تيبريوس غراكوس

تيبريوس سمپرونيوس گراكوس (إنگليزية: Tiberius Sempronius Gracchus؛ باللاتينية: TI·SEMPRONIVS·TI·F·P·N·GRACCVS؛ وُلِد ح. 169164 – ح. 133 ق.م.)[1][3] كان سياسياً شعبوياً رومانياً في القرن الثاني ق.م.. ومع گايوس گراكوس، كان أحد الشقيقين گراكي. تربيون (رقيب) الشعب، أثار اضطراباً في الجمهورية بإصلاحاته في التشريع الزراعي التي هدفت إلى نقل الثروة من الپاتريكيان (كبار البيوتات) الأثرياء وغيرهم إلى الفقراء.

تيبريوس سمپرونيوس گراكوس
Tiberius Sempronius Gracchus
تربيون الجمهورية الرومانية
Tiberius Gracchus.jpg
تريبيون العامة (پلبس) - صورة من القرن 17.
وُلِدح. 169–164[1][2]
روما، الجمهورية الرومانية أو قرطاج، شمال أفريقيا - غير مؤكد
توفيح. 133 ق.م.
بالقرب من التيبر، روما
الزوجكلوديا پولخرا
الاسم الكامل
Tiberius Sempronius Gracchus
الأبتيبريوس گراكوس الأكبر
الأمكورنليا أفريكانا

تلك الإصلاحات هددت أملاك كبار ملاك الأراضي في إيطاليا. وقد أغتيل مع العديد من مؤيديه، على يد أعضاء مجلس الشيوخ الروماني ومؤيدو فصيل اوپتيماتى المحافظ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خلفية

تيبريوس سمپرونيوس گراكوس هو ابن تيبريوس گراكوس الأكبر الذي تدين له أسبانيا بالشكر لأنه حكمها حكماً عادلاً كريماً، والذي عين قنصلاً مرتين ورقيباً مرة، والذي أنقذ من الهلاك أخا سكپيو الأفريقي وتزوج ابنته، وأنجبت كورنليا أفريكانا اثنى عشر طفلاً توفوا كلهم إلا ثلاثة منهم قبيل البلوغ، وتحملت هي بعد وفاته عبء تربية تيبريوس وأخت لهما- تدعى أيضاً كورنليا- صارت فيما بعد زوجة سكبيو إيمليانوس؛ وكان للزوج والزوجة نصيب من الثقافة الهيلينية، وكان ممن يعطفون على الدائرة الثقافية السكبيونية. وكان لكورنليا ندوة أدبية، وكتبت رسائل بأسلوب سليم رشيق جعلها من خير ما كتب في الآداب اللاتينية، ويقول أفلوطرخس إن ملكاً من ملوك مصر عرض عليها بعد أن ترملت أن تتزوجه، وأن ينزل لها عن عرشه؛ فأبت وآثرت أن تبقى ابنة لسكبيو، وحماة لسكبيو آخر وأماً لجراكس.

 
أوجين گي‌يوم. نحت «الشقيقان گراكوس» (1853 أو 1847—1848[4]، متحف أورساي، پاريس)


ونشأ تيبريوس وگايوس گراكوس في جو مشبع بطرائق الحكم والفلسفة عرفاً فيه مشاكل الحكومة الرومانية ونظريات الفلسفة اليونانية. وقد تأثرا بآراء بلوسيوس Blossius وهو فيلسوف يوناني من كوماي Cumae بعت فيهما نزعة حرة قوية استخفت بقوة المحافظين في رومه. ويكاد الأخوان أن يكونا متماثلين في طموحهما، وكبريائهما، وإخلاصهما، وفصاحتهما التي لا يكاد يصدقها العقل، وشجاعتهما التي لا تشوبها قط شائبة. ويحدثنا كيوس أن تيبريوس شاهد مآساة الزراع، وتأثر بها أشد التأثر حين كان مسافراً في إتروريا "فرأى قلة السكان ولاحظ أن الذين كانوا يحرثون الأرض ويرعون قطعان الضأن هم العبيد الأجانب"(6)، وإذ كان تيبريوس يعرف وقتئذ أن الملاك وحدهم هم الذين يجندون للخدمة في الجيش فقد سأل نفسه كيف تستطيع رومه أن تحتفظ بزعامتها أو استقلالها إذا حل زراعها الأقوياء الذين كانوا يؤلفون الكثرة الغالبة في الفيالق الرومانية عبيد غرباء لا تربطهم بها صلة ما؟ وكيف تكون الحياة الرومانية حياة طيبة، والديمقراطية الرومانية ديمقراطية صالحة، إذا غصت بصعاليك المدن المعدمين بدل الزراع الأباة الأعزاء الذين يمتلكون الأرض ويفلحونها بأنفسهم؟ وخيل إليه أن توزيع الأرض على المواطنين الفقراء هو الحل الصحيح البـين الذي لابد من الالتجاء إليه لحل المشاكل الثلاث القائمة وقتئذ في البلاد: الاسترقاق في الريف، والازدحام والفساد الخلقي في المدن، وضعف الروح الحربية بين المواطنين.

 
جوزيف-بنوا سوڤيه. «كورنليا، أم الشقيقين گراكوس» (1795، اللوڤر)

وما كاد تيبريوس جراكس يختار تربيوناً في مستهل عام 133 حتى أعلن أنه يعتزم أن يعرض على الجمعية القبلية ثلاثة اقتراحات (1) ألا يسمح لأي مواطن بأن يمتلك أكثر من 323 فداناً- أو 667 فداناً إذا كان له اثنان من الأبناء- من الأراضي المشتراة أو المستأجرة من الدولة. (2) وأن يُرد إلى الدولة كل ما عدا هذا القدر من الأرض العامة التي باعتها أو أجرتها للأفراد، على أن ترد الدولة لهم أثمانها أو الإيجار الذي أدوه مضافاً إلى قدر من المال نظير ما أنفقوه في إصلاحها. (3) وأن تقسم هذه الأراضي التي ترد إلى الدولة إقطاعيات مساحة كل منها عشرون فداناً توزع على المواطنين الفقراء على شرط أن يتعهدوا بالا يبيع أحد منهم نصيبه من هذه الأراضي؛ وأن يؤدوا عنها ضريبة سنوية إلى خزانة الدولة. ولم يكن هذا الإصلاح الزراعي خيالاً متعذر التنفيذ، بل كانت مجرد محاولة لتنفيذ قوانين ليكنيوس كالڤوس Licinius Calvus الصادرة في عام 367 ق.م، والتي ألغيت ولم تنفذ قط. وقد قال تيبريوس للعامة الفقراء في إحدى خطبه الشهيرة التي تعد من أعظم الخطب في التاريخ الروماني كله:

 

"إن لحيوانات الأرض جحورها ولطير الهواء أوكارها ومخابئها، أما الرجال الذين يحاربون ويموتون من أجل إيطاليا فلا يستمتعون فيها إلا بالضوء والهواء. إن قواد الجيش ينادون جنودهم أن يقاتلوا دفاعاً عن قبور آبائهم وأضرحتهم، ولكن نداءهم هذا نداء سخيف باطل، إذ ليس في وسعك أن تدلهم على مذبح لآبائهم يقربون فيه لآلهتم، وليس للفقراء مقابر لأسلافهم. إنكم أيها الفقراء تقاتلون وتموتون لينعم غيركم بالثروة والترف، ويقال لكم: إنكم سادة العالم، ولكنكم لا تجدون في هذا العالم موضعاً لقدم، في وسعكم أن تقولوا إنه ملك لكم"(7).

 

وأعلن مجلس الشيوخ أن هذه الاقتراحات ليست في واقع الأمر إلا مصادرة لأموال الناس، واتهم تيبريوس بأنه يعمل ليكون طاغية حاكماً بأمره، وأقنع أوكتافيوس وهو تريبون آخر أن يستخدم ما له من حق الاعتراض في منع عرض المشروع على الجمعية، فما كان من جراكس إلا أن تقدم باقتراح يقضي بأن كل تربيون يعمل ضد مصالح من يمثلهم يجب أن يسقط على الفور من عداد أعضاء الجمعية. ووافقت الجمعية على هذا الاقتراح وأَخرج حرَّاسُ تيبريوس أكتافيوس قوة واقتداراً من قاعة الجمعية على الفور، ووافقت الجمعية بعدئذ على الاقتراحات الأصلية فأصبحت قانوناً واجب التنفيذ، ثم أوصلته محروساً إلى منزله لخوفها أن يغتاله مغتال في الطريق(8).

غير أن تحكمه غير المشروع في حق التربيون في الاعتراض، وهو الحق الذي جعلته الجمعية نفسها من أقدم الأزمان حقاً مطلقاً غير مقيد بقيد ما، قد وضع في يد معارضيه سلاحاً يشهرونه في وجهه ويقضون به على قانونه. فجهروا بعزمهم على أن يتهموه في نهاية العام الذي يتولى فيه منصبه بالخروج على دستور البلاد واستخدم العنف ضد أحد التربيونين. وأراد تيبريوس أن يحمي نفسه بالسخرية من الدستور مرة أخرى، وذلك بترشيح نفسه لأن يعاد اختياره تربيوناً في عام 132. وإذ كان إيمليانس وليليوس وغيرهما من الشيوخ الذين عضدوا اقتراحه الأول قد تخلوا عنه الآن، فقد لجأ بكليته إلى العامة ووعدهم بأن ينقص إذا اختاروه مدة الخدمة العسكرية، ويلغى استئثار الشيوخ بأعمال المحلفين، وأن يجعل حلفاء رومه من الإيطاليين مواطنين رومانيين. ورفض مجلس الشيوخ في هذه الأثناء اعتماد الأموال التي طلبتها اللجنة الزراعية التي نيط بها تنفيذ قوانين تيبريوس. فلما أوصى أتالوس الثالث Atallus III ملك پرگاموم Pergamum بمملكته لرومه في عام 133 عرض جراكس على الجمعية أن تباع أملاك أتلس الخاصة والمنقولة، وأن يوزع ما يتحصل من بيعها على من نالوا إقطاعيات من أراضي الدولة ليبتاعوا بها ما تحتاجه مزارعهم من أدوات. وأثار هذا الاقتراح غضب مجلس الشيوخ لأنه رأى أن ما له من سيطرة على الولايات وعلى الأموال العامة قد أخذت تنتقل إلى جمعية قوية الشكيمة غير ممثلة للبلاد، معظم أعضائها من أصل وضيع ومن غير أبناء البلاد الأصليين. فلما كان يوم الانتخاب ظهر جراكس في السوق العامة بملابس الحداد ومن حوله حراس مسلحون للدلالة على أن هزيمته في الانتخاب ستؤدي إلى اتهامه وإعدامه. وحدث في أثناء الاقتراع أن لجأ كلا الطرفين إلى العنف. ونادى سكپيو ناسيكا Scipio Nasica بأن تيبريوس يريد أن ينصب نفسه ملكاً، وقاد الشيوخ إلى السوق العامة مسلحين بالهراوات. وارتاع أنصار جراكس حين شاهدوا أثواب الأشراف الفخمة فتخلوا عنه، وأصيب تيبريوس بضربة على أم رأسه خر على أثرها صريعاً وهلك معه بضع مئين من أتباعه. ولما طلب گايوس أخوه الأصغر أن يؤذن له بدفنه لم يجب إلى طلبه، وألقيت جثث العصاة الموتى في نهر التيبر وكورنليا في أثناء ذلك حزينة باكية.

 
خريطة الأنشطة الزراعية لمفوضية گراكوس في جنوب إيطاليا[5].
  اللون الأحمر، الأماكن التي تم تنفيذ قرارات مفوضية گراكوس الزراعية.

  الأخضر، المناطق الثابت اشتمالها في قرارات المفوضية الزراعية
  الأصفر، مناطق يُحتمل بقوة تنفيذ قرارات المفوضية الزراعية فيها.

وأراد مجلس الشيوخ أن يهدئ من ثورة العامة فوافق على تنفيذ قوانين جراكس. ويستدل من ازدياد عدد المواطنين المدونة أسماؤهم في السجلات بمقدار 76000 من عام 131 إلى 125 على أن مساحات واسعة من الأراضي قد وزعت حقاً على الزراع، ولكن اللجنة الزراعية وجدت نفسها أمام عقبات كثيرة. ذلك أن كثيراً من الأراضي التي يراد توزيعها كانت قد أخذت من الدولة قبل ذلك الوقت بعدة سنين أو بعدة أجيال، وأصبح لمن يمتلكونها وقتئذ حقوق اكتسبوها بوضع أيديهم عليها زمناً طويلاً، وأن منها أراضي كثيرة أخرى قد ابتاعها الملاك الجدد بأثمان غالية ممن اشتروها من الحكومة بأثمان منخفضة. ولجأ أحلاف روما الإيطاليون الذين أضرت القوانين بحقوقهم التي اكتسبوها بوضع اليد إلى سكبيو إيمليانوس ليحميهم من اللجنة الزراعية، واستطاع بما له من النفوذ أن يؤجل أعمالها فاستشاط الرأي العام غضباً عليه لهذا العمل، واتهمه بالخيانة وعدم الوفاء بذكرى جراكس التي أضحت وقتئذ ذكرى عزيزة مقدسة. وفي صباح يوم من أيام مايو عام 129 وجد الرجل ميتاً في فراشه، وأكبر الظن أن يداً أثيمة قد اغتالته ولم يعرف أحد من هو هذا المغتال.


انظر أيضاً

الهامش

ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.

  1. ^ أ ب "Tiberius Sempronius Gracchus". Encyclopedia Britannica.
  2. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة پلوتارخ
  3. ^ Life of Caius Gracchus by Plutarch: Plutarch says Tiberius "was not yet thirty when he was slain."
  4. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة malamud.46f
  5. ^ Roselaar S. Public Land in the Roman Republic: A Social and Economic History of Ager Publicus in Italy, 396-89 BC. — Oxford: Oxford University Press, 2010. — P. 253.