المحطة (مسرحية)

(تم التحويل من مسرحية المحطة)

المحطة، مسرحية لبنانية بطولة السيدة فيروز. قدمت عام 1973.

المحطة
مسرحية المحطة في قصر البيكاديلي 27-شباط-1973.jpg
الموسيقىعاصي رحباني
Lyricsفيروز ومنصور رحباني
Basisفي انتظار گودو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

تقاطع مع رواية صاموِل بيكت «في انتظار گودو»


عزت عمر
ساهم بشكل رئيسي في تحرير هذا المقال

ثمّة تقاطعات عديدة بين مسرحية صموئيل بيكيت «في انتظار گودو» وبين مسرحية «المحطّة» (1973) ومن أهمها ثيمة الانتظار، لكنه لدى بيكيت انتظار عبثيّ لا طائل منه سوى تزجية الوقت بالكلام والحكايات، بينما عند الرحبانيين يصاحبه أمل بجديد قادم بالرغم من تأخّره، وإصرار «وردة» بأداء الفنانة فيروز على تخيّله مقبلاً على هيئة قطار تلوح أدخنته من بعيد، وكلّ قطار لا بدّ له من محطّة يتوقّف بها، لنقل المسافرين إلى زمان مختلف تتجدد فيه الحياة بما ينسجم ورؤيتها خلاصاً من الرتابة وفساد العلاقات والجهل.[1]

إنّه الحلم الرومانتيكي النابع من خيال، تعيشه بطلة المسرحية «وردة» كحقيقة مطلقة، رغم اندهاش الناس بداية في أن يكون حقل البطاطا محطّة خلاصيّة لقطار سيأتي.. فضاء من مسرح اللامعقول ينهض على المفارقة الساخرة ما بين الخيال والواقع، ومنجز جمالي تتعدد ألوانه ما بين الغناء والألحان والشعرية والحكايات المتشابكة الخيوط الفائضة بدلالاتها المشعّة إنسانياً.


سوريالية

تنطلق أحداث المسرحية من حقل البطاطا الذي يعمل فيه مالكه «سعدو» إيلي شويري، وزوجته «مرات سعدو» الفنانة هدى حداد، يغنيان معاً أغنية «خلص الصيف الشتي جايي ولفح الدني ‏تشرين/ نده الغيم الشتي جايي على ريش الحساسين»، إذ تحدد الأغنية مكان وزمان الحدث في شهر أكتوبر وقبل بداية فصل الشتاء، حيث يعمل المزارعون عادة على زرع البطاطا لتخزينها كمؤونة شتويّة، نظراً لانعدام وجود الخضراوات الصيفية.

وفي هذا الصدد نعتقد أن الاستهلال بهذه الأغنية والأداء الرائع للفنانين هدى حداد وإيلي شويري كان موفقاً وذا دلالة مباشرة، إذ إنها تشير باستقامة إلى حياة المزارعين الاعتيادية المرتبطة بفصول السنة الأربعة كثيمة في الوعي الجمعي، والمعبّر عنها بتلك الأساطير الجميلة عن موت «أدونيس» أو «تموز» في الشتاء، ومن ثمّ إنقاذه في الربيع، حيث تشرق الشموس وتزدهر الطبيعة.

مخيلة

في تلك الأثناء تأتي فتاة من المجهول وهي تغنّي بدورها عن «ليالي الشمال الحزينة» تتوقّف قربهما وتسألهما: «وصل الترين/ القطار»؟ لتبدأ الأحداث بالتصاعد مع وقع المفاجأة على سعدو وزوجته، والمفارقة في هذا الحوار اللطيف أن الحلم سيشعل المخيّلة ويتغلب على الواقع، وأن سعدو سيبدأ بالاقتناع بوجود المحطّة فربّما يرتفع سعر الأرض ويتحقق الثراء، ولكن يبقى السؤال مطروحاً عن مدى اقتناع سكان البلدة بهذه المحطّة غير المرئية؟

وفيما يبدو أن السكان بدورهم سوف تدغدغ مخيّلاتهم أحلام الثراء في هذه البورصة المتخيّلة، وما أشبهها بكثير من «البورصات» الوهمية التي انتشرت للاستيلاء على أموال البسطاء، ولكن ما ينبغي التنويه إليه أنه ليس الثراء وحده هو الذي دغدغ المشاعر، وإنما سوف تتفتح رغبات كامنة في لاشعور شخصيات المسرحية لتعزز جانب تحقيق الحلم في السفر، وتلك هي الثيمة البالغة الدلالة عندما تقول وردة: «الانتظار خلق المحطة، وشوق السفر جاب الترين، قرَّب الموعد والشوق اكتمل».

وهكذا فإن الأخبار سرعان ما تصل رئيس البلدية، الفنان نصري شمس الدين، مع مرافقيه مدير الثانوية «أبو الشمسية»، وبوليس البلدية «الشاويش أبو أسعد» الفنان وليم حسواني، فيدور حوار مشابه حول المحطّة وقطارها الذي لم يأت.

حياة جديدة

يبدأ أهل البلدة بالتوافد إلى المحطّة بفضول النساء التقليدي وسرعة الاقتناع وأخيراً شراء التذاكر وانتظار القطار، فتجمّع خلق كثير ومع هذا التجمّع جاء الباعة والمرتزقون الصغار من مثل باعة اليانصيب وصاحب عربة الأجرة، فضلاً عن «أهل المراجل» أو «الجدعان» بحثاً عن المشاكل في بلاد أخرى، ويأتي السكران والشحاذ، وأخيراً يأتي راعي الغنم «سبع» الفنان فيلمون وهبي من الغربة بلهجته البدوية الساخرة الباعثة على الابتسام والضحك يريد بدوره أن يجوب العالم، ولكن الأهم في هذا الجزء المهم من المسرحية هو حضور الحرامي أو اللصّ بأداء الفنان الكبير أنطوان كرباج الذي عكس جانباً من حياة هذه الفئة من المغامرين، فقد تتبع «وردة» حالماً بما تحتويه حقيبتها، ولكنها ستتمكّن من إقناعه بأنه ليس لصاً في إشارة ذكية وذات دلالة إلى الحيتان الكبار من ناهبي البلاد، وستدفع به ليصبح قاطع التذاكر للقطار، وبذلك فإنه سيتفاعل مع الشخصيات الأخرى بمزيد من الكشف عن دواخلهم.

دوافع سياسية

غير أن «المخبر» المتخفّي سيبلّغ مركز البوليس بما يجري، فتتهم وردة بإثارة المشاكل ظنّاً منهم أن ثمة دوافع سياسية وراء دعوتها هذه، ولكنهم في النهاية سيصدّقون حججها بعدما طرقت الأحلام أبواب قلوبهم وعصفت بمخيّلاتهم، فيوافق رئيس البلدية على افتتاح المحطّة لتتعزز مفارقة الانتظار الصعب، لا سيّما وأن الجميع قطع التذاكر وانتظر طويلاً إلى أن جاء القطار فأسرعوا إليه لحجز أماكنهم، بينما وردة التي لم تتمكّن من الحصول على تذكرة تبقى وحيدة في فضاء المحطّة العبثي الخالي فتصطرع الأفكار ما بين وردة الحلم ووردة الواقع عبر مونولوج رائع:

ـ يا وردة، بتعرفي ما في محطة ليش عذّبت الناس؟ وبتعرفي ب هالسهل ما في ترين.. ما في إلا النسيان!

وتصرَ وردة الحلم على موقفها من مجيء القطار ومعاودة الانتظار، فالانتظار بحدّ ذاته قيمة تنفتح على استمرارية الأمل واكتمال الأشواق.

وعي مفارق

يأتي السؤال في الختام عن سبب بقاء وردة وحيدة بعدما سافر الجميع في قطار الأحلام، وهل ستذهب إلى مكان جديد لتوقظ أحلام أهله لأجل حياة جديدة؟ أم أنها الضريبة التي يدفعها غالباً الحالمون بالتغيير بعدما تنتشر أفكارهم بين الناس، وعلى نحو خاص، أشبه بأقدار الكتّاب والشعراء والفنانين الذين عبر مسيرتهم الإبداعية يواظبون على تعميم وعي مفارق كي يرتقي بالمجتمع، وما يقدّمه هؤلاء المبدعون ليس سوى الحلم بغدٍ أو مستقبل أفضل. ومن هنا تأتي أهمية الحلم الذي تعزز بمجموعة من الأغاني الخالدة للسيّدة فيروز، تلك الأغاني التي ألّفت لأجل العمل ولم تركّب تركيباً عليه، بمعنى أنها استكمال لبنية الحكاية الأساسية، ولكنها في كل الأحوال إضافة مبهجة.

عُرضت المسرحية للمرّة الأولى عام 1973 على مسرح البيكاديللي في بيروت، من إخراج بيرج فازليان، وإعداد وتلحين الأخوين عاصي ومنصور الرحباني، فضلاً عن فريق كبير من الممثلين ومؤدّي الرقصات والكومبارس.

إن استعادة التراث الإبداعي إنما هو تعزيز لرقي الثقافة العربية، وتأكيد على ثرائها بأنماط احتفالية تعكس التنوّع الكبير لأنماط حياة المجتمعات السابقة في مسيرة حلم التقدّم.

شخصيات المسرحية


إخراج: بيرج فازليان (مخرج)
تأليف: الاخوين رحباني (مؤلف)

أغاني المسرحية

ليالي الشمال الحزينة
يا دارا دوري فينا
سألوني الناس
كان الزمان
رجعت الشتوية

قصة المسرحية

يزاح الستار على حقل بطاطا، حيث سعدو (إيلي شويري) وزوجته (هدى) يعتنيان به. تظهر فتاة غريبة، وردة (فيروز)، لتفاجئهما كلياً بسؤالها عن وصول القطار. مدغدغة أحلامهما بالرغبة في معيشة أفضل، أوصلتهما إلى شبه اقتناع، أن الحقل الذي يعملان فيه هو في الحقيقة محطة للقطار، وأن هذا القطار سيأتي حتماً, ليأخذهما إلى مكان أفضل.

وصلت شائعة المحطة إلى رئيس البلدية، رئيس الشرطة، ومعلم المدرسة، الذين جاؤوا ليتبينوا حقيقة الأمر. لم يصدقوا إدعاء وردة، واتهموها بإثارة الفوضى والمشاكل.

لحق أحد اللصوص (أنطوان كرباج) بوردة، وكان يحاول سرقة حقيبتها، لكنه تبنى تضخيم فكرة المحطة، عندما أدرك العدد المتزايد من الذين بدأوا بتصديق قصة وردة، وكتغيير تكتيكي، بدأ ببيعهم بطاقات قطار مزيفة. استغل آخرون الفرصة, لرفع أسعار الأراضي، وتكوين ثروة.

في تطور دراماتيكي, صدق كثيرون بالمحطة، وبالوعد الذي يحمل القطار. قرر رئيس البلدية أن يستعين بالعرافين الذين استحضروا الجن في حضرة مجلس الأعيان. لكن الجن تركوهم في نفس حالة الارتباك التي كانوا فيها قبل الاجتماع. إن خيالية هذا الاجتماع، تشابه الحالة التي تخيم على جو المسرحية بأكملها إلى حد بعيد.

نتيجة للشعبية المتزايدة، قام أخيراً رئيس البلدية، بافتتاح المحطة رسمياً. ابتاع الناس البطاقات، وانتظروا وصول القطار لأيام في المحطة، وعلى نفقة رئيس البلدية الذي اهتم باحتياجاتهم.

طال الانتظار، وبدأ اليأس والقلق يسيطر على الناس المتذمرين، وكان التمرد على وشك أن يتفجر، عندما وصل القطار حقيقة إلى المحطة. صعد إليه الناس، تاركين وردة التي لم تتمكن من الحصول على بطاقة, وحيدة في المحطة التي اخترعتها.

انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ عزت عمر (2016-09-02). "«المحطة» غنائية الشوق والسفر للأخوين رحباني". صحيفة البيان الإماراتية.

وصلات خارجية