عضد الدولة البويهي

(تم التحويل من عضد الدولة)

عضد الدولة أبو شجاع فنا خسرو بن ركن الدولة (937 - 983) ثاني ملوك بني بويه. حكم من 951 - 983.

عماد الدولة
Adud al-DawlaCoinHistoryofIran.jpg
عملة معدنية صكت في عهد عماد الدولة.
أمير فارس
العهد949 - 983
سبقهعماد الدولة
تبعهشرف الدولة
أمير كرمان
العهد967 - 983
سبقهمعز الدولة
تبعهصمصام الدولة
أمير العراق
العهد978 - 983
سبقهعز الدولة
تبعهصمصام الدولة
وُلِد24 سبتمبر 936
Isfahan, Iran
توفي26 مارس 983
بغداد (حالياً العراق)
الدفن
النجف (حالياً العراق)
الأبركن الدولة
الديانةشيعي

برز عضد الدولة بعد وفاة عمه عماد الدولة، حيث خلفه في حكم أصفهان وشيراز وبلاد الكرج، وتطلعت طموحاته إلى الاستيلاء على العراق التي كانت تحت يد ابن عمه بختيار بن معز الدولة، لكنها كانت تصطدم بيقظة أبيه ركن الدولة الراغب في أن يعم السلام أسرة بني بويه، فلما توفي في سنة (36هـ = 9769) آلت رئاسة البيت البويهي إلى ابنه عضد الدولة، وانفتح الباب أمامه لانتزاع العراق من ابن عمه بختيار، فزحف إليه، واشتعلت بينهما عدة معارك انتهت لصالح عضد الدولة، وتمكن من القبض على بختيار وقتله في سنة (367هـ = 978م)، واستولى على ما تحت يديه، واستقر في بغداد، وأصبحت عاصمة الخلافة عاصمة لبني بويه، وخُطب له على منابرها إلى جانب الخليفة العباسي.[1]

وبعد ذلك شرع في مواصلة سياسة التوسع الإقليمي، فاستولى على الموصل وديار بكر وديار ربيعة وما حولها من الحمدانيين، وضم الأقاليم الخاضعة لأخيه فخر الدولة بسبب وقوفه إلى جانب بختيار، فاستولى على همدان والري وما بينهما من البلاد، وبسط نفوذه إلى بلاد جرجان وطبرستان، فتعاظم بذلك نفوذ عضد الدولة وذاع صيته، وخلع عليه الخليفة الطائع العباسي ما لم يخلعه على غيره، وعقد له لواءين، ولقبه بالملك وبتاج الملك، وأمر أن يُخطب له على منابر بغداد، فكان أول من خطب له بعد الخلفاء.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الإنجازات الحضارية

 
صورة لبوابة القرآن في شيراز، شيدت في عهد عضد الدولة.

بلغت الدولة البويهية شأنًا كبيرًا في عهد عضد الدولة، وشهدت إنجازات حضارية راقية على يديه، إلى جانب نجاحه في توحيد مناطق الدولة وجمعها تحت نفوذه، فبعد دخوله في بغداد بدأ في عمارتها وإعادة ما تهدم من مساجدها وأسواقها، وأقام الميادين، والمتنزهات، وأصلح الطريق بين مكة والعراق، وأقام سد السهيلة بالقرب من مدينة النهروان بالعراق، وأعاد حفر الأنهار التي اندثرت وهو ما أسهم في ازدهار الزراعة، وشيد مشهدًا عظيمًا على قبر الإمام علي رضي الله عنه.

ويذكر له أنه أمر بإخراج أموال الصدقات وتسليمها للقضاة والأعيان، لإعانة من يستحق من الفقراء وذوي الحاجات، وإعانة العاطلين الذين لا يجدون أعمالاً يقتاتون منها.

وشهدت الحياة العلمية في عهده ازدهارًا واسعًا، حيث قرب إليه العلماء، وأكرم وفادتهم، وأغدق عليهم العطاء وأحاطهم بكل مظاهر التكريم والتبجيل، وكان مجلسه منتدى يجتمع فيه الفقهاء والمحدثون والنحاة، والأدباء والشعراء، والأطباء والمهندسون، تدور فيه المناقشات العلمية، وتطرح القضايا على مائدة البحث، يدلي كل منهم بما عنده، وكان عضد الدولة يشترك معهم في هذه المناقشات.

ومن أبرز من اتصلوا به: أبو علي الفارسي وهو واحد من أكبر علماء العربية، ألّف له كتاب "الإيضاح" و"التكملة" في النحو، وكان عضد الدولة يقول: أنا غلام أبي علي في النحو، ومنهم أيضا أبو إسحاق الصابي الذي ألف له كتاب "التاجي في أخبار بني بويه"، وعلي بن العباسي المجوسي الذي صنف "الكناش العضدي" في الطب، وأبو الحسن ابن عمر الرازي، وكان فلكيًا كبيرًا صنع لعضد الدولة كرة كبيرة تمثل السماء بما فيها من نجوم وكواكب.

وكان عضد الدولة يحب الشعر ويتذوقه، ويغمر الشعراء بكريم عطاياه، فقصدوا بلاطه، ويأتي في مقدمتهم أبو الطيب المتنبي الذي خصه بمدائح عظيمة، وأبو الحسن السلامي أبرز شعراء العراق في ذلك الوقت، وكان عضد الدولة يقول عنه: "إذا رأيت السلامي في مجلسي ظننت أن عطارد قد نزل من الفلك إليَّ ووقف بين يدي".


البيمارستان العضدي

غير أن أعظم إنجازات عضد الدولة البويهي إنشاؤه لبيمارستان كبير نسب إليه، فعرف باسم البيمارستان العضدي، أقامه سنة (371هـ = 192م) في الجانب الغربي من بغداد، وزوده بما يحتاج إليه من الأطباء والممرضين والخدم والطباخين والأدوات والأدوية، وألحق به بيمارستانًا للمجانين، وكان يعمل به ما يزيد عن ستين طبيبًا في مختلف الاختصاصات، استقدم بعضهم عضد الدولة للعمل في البيمارستان من أماكن مختلفة، ومن هؤلاء الأطباء: جبرائيل بن عبيد الله بختيشوع، وأبو يعقوب الأهوازي، وأبو عيسى بقية، والكحال أبو نصر الرحبي، وأبو الحسن ثابت بن سنان بن ثابت بن قرة، وكان يتولى رئاسة الأطباء في البيمارستان.

والبيمارستان كلمة فارسية الأصل تعني المستشفى أو دار المرضى، وهي مركبة من كلمتين: بيمار وتعني المريض، وستان وتعني الدار. وقد تحولت الكلمة مع مرور الزمن إلى "مارستان" التي لا تزال تطلق الآن على مستشفى الأمراض العقلية. ويعد البيمارستان العضدي واحدا من أشهر المؤسسات العلاجية التي أنشئت في عصر ازدهار الحضارة الإسلامية.

وكانت تلك البيمارستانات تسير وفق نظام دقيق وترتيب غاية في الإحكام، فهي تنقسم إلى قسمين منفصلين، أحدهما للذكور والآخر للإناث، ويضم كل قسم قاعات فسيحة لمختلف التخصصات الطبية كالأمراض الباطنية، والجراحة، والكحال (الرمد)، والتجبير (العظام).

ولكل قسم من هذه الأقسام مجموعة من الأطباء الاختصاصيين في مختلف فروع الطب يتناوبون العمل فيما بينهم، ويقوم على كل طائفة منهم رئيس لإدارتها وتفقد أحوال المرضى، ويعاون الأطباء مساعدون من الممرضين والمشرفين والخدم يقومون على خدمة المرضى وتقديم الطعام والعلاج لهم.

وإلى جانب هذا النظام الداخلي لعلاج المرضى كان يوجد عيادات خارجية تقوم على خدمة المرضى وعلاجهم مما لا تحتاج حالتهم إلى استبقائهم داخل البيمارستان، فكان الطبيب يجلس على دكة، يكتب لمن يرد عليه من المرضى أوراقًا يعتمدون عليها، ويأخذون بها الأدوية والأشربة من صيدلية البيمارستان ليتابع العلاج في بيته، وهي تعد جزءًا مهمًا من مرافق البيمارستانات يقوم عليها الصيادلة، وتحتوي على أنواع مختلفة من الأدوية والأشربة والمعاجين.

رسالة من مريض إلى أبيه

ويحسن هنا أن أنقل ما كتبته المستشرقة الألمانية "زجريد هونكه" في كتابها "شمس العرب تطلع على الغرب" عن مريض كان يعالج في أحد مستشفيات قرطبة كتب رسالة إلى أبيه يصف له ما وجده من غيابه في المستشفى، يقول:

"لقد سجلوا اسمي هناك بعد المعاينة، وعرضوني على رئيس الأطباء، ثم حملني ممرض إلى قسم الرجال، فحمّني حمامًا ساخنًا، وألبسني ثيابًا نظيفة من المستشفى، وحينما تصل ترى إلى يسارك مكتبة ضخمة وقاعة كبيرة حيث يحاضر الرئيس في الطلاب، وإذا ما نظرت وراءك يقع نظرك على ممر يؤدي إلى قسم النساء، ولذلك عليك أن تظل سائرًا نحو اليمين، فتمر بالقسم الداخلي والقسم الخارجي مرورا عابرا، فإذا سمعت موسيقى أو غناء ينبعثان من قاعة ما، فادخلها وانظر بداخلها، فلربما كنت أنا هناك في قاعة النُقَّه (جمع ناقه) حيث تشنف آذاننا الموسيقى الجميلة ونمضي الوقت بالمطالعة المفيدة.. واليوم صباحًا جاء كالعادة رئيس الأطباء مع رهط كبير من معاونيه. ولما فحصني أملى على طبيب القسم شيئًا لم أفهمه، وبعد ذهابه أوضح لي الطبيب أنه بإمكاني النهوض صباحًا، وبوسعي الخروج قريبًا من المستشفى صحيح الجسم معافى، وإني والله لكاره هذا الأمر، فكل شيء جميل للغاية ونظيف جدًا، الأسِرّة وثيرة وأغطيتها من الدمقس الأبيض، والملاء بغاية النعومة والبياض كالحرير، وفي كل غرفة من غرف المستشفى تجد الماء جاريًا فيها على أشهى ما يكون، وفي الليالي القارسة تدفأ كل الغرف...".

وكانت تلك البيمارستانات تُرصد لها الأوقاف؛ ليصرف من ريعها على رواتب الأطباء والعاملين، علاج المرضى، وخصص لإدارتها ناظر يقوم على أمرها وعلى الأموال والأوقاف المخصصة لها، وكان هذا المنصب من الوظائف الديوانية العظيمة في الدولة لا يُختار له إلا الأكفاء من ذوي القدرة والأمانة.

وفاة عضد الدولة

لم تطل الحياة بعضد الدولة بعد أن قام بتلك الأعمال بعد توحيده العراق وفارس تحت حكمه وازداد نفوذه، فتوفي بداء الصرع في بغداد في (8 شوال 372هـ = 26 مارس 983م) عن ثمانية وأربعين عامًا.

انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ "البيمارستان العضدي.. رعاية فوق العادة". إسلام أون لاين.

المراجع

  • ابن الأثير على بن محمد: الكامل في التاريخ – دار صادر – بيروت 1402هـ = 1982م.
  • ابن خلكان: وفيات الأعيان – تحقيق إحسان عباس – دار صادر – بيروت – 1978.
  • حسن أحمد محمود وأحمد إبراهيم الشريف: العالم الإسلامي في العصر العباسي – دار الفكر العربي – القاهرة – بدون تاريخ.
  • عصام عبد الرؤوف: الدولة الإسلامية المستقلة في الشرق – دار الفكر العربي – القاهرة – 1974م.
  • سيجريد هونكه: شمس العرب تسطع على الغرب- ترجمة فاروق بيضون وكمال دسوقي – دار الآفاق الجديدة – 1401هـ = 1981م.
  • كمال السامرائي: مختصر تاريخ الطب العربي – دار النضال – بيروت – 1409هـ = 1989م.


سبقه
عماد الدولة
الأمير البويهي في فارس وكرمان تبعه
شرف الدولة
سبقه
عز الدولة
الأمير البويهي في العراق تبعه
صمصام الدولة