حرب كوسوڤو

(تم التحويل من حرب كوسوفو)

حرب كوسوفو يطلق على نزاعين مسلحين متتالين ما بين بداية عام 1998 و11 يونيو 1999. بدأ الحرب بنزاع بين القوات والشرطة اليوغوسلافيا والقوات الكوسوفيا في مارس 1998. في 24 مارس 1999 تدخلت قوات الناتو بقصف يوغوسلافيا في ما واصلت قوات كوسوفو هجماتها. تم تشريد عدد كبير من سكان كوسوفو أثناء النزاع. أدى النزاع إلى خضوع كوسوفو للإشراف الدولي من قبل الأمم المتحدة وثم إستقلاها كجمهورية في 17 فبراير 2008.[24]

حرب كوسوڤو
Kosovo War
جزء من تفكك يوغسلاڤيا
Kosovo War header.jpg
التاريخيناير 1998[5]–11 يونيو 1999
الموقع
النتيجة معاهدة كومانوڤو؛ انسحاب قوات الأمن اليوغسلاڤية من كوسوڤو؛ الاحتفاظ بسيادة يوغسلاڤيا الاشتراكية.[6]
المتحاربون

جيش تحرير كوسوڤو جيش تحرير كوسوڤو (KLA)
القوات المسلحة في جمهورية كوسوڤو[1]


 ألبانيا[2]


قوات الناتو
 الولايات المتحدة
 المملكة المتحدة
 ألمانيا
 فرنسا
 إيطاليا
 كندا
 إسپانيا
 الدنمارك
النرويج Norway[3]
 تركيا[4]
 هولندا
 بلجيكا
and other NATO air, maritime and land forces

 جمهورية يوغسلاڤيا الاتحادية

القادة والزعماء

Kosovo Liberation Army أدم يشاري 
(القائد الأعلى لجيش تحرير كوسوڤو 1996–1998)

Kosovo Liberation Army سليمان سيليمي
(القائد الأعلى لجيش تحرير كوسوڤو مايو 1999)

Kosovo Liberation Army أجيم تشيكو
(القائد الأعلى لجيش تحرير كوسوڤو مايو 1999)

Kosovo Liberation Army راموش هاراديناي
(القائد الثاني لجيش تحرير كوسوڤو)

Kosovo Liberation Army هاشم ثاچي
(القائد الثالث لجيش تحرير كوسوڤو)

Tahir Zemaj
(القائد الأعلى للقوات المسلحة في جمهورية كوسوڤو)

Bujar Bukoshi
(القائد الثاني للقوات المسلحة في جمهورية كوسوڤو)


 Wesley Clark
(SACEUR)

الاتحاد الأوروپي خافير سولانا
(الأمين العام للأمم المتحدة,
1995-1999،
الممثل السامي للاتحاد الاوروپي,
1999 on)

جمهورية يوغسلاڤيا الاتحادية سلوبودان ميلوسيفيتش
(جيش يوغسلاڤيا القائد الأعلى)

جمهورية يوغسلاڤيا الاتحادية Dragoljub Ojdanić
(القائد الأعلى لجيش يوغسلاڤيا)

جمهورية يوغسلاڤيا الاتحادية Svetozar Marjanović
(نائب رئيس أركان جيش يوغسلاڤيا)

جمهورية يوغسلاڤيا الاتحادية Nebojša Pavković
(القائد الثالث، جيش يوغسلاڤيا)

صربيا Sreten Lukić
(قائد شرطة صربيا)
القوى

Kosovo Liberation Army 9,000 - 40,000 من مسلحي جيش تحرير كوسوڤو [7]

3,000 من مسلحي القوات المسلحة لجمهورية كوسوڤو[8]


NATO: cca. 80 aircraft[9]

جمهورية يوغسلاڤيا الاتحادية 140,000 عسكري
صربيا 30,000 police


صربيا 15,000 متطوع

الضحايا والخسائر

1,700[10]


NATO: 2 non-combat deaths[11],
1 F-117[12] and 1 F-16[13], both from the US Air Force
سببها جيش تحرير كوسوڤو:
غير معروف
سببها الناتو:
جمهورية يوغسلاڤيا الاتحادية 1031 جندي وفرد شرطة[14][15]
جمهورية يوغسلاڤيا الاتحادية 114 شرطة[16]

تفجيرات الناتو: Human Rights Watch was able to verify 500 civilian deaths throughout FR Yugoslavia (outside of Kosovo),[17][18] with other sources stating from 1,200 to 5,700.[17] 10,000 - 11,000 Kosovo Albanian civilians killed by Serb forces.[19][20][21] Around 200 Kosovo Albanian civilians were killed by NATO forces.[22][23]


3 قتلى من الدبلوماسيون الصينيون

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خلفية

تتكون يوغسلافيا السابقة من ست جمهوريات، ومقاطعتَين. تتمتعان بالحكم الذاتي. الجمهوريات هي: صربيا، كرواتيا، سلوفانيا، البوسنة والهرسك، مقدونيا، والجبل الأسود. والمقاطعتان هما: كوسوفا، وفوديفودينا. وتقع مقدونيا جنوب كوسوفا، وألبانيا في شمالها، وفي شرقها صربيا، وفي غربها الجبل الأسود.

ويُعد إقليم كوسوفا، من أفقر المقاطعات في أوروبا. فاقتصادها يعاني الشلل، بسبب السّنوات الطويلة من سوء الإدارة الشيوعية، والمشاكل الداخلية، وارتفاع معدل المواليد ارتفاعاً كبيراً، ومع ذلك، فالمقاطعة غنية بالموارد الطبيعية. ويبلغ عدد سكان الإقليم مليوني نسمة، 93% منهم مسلمون، من أصل ألباني؛ و7% من أعراق مختلفة، من الصرب، والجبل الأسود، وتركيا.

وتقدَّر مساحة إقليم كوسوفا بنحو 11 ألف كم2. ويعد الصّرب كوسوفا أرضهم المقدسة؛ فهي مسرح هزيمتهم التاريخية المريرة، على أيدي العثمانيين، في القرن الرابع عشر، عام 1389 (معركة ميرل). ويرجع الصّراع بين الصّرب والمسلمين الألبان في الإقليم، إلى أمد بعيد. فقد تولى الصّرب السيطرة على الإقليم، عام 1913، ومنذ ذلك الحين، وهم يتمسكون بهذه الأرض، باستثناء الفترة، التي ضمت فيها إيطاليا كوسوفا إلى ألبانيا المجاورة، أثناء الحرب العالمية الثانية. ومنذ عام 1974 حتى عام 1989، أدار الألبان، إقليم كوسوفا، الذي كان يتمتع بالحكم الذاتي.


اتفاقية أوسلو

ونظراً إلى التجربة السابقة في البوسنة، أدرك المجتمع الدولي خطر تطور الأمر في كوسوفا، ليصل إلى حدِّ الحرب، بين الصرب والألبان، خاصة أن هناك وجوداً قوياً للألبان في كلٍّ من مقدونيا والجبل الأسود وألبانيا؛ إضافة إلى احتمال مشاركة كلٍّ من اليونان، وبلغاريا، وتركيا، مما يصعد الموقف، ويجعل من الصعب حصر الصراع الصربي ـ الألباني في كوسوفا وحدها.

لذلك، بدأت كلٌّ من فرنسا وإيطاليا وبريطانيا مساعيها، لدى بلغراد، تمخضت عن اتفاقية صربية ـ ألبانية، حملت اسم "أوسلو"، في سبتمبر 1996، وقعها الرئيس الصربي، سلوبودان ميلوسوفيتش، وإبراهيم روجوفا، رئيس جمهورية كوسوفا المعلنة. وهي خاصة بالتعليم، كنواة للعودة إلى الحكم الذاتي. إلاّ أن الضغوط، التي مارسها المتطرفون الصرب على حكومة ميلوسوفيتش، حالت دون تنفيذ هذه الاتفاقية؛ وذلك لخوفهم من أن يؤدي تنازلهم في قضية التعليم، إلى سلسلة من التنازلات الأخرى، التي ربما تنتهي بمنح الإقليم الحكم الذاتي؛ فيضيع حلمهم في قيام دولة صربيا الكبرى.

وعلى الجانب الآخر، أصبح التيار المعتدل، الذي يقوده الزعيم روجوفا، غير قادر على التحكم في سكان الإقليم، من الألبان، الذين بدأوا يتشككون في سياسة زعيمهم المعتدلة، التي لم تحقق لهم أملهم في الحكم الذاتي. وقد دعاهم ذلك إلى الانتفاضة، التي رد عليها الصرب بالمذابح، والقصف بالمدفعية والدبابات، وتهجير سكان الإقليم، لإفراغه، وإسكان النازحين الصرب من كرواتيا والبوسنة مكانهم؛ وذلك لمعادلة الأغلبية السكانية المسلمة في كوسوفا، حيث تمثل المشكلة الديموجرافية مصدراً رئيسياً لقلق السلطات الصربية.

وتمثل قضية التعليم مرتكزاً خاصاً؛ ذلك أنه منذ عام 1989، عندما أُلغي الحكم الذاتي لكوسوفا، انتُزع معظم المباني، المدرسية والتعليمية، من الألبان في الإقليم، فجاءت الاتفاقية لتنص على تطبيع النظام التعليمي، ودعوة الطلاب إلى العودة إلى مدارسهم وجامعاتهم، التي كانت قد أُخذت منهم.

إلاّ أن الشارع الألباني، انقسم على نفسه، بين مؤيد، رأى الاتفاق خطراً على طريق التفاوض في الاستقلال وإعلان الجمهورية؛ ومعارض، رأى الاتفاقية تخلياً عن الحلم القومي في الاستقلال، وإعلان الجمهورية، عام 1991. ثم جاء تباطؤ الصرب في إنفاذ بنود اتفاقية أوسلو، ليزيد من السخط عليها، وأُحرج موقف الدكتور إبراهيم روجوفا، أمام سكان الإقليم؛ ومع تصاعد الغضب الكوسوفي، بدأ التخلي عن الخط، الذي تمسك به منذ عام 1991، وهو النضال السلمي. ومع الذكرى السنوية الأولى للاتفاقية، كان الجيش الجمهوري لتحرير كوسوفا، قد تكَوَّن (سبتمبر 1997)؛ وإن اعتُقِدَ في البدء، بأنه منظمة اسمية، فقد جاءت الأحداث، لتؤكد عكس ذلك؛ لتتكرر مأساة البوسنة مرة أخرى: من إرهاب الصرب للمواطنين، وارتكاب مذابح جماعية في حقهم، ومحاولات إفراغ إقليم كوسوفا من سكانه؛ لتشهد أوروبا واحدة من أكبر عمليات النزوح الجماعي. كل ذلك، بدعوى تعقب جيش تحرير كوسوفا.

الموقف الألباني

انقسم الفكر الألباني تجاه أزمة كوسوفا، إلى اتجاهَين: الأول سياسي تفاوضي؛ والثاني، عسكري.

الاتجاه الأول: السياسي التفاوضي

تبنى هذا الاتجاه العمل السياسي التفاوضي، كمنهج للتعامل مع الأزمة. وظهرت عدة اتجاهات سياسية، مثل الحزب البرلماني الألباني، وحكومة المنفى، ورابطة كوسوفا الديموقراطية. لكن هذه القوى السياسية، مالبثت أن ناصرت العمل العسكري، سوى حزب الاتحاد الديموقراطي لكوسوفا، برئاسة الدكتور إبراهيم روجوفا، الذي استمر في النهج السياسي السلمي.

والدكتور إبراهيم روجوفا (55 عاماً)، هو السياسي الألباني الأكثر اعتدالاً بين زعماء الألبان. وقد نشأ في ظل أجواء القهر والقمع، اللَّذَين انتهجهما الشيوعيون اليوغسلاف، الذين أعدموا والدَيه، بعد الحرب العالمية الثانية. هو كاتب وعالم، في الأدب الألباني، درس علم اللغويات في جامعة السّوربون في فرنسا.

ومن قادة هذا التيار، كذلك الدكتور فهمي أغاني (66 عاماً)، وهو نائب رئيس حزب الاتحاد الديموقراطي لكوسوفا، ويوصف بأنه منظّر الأهداف الاستقلالية لألبان كوسوفا. وهو حاصل على الدكتوراه في علم الاجتماع، وعمل أستاذاً في جامعة بريشتينا، نحو ثلاثين عاماً. وقد عُثر عليه مقتولاً في كوسوفا، في مايو 1999؛ وأكدت وزارة الخارجية الألمانية، أنه قُتل على يد القوات الصربية.

وقد نجح هذا التيار في تكوين مؤسسات، موازية للمؤسسات الصربية؛ وفي مقاطعة الأنشطة الحكومية المركزية؛ في إطار سياسة المقاومة غير العنيفة، وإبراز حدة الضغوط الصربية على الألبان؛ ولا سيما انتزاع مَدارسهم، وحظر استخدام اللغة الألبانية في وسائل الإعلام.

وقد تدهورت شعبية هذا الاتجاه، لتمسكه بالحل السلمي، واتهامه بالسلبية والمهادنة؛ ثم تدهورت علاقته بحكومة المنفى، مما أفقده مصادر التمويل الخارجية. وقد اشتهر الدكتور روجوفا بصلابته وقدرته على الإقناع، وتمسكه بالمقاومة السلمية، على نمط الزعيم الهندي، غاندي.

العمل العسكري

أنشأ الألبان، عام 1993، جناحاً عسكرياً، لحماية المدنيين، وتحقيق الاستقلال في بريشتينا، عرف باسم جيش تحرير كوسوفا. إلاّ انه لم يعلن وجوده إلاّ في يوليه 1997، وبدأ مقاتلوه بالظهور العلني، بأسلحتهم وملابسهم العسكرية، منذ مطلع أبريل 1998. وكان أول ظهور علني للمتحدث الرسمي للجيش، في تليفزيون تيرانا، في منتصف يونيه 1998، وهو يرتدي الزي الرسمي للجيش، بشعاره على القبعة والكتف، الذي يتكون من أرضية حمراء، في وسطها النسر الألباني الأسود ذو الرأسَين، محاطاً باسم "جيش تحرير كوسوفا"، مكتوباً باللغة الألبانية.

ولهذا الجيش مبادئ أساسية محددة، منها أنه يحرم على أفراده التورط في أي أنشطة إجرامية، أو تلقي أسلحة أو أموال من دول تساند الإرهاب. ولا يضم مقاتلين أجانب في صفوفه. وتمنع قياداته أي تمييز، ديني وطائفي، وتصرّ على المنطلق القومي الألباني. وهو يتبع نظام التجنيد الإجباري، ويُعاقب كل ألباني لا يتعاون معه. وقد بدأ الجيش بعدد لا يزيد على مائتي رجل، ثم ازداد، ليراوح، طبقاً لمعلومات وزارة الدفاع الأمريكية، بين 18 و20 ألف مقاتل. كما أن النظام في الجيش، ليس مركزياً؛ فلا يوجد شخص واحد، يجمع السلطة في يده؛ وإنما يعمل على أساس وحدات منفصلة، في جميع أنحاء كوسوفا، لتنفيذ سياسته. ولذلك، فهناك تعدد للقيادات والآراء، ولا يوجد من يطلق عليه الشخص الأول في الجيش.

وقد عمل الجيش على إحداث انتفاضة حقيقية، في ربيع 1997، في كوسوفا. واستطاع تهريب كميات كبيرة من الأسلحة، المسروقة من مخازن الجيش الألباني. وأصبح أكثر تنظيما وقدرة على إحداث خسائر في الجيش الصربي، وكسب تعاطف الألبان، الذين عَدُّوه قوة دفاع شعبية.

ومن أهم رموز الجيش، هاشم تاجي (29 عاماً)، من مواليد درينتسا، المعقل الأساسي لثورات الألبان، وهو عضو الهيئة العامة للجيش، والقائد السياسي له، والمنسق الرئيسي للوفد الألباني في مفاوضات "رامبوييه"، وحاصل على دراسات عليا في السياسة، من سويسرا، ثم التحق بجيش التحرير، وأصبح أكثر قادته تأثيراً. وقد وافق على خطة السلام الدولية، في مفاوضات "رامبوييه"، متجاهلاً توصية رئيس الجناح السياسي للجيش، بضرورة مقاطعة المفاوضات. وبدا وكأنه القائد الفعلي للألبان.

ومن قادة الجيش،كذلك، آدم ديماتشي (63 عاماً)، من مواليد بريشتينا، لأسْرة فقيرة مكافحة. فاق في الفنون والآداب، ودرس الأدب العالمي، في جامعة بلغراد. وقضى 28 عاماً من عمره في السجن، في قضايا سياسية، حتى أُفرج عنه، في أبريل 1990. ثم منحه البرلمان الأوروبي جائزة Shakharav للسلام، كما منحه النادي الأوروبي، لرؤساء جامعات أوروبا، جائزة السلام، عام 1992. وكان ديماتشي رئيساً لمجلس الدفاع عن حقوق الإنسان وحرياته، في بريشتينا. ترأس الحزب البرلماني الألباني، ثم عُيّن رئيساً للجناح السياسي للجيش. ويُعد آدم من أكثر العناصر تشدداً، في جيش تحرير كوسوفا.

ثانيا: تفجّر الأزمة وتدويلها

اقتصرت المرحلة الأولى، التي شهدت بداية تفجر الأزمة الألبانية وتدويلها، خلال عامي 1997/1998 ـ على العمل السّياسي السّلمي. وقد استمرت خلالها سياسة العنف الصربي تجاه الألبان، على الرغم من دعوة الصّرب إلى إجراء الحوار معهم.

وكان الموقف الحاكم لهذا الاتجاه، هو التمسك بالاستقلال، كهدف أساسي، وهذا ما أعلنه الألبان، في 7 سبتمبر 1990 بإعلان الجمهورية، واختيار الدكتور "روجوفا" رئيساً لهم، عام 1992م. وقد اتخذ هذا المعسكر من الحل السلمي السياسي، نهجاً وآلية، لتحقيق هدف الاستقلال، من طريق الحوار والتفاوض، وتعبئة مساندة القوى الكبرى. غير أنه لم يحقق أي تقدم، سوى المزيد من التنازلات، التي لم يقابلها تنازل صربي واحد. ويمكن الاستدلال على موقف هذا الاتجاه، من خلال عدة شواهد، منها:

  • استجابة أنصار هذا الاتجاه لدعوة الصرب، إلى إجراء حوار معهم، مع التمسك بخيار الاستقلال، ورفض الحكم الذاتي. واشترط الدكتور "روجوفا"، أن يكون الحوار مع ممثلي الاتحاد اليوغسلافي، وليس مع ممثلي الحكومة الصربية، وبوجود وسيط دولي.
  • القبول بمحددات المبعوث الأمريكي، "هولبروك"، في إجراء الحوار مع الصّرب، من دون المطالبة باستقلال كوسوفا، كشرط مسبق لإجراء الحوار. وكذلك، عقد لقاء بين "روجوفا" و"ميلوسيفيتش"، من دون وسيط دولي؛ وهو ما جرى، بالفعل، في 15 مايو 1998. وأثمر هذا اللقاء جولة أولى من المفاوضات الصربية ـ الألبانية، لم تستأنف، بسبب استمرار سياسة العنف الصربي تجاه الألبان.
  • بدء التراجع عن خيار الاستقلال، عقب لقاء الدكتور "روجوفا" المسؤولين الأمريكيين، الذين يعارضون الاستقلال؛ واقتراحه وضع الإقليم تحت الانتداب الدولي، كحل مؤقت؛ ومحاولة إقناع الألبان بقبول الحل الوسط؛ وأن يصبح إقليم كوسوفا جمهورية، ضمن الاتحاد اليوغسلافي، مثل صربيا والجبل الأسود.
  • مع تردد حلف شمال الأطلسي في التدخل، عسكرياً؛ وتخاذل الموقف الدولي من الألبان، أقدم أنصار هذا الاتجاه على تقديم تنازلات أخرى، منها الموافقة على بدء المفاوضات، مع التمسك بفكرة الفترة الانتقالية لحكم ذاتي مؤقت، لمدة ثلاث سنوات، من دون تحديد لما بعدها. ومع ذلك، لم يستجب الصرب لشروط استئناف الحوار، واستمروا في سياسة العنف؛ وهو ما دعا أنصار الحل السياسي، إلى ضرورة التدخل العسكري لحلف شمال الأطلسي.

ثم جاءت المرحلة الثانية، التي شهدت تفجر أحداث الأزمة، خلال عام 1999. وعُقدت مفاوضات "رامبوييه"، في فرنسا، وانتهت إلى تدخّل حلف شمال الأطلسي، عسكرياً. ولكن الدكتور إبراهيم روجوفا، واصل التزامه بالنهج السلمي، كآلية لتحقيق الاستقلال، في وقت انتفت فيه مبررات العمل السياسي السلمي. فوافق على خطة السّلام الدولية، في مفاوضات "رامبوييه"، التي قررت منح الإقليم الحكم الذاتي، لمدة ثلاث سنوات، يتحدد بعدها مصيره، من طريق الاستفتاء العام. ولكن رفض الصرب لهذه الخطة، كان العامل المباشر لتدخّل حلف شمال الأطلسي، عسكرياً.

الأسباب المؤدية

في القرن التاسع عشر أصبح الألبان المسلمون الأغلبية في منطقة كوسوفو التي كانت تحت السيطرة العثمانية الذي ظل حتى عام 1912. في عام 1878 ظهرت أول حركة وطنية ألبانية باسم عصبة برزرن، وكان هدف الحركة الحصول على الاستقلال من الحكم العثماني. بعد حروب البلقان في عام 1912 و 1913 أصبحت كوسوفو تحت الحكم الصربي، وبعد الحرب العالمية الثانية أصبحت إحدى أقاليم صربيا في دولة يوغوسلافيا. كانت لكوسوفو مكانة مهمة في تاريخ صربيا أثناء العصور وسطى ولذلك مكانة عالية في الوطنية الصربية. في عام 1974 أصبحت كوسوفو الوحدة الفدرالية السابعة في يوغوسلافيا وفقا لدستور. سمح هذا بأن تقوم كوسوفو بتسير أمورها بحرية أكثر، من ما أدى إلى زايدة كراهية الصرب لهم وزاجت التوترات بين سكان كوسوفو الصرب والألبان. لم تقف الحركة الوطنية الألبانية في مواصلة نموها حتى بعد الحصول على استقلال أكثر.

عندما أصبح سلوبودان ميلوسيفيتش رئيسا ليوغوسلافيا في عام 1988، بدأ بتفعيل الوطنية الصربية، وإستخدم كوسوفو كنقطة تجمع للصرب. تم سحب صلاحيات كوسوفو للحكم الذاتي في عام 1990، وأصبحت تدار مباشرة من قبل صربيا. كانت أوخر التسعينات وأوائل الثمانينات من القرن العشرين فترة اضترابات للجمهوريات اليوغسلافية. في عام 1991 حصلت كل من سلوفينيا وكرواتيا على إستقلاهن، وفي عام 1992 إندلعت المعارك في البوسنة. أدى هذا إلى تشدد بعض الكوسوفيون، حيث أن المقاومة السلمية من أجل إنشاء دولة كوسوفو أو الانضمام إلى ألبانيا لم تثمر أي نتائج.[25]

بدأ النزاع

في عام 1997 بدأت قوات جيش تحرير كوسوفا بمهاجمة القوات اليوغوسلافيا.[25] من ما أدى إلى ردة فعل قاسية من قبل قوات الأمن الصربية، وخاصة المسح الأمني للمنطقة في مارس من عام 1998، والذي ساعد في جلب المزيد من الكوسوفيون للمقاومة. بدأ جيش تحرير كوسوفا كقوة صغيرة، ولكن بمساعدة ألبانيا إستطاعت الحصول على أسلحة ومتتطوعون حيث أن القوة سيطرت على 40% من الإقليم. وفي يونيو صعد ميلوسيفيتش حملته ضد الكوسوفيون ومن ما أدى إلى نزح كبير للألبان إلى ألبانيا. لم تستطع مجموعة الاتصال، المكونة من عدة دول، في الاتفاق على فرض عقوبات ضد الصرب. في أغسطس إستطاعت القوات الصربية في التغلب على جيش تحرير كوسوفا في معظم الأماكن في الإقليم، وتركزت المعارك قرب الحدود الألبانية، حينما كان الطرفان يراجعان مخططات السلام.

أدانت الأمم المتحدة الإرهاب الصربي ضد القرويون الألبان. وتصاعدت المعارك بين القوات الصربية والمتمردون (والمدنيون) في قتل 50 شخص في ديسمبر 1998. أرسلت الأطراف وفود إلى رامبيولي في فرنسا لتوصل إلى السلام في فبراير عام 1999. لم تتوقف القوات الصربية في مهاجمة الكوسوفيون الألبان، وقام الصرب بتحصين حدودهم مع جمهورية مقدونيا تحسبا لتدخل لقوات الناتو.[24]

دخول الناتو

في 24 مارس 1999 بدأت الناتو بقصف يوغوسلافيا. تواصلت الهجمات الجوية ل78 يوم. تم التوصل إلى اتفاق لسماح بالقوات الصربية بالانسحاب في 9 يونيو، وكانت المهلة 11 يوما. من ضمن الاتفاق شروط لنشر قوات دولية لحفظ السلام.[24]

 
Post-strike bomb damage assessment photograph of the Kragujevac Armor and Motor Vehicle Plant Crvena Zastava, Serbia

إن إقدام حلف شمال الأطلسي على استخدام القوة العسكرية، على هذا النحو من الاستقلال النسبي عن مجلس الأمن، بغض النظر عن التفسيرات المختلفة لقرارات المجلس؛ ومن دون الاستناد إلى تفويض مباشر وصريح منه، باستخدام القوة العسكرية، أثار الكثير من التساؤلات حول مستقبل النظام الأمني الجماعي، الذي يمثله مجلس الأمن؛ وما إذا كانت أزمة كوسوفا، تمثل سابقة في إرساء تحوّل الحلف من حلف عسكري، يُدافع عن أعضائه، لدى تعرضهم لهجوم عسكري (وفقاً للمادة 5 من المعاهدة المؤسسة للحلف)؛ أو بمعنى آخر، التحول من كونه نظاماً للأمن الجماعي الإقليمي، نشأ في إطار المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة، إلى حلف ذي مهام عسكرية أخرى أوسع نطاقاً؟

الواقع هو أن مستقبل نظام الأمن الجماعي، الذي تمثله الأمم المتحدة، يرتبط بمستقبل الجدل الواسع النطاق، داخل الحلف، في شأن مستقبله، بعد تغيُر البيئة الإستراتيجية الأمنية في أوروبا، عقب انتهاء الحرب الباردة. فالتصور الأول لمستقبل الحلف، وتؤيده بعض الدول الأوروبية، خاصة فرنسا، يؤكد ضرورة التمسك بالإطار القانوني، الذي وضعته الأمم المتحدة لاستخدام القوة العسكرية؛ ومن ثَم، التمسك بالحفاظ على نظام الأمن الجماعي، الذي تمثله المنظمة الدولية، وأن يظل مجلس الأمن، هو المرجع الأول، في تحديد مشروعية استخدام القوة، أو التهديد باستخدامها. وعلى ذلك، يظل الحلف يعمل في إطار المادتَين (51) و(53) من ميثاق الأمم المتحدة، وفي إطار المادة (5) من ميثاق الحلف.

ويرى التصور الثاني ضرورة توسيع اختصاصات الحلف، على أن يُدافع عن أعضائه، لدى أي تهديد، بصرف النظر عن مصدره، أو نطاقه الجغرافي. وتؤيده، بقوة، الولايات المتحدة الأمريكية. وهو يدعو إلى إعطاء الحلف قدراً أكبر من حرية الحركة، فيما يتعلق بقرار استخدام القوة العسكرية، أو التهديد باستخدامها؛ وهو ما يمنحه حق اتخاذ القرار، في شأن استخدامها، استناداً إلى أساس قانوني ملائم، وفي إطار "روح" ميثاق الأمم المتحدة، خاصة الحالات، التي تفرض التدخل العسكري لأسباب إنسانية؛ ومن دون أن ينتظر صدور قرار صريح عن مجلس الأمن، يقضي باستخدام القوة العسكرية.

وإفساح المجال للحلف، للعمل، فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان، والمشكلات العِرقية، خارج الإطار القانوني لاستخدام القوة العسكرية، في العلاقات الدولية؛ أو خارج نطاق المادة (5) من ميثاق الحلف ـ ينطوي على خطر ناجم عن كون هذه القضايا، لا تزال محل خلاف شديد في المجتمع الدولي، بسبب وجود قدر من الاختلافات الثقافية، إضافة إلى وجود دولتَين، بين الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، (روسيا والصين)، لا تشاركان الحلف في المصالح، الاقتصادية أو الأمنية أو السياسية؛ وهو ما قد يؤدي إلى تعويق عمل مجلس الأمن، ونظام الأمن الجماعي، بسبب استخدام حق النقض (الفيتو).

وفي الواقع، يزداد خطر مثل هذه العلاقة، بين الأمم المتحدة والحلف، في ضوء وجود العديد من مصادر الصراع، العِرقي والإثني، وتزايد احتمالات تفجرها، في العديد من مناطق العالم عامة، وفي منطقة البلقان خاصة.

ولا شك أن حسم هذا الجدال في مصلحة أي من التصورين، سوف يُلقي بظلاله على مستقبل نظام الأمن الجماعي. فإذا ما حُسِم في مصلحة التصور الثاني، فلا يمكن، في هذه الحالة، قبول فكرة أن ما حدث في كوسوفا، يمثل حالة خاصة، أو استثناء، لا يقاس عليه؛ إذ يصبح دور مجلس الأمن مقتصراً على إضفاء المشروعية على قرارات الحلف، من خلال إصدار قرارات، تتضمن دعم قرارات الحلف وسلوكياته ومساندتهما، على نحو ما حدث خلال تطورات أزمة كوسوفا.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قبل تدخل منظمة حلف شمال الأطلسي

كوسوفو في تيتو يوغوسلافيا(1945-1986)

على أن كوسوفا، في عهد الرئيس تيتو، عام 1974، نعمت بالاستقلال الذاتي، في إطار يوغسلافيا الفيدرالية. ووفقاً للحقوق الدستورية، كانت لها حكومة خاصة، وبرلمان تشريعي منتخب، وكانت اللغة الألبانية، هي المستخدمة في المدارس والجامعات ومحطات التليفزيون، والصحف المحلية. وعدّ أهالي كوسوفا نيلهم هذه الحقوق، خطوة متقدمة، على طريق إقامة دولتهم المستقلة، مستقبلاً، داخل إطار يوغسلافيا الفيدرالية، خاصة أن دولاً أعضاء في الاتحاد، مثل مقدونيا، وسلوفينيا، هي أقلّ سكاناً من كوسوفا.

وكانت مقاطعة كوسوفا تتمتع بالحكم الذاتي، حتى عام 1989، حينما بادر الصرب، من جانب واحد، وتحت تأثير تصريحات سلوبودان ميلوسيفيتش المتطرفة، إلى إلغاء حكمها الذاتي، وحل برلمانها وفرْض القانون الصربي عليها، وعدها، عام 1990، جزءاً من جمهورية صربيا.

وفي مارس 1990، أصدر الصّرب مرسوماً، بعنوان "برنامج جمهورية الصرب، لاستعمار إقليم كوسوفا"؛ فُصل، بمقتضاه آلاف من المهنيين الألبانيين. وعدَّد المرسوم الميزات، التي سوف تمنح للصرب، وأبناء الجبل الأسود، الراغبين في الاستقرار في إقليم كوسوفا. وأعلن المرسوم، إضافة إلى ذلك، استبعاد الألبانيين عن جميع الوظائف، والمراكز المؤثّرة في الإقليم. وقد لجأت الحكومة الصربية إلى تغيير التوازن الديموجرافي في المقاطعة، بترحيل أعداد كبيرة من المسلمين، من مدنهم وقراهم؛ واستخدام الإغراءات المادية، لاجتذاب الصرب، وإقناعهم بالانتقال إلى المقاطعة، والعيش قيها، لإعادة تشكيل تركيبتها العِرقية. والدافع وراء ذلك كله، هو إقامة جمهورية صربيا الكبرى، وجعلها الدولة القوية في أوروبا. لذلك، ترفض صربيا حتى النظر في مقترحات، من نوع إعادة الحكم الذاتي إلى كوسوفا.

ويعد الصّرب "كوسوفا بولي"، القريبة من بريشتينا، عاصمة الإقليم، مركزاً لحضارتهم، التي ترجع إلى العصور الوسطى. ويقول الزعيم الصربي، سلوبودان ميلوسيفيتش، بعبارة مشحونة بالعاطفة: "إن كوسوفا هي مهد صربيا، ويجب أن تعود إلينا". ويذكر الصِّربيون، أن مدينة "بيك"، في كوسوفا، هي مقر البطريركية الصِّربية.[26]

إن صربيا، سواء في كوسوفا أو في البوسنة والهرسك، تنتهك حقوق الإنسان؛ فمعاملة الصرب للمسلمين قاسية، وغير إنسانية؛ وقد زجّت الشّرطة بالآلاف من الشباب في السّجون، وطردت عشرات الآلاف من وظائفهم. ويتعرض الأشخاص، الذين تجري في عروقهم دماء ألبانية، يومياً، للاعتقال، على يد الشّرطة، بل للضرب والتعذيب والاحتجاز، وتتعرض منازلهم للتفتيش.

وقد كشفت لجنة حقوق الإنسان، في الأمم المتحدة، لتقصي الحقائق في يوغسلافيا وكوسوفا، والتحقيق في المجازر وأعمال الإرهاب، التي يمارسها الصرب ضد الأغلبية المسلمة في كوسوفا ـ أن كثيراً من التجاوزات، ارتكبها الصرب في السجون ومعسكرات الاعتقال، في حق المسلمين المحتجزين، والسجناء والمعتقلين.

وفي مجال التعليم، أغلقت الحكومة الصِّربية كل المدارس في مقاطعة كوسوفا، أمام الطلاب الألبانيين؛ ثم بدأت في اعتماد أساليب المسخ الثقافي، ونسف الهوية الثقافية، الألبانية لحساب الثقافة الصربية. وكانت الحكومة الصّربية قد حظرت التعليم ،الثانوي والجامعي، باللغة الألبانية، وأصبحت لغة التعليم، في الإقليم، هي اللغة الصّربية؛ وصار المنهج الدراسي يوضع في بلغراد، بهدف "صربنة" الألبانيين، الذين يشكلون 93% من عدد السكان في الإقليم. وفي إطار هذه السياسة، فُصِل 800 أستاذ جامعي ألباني، من أصل 900 أستاذ، وحل مكانهم أساتذة صربيون. كما واجه عدة آلاف، من معلمي المرحلة الثانوية، المصير نفسه، الذي تأثر به نحو 400 ألف تلميذ وتلميذة.

وصارت حدة القمع تزداد، يوماً بعد يوم، ويتعرض التلاميذ للضرب، وهم في طريقهم إلى مدارسهم، بسبب حملهم كتباً لتدريس اللغة الألبانية؛ فيما يواجه آباؤهم عمليات القتل والتعذيب. ولم يُسمح إلاّ ببعض الحصص، في المدارس الابتدائية، لتدريس اللغة الألبانية؛ ولا يتقاضى المعلمون فيها أي رواتب، ويعيشون على الهدايا، التي يقدمها آباء التلاميذ. وفي رد فعل لاحتواء الفصل التعسفي، الذي يتعرض له المعلمون والتلاميذ، بدأت الجماعات الألبانية تؤسس مجتمعاتها الخاصة، وبدأ الأطفال الألبانيون يتجمعون في منازل، خاصة لتلقي التعليم، على يد المعلمين الألبانيين، الذين وصلوا من المدارس، الابتدائية والمتوسطة، ومن الجامعات، في مختلف أنحاء إقليم كوسوفا. وتحوّل كثير من أساتذة الجامعات، والمعلمين الألبانيين، الذين فصلهم الصرب إلى حِرف لا تمتّ إلى تخصصاتهم بصِلة، فعملوا سائقين لسيارات الأجرة، وموزعين للبريد، وعمال بناء. وكذلك كان الحال في مجالَي الطب والهندسة، ومختلف قطاعات العمل والعمال.

وقد جعل الفصل الجماعي للألبانيين من وظائفهم، الحياة أكثر قسوة وصعوبة، في إقليم، فاقت فيه نسبة البطالة40%، وهي أعلى نسبة، على امتداد تاريخ ما كان يعرف بيوغسلافيا. وقد فقد معظم الألبانيين، في إقليم كوسوفا، وظائفهم.

وأمعن الرئيس الصربي، سلوبودان ميلوسيفيتش، في عنصرين، فدفع شعارات، من بينها: "نحن حماة المسيحية من خطر الإسلام"، و"لا لعودة الحكم التركي"، و"لا لكوسوفا 1389م"؛ وهي شعارات تذكر اليوغسلاف بالأتراك، الذين احتلوا كوسوفا، في ذلك العام. كما أصدر ميلوسيفيتش أوامره باعتقال زعيم المسلمين الروحي، يعقوب سليم، مع 43 شخصية من علماء الدين الإسلامي، فيما يفسره المسلمون في كوسوفا، بأنه إنذار لكل مسلمي يوغسلافيا، بعدم الوقوف في وجه دولة صربيا الكبرى. كما سبق أن اعتدت الشرطة الصربية على الشيخ رجب بويا، رئيس المشيخة الإسلامية في كوسوفا.

وقد اعتمدت السلطات الصربية في كوسوفا، أساليب المسخ الثقافي للألبانيين المسلمين، في محاولة جادة لنسف هويتهم الثقافية الإسلامية، لحساب الثقافة الصربية. ومن أمثلة ذلك، أنّ نشرة الأخبار، في البثّ التليفزيوني الموجه إلى الألبانيين المسلمين، باللغة الألبانية، يقدمها مذيع صربي. كما أن بثّ هيئة الإذاعة البريطانية، تجرى ترجمته باللغة الصربية. وقد توقف كلية، في عاصمة إقليم كوسوفا، منذ عام 1991، بثّ التليفزيون باللغة الألبانية. كما قررت الحكومة حظر الجريدة الوحيدة، التي تصدر باللغة الألبانية في الإقليم.

ويخضع الإقليم بالكامل، منذ أوائل التسعينيات، لنظام من الفصل العنصري، يعيش الصرب والألبان، بمقتضاه، في مناطق منفصلة، بعد أن كانوا يسكنون في أحياء مختلطة، ويحتفظون بصداقات فيما بينهم. ولكن الحال تغير ابتداءً من عام 1993، فأصبح الطرفان لا يتبادلان التحيات، فتكرست القطيعة.

ونمت الحركات الانفصالية في يوغسلافيا الفيدرالية، فأعلنت جمهوريتا سلوفينيا وكرواتيا استقلاليهما، في يوليه 1990؛ لكن صربيا رفضت هذا الاستقلال، واقتحم الجيش الاتحادي أراضي سلوفينيا في يوليه 1991، لإلغاء قرار الاستقلال. وبتدخل الجماعة الأوروبية، أُبرم اتفاق لوقف القتال بين الجانبَين.

وانتقل الصراع إلى كرواتيا، وتدخلت الجماعة الأوروبية، مرة أخرى. ولكن بلغراد لم تستجب للوساطة الأوروبية، مما حمل الجماعة على الاعتراف باستقلال كل من سلوفينيا وكرواتيا. وبتدخل الأمم المتحدة، استطاعت تجميد الموقف بين كرواتيا وصربيا، من طريق اتفاق لوقف إطلاق النار، ونشر قوات دولية لحفظ السلام.

وفي فبراير 1992، بدأ الاستفتاء في جمهورية البوسنة، بشأن الاستقلال عن يوغسلافيا، الذي نجم عنه حرب شعواء، بين صرب البوسنة، والكروات، والمسلمين. ونتيجة لتدخل الجيش الاتحادي، تمكن الصرب من السيطرة على أكبر مساحة من الجمهورية، ثم إعلان دولتهم المستقلة، في أبريل 1992. واستمرت المعارك على أرض البوسنة، وأسفرت عن استيلاء الصرب على ما يقرب من 70% من أراضي الجمهورية، على حساب العناصر الأخرى. وخلال أربع سنوات من الصراع والحروب، وممارسة كل أنواع التطهير العِرقي والتدمير والحرق، وبعد سلسلة من الوساطات والتدخلات الدولية، أمكن التوصل إلى اتفاق "دايتون للسلام"، في 14 ديسمبر 1995، الذي نص على تقسيم البوسنة إلى قسمَين: الأول، يمثل 51% من الأراضي للمسلمين والكروات. والثاني، يمثل 49% من الأراضي، وتخصص للصرب؛ مع وجود دستور فيدرالي، يجمع القسمَين، وتصبح سراييفو عاصمة موحدة للقسمين.

إن المسلمين في كوسوفا، يعيشون في قلق دائم، وخوف مستمر، ولن يستطيعوا العيش في أمان وسلام، وممارسة شعائرهم وتقاليدهم، إلا بالحصول على الحكم الذاتي، كما كان الأمر من قبل؛ وضمان الحريات السياسية والحقوق والحماية؛ أو الانفصال عن صربيا.

وقد جاء استفتاء سبتمبر 1991، الذي تمكن المسلمون من إجرائه، بعد جهد ومشقة، ليؤكد، بالإجماع، رغبتهم في الانفصال عن صربيا، وتكوين دولة مستقلة لهم.

وقد كانت نتيجة الاستفتاء إيجابية، وبأغلبية ساحقة، مما دعاهم إلى إعلان الاستقلال، وإقامة جمهورية كوسوفا، برئاسة "إبراهيم روجوفا"؛ وهو أمر لم يُعترف به حتى الآن. ومع ازدياد أعمال القمع الصربية لألبان كوسوفا، شكل المسلمون فيها "الحركة القومية لتحرير كوسوفا"، التي انبثق منها "جيش تحرير كوسوفا".

أما الدول المحيطة بإقليم كوسوفا، فتضاربت مواقفها منه؛ إذ سعت المجر إلى تأمين الحماية للأعراق المجرية، داخل جمهورية الصّرب، من خلال مساعدتها ودعمها لكرواتيا. وعمدت ألبانيا إلى الوقوف إلى جانب جمهورية الصرب، لموازنة التحرك المجري؛ لكنها طرحت في الوقت نفسه، بوضوح، مصير المسلمين المنحدرين من أصول ألبانية، والذين يشكّلون غالبية السكان في إقليم كوسوفا. كذلك، وضعت اليونان يدها، في يد جمهورية الصرب، من أجل منع قيام دولة مقدونية. أمّا بلغاريا، التي تتبعها مقدونيا، تاريخياً، فقد اعترفت باستقلال الدولة الوليدة. ثم يأتي قرار الجماعة الأوروبية، الذي اتخذته في قمة لشبونة، والذي يقضي بعدم الاعتراف باستقلال مقدونيا، إلى حين تغيير اسمها (وهو الشرط، الذي تشبثت به اليونان). وقد أوجد هذا القرار فرصاً طيبة، لاحتواء الأزمة، على امتداد البلقان.

ونتيجة لهذه المصالح المتضاربة، يُلاحظ تبلور محورَين أساسيَّين.

المحور الأول: يحتل حزاماً جغرافياً، يمتد من الشمال إلى الجنوب، ويضم كّلاً من اليونان، وجمهورية الصرب، ورومانيا.

المحور الثاني: يمتد في حزام جغرافي، من الشرق إلى الغرب، تشكّله تركيا، وبلغاريا، وألبانيا.

وهذان المحوران، في حقيقة الأمر، حلفان غير رسميين. غير أن هذه الحقيقة، لن تنفي ما ينطويان عليه من أخطار، تحدق بالمنطقة. فمن الوارد في الحسبان أن تعمل تطورات الأحداث، على تصعيد التوتر بينهما إلى حد تصعب السيطرة عليه، وينذر بالخطر.

وأما إذا انتشرت الحرب إلى إقليم فوفودينا الصربي، فإن المجر لن تطيق الوقوف مكتوفة الأيدي، في وقت تتعرض فيه أعراق مجرية للإبادة. كما أن حرباً في مقدونيا، قد تجرّ بلغاريا؛ وأي حمامات دماء في كوسوفا، من شأنها أن تدفع بألبانيا، إلى المواجهة مع الصرب. وقد أبلغت أثينا الجهات المعنية، أنه إذا قررت تركيا تزويد، أي طرف من الأطراف المتحاربة بالسلاح، فإن اليونان سوف ترد على ذلك العمل من جنسه.

وقد اتخذت الجماعة الأوروبية أثينا، جسراً للتفاهم مع الرئيس الصربي، سلوبودان ميلوسيفيتش. وفي اجتماعات سرية، عقدت خلال شهر يوليه 1992، حذّرت اليونان الرئيس الصربي، بشدة، مغبة عدم منح العِرق الألباني في كوسوفا، حكماً ذاتياً واسع الصّلاحيات.

وتطالب ألبانيا، في محادثات، أجراها الرئيس الألباني، صالح بيريشيا، مع وزير الخارجية البريطاني، دوجلاس هيرد ـ بتهيئة الحماية للمواطنين المسلمين، القاطنين في إقليم كوسوفا. ودعا دوجلاس هيرد إلى الإسراع في عملية إرسال المراقبين الدوليين، من واقع حضوره في مؤتمر الأمن والتعاون الأوروبيين. وركّز وزير الخارجية البريطاني في الأخطار، التي يشكلها العدوان الصربي. وتُعَدّ هذه المحادثات الأولى في نوعها لمسؤول بريطاني، في العاصمة الألبانية، تيرانا، جاءت بعد تحذيرات مشددة وجّهها هيرد إلى الرئيس سلوبودان، في بلغراد، يوم السبت، الموافق 18 يوليه 1992، في شأن حقوق الإنسان، وضرورة المحافظة عليها. وقال هيرد: "إذا حدث انفجار في إقليم كوسوفا، فإننا سنعود إلى نقطة البداية".


المشاغبين

كوسوفو وصعود سلوبودان ميلوسيفيتش (1986-1990)

إلغاء الحكم الذاتي (1990-1996)

 
Yugoslav T-55A tank next to an OSCE vehicle


مذبحة راتشاك


مؤتمر رامبوييه يناير 1999)

 
Equipment of 72nd Special Brigade Yugoslav Army in Kosovo War 1999 year.


منذ فبراير 1998، ظلت عمليات الإبادة العِرقية لألبان كوسوفا مستمرة، على الرغم من الجهود، التي بذلها كثير من دول أوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا الاتحادية. وبعد جولات مكوكية عديدة، للمبعوث الأمريكي، ريتشارد هولبروك، أمكن التوصل إلى اتفاق بينه وبين سلوبودان ميلوسوفيتش، في أكتوبر 1998؛ وصف بأنه اتفاق هش، ومؤقت. ويمكن حسبانه اتفاقاً من أجل هدف إنساني، ليُسّهل على الأمم المتحدة تقديم المساعدات، الإنسانية والغذائية إلى اللاجئين.

وعلى الرغم من توقيع الصرب الاتفاق، الذي لا يُلبي مطالب ألبان كوسوفا، بل ينكر حقهم في الاستقلال، بعد مرحلة من المواجهات المسلحة، أدت إلى تحويل آلاف من مسلمي كوسوفا إلى لاجئين ـ بدأ خرق الاتفاق، الذي أخذ يتسع، وفق مجريات الأحداث اليومية، ليظهر في صورة تطهير عِرقي واضح؛ لتغيير الجغرافيا السكانية في كوسوفا.

وبدأ حلف شمال الأطلسي يهدد بالتدخل، وتوجيه الضربات الجوية. وعلى الجانب الآخر، عادت المساعي الدولية تأخذ طريقها، من جديد، حتى تقدمت مجموعة الاتصال الدولية بخطة تسوية، اقتُرح تسميتها "مفاوضات رامبوييه"، نسبة إلى المكان، الذي عقدت فيه، في فرنسا. وقد جرت في جولتَين:

أ. الجولة الأولى:

في 6 فبراير 1999، بدأت المفاوضات، في قصر رامبوييه؛ الذي يبعد 50 كم من باريس. وفيها بحثت تفاصيل التسوية السياسية لمستقبل كوسوفا، التي أعُدت من قِبَل مجموعة الاتصال الدولية: الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، وألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، وإيطاليا؛ وبرعاية كلٍّ من فرنسا وبريطانيا، ممثَّلتَين في وزيرَي خارجيتَيهما هوبير فيدرين، وروبن كوك، وذلك في محادثات منفصلة، حيث لم يجتمع الجانبان، الصربي والألباني، في قاعة واحدة.

وقد ارتكزت هذه التسوية على شقَّين: سياسي وعسكري

(1) الشق الأول: السياسي، ويعتمد على:

(أ) منح إقليم كوسوفا حكماً ذاتياً ديموقراطياً، يتمثَّل في مؤسسات، تشريعية وتنفيذية وقضائية؛ وإعطاء الإقليم حرية كافية ليدبّر شؤونه، ثم يُجرى استفتاء، بعد ثلاث سنوات، لتقرير مصيره.

(ب) تسليم جيش تحرير كوسوفا أسلحته.

(ج) سيطرة الصرب على وحدة الأراضي، والاحتفاظ بسوق مشتركة وسياسة نقدية، وكذلك السياسة الخارجية والجمارك.

(2) الشق الثاني: العسكري، ويعتمد على:

تهيئة قوات لحفظ السلام، لضمان التطبيق، تضم 28 ألف رجل، من قوات حلف شمال الأطلسي، تمّول من قِبل الدول الأوروبية عامة (وهذا الشق، هو ما يعترض عليه الصرب).

وعقب مرور أسبوع، من دون التوصل إلى نتائج إيجابية، لجأت مجموعة الاتصال الدولية إلى منح الوفدَين مهلة إضافية، مدتها أسبوع آخر.

وفي ظل هذه الظروف، تقرر تمديد المهلة حتى 23 فبراير 1999، التي انتهت، فعلاً، إلى اتفاق مؤقت، على الجانب السياسي فقط (وهو الخاص بالحكم الذاتي للإقليم)؛ على أن يلتقي الطرفان، من جديد، في فرنسا، بعد ثلاثة أسابيع (15 مارس 1999)، لاستكمال المفاوضات.

ردود الفعل

قوبل الاتفاق المؤقت بردود أفعال مختلفة، على الوجه الآتي:

(1) دعا الاتحاد الأوروبي طرفَي الاتفاق، من الصرب والألبان، إلى اغتنام هذه الفرصة الأخيرة، حتى يفلتا من العواقب الوخيمة لفشل مفاوضاتهما. كما تعهد الاتحاد بإعادة إعمار كوسوفا، والرفع التدريجي للعقوبات المفروضة على بلجراد، إذا أمكن التوصل إلى اتفاق سلام.

(2) أبدى الرئيس الأمريكي، بيل كلينتون، تفاؤله، بأن شعب كوسوفا، سيدعم، بقوة، الاتفاق المبدئي، الذي وافق عليه مفاوضوه؛ لأنه سيتيح لهم فرصة لحياة أفضل، بعد سنوات من القمع والخوف. كما نصح الصرب بضرورة استئناف المفاوضات، في الجولة المقبلة (15 مارس عام 1999)، وموافقتهم على الاتفاق برمّته، بما في ذلك الشق العسكري؛ وذلك تمهيداً لتطبيق اتفاق السلام.

(3) لم يذعن الجانب الصربي لنصيحة واشنطن، ولا للنداءات التي وُجهت إليه. وواصل الصرب اجتياحهم للإقليم، واستمروا في تصعيد الهجمات على القرى. كما نفذوا عدة عمليات عسكرية، على حدود كوسوفا مع مقدونيا، شرقاً، وحاصروا النازحين، ومنعوهم من دخول الأراضي المقدونية. كذلك لغّموا جسراً، يربط ما بين مقدونيا وكوسوفا، لمنع قوات حلف شمال الأطلسي، المتمركزة في مقدونيا، من دخول الإقليم، فضلاً عن منع الأهالي والمراقبين الغربيين، من الخروج.

(4) عيّن جيش تحرير كوسوفا، مسؤوله السياسي، هاشم تقي، رئيساً للوزراء، وفوض إليه تشكيل حكومة مؤقتة للإقليم. وفي الوقت نفسه، استقال زعيم الجناح السياسي المتشدد آدم ديماتشي، الرافض لجهود السلام الغربية. أما الأمريكيون فقد اجتمعوا مع وفد، يضم خمسة أعضاء من جيش تحرير كوسوفا؛ وذلك ضمن المساعي الأمريكية، للإعداد لمحادثات الجولة الثانية من مفاوضات "رامبوييه"، لمساعدة جيش التحرير على التخطيط للتحول من "جماعة متمردة"، إلى "منظمة سياسية"، تحت الحكم الذاتي المقترح، في ظل السلام المنشود. كذلك عقد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اجتماعاً، في يوم 13 مارس 1999، في برلين؛ كما عقدت مجموعة الاتصال الدولية اجتماعاً، في 14 مارس 1999، في باريس؛ وذلك لتحذير طرفَي الصراع من خطر فشل المباحثات، في الجولة المقبلة.

ب. الجولة الثانية:

في 15 مارس 1999، وصل إلى رامبوييه وفد ألبان كوسوفا، برئاسة هاشم تقي، ويضم 19 عضواً. وبدأت مفاوضات الجولة الثانية من المباحثات، التي أظهر فيها الجانب الألباني موقفاً إيجابياً؛ إذ أبدى موافقته على الاتفاق ووقعه، من دون أي تحفظات.

أمّا الوفد الصربي، المكون من 13 عضواً، برئاسة "راتكو ماركوفيتش"، رئيس الوزراء، فقد رافقه الرئيس الصربي، "ميلان ميلوتينوفيتش"، كمبعوث خاص للرئيس "سلوبودان ميلوسوفيتش". وقد أكد الوفد، منذ الوهلة الأولى، معارضة بلجراد نشر أي قوة متعددة الجنسيات في كوسوفا، بل إن وجودها سيدفع الصرب إلى التعامل معها كعدو؛ لأن انتشارها يُعَدّ انتهاكاً للسيادة الوطنية.

ثم أعلن الوفد الصربي، أنه جاء للتفاوض حول الشق السياسي فقط من الاتفاق، من دون العسكري؛ وأن قبول الاتفاق معلق بشرط تعديله، طبقاً للمطالب اليوغسلافية، التي سبق أن تقدم بها الجانب الصربي إلى وسطاء مجموعة الاتصال، في لائحة اعتراضات على مسودة الاتفاق، طالباً تعديل 70% منه؛ وهي تعديلات، تجعل الحكم الذاتي لألبان كوسوفا، أقلّ مما هو عليه الآن. وقد رفضت هذه المطالب، من قِبل مجموعة الاتصال، والوسطاء الدوليين.

ردود الفعل

قوبل الرفض الصربي لاتفاق السلام، بردود فعل مختلفة، تتلخص في الآتي:

(1) حذّر الرئيس الأمريكي، بيل كلينتون، نظيره اليوغسلافي، من أن حلف شمال الأطلسي لن يكون أمامه خيار، سوى توجيه الضربات الجوية إلى الأهداف الصربية في كوسوفا.

(2) أكد وزير الخارجية الروسي، إيجور إيفانوف، أن فشل تلك المحادثات، سيؤدي إلى اتساع نطاق الصراع في البلقان.

(3) حذر خافيير سولانا، أمين عام حلف شمال الأطلسي، من أنّ رفض الصرب توقيع الاتفاق، سيعجل احتمالات وقوع الكارثة، وتدخّل الحلف، عسكرياً.

(4) أعلن رئيسا مؤتمر باريس، هوبير فيدرين، وروبن كوك، في 19 مارس 1999، تأجيل المؤتمر إلى أجل غير مسمى. كما قررت منظمة الأمن والتعاون الأوروبيين، إجلاء 1400 من المراقبين والمحققين الدوليين، إلى مقدونيا، بصفة مؤقتة، لتجنّب اتخاذهم دروعاً بشرية، من قِبَل الصرب. كما بدأت الولايات المتحدة الأمريكية، وعدة دول غربية، خفض عدد دبلوماسييها في بلغراد.

(5) حمّل الرئيس الفرنسي، جاك "شيراك" والمستشار الألماني، جيرهارد شرودور، الجانب الصربي المسؤولية الكاملة عن فشل محادثات السلام في رامبوييه. في حين رأت موسكو وبلغراد، أن المحادثات ما زالت قائمة، وأن الحل السياسي ليس له بديل.

(6) حشدت يوغسلافيا ما بين 30 و40 ألف جندي، استعداداً لشن حرب على حلف شمال الأطلسي؛ ونشرت بعضهم في إقليم كوسوفا نفسه، وبعضهم على الحدود ما بين كوسوفا ومقدونيا (نحو 21 ألف جندي). كما أصدرت الحكومة اليوغسلافية قراراً، يقضي بتوقيف هاشم تقي، رئيس الوفد الألباني، في فرنسا، بدعوى علاقته الوثيقة بالثوار الألبان.

أمّا الأوضاع الأمنية في الإقليم، فتدهورت بصورة واضحة. ومضت القوات اليوغسلافية في سياسة الأرض المحروقة، وإجبار أهلها الألبان على النزوح عنها. كما كان لانسحاب المراقبين الدوليين من الإقليم، الأثر الأكبر في تصاعد خطر انهيار الموقف الأمني.

واحتياطاً لضربة حلف شمال الأطلسي المتوقعة، أقال الرئيس اليوغسلافي قائد جيشه، وعين قائداً آخر، أكثر ولاء له، لإحكام قبضته على القوات المسلحة الصربية.

وتتالت التحذيرات الغربية لميلوسلوفيتش، بالرجوع عن التصلب. ووجّه ريتشارد هولبروك، المبعوث الأمريكي، تحذيراً أخيراً إلى الرئيس اليوغسلافي، بوقف الاعتداءات الصربية على ألبان كوسوفا، وقبول خطة التسوية، أو تحّمل المسؤولية الكاملة عن الضربة العسكرية الجوية، التي يستعد حلف شمال الأطلسي لتنفيذها، فور صدور التعليمات.

كذلك، أكد ريتشارد هولبروك، أن الموقف الأمريكي، يحظى بالتأييد الأوروبي الكامل؛ وذلك في أعقاب المحادثات، التي أجراها في بروكسل، قبل توجهه إلى بلجراد، مع خافيير سولانا، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، وويسلي كلارك، قائد القوات الأمريكية في أوروبا، وروبن كوك وهوبير فيدرين، وزيرَي خارجيتَي بريطانيا وفرنسا. كما تحوّل الجمهوريون، في الكونجرس الأمريكي، عن موقفهم المبدئي، بتدعيم قرار الرئيس الأمريكي الخاص بالضربة العسكرية الجوية لحلف شمال الأطلسي.

وإمعاناً من الصرب في التعنت، والرفض القاطع لأي محاولة لتهدئة الموقف، صوّت البرلمان الصربي، بما يشبه الإجماع، ضد أي انتشار للقوات الأجنبية في كوسوفا، ليزيد بذلك من احتمالات توجيه الضربة العسكرية الأطلسية.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حملة قصف حلف شمال الأطلسي

 
A Tomahawk cruise missile launches from the aft missile deck of the USS Gonzalez on March 31, 1999
 
A U.S. F-117 Nighthawk taxis to the runway before taking off from Aviano Air Base, إيطاليا, on March 24, 1999
 
CK building in the moments after bombing.
 
Post-strike bomb damage assessment photograph of the Sremska Mitrovica Ordnance Storage Depot, Serbia

انسحاب القوات اليوغوسلافية ودخول قوة كوسوفو

 
Yugoslav army withdrawing from Kosovo, handing the total control of the province to the Kosovo Force. Pictured, US Army M1 Abrams.

ردود الفعل على الحرب

الأمم المتحدة وحرب كوسوفو

تكشف قراءة قرارات مجلس الأمن، عن محدودية الدور، الذي أدّته الأمم المتحدة في أزمة كوسوفا. فعلى الرغم من تعدد القرارات، التي صدرت عن مجلس الأمن، في شأن قضية كوسوفا، فإن الإجراءات، التي اتخذها مجلس الأمن، حيال هذه الأزمة، اقتصرت على فرض حظر عسكري على الاتحاد اليوغسلافي وكوسوفا. وعلى الرغم من أن المجلس تناول القضية، في إطار أحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، إلاّ أن دوره انتهى بالتنويه، أن هذا الموقف يهدد سلم المنطقة وأمنها؛ وبالتهديد باستخدام إجراءات إضافية، في حالة عدم التوصل إلى حل سلمي للقضية. ولم يستطع المجلس اتخاذ أي خطوات إضافية؛ وفرض حلف شمال الأطلسي عليه أمراً واقعاً، من خلال الإقدام على استخدام القوة العسكرية في مواجهة يوغسلافيا، من دون انتظار قرارات جديدة عن المجلس. وتحوّل دور المجلس، بعد ذلك، إلى إضفاء المشروعية فقط، على قرارات الحلف وسلوكه، خلال مراحل تطور الأزمة، وانتهاء بفرض مشروعه للتسوية السلمية.

وفي ضوء توتر العلاقات، بين يوغسلافيا ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبيَّين، في عام 1993، بسبب رفض السلطات اليوغسلافية التعاون مع مراقبي مؤتمر الأمن والتعاون الأوروبييَّن، في كوسوفا ـ أصدر مجلس الأمن، في 9 أغسطس 1993، قراره الرقم (855)، الذي أقر فيه كلَّ الجهود، التي يبذلها ذلك المؤتمر، في هذا الإطار. وطالب المجلس السلطات اليوغسلافية بإعادة النظر في رفضها التعاون مع المراقبين، وسرعة استئناف نشاطهم؛ فضلاً عن زيادة أعدادهم. ومن ثَم، فقد اقتصر هذا القرار على معالجة قضية محددة، وهي عدم تعاون السلطات اليوغسلافية مع المراقبين الدوليين.

ومع انفجار الأزمة، في أوائل عام 1998، أصدر مجلس الأمن قراره الرقم (1160)، في 31 مارس 1998، الذي أيد فيه الجهود، التي تبذلها منظمة الأمن والتعاون الأوروبية، ومجموعة الاتصال الدولية، في التوصل إلى تسوية للأزمة. كما دان المجلس الأعمال العدائية كافة، وأعمال العنف والإرهاب، سواء التي تمارسها قوات الجيش والشرطة اليوغسلافية، تجاه المدنيين في كوسوفا، أو الأعمال التي ينفذها جيش تحرير كوسوفا. ودعا المجلس القيادة الألبانية، في كوسوفا، إلى إدانة أعمال الإرهاب، والعمل على تحقيق أهدافها السياسية، من خلال إتباع الطرق السلمية. كما أكد المجلس ضرورة التزام الدول الأعضاء بالسيادة اليوغسلافية، والوحدة الإقليمية للاتحاد اليوغسلافي

إلاّ أن التطور المهم، الذي تضمنه هذا القرار، هو الانتقال إلى العمل، وفقاً لأحكام الفصل السابع من الميثاق، في تناول المشكلة؛ حيث دعا القرار يوغسلافيا إلى ضرورة اتخاذ الخطوات الضرورية، للتوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار المباشر. ودعا إلى الاستناد في هذا الحوار، إلى الإجراءات الواردة في بيانات مجموعة الاتصال الدولية، الصادرة في 9 و25 مارس 1998؛ والاستناد إلى مبدأ الوحدة الإقليمية للاتحاد اليوغسلافي؛ والأخذ في الحسبان حقوق ألبان كوسوفا، والمواطنين كافة، الذين يعيشون فيها. وأيد المجلس منح كوسوفا، درجة أكبر، من الاستقلالية والإدارة الذاتية. وفي تطور أكثر تصعيداً، فرض مجلس الأمن حظراً عسكرياً على يوغسلافيا وكوسوفا (الفقرة 8 من القرار)، يشمل حظر بيع كلًّ من يوغسلافيا وكوسوفا أو إمدادهما بالأسلحة أو المعدات العسكرية، أو المعدات ذات الصلة بهذين الصنفَين. وقرر المجلس إنشاء لجنة خاصة، تضم الدول الأعضاء في المجلس، تكون مهمتها متابعة تنفيذ هذا الحظر؛ من خلال الحصول على البيانات المتعلقة بالإجراءات، التي تتخذها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، من أجل تنفيذ الحظر المفروض، وإعداد التقارير والبيانات، المتعلقة بعمليات خرق هذا الحظر. وأكد المجلس أن الفشل في التوصل إلى تحقيق تقدم، نحو حل سلمي للموقف في كوسوفا، سوف يقوده إلى اتخاذ "إجراءات إضافية"؛ وهي العبارة، التي أثارت الكثير من النقاش، فيما بعد. والملاحظة التي تجدر الإشارة إليها في هذا القرار، هي أنه على الرغم من انتقال المجلس إلى العمل، وفقاً لأحكام الفصل السابع، إلاّ أنه لم يَر في الوضع في كوسوفا، حتى ذلك الحين، "تهديداً للسلم والأمن الدوليَّين".

وإزاء تصاعد عمليات العنف، وتدهور الموقف في كوسوفا، وازدياد تدفّق اللاجئين إلى الدول الأوروبية ـ أصدر المجلس القرار الرقم (1199) (سبتمبر 1998)، الذي أكد حق اللاجئين في العودة إلى منازلهم؛ فضلاً عن إعادة تأكيد ما ورد في القرار الرقم (1160). وأعاد المجلس تأكيد ضرورة وقف أعمال العنف كافة، واتخاذ الخطوات الضرورية، من جانب السلطات اليوغسلافية، لوقف تدهور الوضع الإنساني، والتوصل إلى تسوية سلمية للأزمة، من خلال البدء بحوار مباشر، ومن دون شروط مسبقة، بينها وبين القيادة الألبانية، في كوسوفا.

وقد أقر المجلس عدداً من الإجراءات والمطالب، الواردة في بيان مجموعة الاتصال الدولية، الصادر في 12 يونيه 1998، والتي دارت حول وقف كل الأعمال، التي ترتكبها القوات الأمنية، وتؤثر في المدنيين وحفظ النظام؛ وتمكين المراقبين الدوليين، في كوسوفا، من تنفيذ مهامهم، وضمان عودة اللاجئين إلى منازلهم، وضمان التعاون مع المنظمات الخاصة بعمليات المساعدات الإنسانية. كما أصر المجلس على ضرورة إدانة القيادة الألبانية في كوسوفا، على كافة الأعمال الإرهابية، وإتباع كافة العناصر الألبانية الوسائل السلمية، في تحقيق أهدافها.

وقد أخذ القرار (1199) اتجاهاً أكثر تصعيداً، عندما عَدَّ تدهور الموقف في كوسوفا "تهديداً للسلم والأمن في المنطقة"؛ وانتهى إلى أن عدم تنفيذ الإجراءات الواردة في القرارَين (1160) و(1199)، سوف يدفع بالمجلس إلى اتخاذ "إجراءات إضافية، للحفاظ على السلم والاستقرار في المنطقة"، على نحو ما ذهب إليه القرار (1160).

وفي 24 أكتوبر 1998، صدر عن مجلس الأمن القرار الرقم (1203)، الذي أعاد تأكيد كل الالتزامات، التي أقرتها القرارات السابقة. وركز هذا القرار، بشكل خاص، في تأييد المجلس للاتفاق، الموقع بين يوغسلافيا ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبية، في 16 أكتوبر 1998؛ والاتفاق، الموقع في 15 أكتوبر 1998، بين الحلف ويوغسلافيا. وأعاد القرار التأكيد على أن عدم التوصل إلى تسوية سلمية للأزمة، يُشكل تهديداً للسلم والأمن في المنطقة

وفي 14 مايو 1999، صدر عن مجلس الأمن القرار الرقم (1239)، الذي تناول قضية اللاجئين، وتضمّن تأييد مجلس الأمن للجهود، التي تبذلها الدول الأعضاء، والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، ومنظمات المساعدات الإنسانية الدولية، العاملة على توفير الاحتياجات الإنسانية الضرورية للاجئين. ودعا المجلس إلى إيصال هذه المساعدات، إلى كل المواطنين، المتضررين من الأزمة. كما أكد القرار ضرورة السّماح بحُرية وصول هذه المنظمات، إلى أماكن اللاجئين؛ وحق هؤلاء في العودة إلى منازلهم.

ويلاحظ صدور هذا القرار، إبّان استمرار الغارات العسكرية لحلف شمال الأطلسي على يوغسلافيا. إلاّ أنه خلا من أي إشارة إلى الأعمال العسكرية، وما إذا كانت متسقة مع القرارَين السابقَين. كما خلا القرار، من أي حديث عن تهديد للسلم والأمن الدوليَّين في المنطقة، واكتفى بتناول قضية اللاجئين فقط.

ثم صدر القرار الرقم (1244)، في 10 يونيه 1999، ليدعم قبول يوغسلافيا المبادئ، التي وضعتها "مجموعة الثمانية"، في 6 مايو، كأساس للتسوية السلمية لأزمة كوسوفا.

وحدد القرار العناصر الرئيسية لإتمام عملية التسوية السلمية للأزمة، في:

أ. البدء بتطبيق خطة للانسحاب الفوري، والكامل، من كوسوفا؛ تشمل قوات الجيش والشرطة، والقوات شبه العسكرية اليوغسلافية.

ب. يتزامن مع هذا الانسحاب، نشر "قوات أمن دولية"، و"قوات مدنية دولية"، تحت إشراف الأمم المتحدة؛ على أن يتولى تشكيل القوات المدنية ونشرها، ممثل خاص للأمين العام للأمم المتحدة، يختاره الأمين العام، بالتشاور مع مجلس الأمن.

والملاحظ في القرار (1244)، أنه منح الحلف سلطات وصلاحيات أكبر، في السيطرة على قوات الأمن الدولية؛ إذ اكتفى بمنح الدول الأعضاء، والمنظمات الدولية، حق تشكيل هذه القوات، تحت إشراف قيادة موحدة، على أن تشكل قوات الحلف القوة الرئيسية بينها (الفقرة 7، والفقرة 4 من الملحق 2 من القرار). ولم يطالب إلاّ بضرورة تعيين السكرتير العام أحد ممثليه، للاضطلاع بمهمة التنسيق بين عمل القوات المدنية، وقوات الأمن الدولية (الفقرة 6 من القرار)؛ بينما وضع القرار القوات المدنية، تحت الإشراف المباشر للأمم المتحدة.

وحدد القرار وظيفة قوات الأمن الدولية في:

أ. ضمان وقف إطلاق النار، وضمان انسحاب قوات الجيش والشرطة اليوغسلافية، ومنعها من العودة، مرة أخرى، إلى كوسوفا.

ب. تجريد جيش تحرير كوسوفا، والجماعات الألبانية الأخرى، من السلاح.

ج. تهيئة بيئة أمنية، تسمح بعودة اللاجئين إلى منازلهم، بشكل آمن.

د. تهيئة البيئة اللازمة لإقامة إدارة انتقالية، إضافة إلى تهيئة البيئة اللازمة، لضمان تدفق المساعدات الإنسانية الدولية.

هـ. ضمان الحفاظ على الاستقرار والنظام، إلى حين اضطلاع القوات المدنية بدورها ومسؤولياتها؛ فضلاً عن حماية القوات المدنية.

كما حدد المجلس المهام الموكولة إلى القوات المدنية الدولية، في:

أ. العمل على تحقيق قدر أكبر من الاستقلالية، والحكم الذاتي، في كوسوفا.

ب. أداء الوظائف الإدارية المدنية، عندما تحتاج الظروف إلى ذلك.

ج. العمل على تنمية مؤسسات إقليمية وتنظيمها، تضطلع بالحكم الذاتي الديموقراطي، إلى حين التوصل إلى تسوية سلمية دائمة؛ على أن تنتقل الاختصاصات الإدارية لهذه القوات إلى تلك المؤسسات، تمهيداً لانتقالها إلى المؤسسات، التي تنجم عن عملية التسوية النهائية.

د. تأسيس قوات شرطة محلية.

هـ. الإشراف على عمليات إعادة البناء في كوسوفا، والتنسيق مع المنظمات الإنسانية الدولية، في تنظيم عمليات المساعدات الإنسانية لكوسوفا، وضمان عودة اللاجئين إلى منازلهم.

ولم يحدد المجلس فترة محددة لعمل هذه القوات؛ إذ قرر أن مدة عمل هذه القوات تستمر 12 شهراً، تمتد إلى ما بعد ذلك، ما لم يقرر المجلس غير ذلك؛ وهو ما يعني أن انتهاء عمل هذه القوات، يحتاج إلى صدور قرار جديد عن مجلس الأمن.

2. التكييف القانوني للأعمال العسكرية، لحلف شمال الأطلسي، في ضوء قرارات مجلس الأمن

إنّ التكييف القانوني للأعمال العسكرية، لحلف شمال الأطلسي، في كوسوفا، لا بد أن يكون في ضوء عاملَين رئيسيَّين:

العامل الأول: تعريف الأمم المتحدة لمفهوم "العدوان".

العامل الثاني: الضوابط، التي حددتها الأمم المتحدة، ممثلة في ميثاقها، لاستخدام القوة في العلاقات الدولية.

عرّفت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في قرارها الرقم (3314)، في الدورة التاسعة والعشرين، "الاعتداء"، لكونه الشّكل الأكثر خطراً من الاستخدام غير المشروع للقوة ـ بأنه "استخدام للقوة المسلحة، من جانب دولة، ضد السيادة، أو الوحدة الإقليمية، أو الاستقلال السياسي، لدولة أخرى؛ أو بأي شكل آخر، لا يتفق وأحكام ميثاق الأمم المتحدة، سواء بشكل فردي أو جماعي" (المادة 1 من القرار)؛ ما لم يكن استخدام القوة العسكرية، يستند إلى أحكام ميثاق الأمم المتحدة (الفقرة 6 من القرار).

من ناحية أخرى، نصّ ميثاق الأمم المتحدة، في مادته الثانية، على أنه لا يجوز للدول الأعضاء، في علاقاتها الدولية، اللجوء إلى استخدام القوة، أو التهديد باستخدامها، ضد الوحدة الإقليمية، أو الاستقلال السياسي لأي دولة أخرى؛ أو بأي شكل، لا يتفق وأغراض الأمم المتحدة. وقد أورد الميثاق استثناءين فقط في استخدام القوة العسكرية، في العلاقات الدولية. الأول، ورد في المادة (51)، وهو حالة الدفاع عن النفس (سواء بشكل فردي أو جماعي)، في حالة التعرض لهجوم مسلح، من قبل دولة أخرى، إلى أن يتخذ مجلس الأمن الإجراءات الضرورية، لإعادة السلم والأمن الدوليَّين. ومعنى ذلك أن إجراءات الدفاع عن النفس، لا تؤثر، في حال من الأحوال، في سلطة مجلس الأمن أو اختصاصاته، في اتخاذ أي إجراءات، في أي وقت، يراها ضرورية للحفاظ على السلم والأمن الدوليَّين.

أمّا الاستثناء الثاني، فيشمل استخدام القوة العسكرية، في الحالات، التي يرى فيها مجلس الأمن تهديداً للسلم والأمن الدوليين، أو أنها تشكل "اعتداء"، يستوجب التدخل العسكري؛ على أن يجري هذا التدخل، وفقاً لإْذن من مجلس الأمن، وتحت إشرافه. ومعنى ذلك، أن استخدام القوة العسكرية، سواء بشكل فردي أو جماعي، في إطار الاستثناء الأخير، يتطلب شرطَين ضروريَّين. الأول، أن يرى مجلس الأمن أن هناك تهديداً للسلم والأمن الدوليَّين. والثاني، تصريح مباشر من المجلس، باستخدام القوة العسكرية.

وبالنظر إلى تعريف الأمم المتحدة لمفهوم "العدوان"؛ والضوابط، التي وضعها الميثاق لاستخدام القوة، في العلاقات الدولية، فقد أثارت العمليات العسكرية لحلف شمال الأطلسي، في كوسوفا، التساؤلات حول مدى مشروعيتها. فعلى الرغم من أن قرار مجلس الأمن الرقم (1160)، الصادر في 31 مارس 1998، استند إلى أحكام الفصل السابع من الميثاق، فإنه لم يرَ أن الوضع في كوسوفا، يشكل "تهديداً للسلم والأمن الدوليَّين". واكتفى بفرض حظر عسكري على يوغسلافيا؛ ودعوة أطراف الأزمة إلى العمل على التوصل إلى تسوية سلمية. وعلى الرغم من أن القرار نص على إمكانية اتخاذ "إجراءات إضافية"، في حالة الفشل في التوصل إلى تسوية سلمية للأزمة (الفقرة 19 منه)، فإن التفسير القانوني لهذه الفقرة، يذهب إلى أنها لا تشكل أساساً قانونياً لعمل عسكري، في مواجهة يوغسلافيا.

وعلى الرغم من أن القرار الرقم (1199)، أخذ اتجاهاً أكثر تصعيداً، عندما نصّ على أن الموقف في كوسوفا، يشكل تهديداً للسلم والأمن في المنطقة؛ فإنه لم يقدم، كذلك، أساساً قانونياً لعمل عسكري، مكتفياً بالإشارة إلى أن عدم تنفيذ ما جاء في القرارَين (1160) و(1199)، سوف يجعل مجلس الأمن يتخذ "إجراءات إضافية، لاستعادة الأمن والسلم في المنطقة" (الفقرة 16 من القرار).

وعلى الرغم من نص المادة (53) (الفقرة 1)، من ميثاق الأمم المتحدة، على جواز اعتماد مجلس الأمن، إذا رأى ضرورة ذلك، على الترتيبات، أو المنظمات الإقليمية، في تنفيذ الأعمال، التي يراها، فإنها اشترطت ضرورة أن يكون ذلك بتفويض، أو إذْن من المجلس. كذلك، من الضروري الإشارة إلى المادة (103) من الميثاق، التي نصت على أنه في حالة التعارض بين التزامات الدول الأعضاء، في إطار الأمم المتحدة، وبين التزاماتها في إطار المعاهدات الدولية الأخرى ـ فإن الأولوية تكون للالتزامات، التي يفرضها الميثاق.

وهكذا، فإن أياً من القرارَين (1160) و(1199)، فضلاً عن نصوص المواد السابقة، لا يقدم أساساً قانونياً للأعمال العسكرية، لحلف شمال الأطلسي، في مواجهة يوغسلافيا. فالتفسير المنطقي لنص القرار (1199)، على جواز إقدام مجلس الأمن على اتخاذ "إجراءات إضافية"، في حال فشل التسوية السلمية ـ يعني الحاجة إلى ضرورة صدور قرار جديد عن المجلس، يسمح بتنفيذ قراراته، بالقوة؛ وهو ما كان يصعب تحقيقه، بسبب معارضة روسيا لصدور مثل هذا القرار عن مجلس الأمن. وإزاء هذا الموقف، اُضطر الحلف إلى شن ضرباته الجوية، من دون انتظار قرار جديد، يصدر عن مجلس الأمن.

وقد اتفقت التفسيرات على عدم كفاية القرارَين (1160) و(1199)، كأساس قانوني للقيام بعمل عسكري، في مواجهة يوغسلافيا؛ ومن ثم، عدم مشروعية الأعمال العسكرية للحلف؛ مع تأكيد السكرتير العام للأمم المتحدة، ضرورة صدور قرار جديد عن المجلس، يسمح باستخدام القوة العسكرية، كشرط مسبق، لأي عمل عسكري. وهو ما دفع الأمين العام إلى انتقاد الأعمال العسكرية للحلف، وتأكيد ضرورة أن يظل مجلس الأمن المصدر الأول، لتحديد مشروعية استخدام القوة العسكرية. وقد استندت السلطات اليوغسلافية إلى هذه التفسيرات، وطالبت، في الأول من فبراير 1999، بعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن، للنظر في تهديد الحلف بشن ضرباته الجوية على يوغسلافيا؛ وأن هذا التهديد، هو "تهديد بالاعتداء ضد دولة مستقلة، عضو في الأمم المتحدة".

وفي مقابل هذه التفسيرات، أكد قادة الحلف، من جانبهم، مشروعية العمل العسكري، في مواجهة يوغسلافيا. وقد استندوا في ذلك إلى عدد من المبررات، أهمها:

أ. عدم إذعان السلطات اليوغسلافية، لمطالب المجتمع الدولي.

ب. عدم اتخاذ أي إجراءات جادة، نحو تسوية الأزمة.

إلاّ أن أهم المبررات، تمثلت في استناد قرارات مجلس الأمن إلى أحكام الفصل السابع؛ ووصف القرار (1199) الموقف في كوسوفا، بأنه "تهديد للسلم والأمن"؛ وصعوبة استصدار المجلس قراراً جديداً، في الأفق المنظور، يسمح باستخدام القوة العسكرية، في مواجهة يوغسلافيا، في ضوء معارضة روسيا؛ وذلك في الوقت، الذي يتفاقم فيه الوضع الإنساني. وبمعنى آخر، استند الحلف إلى المعايير، الإنسانية والأخلاقية، التي تفرض التدخل العسكري.

والنقطة التي تجدر الإشارة إليها في قرارات مجلس الأمن، وقد مثلت إحدى الركائز الأساسية، التي اعتمد عليها الحلف، في سياق تبريره للأعمال العسكرية في كوسوفا، وتأكيد مشروعيتها ـ هي تأييد قرارات مجلس الأمن لكافة المطالب والجهود، التي بذلتها دول الحلف، ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبية، التي سبقت العمل العسكري، بل إن قرارات المجلس وكلت إلى المنظمتَين السابقتَين العديد من المهام. فقد دعا القرار (1160) إلى تسوية الأزمة، وفقاً لمعايير وأُسُس منظمة الأمن والتعاون الأوروبية. كما أيد القرار جهود المنظمة في التوصل، إلى تسوية سلمية للأزمة؛ فضلاً عن مطالبته منظمة الأمن والتعاون الأوروبية، بضرورة إفادة السكرتير العام للأمم المتحدة، بتطورات الموقف في كوسوفا، والإجراءات التي تتخذها المنظمة حيال هذه التطورات (الفقرة 13 من القرار 1160). وعلى الرغم من أن ذلك يُعد أمراً منطقياً؛ لأن الحلف، ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبية، هما المنظمتان الإقليميتان، المعنيتان أكثر من غيرهما، بالأمن والتعاون في المنطقة؛ فإن تأييد قرارات مجلس الأمن لكل الجهود، التي بذلتها هاتان المنظمتان على السياق والنمط، اللذين جاءت بهما القرارات ـ أوجد فرصة كبيرة لتفسير هذه القرارات على نحو، يؤكد مشروعية العمل العسكري من جانب حلف شمال الأطلسي.

الجهود الدولية في حرب كوسوڤو

خطة السّلام الألمانية

1- تقدمت ألمانيا بمشروع خطة سلام (أبريل 1999)، لإنهاء الأزمة في كوسوفا؛ تتضمن وقف غارات الحلف الجوية على يوغسلافيا، لمدة 24 ساعة، لمنح بلغراد فرصة، لسحب قواتها المسلحة من الإقليم. وقد تضمنت الخطة النقاط التالية:

أ- انسحاب القوات اليوغسلافية من كوسوفا.

ب- عودة اللاجئين الألبان إلى ديارهم، في كوسوفا.

ج- تشكيل قوة دولية، لحفظ السلام في الإقليم، بتفويض من الأمم المتحدة؛ على أن تكون تحت قيادة حلف شمال الأطلسي.

2- نشطت ألمانيا في الحصول على موافقة الدول الكبرى على خطتها، بكونها رئيسة كلٍّ من مجموعة الدول الثماني، والاتحاد الأوروبي، في تلك الفترة؛ تمهيداً لاستصدار مجلس الأمن قراراً، في هذا الشأن.

وقد قوبلت هذه الخطة بردود فعل مختلفة:

  • أيدت دول الاتحاد الأوروبي الخطة الألمانية، في ختام اجتماعها، في بروكسل، في 14 أبريل 1999، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة، كوفي أنان.
  • أيد الاتحاد الأوروبي، قيام إدارة مؤقتة دولية في كوسوفا، عند انتهاء النزاع في الإقليم؛ على أن يُعهد بها إليه.
  • حظيت الخطة بتأييد دول حلف شمال الأطلسي.
  • استقبلت واشنطن الخطة الألمانية بفتور وتحفّظ شديدّين، من دون رفض أو قبول.
  • وافقت روسيا، بتحفظ، على نقاط الخطة، عدا النقطة المتعلقة بـ " تشكيل وإرسال قوة لحفظ السلام في الإقليم".
  • رفضت بريطانيا، الخطة رفضاً قاطعاً؛ وطالبت باستمرار العمليات العسكرية الأطلسية، بلا هوادة، إلى أن يقبل الرئيس اليوغسلافي شروط الحلف كافة، من دون تحفظ.
  • رفض الرئيس اليوغسلافي رفضاً قاطعاً، أي تسوية سياسية، في ظل استمرار ضربات حلف شمال الأطلسي.

خطة كوفي أنان

تقدم كوفي أنان، أمين عام الأمم المتحدة، في الفترة نفسها، بخطة سلام، شابهت نقاط خطة أخرى، تقدمت بها اليونان والتشيك. وقوام الخطتَين:

1- الوقف الفوري لجميع أعمال العنف.

2- انسحاب القوات العسكرية الصربية؛ وكذلك، الشرطة الخاصة، والوحدات النظامية، من الإقليم.

3- نشر قوة عسكرية دولية.

4- عودة اللاجئين إلى كوسوفا.

وقد حظيت خطة الأمين العام بالقبول من الدول الإسلامية، والمنظمات، الإقليمية والدولية، بما فيها الاتحاد الأوروبي، وحركة عدم الانحياز، وحلف شمال الأطلسي.

أما خطة السلام اليونانية ـ التشيكية، فوجدت تأييداً كبيراً، من جانب دول المنطقة، خاصة سلوفينيا، وإيطاليا.

خطة السلام الإسلامية

تقدمت لجنة الاتصال، التابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي (أبريل 1999)، بعدة اقتراحات، يمكن تصنيفها خطة سلام، تدعم مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة، حيال تسوية الأزمة في كوسوفا، سياسياً. وعماد هذه الخطة:

1- العودة الفورية لجميع اللاجئين الألبان، من أبناء إقليم كوسوفا؛ ورفض سياسة التوطين المؤقت لهم، بما ينطوي عليه من أخطار شديدة على قضيتهم.

2- الإصرار على انسحاب كل أفراد القوات الصّربية، إلى خارج نطاق الإقليم.

3- الإقرار والاعتراف بحق الإقليم في تقرير مصيره.

4- ضمان تعبئة الموارد، والمساعدات الإنسانية، وتوصيلها إلى أبناء كوسوفا؛ ومساعدة اللاجئين، والعمل على تخفيض معاناتهم، في ظل هذه الظروف.

5- رفض أي تشتيت، أو توزيع لأبناء الإقليم بين دول البلقان، أو أي مناطق بعيدة، حتى يتسنى ضمان عودتهم إلى أراضيهم وديارهم.

خطة السلام الروسية

في أبريل 1999، تقدم المبعوث الروسي، فيكتور تشيرنوميردين، بخطة سلام، تضمنت النقاط الآتية('الهيئة العامة للاستعلامات، جريدة `الجرائد العالمية`، العدد الصادر في 30 أبريل 1999، ص 3.'):

1- العودة الآمنة للاجئين والمشردين.

2- استئناف المحادثات، لإيجاد حل سياسي، يمنح كوسوفا حكماً ذاتياً.

3- إجراء تخفيض لعدد الجيش اليوغسلافي، والشرطة، في كوسوفا؛ ورحيل قوات حلف شمال الأطلسي عن حدود يوغسلافيا.

4- مساعدة دولية لإعادة بناء الاقتصاد اليوغسلافي.

5- وجود دولي في كوسوفا، تحت مظلة الأمم المتحدة، في ظل مشاركة روسية.

6- تقديم مساعدات إنسانية إلى اللاجئين.

وكان المبعوث الروسي تشيرنوميردين، قد صرح، أن الرئيس اليوغسلافي، ميلوسوفيتش، قد وافق، للمرة الأولى، على وجود دولي، تحت مظلة الأمم المتحدة، وبمشاركة روسيا.

وقد فسرت الخارجية الروسية "الوجود الدولي"، بأنه موافقة على وجود بعثة مدنية دولية في كوسوفا، وليس قوة عسكرية؛ لإزالة الالتباس، الذي ساد العواصم الغربية، حول "طبيعة موافقة الرئيس اليوغسلافي".

وقد قوبلت هذه الخطة بردود فعل مختلفة، أهمها:

  • أكد حلف شمال الأطلسي، ضرورة انتشار قوة عسكرية دولية. كما أكدت مصادره أن الدول الغربية، سترفض أي مشروع، لا يسمح بنشر قوة عسكرية دولية في كوسوفا، لضمان الأمن في الإقليم.
  • رحبت ألمانيا بالخطة الروسية، خاصة ما يتعلق بقبول وجود دولي في كوسوفا.
  • أظهرت فرنسا نوعاً من الحذر، في التعامل مع نتائج مهمة تشيرنوميردين. كما استبعد فيدرين، وزير الخارجية الفرنسي، اضطلاع كوفي أنان، بمهمة وساطة في كوسوفا؛ لأنه يريد التحرك على أرض مدعومة دبلوماسياً.

على الرغم من كل هذه المحاولات والخطط، لتبديل الوضع من حالة الحرب إلى السلم، خاصة في ظل التشدد الزائد من الأطراف المتنازعة، سواء من قبل الرئيس اليوغسلافي، أو من قبل حلف شمال الأطلسي، فقد تعذَّر التوصل إلى صيغة اتفاق، تُرضي أطراف النزاع؛ مما جعل روسيا تبذل الجهد، بالاتفاق مع الدول الصناعية السّبع الكبرى، لتقديم صيغة أخرى للسلام، هي التي أنهت الحرب، بعد ثمانية وسبعين يوماً متواصلة، من القصف الجوي الأطلسي، على يوغسلافيا.

اتفاقية مجموعة الدول الثماني

في 6 مايو 1999، اجتمع في بون وزراء خارجية مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى (الولايات المتحدة الأمريكية، اليابان، ألمانيا، بريطانيا، فرنسا، إيطاليا، كندا) إضافة إلى روسيا. وتوصلوا إلى اتفاقية سلام، تتضمن "نشر وجود دولي، مدني وأمني، فعال، توافق عليه الأمم المتحدة وتقره". وتضمنت الاتفاقية النقاط الآتية('الهيئة العامة للاستعلامات، جريدة `الجرائد العالمية`، العدد الصادر في 30 أبريل 1999، ص 6.'):

أ- الوقف الفوري لأعمال العنف والقمع، في كوسوفا.

ب- انسحاب القوات العسكرية، والشرطة، والقوات شبه النظامية، من كوسوفا.

ج- نشر وجود دولي، أمني ومدني، فعّال، تدعمه وتقره الأمم المتحدة، قادر على ضمان التوصل إلى الأهداف المشتركة.

د- قيام إدارة انتقالية في كوسوفا، يقررها مجلس الأمن، لتوفير الشروط لحياة طبيعية مسالمة، لجميع سكان كوسوفا.

هـ- عودة حرة وآمنة لجميع اللاجئين والنازحين، وفتح كوسوفا، من دون عوائق، أمام المنظمات الإنسانية.

و- مباشرة العملية السياسية، للتوصل إلى اتفاق إطار سياسي انتقالي، ينص على حكم ذاتي واسع لكوسوفا، ويأخذ في الحسبان اتفاقات رامبوييه، ومبادئ السيادة، ووحدة التراب لجمهورية يوغسلافيا الاتحادية، وبقية بلدان المنطقة، ونزع سلاح جيش تحرير كوسوفا.

ز- اعتماد نهج واسع النطاق، للتنمية الاقتصادية والاستقرار، في هذه المنطقة المتأزمة.

وقد أكدت الخارجية الأمريكية أن أي وجود أمني دولي، داخل إقليم كوسوفا، لا بدّ أن يكون محوره قوات من الولايات المتحدة الأمريكية، وحلف شمال الأطلسي.

كما أعلنت الخارجية الألمانية؛ لكون ألمانيا رئيسة مجموعة الدول الثماني، لعام 1999 ـ التفويض إلى المديرين السياسيين للشؤون الخارجية، لدول مجموعة الدول الثماني، إعداد عناصر قرار لمجلس الأمن الدولي؛ و"جدول أعمال"، يحددون فيه المراحل المطلوبة لخطة السلام.

وقد حظيت هذه الاتفاقية بالترحيب والتأييد، على النحو الآتي:

أ- رحب الرئيس الأمريكي بالاتفاقية، ووصفها بأنها خطوات ذات مغزى إلى الأمام. إلاّ أنه أكد الالتزام بإستراتيجية حلف شمال الأطلسي، ومواصلة الضربات الجوية، إلى جانب العمل الدبلوماسي. كما أبدى تفاؤله بفرصة حقيقية للسلام.

ب- رحب حلف شمال الأطلسي بالاتفاقية، ووصفها بأنها تمثل تقدماً جوهرياً؛ مع تأكيد ضرورة التعاون بين الحلف وروسيا، حتى يمكن إنهاء الأزمة في الإقليم.

ج- رحب كوفي أنان، كذلك، بالاتفاق، وعدّه خطوة على طريق إيجاد تسوية سياسية للحرب في كوسوفا.

د- دعت روسيا إلى ضرورة إجراء مفاوضات مع يوغسلافيا ـ بعد التوصل إلى الاتفاقية ذلك أن انتشار أي قوة دولية في الإقليم، يجب أن يحظى بموافقة بلغراد، ومجلس الأمن.

هـ- رحب رئيس الوزراء البريطاني، توني بلير، بهذه الخطوة، ووصفها بأنها تمثل تقدماً واضحاً. وشدد على ضرورة عدم التفاوض حول شروط الحلف لإنهاء العمليات العسكرية.

أما على الجانب الصربي، فقد جرت عدة مباحثات واجتماعات مطولة، بين الرئيس اليوغسلافي، والمبعوثَين الأوروبيَّين للسلام: الرئيس الفنلندي، مارتن اتيساري، ورئيس الوزراء الروسي الأسبق، فيكتور تشيرنوميردين، الذي أدى دوراً واضحاً في المباحثات، التي أعلنت على أثرها موافقة ميلوسوفيتش على اتفاقية مجموعة الدول الثماني، ممثلاً عن حكومته، والبرلمان الصربي (أيد الخطة في البرلمان 136 نائباً صربياً، في حين رفضها 74 نائباً، وامتنع 4 نواب عن التصويت، وغاب 26 نائباً عن حضور الجلسة).

وبعد إقرار الاتفاقية من قبل حلف شمال الأطلسي، وكوفي أنان، الأمين العام للأمم المتحدة، أعلن وليام كوهين، وزير الدفاع الأمريكي، ضرورة عقد اتفاق عسكري بين الحلف وبلغراد، حول انسحاب القوات الصربية؛ وذلك قبل أن تُوقَف الغارات الأطلسية على يوغسلافيا.

3. الاتفاق العسكري، بين حلف شمال الأطلسي وبلغراد

أُبرم في كومانوفو (شمال شرقي مقدونيا) مساء 9 يونيه 1999، اتفاق عسكري، بين وفدَي حلف شمال الأطلسي، برئاسة مايكل جاكسون؛ والحكومة اليوغسلافية، برئاسة نائب رئيس أركان الجيش اليوغسلافي، الجنرال سفيتوزر ماريا نوفيتش، (اُنظر ملحق الاتفاق العسكري بين حلف شمال الأطلسي وبلجراد)؛ وذلك بعد مفاوضات طويلة، تعثرت، في البداية، بسبب بعض المقترحات، التي تقدم بها الجانب اليوغسلافي؛ وهي مقترحات لا تضمن العودة الآمنة للاجئي كوسوفا، ولا الانسحاب الكامل للقوات الصربية.

وفي الوقت الذي كُثفت فيه الاتصالات الدبلوماسية، من جانب، والغارات الجوية، من جانب آخر، لتجاوز مشكلة المماطلة اليوغسلافية، ووضع العقبات أمام المفاوضين؛ توصل وزراء خارجية مجموعة الدول الثماني (في كولونيا بألمانيا)، إلى اتفاق على مشروع قرار حول كوسوفا، لعرضه على مجلس الأمن، للمصادقة عليه، (اُنظر ملحق النقاط الرئيسية لمشروع قرار مرفوع إلى مجلس الأمن الدولي، للمصادقة عليه)

وقد هددت روسيا بعرقلة قرار مجلس الأمن، ما لم يتوقف قصف حلف شمال الأطلسي ليوغسلافيا أولاً. وفي الوقت نفسه، أصر الغربيون على عدم وقف القصف، قبل بدء الانسحاب الصربي من كوسوفا. وحسمت المشكلة بالأنباء، التي وردت بانسحاب وحدات للشرطة الصربية من الإقليم، وتهيئة وحدات أخرى للانسحاب؛ مما يعد مبرراً كافياً لوقف غارات حلف شمال الأطلسي.

ومضت المفاوضات بين الطرفَين، حلف شمال الأطلسي واليوغسلافي، وحققت تقدماً كبيراً؛ إذ طلب الوفد اليوغسلافي تمديد مدة الانسحاب لبضعة أيام، وتعديل بعض وسائله، التي وردت في خرائط الحلف؛ وجعل عمق الحزام من الأراضي الصربية حول كوسوفا 15 كم، بدلاً من 25 كم. ورافقت هذه المفاوضات تحركات دبلوماسية أخرى، تجاه موسكو وبكين. وأسفرت الجهود جميعها عن توقيع اتفاق للسلام، تزامن فيه بدء انسحاب القوات اليوغسلافية؛ مع وقف غارات الحلف الجوية؛ مع صدور قرار عن مجلس الأمن، أكد عمل قوات حفظ السلام الدولية، وأضفى الشرعية الدولية على هذا الاتفاق، من طريق تأييد الأمم المتحدة له، من خلال قرار مجلس الأمن الدولي، الرقم (1244).

وقد اسُتقبل هذا الحدث المهم، بردود فعل مختلفة، من قِبل الأوساط، الإقليمية والدولية، على الوجه الآتي:

أ- استقبل السكان إعلان توقيع الاتفاق، بإطلاق نيران المدافع الجوية، والأسلحة الخفيفة، تعبيراً عن فرحتهم وابتهاجهم بالحدث.

ب- أكد جيش تحرير كوسوفا، أنه لن يهاجم القوات اليوغسلافية، أثناء انسحابها من الإقليم. كما أكد ممثله السياسي، أن الجيش مستعد لضبط النفس؛ ولكنه لن يتخلّى عن حقه، في الدفاع عن نفسه.

ج- أشاد الرئيس الأمريكي، كلينتون، بالاتفاق، وعَدَّه خطوة إلى الأمام. وأكد عزم الحلف على إعادة ألبان كوسوفا إلى ديارهم، وعلى العمل بطريقة، تؤدي إلى دعم العلاقة بين روسيا والغرب. كما شكر للرئيس الروسي، بوريس يلتسن، الدور البناء، الذي أدته روسيا، في محاولة إنهاء الحرب اليوغسلافية، سلماً.

د. أكد توني بلير، رئيس وزراء بريطانيا؛ والمستشار الألماني، جيرهارد شرودور، أن الاتفاق يمثل خطوة كبيرة إلى الأمام.

هـ. أشاد الرئيس الفرنسي، جاك شيراك، بالاتفاق، مؤكداً أن مرحلة أساسية قد انقضت، على طريق إعادة السلام إلى يوغسلافيا، بفضل التعاون بين روسيا وشركائها.

و. رحبت مصر بالاتفاق، على لسان وزير خارجيتها، عمرو موسى، الذي أشار إلى أنه بعد توقيع الاتفاق، تنتقل مشكلة كوسوفا من مرحلة التصادم العسكري، إلى مرحلة التسوية السياسية، وإلى الإجراءات، التي تنفذها آليات الأمم المتحدة. وهنا، يكون دور الأمم المتحدة مهماً وفعالاً في، عودة الشرعية الدولية، والعمل في إطارها. كما أشار إلى أن بدء الحل السياسي، يعني عودة اللاجئين إلى الإقليم، واحترام حقهم في حكم أنفسهم، واحترام السيادة العامة ليوغسلافيا.

دخول الوحدة الروسية إلى بريشتينا

قبل دخول قوات الحلف إلى كوسوفا، وفقاً لخطة الانسحاب، الموقّعة بينه وبين الجيش اليوغسلافي، وصلت وحدة روسية، في 12 يونيه 1999، آتية من البوسنة، إلى بريشتينا، عاصمة كوسوفا، وتمركزت حول المطار. وقد سارعت الحكومة اليوغسلافية إلى مساعدتها، من طريق فتح الطرق لها والمعابر، لتصل بأسرع وقت ممكن إلى الإقليم.

وعلى الرغم من عدم معرفة صاحب القرار، في دخول هذه القوات الروسية؛ فإن هناك اعتقاداً، أن روسيا، بالاتفاق مع بلغراد، سارعت إلى إرسال هذه القوات، للسيطرة على المناطق، التي ترغب في جعلها تحت السيطرة الصّربية؛ وهي المناطق الشمالية، الغنية بمناجم الذهب والفضة والنحاس والحديد، والتي تحرص صربيا على الاحتفاظ بها، احتياطاً لأي تجزئة، أو تقسيم ممكن حدوثه، في المستقبل.

على الرغم من تأكيد روسيا، على لسان وزير خارجيتها، إيفانوف، عدم معرفة مَنْ أصدر التعليمات إلى القوات الروسية في البوسنة، بالتحرك إلى بريشتينا، من دون التنسيق مع الحلف؛ فإنه من الواضح أنها خطوة سياسية، غايتها استعادة روسيا مركزها أمام العالم، بعد عجزها عن مساعدة بلغراد، عسكرياً، خلال فترة القصف الجوي؛ وإخفاقها في التوصل إلى اتفاق لوقف القصف، بالشروط، التي كانت تعرضها أو تطالب بها يوغسلافيا؛ فضلاً عن أنها لم تؤدِّ دوراً في المباحثات، التي جرت بين الحلف والجيش اليوغسلافي، على الرغم من وجود ضابط روسي مراقب.

وقد طابق المخطط الروسي، بعدم التنسيق ما بين القوات الروسية، وقائد القوات الدولية في كوسوفا، سياسةَ بلغراد، الداعية إلى تقسيم الإقليم، وجعل منطقته الشمالية "منطقة أمنية"، بين صربيا وكوسوفا، تكون السّيطرة الصربية فيها أمراً واقعاً.

وقد أسهم وصول القوات الروسية إلى بريشتينا، في تهدئة روع الصّرب، من سكان كوسوفا، وأثار شعورهم بالأمان؛ بعد أن كانوا قلقين، يتوقعون أعمالاً انتقامية، من قِبل الألبان، بعد خروج قوات الأمن الصربية.

وقد أسفر هذا الحدث عن تفجر خلافات جديدة، بين الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، حول الدور الروسي في عملية حفظ السلام في كوسوفا؛ فضلاً عن الخلافات السابقة، الخاصة بمكانة الوحدات الروسية في إطار القوة الدولية، لحفظ السلام في الإقليم؛ وسعي روسيا لكي يكون لها قطاع خاص، وهو ما رفضته واشنطن، بحجة أن وجود هذا القطاع الروسي، سيعني تقسيم كوسوفا، خاصة في ظل رفض اللاجئين الكوسوفيين العودة إلى منطقة، يسيطر عليها الروس.

اتفاق هلسنكي

في 18 يونيه 1999 وقَّعت، في هلسنكي، الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، اتفاقاً، في شأن مشاركة القوات الروسية في مهمة حفظ السلام، في كوسوفا (اُنظر ملحق اتفاق هلسنكي بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية)؛ واستُوحِيَتْ خطوطه العريضة من الاتفاق المبرم، عام 1995، بين الطرفَين، في شأن قوة الاستقرار في البوسنة SFOR، التي يشارك فيها 1500 روسي. وهو الاتفاق، الذي يحقق أمرَين أساسيَّين، يتمثلان في الحفاظ على وحدة القيادة اللازمة، لتمكين قوة حفظ السلام KFOR، من العمل بفاعلية. كما يعطي روسيا دوراً فريداً، من خلال ما نصّ عليه من عمليات للقوات الروسية، في إطار قطاعات من KFOR، تديرها الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، وألمانيا.

وقد مُنحت موسكو، بموجب هذا الاتفاق، وضعاً خاصاً بها، ضمن قوة حفظ السّلام الدولية في الإقليم، يُبقي القوات الروسية تحت قيادة موسكو، على أن يكون هناك ممثل روسي، في قيادة القوات الدولية.

أما عدد القوات الروسية، فقد تخلّت روسيا عن إرسال قوة، تصل إلى 10 آلاف جندي، واستبدلت بها قوة مؤلفة من 3600 جندي، يندمجون في القطاعات التابعة لقيادة حلف شمال الأطلسي، في الإقليم؛ على أن يرفع هؤلاء الجنود تقاريرهم إلى قيادتهم الروسية، التي سيكون لها ممثلوها في القيادة الموحدة KFOR.

واشتمل الاتفاق، كذلك، على خطة لفتح مطار بريشتينا، أمام كل دول حفظ السلام، بعد أن كانت القوات الروسية قد احتلته، بشكل منفرد، قبل وصول قوات السلام التابعة للحلف.

وقد قوبل هذا الاتفاق بردود فعل مختلفة، أبرزها:

أ. وصف الرئيس الأمريكي، بيل كلينتون، مباحثات هلسنكي بأنها ناجحة. وعزا نجاحها إلى دور يلتسين والوزراء الأربعة: وزيرَي الدفاع والخارجية الروسيَّين، إيجور سيرجيف، وايفانوف؛ ونظيرَيهما الأمريكيَّين، كوهين، وأولبرايت. كما أكد ضرورة وجوب التعاون بين الأطراف المختلفة، والحفاظ على كلًّ من الصرب والألبان.

ب. أكد الرئيس الروسي، يلتسين، أن الأطراف جميعها، يجب أن تتحمل مسؤوليتها، تجاه الحرب في كوسوفا؛ وهذا هو الأساس لتحقيق السلام الدائم، والشامل، في المنطقة. كما أشار إلى أن هدفه؛ هو إعادة بناء جو الصداقة مع الغرب، مرة ثانية، بعد خلافاتهما بسبب أزمة كوسوفا، معرباً عن ارتياحه وسعادته بنجاح هذا الاتفاق.

اتفاق نزع أسلحة جيش تحرير كوسوفا

في صباح 21 يونيه 1999، في بريشتينا، مقر قيادة KFOR، وقّع الجنرال مايكل جاكسون، قائد قوة السلام الدولية في كوسوفا KFOR، اتفاقاً لنزع سلاح جيش تحرير كوسوفا، مع هاشم تقي، المتحدث الرسمي باسم الجيش؛ وذلك بحضور المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، جيمي روبين؛ لعلاقته الطيبة بتقي، منذ محادثات رامبوييه.

وافق جيش تحرير كوسوفا، بمقتضى الاتفاق، على أن يتخلى عن صفته العسكرية، ويتغير، ليستمر وجوده بشروط جديدة.

وقد تضمن الاتفاق عدة نقاط، أهمها:

أ. يسلم جيش تحرير كوسوفا جميع أسلحته، إلى قوة KFOR، باستثناء الأسلحة الخفيفة، خلال مهلة، مدتها ثلاثة أشهر. وبناء على ذلك، تُجمع كافة الأسلحة، التي يزيد عيارها على 12.7 ملم، في أماكن محددة، لتطّلع عليها قوة KFOR، خلال ثلاثين يوماً، بدءاً من تاريخ توقيع الاتفاق.

ب. لا يُسمح لمقاتلي جيش تحرير كوسوفا، في أي وقت، بدءاً من 21 يونيه 1999 ـ بحمل أسلحة من أي نوع، على بعد أقلّ من مترَين من الطرقات الرئيسية والمدن، والحدود الخارجية للإقليم.

ج. يفكك مقاتلو جيش تحرير كوسوفا، جميع مواقعهم القتالية وتحصيناتهم، ومراكز المراقبة على الطرقات؛ ويزيلون الألغام، والمواقع المفخخة، التي نصبوها؛ وذلك خلال مهلة أربعة أيام، من تاريخ توقيع الاتفاق.

د. يُمنع جيش تحرير كوسوفا من إطلاق النار. كما يجب عليه الانسحاب من مناطق النزاع، مع نزع الأسلحة؛ ويلتحق أفراده بالمجتمع المدني، وفق الاتفاقات، التي أبرمت في رامبوييه، ووافق عليها وفد ألبان كوسوفا.

هـ. يمتنع جيش تحرير كوسوفا، عن اللجوء إلى القوة؛ ويتوقف عن مزاولة أي عمل عسكري؛ ويلتزم عدم مهاجمة المدنيين في كوسوفا أو احتجازهم أو إرهابهم.

و. تحويل الجيش إلى منظمة مدنية.

ز. تأخذ الأسرة الدولية في حسبانها، إمكانية التحاق مقاتلي الجيش "بقوة شرطة جديدة"، تُشكل من أبناء كوسوفا (المدنيين والعسكريين)، على غرار الحرس الوطني في عدد من الولايات الأمريكية؛ للمساعدة على تحويل الحكم الذاتي، والآمن، الذي تعهدت به اتفاقيات السلام، إلى حقيقة واقعة.


نقد الحرب


الضحايا

الخسائر المدنية

مدنيين قتلوا في الغارات الجوية لحلف شمال الاطلسي

مقتل مدنيين على يد القوات البرية اليوغوسلافية

 
Royal Canadian Mounted Police (RCMP) officers investigate an alleged mass grave, alongside US Marines


خسائر حلف شمال الاطلسي

 
A downed F-16 pilot's flight equipment and part of the F-117 shot down over Serbia in 1999 on show at a Belgrade museum.

الخسائر العسكرية اليوغوسلافية

 
Wreckage of the Yugoslav MiG-29 jet fighter shot down on March 27, 1999, outside the town of Ugljevik, Bosnia and Herzegovina
 
Abandoned Tank near Prizren


خسائر جيش تحرير كوسوفو

العواقب

جرائم الحرب

جرائم الحرب الصربية

جيش تحرير كوسوفو بارتكاب جرائم حرب

جرائم حرب منظمة حلف شمال الأطلسي

 
Sites in Kosovo and southern Central Serbia where NATO aviation used munitions with depleted uranium during 1999 bombing.

النتائج العسكرية والسياسية

 
Yugoslav Army M-84 tanks withdrawing from Kosovo
 
Members of the Kosovo Liberation Army turn over their weapons to U.S. Marines
 
Seized uniform and equipment of U.S. soldiers 1999 in Kosovo War

الرتب العسكرية

استخدام السلاح والعتاد على جميع الاطراف

يوغسلافيا السابقة

The following weapons used by FR Yugoslavia are listed below. Half of them were Soviet weaponry.

جيش تحرير كوسوفو

The following weapons used by the Kosovo Liberation Army are listed below. They mostly consist of Soviet Kalashnikov weaponry.

  • AK-47
  • D-1 Howitzer
  • RPK
  • Zastava M76
  • AKM
حلف شمال الاطلسي

The following aircraft used by NATO are listed below.

مرئيات

بايدن يدعو لقصف بلغراد أثناء حرب كوسوفو 1999

مطبوعات أدبية

انظر أيضاً

معرض الصور

المصادر

  1. ^ Beteja e Loxhës – beteja e parë serioze me shkie
  2. ^ http://www.hri.org/news/balkans/ata/1999/99-05-02.ata.html Albanian Telegraphic Agency: Skirmish in Qafe Prush, 2 May 1999
  3. ^ Norske jagerfly på vingene i går
  4. ^ "Turkish Air Force". Hvkk.tsk.tr. Archived from the original on 2009-05-13. Retrieved 2009-03-24. {{cite web}}: Unknown parameter |deadurl= ignored (|url-status= suggested) (help)
  5. ^ UNDER ORDERS: War Crimes in Kosovo - 5. Drenica Region
  6. ^ [1]
  7. ^ مجموعة الأزمة الدولية: An Army for Kosovo? Europe Report N°174, 28. Juli 2006, S.3
  8. ^ Forcat e Armatosura të Republikës së Kosovës facts - Freebase
  9. ^ 60xDeutschland » Die Bundeswehr zieht in den Krieg
  10. ^ http://www.deshmoretekombit.com/
  11. ^ Two die in Apache crash
  12. ^ http://www.strategypage.com/htmw/htada/articles/20051121.aspx How to Take Down an F-117
  13. ^ http://www.f-16.net/news_article2167.html Holloman commander recalls being shot down in Serbia
  14. ^ B92 - News - Serbia marks anniversary of NATO bombing
  15. ^ TANJUG
  16. ^ "Milosevic proclaims victory with end to Kosovo conflict". CNN. June 10, 1999. Retrieved 2009-03-24.
  17. ^ أ ب Around 13,000 civilians killed by Serb forcesTHE CRISIS IN KOSOVO Human Rights Watch 2000
  18. ^ UNDER ORDERS: War Crimes in Kosovo - executive summary Human Rights Watch 2001
  19. ^ Serbia: 13,000 killed and missing from Kosovo war - rights group | ReliefWeb
  20. ^ Death toll could be Kosovo's argument at ICJ: analysts | ReliefWeb
  21. ^ Kifner, John (1999-07-18). "INQUIRY ESTIMATES SERB DRIVE KILLED 10,000 IN KOSOVO". The New York Times.
  22. ^ BBC News Confusion over refugee bombing
  23. ^ Civilian Deaths in Airstrikes Erode NATO Credibility , Los Angeles Times
  24. ^ أ ب ت ص.292-293 قاموس الحروب
  25. ^ أ ب نزاع في كوسوفو، موقع من خلال عيني (27 يونيو 2009). (إنجليزي)
  26. ^ كوسوفو التاريخ والمصير، موسوعة المقاتل

وصلات خارجية

تقارير

الإعلام

الخرائط