انكار التثليث

(تم التحويل من معاداة التثليث)
من سلسلة مقالات عن
المسيحية
Jesus Christ is the central figure of Christianity.

الأسس و العقائد
يسوع المسيح
الثالوث الأقدس (الأب ، الابن ، الروح القدس)
كرستولوجيا· الكتاب المقدس·
علم اللاهوت المسيحي. قانون الإيمان
تلاميذ المسيح· الكنيسة· ملكوت الله· إنجيل
تاريخ المسيحية· الخط الزمني

الكتاب المقدس
العهد القديم· العهد الجديد
الوصايا· عظة الجبل
الولادة· قيامة يسوع· الإرسالية الكبرى
الوحي· الأسفار· القانون· أبوكريفا
التفسير· السبعينية· الترجمات

الثيولوجيا المسيحية
تاريخ الثيولوجيا· الدفاع
الخلق· سقوط الإنسان· الميثاق· الشريعة
النعم· الإيمان· الغفران· الخلاص
تقديس· تأله· العبادة
علم الكنيسة· الأسرار المقدسة· الأخرويات

التاريخ
المبكرة· المجامع المسكونية· العقائد
الانشقاق· الحملات الصليبية· الإصلاح البروتستانتي

مسيحية شرقية
أرثوذكسية شرقية· أرثوذكسية مشرقية
مسيحية سريانية· كاثوليكية شرقية

مسيحية غربية
كاثوليكية غربية · بروتستانتية
كالفينية · معمدانية · لوثرية
أنگليكانية· تجديدية العماد
إنجيلية · ميثودية . مورمونية
أصولية · ليبرالية · خمسينية
كنيسة الوحدة · . شهود يهوه
علم مسيحي . توحيدية . الأدفنتست
مواضيع مسيحية
الفرق· حركات· محاولات التوحيد المسيحية
موعظة· الصلاة· موسيقى
ليتورجيا· افخارستيا· الرهبنة· تقويم· الرموز· الفن

شخصيات مهمة
رسل المسيح الاثنا عشر. الرسول بولس
آباء الكنيسة. قسطنطين. أثناسيوس· أوغسطينوس
انسيلم· الأكويني· بالاماس· ويكليف
لوثر· كالفن· جون ويزلي

بوابة المسيحية

انكار التثليث Nontrinitarianism (أو معاداة التثليث antitrinitarianism) يشير إلى أنظمة معتقدات توحيدية ، أساساً ضمن المسيحية، والتي ترفض عقيدة التثليث المسيحية، وبالتحديد، تعليم أن الرب هو ثلاث أقانيم hypostases أو أشخاص مميزة إلا أنها متشاركة في الخلود، ومتساوية ومتحدة دون قابلية للانفصال في جوهر واحد أو ousia.

وحسب الكنائس التي تعتبر قرارات المجامع المسكونية نهائية، فإن التثليث قد تم تعريفه بشكل لا يقبل الدحض في المجمع المسكوني الأول (مجمع نيقيا) في 325 م.[1] ويختلف منكرو التثليث مع قرارات المجمع لأسباب مختلفة، منها اعتقاد أن الكتاب المقدس كما يفهموه يأخذ الأولوية قبل العقائد، أو أنه كان يوجد ردة كبرى قبل المجمع. وقد قمعت الكنيسة والدولة في اوروبا المعتقد المنكر للتثليث كبدعة من القرن الرابع وحتى القرن 18.[2][3][4][5] واليوم، يمثل منكرو التثليث أقلية ضئيلة بين المسيحيين المتمسكين بدينهم.

تتباين، بشكل واسع، وجهات النظر المنكرة للتثليث حول طبيعة الأب، يسوع، والروح القدس. وقد تواجدت وجهات نظر منكرة للتثليث، مثل Adoptionism، Monarchianism والأريوسية، قبل التعريف الرسمي لعقيدة التثليث في 325، 360، و 431 م، في مجامع نيقيا، القسطنطينية، وإفسوس.[6] وقد تجدد انكار التثليث لاحقاً في غنوصية الكاثار القرون من الحادي عشر وحتى الثالث عشر، وفي عصر التنوير في القرن 18، وفي بعض الجماعات التي نشأت أثناء الصحوة الكبرى الثانية في القرن 19.

الجماعات أو الطوائف الحديثة المنكرة للتثليث تضم Christadelphians, علماء المسيحية, كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة (المورمون), طلاب فجر الكتاب المقدس ، أصدقاء المؤتمر العام، كنيسة ني كريستو، شهود يهوا ، لا لوز ديل موندو ، كنيسة الله الحي ، وحدانية العنصرة ، أعضاء كنيسة الله الدولية، ديانة الموحدين المسيحيين والكنيسة المتحدة لله. الإسلام، الذي يعتبر يسوع نبياً ولكن ليس مقدساً،[7] هو منكر للتثليث حين يُقارَن بالمسيحية: فتعاليم الإسلام تقضي بأن الله واحد أحد (انظر الرب في الإسلام[8] بل ويتميز أكثر في انكار التثليث في عدة آيات بالقرآن تقول بأن القول بالتثليث هو كفر.[9]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خلفية

الكلمتان المضللتان اللتان نود التوقف أمامهما كثيرا فهما كلمة heresy وترجمتها الحرفية هرطقة وكلمة atheist وترجمتها الحرفيه ملحد. فمن المفهوم أن شخصا ما عندما يصف آخر بالكفر فإنه يعنى أنه غير مؤمن بما يؤمن به هو. وهكذا فالبوذي بالنسبة للزرادشتي كافر أو ملحد، والزرادشتي بالنسبة للبوذي كافر أو ملحد، والهندوسي بالنسبة للمانوي كافر أو ملحد، والعكس بالعكس، وهكذا يتحدث كل شخص من خندقه أو من منطلقه أو من خلفيته الثقافية هو، وعلى ذلك فعندما أقرأ في كتاب أوروبي أن جماعة ما أو شخصا ما من الملحدين أو من الهراطقة فإن هذا يتطلب مني أن أعرف خلفية المؤلف الدينية والثقافية ولا أكتفي بنقل الكلمة حرفيا، وانتهى الأمر. فمن هم الهراطقة الذين نقرأ عنهم في التاريخ الأوربي؟ إنهم الذين أنكروا التثليث، وقالوا إن الله واحد أحد One Sole وليس ثالث ثلاثة، فاعتبرتهم المذاهب المسيحية الأخرى كلها هراطقة، بينما اعتبروا هم أنفسهم من المسيحيين الحقيقيين، وجرى العرف في كتب التاريـخ الأوربـي كلها علــى أنهم "هراطقة"، وأن مذهبهم هو الهرطقة herecy بعينها، وترجم المترجمون العرب هذه الكلمة على علاتها. فهل هذا بالنسبة لي أنا كمسلم صحيح؟ أمن يقول إن الله واحد مسيحي مهرطق ومن يقول إن الله ثالث ثلاثة مسيحي صحيح المسيحية؟. الترجمة ليست نقلا من حرف إلى حرف أو من كلمة إلى كلمة أو حتى من لغة إلى لغة، وإنما هي نقل من ثقافة إلى ثقافة، وإلاّ أدّى الأمر إلى أن يفهم القارىء العربي عكس المطلوب. المهم أن هؤلاء المناهضين للتثليث تعرّضوا لأذى شديد فتشتتوا ودخلوا في المذاهب المسيحية الأخرى، وظلوا محتفظين بعقيدتهم سرا، وظل وجودهم مستمرا منذ القرن السادس عشر، وها نحن نقابلهم مرة أخرى في أثناء الثورة الفرنسية، فوصفهم مسيحيون آخرون بأنهم هراطقة، ووصفت الثورة الفرنسية بأنها ثورة هراطقة، وليس الأمر كذلك، ولجدة هذه الأفكار ربما حتى بالنسبة لبعض المثقفين، نورد فيما يلي المبحث التالي الذي نشرته إحدى الدوريات المتخصصة:

>.. اتهم الكاثوليك لوثر ورفاقه بالخروج على المسيحية واتهم البروتستنت الكاثوليك بأنهم ليسوا على المسيحية الصحيحة، ولكن الطرفين - الكاثوليك والبروتستنت - تعاونا معا في إحراق جماعة أخرى واضطهادها، هي الجماعة المناهضة للتثليث. وهي تشكل حركة بكل معاني الكلمة في التاريخ الأوروبي، وتشير لها مراجع التاريخ الأوروبي العام، وتاريخ الأديان التي كتبها أوروبيون تحت عنوان شامل، هو الهراطقة والهرطقة. وتشير الكتب العربية التي تناولت التاريخ الأوروبي إلى هذه الحركة بالتسمية نفسها التي تسميها بها المراجع الأوروبية، وهذا خطأ واضح. وقد اعتمد في هذا البحث على وثائق منشورة ومصادر أصلية. ولعل هذا البحث يكون فاتحة لبحوث أخرى عن هذه الحركة المجهولة، مكتوبة من وجهة نظر عربية إسلامية.

المعروف أن القرن السادس عشر في أوروبا قد شهد حركة شهيرة عرفت بحركة الإصلاح الديني، نتج عنها مذهب جديد، عرف بالمذهب البروتستني، منشقا عن كنيسة روما الكاثوليكية. وكان الكاثوليك وكنيستهم يسمون هؤلاء المعترضين البروتستنت هراطقة أو مبتدعين. وقد شغل هذا الصراع بين البروتستنت والكاثوليك مساحة كبيرة في كتب التاريخ الأوروبي، وهو جدير بهذه المساحة وأكثر. فقد شارك هذا الصراع في صياغة خريطة أوروبا المعاصرة. فالصراع بين الكاثوليك والبروتستنت كان أحد أسس ثورة الأراضي المنخفضة التي نتج عنها قيام كيانين: هولندا فبلجيكا. وهذا الصراع نفسه هو الذي أصل وعمق استقلال سويسرا، مما أدى إلى اعتراف مجتمع الدول الأوروبية بها في النهاية كدولة مستقلة سنة 1648م في صلح وستفاليا. وهذا الصراع نفسه هو الذي صاغ تاريخ إنجلترا (بريطانيا فيما بعد)، فلا أحد إذن يقلل من أهمية حركة الإصلاح الديني التي تزعمها لوثر أولا وتلاه زونجلي فكلفن. تلك العصبة التي أطلق عليها الكاثوليك اسم الهراطقة أو المبتدعين.

وهذه الحركة الإصلاحية التي تزعمها لوثر، فزونجلي وكلفن بعده اختلطت فيها العوامل الاقتصادية والسياسية الاجتماعية والدينية، فقد أزكاها رغبة الأمراء الألمان في الاستيلاء على أملاك الكنيسة الكاثوليكية في مقاطعاتهم. كما أزكاها رغبة الامبراطور في عدم تدخل البابا في شؤونه. كما أن رغبة الملك الإنجليزي هنري الثامن في طلاق زوجته، كانت أحد العوامل في تبنيه منهجا إصلاحيا وخروجه على البابا، لكن الباحثين في التاريخ الأوروبي يغفلون أو يشيرون على استحياء إلى حركة إصلاحية دينية من نوع آخر زامنت وواكبت حركة مارتن لوثر، تلك هي حركة الموحدين Unitarians أو المناهضين للتثليث. ولقد حظي هؤلاء الموحدون باتهامات من الكاثوليك والبروتستنت معا. وحركة الموحِّدين الأوروبيين تلك حركة دينية خالصة، وإصلاح ديني خالص لم تختلط فيها الأطماع السياسية والاقتصادية والاجتماعية. بدليل أن هذه الحركة اتخذت شكل المناظرات والمناقشات الفكرية في الغالب الأعم، ولم يلجأ القائمون عليها إلى عقد محالفات مع أمراء أوروبا، أو لم ينجحوا في ذلك. كما أنهم اتخذوا إنشاء المدارس والكليات طريقا لبث دعوتهم كما سيتضح من ثنايا هذا البحث. كما أن عددا كبيرا من المنخرطين في سلك هذه الدعوة كانوا من العلماء الأفذاذ في مختلف المجالات. وتلك الحركة هي موضوع هذا البحث الذي أرجو أن يكون بداية تعقبها بحوث أخرى.


إرازم والبداية

كانت بداية إثارة الأفكار المناهضة للتثليث في التاريخ الأوروبي الحديث على يد أحد رواد الحركة الإنسانية في القرن السادس عشر، ونعني به إرازم Erasmus. لقد أقدم إرازم على الرجوع إلى نسخ عديدة من الإنجيل باللغة اليونانية ولم يكتف بالرجوع إلى الترجمات اللاتينية المتاحة. وشرع يترجم من اليونانية مباشرة إلى اللاتينية. وقرر إرازم أنه وجد في النص الإنجيلي الشائع على أيامه كثيرا من الأخطاء الواضحة. والأهم من هذا أنه عندما أصدر الإنجيل الذي ترجمه، والإنجيل اليوناني الذي حققه من نسخ عديدة سنة 1516م أسقط منه العبارات المتعلقة بالتثليث أو على حد تعبير " دائرة معارف الدين والأخلاق" His omission of the famous Trinitarian verse" Encyclopedia of Religion and Ethic ولم يكن من الممكن للرأي العام المسيحي وقتها أن يعتبر هذا خطأ غير مقصود أو سهوا أو خللا طباعيا، خاصة وأن من جملة الأفكار الأساسية التي كان يرددها الإنسانيون ومن بينهم إرازم في ذلك الوقت أنه ينبغي أن ينفض العالم المسيحي كل ما يظن أنه دخيل على المسيحية. وأنه من الضروري الرجوع للأصول الأولى قدر الممكن. كما كان من الآراء التي يرددها إرازم أن الإنجيل (العهد الجديد) الشائع على أيامه زاخر بالأخطاء اللغوية والأخطاء في المعاني الناتجة عن عدم فهم فيلولوجية اللغتين اليونانية واللاتينية. ورغم أن إرازم قد خاطب البابا ليو العاشر بشأن التناقض في الترجمة الإنجيلية المعتمدة عند الكنيسة الكاثوليكية Vulagate's discrepancies برقة وأدب شديدين، إلا أن هذا لم يقلل من خطورة ما أقدم عليه بنشر نص يوناني للإنجيل يختلف في بعض معانيه مع النص اللاتيني المعتمد. ورغم أن إرازم لم يهاجم عقيدة التثليث، إلا أن نشره لنص إنجيلي خال من الإشارة إليها جعل الأعمال التي راحت تنكر فكرة التثليث بشكل مباشر تتوالى تباعا، حتى اتخذت شكل حركة بكل معاني الكلمة، تفاعلت بها أوروبا كلها، حتى أنها في تأثيرها الديني لم تكن تقل خطرا وأهمية عن حركة مارتن لوثر ورفاقه وإن كانت آثارها السياسية أقل قيمة. لقد كتب مارتن سيلاريوس Martin Cellarius (1499-1564) الذي كان تلميذا ليوحنا رخلن Reuchlin، وكان أيضا تابعا وصديقا لمارتن لوثر، مهاجما فكرة التثليث. وفي 1527م أيد آراءه هذه بكتاب نشره في ستراسبورج Strasbourg أسماه De Operibus Dei.


ظهور سرڤتوس وإحراقه

على أن المفكر الأكثر أهمية وشهرة ووضوحا في هذه الحركة المناهضة للتثليث هو سرڤتوس (1151 - 3551) Servetus الذي أصدر كتابه الشهير "خرافة التثليث" De Trinitatis Erroribus سنة 1531م. وعلى إثر ذلك "بدأ هياج ولغط كبير بين المعلمين ورجال الدين والمحامين وعلماء الطبيعة والرياضيات ورجال العلم والأدب... لقد أصيب الجميع بحالة عدم توازن فكري were all astire . لقد رحلوا من مكان إلى مكان بحثا عن الحقيقة وانخرطوا في مناقشات صاخبة. وذهبت أفكارهم كل مذهب. ففي نابلي Naples كان الشاب الإسباني يوحنا فالدز John Voldes قد كون جماعة دينية ضم إليها النبيلات لدراسة الكتاب المقدس وإعادة النظر فيه. وظلت الجمعية قائمة حتى وفاته سنة 1541م". وفي 1539م وجد ميلانشتون Melanchthon أنه من الضروري أن يحذر من انتشار أفكار سيرفيتوس على نطاق واسع في شمال إيطاليا. ثم ظهر برنارد أوشينو Bernard Ochino (1487-1565) الذي عبر سويسرا واتجه إلى لندن، وكان يحارب فكرة التثليث بكل قواه. وفي 1539م تم إحراق كاترين فوگل Catherine Vogel وكانت زوجة جواهري، وكانت في الثمانين من عمرها وذلك لاعتقادها كما جاء في قرار الاتهام "بوجود إله واحد لا شريك له، خالق كل شيء، ما نراه وما لا نراه ولا يمكن للعقل البشري أن يحيط به".

ولما كان سرڤتوس Migel Servetus أكثر أفراد الحركة المناهضة للتثليث صخبا في هذه الفترة وكان له من الثقل العلمي ما يجعله جديرا بالاهتمام، لذلك لا بد أن نتوقف لاستعراض ظروفه وأهم أفكاره خاصة وأن كتب تاريخ الهرطقة فد أفردت له فصولا مستقلة. ورغم أن مؤلف كتاب "حق الهرطقة" يصفه بأنه شخص لم يكن على قدر فائق من الذكاء وأنه كان مضطرب الشخصية سيىء التنظيم،إلا أنه يعود فيقول عنه إنه كان ذا عقل قوي. ويزعم مؤلف كتاب "حق الهرطقة" أن سيرفيتوس لم يتفوق في علم من العلوم مع أنه درسها جميعا. فقد درس الفلسفة والطب واللاهوت؛ إلا أن المؤلف يعود فيقول إن له ملاحظات واكتشافات طبية رائدة.

لقد كان سيرفيتوس يعتقد أن لوثر وكلفن وزونجلي لم يكونوا حاسمين بما في الكفاية فيما يتعل بعقيدة التثليث the dogma of the trinity كما أنهم لم يطهروا الإنجيل cleansing على حد قوله من هذه الفكرة الخاطئة. بل لقد أعلن سيرفيتوس أن مجمع نيقية Council of Nicaea قد قرر عقيدة التثليث على نحو خاطىء وقد أكد سيرفيتوس إنكاره لفكرة التثليث في عدة كتب أصدرها تباعا، وترجمت للإنجليزية حاملة العناوين التالية:

  • Seven Books on the Errors of the Trinity (1531).
  • Two Dialogues on the Trinity (1532).
  • The Restoration of Christianity (1535).

لقد تملكت الأفكار المناهضة للتثليث عقل سيرفيتوس وقلبه فلم يكتف بدعوة الناس العاديين لها، وإنما راح ببراءة يزور كل رجال الدين ليقدم لهم براهينه. كما راح يزور كل علماء عصره لهذا الغرض. ففي ستراسبورج Strasbourg زار كلا من رجال الدين المشهورين: مارتن بوسر Bucer وكابيتو Capito .... الخ، وفي بازل Basle زار اوكلامباديوس Oecolampadius ليحثه على إصدار بيان أو كتاب عن تهافت عقيدة التثليث وخطئها وأنها مقحمة على المسيحية الحقة. وكان رد فعل رجال الدين المسيحي من الكاثوليك والبروتستنت على السواء عنيفا ضد سيرفيتوس ووصفوه جميعا بأنه(مبعوث الشيطان) ويذكر تسايفج Zweig مؤلف كتاب الهرطقة أن أوكلامباديوس Oecolampadius قد طرد سيرفيتوس على نحو ما "يطرد كلب أجرب" وقد قرر أوكلامباديوس بأن سيرفيتوس ما هو إلا "يهودي أو تركي(ü). وهو كافر يجدف على الله." وحذر ونجلي أتباعه من أفكار سيرفيتوس ذاكراً أن اتباعه سيخسرون عقيدتهم المسيحية. أما بوسر Bucer فقد أعلن أن سيرفيتوس هو "ظل الشيطان" ولما يئس سيرفيتوس من إقناع الخاصة من رجال الدين توجه بدعوته إلى الجماهير فأصدر كتابه الذي سبق أن أشير إليه وهو "خرافة التثليث" بعد أن أنفق كل ما يملك لطبعه. وأعلن سيرفيتوس بوضوح أن الكاثوليكية والبروتستنتية كلاهما هراء. وظن سيرفيتوس أنه سيجد خيرا عند كالفن فراح يراسله مراسلات ضافية زاخرة بالمسائل اللاهوتية. ولكن كالفن حقد عليه حقدا شديدا، لا لأسباب دينيه فحسب وإنما لأسباب شخصية أيضا. فلم يكن سيرفيتوس يخاطبه على أنه زعيم ديني كبير. كما أنه وجه نقدا لكتابات كالفن واصفا إياها بأنها كموضوعات الإنشاء التي يكتبها الصبية. وفي آخر خطاب من سيرفيتوس لكالفن ذكر له ما نصه: " أنا شيطان؟ أنا أقترح ألا تكون بيننا مكاتبات بعد الآن. أعد إلي مخطوطاتي وكل مالي طرفك. ولكن إذا كنت تعتقد بصدق أن البابا ليس مسيحياً حقيقيا، فيجب أن تعرف أيضا أن التثليث وتعميد الأطفال هراء... إنها عقائد فاسدة".

ورغم أن سيرفيتوس ظل هادئا بعد ذلك لبضع سنوات إلا أن حقد كالفن عليه لم ينته وراح يدبر لاستدراجه لجنيف ذاكر أنه لو دخلها فلن يخرج منها حيا. وراسل كالفن البروتستني بعض الكاثوليك في فرنسا حيث كان يقيم سيرفيتوس مذكرا إياهم بهرطقته، وتآمر رجال الدين في ليون مع رجال الدين البروتسنت في جنيف على هذا "الطبيب المجدف" على حد تعبيرهم. وقد تم سجن سيرفيتوس في فرنسا، ولكنه فر من سجنه متوجها إلى جنيف وكأنه يسعى إلى حتفه بنفسه. ودخلها في 13 أغسطس 1553م. وتوجه إلى كاتدرائية سانت بيير St.Pierre فأصدر كالفن أمره بالقبض عليه. وسجن سيرفيتوس ولاقى في سجنه كل أنواع العنت، ويبدو أن آراء سيرفيتوس كانت قد بدأت تنتشر مما أفزع كالفن لدرجة أنه كان في حاجة إلى مراسلات يرسلها في كل اتجاه ليحصل على دمغ لآراء سيرفيتوس قبل إحراقه. وفي 26 أكتوبر 1553م قرر مجلس مدينة جنيف بالإجماع وبتحريض من كالفن إحراق سيرفيتوس حياً. وتقدم بعض أصدقائه منه وهو على المحرقة طالبا منه العدول عن آرائه في رفض التثليث، ولكنه أبى.

وهكذا تناقض البروتستنت مع أنفسهم. ووقعت الحركة الإصلاحية في الأخطاء نفسها التي وقع فيها أعداؤهم الكاثوليك. لقد كان الإصلاحيون البروتستنت ينظرون للمسألة الدينية من وجهة نظر أساسية وهي أن العلاقة بين الإنسان وربه يجب أن تكون حرة ومباشرة إذ يجب أن يكون الإنسان حراً ومسؤولا مسؤولية مباشرة أمام ربه وحده ودون وساطة من بشر. "إلا انهم بإحراقهم الجماعات المناهضة للتثليث يكونون قد تدخلوا بين الإنسان وربه".

ورغم أن الحركة الإصلاحية البروتستنتية كانت تعيب على الكنيسة الكاثوليكية عدم تسامحها وإجبارها الناس على معتقدات لا يريدونها واتخاذها أساليب العنف والإحراق ضد مخالفيها، إلا أن البروتستنت أنفسهم كما رأينا سرعان ما اتخذوا الأساليب نفسها التي كانوا يمجونها من قبل. خاصة ضد الموحدين أو المناهضين للتثليث.

وقد لاحظ بعض الباحثين في مقارنة الأديان أن " نظرة الإسلام السني تشبه على نحو ما نظرة أتباع الحركة المناهضة للتثليث Unitarianism ورغم أن سيرفيتوس كان واحدا من كثيرين قالوا بعدم التثليث إذ أن القائلين بهذه الأفكار كانوا يشكلون حركة - إلا أن شهرته واحتفاء المراجع به ترجع إلى أن الرجل لم يكن نكرة في عالم الدين والعلم. فهو عالم وطبيب ولاهوتي من أصل إسباني ودارس متعمق للقانون. لقد كان قمة من قمم العلم في القرن السادس عشر. ولا يخلو كتاب من كتب تاريخ العلوم من الإشارة إليه، فقد ترجم كتاب الجغرافيا لبطليموس Ptolemy's Geography وهو أحد المكتشفين الكبار لتركيب الدم وحركة الدم في الرئة the pulmonary circuiation of the blood كما كان عالما في مجال التشريح ووظائف الأعضاء، ورغم إحراق سيرفيتوس فإن أفكاره لم تمت. فسرعان ما دافع عن أفكاره صديقه عالم النبات ليوناردفكس Leonard Fucks ولعل كون سيرفيتوس من أصل إسباني، بالإضافة لاتهام أعدائه له بأنه تركي أو متأثر بالترك، لا يجعلنا نستبعد تأثيرات إسلامية على تفكيرة كما لا نستبعد بالقدر نفسه أن تكون أفكاره هذه مستقاة من أصول إنجيلية صحيحة، خاصة وأن وجهة النظر الإسلامية تشير من خلال القرآن الكريم إلى أن المسيحية في بدايتها كانت من أديان التوحيد الخالص.

والواقع أنه عندما أحرق أهل جنيف سيرفيتوس أحرقوا معه كل طبعات كتبه فيما عدا نسخاً قليلة وتكفلت محاكم التفتيش بإحراق النسخ التي كان بعض الناس يحتفظون بها لأنفسهم، لهذا وجدنا المراجع تختلف اختلافا شديدا فيما ذهب إليه سيرفيتوس. ففي حين نجد بعض الباحثين يذكرون أن سيرفيتوس لم يجعل المسيح (عليه السلام) إلها، وأنه قد وضعه في مرتبة أقل مما يضعه سائر المسيحين، نجد مراجع أخرى تذكر غير ذلك. إذ نجد أن مور Moore يذكر أن سيرفيتوس كان يعتقد أن المسيح نفسه هو الله، ثم يعود الكاتب نفسه فيورد نصا لاتينيا يستخلص منه أن سيرفيتوس قد وضع المسيح(عليه السلام) في مرتبة أقل، ويذكر باحث آخر أن سيرفيتوس كان باختصار ينكر قدسية المسيح. ولسنا نجد تفسيرا لموقف الذين قالوا إن سيرفيتوس ذكر أن المسيح نفسه هو الله، إلا أنهم بعد إحراق الرجل أرادوا أن يخففوا التهمة الموجه إليه، على اعتبار أن إنكار ألوهية المسيح، هو أقصى درجات الكفر بالنسبة للمجتمع المسيحي، سواء كان كاثوليكياً أم بروتستنتياً. ولما كان سيرفيتوس أحد علماء عصره، ومخافة أن يتأثر بأفكاره الدينية قوم آخرون، لذا جرى تشويه هذه الآراء. وتلك مسألة معروفة في التاريخ الكنسي خاصة، وتاريخ الفكر عامة، ولا نعدم شبيها لهذا في تاريخ الفكر الإسلامي إذ كثيرا ما شوه أعداء الإسلام أفكار بعض مفكريه بعد مماتهم. على كل حال، لقد كان ميلانشتون، ساعد مارتن لوثر الأيمن، قد كتب إلى كالفن ذاكرا أن سيرفيتوس يستحق كل عقاب، وأنه - أي ميلانشتون - يوافق على أي عقاب ينزل به. والواقع أن كالفن لم يكن يطيق المختلفين معه في الرأي، فقد أجبر على سبيل المثال لاهوتياً آخر على مغادرة جنيف وهو كاستليو Sebastian Castellio فتركها له سنة 1544م. ومهما يكن من أمر فقد رفضت الكنائس الأوروبية اعتبار المناهضين للتثليث مسيحيين بينما اعتبروا هم أنفسهم المسيحيين الحقيقيين، ورأى عدد كبير من المسيحيين وهو عدد ليس بالقليل أن المسيح مجرد شخص مميز ورفضت الكنائس الأوروبية الرسمية ذلك.

تبلور حركة المناداة بالتسامح الديني نتيجة اضطهاد المناهضين للتثليث. يجمع الباحثون في تاريخ الأديان من الأوروبيين أن الأضطهاد الذي لاقاه المناهضون للتثليث من قبل الكاثوليك والبروتستنت على السواء هو الذي بلور المناداة بالتسامح الديني toleration ففي سنة 1551م أعلن كاستيلو Sebastian Castellio أنه لا ينبغي أن ترتكب الجرائم لفرض عقيدة ما فيجب أن تكون حرية الاعتقاد مكفولة. لقد اهتز الضمير الأوروبي نتيجة إحراق سيرفيتوس، وإحراق مسيحيين آخرين لا يدخلون تحت حصر بتهمة الهرطقة التي كانت تعني في المقام الأول إنكار التثليث. فرغم كلمات لوثر التي تنص على أنه" لا يجب استخدام العنف ضد الهراطقة وإنما علينا أن نهديهم بكلمات الله، فالهرطقة مسألة معنوية روحية لا يمكن أن نغسلها بنار الأرض ومائها". ورغم هذه الكلمات فقد تم إحراق ما لا يقل عن عشرة آلاف مسيحي في قرن واحد تحت شعار العقيدة الحقة. رغم أن لوثر نفسه كان قد أتهم بالهرطقة. ورغم هذا فإن البروتستنت لم يأخذوا العبرة من ذلك فشاركوا في إحراق كثيرين من بينهم نساء بل وأسر كاملة حيث كان يساق للحرق كل من الزوج والزوجة والأبناء وأبدى بعض المحرقين تمسكا وشجاعة فقد ذهبت امرأة للمحرقة كأنما هي "ذاهبة لعرسها" وأحضروا زوجة رجل وأولاده بالقرب منه قبيل احتراقه ليعود عن معتقده فرفض حتى ولو جعلوا له "ملء الأرض ذهباً" على حد قوله. وصرخ رجل وهو يحترق قائلا، "لقد أخفيتم حقيقة الانجيل فترة طويلة" وقد أورد براندت تفاصيل مذهلة عن حفلات النار هذه استغرقت من كتابه ذي القطع الكبير حوالي 40 صفحة، وكان يدخل ضمن الهراطقة الذين أحرقوا أولئك الذين يعارضون "سلطة البابا والمناهضون لتعميد الأطفال".


أشينو

ومن أقطاب الحركة المناهضة للتثليث برناردينو اوتشينو Bernard Ochino الذي حارب عقيدة التثليث بكل قواه على أساس أنه لم يجد لها سندا في الأصول الإنجيلية. ومن الأمور التي قال إنه لم يجد لها في الأصول الإنجيلية سندا مسألة تحريم تعدد الزوجات. إذ قال إنه مباح وإن العبارات الإنجيلية التي فهم خطأ منها المنع، يجب أن تحمل على سبيل المجاز وأن من فهم أن تعدد الزوجات ممنوع لا يفهم اللغتين اليونانية واللاتينية. ولقد اعتمد أوشينو في تفسيراته تلك على ترجمة كازيليو Casellio الإيطالية للإنجيل والتي رفضها كالفن. وبطبيعة الحال فقد حارب كل من الكاثوليك والبروتستنت آراء أوشينو عن تعدد الزوجات كما حاربوا إنكاره لفكرة التثليث.

ولم يكن برنارد أوشينو شخصا عاديا بعيدا عن علوم الدين المسيحي وإنما كان من أكثر رجال الدين شهرة في عصره مشهودا له "بطاقاته الروحية وبركاته" على حد قول مؤلف كتاب "الإصلاح الكاثوليكي" بير جانيل. وقد ترقى في السلك الكنسي إلى رتبة كاردينال سنة 1538م ولكنه سرعان ما فتن بالبروتستنتية فاعتنقها وظل فترة حائرا "بين العقيدة الصحيحة والهرطقة"، وكان له اتصالات بالحركة الإصلاحية الدينية في إنجلترا.

أما داڤيد يوريس David Joris (1501-1556) فقد ذكر في كتابة الموسوم باسم Wonder Book والصادر سنة 1542م أنه لا يوجد إلا "إله واحد أحد sole لا يُرى. وأنه لمـــن الحمق أن نتصوره في ثلاثة أشخاص أو ثلاثة ذوات أو نتصوره على هيئة ثلاثية".

لقد هاجر آلاف من معتنقي فكرة الإله الواحد من إيطاليا وفرنسا وإسبانيا هروبا بعقيدتهم إلى انجلترا خلال حكم هنري الثامن وكونوا كنائس أسموها كنائس الغرباء. وبهذه الهجرة دخلت الحركة في مرحلة أخرى إذ بدأت أفكارهم تتفاعل في شمال أوروبا وزاد من قوة الحركة دخول قسس معترف بهم من عامة المسيحيين فيها. ففي 28 ديسمبر 1548م طلع علينا القس الإنجليزي جون اشيتون John Assheton بقوله: "إن الروح القدس ليس هو الله وإنما هو قوة أرسلها الله وإن عيسى المسيح الذي تلقته مريم العذراء هو نبي مرسل مبارك. ولكنه أبدا لا يمكن أن يكون الإله الحي".

ولكـن حظ المناهضين للتثليث في إنجلترا لم يكن أفضل من حظهم في سواها، ففي إبريل 1548م عينت لجنة لبحث أمور الهراطقة، وقد مثل كثيرون من التجار وأصحاب الحرف أمام هذه الهيئة في شهر مايو من العام نفسه. وكانت التهمة الموجهة إليهم هي أنهم يقولون "لا تثليث وأن المسيح نبي وليس إلهاً البتة. وأن كل ما قدمه لنا المسيح هو أنه علمنا الطريق إلى السماء،" وقد نفذت فيهم أحكام قضائية تصل إلى السجن مدى الحياة.

الحركة السوسينية

ثم تمركز المناهضون للتثليث في بولندا خاصة منذ عام 1579م حيث كان لاستقرار سوسينوس Faustus Socinus الذي تحلق حوله الأتباع وعرف تفكيرهم في أوروبا بالتفكير السوسيني. وهو يعود في الأصل إلى أسرة إيطالية هي أسرة Sozini . وقد ذكر سوسيني في كتبه التي نشرها أن المسيح لا يمكن أن يكون إلها على الحقيقة. وقد حوربت السوسينية بضراوة وتم إغلاق كليتهم التي افتتحوها في بولندا وأجبرهم الكاثوليك على الرحيل فتشتتوا. وفي إنجلترا كان يحرم من الكنيسة كل من يعتنق هذه الأفكار كما صدر قرار بمنع جلب الكتب التي تحمل هذه الأفكار أو طبعها أو نشرها. هذا هو الموقف الرسمي من هذه الحركة في كل أنحاء أوروبا طوال القرن السادس عشر وفي مطلع القرن السابع عشر للميلاد. وقد حاول سوسينوس التوفيق بين الفرق المتنازعة داخل الحركة المناهضة للتثليث. وأهم أعمال سوسينوس والتي توضح فكره، كتابه The Racovian Cateckism الذي نشر سنة 1605م. وكانت راكو Rakow في بولندا هي مركز الحركة التي انتشرت انتشاراً كبيرا، وأسس أصحابها مدرسة لهم ضمت في وقت من الأوقات ألف طالب، كما أسسو مطبعة وأنشأوا مجمعا كنسياً يحضره السوسينيون في بولندا وترنسلفانيا يعقد سنويا. وفي القرن السابع عشر كان للحركة أتباع في ألمانيا نفسها، وكانت جامعة ألتدروف Altdrof University مركزا لنشاطهم العلمي. ولكن منذ 1632 نشط الكاثوليك في بولندا وأصبح لهم اليد العليا، خاصة بعد أن تولى الحكم الملك جون كازيمير John Casimir سنة 1648م، وهو كاثوليكي يسوعي وكان كاردينالا في الوقت نفسه فأجهز على السوسينين وألغى مؤسساتهم، فهربوا إلى الأراضي المنخفضة وبروسيا. وفـــي سنة 1648م صدر تشريع برلماني في إنجلترا باعتبار أفكار السوسينين جريمة كبرى. ولم يعتبر مؤرخو الكنسية الإنجليزية كنائس الحركات المناهضة للتثليث ضمن الكنائس الإنجليزية ولا حتى الكنائس المنفصلة عن الكنيسة الإنجليزية. أي أنهم لم يعتبروهم مسيحيين على الإطلاق. ويرجع بعض الباحثين أصول هذه الحركة للنهضة في إيطاليا ممثلة في إحياء التراث والعودة إلى المصادر والمنابع الأولى. ويوجز واحد من الباحثين في تاريخ الأديان الخطوط العامة لتفكير السوسينين فيقول: إنهم يعتقدون أن المسيح (عليه السلام) إنسان مميز وغير عادي أوتي الحكمة وفصل الخطاب، وهو نبي قدم لنا المعاني الحقيقية للتشريع والحياة الموعودة، وهم يؤمنون بمبدأ حرية الإرادة البشرية.

ورغم انحسار المد السوسيني نتيجة التشريعات المناهضة لهم، وحل مؤسساتهم إلا أن بعض الباحثين يذكر أنهم كانوا يعقدون اجتماعات على نحو سري، والتحق عدد منهم بالكنائس الكلفنية وراحوا يبثون عقائدهم سرا وبحذر شديد. ورغم قمع هذه الحركة فقد ظلت الكنيسة الكاثوليكية الأوروبية تخشى من انتشار أفكارها. لذلك بدأ بالنص على فكرة التثليث بعد ذلك في أسماء التجمعات الكنسية وركز الجهود الكنسية نشاطها بين المسيحيين التابعين للدولة العثمانية. وظل هذا واضحا حتى القرن الثامن عشر، بل والقرن التاسع عشر. ففي سنة 1807م تم إنشاء كاتدرائية الثالوث الأقدس Holy Trinity Cathedral وكان فونتو Battista Fonto Giovanni يتخذ من اسطنبول مقرا دائما ويعمل بحرية شبه كاملة بين كاثوليك الدولة العثمانية.

ورغم كل هذه الاحتياطات التي اتخذتها كنائس أوروبا ضد الأفكار السوسينية، فإنها لم تندثر، فقــد اعتنق المفكرون الإنجليز: جون بدل (1616-1662م) وجــون لوك (1632-1704م) وبرستلي (1733-1804م) وبلشام (1750-1829م) أفكارا لا تبعد كثيرا عن أفكار السوسينية.

وإذا كانت حركة الإصلاح الديني التي قادها مارتن لوثر ورفاقه في القرن الساس عشر، كانت فيما يرى لامبرت امتدادا لما كان يسمى بحركات الهرطقة في العصور الوسطى فهل يمكننا القول إن الحركة المناهضة للتثليث ستتمخض عن حركة إصلاح جديدة في المسيحية؟ هذا ما ستبديه الأيام.

لقد كان القرن السادس عشر هو قرن تفجر الصراعات الدينية في أوروبا، لذا كان من الطبيعي أن تظهر الحركة المناهضة للتثليث بمثل هذه القوة في هذا القرن بالذات، رغم وجود جذور لها في المسيحية. فالإسلام يقدم المسيحية من خلال القرآن الكريم على أنها ديانة توحيد، وأن ما اعتراها من فساد كان نتيجة الذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليبتغوا به ثمنا قليلا. كما شهد تاريخ المسيحية الباكر خلافات مذهبية حادة حول طبيعة المسيح عليه السلام، لا تزال أصداؤها حتى اليوم، ولعل أشهر هذه الخلافات الأولى تلك التي كانت بين آريوس وأثناسيوس، لكننا بصدد بحث تاريخي في المقام الأول كما أن تفاصيل ما حدث في القرون الأولى للمسيحية تخرج عن نطاق هذا البحث.

فإذا ما عدنا للتحليل الاجتماعي للبيئة الأوروبية لمعرفة مبررات ظهور هذه الحركة المناهضة للتثليث، بمثل هذا التجلي والوضوح في هذا القرن بالذات، فإننا نجد عدة عوامل قد تقدم لنا بعض التفسير لذلك: أولاً: أن النهضة الأوروبية كانت - في كثير من جوانبها - مراجعة للأفكار التي كانت مألوفة وسائدة في مختلف مجالات الحياة، فقد تأكد الأوروبيون على سبيل المثال من كروية الأرض بعد تمام رحلة ماجلان 1522م، وكانت هذه الفكرة تحاربها الكنيسة الكاثوليكية، وثبت أن الأرض هي التي تدور حول نفسها فينشأ عن دورانها الليل والنهار، وما هكذا كانت تقول الكنيسة. كل هذا ومثله كثير جعل الأوروبيين يعيدون التفكير في أمور كانت تبدو في وقت من الأوقات في حكم المسلمات. ولم يكن الإنجيل استثناء من هذه القاعدة، فقد وجدنا إرازم كما أشرنا في هذا البحث يعود للنسخ الإنجيلية القديمة غير مكتف بالنسخة التي اعتمدتها الكنيسة، ووجدنا ترجمات جديدة للإنجيل كثر عددها وفهم منها مارتن لوثر على سبيل المثال في مرحلة من مراحل تفكيره تحريم الربا، وفهم منها أوشينو جواز تعدد الزوجات. فلم يكن بدعا إذن أن يظهر من يفهموا منها خرافة التثليث. وقد أفاضت الكتب الأجنبية والعربية التي تناولت تاريخ أوروبا الحديث منذ عصر النهضة في الحديث عن التحرر الفكري وانتشار مبدأ أفكر لأعتقد، وليس العكس بمعنى أعتقد لأفكر، وظهور حركة إحياء العلوم وتطور الروح الفردية وما إلى ذلك. كل هذا وغيره هيأ ومهد لظهور حركات إصلاحية دينية. وإذا كان الأوروبيون ينظرون لحركة لوثر كحركة إصلاح ديني، وإلى الحركة المناهضة للتثليث كحركة دينية يصفونها بالكفر والهرطقة ويضعونها في مكان أقل أهمية من الناحية الدينية فمن السخرية أن ننظر نحن المسلمون لهذه الحركة نظرتهم نفسها إليها.

ثانياً: أنه منذ النصف الثاني من القرن الخامس عشر، والقارة الأوروبية كلها عرضه لتأثيرات إسلامية واضحة، في مختلف المجالات لم تحظ بدراسة كافية، فقد وجدنا لورد أكتون يقرر بوضوح أن التاريخ الأوروبي الحديث يبدأ تحت مطارق العثمانين. وقد أظهرت الوثائق الأوروبية التي راجع الكثير منها بعض الباحثين الأوروبيين أن كثيراً من المناطق الأوروبية كانت تستنجد بالعثمانين إذ كان يطلب أهلها بأنفسهم الفتح العثماني تخلصا من حكم مسيحيين يخالفونهم في المذهب، أو مسيحيين يسومونهم سوء العذاب، فقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك أن أهل كريت توسلوا إلى العثمانين لفتح ديارهم، كما يؤكد ذلك الباحث الغربي كولز. كما نظر أهل المورة للعثمانين كمخلصين، بعد أن سئموا سيطرة البنادقة الكاثوليك. وقد كان وصول العثمانين لساحل دلماشيا واستقرارهم فيه منذ القرن الخامس عشر، حدثا جللا أثر على سائر أنحاء أوروبا.

وكانت أوروبا كلها منذ منتصف القرن الخامس عشر حتى نهاية القرن السابع عشر، وربما بعد ذلك تتابع الصراع بين المسلمين والكاثوليك، في البحر المتوسط خاصة، مع اختلاف وجهات نظرهم إزاء هذا الصراع بطبيعة الحال. فبينما كان عدد من البروتستنت (بعد ظهور البروتستنتية) يرى في إسبانيا الكاثوليكية حامية للمسيحية بمذاهبها المختلفة، أو على الأقل لا يتمنى هزيمتها أمام العثمانين، ومجاهدي البحر المتوسط. كان هناك عدد آخر من البروتستنت يرى في الصراع بين المسلمين والكاثوليك الإسبان، صراعا بين شيطانين، ويتمنى أن يذهب كلاهما - المسلمون والكاثوليك - إلى حيث لا عودة. وفي وقت من الأوقات كان البروتستنت يجدون في مناطق أوروبا الشرقية الخاضعة للعثمانين ملجأ وملاذا لهم هروبا من الاضطهاد الديني.

فإذا ما تركنا شرق أوروبا وانتقلنا إلى غربها، وجدنا حقائق أخرى مذهلة، أثبتتها الوثائق التي كشف عنها الباحثون الغريبون، وهي أن الشعب الإسباني كان معارضا لإخراج المسلمين بعد سقوط غرناطة، وأن أصحاب الأراضي والأعمال ظلوا متمسكين بالعاملين المسلمين لديهم، حتى مطلع القرن السابع عشر، وأن طرد المسلمين كان عملا كنسيا خالصا، وأن الشعب الإسباني كان متعاطفا فقط مع إخراج اليهود لاشتغالهم بالربا وامتصاصهم دماء الشعب الإسباني. ويهمنا في هذا الصدد أن عدد كبيرا من المسلمين الإسبان قد خرجوا عبر البرانس إلى الأراضي الفرنسية ولاقوا في سفرهم هذا نصبا، وقد تمركزوا في سواحل فرنسا الجنوبية حيث رحلوا بعد ذلك إلى الشمال الإفريقي، وانضم عدد كبير منهم إلى حركة مجاهدي البحر المتوسط.

أبقي بعد هذا شك في أن أوروبا في مطلع العصور الحديثة لا بد أن تكون تأثرت بالفكر الإسلامي، أو على الأقل اطلعت عليه، بشكل أكثر وضوحاً؟ فقد غدا الاسلام بالنسبة لأوروبا بعد سقوط القسطنطينية وتمركز المسلمين في شرق أوربا، أقرب إليها من حبل الوريد، كما أن طبيعة العصر أتاحت لأكبر عدد ممكن من الباحثين والمثقفين، بل والناس العاديين، معرفة أمور عن الإسلام، ما كانت لتتاح لهم معرفتها قبل ذلك. كل هذا يجعلنا لا نستبعد وجود تأثيرات إسلامية على الحركات الإصلاحية الدينية الأوروبية عامة، والحركة الأوروبية المناهضة للتثليث خاصة. بقي القول إن أحد الباحثين العرب المتخصصين في تاريخ أوروبا الحديث قد أشار إلى وجوب أن يكتب التاريخ الأوروبي الحديث من وجهة نظر إسلامية عربية تماما كما يكتب الأوروبيون تاريخنا الإسلامي من وجهة نظرهم. فمن غير المنطقي أن نسمي بالهرطقة ما يسمونه هرطقة ففي هذا تبعية، وبعد عن الأصالة. ولو أخذنا بهذا المنطق، لباركنا حركة الاستعمار لأنهم يباركونها، ولأسمينا المسلمين الأوروبيين كفرة. لأنهم يسمونهم كذلك، فهذا البحث رغم تواضعه دعوة للأصالة في كتابة التاريخ"(1).

وفوليتر، الذي وصفه لويس السادس عشر بأنه زعيم الهراطقة، ونسبت إليه الثورة الفرنسية لفرط تأثرها به، كان يؤمن بوجود الله سبحانه، لكنه لم يكن مقتنعاً بالكنيسة. >.. وحين اقتنع باني لست ادري ما أنا، ولا استطيع أن اعرف من خالقي، اجد جهلي يضنيني، واسلي نفسي اذ أفكر، دون انقطاع، بأنه لا يهمني أن اعرف ما اذا كان خالقي موجوداً في المتسع ام لا، اذا انا لم افعل شيئاً يناقض الوجدان الذي منحني اياه. واذا سئلت: من بين جميع الانظمة الالهية التي اخترعها الانسان، ايها سأعتنق؟ اجبت: لن اعتنق اياً منها، بل سأعبد الله..<(2)(ü)

ألأنه لا يؤمن بالتثليث أسميه مهرطقا؟! إنه مهرطق من وجهة نظر كاتب لا يؤمن بافكاره، فما دخلي أنا؟ ولم أجعل القارىء العربي يفهم أن الرجل لا يؤمن بالله؟.

والعالم لا باّس عندما ألّف بحثا عن عن نظام الكون سأله نابليون: من فعل كل هذا؟ وهو سؤال يعني أنه لا بد من فاعل، فالكلمة atheist وإن كانت تعني الملحد حرفيا أي غير المؤمن بوجود إله إلا أنها في حاجة إلى عبارة شارحة في كل جملة ترد فيها. وفي هذه العجالة نورد نبذه عن أثر الإسلام في العقيدة المسيحية الأوروبية:

>.. ثم إن انتشار روح عصر التنوير في أوروبا راح يطرد شبح الأحكام السلبية، المسبقة والجذرية المرتكزة على كليشيهات الدفاعات الدينية المبتورة والباترة. فقد أصبح الدين الإسلامي بالنسبة للفلاسفة عمل مشرع فطن. ويمكن للإسلام أن يقارن نفسه بالمسيحية دون أي عقدة نقص. على العكس. فهو يتميز على المسيحية بأنه يلجأ أقل منها إلى عالم الأسرار والعجيب الخلاب. كما ويتميز بأنه يعترف بالعقائد الأخرى ومشروعيتها. ولكنه على الرغم من كل ذلك مطبوع بطابع التعصب كبقية الأديان. وفولتير، بعد أن جعل من مؤسس الإسلام المثال النموذجي على الرجل الدنيوي الذي استغل بساطة معاصرية (انظر مأساة، محمد 1741). راح يقارن بين تسامح المسلمين وتعصب المسيحيين. (انظر كتابه مقالة في الأخلاق 1756) وهو بذلك يضرب أكبر مثل على الغموض والازدواجية فيما يخص الموقف من الإسلام. وبعد صدور كتاب مونتسكيو"روح القوانين"(1748) صورت الدولة التركية على أساس أنها تُجَسِّد نمــوذج الاستبداد بالذات. وأما فيما يخص رجال الممارسة والانخراط فإنهم لا يهتمون بالطبع كثيراً بعملية الفهم بقدر ما يهتمون بمعرفة المصادر المادية ونقاط القوة والضعف لهذه البلاد. فهي لا تبدو مواضيع للمعرفة بقدر ما تبدو مصدراً محتملاً للفائدة والقوة. ثم تبدو كأرض للمغامرة. وهنا نلتقي بذلك الجزء من الحلم الذي طالما هيمن على روح بونابرت شاباً..."(1)

وتشير بعض المراجع التي كتبها فرنسيون إلى هجرة إسلامية إلى جنوب فرنسا بعد سقوط غرناطة، وأن هؤلاء المسلمين "تقية" منهم اعتنقوا المسيحية، لكن ها نحن نرى جيرونديين في الثورة الفرنسية يسعون إلى إغلاق نوادي القمار ويسعون لتحريم الميسر، وأصدرت الثورة بالفعل مرسوما بذلك، لكنه سرعان ما أصبح حبرا على ورق. وعن هذه الهجرة الإسلامية الباكرة إلى فرنسا نقرأ:

".. وكانت الهجرة الرابعة التي نحن بصدد الحديث عنها على شكل موجة جماعية هامة العدد نتجت عن طرد العرب المسلمين والإسبان المسلمين من إسبانيا. يبدو أن هؤلاء كانوا قد تحولوا إلى المسيحية منذ قرنين خشية العذاب والتنكيل والقمع، ولكنهم استمروا على دينهم الإسلامي بسرية اعتماداً على مبدأ التقية.

علم ملك اسبانيا، فيليب الثالث، أن هؤلاء يمارسون الدين الاسلامي بسرية، وأنهم يحتفلون بالأعياد الاسلامية. وفي العاشر من يناير 1610، أصدر مرسوماً ملكياً يمنحهم مهلة 30 يوماً، ثم خفضها إلى 20، لمغادرة إسبانيا. هاجر خمسمئة الف منهم إلى بلاد المغرب العربي، وشغلوا بصورة فورية مناصب هامة، ذلك لأنهم شكلوا، بسبب ثقافتهم ومعرفتهم تياراً جديداً في البرجوازية المحلية. وتوجه مئة وخمسون ألفاً نحو الشمال، إلى فرنسا. عاد ثلاثون ألفاً منهم، فقط، إلى بلاد المغرب العربي أو إيطاليا عن طريق البحر، وكان هؤلاء من الأغنياء الذين يملكون نفقات السفر. أما الباقون، مئة وعشرين الفاً، فقد استقروا في الجنوب الفرنسي. توجد الكثير من المخطوطات التي تتحدث عن هذه الحلقة من التاريخ الإسلامي، الفرنسي. كتب الماركيز فوسل إلى ملك فرنسا: " يعلم جلالتكم أن جميع لاجئي إسبانيا المسلمين قد عبروا الحدود، يصل عددهم إلى مئة وثلاثة وثلاثين ألفاً". وفي مذكرة أرسلها الماركيز فيزيو إلى الملك، نستطيع أن نقرأ: "اليوم، 28 ديسمبر 1610، وصلتني رسالة من الماركيز دوسان جيرمان الذي يبحث عن وسائل لنقل عدد المسلمين الأندلسيين الذين يتمنون اللجوء إلى فرنسا". وفوراً، أصدر الملك أوامره باستقبال هؤلاء القادمين، كلاجئين وليس كغزاة، استقبالاً حسناً..."(1) ويلاحظ القارىء أن الثورة الفرنسية كانت حريصة على أن يكون لها ثلاثة شعارات (حرية وإخاء ومساواة) وكان ذلك لإحلالها محل الأقانيم المسيحية الثلاثة (آب وابن وروح قدس) وكانت حريصة على التخلص من التقويم المرتبط بميلاد المسيح عليه السلام، فابتدعت تقويما جديداً، كما كانت حريصة على إقامة مهرجانات لتوقير الكائن الأسمى أو الموجود الأعلى Supreme being، وبعض الثوار مزقوا الأناجيل. وتحدثوا عن "خرافات" العهدين القديم والجديد، وبالغ بعضهم في ذلك، وفي وقت من الأوقات شكلت لجان لضبط السلوك، وجرت محاولة لإغلاق بيوت الدعارة... لقد كانت لجانا شبيهة بلجان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكنها لم تستمر فقد كانت هناك قوى أخرى ذات بأس أشد. نخلص من هذا إلى أن الثورة الفرنسية كانت في جانب من جوانبها استمرارا لحركة الإصلاح الديني التي انطلقت في أوروبا منذ القرن السادس عشر، وأن عداوة الثوار للكنيسة كانت أكثر بكثير من عداوتهم للملكية، وقد عادت الملكية بالفعل، وطالب بها كثيرون، لكن الكنسية لم تعد أبداً لسابق هيمنتها، ولم تسترد أبداً أموالها وأوقافها. وركز الباحثون العرب على معاداة الثوار للملكية، لكنهم أغفلوا الشق الثاني والأهم وهو امتعاضها من الإكليروس أو رجال الدين المسيحي، وبسبب هذا التركيز لم تحظ الثورة الفرنسية بالدراسة المتأنية الشاملة الحصيفة في عالمنا العربي، لأسباب لا تخفى، وهذا الكتاب يسد هذه الثغرة. وإذا كان مما زاد من أهمية الكتاب أن مؤلفه قد كتبه وهو في السبعينيات من عمره، فلعلّ مما يزيد من أهمية هذه الترجمة أن المترجم قد أنجزها وهو في الخامسة والخمسين من عمره، وأظنه سنا يسمح بالبحث عن المعاني وعدم الاكتفاء بظاهر الحرف أو الكلمة.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الجماعات

أشخاص

انظر أيضاً

الهامش

  • ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.
  1. ^ Davis, SJ, Leo Donald (1990). The First Seven Ecumenical Councils (325-787): Their History and Theology (Theology and Life Series 21). Collegeville, MN: Michael Glazier/Liturgical Press. p. 68. ISBN 978-0-8146-5616-7.
  2. ^ http://www.britannica.com/EBchecked/topic/590747/Theodosius-I
  3. ^ http://www.fourthcentury.com/index.php/urkunde-33
  4. ^ http://www.xtimeline.com/evt/view.aspx?id=938690
  5. ^ http://www.britannica.com/EBchecked/topic/12976/Albigensian-Crusade
  6. ^ von Harnack, Adolf (1894-03-01). "History of Dogma". Retrieved 2007-06-15. [In the 2nd century,] Jesus was either regarded as the man whom God hath chosen, in whom the Deity or the Spirit of God dwelt, and who, after being tested, was adopted by God and invested with dominion, (Adoptionist Christology); or Jesus was regarded as a heavenly spiritual being (the highest after God) who took flesh, and again returned to heaven after the completion of his work on earth (pneumatic Christology)
  7. ^ Glassé, Cyril; Smith, Huston (2003). The New Encyclopedia of Islam. Rowman Altamira. pp. 239–241. ISBN 0759101906.
  8. ^ Encyclopedia of the Qur'an. Thomas, David. 2006. Volume V: Trinity.
  9. ^ Qur'an 3:79-80, 112:1-4, etc.
  10. ^ Neusner, Jacob, ed. 2009. World Religions in America: An Introduction, Fourth Ed. Louisville, Kentucky: Westminster John Knox Press, p. 257. ISBN 978-0-664-23320-4
  11. ^ Beit-Hallahmi, Benjamin. 1998. The Illustrated Encyclopedia of Active New Religions, Sects and Cults, Revised Ed. New York, New York: Rosen Publishing Group, p. 73. ISBN 0-8239-2586-2
  12. ^ Walker, James K. (2007). The Concise Guide to Today's Religions and Spirituality. Eugene, Oregon: Harvest House Publishers. pp. 117–118. ISBN 978-0-7369-2011-7
  13. ^ Whether Origen taught a doctrine of God that was or was not reconcilable with later Nicene Christianity is a matter of debate (Cf. ANF Vol 4), although many of his other views, such as on metempsychosis, were rejected. Origen was a economic subordinationist according to the editors of ANF, believing in the co-eternal aspect of God the Son but asserting that God the Son never commanded the Father, yet only obeyed. This view is compatible with Nicene theology (as it is not held by Nicene Christians that the Son or Holy Spirit can command the Father), notwithstanding any other doctrines Origen held.
  14. ^ أ ب Avery Cardinal Dulles. The Deist Minimum. 2005.
  15. ^ Pfizenmaier, T.C., "Was Isaac Newton an Arian?" Journal of the History of Ideas 68(1):57–80, 1997.
  16. ^ Snobelen, Stephen D. (1999). "Isaac Newton, heretic : the strategies of a Nicodemite" (PDF). British Journal for the History of Science. 32 (4): 381–419. doi:10.1017/S0007087499003751.

وصلات خارجية