تصوير جصي أو فريسكو Fresco هو أحد أشكال الفن التي يتم من خلالها استخدام الجص كمادة لتمليط أو تجصيص سقف أو جدران بشكل فني. كلمة فريسكو جاءت من الكلمة الإيطالية affresco والتي تعني غض أو طري. وتستعمل للإشارة إلى التصوير على الجدران في مساحات كبيرة، والفرسك الحقيقي أو الرطب يعني التصوير على سطح جدار أو سقف مغطى بالطينة الرطبة حين مدها قبل جفافها، أي أن الرسم يمارس على الجدار في لحظة انتهاء مد الطينة على الجدار وتنعيمها (ملساء) ويرسم بالفرشاة الخاصة بذلك.

تصوير جصي من بافاريا في ألمانيا
Fresco by Dionisius representing Saint Nicholas in a Ferapontov Monastery.
Dante Domenico di Michelino's Divine Comedy in Duomo of Florence.


والمشكلة الأساسية ترتبط بدرجة تشبع الطينة بالماء قبل جفافها (ست أو سبع ساعات) لذا فتقنية الفرسك تتطلب سرعة كبيرة في التلوين وخبرة عميقة في التنفيذ، لأنه يستحيل على الفنان تعديل الرسم أو تصليح الألوان (روتوش). وهو رسم تخطيطي بالحجم المضبوط للصورة المقترحة. ويعمل أيضًا رسمًا تخطيطيًا أصغر بالألوان، ويتم وضع جص جديد سائل على سطح الحائط أو السقف المراد زخرفته. ويضع الفنان الرسم التخطيطي على الجص ويرسم الحدود، وبذلك يكون معدًّا لبدء الرسم. وبعد مزج الألوان الجافة بالماء، يقوم الرسام باستخدام الفرشاة في وضع الخلطة على الجص المبتل وبعد أن يستقر الجص تلصق الألوان بصفة دائمة على السطح. ويجب أن يتم العمل بسرعة لأن الجص لن يُمسك الألوان التي توضع بعد أن يجف. وفي نهاية اليوم يُنزع الجص غير المصبوغ بالألوان وتُنظف الحافة لعمل اليوم التالي. يترك الجير الذي على الجصِّ بقعة صبغية، ويمكن فقط استعمال الصبغة التي يمكنها مقاومة فعل الجير في التصوير الجصي. ومعظمها ألوان أرضية ليس لها بريق الألوان التي تُستخدم في التصوير الزيتي.

وبلغ التصوير الجصي أعلى مستوى له خلال عصر النهضة الإيطالي في القرن الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

كيفية التصوير الجصي

ويبدأ العمل أولاً بإعداد الجدار الذي سيغطى بالتصوير ثم يرطب بمسحه جيداً بالماء، ثم تمد الطينة بسماكة متساوية وتنعم وهذا مهم جداً (والطينة تركب من رمال الأنهار الناعمة والمصفاة يضاف إليها الكلس بنسبة 3 إلى واحد من الماء بحيث يكون متماسكاً يصلح للاستخدام، وتمد الطينة الجاهزة على سطح الجدار أو السقف في مساحة محددة تلون مباشرة ثم تحدد مساحة أخرى جانبها، ويملس (ينعم) سطح الطينة جيداً وهناك من يستخدم طبقة واحدة من الطينة أو عدة طبقات رقيقة حسب اجتهاده.

ويستخدم التصوير الجداري بأسلوب الفرسك لإمكانية الاحتفاظ بالرسم مدة زمنية طويلة، تستمر قروناً عديدة ومن أجمل نماذجها القديمة الرسوم الجدارية في مدينة بومبي Pompei جنوب إيطاليا حيث تعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد ويذكر أن الطينة هنا عولجت بمواد شمعية ساعدت على مقاومة الرطوبة والعوامل المختلفة.

وعادة ما يبدأ الفنان العمل بإعداد الدراسات والرسوم التحضيرية على ورق كبير أو كرتون وتثقب خطوط الرسم بإبرة دقيقة (دبوس) بشكل متقارب وحين وضع الرسم على الجدار الرطب، يمدد على الورق مطحون الفحم الناعم والموضوع ضمن قطعة نسيج (شاشية شفافة) فتمر ذرات الفحم الناعم عبر الثقوب إلى الجدار وتحدد نقاط سوداء متقاربة يصل الفنان بينها باللون الذي يريد فيتجسد الرسم ويبدأ التلوين. والفرسك الجيد هو المنفذ برطوبة موحدة وطبقة (سماكة) متساوية، ويملس (ينعم) كما كان يعمل الرومان كي يبدو براقاً، ويمكن للفنان أن ينفذ مساحة محددة من الجدار ثم مساحة أخرى وهكذا كما يمكن أن تقسم المساحات حسب عناصر اللوحة (السماء، الجبال، المباني، أشجار، أشخاص…الخ).

عباقرة النهضة الإيطالية (ميكلا نجلو ودرافائيل وجيوتو) كانوا ينجزون رسومهم مساحة إثر أخرى لجميع عناصر اللوحة.


شروط الإحتفاظ بالرسوم الجدارية

 
Fresco of a Roman woman from Pompeii, c. 50 CE.
 
الرسوم الجصِّية الرائعة الألوان زينَّت كثيرًا من القصور والمباني العامة، في عصر النهضة. وقد رسم الفنان الإيطالي مانتينا أندريا هذه اللوحة الجصية الموضّحة في الصورة في قصر دوق.

إن الاحتفاظ بالرسوم الجدارية (الفرسك) سليمة، يرتبط بشروط وظروف خاصة وأهمها كيفية استخدام البناء المتواجد فيه الرسوم إضافة إلى طريقة الإنارة وقديماً كانت الشموع والسُّرج (ووسائل التدفئة المختلفة ـ دخان النار والمواقد…الخ)، كثير من الزخارف التراثية الكبيرة تعرضت للتلف نتيجة ذلك (قاعة سيكستين في روما للفنان ميكلا نجلو) لوحة العشاء الأخير للفنان ليوناردو دافنشي في ميلانو حيث استخدم الجيش الفرنسي مطعم الدير حيث توجد اللوحة. ثم هناك عوامل الرطوبة: حيث يتشكل الملح نتيجة أكسدة الألوان على الجدار ببطء ويتلف الرسوم، يضاف إلى ذلك الترميم السيئ أو العوارض الطبيعة الكبرى (زلزال أسيسزي في إيطاليا 2005) (فيضاننهر الآرنو في فلورانس 1966 حيث خربت كل شيء في المدينة).

ومع ذلك يبقى أسلوب الرسم في الفرسك مجسداً الأعمال النصبية الضخمة عبر التاريخ ونجدها في مختلف البلاد، الصين والهند والمناطق العربية وبخاصة سورية ومصر (جدران قبور الفراعنة) في بعض الحضارات القديمة، وكذلك الأعمال الضخمة التي قام بها فنانو عصر النهضة الإيطالية الكبار (ميكلا نجلو ورافائيل وجيوتو وآخرون…).

لهذا يُمنح الرسم الجداري الكبير صفة التراث وتخليد المواقف الإنسانية والتاريخية ويحدد مستوى حضارة الأمة.

تاريخ التصوير الجصي

 
Fresco from Ajanta, 6th century
 
Chola Fresco of Dancing girls. Brihadisvara Temple c. 1100

وقد بقيت هذه التقنية مستخدمة حتى نهاية القرن السادس عشر أي مع بداية عصر الباروك (الزخرفي) حيث ارتبطت الزخرفة بالتصوير مع فن ال[عمارة] ارتباطاً وثيقاً إضافة إلى صعوبة تنفيذ الفرسك ومشاكله، وكان الفنانون يعانون ويبحثون عن حلول لذلك، بمعالجة المواد التلوينية المتعددة: الترابية وسواها والمطحونة جيداً بالزيوت والمواد الصمغية المختلفة؛ حتى توصلوا إلى الألوان الزيتية والطباشيرية (الباستل) والمائية والأحبار الملونة السائلة أو الجافة…الخ.

وكان أغلب الفنانين يقومون بإعداد ألوانهم بأنفسهم ويستعينون بمن يطحن لهم الألوان، واستخدمت اللوحة المحمولة على الحال (المسند) وبمقاييس مختلفة، تصنع من الخشب، أو يشدّ عليها النسيج (القطن) أو (الكتان) على إطار خشبي بالمقياس الذي يرغبه الفنان.

وهكذا أخذ الفرسك يتقلص بالتدريج، وانطلقت وحتى اليوم اللوحة (المسند أو الحامل) المستقلة، والتي تمنح الفنان الحرية الكاملة بطريقة التنفيذ والاستمتاع في عمله براحة والعودة إليه متى شاء، إضافة إلى سهولة نقل اللوحات (صغيرة أو كبيرة) من مكان إلى آخر وفق الحاجة وتثبيتها على الجدار أو أي مكان نرغب فيه.

وقد تم العثور على العديد من أعمال التصوير الجصي في حوض المتوسط وخصوصاً في مصر والمغرب. كما وجدت أعمال في اليونان والهند وغيرها. أما بالنسبة للمشرق العربي فقد وجدت بعض من أعمال الفريسكو أو التصوير الجصي في قصر عمرة في الأردن تعود للحقبة الأموية.

وبالنسبة لعصر النهضة في أوروبا فلقد سجلت العديد من أعمال الفريسكو التي بقي أثرها واضحاً في الفن مثل جدارية العشاء الأخير ليوناردو دا ڤينشي وعدد من جداريات الفاتيكان وإيطاليا.

معرض الصور

المصادر

انظر أيضا



وصلات خارجية

Fresco technique described