محمد نجيب سرور محمد هجرس (1 يونيو 1932 - 24 أكتوبر 1978) شاعر مصري معاصر، استخدم اللغة العامية والألفاظ الخادشة. معارض بطبيعته للسلطة، في عهدي عبد الناصر والسادات. يعتبره البعض ضمير الأمة أثناء أزمة أيلول الأسود. تكرر اعتقاله عدة مرات، حتى اودع مستشفى بحجة مرض عقلي، وتوفي هناك. تحفظ الملايين مقاطع من أشعاره في مصر والوطن العربي. يشبه في أسلوبه الشاعر العراقي مظفر النواب.

نجيب سرور في 1977

ولد بقرية إخطاب، مركز أجا، محافظة الدقهلية (1 يونيو 1932 - 24 أكتوبر 1978 م) شاعر مصري معاصر، قرب انتهاء دراسته بكلية الحقوق في السنة الرابعة قرر الالتحاق بالـ بالمعهد العالي للفنون المسرحية الذي حصل منه على الدبلوم في عام 1956 وهو في الرابعة والعشرين من العمر.

وعند تخرجه انضم إلى (المسرح الشعبي) الذي كان تابعاً لمصلحة الفنون التي كان يديرها الاديب يحيى حقي, واشترك في اعمال المسرح العشبي بالتأليف والاخراج والتمثيل.

في أواخر عام 1958 سافر في بعثة إلى الاتحاد السوفيتي حيث درس الاخراج المسرحي وفي عام 1963 انتقل إلى المجر وظل حتى عام 1964، عمل فيها بالإذاعة، عاد بعدها إلى وطنه مصر حيث شهدت القاهرة فترة ازدهار انتاج سرور المسرحي والشعري والنقدي، خلال فترة الستينيات.

توفي عام 1978 عن عمر يناهز الستة واربعين عاماً.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حياته

ولد في عام 1932 في قرية إخطاب، أجا، الصغيرة التي تقتات بجني مـا يزرع أهلها ومـا يربون من الدواجن والمواشي بعيدًا عن أية رعاية حكومية وترسل أبنـاءها بقليل من الحماس إلى المدارس الحكومية المجانية المكتظة بالتلاميذ يتعلمون بشروط بائسة القليل من المعرفة والعلم بعكس مدارس المدن الكبيرة أو المدارس الخاصة المكلفة.

ولكن مـا يتعلمه فتى مرهف الإحساس وكبير القلب وإنساني المواقف من أدب وشعر ولغة وتاريخ وفلسفة خلال المرحلة الثانوية مثل نجيب سرور كـاف لخلق الشاعر والفنـان الذي يتحدى الظلم والاضطهاد وهو يراه بعينيه الواسعتين وقلبه الحار قولا ً يتحرض بسببه زمـلاؤه إلى جـانبه ضد الظلم والقهر والاستغلال.. فكانت ولادة الشاعر المناضل الفتي الذي سرعـان مـا ظهرت مواهبه الفنية الأخرى.. فالشعر كلمـة سهلة التكوين وسريعة الوصول والمسرح هو الفضاء الآخر الأكثر رحابة وتأثيرا ً في حياة الناس.. يـُدخلـُهم إليه ليـُريهم مـا لا يرونه في حياتهم المعتادة.

إدراك نجيب أهمية عالم المسرح بالنسبة لقضيته الأولى، النضال من أجل كشف الحقيقة سعيًا للحرية والعدالة، جعلته يترك دراسته الجامعية في كلية الحقوق قبل التخرج بقليل والالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية الذي حصل منه على الدبلوم في عام 1956 وهو في الرابعة والعشرين من العمر. حياة البؤس والحرمان واضطهاد بقايا الإقطاعية من مالكي الأراضي والمتنفذين للفلاحين البسطاء في الدقهلية، حيث نشأ نجيب سرور، تركت بذورًا ثورية في نفس الفتى الذي امتلأ قلبه حقدا ً على الإقطاعيين وسلوكهم غير الإنساني تجاه الفلاحين.

"قصيدة الحذاء" التي كتبها عام 1956 في قصة تعرض أبيه أمامه وهو طفل للمهانة والضرب من عمدة القرية الذي سماه نجيب الإله وكان جشعًا جلفـًا قاسي القلب يتحكم في أرزاق الفلاحين وفي حياتهم.

بتركه كلية الحقوق ودراسته وتخرجه من المعهد العالي للفنون المسرحية تبدأ علاقات نجيب المتميزة مع الكتاب والأدباء والمفكرين والمناضلين والفنانين من خلال أعمـال مسرحية شعبية برز فيهـا كمؤلف وممثـل ومخرج لافتــا ً الأنظـار إلى عبقرية نـادرة.

أخفى نجيب بداية انتماءه إلى جماعة حدتو الشيوعية قبل سفره في بعثة حكومية إلى الإتحاد السوفييتي لدراسة الإخراج المسرحي من عام 1958 وحتى عام 1963 حيث أعلن هناك تدريجيًا ميله للماركسية مما كان له أثر سلبي لدى مجموعة الطلاب الموفدين الذين حرضوا السفارة المصرية ولفقوا التقارير ضده وفي نفس الوقت تحول تساؤل الشيوعيين العرب عن كونه يحمل الفكر الماركسي في حين أنه موفد ضمن بعثة حكومية إلى شكوك أقلقته وأثارت في نفسه اكتئابا.

هذه المعاناة جعلته يبالغ في تأكيد صدقه ونفوره من مجموعة الموفدين وعدم ارتباطه بأية جهة غير شيوعية عن طريق تشكيل مجموعة الديمقراطيين المصريين في السنة الدراسية الثانية عام 1959 وتعمد المشاركة في الحياة الطلابية وإلقاء الخطب الحماسية والبيانات ضدالنظام الديكتاتوري وسياسة القمع في مصر وسوريا والتي امتلأت بسببها سجون البلدين بالآلاف من أبناءالوطن الشرفاء من عمال وفلاحين ومثقفين. عندها فقط زالت الشكوك عن نجيب الذي سرعان ما أحاطه الشيوعيون من بلدان الشرق الأوسط بالمحبة والدعم وساعدوه بالتعاون مع إدارة الجامعة لحل مشكلة المنحة الحكومية المسحوبة وإبقائه في موسكو بمنحة حزبية أممية.

في موسكو كتب نجيب دراسات نقدية ومقالات ورسائل وقصائد نـُشر بعضها في مجلات لبنانية أما ما لم ينشر عند كتابته فقد جمع بعضه فيما بعد ونشر بواسطته أو بمبادرة من أصدقائه بعد وفاته وترك الآخر كما هو في مكتبة بيته. مثل: "رحلة في ثلاثية نجيب محفوظ" - دراسة طويلة كتبها عام 1959 ونشر فصولاً منها في المجلة اللبنانية (الثقافة الوطنية) 1959 ثم جمعها وقام وقدم لها محمد دكروب وصدرت في سلسلة "الكتاب الجديد" - دار الفكر الجديد، بيروت 1989 ثم أعيد نشرها كاملة عن دار الفارابي عام 1991 أعمـال شــعرية عن الوطن والمـنـفي - ديوان كتب قصائده في موسكو وبودابست بين 1959 و 1963 ولم ينشر.

ولع نجيب بالأدب والفلسفة وشغفه بالقراءة وكتابته للشعر بالعربية الفصحى لم يكبت رغبته الدائمة بمخاطبة الناس عبر المسرح. كان التمثيل في نظره أداة التعبير الأكثر نجاعة. ويقول اصدقاؤه بأنه لم يلقِ عليهم قصائده بل قام بتمثيلها. وكان له من المهارة في الأداء والتحكم بتعابير الوجه وحركة اليدين ما يشد الناس إليه فينشدوا بكليتهم إلى موضوع القصيدة أو الحديث مثيرا عواطفهم ومشاعر الحب أو الكراهية والضحك أو العبوس وتدفق الدموع حسب الموقف.

أي موضوع عند نجيب سرور هو مادة يسخرها لربط الأمور وتسليط الضوء على أسباب معاناة الناس والظلم والاستغلال والتخلف. هذه البراعة عند نجيب سرور أساسها دراسته لفن التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية بالقاهرة وقد حرص على التعرف في موسكو على المدارس المختلفة في الفنون المسرحية وانتقاء منها ما يريد بحرية وشجاعة ودون قيود فأصبح بعدها يتوق إلى العودة إلى مصر ليلتحم بشعبه ورفاقه وطليعة المثقفين المصريين ويقوم بدوره النضالي من أجل أن تحيا مصر ويسعد شعبها.

كانت مصر في الخمسينات حبلى بالثورة وشهد نجيب سرور وهو على مقاعد الدراسة انطلاق ثورة 23 يوليو وواكب - بعد التخرج- العدوان الثلاثي على مصر مما عمق في نفسه الكره الشديد للامبريالية والاستعمار والرأسمالية وكان منطقياً ان يلتزم الخط الاحمر فانتمى إلى الحزب الشيوعي وطار إلى موسكو في بعثة حكومية لدراسة الإخراج المسرحي وصدم - كما صدم غيره- بالوحدة الارتجالية مع سوريا ثم بمؤامرة الانفصال وراقب عن كثب بطش المخابرات المصرية بالطلبة فتحول إلى (معارض) سياسي في الخارج وسحبت منه البعثة والجنسية فزاد اقتراباً والتحاماً بامميته وأصبح احمر اللون عن (حق وحقيق) وليس عن ترف!!

  • لكن الفلاح المصري في ثنايا نجيب سرور لا يمكن ان يتأقلم مع القوقازي أو الروسي الأبيض حتى لو كان يتبنى الفكر الاحمر وسرعان ما اصطدم سرور بتنظيمات الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي نفسه فهرب إلى المجر ومنها إلى مصر عام 1964.
  • كانت مخابرات صلاح نصر في عام 1964 في اوج تألقها وسطوتها وكان من الطبيعي ان يحل نجيب سرور ضيفاً على زنازين صلاح نصر فيعذب وينفخ ويصلب وتمارس عليه كل أنواع التعذيب التي أبدع صلاح نصر في ابتكارها... ومع ذلك كانت بصمة نجيب سرور على الحياة الثقافية في مصر واضحة للعيان حتى يوم وفاته في عام 1978 فقد شارك في الحياة الثقافية شاعراً وناقدا وباحثا وكاتبا مسرحيا وممثلاً ومخرجاً حتى أصبح أحد اعلام المسرح العربي المعاصر.
  • كان الامن المصري قد ترك الحبل على غاربه لنجيب سرور بعد أن وجد صلابة هذا الفلاح المصري المثقف لن تفت في عضدها زنازين صلاح نصر إلى ان تجاوز نجيب سرور الخط الاحمر حين توقف امام مجازر الملك حسين بحق الفلسطينيين في ايلول عام 1971 بكتابة وإخراج مسرحية بعنوان (الذباب الازرق) سرعان ما تدخلت المخابرات الأردنية لدى السلطان المصرية لايقافها... وقد كان... وبدأت منذ ذلك التاريخ مواجهة جديدة بين الامن المصري ونجيب سرور انتهت بعزله وطرده من عمله ومحاصرته ومنعه من النشر ثم اتهامه بالجنون!!
  • في هذه الفترة بالذات ولدت معلقته الشهيرة (كس اميات) تقريباً في الفترة نفسها التي كتب فيها مظفر النواب كس امياته التي سماها (وتريات ليلية) ومع ان قصيدة مظفر النواب كانت الاسبق إلى الشهرة والانتشار إلا أن هذا لم يكن بسبب تفردها أو تفوقها على كس اميات نجيب سرور وانما لان القصيدة حلقت عربياً بجناحين فلسطينيين فقد كان كان مظفر محسوباً على المقاومة الفلسطينية التي تبنته وطبعت كتبه واقامت لها الندوات والامسيات واغدقت عليه الكثير من الاموال.... وكان التشابه بين الرجلين كبيرا... فالاثنان شيوعيان... والاثنان مثقفان وظفا التاريخ والأسطورة في عملهما الابداعي... والاثنان من طويلي اللسان.... والاثنان على قوائم المطلوبين لأجهزة الامن.... والاثنان سطرا كس امياتهما بعد مجازر ايلول بحق الفلسطينيين.
  • نجيب سرور الذي اصطدم بالمخابرات المصرية بسبب مسرحيته عن الفلسطينيين والمجزرة التي ارتكبت بحقهم في الأردن خذله الفلسطينيون فلم تنشر قصائده في بيروت يوم كانت كل مطابع بيروت ودور النشر فيها رهن إشارة أبو عمار ولم تجد (كس اميات) سوقاً خارج مصر لمحليتها اللغوية وللعبارات والالفاظ المستخدمة فيها والاهم من هذا لان النظام العربي كله - آنذاك- لم يكن مهيئاً لمواجهة أنور السادات كرمال عيون نجيب سرور مع ان السادات كان أهم راو للقصيدة وحافظ لها!!
  • وكما حذف مؤلفو الكتب المدرسية اسم (هن) من الأسماء الستة فجعلوها (خمسة)... حذف النقاد العرب اللفظة الأولى من اسم الديوان واكتفوا بالتعريف به على انه (اميات) أو (الاميات) ومات نجيب سرور في 24 أكتوبر 1978 في مستشفى للامراض العقلية اودعته فيها المخابرات المصرية عن ستة واربعين عاماً وحزنت عليه لاني لم اتمكن من لقاءه في صيف عام 1978 رغم أن امل دنقل اصطحبني مع الاديب الأردني فايز محمود إلى مقهى قال ان نجيب سرور يقعد فيها!!
  • يومها طيرت إلى استاذي وصديقي محمود السعدني مقالاً بعنوان (الاشجار لا تموت الا واقفة) و(نجيب سرور مات غريباً في دمنهور) نشره محمود السعدني في الصفحة الأخيرة من مجلته 23 يوليو التي كان يصدرها في لندن يوم كان مطارداً فيها من قبل مخابرات أنور السادات.


عمله الأدبي

مع عودة الشاعر إلى مصر عام 1964 بدأت حياته الفنية والأدبية والسياسية التي استمرت قرابة الأربعة عشر عامًا حتى وفاته متأرجحة بين النجاح والمعاناة الشديدة، بكتابة وتقديم النصوص الدرامية ومسرحياتها، استهلها في عام 1965 بعمل مسرحي من إخراج كرم مطاوع بعنوان "ياسين وبهية" وهي رواية شعرية كتبها في بودابست قبل عام واعتبرها الجزء الأول من ثلاثية ضمـَّت "آه يا ليل يا قمر"، المسرحية الشعرية التي كتبها عام 1966 وأخرجها جلال الشرقاوي عام 1967، و"قولوا لعين الشمس"، مسرحية نثرية في ثلاثة فصول، كتبها عام 1972، وأخرجها توفيق علي عام 1973.

ثم كتب مسرحية "يا بهية وخبريني" عام 1967 بإخراج كرم مطاوع ثم "آلو يا مصر" وهي مسرحية نثرية، كتبت في القاهرة عام 1968 و"ميرامار" وهي دراما نثرية مقتبسة عن رواية نجيب محفوظ المعروفة من إخراجه عام 1968. استمر تألق نجم نجيب سرور مع هذه الأعمال التي نشرت معظمها كتبًا في طفرة الصعود في السبعينات.

في عام 1969 قدم نجيب سرور من تأليفه وإخراجه المسرحية النثرية الكلمات المتقاطعة التي تحولت فيما بعد إلي عمل تليفزيوني أخرجه جلال الشرقاوي ثم أعاد إخراجها للمسرح شاكر عبد اللطيف بعد عشر سنوات واستمر تألق هذا العمل الفني حتى عام 1996. وفي عام 1969 قدم المسرحية النثرية الحكم قبل المداولة، وقد قام بتحقيقها ونشرها كاملة الباحث الجاد محمد السيد عيد.وكتب المسرحية النثرية البيرق الأبيض وفي عام 1970 قدم ملك الشحاتين وهي كوميديا غنائية مقتبسة عن أوبرا القروش الثلاثة لبرشت و"الشحاذ" لجون جاي من إخراج جلال الشرقاوي.

تجددت معاناة نجيب سرور بشدة في العام 1971 عندما كتب وأخرج العمل المكرس لمذابح أيلول الأسود في الأردن بعنوان الذباب الأزرق في قالب الكوميديا السوداء، إذ منع عرض هذه المسرحية من قبل أجهزة الرقابة في القاهرة. ثم كتب في العام 1974 المسرحية الشعرية منين أجيب ناس وقد عرضت في نفس العام أعقبها بمسرحية نثرية لم تعرض وتحمل العنوان النجمةْ امُّ ديل ثم بالدراما الشعرية المقتبسة عن مسرحية هاملت لشكسبير وحملت العنوان "أفكار جنونية في دفتر هملت". معظم أعمال نجيب الدرامية طبعت ونشرت بشكل فردي وكذلك ضمن مجموعة الأعمال الكاملة التي صدرت عام 1997.

أغلب أعماله الشعرية كتبها فرادى خلال فترات متباعدة ثم جمعها في دواوين أو مجموعات. فالمجموعة الشعرية "التراجيديا الإنسانية" كتب بعض قصائدها في مصر منذ 1952 وضمنها قصائد أخرى كتبها في موسكو قبل سفره إلى بودابست وقد أصدرتها "المصرية للتأليف والنشر والترجمة" عام 1967. والمجموعة الشعرية "لزوم ما يلزم" كتب قصائدها في هنغاريا في العام 1964 وصدرت في العام 1975.

أما أعماله الشعرية في موسكو وبودابست (1959 – 1963) والتي سمَّـيت في مجموعها عن الوطن والمنفى فلم تـُنشر. إذ كتب نجيب سرور رباعيات وقصائد هجائية باللغة الشعبية المصرية ضمنها غيظه وحقده على الكذب والنفاق والخداع الذي اتسمت به السياسة العربية بعد حرب يونيو/ حزيران من عام سبعة وستين واستهجانه للمثقفين العرب الذين صمتوا عن قول الحقيقة أو باعوا أنفسهم لدوائر السياسة وكذلك رفضه لتحولات مجتمعية رآها تنتشر حوله.

في فترة السبعينيات واجهت نجيب سرور ظروف قاسية للغاية وصل فيها اضطهاده وفصله من عمله مدرسًا في أكاديمية الفنون في القاهرة إلى التشرد المأساوي مما حفزه، وهو الإنسان الذي يكره الصمت والخنوع والاستسلام، على كتابة قصائد الساخنة انتقد فيها بشكل لاذع سياسة حكومة أنور السادات تجاه الوطن والشعب وخاصة قمع الحريات العامة وحرية التعبير والتسلط على المثقفين والتنكيل بالمواطنين. تحاملت أجهزة السلطة في حينها على الشاعر فلفقت له التهم المختلفة وساقته إلى مستشفى الأمراض العقلية. وقد تكرر ذلك سعيًا من السلطة لتحطيم نفسية نجيب سرور.

فكتب نجيب سرور ما بين 1969 و 1974 قصائد هجائية في قالب الرباعيات سجل فيها ما رآه قلبا للأحوال وسيادة النفاق والتصنع وتحكم التافهين بشروط معيشة وإبداع الموهوبين، بلغة تعد فاحشة وإباحية بكثير من التصريحات الجنسية وكلمات السباب. عرفت في مجموعها بعنوان كس أميات، إلا أن من يرونه عنوانا محرجا يؤثرون لأجل تلافي الحرج في معرض حديثهم عن أعمال سرور الإشارة إليها باسم الأميات.

ورغم شهرتها فإنها تعد أقل أعمال نجيب سرور قيمة فنية، وأقربهم إلي الصراخ العصبي الذي أصاب نجيب بعد الإحباط النفسي والإفلاس المادي. ولم تنشر القصائد في حياته لكن تسجيلا صوتيا وهو يلقيه في جلسة خاصة نسخ وانتشر. إلى أن نشر ابنه شهدي نجيب سرور على الوب عام 1998 أجزاء منه مما كان سببا في ملاحقته القانونية[1] وهروبه إلى روسيا حيث يعيش الآن.

في عام 1978 صدرت له "بروتوكولات حكماء ريش" وهي عبارة عن أشعار ومشاهد مسرحية و"رباعيات نجيب سرور" التي كان قد كتبها بين عامي 1974 و1975.

استمر إنتاج نجيب سرور حتى وفاته فقد كتب ديوان الطوفان الكبير وديوان فارس آخر زمن عام 1978 ولكنهما لم ينشرا حتى صدرت أعماله الكاملة في العام 1997.

عمله النقدي

لنجيب باع كبير في النقد الأدبي والمسرحي. فبالإضافة إلى عمله الكبير رحلة في ثلاثية نجيب محفوظ هناك الكثير من المقالات النقدية مثل "تحت عباءة أبي العلاء" و"هكذا قال جحا" و"حوار في المسرح" و"هموم في الأدب والفن" وغيرها مما لم ينشر في حينه أو نشر في الصحف والمجلات المصرية واللبنانية وغيرها.

مع بدايات نجيب سرور تجد نفسك أمام فنان مرهف الإحساس محب لجميع الناس، صدره واسع، ربما عصبي المزاج أحيانا ً ولكنه ظريف ومرح غالبًا، وفي نفس الوقت تدرك الرصيد الثقافي الكبير عند شاعرنا الذي لا يوفر فرصة للربط الفلسفي والتاريخي وسرد الشواهد من التاريخ والأسطورة ليثبت ما يريد أن يقول.

فرؤية نجيب لما خلف الصور التي تبدو لنا عادية أوصلته إلى حقائق كان من المستحيل نيل قناعة المعنيين بها في ذلك الوقت ولكن الحياة أثبتت صحتها. فلنقرأ ما قاله في قصيدته الشهيرة المسيح واللصوص بعد تعرفه على الكثير من خلفيات الأمور في هنغاريا، البلد الاشتراكي الأوروبي وقد تغلغل النفوذ الصهيوني في صفوف حزبه وحكومته والتي يتهم فيها المسيح بالتساهل والتسامح مع اللصوص مما أعطاهم الفرصة للاهتمام بمصالحهم والمتاجرة بنفس شعارات المسيح عدوهم.

توفي نجيب سرور في 24 أكتوبر 1978 بمدينة دمنهور بمصر عن ستة وأربعين عامًا. فأثار رحيله المبكّر اكتئابًا في نفوس محبيه من الأدباء والفنانين والمفكرين والمناضلين والمكافحين.

من أعماله

اقرأ نصاً ذا علاقة في

نجيب سرور


  • شجرة الزيتون
  • يسين وبهية
  • آه ياليل ياقمر
  • ميرامار: التي اقتبسها من رواية نجيب محفوظ واخرجها بنفسه لفرقة المسرح الحر عام 1968 على مسرح الزمالك.
  • التراجيديا الانسانية
  • لزوم ما يلزم
  • بروتوكولات حكماء ريش
  • رباعيات نجيب سرور
  • الطوفان الثاني
  • فارس آخر زمن
  • أعمال شعرية عن الوطن والمنفى
  • رسائل إلى صلاح عبدالصبور
  • عن الانسان الطيب
  • رحلة في ثلاثية نجيب محفوظ
  • حوار في المسرح
  • هموم في الادب والفن
  • تحت عباءة ابي العلاء
  • هكذا قال جحا


قائمة بأعمال نجيب سرور الشعرية

انظر: أعمال نجيب سرور

التراجيديا الإنسانية

مجموعة شعرية كتبها بين 1952 و 1959 . صدرت عن " دار المصرية للتأليف و الترجمة و النشر " عام 1967 بالقاهرة .


  • لزوم ما يلزم

مجموعة شعرية كتبها في بودابِست عام 1964 ، صدر أول مرة عن " دار الشعب " عام 1975 بالقاهرة .

رباعيات وقصائد هجائية كتبها نجيب سرور بين 1969 و 1974 ، نشرت بالإنترنت عام 1998 .

أشعار ومشاهد مسرحية ، كتبها و صدر عن مكتبة مدبولي بالقاهرة عام 1978 .

ديوان كتبه بين 1974 و 1975 ، صدر بمكتبة مدبولي عام 1978 .


الطوفان الثاني

ديوان كتبه عام 1978 بالقاهرة ، تضمنه المجلد الرابع من أعماله الكاملة عام 1997 .


فارس آخر زمن

ديوان كتبه عام 1978 ، تضمنه المجلد الرابع من أعماله الكاملة عام 1997 .


أعمال شعرية عن الوطن و المنفي

ديوان كتبه فيما بين 1959 و 1963 و لم ينشر .


رسائل إلي صلاح عبد الصبور

كتبها في موسكو بين 1959 و 1963 و لم تنشر .


عن الإنسان الطيب

ديوان كتبه في موسكو فيما بين 1959 و 1963 و لم ينشر .

وصلات خارجية

يمكن مطالعة أعمال نجيب سرور الشعرية في هذا الموقع http://www.wadada.net/surur/ او : http://www.arabtimes.com/sror.htm

الهامش

  هذه بذرة مقالة عن حياة شخصية تحتاج للنمو والتحسين، فساهم في إثرائها بالمشاركة في تحريرها.