لوقيوس كورنليوس صولا فليكس Lucius Cornelius Sulla Felix (باللاتينية: L•CORNELIVS•L•F•P•N•SVLLA•FELIX)[1] (ح. 138 ق.م. - 78 ق.م.)، عـُرف ببساطة بإسم صولا Sulla، كان جنرالاً ورجل دولة روماني، جمع التميز النادر بشغل منصب قنصل مرتين وكذلك الدكتاتورية. وكان أحد أعظم رجال القانون في التاريخ الروماني؛ واسمه مدرج في مجموعات سير كبار الجنرالات والسياسيين، بدءاً من مجمع السير لمشاهير الرومان، الذي نشره ماركوس ترنتيوس ڤارّو. في كتاب پلوتارخ صولا، ضمن سلسلته الشهيرة - حيوات متوازية, صولا مقرون مع الجنرال والاستراتيجي الاسبرطي ليساندر.

صولا
Sulla Glyptothek Munich 309.jpg
تمثال نصفي لصولا في گليپتوثك ميونخ.
ديكتاتور الجمهورية الرومانية
في المنصب
82 أو 81 ق.م. – 81 ق.م.
سبقه گنايوس سرڤليوس گمينوس في 202 ق.م.
خلفه گايوس يوليوس قيصر في 49 ق.م.
قنصل الجمهورية الرومانية
في المنصب
88 ق.م. – 88 ق.م.
سبقه گنايوس پومپيوس سترابو ولوقيوس پورقيوس كاتو
خلفه لوقيوس كورنليوس كـِنـّا وگنايوس اوكتاڤيوس
قنصل الجمهورية الرومانية
في المنصب
80 ق.م. – 80 ق.م.
سبقه گنايوس كورنليوس دولابلا و ماركوس توليوس دكولا
خلفه آپيوس كلاوديوس پولشر و پوبليوس سرڤليوس ڤاتيا
تفاصيل شخصية
وُلِد ح. 138 ق.م.
روما، الجمهورية الرومانية
توفي 78 ق.م. (عن عمر 60)
پوتئولي، الجمهورية الرومانية


ولم يلبث النزاع بين الرومانيين والإيطاليين أن قام من جديد بعد بضع سنين قلائل ساد فيها السلام، وكل ما في الأمر أن تبدل اسم هذا النزاع من نزاع "اجتماعي" إلى نزاع "أهلي" وأن تبدل ميدانه من المدن الإيطالية إلى رومه نفسها. وتفصيل ذلك أن لوسيوس كرنليوس صلا اختير ليتولى في عام 88 ق.م منصب القنصلية. وتولى قيادة الجيش الذي كان يعبأ لقتال مثريداتس Mithridates حاكم پنتس Pontus؛ ولكن التربيون سلپيسيوس روفس Sulplicus Rufus لم يكن يرضى أن يتولى رجل محافظ مثل صلا قيادة هذه القوة العظيمة، وأقنع الجمعية بأن يتولى القيادة ماريوس، وكان وقتئذ رجلاً بديناً في التاسعة والستين من عمره، ولكنه مع ذلك لم تفارقه مطامعه العسكرية. وأبى ماريوس أن تفلت من يده فرصة القيادة التي طال انتظارها، وأن تفلت منه لما لاح له أنه نزوة من نزوات جمعية خاضعة لتأثير زعيم شعبي مهرج، وللرشا التي لم يكن يشك في أنها قد تلقتها من التجار الذين يحبون ماريوس. فلم يكن منه إلا أن فر إلى نولا Nola وكسب ولاء الجيش وزحف به على رومه.

وكان صلا رجلاً فذاً في منشئه، وأخلاقه، ومصيره. فقد ولد فقيراً ولكنه أصبح المدافع عن الأشراف، كما أصبح ابنا جراكس ودروسس Drusus وقيصر وهم من الأشراف زعماء الطبقات الفقيرة. وثأر لنفسه من الحياة إذ جعلته شريفاً ومعدماً؛ وذلك بأنه حين أصبح رب المال استخدمه في قضاء شهواته، فأطلق لها العنان، ولم يتقيد فيها بعرف، ولم يؤنبه على إسرافه فيها ضمير. وكان دميم الخلق- له عينان زرقاوان براقتان في وجه أبيض تلطخه بقع شديدة الحمرة "كأنه توت منثور عليه دقيق(17)". لكن هذه الملامح كانت تخفي وراءها تعليماً راقياً، فقد كان يتقن الآداب اليونانية والرومانية، وكان مولعاً بجمع روائع الفن، دقيقاً في اختيارها (مستعيناً على ذلك في العادة بالوسائل العسكرية). وأمر أن تحمل له من أثينا مؤلفات أرسطوطاليس، واختص بها نفسه لتكون جزءاً من أثمن غنائمه، ووجد خلال أيام الحرب والثورة من الوقت ما استطاع فيه أن يكتب مذكراته ليضل بها الناس من بعده. وكان رقيقاً مرحاً لطيفاً، وصديقاً كريماً، يدمن الخمر، ويشتهي النساء، ويولع بالحرب، ويطرب للغناء؛ ويقول عنه سلست Sallust إنه "كان يعيش عيشة البذخ، ولكن ملذاته لم تحل قط بينه وبين أداء واجباته؛ إذا استثنينا من ذلك التعميم أنه كان في وسعه أن يجعل سلوكه مع زوجته أشرف مما كان(18)". وسلك الرجل طريقه إلى المجد سلوكاً سريعاً، وخاصة في الجيش وسيلته الموفقة إلى أغراضه. وكان يعامل جنوده معاملة الزميل لزميله، يشترك معهم في أعمالهم وفي سيرهم، ويتعرض لما يتعرضون له من الأخطار؛ "وكان همه الوحيد ألا يسمح لإنسان ما أن يفوقه في حكمته وشجاعته(19)". ولم يكن يؤمن بآلهة الرومان، ولكنه يؤمن بالخرافات. وفيما عدا هذا كان الرجل من أكثر الرومان واقعية كما كان أشدهم قسوة، خياله ومشاعره خاضعة لسلطان عقله. ومما قيل عنه أنه كان نصف أسد ونصف ثعلب، وأن الثعلب فيه كان أشد خطراً من الأسد(20). قضى نصف أيامه في ميادين القتال، وقضى العشر السنين الأخيرة منها في الحروب الأهلية، ولكنه رغم هذا ظل محتفظاً بفكاهته ومرحه إلى آخر أيام حياته، يوشى قسوته ووحشيته بكتابة المقطوعات الشعرية الفكاهية، ويملأ رومه ضحكاً، خلق لنفسه مائة ألف عدو ومات في فراشه.

وكان يلوح أن هذا الرجل الذي يتألف من مزيج كيميائي من الفضائل والرذائل هو الذي تحتاجه البلاد لقمع الثورة في الداخل والقضاء على مثرداتس في الخارج. وكان من السهل على رجاله المدربين البالغ عددهم 35.000 أن يبددوا شمل الأشتات غير المتجانسين الذين جمعهم ماريوس ارتجالاً في رومه. فلما أيقن ماريوس بحرج موقفه فر إلى إفريقيا؛ وقتل سلبسيوس إذ غدر به خادمه. وأمر صلا أن يدق رأس التربيون في منبر الخطابة الذي كان منذ قليل تتجاوب فيه أصداء خطبة البليغة؛ وحرر العبد مكافأة له على خدمته، ثم أمر بقتله جزاء له على غدره. وبينا كان جنوده يسيطرون على السوق العامة أصدر قراراً بألا يعرض أي أمر على الجمعية إلا بأذن مجلس الشيوخ، وإن يكون نظام الاقتراحات هو النظام المقرر في "دستور سرفيوس"، وهو الذي يجعل الأولوية والميزة للطبقات العليا؛ ثم عمل على أن يكون هو القنصل الأول وسمح بأن يختار نيوس أوكتافيوس Cnaeus Octavius وكرنليوس سنا Cornelius Cinna قنصلين (87)، ثم سار للقاء مثرادتس العظيم.

ولكنه لم يكد يغادر إيطاليا حتى قام النزاع من جديد بين طبقة العامة وطبقتي الأشراف والفرسان الممتازيين، ونشب القتال في السوق العامة بين أنصار أكتافيوس المحافظين وأتباع سنا المتطرفين، وقتل من الفريقين في يوم واحد عشرة آلاف رجل. وانتصر أكتافيوس في آخر الأمر وفر سنا لينظم الثورة في المدن المجاورة، ثم أبحر إلى إيطاليا بعد أن قضي الشتاء مختفياً، وأعلن تحرير الرقيق، وسار على رأس قوة مؤلفة من ستة آلاف رجل لقتال أكتافيوس في رومه. وانتصر الثوار وذبحوا آلافاً مؤلفة من أعدائهم، وزينوا منابر الخطابة برؤوس الشيوخ المقتولين، وساروا في الشوارع صفوفاً ورؤوس الأشراف فوق رماحهم، وأضحت هذه سنة جرى عليها الثوار فيما بعد. واستقبل أكتافيوس الموت في هدوء واطمئنان وهو جالس على كرسي التربيون مرتدياً ملابسه الرسمية. ودامت المذبحة خمسة أيام بلياليها، كما دام الإرهاب عاماً كاملاً، واستدعت محكمة الثورة الأشراف للمثول أمامها، وقضت بإدانتهم إذا كانوا قد قاوموا ماريوس وصادرت أملاكهم. وكانت إيماءة ماريوس تكفي لأن تطيح برأس أي إنسان مهما كانت منزلته، وكان يقتل في أغلب الأحيان لساعته قبل أن يبرح مكانه. وقتل بهذه الطريقة أصدقاء صلا جميعهم؛ وصودرت أملاكه، وعزل من قيادة الجيش، وأعلن أنه عدو الشعب. ولم يسمح بدفن الموتى بل تركت جثثهم في الشوارع تلتهما الكلاب والطيور الجارحة. وانطلق الأرقاء المحررون في البلدة ينهبون، ويفسقون، ويقتلون الناس بلا تمييز بينهم، وظلوا على هذه الحال حتى جمع سنا أربعة آلاف منهم، وأحاطهم بجنود من الغاليين وأمر بقتلهم عن أخرهم(21).

ثم اختير سنا قنصلاً مرة ثانية، كما اختير ماريوس للمرة السادسة، ولكن ماريوس توفي في الشهر الأول بعد توليه منصبه وهو في الواحدة والسبعين من عمره، منهوك القوى من فرط ما لاقى من الشدائد وضروب العنف. وانتخب ڤالريوس فلاكوس Valerius Flaccus قنصلاً بدلاً منه، وأصدر مرسوماً بإلغاء ثلاثة أرباع الديون جميعها، ثم زحف شرقاً على رأس جيش مؤلف من أثنى عشر ألفاً لخلع صلا من القيادة، وبقي سنا في رومه يتولى فيها الحكم بمفرده، فاستبدل بالجمهورية دكتاتورية، وعين جميع موظفي المناصب الكبرى، وعمل على أن ينتخب قنصلاً أربع سنين متتالية.

صولا يقبض على يوگرطا

ولما غادر فلاكوس إيطاليا كان صلا يحاصر أثينا لأن هذه المدينة انضمت إلى مثرداتس في ثورته على رومه. ولما حبس عنه مجلس الشيوخ المال اللازم لمرتبات جنوده عمد إلى الهياكل والكنوز في أولمبيا وإبدورس ودلفي فنهبها ليمون بها جنده وينفق منها على حروبه. وفي شهر مارس من عام 86 اقتحم الجند أحد الأبواب في أسوار أثينا، وتدفقوا منه إلى داخل المدينة، وانتقموا لما عانوه من طول الحصار ومشاقه بأن عاثوا في المدينة فساداً، يقتلون وينهبون. ويقول أفلوطرخس "إن عدد القتلى كان يخطئه الحصر.. وقد جرت الدماء أنهاراً في شوارع المدينة، وخرجت منها إلى الضواحي النائية(22)". وأخيراً أمر صلا بوقف المذبحة، وقال إنه "يصفح عن الأحياء إكراماً للموتى". ثم قاد جنوده نحو الشمال بعد أن استراحوا من متاعب القتال، وهزم قوة كبيرة عند قيرونية Chaeronea، وأركومينس Orchomenus، وطارد فلولها إلى آسيا مجتازاً مضيق هلسبنت (الدردنيل)، وأخذ يعد العدة للقاء القسم الأكبر من جيش ملك بنت ، ولكن فلاكوس كان قد وصل في هذه الأثناء إلى آسيا على رأس جيشه، وأبلغ صلا مرة أخرى أن عليه أن يتخلى عن القيادة. ولكنه استطاع أن يقنع فلاكوس بأن يتركه حتى يتم حملته، وكانت نتيجة هذا أن قتل فلاكوس بيد ياوره فمبريا Fimbria، ثم نصب هذا الضابط نفسه قائداً للجيوش الرومانية كلها، وتقدم شمالاً لملاقاة صلا. فما كان من صلا أمام هذا الخرق إلا أن عقد مع مثرادتس صلحاً (85) ينزل هذا الملك بمقتضاه عن كل ما ظفر به من الفتوح في تلك الحرب، ويسلم إلى رومه ستين سفينة حربية، ويؤدي لها غرامة مقدارها ألفي تالنت. ثم اتجه صلا بعدئذ نحو الجنوب والتقى بمفيريا في ليديا، فانضمت جنود فمبريا إلى صلا، وانتحر قائدها وأصبح صلا سيد بلاد الشرق اليونانية، ففرض عليها غرامة حربية مقدارها عشرون ألف تالنت، وشرع يجبى الضرائب من مدائن أيونيا الثائرة. ثم سار مع جيشه بطريق البحر إلى بلاد اليونان، وزحف على بترى Patrae، ووصل إلى برنديزي في عام 83. وحاول سنا أن يقف زحفه ولكن جنوده قتلوه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

كيمبري والتيوتون

 
The migrations of Cimbri and Teutones.
  Cimbri and Teutons defeats.
  Cimbri and Teutons victories.


حكمه قيليقيا

الحرب الاجتماعية

وحمل صلا إلى خزائن رومه خمسة عشر ألف رطل من الذهب، ومائة وخمسة عشر رطلاً من الفضة، مضافة إلى ما حمله من النقود ومن روائع الفن التي خص بها نفسه. ولكن زعماء الدمقراطيين، وكانوا لا يزالون أصحاب الأمر والنهي في رومه، ظلوا يتهمونه بأنه عدو الشعب، ووصفوا المعاهدة التي عقدها مع مثرداتس بأنها مذلة قومية.

الزحف الأول على روما

واضطر صلا على الرغم منه أن يزحف بجنوده الأربعين ألفاً على رومه، وواصل هذا الزحف حتى بلغ أبوابها. وخرج كثيرون من الأشراف لينضموا إليه، وجاء إليه أحدهم وهو نيوس بمبي بفيلق يتألف كله من موالي أبيه وأصدقائه. وسار ابن ماريوس على راس جيش لملاقاة صلا، فهزم وفر إلى برانست، بعد أن أرسل إلى البريتور الشعبي يأمره بأن يقتل كل من لا يزال في العاصمة من زعماء الأشراف. وصدع الرجل بالأمر فجمع مجلس الشيوخ وقتل جميع هؤلاء الزعماء وهم جلوس في مقاعدهم أو في أثناء فرارهم. ثم جلت القوات الديمقراطية عن رومه ودخلها صلا دون أن يلقي مقاومة، ولكن جيشاً من السمنيين قوامه مائة ألف مقاتل زحف من الجنوب وانضم إلى فلول القوات الديمقراطية ليثأر للولايات الإيطالية ويغسل عار الهزيمة التي منيت بها في "الحرب الاجتماعية". وخرج صلا لملاقاتهم وانتصر عليهم عند باب كلين Colline بجيشه البالغ خمسين ألفاً في معركة تعد من أشد معارك التاريخ القديم هولاً، جرت فيها الدماء أنهاراً. وبعد أن تم له النصر أمر بقتل ثمانية آلاف من الأسرى رمياً بالسهام بحجة أنهم وهم أحياء يسببون له من المتاعب أكثر مما يسببون له منها وهم أموات. ورفعت رؤوس من أسر من الزعماء على أسنة الرماح أمام أسوار براتست، حيث كان آخر جيوش الديمقراطيين محصوراً. ثم سقطت براتست، وانتحر ماريوس الصغير، وعرض رأسه مسمراً في السوق العامة- وهو عمل كانت السوابق الكثيرة قد جعلته في نظر الناس أمراً مألوفاً مشروعاً.

الحرب المثريداتية الأولى

 
آسيا الصغرى قبيل الحرب المثريداتية الأولى.


حصار أثينا

معركة خيرونيا

معركة اورخومنوس


الزحف الثاني على روما

في 83 ق.م.


الدكتاتورية والاصلاحات الدستورية

 
Lucius Cornelius Sulla - a denarius portrait issued by his grandson.

ولم يجد صلا بعدئذ صعوبة في إقناع مجلس الشيوخ بأن ينصبه دكتاتوراً، فلما تم له ذلك أصدر من فوره حكماً بإعدام أربعين من الشيوخ، وألفين وستمائة من رجال الأعمال، وكان هؤلاء الرجال ممن أعانوا ماريوس عليه وابتاعوا أملاك الشيوخ الذين قتلوا في أثناء حكم المتطرفين. وعرض صلا مكافآت لمن يبلغونه عن أسماء هؤلاء الرجال، كما عرض مكافآت قدرها اثنا عشر ألف دينار (7200 ريال أمريكي) على من يأتونه بالمحكوم عليهم أمواتاً كانوا أو أحياء. وزينت السوق العامة برؤوس القتلى وبقوائم بأسماء المحكوم عليهم تتجدد من آن إلى آن، ولم يكن يسع المواطنين إلا الاطلاع عليها بعد الفينة والفينة ليعرفوا مصيرهم أهو الموت أم الحياة. وانتشرت أهوال المذابح والنفي ومصادرة الأملاك من رومه إلى الولايات، وكان ضحاياها هم الثوار الإيطاليين وأتباع ماريوس أينما وجدوا. وكان عدد من قتلوا في هذا الإرهاب الأرستقراطي حوالي أربعة آلاف وسبعمائة نفس. ويصف أفلوطرخس هذا الإرهاب بقوله: "وكان الأزواج يذبحون بين أحضان زوجاتهم، والأبناء في جحور أمهاتهم". وقد حكم على كثيرين ممن وقفوا على الحياد أو كانوا من المحافظين، فمنهم من قتل ومنهم من نفي، وقيل إن صلا قد فعل بهم ذلك لحاجته إلى أموالهم، ينفقها على جنوده أو في ملذاته، أو يكافئ بها أصدقاءه. وكانت الأملاك المصادرة تباع لمن يعرض فيها أغلى الأثمان، أو للمقربين ذوي الحظوة عند صلا، وأضحت هذه الأملاك أساساً لثراء كثيرين من الناس أمثال كراسس Crassus وكتلين Catiline. واستخدم صلا حقوقه الدكتاتورية في إصدار طائفة من المراسيم- تعرف بالقوانين الكرنيلية نسبة إلى العشيرة التي ينتمي إليها- كان يرجو أن ينشئ بها دستوراً أرستقراطياً يظل دستور رومه طوال حياتها. وأراد أن يسد ما طرأ على عدد مواطني رومه من النقص بسبب الموت، فأعطى حق المواطنين لكثير من الأسبان والكلت ولبعض الأرقاء السابقين، فأضعف من سلطان الجمعيات بحشد هؤلاء الأعضاء الجدد فيها وهم المدينون له بعضويتها، وبتحديد القانون القديم القاضي بألا يعرض قانون على الجمعية إلا بموافقة مجلس الشيوخ. ثم عمل على وقف نزوح الإيطاليين إلى رومه فوقف توزيع الغلال من قبل الدولة على الأهلين ثم قلل ازدحام السكان في المدينة بتوزيع الأراضي الزراعية على اثنى عشر ألفاً من جنوده الأقدمين. وأراد أن يمنع القنصل الذي يختار لمنصبه جملة مرات متتالية أن يكون دكتاتوراً فعلياً، فأصر على تنفيذ السنة القديمة التي كانت تحرم على أي موظف أن يشغل منصبه مرة ثانية إلا بعد مضي عشر سنوات على خروجه منه في المرة السابقة. وأنقص مكانة التربيون بتقييد حقه في الرفض وحرمان التربيون السابق من حق التعيين في أي منصب من المناصب الكبرى. واسترد من رجال الأعمال حقهم الذي كان مقصوراً عليهم في أن يكونوا محلفين في المحاكم العليا، ورد هذا الحق إلى مجلس الشيوخ، واستبدل بنظام الالتزام في الضرائب نظام جباتها من الولايات نفسها وإرسالها إلى خزانة الدولة مباشرة. ثم أعاد تنظيم المحاكم، وزاد في عددها ضماناً لسرعة البت في القضايا؛ وحدد اختصاصها ومدى اختصاصها ومدى سلطتها تحديداً دقيقاً، ورد إلى مجلس الشيوخ كل ما كان له قبل ثورة ابني جراكس من مزايا تشريعية وقضائية وتنفيذية واجتماعية، وحق أعضائه في لبس زي خاص. وقد فعل صلا كل هذا ليقينه أن الحكم الملكي أو الأرستقراطي هما اللذان يصلحان دون غيرهما من النظم لحكم الإمبراطوريات حكماً حازماً حكيماً؛ ثم عمل على زيادة عدد أعضاء مجلس الشيوخ إلى الحد المقرر، فأجاز للجمعية القبلية أن ترقي إلى عضويته ثلاثمائة من طبقة "الفرسان"، وأراد أن يبرهن على ثقته بعدالة هذا الإجراء الشامل واطمئنانه له فسرح جيوشه وقرر ألا يسمح ببقاء جيوش في إيطاليا كلها. وبعد أن ظل حاكماً بأمره عامين تخلى عن سلطته بأجمعها، وأعاد الحكم القنصلي، واعتزل الحياة العامة (عام 80 ق.م).

التقاعد والوفاة

وكان في حياته الجديدة آمناً على نفسه، لأنه قد قتل كل من يستطيعون الإئتمار به. ولذلك سرح حرسه وقواده، وكان يسير في السوق العامة لا يخشى أذى، وعرض أن يفسر أعماله الوطنية لكل مواطن يطلب إليه أن يفسرها له. ثم ذهب ليقضي أيامه الأخيرة في قصره الصغير في كومي، بعد أن مل الحرب والسلطان والمجد، ولعله قد مل أيضاً صحبة الناس، فأحاط نفسه بالمغنين والمغنيات والراقصين والراقصات، والممثلين والممثلات، وأخذ يكتب شروحه Commentarii ويتسلى بصيد الحيوان والسمك، والانهماك في الطعام والشراب. وأطلق عليه الناس من ذلك الوقت اسم "صلا السعيد" لأنه انتصر في كل معركة، واستمتع بكل لذة، واستحوذ على كل سلطة، وعاش عيشة لا يساوره فيها خوف ولا ندم، وتزوج خمس نساء طلق منهن أربعاً واستكمل متعته بالمحاظي، ولما بلغ الثامنة والخمسين من عمره أصيب بخراج في القولون بلغ من شدته "أن اللحم النتن استحال قملاً، بلغ من الكثرة حداً كان لابد معه من استخدام كثير من الرجال والنساء لقتله، ولكن القمل أخذ يزداد ويتضاعف حتى لم تتلوث به ثيابه، وحماماته، وآنيته فحسب، بل تلوث به أيضاً طعامه نفسه(23)" على حد قول أفلوطرخس. ومات صلا على أثر نزيف في الأمعاء، ولم يكد يقضي في عزلته عاماً واحداً (78 ق.م) ولم يفته أن يملى قبريته قبل وفاته: "لم يخدمني قط صديق، ولم يسئ إلي أبداً عدو، إلا جزيت الأول على خدمته والثاني على إساءته الجزاء الأوفى".


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ذكرى صولا

الاشارات الثقافية

الزيجات والأنجال

تأريخ

  • ح. 138 ق.م. - ولد في روما
  • 107-05 BC - Quaestor and pro quaestore to Gaius Marius in the war with Jugurtha in Numidia
  • 106 BC - End of Jugurthine War
  • 104 BC - legatus to Marius cos.II in Gallia Transalpina
  • 103 BC - tribunus militum in army of Marius cos.III in Gallia Transalpina
  • 102-01 BC - legatus to Quintus Lutatius Catulus consul and pro consule in Gallia Cisalpina
  • 101 BC - took part in the defeat of the Cimbri at the battle of Vercellae
  • 97 BC - Praetor urbanus
  • 96 BC - Commander of Cilicia province pro consule
  • 90-89 BC - senior officer in the Social War as legatus pro praetore
  • 88 BC -
    • Holds the consulship (for the first time) with Quintus Pompeius Rufus as colleague
    • Invades Rome and outlaws Caius Marius the elder
  • 87 BC - Command of Roman armies to fight King Mithridates of Pontus
  • 86 BC - Sack of Athens, Battle of Chaeronea, Battle of Orchomenus
  • 85 BC - Liberation of Macedonia, Asia and Cilicia provinces from Pontic occupation
  • 84 BC - Reorganization of Asia province
  • 83 BC - Returns to Italy and undertakes civil war against the factional Marian government
  • 83-82 BC - War with the followers of Caius Marius the younger and Cinna
  • 82 BC - Victory at the Battle of the Colline Gate
  • 82/1 BC - Appointed "dictator legibus faciendis et rei publicae constituendae causa"
  • 81 BC - Resigns the dictatorship before the end of the year
  • 80 BC - Holds the consulship (for the second time) with Quintus Caecilius Metellus Pius as colleague
  • 79 BC - Retires from political life, refusing the post consulatum provincial command of Gallia Cisalpina he was allotted as consul, but retaining the curatio for the reconstruction of the temples on the Capitoline Hill
  • 78 BC - Dies, perhaps of an intestinal ulcer. Funeral held in Rome

الهامش

  1. ^ المعنى بالعربية هو "Lucius Cornelius Sulla, ابن لوقيوس، حفيد پوبليوس، المحظوظ." agnomen فليكس — المحظوظ — حصل عليه في آخر عمره، كنظير لاتيني للكنية اليونانية التي حصل عليها أثناء حملاته - επαφροδιτος , إپافروديتوس، محبوب أفروديت أو (للرومان القارئين للقب اليوناني لصولا) ڤينوس، بسبب مهارته وحظه كقائد عسكري.

المصادر

  • Keaveney, Arthur, Sulla: The Last Republican, Routledge; 2 edition (June 23, 2005). ISBN 978-0415336604.

وصلات خارجية

  اقرأ اقتباسات ذات علاقة بصولا، في معرفة الاقتباس.


مناصب سياسية
سبقه
Gnaeus Pompeius Strabo وLucius Porcius Cato
قنصل الجمهورية الرومانية
مع Quintus Pompeius Rufus
88 ق.م.
تبعه
Lucius Cornelius Cinna وGnaeus Octavius
سبقه
Gnaeus Cornelius Dolabella وMarcus Tullius Decula
قنصل الجمهورية الرومانية
مع Quintus Caecilius Metellus Pius
80 BC
تبعه
Appius Claudius Pulcher وPublius Servilius Vatia
سبقه
Publius Sulpicius Galba Maximus في 203 ق.م.، then lapsed
ديكتاتور الجمهورية الرومانية
82/1 ق.م.-81 BC
تبعه
Lapsed, next taken up Gaius Julius Caesar في 49 ق.م.