نيقولا حايك

نيقولا جورج حايك (19 فبراير 1928, بيروت – 28 يونيو 2010, بيل[1]) هو رجل أعمال سويسري-لبناني، مؤسس، والرئيس التنفيذي ورئيس مجموعة سواتش، مقرها الأساسي في بيل، سويسرا. ولد حايك لأم لبنانية، وأب لبناني أمريكي، وعائلة مسيحية ارذوكسية-يونانية من أصول تعود لمحافظة الكورة، شمال لبنان. وكان والده يعمل طبيب أسنان.

نيقولا حايك
Nicolas Hayek
Nicolas Hayek 1998.jpg
وُلـِد(1928-02-19)19 فبراير 1928
بيروت, لبنان
توفي28 يونيو 2010(2010-06-28) (aged 82)
بيل, سويسرا
المهنةرجل أعمال
اللقبمجموعة سواتش, المؤسس/الرئيس

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الهجرة إلى سويسرا

بدأ نيكولا جورج حايك اللبناني الأصل حياته كمهندس في الولايات المتحدة بعد أن هاجر إليها من لبنان. لكنه، وكما يبدو من القليل الذي ذكره في كتابه عن حياته في أمريكا، لم يحقق نجاحاً في بلاد الفرص المفتوحة. ولم يستغرق عبور الصحراء وقتاً طويلاً: سنة واحدة فقط عندما أخذ بيده عمه الذي كان سفيراً ليساعده في التوجه إلى سويسرا حيث بدأ حياته هناك في ظروف صعبة قبل أن يصبح منقذ صناعة الساعات السويسرية من الانهيار أمام خطر المنافسة اليابانية في سبعينيات القرن الماضي.

وفي كتابه «نيكولا حايك: وجهات نظر رجل أعمال من الطراز الأول»، يتذكر حايك بداياته الصعبة في سويسرا ببعض المرارة، ولكن بفخر أيضاً. يقول: «فتحت مكتباً صغيراً للاستشارات في [زيورخ]، العاصمة المالية لسويسرا. ولم يكن في المكتب هاتف لعدم قدرتي على دفع تكاليفه، وكنت أذهب إلى مكتب للبريد عبر الشارع لأجري مكالماتي الهاتفية».

ويتذكر العيد الوطني السويسري في 1 أغسطس عام 1957 بشيء من الحزن: «بينما كان الناس يرقصون في الشوارع كنت أبكي لأنني لم أتلق طلبات للخدمات الاستشارية التي كنت أعرضها. أما الوعود بالعمل الثابت فكانت سراباً… قلت لنفسي أي سخيف أنا! لديك طفلان وزوجة وتغامر بتسوّل عمل ما، والشركات الثلاث التي وعدتك بعقود لم تقدم لك شيئاً وتركتك تتمايل كالثمل. فكر بطريقة أخرى».

ثم يسرد حايك بداياته الصعبة كمستشار عندما وجب عليه أن يرهن أثاث منزله كي يحصل على قرض بقيمة أربعة آلاف فرنك سويسري (3200 دولار): «كانت هذه أول وآخر مرة في حياتي أطلب فيها قرضاً من مصرف أو من أي مكان آخر، الحمد لله لم تستمر الأيام الصعبة طويلاً».


إنقاذ صناعة الساعات السويسرية

مضت الأيام الصعبة التي مرت على حايك عندما تلقى دعوة من المصارف لإنقاذ صناعة الساعات السويسرية من هجوم قوي لليابان خلال أسوأ أزمة مرت بها صناعة الساعات السويسرية في سبعينات القرن الماضي. لقد فاتها ركوب سفينة الساعات الرقمية والبلاستيكية الخفيفة الوزن والثمن لتتركها لليابانيين.

لقد رد هذا «الجني»، كما يحلو للسويسريين أن يسموه، على اليابانيين بساعات جديدة لم تعرفها سويسرا في حياتها: إنها ساعة «سواتش» التي ولدت في مؤسسة صغيرة في بلدة في غرب البلاد لتصبح في ما بعد أكبر مجموعة لصناعة الساعات في العالم، وليصبح اسم حايك كبيراً ولامعاً في سويسرا.

وكان الجوهر الرئيس للتحدي صراع بين السويسريين واليابانيين في إنتاج الساعة الأفضل والأخف وزناً والأقل سماكةً وكلفةً. وهكذا تمكن اليابانيون من تقليص سمك الساعة من 4.1 مليمتر إلى 2.5 مليمتر. ورد السويسريون في 12 كانون الثاني (يناير) 1979 بتقليص ساعتهم إلى 1.98 مليمتر، (بفارق 0.52 من المليمتر عن الساعة اليابانية). ليس هذا فحسب بل أنتجوا ساعة بحسب المواصفات اليابانية بـ 52 مكوناً فقط بدلاً من 150 مكوناً، وهو الرقم المألوف في عدد مكونات الساعة، ما ساعد في تقليص كلفة الإنتاج إلى النصف.

ويقول حايك في كتابه: «كان الرد جوهرياً أكثر منه شكلياً، وعليه لم نستعجل على البلاستيك حيث جاءت الساعة البلاستيكية بعد ذلك بسنتين». ويضيف أنه في ذلك الوقت «لم يكن أحد يرغب في تسويق الساعة البلاستيكية الغريبة على عالم صناعة الساعات السويسرية. كانت الصحافة والسياسة والاقتصاد والمصارف تشك في النجاح، «كنت الوحيد الواثق بنجاحها


ينتقد حايك بوضوح تشاؤم «هيئة المديرين»، ويقول: «في الفترة التي كان الجميع فيها حائراً وخائفاً من إمكان موت صناعته، كان يجب أن نقول: لا، بإمكاننا أن نكون أفضل، وليس فقط أن نقول: لا بإمكاننا أن نعمل أفضل، بل إظهار طريقة العمل لنكون أفضل. هذا هو الدور الذي كان مطلوباً في أوج الأزمة، إنها القيادة بكل بساطة».

وعن تفاصيل القيادة يقول: «تكمن قوتي في الإستراتيجية الهجومية، انها رؤية واضحة لي… لقد قبلت المخاطرة لكنها مخاطرة محسوبة… على كل حال لم استثمر إلا ثلث أو نصف ثروتي في ذلك الوقت، أي 70 مليون فرنك سويسري فقط».

يقول ان المديرين يجب أن يكونوا رجال أعمال حقيقيين «ليس من ذلك النوع الذي يتجول في حفلات الكوكتيل وكأس الشمبانيا بيده، ثم يذهب في اليوم التالي ليقدم أفكاراً نظرية… ينبغي على رجل الأعمال الحقيقي أن يأتي من صلب الإنتاج، عليه أن ينتج أولاً قبل أن يكون مديراً».

في كتابه لم يضع حايك، الذي يوصف أيضاً بأنه منقذ صناعة الساعات السويسرية، أي شيء يعلو فوق أولوياته: «الإنتاج، الإنتاج، ومرة أخرى الإنتاج». وينتقد بشدة الشركات التي تقلص الوظائف، أو تلك التي تقوم بإعادة هيكلة المؤسسة على نحو مستمر.

يقول حايك إن مديرين كثراً في الشركات الكبرى يعيدون هيكلة شركاتهم ست مرات كل سنة وينظمون المؤسسة ويعيدون تنظيمها إلى حد أنهم ينسون المشكلة الرئيسة وهي الإنتاج. ويعلق: «لا ينبغي النظر الى عاملين على أنهم عنصر مكلف في المؤسسة لأنهم في مجموعهم يمثلون عائلة، وهذه العائلة هي التي تصنع الإنتاج. هذه العائلة ينبغي أن تشعر أنها قوية جداً، ينبغي أن تشعر حقيقة بأننا سنكسب المعركة… إذا أعطيت هذا الشعور لكل فرد في عائلة المؤسسة فستكسب المؤسسة على الدوام».

وينتقد الرأي القائل بأن يكون داخل مجلس المديرين «مدير مستقل» كي يرى الأمور بنظرة مختلفة، وكأنه بذلك يدافع عن مؤسسته التي تلقى انتقادات في هذا الصدد. يشرح رأيه قائلاً: «أنا أعرف أنه لا ينبغي علي أن أتجاوز سرعة 120 كيلومتراً في الساعة على طريق المرور السريع، لكنني لست مضطراً أن أجلب خبيراً ليراقب ذلك. أنا أعرف أيضاً أنه لا ينبغي أن أتناول الكحول ثم أقود السيارة، هل ينبغي أن أجلب خبيراً ثانياً ليتأكد من ذلك؟ أنا أعرف أن الطفل يجب أن يجلس في مقعد خاص به مربوطاً بحزام للأمان، لكن هل ينبغي أن أجلب خبيراً ثالثاً ليتأكد من ذلك؟ بهذه الطريقة سنقتل نمو وازدهار المؤسسة.

السوق والصناعة

تتمثل واحدة من نقاط قوة نيكولا حايك، كما يشرحها في كتابه، في تحليل الموقف بسرعة والفهم المسبق بصورة جيدة لكيفية عمل السوق والصناعة. «عندما ترى هذه الأشياء جيداً، ستستجيب لها جيداً… سيكون في مقدورك التهيؤ ثم تخطو الخطوة الصحيحة… هذا هو أحد أسباب نجاحنا… الثاني هو منح الثقة والحافز للعاملين».

وتتمثل إستراتيجية حايك في جعل مؤسسته الأفضل في العالم لا تقوم على حث العاملين فقط، بل تواصل الابتكار والخلق على أعلى مستوى. يقول: «ينبغي أخذ أفكار جميع العاملين في المؤسسة على محمل الجد مهما كانت. ينبغي الاحتفاظ بالخيال والأفكار التي كانت تجول في رؤوسنا عندما كنا أطفالاً نلعب على ساحل البحر». ويضيف: «نحن لم نقتل الخلق والابتكار في هذه الشركة، بل تركناها تنمو… لهذا السبب كنت أواصل القول لجميع العاملين معي: عليكم أن تسترجعوا خيال طفولتكم بعمر ست سنوات لتضعوها في الإنتاج… انها ليست نكتة من صنعي، بل حقيقة».

وفي الكتاب دفاع قوي عن عالم رجال الأعمال الذي يرى أنه ما زال يواجه قيوداً في أوروبا وسويسرا. يقول إن إعاقة رجل الإعمال يعني إعاقة تأمين فرص جديدة للعمل. ويضيف: «على الشبان أن يفهموا أن مهنة رجل الأعمال هي مهنة رائعة تستحق المجازفة بدخولها. إن رجال الأعمال هم ملوك عصرنا الحاضر».

ولهذا السبب يقترح في كتابه إنشاء جائزة نوبل لرجل الأعمال الناجح. ولا يخفي أسفه لمنح جائزة نوبل للاقتصاد إلى «أساتذة جامعات جالسين في برجهم العاجي يقدمون النظريات من دون أن يخلقوا فرصة عمل واحدة».

وعلى رغم قوة حايك، الذي سجل رقماً قياسياً في النجاح طوال فترة حياته المهنية، وارتفعت ثروته الآن إلى ما بين بليونين وثلاثة بلايين فرنك سويسري (تقدير مجلة «بيلان» الاقتصادية السويسرية المرموقة في كانون الأول/ديسمبر 2005)، إلا أن الرجل ليس كله نقاط قوة. عن هذا يقول: «واحدة من أكبر نقاط ضعفي، ولا يشابهني في هذا أحد، أنني أحتاج إلى مزيد من الاعتراف والتقدير بما قمت به، أحتاج للثناء أكثر من بقية الناس».

ساعة سواتش

ويرى حايك أن سواتش لم تصل بعد إلى القمة، فمصانع الشركة ما زالت تعمل بكفاءة ودقة ككفاءة ودقة الساعات التي تصنعها، وهي ما زالت متقدمة في معايير ابتكار النماذج الجديدة، بحسب تعبيره.

لكنه يقول ان لسواتش في الوقت الحاضر منافسين كثراً، فهناك شركات للساعات أنشئت في أوروبا والأميركتين لكنها تنتج في الصين، بنوعية رديئة وكلفة منخفضة والمستهلك يبحث عن شكل الساعة وليس عن القيمة التي تحملها، لهذا السبب لم يكن نمو «سواتش» كبيراً خلال العامين الماضيين مثلما اعتادت أن تكون عليه.

التقاعد

لقد تقاعد حايك من رئاسة مجموعة «سواتش» نهاية عام 2002 وسلّم قياد المؤسسة إلى ابنه نيقولا، لكنه ما زال إلى حد كبير يعتبر القوة الرئيسة التي تقود المؤسسة. وبالنسبة الى رجل في عمره فكان أكثر ما يزعجه أن يجلس وحده في البيت، «أنا لست من هذا النوع من الرجال… أحب أن أكون مع الناس وأن يكونوا معي على الدوام. يقول: أنا الآن من دون عمل، لكنني أسلي نفسي كل يوم بألا أدع الآخرين يتركونني وحدي، لهذا السبب أقود سيارتي بنفسي، ليس لدي سائق، أقود سيارتي لأكثر من ساعة في اليوم.

ويوضح حايك، المعروف بروح الدعابة والنكتة، أنه أبلغ زملاءه في العمل عندما كان رئيساً للمجموعة: «أريد أن أرى وقد كتبت على شاهد قبري العبارة التالية: كان عادلاً على الدوام، وحاول على الدوام أن يكون عادلاً.

وفاته

توفي يوم 28 يونيو 2010، في مكتبه بمجموعة سواتش نتيجة أزمة قلبية.

الهوامش