عن إعادة تنظيم المجتمع الاوروبي

ابراهيم العريس.jpg هذا الموضوع مبني على
مقالة لابراهيم العريس.

عن إعادة تنظيم المجتمع الاوروبي De la réorganisation de la société européenne، هو كتاب من تأليف المفكر الفرنسي سان سيمون، نشره عام 1804.

عن إعادة تنظيم المجتمع الاوروبي
عن إعادة تنظيم المجتمع الاوروبي.jpg
المؤلفسان سيمون
العنوان الأصلي (إذا لم يكن بالعربية)De la réorganisation de la société européenne
البلدفرنسا
اللغةالفرنسية
الناشر
الإصدار1804
ملف:عن إعادة تنظيم المجتمع الاوروبي.pdf
كتاب عن إعادة تنظيم المجتمع الاوروبي. لقراءة الكتاب، اضغط على الصورة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

استعراض الكتاب

«عمدت مخيلة الشعراء دائماً، الى جعل العصر الذهبي حقبة تاريخية ماضية تتزامن مع طفولة النوع الإنساني. والحال أنه كان الأجدر بالشعراء أن يجعلوا العصر الحديدي، لا العصر الذهبي، ملازماً لذلك المهد، ذلك أن العصر الذهبي للنوع الإنساني لا يوجد خلفنا، بل أمامنا. وإنه لقائم في تحسين النظام الاجتماعي والاقتراب به خطوات حقيقية نحو الكمال. إن العصر الذهبي عصر لم يره آباؤنا، أما أبناؤنا فإنهم هم الذين سيصلون اليه يوماً. وعلينا نحن أن نشق إليه الطريق».

هذا الكلام الواضح في علاقته بمفهوم التقدم، وفي عدائه لأي حنين يجعل الماضي محط الأنظار، جاء في واحد من فصول كتاب «عن إعادة تنظيم المجمع الأوروبي» Reorganization de la société européenne للمفكر الاشتراكي الخيالي الفرنسي الكونت دي سان سيمون. وسان سيمون نشر كتابه هذا في العام 1804، في فرنسا التي كانت المساعي النابوليونية فيها قد وصلت الى مأزقها التاريخي وطريقها المسدود. وبات على المفكر، لا على السياسي أو العسكري، أن يستخلص نتائج ما حدث خلال الفترة الممتدة بين اندلاع «الثورة الفرنسية» التي كانت قد غيَّرت وجه بعض الكون وصورة العلاقات السياسية بين الطبقات، وبين إخفاق آخر محاولات نابوليون لـ «تحديث العالم وأوروبا» من طريق غزوهما. وفي هذا النص، الذي يمكن اعتباره وصية «سياسية واجتماعية» مبكرة لسان سيمون، كان من الواضح ان الاهتمام يتركز على أوروبا، ولكن ليس من طريق اعتبارها كتلة جغرافية أو سياسية معزولة، بل باعتبارها قدوة وخطوة أولى للبشرية، على طريق التقدم، تقود إلى خطوات تالية.[1]

ومن هنا، لئن كان بعض الباحثين يرى في هذا الكتاب، بداية نظرية لولادة المشروع التوحيدي الأوروبي، نلاحظ أن مفكرين آخرين، أكثر كوزموبوليتيّة -وأيضا أكثر اطلاعاً على ثنايا فكر سان سيمون وأحلامه- يرون أنه إنما قدم أوروبا هنا كنموذج في مجال إعادة بناء مجتمعات موحدة في ما بينها، ولو على صعيد البنية الفوقية للمجتمع، طالما أن فكرة وحدة الشعوب أو اتحادها، ليست المسألة الحاسمة هنا، وإن كان العنوان الثانوي للكتاب كالتالي «حول ضرورة ووسائل تجميع شعوب أوروبا في جسم سياسي واحد، مع احتفاظ كل شعب منها باستقلاله الوطني».

الحقيقة أن كتاب سان سيمون هذا يعتبر ذا أهمية فائقة، خصوصاً أن المؤلف لم ينطلق فيه من أمور نظرية خالصة، بل من مسائل ملموسة وعملية... وبالتحديد من محاولات نابوليون التوحيدية، ثم أساساً من الدور الذي كانت تلك المحاولات تنيطه بالعلماء والمفكرين. وواضح هنا أن سان سيمون كان في ذهنه وهو يتناول هذا الجانب، الشقّ العلمي والفكري من حملة بونابرت على مصر، إذ نعرف أن بونابرت اصطحب معه في حملته المصرية عشرات العلماء والمفكرين، لكي يضفي على الحملة طابعاً يبتعد بها، الى حد كبير، عن الطابع العسكري البحت. وفي هذا الإطار، واضح أن جزءاً اساسياً من أهمية كتاب سان سيمون ينبع من أن مؤلفه حاول -وللمرة الأولى- أن يحلّ عدداً من المعضلات التي كانت تجربة نابوليون تركتها من دون حل، على الصعيدين الفكري والسياسي. وفي هذا الإطار، تقول فكرة سان سيمون الأساسية، إن التعاون بين كبار «القادرين» (فكرياً، أي في شتى صنوف العلم والمعرفة) هو السبيل الوحيد لحلّ تلك المعضلات، وتحديداً معضلات إعادة بناء الأمم. وهكذا يحدث لسان سيمون، الذي لطالما اتسمت أفكاره بالسمات اليوتوبية، يحدث له فجأة أن يتبدى واقعياً ويلتفت صوب ملوك أوروبا كلهم، متمنياً عليهم أن يتعاونوا في ما بينهم، باسم التقدم والصناعة، وخصوصاً الصناعة التي هي، أصلاً بالنسبة الى سان سيمون، في أساس التقدم.

سان سيمون يقول للملوك هنا، إن لا أحد يمكنه، مهما حاول، أن يوقف مسيرة الزمن، وان عملية إعادة التنظيم التي بات لا مفر منها، قادرة على أن تنسف في طريقها كل الأحكام المسبقة والمسلّمات، وبالتالي فإن المجتمعات ستتأسس حتماً، على أسس واضحة وجليّة، يكون فيها بالضرورة ترجيحٌ للنشاطات الصناعية والتجارية. وهذا سيجعل النشاط الاقتصادي مرتبطاً، وأيضا بصورة حتمية، بالنشاطات السياسية. وهنا يذكّر سان سيمون مَن يحب أن يقرأه، بأن الساحة السياسية الأوروبية بدأت تشهد بالفعل عدداً كبيراً من الأحداث والتجديدات السياسية والاجتماعية: بدءاً بتعميم الظاهرة البرلمانية، وصولاً الى انتفاضات الشعوب وثوراتها. ولما كان الأمر كذلك، قال سان سيمون: «لا يبدو اليوم ما هو أكثر طبيعية من أن يبادر الملوك والمسؤولون الى استباق الجميع في خطواتهم وتحركاتهم، وذلك لمصلحة الخير العام والرفاه الجماعي، خصوصاً لما فيه مصلحة العمال والناس الأكثر بؤساً وتواضعاً». وهنا، لئن تبدّى النظام البرلماني البريطاني فاعلاً حقاً وصالحاً حقاً، لا يرى سان سيمون أي بأس في أن يتناقش الملوك والحكومات من حوله ومن حول جدوى اتخاذه مثلاً يحتذى، وذلك من حول طاولة تفاوض يكون الهدف منها الوصول الى فيديرالية أوروبية حقيقية. وهنا لا يفوت سان سيمون أن يؤكد أن فيديرالية من هذا النوع يمكن فيها فرنسا وإنگلترا وألمانيا معاً، أن تمسك بزمام أمور التقدم والرفاه. فلو حدث هذا، فلا شك في أن المجتمع الأوروبي سيعيش حقبة تطور حقيقي. والمطلوب هنا، إذاً، الإسراع الى تأسيس هذا السلام الحقيقي الذي هو الطموح الأساسي والكبير للإنسانية. أما مركزة المسألة كلها في بعدها الإقتصادي، فمن شأنه أن يجعلنا نتفادى الوقوع في التجريدات والتعميمات لندخل صلب الملموس. وإذ يوضح هذا كله، مركّزاً على دور الحكومات والملوك والبنى الفوقية في المجتمع، يختتم سان سيمون حديثه بالقول إنه قد آن أخيراً «للشعوب أن تتعارف في ما بينها وأن تحظى بمؤسسات وهيئات مشتركة»، وبالتالي فإن المنظومة السياسية والاجتماعية التي يدعو اليها سان سيمون مدعوة الى توحيد العقول والأذهان النيرة من أجل الوصول الى الخير العام.


نقد

هذا الكتاب الذي يعتبر عادة واحداً من أوائل مشاريع الوحدة الأوروبية، يتمتع بأهمية تاريخية أخرى، تكمن في كونه يقدم للقارئ في ثناياه، ومن خلال التحليل، صورة حية ومسهبة للحياة الاقتصادية والسياسية في فرنسا، كما في أوروبا في ذلك العصر. وهو أحياناً يقرأ على هذا النحو، من دون إنكار فضله في التنبيه مبكراً إلى أن الوحدات الحقيقية بين شعوب متقاربة جغرافياً، لا يجب أن تنطلق من العواطف بل من الواقع الملموس: واقع الاقتصاد والحياة المشتركة.

واللافت أن هذا الكلام الواقعي الملموس في مشروع واضح الأهداف ممكن التحقيق، جاء بقلم مفكر وُسِمَ دائماً، ووُسمت أفكاره ومشاريعه بالبُعد الخيالي.

نبذة عن المؤلف

المفكر (سان سيمون) ولد العام 1760 لأسرة نبيلة الأصل، لم يبق من مجدها وثروتها سوى الاسم. لكن الفقر لم يمنع سان سيمون من أن يتلقى تعليماً جيداً ويدخل في العام 1777 سلك الجندية كصف ضابط، ثم يلحق بجيش لافاييت المحارب الى جانب الثورة الأميركية، بين 1783 و1789 قام سان سيمون بجولات عدة في هولندا وإسبانيا، ثم عاد الى باريس مناضلاً في التحركات الاجتماعية قبل أن ينصرف الى بعض الأعمال التجارية. وفي العام 1793 سجن وكاد يعدم لولا سقوط روبسبيير، ثم أطلق سراحه لينصرف الى العمل العلمي. وفي العام 1802 نشر أول كتبه «رسائل من قاطن في جنيف الى مواطنيه». وكان الكتاب باكورة نشاط سياسي وتأليفي تواصل حتى رحيله في العام 1825، وأسفر عن عشرات الدراسات والكتب، كما عن تشكل الكثير من الجمعيات الاشتراكية التي انتشرت في أنحاء عدة من العالم ناشرة العلم والمعرفة مبشرة بالتقدم وبنوع بدائي من الاشتراكية.

المصادر

  1. ^ ابراهيم العريس. "«عن إعادة تنظيم المجتمع الأوروبي» لسان سيمون: وحدة الشعوب خارج العواطف". الحياة. Retrieved 2013-01-01.