, J. Leeds and Susan P. Cerasano (1996). Medieval and Renaissance Drama in England: An Annual Gathering of Research, Criticism and Reviews. Fairleigh Dickinson University Press. ISBN 0838636411.
  • Bucholz, Robert and Newton Key (2004). Early Modern England, 1485–1714: A Narrative History. Oxford: Blackwell. ISBN 0631213937.
  • Croft, Pauline (2003). King James. Basingstoke and New York: Palgrave Macmillan. ISBN 0-333-61395-3.
  • Davies, Godfrey ([1937] 1959). The Early Stuarts. Oxford: Clarendon Press. ISBN 0198217048.
  • Guy, John (2004). My Heart is My Own: The Life of Mary Queen of Scots. London and New York: Fourth Estate. ISBN 1-84115-752-X.
  • Krugler, John D. (2004). English and Catholic: the Lords Baltimore in the Seventeenth Century. Baltimore: Johns Hopkins University Press. ISBN 0801879639.
  • Lindley, David (1993). The Trials of Frances Howard: Fact and Fiction at the Court of King James. Routledge. ISBN 0415052068.
  • Milling, Jane (2004). "The Development of a Professional Theatre", in The Cambridge History of British Theatre. Jane Milling, Peter Thomson, Joseph W. Donohue. Cambridge: Cambridge University Press. ISBN 0521650402.
  • Noble, Mark (1795). An Historical Genealogy of the Royal House of Stuarts, from the Reign of King Robert II to that of King James VI. London: R. Faulder. Read complete digitized copy at Google Books. Retrieved 19 April 2007.
  • Perry, Curtis (2006). Literature and Favoritism in Early Modern England. Cambridge; New York: Cambridge University Press. ISBN 0521854059.
  • Rhodes, Neil; Jennifer Richards; and Joseph Marshall (2003). King James VI and I: Selected Writings. Ashgate Publishing, Ltd. ISBN 0754604829.
  • Sharpe, Kevin M. (2000). Remapping Early Modern England: The Culture of Seventeenth-century England. Cambridge: Cambridge University Press. ISBN 0521664098.
  • Smith, David L (2003). "Politics in Early Stuart Britain," in A Companion to Stuart Britain. Ed. Barry Coward. Blackwell Publishing. ISBN 0631218742.
  • Solt, Leo Frank (1990). Church and State in Early Modern England: 1509–1640. Oxford: Oxford University Press. ISBN 0195059794.
  • Stewart, Alan (2003). The Cradle King: A Life of James VI & I. London: Chatto and Windus. ISBN 0-7011-6984-2.
  • Stroud, Angus (1999). Stuart England. Routledge ISBN 0415206529.
  • Watts, Michael R (1985). The Dissenters: From the Reformation to the French Revolution. Oxford: Oxford University Press. ISBN 0198229569.
  • Williams, Ethel Carleton (1970). Anne of Denmark. London: Longman. ISBN 0 582 12783 1.
  • Willson, David Harris ([1956] 1963 ed). King James VI & I. London: Jonathan Cape Ltd. ISBN 0-224-60572-0.

للاستزادة

  • Akrigg, G. P. V (1978). Jacobean Pageant: The Court of King James I. New York: Atheneum. ISBN 0-689-70003-2.
  • Chambers, Robert (1856). "James VI". Biographical Dictionary of Eminent Scotsmen. London: Blackie and Son. {{cite book}}: External link in |chapterurl= (help); Unknown parameter |chapterurl= ignored (|chapter-url= suggested) (help)
  • Fraser, Antonia (1974). King James VI of Scotland, I of England. London: Weidenfeld and Nicolson. ISBN 0-297-76775-5.
  • Houston, S J. James I. Longman Publishing Group (June 1974), Seminar Studies ISBN 0582352088.
  • Lee, Maurice (1990). Great Britain's Solomon: James VI and I in his Three Kingdoms. Urbana: University of Illinois Press. ISBN 0-252-01686-6.
  • Lockyer, Roger (1998). James VI and I. Longman. 2nd edition.
  • Lockyer, Roger (1999). The Early Stuarts: The Political History of England 1603-1642. Longman.
  • Lynch, Michael (historian) (1991). Scotland: A New History. Ebury Press. ISBN 0712634134.
  • "Preaching to the Converted? Perspectives on the Scottish Reformation," in The Renaissance in Scotland: Studies in Literature, Religion, History and Culture. - AA MacDonald, M. Lynch and IB Cowan (Leiden, 1994)
  • Peck, Linda Levy (1982). Northampton: Patronage and Policy at the Court of James I. Harper Collins. ISBN 0049421778.
  • Williamson, David (1998). The National Portrait Gallery History of the Kings and Queens of England. London: National Portrait Gallery. ISBN 1-85514-228-7.

وصلات خارجية

Wikisource has original works written by or about:
جيمس السادس من اسكتلندة والأول من إنگلترة
وُلِد: 19 يونيو 1566 توفي: 27 مارس 1625
ألقاب ملكية
سبقه
ماري الأولى
ملك اسكتلندة
29 يوليو 1567 – 27 مارس 1625
تبعه
تشارلز الأول
لورد الجزر
29 يوليو 1567 – 27 مارس 1625
سبقه
إليزابث الأولى
ملك إنگلترة
ملك أيرلندة

24 مارس 1603 – 27 مارس 1625
Scottish royalty
سبقه
James Hamilton, 2nd Earl of Arran
وريث العرش الاسكتلندي
as heir apparent
19 يونيو 1566 - 29 يوليو 1567
تبعه
James Hamilton, 2nd Earl of Arran
English royalty
سبقه
لم يسمى وريث تحت
إليزابث الأولى من إنگلترة.
وريثة محتملة كانت ماري الأولى من اسكتلندة
وريث محتمل للعرشين الإنگليزي والأيرلندي
by cognatic primogeniture
24 فبراير 1587 – 24 مارس 1603
تبعه
Henry Frederick, Prince of Wales
Peerage of Scotland
شاغر
اللقب آخر من حمله
جيمس ستوارت
Duke of Rothesay
19 يونيو 1566 – 29 يوليو 1567
شاغر
اللقب حمله بعد ذلك
هنري ستوارت
سبقه
اللورد دارنلي
دوق ألباني
التأسيس الرابع
19 يونيو 1566 – 29 يوليو 1567
{{{reason}}}