يوسف

(تم التحويل من يوسف بن يعقوب)

يوسف (بالعبرية: יוֹסֵף‎، الاسم المعتاد يوسف النطق في اللغة العبرية الطبرية Yôsēp̄؛ "يزيدني الرب ابنًا آخر"؛ [1] العربية: يوسف‎ ، Yūsuf) شخصية مهمة في الكتاب المقدس وفي القرآن، إذ يربط قصة إبراهيم وإسحاق ويعقوب في كنعان بالقصة اللاحقة لتحرير بني إسرائيل من العبودية في مصر.

الفرعون يرحب بإخوة يوسف، ألوان مائية، رسم جيمس تيسوت، (ح. 1900).

يروي سفر التكوين أن يوسف كان الإبن الحادي عشر من أبناء يعقوب الإثنى عشر وأول أبناء راحيل[2] ويروي كيف بيع يوسف كعبد بعد مكيدة إخوته، وكيف أصبح عزيز مصر، ثاني أكبر سلطة في مصر القديمة بعدم الفرعون. وعندما حلَّت المجاعة على البلاد، جلب يوسف بني إسرائيل إلى مصر حيث استقروا في أرض جوشين. وحسب التعاليم الإسلامية، فيوسف هو أحد أنبياء الله، ووردت قصته في القرآن.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قصة يوسف

عائلته

 
حلم يوسف بالسنابل
 
حلم يوسف بالنجوم

يبدأ القرآن في سرد قصة يوسف عندما أخبر أباه برؤيته للشمس والقمر وأحد عشر كوكب يسجدون له. فعلم أباه أنه دليل النبوءة. فأمره بإخفاء الأمر عن إخوته حتى لا يكيدوا له من وساوس الشيطان. وكان ليوسف 11 أخ من أباه وأخ واحد من أباه وأمه وكان إخوة يوسف من أباه يغيرون من يوسف وأخيه لحب أبيهم لهما.

المؤامرة على يوسف

 
قميص يوسف على وجه يعقوب
رسم جوڤاني أندري ده فراري، ح. 1640.

فقرر الإخوة الأحد عشر أن ينتقموا من يوسف بقتله أو ضربه فأشار عليهم أحد إخوتهم برميه ببئر فيجده المار فيأخذونه بعيداً عنهم. فوافقوا على هذا الرأى واستحسنوه. وذهبوا لأبيهم يطلبون منه أن يأذن لهم بأخذ يوسف ليلعب ويجرى معهم في أحد المراعى ولكنه خاف منهم وأخبرهم أنه يخاف أن ينسوه أو يتوه منهم أو ياكله الذئب. فأخبروا أباهم أنه يستحيل أن يقترب منه ضرر وهم عصبة كبيرة قوية، فوافق على مضض، ولما ذهبوا إلى البئر قذفوا يوسف في قاعه وأوحى الله له أنه سينبأهم بما فعلوا به بعد حين.

وبعد أن رماه إخوته في البئر أرادوا أن يجدوا مبرر عند أبيهم فأخذوا قميص يوسف ووضعواعليه دم. ولما قفل الليل رجعوا إلى أباهم يبكون وأعطوه القميص وأخبروه أن يوسف أكله الذئب ولكنه لم يصدقهم وأخذ يبكى ويشكى همه لربه.

وبينما يوسف في البئر إذا بقافلة تمر فيذهب قائدها إلى البئر ليشرب منه فإذا به يجد يوسف. فأخرجه من البئر وقال لصحبه انتخذنه عبدا ليبيعوه. ولما انطلقت القافلة كانت متوجه للسوق لبيعه فأذا برجل غنى من مصر يشتريه لما رآه فيه من جمال وأخلاق وقال لإمراته أكرمى مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا.

في بيت العزيز

 
يوسف وزليخة، إمرأة العزيز، يوسف يرحل، رسم ارازيو گنتلتشي.
 
يوسف يفسر حلم الخباز وساقي الخمر، رسم بنيامين كويپ، ح. 1630.

وكبر يوسف في بيت عزيز مصر (وهو وزير ملك مصر) وعلمه الله الحكمة وتفصيل الأحلام ولكن زوجة العزيز أرادت أن تخون زوجها مع يوسف وقالت له هيت لك قال: معاذ الله إنه ربى أحسن مثواى إنه لا يفلح الظالمون. فنفض عنها وشدت قميصه من ظهره حتى لا يبعد عنها فقطعته وإذا بالعزيز يدخل عليهما فجأه، فقالت لزوجها:ماجزاء من اراد بأهلك سوء؟ إلا ان يسجن أو عذاب أليم.فقال له يوسف:هى راودتنى عن نفسى وكان هناك قريب للزوجه مع الزوج فقال له إن كان قميصه مزق من الأمام فهى صادقه و هو من الكاذبين وإن كان قميصه قطع من خلف فكذبت وهو من الصادقين, فلما رآى قميصه قد من دبر قال لإمرأته:إنه من كيدكن ان كيدكن لعظيم.

وأمر يوسف بالسكوت وعدم الاقتراب منها وامر زوجته ان تستغفر الله لما فعلت. ولكن الأخبار انتشرت في المدينة بين النسوة حتى أن وصل الخبر لزوجة العزيز؛ فدبرت لهن مكيده قامت بعزيمتهن عندها واحضرت لكل واحدة منهم سكينة حادة وأحضرت التفاح فلما شرعوا في قطع التفاح أمرت يوسف أن يخرج عليهن فلما راينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقالو أن هذا ليس بشر أنه ملك كريم.


يوسف في السجن

 
يوسف يحكم مصر، رسم من الكتاب المقدس، أوائل عقد 1900.

وكادت تحدث فتنة في المدينة بسبب عشق النساء ليوسف فرأى القائمون على الأمر في مصر أن يسجن يوسف إلى حين فسجنوه وظل يوسف عليه السلام في السجن فترة ودخل معه السجن فتيان أحدهما خباز والآخر ساقي ورأيا من أخلاق يوسف وأدبه وعبادته لربه ما جعلهما يعجبان به فأقبلا عليه ذات يوم يقصان عليه ما رأيا في نومهما (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الآَخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ) ففسر لهما يوسف رؤياهما بأن أحدهما سيخرج من السجن ويرجع إلى عمله كساق للملك وأما الآخر وهو خباز الملك فسوف يصلب وتأكل الطير من رأسه وقبل أن يخرج ساقي الملك من السجن طلب منه يوسف أن يذكر أمره عند الملك ويخبره أن في السجن بريئًا حبس ظلمًا حتى يعفو عنه ويخرج من السجن ولكن الساقي نسى فظل يوسف في السجن بضع سنين.


عزيز مصر

 
يوسف يأمر خدمه بملئ أكياسهم بالقمح: رسم من الكتاب المقدس لرفايل ده مارشتلي، گنت، أواخر القرن 11.

وبمرور فترة من الزمن تحقق ما فسره لهما يوسف وفي يوم من الأيام نام الملك فرأى في منامه سبع بقرات سمان يأكلهن سبع نحيفات وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات فقام من نومه خائفا مفزوعًا مما رآه فجمع رجاله وعلماء دولته وقص عليهم ما رآه وطلب منهم تفسيره فأعجزهم ذلك وأرادوا صرف الملك عنه حتى لا ينشغل به فقالوا: (قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلامِ بِعَالِمِينَ ) لكن هذه الرؤيا ظلت تلاحق الملك وتفزعه أثناء نومه فانشغل الملك بها وأصر على معرفة تفسيرها وهنا تذكر الساقي أمر يوسف وطلب أن يذهب إلى السجن ليقابل يوسف وهناك طلب منه أن يفسر رؤيا الملك ففسر يوسف البقرات السمان والسنبلات الخضر بسبع سنين يكثر فيها الخير وينجو الناس فيه من الهلاك ولم يكتف يوسف بتفسير الحلم وإنما قدم لهم الحل السليم وما يجب عليهم فعله تجاه هذه الأزمة وهو أن يدخروا في سنوات الخير ما ينفعهم في سنوات القحط والحاجة من الحبوب بشرط أن يتركوها في سنابلها حتى يأتي الله بالفرج ولما عرف الساقي تفسير الرؤيا رجع إلى الملك ليخبره بما قاله له يوسف ففرح الملك فرحًا شديدًا وراح يسأل عن ذلك الذي فسر رؤياه فقال الساقي يوسف فقال الملك على الفور ائتوني به فذهب رسول الملك إلى يوسف وقال له أجب الملك فإنه يريد أن يراك ولكن يوسف رفض أن يذهب إلى الملك قبل أن تظهر براءته ويعرف الملك ما حدث له من نساء المدينة فأرسل الملك في طلب امرأة العزيز وباقي النسوة وسألهن عن الأمر فقلن معترفات بذنوبهن مقرَّات بخطئهن ومعلنات عن توبتهن إلى الله ما رأينا منه سوءًا وأظهرت امرأة العزيز براءة يوسف أمام الناس جميعًا عندئذ أصدر الملك قراره بتبرئة يوسف مما اتهم به وأمر بإخراجه من السجن وتكريمه وتقريبه إليه ثم خيره أن يأخذ من المناصب ما شاء فقال يوسف: (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) فوافق الملك على أن يتقلد يوسف هذا المنصب لأمانته وعلمه.

لقاءه بأشقائه

 
العثور على الكأس الفضي (ح. 1350). فرسكو في كنيسة القديسة صوفيا، أورهيد، مقدونيا.

وتحققت رؤيا الملك وانتهت سنوات الرخاء وبدأت سنوات المجاعة وجاء الناس من كل مكان في مصر والبلاد المجاورة ليأخذوا حاجتهم من خزائن الملك وفي يوم من الأيام وأثناء توزيع الحبوب على الناس إذا بيوسف أمام رجال يعرفهم بلغتهم وأشكالهم وأسمائهم وكانت مفاجأة لم يتوقعوها إنهم إخوته أبناء أبيه يعقوب عليه السلام الذي ألقوه في البئر وهو صغير لقد جاءوا محتاجين إلى الطعام ووقفوا أمامه دون أن يعرفوه فقد تغيرت ملامحه بعدما كبر فأحسن يوسف إليهم وأنسوا هم به وأخبروه أن لهم أخا أصغر من أبيهم لم يحضر معهم لأن أباه يحبه ولا يطيق فراقه فلما جهزهم يوسف بحاجات الرحلة وقضى حاجتهم وأعطاهم ما يريدون من الطعام قال لهم : ( وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ ) فأظهروا أن الأمر ليس ميسورا وسوف يمانع ليستبدلوا بها القمح والعلف في رحالهم بدلا من القمح فيضطروا إلى العودة إليه بأخيهم.[3]

 
يوسف يبكي.

وعاد إخوة يوسف إلى أبيهم وقالوا: (فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) فرفض يعقوب وذهب الإخوة إلى بضاعتهم ليخرجوها ففوجئوا ببضاعتهم الأولى التي دفعوها ثمنا ولم يجدوا قمحا فأخبروا والدهم أن بضاعتهم قد ردت إليهم ثم أخذوا يحرجون أباهم بالتلويح له بمصلحة أهلهم في الحصول على الطعام ويؤكدون له عزمهم على حفظ أخيهم ويرغبونه بزيادة الكيل لأخيهم فقد كان يوسف يعطي لكل فرد حمل بعير فقال لهم أبوهم : ( قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آَتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ) ولم ينس أن يوصيهم في هذا الموقف وينصحهم فقال لهم: (وَقَالَ يَا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ) وسافر الإخوة إلى مصر ودخلوها من حيث أمرهم أبوهم ولما وقفوا أمام يوسف دعا أخاه الصغير وقربه إليه واختلى به وأخبره أنه يوسف أخوه ثم وزن البضاعة لإخوته فلما استعدوا للرحيل والعودة إلى بلادهم إذا بيوسف يريد أن يستبقي أخاه بجانبه فأمر فتيانه بوضع السقاية ( إناء كان يكيل به) في رحل أخيه الصغير وعندما بدأت القافلة في الرحيل إذا بمناد ينادي ويشير إليهم : ( إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ) فأقبل الإخوة يتساءلون عن الذي فقد فأخبره المنادي أنه فقد مكيال الملك وقد جعل لمن يأتي به مكافأة قدرها حمل بعير وهنا لم يتحمل إخوة يوسف ذلك الاتهام فدخلوا في حوار ساخن مع يوسف ومن معه فهم ليسوا سارقين وأقسموا على ذلك فقال الحراس: (قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ ) هنا ينكشف التدبير الذي ألهمه الله يوسف فقد كان الحكم السائد في شريعة بني إسرائيل أن السارق يكون عبدًا للمسروق منه ولما كان يوسف عليه السلام يعلم أن هذا هو جزاء السارق في شريعة بني إسرائيل فقد قبل أن يحتكم إلى شريعتهم دون شريعة المصريين ووافق إخوته على ذلك لثقتهم في أنفسهم فأصدر يوسف الأوامر لعماله بتفتيش أوعية إخوته فلم يجدوا شيئا ثم فتشوا وعاء أخيه فوجدوا فيه إناء الكيل وتذكر إخوة يوسف ما وعدوا به أباهم من عودة أخيهم الصغير إليه فقالوا : ( قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ) فقال يوسف : ( قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلاَّ مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ ) وهكذا مكن الله ليوسف أن يحتفظ بأخيه أما لإخوة فقد احتاروا وجلسوا يفكرون فيما سيقولونه لأبيهم عندما يعودون فقرر كبيرهم ألا يبرح مصر وألا يواجه أباه إلا أن يأذن له أبوه أو يقضي الله له بحكم وطلب منهم أن يرجعوا إلى أبيهم ويخبروه صراحة بأن ابنه سرق فأخذ بما سرق وإن شك في ذلك فليسأل القافلة التي كانوا معها أو أهل المدينة التي كانوا فيها فعادوا إلى أبيهم وحكوا له ما حدث إلا أن أباهم لم يصدقهم وقال : ( قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) ثم تركهم وأخذ يبكي على يوسف وأخيه حتى فقد بصره فاغتاظ أبناءه وقالوا: (قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ ) فرد يعقوب عليه السلام عليهم أنه يشكو أمره لله وليس لأحد من خلقه وطلب منهم أن يذهبوا ليبحثوا عن يوسف وأخيه فهو يشعر بقلب المؤمن أن يوسف مازال حيًّا والمؤمن لا ييأس من رحمة الله أبدًا وتوجه الأبناء إلى مصر للمرة الثالثة يبحثون عن أخيهم ويلتمسون بعض الطعام وليس معهم إلا بضاعة رديئة ولما وصلوا مصر دخلوا على يوسف فقالوا له : ( فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ ) ففاجأهم يوسف بهذا السؤال : ( قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ ) فتنبهوا إلى رنين هذا لصوت وإلا هذه الملامح التي ربما يعرفونها فقالوا : ( قَالُوا أَئِنَّكَ لأَنْتَ يُوسُفُ ) فأخبرهم يوسف بحقيقته وبفضل الله عليه فاعتذر له إخوته وأقروا بخطئهم فعفا يوسف عنهم وسأل الله لهم المغفرة ثم سألهم يوسف عن أبيه فعلم منهم أنه قد فقد بصره بسبب حزنه عليه فقال لهم : ( اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ ) فأخذوا القميص وخرجوا من مصر متوجهين إلى فلسطين وقبل أن تصل العير قال يعقوب لمن حوله : ( وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ ) فقالوا له : ( قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ ) وبعد أيام عادة إخوة يوسف إلى أبيهم وبشروه بحياة يوسف وسلامة أخيه ثم أخرجوا قميص يوسف ووضعوه على وجه يعقوب فارتد إليه بصره وطلب إخوة يوسف من أبيهم أن يستغفر لهم فوعدهم يعقوب بأنه سيستغفر لهم الله وقت السحر لأن هذا أدعى إليه استجابة الدعاء وغادر بنو إسرائيل أرضهم متوجهين إلى مصر فلما دخلوها استقبلهم يوسف بترحاب كبير وأكرم أبويه فأجلسهما على كرسيه وهنا لم يتمالك يعقوب وامرأته وبنوه الأحد عشر أنفسهم حتى انحنوا تحية ليوسف وإكبار لوفائه وتقديرا لعفوه وفضله وتذكر يوسف رؤياه القديمة التي رآها وهو صغير فالأحد عشر كوكبًا بعدد إخوته والشمس والقمر هنا أبواه فقال : ( وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) ثم توجه يوسف عليه السلام إلى الله عز وجل يشكره على نعمه فقال : ( رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ).


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

اليهودية

المسيحية

يُحتفَل بذكرى يوسف كواحدٍ من الأجداد المقدسين في تقويم القديسين في الكنيسة الأرمنية الرسولية يوم 26 يوليو. وفي الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية والكنائس الكاثوليكية الشرقية التي تتبع المذهب البيزنطي، يُعرَف باسم "يوسف ذو الجمال الآسر"، إشارة ليس فقط إلى مظهره الخارجي، لكن الأهم من ذلك جمال حياته الروحية. ويحيون ذكراه يوم أحد الأجداد المقدسين (قبل أسبوعين من عيد الميلاد)، ويوم الاثنين المقدس العظيم (اثنين الأسبوع المُقدَس). وفي الأيقونات، يصوَّر يوسف أحيانًا مرتديًا النميس، وهو غطاء رأس الوزير المصري قديمًا. تحيي الكنيسة اللوثرية عقب مجمع ميزوري الكنسي ذكراه في 31 مارس.[4]

وحسب الاعتقاد المسيحي فيوسف هو بكر يعقوب من زوجته راحيل والحادي عشر من أولاد يعقوب الأثني عشر. وُلد في فدان ارام ودعت راحيل اسمه يوسف قائلة: "يزيدني الرب" وقد سمته أمه بهذا الاسم لاعتقادها بأن الله سيرزقها ابنًا آخر، وكان كذلك (تك 30: 22 - 24 و35 : 17 و18). وقد رويت أحداث حياة يوسف في تك 37: 50.

وأثارت أحلامه غيرة أخوته (37: 5 - 24). فنقموا عليه وفكروا في وسيلة للتخلص منه. ولما بلغ السابعة عشرة من عمره أرسله ابوه إلى شكيم حيث كان اخوته يرعون أغنامه، ليتفقد أحوالهم. وعندما بلغ شكيم قيل له أن أخوته اتجهوا إلى دوثان، فلحق بهم وعندما اقترب منهم فكروا في قتله. ولكنهم عدلوا عن هذه الفكرة بسبب اقتراح أخيهم رأوبين وطرحوه في بئر قديمة مهجورة لا ماء فيها. وظن رأوبين انه يستطيع بهذه الوسيلة أن يرده إلى أبيه بعد أن يكون أخوته قد غادروا البئر، ولكن هؤلاء باعوه إلى قافلة اسماعيلية كانت في طريقها إلى مصر.

اخذ الإسماعيليون يوسف إلى مصر وباعوه إلى فوطيفار على كل بيته، ولكن عندما اتهمته امرأة فوطيفار ظلمًا ألقي في السجن سنوات وهناك اكتسب ثقة السجان فوكله على جميع المسجونين. وقد منحه الله قدرة على تفسير أحلام رئيس السقاة ورئيس الخبازين عند فرعون. وقد كانا ألقيا في السجن. وقد تحقق تفسيره لأحلامهما. وبعد ذلك بسنتين حلم فرعون حلمين ولم يتمكن أحد من تفسيرهما. ثم تذكر رئيس سقاة فرعون الذي كان قد أعيد إلى وظيفته يوسف وأخبر عما حدث له في السجن فأحضر يوسف وفسر حلمي فرعون وذكر أنه سوف تأتي سبع سنين شبع يتلوها سبع سنين جوع واقترح ان يعين شخص يجمع الفائض في سنين الشبع ويخزنه لسني الجوع وقد وافق فرعون على الاقتراح. ولما رىه من حكمة يوسف عينه رئيسًا لمخازن فرعون (تك 41: 9 - 13 و25 - 36). فأصبح يوسف في وظيفته هذه من الرؤساء في الدولة. وثانيًا في الرتبة بعد فرعون (تك 41: 39 - 44). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب الأخرى). وكان يوسف حينئذ في الثلاثين من عمره (تك 41: 46). وقد هذبته التجارب وصقلته الآلام لمدة ثلاثة عشر عامًا وقد أعطاه فرعون أسنات زوجة وكانت أسنات من اسرة كهنوتية أو عين شمس.

وقد رأى بعضهم شبهًا بين قصة يوسف و"قصة الاخين" القديمة التي نسخت البردي والمحفوظة من الاسرة التاسعة عشرة على أوراق البردي والمحفوظة في المتحف البريطاني. وخلاصتها أن أخًا صغيرًا اتهم ظلمًا بالاعتداء على زوجة أخيه الأكبر. فنجا الأخ الأصغر من نقمة الأخ الأكبر بتوسط إله الشمس الذي ملأً نهرًا بالتماسيح فحالت هذه بدون بطش الأكبر بالأصغر ولكن الأمور الخيالية في هذه القصة تختلف كثيراُ عن قصة يوسف ومن المور التي تثبت صحة قصة يوسف ما يأتي:

ما جاء في تك 40: 19 وهو أبشع ما يؤول إليه مصير جسد الإنسان حسب القوانين المصرية. وكان المصريون يقومون بحلاقة ذقونهم أفضل حلاقة (تك 41: 14). والخاتم والكتابة في دائرته الصغيرة، وطوق العنق المصنوع من ذهب والذي نقش عليه (الجعران)، والثياب القطنية الناصعة هي من العوائد المصرية الصحيحة (تك 41: 42). وكانت الاموال الاميرية والمقاييس المختصة بالأراضي والأملاك هي المقاييس التي استخدمها يوسف (تك 47: 13 - 26). وفي ص 46: 34 نجد وصفًا لنظام القبيلة المصرية. وفي ص 50: 2 و3 و26 وصفًا دقيقًا للتحنيط.

وفي مكان خاص في هليوبوليس بالقرب من مطار القاهرة الآن مسلة كانت في ذات يوم قائمة أمام هيكل رع إله الشمس. وقد كانت أسنات زوجة يوسف من أسرة كهنة رع (تك 41: 45 و50 وار 43: 13). وقد عزا يوسف ما كان ينعم به من أخلاق رفيعة ويتمتع به من مقام اجتماعي إلى الله الذي لم يتركه ولم يتخل عنه (تك 39: 9 و42: 18). فلم تظهر كفاءته في بيت فوطيفار ولم يوكله فوطيفار على بيته، ولم يزج في غياهب السجن، ولم ينجح في تفسير حلم رئيس السقاة ورئيس الخبازين وحلمي فرعون ولم ينل العفو، ولم يعترف فرعون بحكمته (تك 41: 9 - 13 و25 - 36)، ولم يرفعه إلى مصاف الاشراف ويجعله قيمًا على بيته ووكيلًا على مخازنه، ولم يقلده ثاني وظيفة بعد الملك (تك 41: 39 - 44) بعد أن تحمل الخسف والذل مدة 13 سنة إلا لأنه كان متكلًا على الله، مؤمنًا بقوته وعدله.

ورزق يوسف من زوجته أسنات بنت فوطي فارع كاهن اون منسى وافرايم قبل حدوث المجاعة في مصر (تك 41: 50 - 52). وحلت المجاعة التي أنبأ عنها وعمت العالم الذي كان معروفًا يومئذ لاسيما القسم الغربي منه حول حوض البحر المتوسط (تك 41: 44 و56 و57). ولكن مصر كانت قد استعدت بفضل يوسف لمواجهة الجوع لأنها خزنت القمح والحبوب بمخازن عظيمة ابتنتها لهذه الغاية حسب تعليمات يوسف وإرشاداته. فذهب أخوة يوسف إلى مصر لابتياع حنطة. ولم يعرفوا يوسف. أما هو فعرفهم. وبخضوعهم له تحققت أحلامه التي جرَّت عليه متاعب كثيرة في بادئ الأمر. وبعد أن امتحن أخلاقهم بشتى الأساليب في رحلتهم الثانية إلى مصر أعلن عن نفسه طاويًا كشحًا عن الجور الذي لحقوه به سابقًا ولكنه لم يجلس مع أخوته على المائدة بل تناول طعامه وحده وبمعزل عنهم (تك 43: 32). لأنه غدا من طبقة أرفع وعضوًا بارزًا في طبقة الأشراف التي كانت تتأنف الاحتكام بالعوام. وكان المصريون يترفعون على الأغراب والأجانب ولا يجالسونهم. ونبذوا رعاة المواشي، نبذ النواة وعدوهم من سقط المتاع حتى وإن كانوا مصريين مثلهم، لأن رعاية المواشي لم تكن لتتكافأ وتتماشى وآداب الطبقة الراقية وطهارتها (تك 46: 34). وهذا الموقف في أرض جاسان كي لا يحتكوا بأهل البلاد.

وكان فرعون الذي رحب بقوم يوسف بعد نزولهم في مصر من سلالة الهيكسوس. وهذا يتفق تمامًا وإقامة العبرانيين بالقرب من المدينة التي اتخذها الهيكسوس عاصمة لهم في "تانيس" - صوعن- (مز 78: 12 و43). واما الملك الذي بغى على العبرانيين ومنعهم من مغادرة مصر (خر 1: 8). فهو على الأرجح أحد الفراعنة الذين حكموا مصر بعد طرد دولة الهيكسوس.

ومات يوسف وهو ابن 110 سنين. وحنطت جثته وفقًا لعادات المصريين. وعندما خرج العبرانيون من مصر نقلوا رفاته حسب وصيته إلى أرض كنعان (تك 50: 25 وعب 11: 22) ونفذت وصيته ودفنت موميته نهائيًا بالقرب من شكيم (خر 13: 19 ويش 24: 32). بجانب بئر يعقوب. وقيل أيضًا أن جثته نقلت بعد ذلك من شكيم إلى حبرون، ودفنت في مكفيلة مع اجداده. ولكن هذا القول يفتقر إلى اثبات.

وقد انحدر سبطًا منسى وافرايم من بني يوسف وعندما بارك يعقوب يوسف عند مماته بارك أيضًا سبطيه (تك 48: 8 - 22و 49: 22 - 26).

ويستعمل اسم "يوسف" للدلالة على السبطين المندمجين منه (يش 16: 4 و17: 17)، وعلى المملكة الشمالية (1 مل 11: 28)، وعلى شعب بني إسرائيل بوجه عام (مز 80: 1). وظن بعضهم أن قسمًا من نسل يوسف استوطنوا أرض كنعان قبل الخروج من مصر.

الإسلام

 
صورة ليوسف مع والده يعقوب وإخوته في مصر من كتاب "زبدة التواريخ" (Zubdat-al Tawarikh) الموجود في متحف الفنون التركية والإسلامية بإسطنبول، والمُهدَى إلى السلطان مراد الثالث عام 1583.

يعتبر المسلمون يوسف نبيًا،[5] وخُصِصت سورة كاملة لسرد قصته.[6] وهي الحالة الوحيدة في القرآن التي تُخصَص فيها سورة كاملة لسرد قصة نبي. وتوصَف هذه السورة بأنها "أفضل القصص".[7] تذكر القصة أن يوسف كان في غاية الجمال، مما جذب امرأة عزيز مصر لإغوائه. وورد عن النبي محمد أنه قال: "أوتي يوسف شطر الحسن".[8] وهناك اختلاف واحد واضح في القرآن وهو ذكر ملك غير محدد بدلاً من الفرعون المذكور في الكتاب المقدس. وللقصة نفس الأحداث العامة كما سردها الكتاب المقدس، لكن مع اختلافات محددة.[9] ففي القرآن، طلب الأخوة من يعقوب أن يدع يوسف يذهب معهم.[10] والحفرة التي أُلقي فيها يوسف كانت بئرًا،[11] واتخذت القافلة المارة يوسف عبدًا.[12]

في الكتاب المقدس، يكشف يوسف عن هويته لإخوته قبل عودتهم لأبيهم في المرة الثانية عقب شراء الحبوب.[13] وينطبق الشيء نفسه في الرواية الإسلامية، لكنهم يُجبَرون على العودة إلى يعقوب دون بنيامين، ويبكي الأب الأعمى.[13] ويظل هكذا إلى أن يعود الأبناء من مصر، جالبين معهم ملابس يوسف التي عالجت عينيه بمجرد أن وضعها على وجهه.[14]

يذكر التفسير أيضًا أن زليخة، زوجة بوتيفار التي حاولت إغواء يوسف عندما كان خادمًا في منزلها، قد تزوجته لاحقًا عندما علا شأنه ليصبح حاكم مصر. وقد وُصِف حبهما بالشديد والعميق في الأدب والقصائد الشرقية.


البهائية

الأدب والثقافة

انظر أيضاً

الهوامش

  1. ^ verse, note and commentary on , The Anchor Bible, Volume 1, Genesis, 1964, Doubleday & Company, Inc., Garden City, New York
  2. ^ JewishEncyclopedia.com - JOSEPH
  3. ^ قصة النبي يوسف
  4. ^ يوسف الصديق، موقع الأنبا تكلا
  5. ^ القرآن الكريم، سورة الأنعام، الآية 84.
  6. ^ القرآن الكريم، سورة يوسف.
  7. ^ Quran sura xii verse 3
  8. ^ Tottli 2002, p. 120
  9. ^ Quran sura xii
  10. ^ Quran sura xii verse 12
  11. ^ Quran sura xii verse19
  12. ^ القرآن الكريم، سورة يوسف، الآية 19.
  13. ^ أ ب Differences of Tradition
  14. ^ القرآن الكريم، سورة يوسف، الآية 96.

المصادر


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وصلات خارجية