الإمارتان المتحدتان ولاخيا ومولداڤيا

(تم التحويل من الإمارتان المتحدتان)

الإمارتان المتحدتان، ولاخيا ومولداڤيا، وتعرف أيضاً بإسم الإمارتان الرومانيتان كانت الاسم الرسمي لرومانيا بعد اتحاد 1859. ففي 5 فبراير 1862 (24 يناير النمط القديم) اتحدت رسمياً الإمارتان ليشكلا الإمارتان المتحدتان (لرومانيا). ومع ترانسلڤانيا، فالإمارتان المتحدتان ولاخيا ومولداڤيا أصبحا أساس الدولة القومية رومانيا[1].

الإمارتان المتحدتان ولاخيا ومولداڤيا (1859–1862)
الإمارتان المتحدتان (1862–1866)
رومانيا (1866–1881)

Principatele Unite
1859–1881
علم رومانيا
العلم
{{{coat_alt}}}
Coat of arms
رومانيا 1859–1878، الإمارتان المتحدتان تظهران باللون البيج الفاتح
رومانيا 1859–1878، الإمارتان المتحدتان تظهران باللون البيج الفاتح
العاصمةIasi (1859–1862)
Bucharest (1859–1881)
اللغات الشائعةRomanian
الحكومةConstitutional monarchy
Prince 
• 1859 - 1866
ألكسندرو يوان كوزا
• 1866 - 1881
كارول الأول
التشريعParlamentul (Reprezentanţa Naţională, or Corpurile Legiuitoare)
سناتول
Adunarea Deputaţilor
التاريخ 
• الاتحاد بين ولاخيا ومولداڤيا
24 يناير 1859
• أول حكومة عمومية
22 يناير 1862
• تأسيس المملكة
March 13 1881
Currencyليو روماني
سبقها
تلاها
إمارة مولداڤيا
إمارة ولاخيا
مملكة رومانيا

وبدءاً من 1866، عندما بدأ العمل بالدستور الجديد، فالاسم الرسمي المستعمل أصبح رومانيا، وبعد تأسيس المملكة في 1881، أصبح مملكة رومانيا.

وكمصطلح تاريخي يشير إلى إمارات ما قبل الوحدة ولاخيا ومولداڤيا وأحياناً أيضاً إمارة ترانسلڤانيا، فإن مصطلح الإمارات الرومانية يعود إلى بدايات التأريخ لرومانيا المعاصرة في منتصف القرن 19،1 والذي استخدمه لاحقاً المؤرخون الرومانيون كمرادف للمصطلح الأقدم الأراضي الرومانية. وفي اللغة الإنجليزية، فقد بدأ مصطلح الإمارات الرومانية في الظهور في النصف الثاني من القرن 19.

وللحقبة بين مؤخرة القرن 18 وعقد 1860، فالمرادف كان الإمارات الدانوبية، والتي كانت تضم أيضاً أحياناً صربيا، وكانت لا تضم ترانسلڤانيا. وعلى العكس من ذلك، الإمارات الرومانية كانت أحياناً تضم ترانسلڤانيا، ولم تضم قط صربيا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التاريخ

 
اتحاد الإمارتين، بريشة تيودور أمان.

كان مطلع خمسينات القرن التاسع عشر يعتبر فترة عصيبة بالنسبة للقومية الرومانية, فقد أدى إخفاق ثورات 1848 إلى تجديد التدخل الروسي والعثماني في الشؤون الداخلية لكل من ولاخيا ومولدافيا. وبدا واضحاً أنه لم تقع أحداث دولية معينة تردع هاتين القوتين (روسيا والدولة العثمانية) سيكون تحقيق القومية الرومانية وتوحيد الإمارتين تحت حكم أمير أجنبي أمراً محتملاً. وفي هذا الخصوص وفرت حرب القرم فرصة ما لتحقيق هدف القوميين الرومانيين. إذ أن معاهدة باريس (1856) التي أنهت الحرب ضمنت أنه لا يمكن لروسيا منفردة تقرير شؤون الإمارتين, وأنه لا يمكن إعادة فرض السيطرة العثمانية مرة أخرى. ولنتذكر في هذا الشأن أن المعاهدة استبدلت بالحماية اروسية ضمان القومية الكبرى. ومن ناحية أخرى كان من شأن المنافسة بين تلك القوى وعدم الثقة المتبادل بينها ما يحول دون فرض نفوذ حقيقي من أي قوة دولية على الإمارتين. كما كان حييد البحر الأسود وتخلي روسيا عن ثلاثة مناطق جنوبي بساربيا لمولدافيا كان خطوة في صالح هدف الإمارتين.

يضاف إلى هذا أن معاهدة باريس أعطت نابليون الثالث إمبراطور فرنسا الفرصة لمساندة الوضع القومي في الإمارتين. ففي نهاية حرب القرم إحتلت القوات النمساوية والعثمانية أراضي الإمارتين. ومن ثم واجهت القوى الدولية مشكلة الإتفاق على ماهية النظام السياسي الذي يمكن أن يحل محل الحماية اروسية والهيئات التشريعية القائمة هناك. وكان واضحاً أن تلك القوى في مناقشتها لهذا الأمر كانت تراعي مصالحها في المنطقة, كان نابليون الثالث الذي ظهر ىنذاك بمظهر راعي الحركات القومية الأوروبية يؤيد توحيد الإمارتين توحيداً تاماً تحت حكم أحد أمراء أوروبا من خارج الإمارتين. وقد أيده في هذا أميراً بروسيا وبيدمونت وكان كل منهما يعيش حالة من الجيشان القومي, وكذا روسيا التي كانت قد ارتبطت بفرنسا فيما عرف ببداية فترة قصيرة من التعاون في الشؤون لدولية. غير أن الدولة العثمانية وقفت ضد هذه القوى جميعاً إذ كانت ترى في إتحاد الإمارتين إنتهاكاً للحقوق التي نصبت عليها معاهدة باريس (1856), وخطوة من شأنها أن تؤدي إلى إستقلالهما لا محالة. وقد وقفت النمسا إلى جانب الدولة العثمانية في هذا الأمر لأنها كاهنت تخشى أساساً من ضياع ترانسلفانيا منها في قابل الأيام حيث كان برنامج القوميين الرومانيين يضع في أولوياته ضم ترانسلفانيا لدولتهم الجديدة, وأما بريطانيا فكانت تعارض توحيد الإمارتين في البداية بدعوى المحافظة على وحدة الإمبراطورية العثمانية من أجل التوازن الدولي.

 
The first heraldic representation of the Romanian Principalities (1600)

ولما عجزت القوى الدولية عن التوصل إلى تفاهم ما في إجتماعهم بباريس حول المسألة إتفقت على القيام بمحاولة لإستطلاع رغبات الرومانيين أنفسهم (أهالي الإمارتين), وتحقيقاً لذلك قررت تلك القوى إجراء إنتخابات لما يعرف بالديوان في كل إمارة (إي المجلس) للتعرف على إراء الناس في النظام الذي قد يمنح للبلاد. وعلى هذا وفي يوليو 1857 أجريت أول إنتخابات لكنها كانت مزورة حيث حصلت الدوائر المحافظة التي كانت ترغب في عدم توحيد الإمارتين على أغلبية ملحوظة في مولدافيا تحت الضغوط التي مارستها الحكوةمة العثمانية وجماعات أخرى ضد التوحيد. ولقد أدت هذه النتيجة إلى نشوء أزمة بين فرنسا الت يكانت ترغب في إعادة الإنتخابات وبين بريطانيا التي كانت لا تزال مهتمة أساساً بالمحافظة على وحدة الإمبراطورية العثمانية. وأخيراً وفي إطار من المساومة وافقت فرنسا على ألا تمارس أي ضغط من أجل توحيد الإمارتين, ووافقت بريطانيا على إجراء إنتخابات جديدة وهي الإنتخابات التي أجريت في سبتمبر 1857 وإنتهت بإختيار مرشحين وحدويين لعضوية الديوان في كل من الإمارتين سرعان ما إقتراعوا في أكتوبر على وحدة الإمارتين تحت حكم أمير غير روماني. ولكن ولأن القوى الدولية لم تكن تقبل هذا الحل فقد أقدمت الحكومة العثمانية على حل مجلس الإمارتين أي الديوانين المنتخبين, وأصبح الأمر في يد القوى الدولية من جديد.

على كل حال، ففي مايو 1858 إجتمع ممثلو الدول العظمى في باريس لمناقشة المسألة الرومانية, وكانت فرنسا عند موقفها الأول المؤيد للوحدة على حين وقفت ضدها كل نم النمسا والدولة العثمانية. ثم تم التوصل إلى نوع من المساواة تمت صياغتها في ميثاق بتاريخ 19 أغسطس 1858 حل محل الهيئات التشريعية الأساسية القائمة ونص على تنظيم سياسي جديد للإمارتين بإسم "إتحاد إمارتي مولدافيا وولاشيا" مع بقائهما تحت السايدة العثمانية وبضمان القوى الدولية. كما نص الميثاق على إيجاد مؤسسات متوازية في الإمارتين ولكن كل منهما منفصل عن الآخر فيكون لكل إمارة "خوسبدار" ورئيس في فوكشاني Focsani ومحكمة إستئناف واحدة. وإستمر العمل بنظام إنتخاب الخوسبدار بواسطة جمعيات خاصة ويوافق عليه السلطان, على ا، تتوزع السلطة التشريعية بين الجمعية التشريعية في كل إمارة والهيئة المركزية في فوكشاني. وتقرر إنتخاب أعضاء الجمعيتين كل سبع سنوات, ويكون الوزراء في كل إمارة مسئولون أمام الجمعية, ويكون من صلاحية كل جمعية ضبط الموازنة المالية والضرائب. ولأن الإنتخابات تمت على أسس محددة غاية في التقييد فإن الأعضاء الذين فازوا كان يعني إستمرار سيطرة البويار (أي كبار الملاك) على أمور الدولة العثمانية.

ولقد تضمن الميثاق الجديد عدة تعديلات على نظام الأراضي حيث نصت المادة 46 منه على "إلغاء كل المميزات والإستثناءات والإحتكارات التي تتمتع بها طبقات معينة, وتعديل القانون الذي ينظم علاقات أمراء الإقطاع بالفلاحين فوراً من ا<ل تحسين أحوال الفلاح". كما نصت المادة نفسها على "أن كل المواطنين متساوون في الخضوع للضرائب وفي العمل في الوظائف العامة في كل من الإمارتين, وأن حرياتهم الفردية مضمونة ومصونة".

ورغم أن ميثاق 19 أغسطس كان علامة متقدمة على طريق الوحدة, إلا أنه فيما يبدو لم يحقق رغبات القوميين والعناصر السياسية الأكثر نشاطاً في كل من الإمارتين. ومع ذلك فقد رحبت تلك العناصر بإنشاء الهيئة المركيزة في فوكشاني لإصدار تشريعات للإمارتين بعد عرض كل تشريع على الجمعية المختصة في كل إمارة, وكذا موافقة القوى العظمى بشأن مسألة الوحدة الرومانية فإن نصوص ميثاق 19 أغسطس تصبح أفضل شيئ كان يمكن التوصل إليه في مثل تلك الحالة.


حكم ألكسندرو يوان كوزا

 
ألكسندرو يوان كوزا, first domnitor of رومانيا

وبتوثيق الميثاق بدأت الإمارتين تستعدان للإنتخابات لإختيار الخوسبدار الجديد لكل منهما. وقد جرت الإنتخابات كما كان الحال في المرات السابقة وسط فوضى وإتهامات متبادلة بين المرشحين, وكل إمارة كانت تحت مسئولية قائمقام بثلاثة أشرطة. والحقيقة أن وظائف كل من هذه الهيئات لم تكن واضحة, وكان أعضاؤها منقسمون بين أولئك الذين يرغبون في إقامة الوحدة وبين المحافظين الذين يرفضونها. وفي الأسبوع الأخير من ديسمبر أجريت في مولدايفا أول إنتخابات ورغم أن العناصر الوحدوية التي نجحت في الإنتخابات لم تهيمن على الجمعية التشريعية إلا أنهم نجحوا بلا شك في ضمان إنتخاب ألكسندر كوزا Cuza في 17 يناير 1859 (خوسبدار). وفي ولاشيا جرت الإنتخابات في مطلع فبراير ولم يفز الوحدويون لكن المحافظين إنشطروا بين المرشحين المتنافسين. وفي أثناء إجتماعات الجمعية التشريعية في بوخارست كانت المظاهرات الحماسية للوحدة تطوف بالشوارع مؤيدة للوحدويين داخل الجمعية. ورغم أن الأعضاء كانوا منقسمين على أنفسهم إلا أنهم إختاروا في النهاية كوزا وكان إنتخابه يعد نصراً للقيادات الليبرالية وخطوة كبيرة تجاه تحقيق برنامج ال 48 وبهذا إرتبطت الإمارتين برباط شخصي تمثل في شخصية كوزا.

وكانت النتائج التي أسفرت عنها الإنتخابات تعد تحطيماً لميثاق 19 أغسطس نصاً وروحاً, فإن القوى العظمى بدأت تتشاور من جديد حول ما يمكن عمله. وكما هو متوقع فقد وقفت فرنسا بجانب الوحدة الرومانية, وأيدتها في هذا روسيا التي كانت ترغب في المحافظة على الوفاق مع فرنسا الذي تأسس بعد حرب القرم. وظلت النمسا والدولة العثمانية تعارضان الوحدة, بينما ترغب بريطانين كعادتها في التوصل إلى مساومة. والحقيقة أن المشكلة الرئيسية التي كانت تواجه أولئك الذين يتطلعون لتنفيذ الميثاق بحذافيره هي كيف يفرض على الإمارتين إجراء إنتخابات جديدة في الوقت الذي لم تكن هناك دولة من الدول العظمى ترغب في السماح للسلطان العثماني بإرسال قوات لفرض القرارات التي تم التوصل إليها فيما سبق.

على كل حال، لقد أدى إندلاع الحرب بين فرنسا والنمسا على الأراضي الإيطالية في أبريل 1859 إلى تقديم مساعدة قوية للقضية الرومانية من حيث لا يحتسب الرومانيون أنفسهم, فقد أدت الحرب إلى إبعاد النمسا تماماً من المفاوضات الدبلوماسية بشأن الإماريتن, ذلك أ، هزيمتها في الحرب جعلها عن فرض أرائها في المسألة الرومانية. وأخيراً وفي سبتمبر 1859 وافقت القوى العظمى على الإعتراف كحالة إستثنائية بالإختيار المزدوج من الإمارتين لألكسندر كوزا, مع التأكيد على المبدأ الفصل بين الإمارتين والموافقة فقط على تلك الوحدة الشخصية مدى حياة الكسندر كوزا.

غير أن الأمير الكسندر كوزا كما بدا للوهلة الأولى لم يكن هو الشخص المناسب ليقوم بالدور الذي استدعى من اجله لإجراء إصلاح حقيقي في الإمارتين لأكثر من سبب, فقد إرتبط إسمه قديماً بالليبراليين, وإنضم لثورة 1848 في مولدافيا وعلى أثرها نفي خارج البلاد لفترة قصيرة, ثم عاد في 1849 وخدم في الإدارة تحت حكم كل من غيكا Ghica ونيقولا فوجوريديس Vogorides. وعلى هذا كان إنتخابه في ياصي Jassy مفاجأة كاملة للجميع لأكثر من عامل, فهو لم يكن يسعى للمنصب, ولم يكن بالرجل الذي له تأثيره على الغير, ولم يكن وراءه حزب أو جماعة تسانده, ويعاني من قصور ملحوظ في الكفاءة. ولكن يبدو أن أنصاره من الليبراليين رأوا فيه أفضل بديل سيء يحكم البلاد بدلاً من أن يتولى أمير أجنبي الحكم. وكان على كوزا في نهاية الأمر وبكل ما عرف غنه من خصائص أن يتعامل مع الموقف الداخلي الصعب, والمنافسة المستمرة بين السياسيين الطموحين, والضغوط القائمة من القوى الخارجية.

والحقيقة أن الانتخاب "المزدوج" الذي تم بمقتضاه إختيار كوزا حاكماً أسهم قليلاً في تبسيط مشكلة التنظيم السياسي الذي تم إقراره بمقتضى أغسطس, فقد أصبح للإمارتين خوسبدار واحد ألا وهو كوزا وهيئة تشريعية مركزية, ولكن مؤسسات الخرى بقت كما هي منفصلة فلكل إمارة جمعيتها التشريعية ونظامها الإداري الخاص بها. وعلى هذا لم يقم كوزا بعمل شيء ذا مغزى أثناء توليه منصب الخوسبدارية ومما حال دون ذلك أن كل من الليبراليين والمحافظين على ما بينهما من تناقض كانوا مهيمنون على الحياة السياسية في البلاد وكانوا يعارضون حكم كوزا رغم أنهم جميعهم يمثلون أقلية عددية بين الرومانيين بشكل عام. فالمحافظون الذين يمثلون إلى حد كبير كبار ملاك الأراضي الزراعية لم يكن لديهم برنامجاً سياسياً حقيقياً قوياً, ولكنهم وبسبب نظام التصويت سيطروا على الجمعيات التشريعية. وأدت مواقف التحزب والتشبع بينهم إلى صعوبة تكوين جبهة واحدة. أما الليبراليون فكانوا على النقيض سياسيون بدرجة أفضل ويتكونون من صغار الملاك والموظفين وبعض المهنيين ورجال الأعمال ممن تزعموا ثورة 1848 وهم الذين أمدوا الإمارتين بالسياسين الأكفاء, فضلاً عن أن بعضهم كانوا مع فكرة الإصلاح الزراعي بعكس الذين يرديون الإبقاء على الأوضاع السياسية والإجتماعية والإقتصادية على ما هي عليه.

وفي كل الأحوال كان جهاز الحكم المربك والمعقد, وكذا التنافس الحاصل بين القوى السياسية جعل تجربة إمارتين منفصلتين على ذلك النحو من الصعوبة بمكان. لكن فعلياً شأن زعماء البلقان الآخرين كان يدرك أن أية خطوة تجاه إتحاد الإمارتين إتحاداً فعلياً هي المسألة الوحيدة التي يمكن أن تتوحد عندها كل الجماعات السياسية المتنافسة بمن فيهم العناصر المحافظة التي تعارض كوزا والذين قد يوافقون مع الأغلبية على الخطوة الأولى على طريق الوحدة, ألا وهي التوحيد الإداري للإمارتين. وعلى هذا قرر كوزا بشيء من الحكمة أن يعمل تجاه هدف الوحدة ليس من خلال المؤسسات القائمة ولكن من خلال التفاوض مع الدولة العثمانية صاحبة السيادة على افمراتين. وهكذا وفي ربيع 1861 حصل على موافقة السلطان العثماني على أن يكون للإمارتين وزارة واحدة وجمعية تشريعية واحدةوإلغاء الجمعية التشريعية المركزية. غير أن هذا الشكل الوحدوي الذي توصل إليه كوزا كان مرهوناً بوجوده في الحكم. وبما أن تلك التغيرات التي أحدثها كانت تعني تغييراً لميثاق أغسطس فكان لا بد من ضمان رضا القوى الدولية التي وقعت على الميثاق. لكن روسيا عارضت خطوة وحدة الإمارتين حيث رأت أن ما حدث قد يعني تعيين حاكم أجنبي غير كوزا فضلاً عن أنه يعد إنتهاكاً للمعاهدات الدولية بهذا الشأن. أما الدولة العثمانية صاحبة السيادة على الإمارتين فلم تعارض خطوة الإتحاد التي قام بها كوزا. وعلى هذا قبلت القوى الدولية في ديسمبر 1861 التوحيد الكامل للإدارة في الإمارتين ولكن طوال فترة حكم كوزا. وكان هذا القبول رغم تقييده بحياة كوزا يعد إنجازاً عظيماً في نظر القوميين الرومانيين إذ كان يعني أن دولة رومانية حقيقية قد وجدت للمرة الأولى في التاريخ الحيث حتى لقد كان بإمكان كوزا أن يقول في ديسمبر "أيها الرومانيون لقد تحققت الوحدة . . وتأسست القومية الرومانية . . لتحيا رومانيا". وفي الثالث من فبراير 1862 تشكلت أول حكومة واحدة للإمارتين برئاسة الشخصية المحافظة باربو كاتارجيو Barbu Catargiu, وفي الخامس من فبراير تمت الدعوة لإجتماع الجمعية التشريعية الواحدة للإمارتين وأصبحت مدينة بوخارست عاصمة الدولة الجديدة.

غير أن هذا التغيير السياسي لم يقلل من جحم المشكلات التي كان على كوزا مواجهتها, إذ كان عليه أن يتعامل مع المعارضة الداخليةو ويواجه مشكلتين متداخلتين وهما الإصلاح الزراعيو وتوسيع قاعدة التصويت في الإنتخابات العامة,لأنه أدرك أن بقاء قاعدة التصويت المحدودة المعمول بها بمقتضى قانون الإنتخاب يعني باقء سيطرة العناصر المحافظة على الجمعية التشريعية الذين سوف يسعون بكل الطرق للإبقاء على نظام الأراضي القائم. وطالما ظل المحافظون يسيطرون على الجمعية التشريعية فلم يكن من الممكن تحقيق أي خطوة تجاه الإصلاح الزراعي مع أنها مسألة كانت شديدة الإلحاح وآنذاك كان المشهد السياسي يتلخص في أن كاتارجيو رئيس الحكومة يتزعم المحافظين, وأن ميخائيل كوجالينشينو Kogalinceanu يتزعم الليبراليين. فلم اغتيل كاتارجيو في يونيو 1862 خلفه نيقولا كريتوليشكو Cretulescu وهو شخصية محافظة أيضاً.

وفي أكتوبر 1863 إتخذ كوزا خطوة حاسمة بتعيين كوجالينشينو زعيم الليبراليين رئيساً للحكومة وهو من مولدافيا, وبدأت البلاد تحت قيادته مرحلة عظيمة من التغيرات الإجتماعية والإقتصادية كان أبرزها تخصيص الأوقاف الدينية للأغراض الدنيوية أي علمنتها, وكذا إصدار قانون الإصلاح الزراعي. وتجدر الإشارة إلى أن الرجل أقدم أولاً على علمنة الأوقاف الدينية على إعتبار أنه إجراء لن يلقى إلا معارضة ضئيلة. والحاصل أنه مه نهاية حكم الفناريين في 1820 كما سبقت الإشارة حاولت كل حكومة في كل من الإمارتين التعامل مع هذه المسألة لتحرير ربع مساحة رومانيا تقريباً من السيطرة الأجنبية (أي الأوقاف الدينية التي هي ملك البطريركية اليونانية) بغرض إمتلاك هذه الأراضي الغنية بما تدره من ريع هائل. ولكن لم يكن من السهل إتخاذ إجراء ضد رؤساء الأديرة أصحاب الأوقاف الدينية في الماضي ذلك أنهم يعتبرون أنفسهم غير خاضعين للنظام القانوني للدولة, وقد أيدتهم في هذا الموقف روسيا التي كانت لا ترغب في إضعاف مكانة البطريركية العامة في استانبول. وفي الوقت نفسه كانت كل الطبقات في الإمارتين تعارض الميزات الخاصة التي يتمتع بها الرهبان وهيمنتهم على مساحات واسعة من الأراضي. فرجال الدين الرومانيون كانوا ممتعضين من بقايا الهيمنة اليونانية عليهم, والبويار يأملون في إساتغلال هذه الأراضي لصالحهم, والفلاحون كانوا يعلمون تماماً أن الذين بفلحون أراضي الأديرة أسوأ حالاً من الذين يعملون في الإقطاعات الخاصة.

والحاصل أنه بعد 1821 بذلت محاولات جادة للتوصل إلى إتفاق مرضي عن طريق التفاوض وفي 1843 عرض الرهبان أن يدفعوا مبلغاً محدداً من المال للحكومة لكن هذا العرض لم يكن مرضياً من وجهة نظر الإمارتين. وظل الأمر على ما هو عليه حتى بعد أن تحققت الوحدة بين الإمارتين, إذ كان كل من الطرفين يتمسك بوجهة نظره, فالرهبان لم يكونوا على إستعداد للإستسلام في المسائل الكبرى, والحكومنة الرومانية تريد السيطرة الكاملة على أراضيها. وفي هذا الخصوص بقيت روسيا بإعتبارها الوسيط المنطقي والدولة الأرثوذكسية الوحيدة والكبرى في المنطقة منحازة للبطريركية. ولما كانت المفاوضات مع الرهبان في هذا الشأن تسير ببطء وتتعثر نظراً لتمسك الرهبان بموقفهم قرر كوزا الإنصراف عن التفاوض وإتخذ قراره في ديسمبر 1863 بعلمنة الأوقاف الدينية,ووافقت الجمعية التشريعية على نزع ملكية الأوقاف مقابل تعويض. وعندما إحتجت القوى الدولية بما فيها الدولة العثمانية أعلن أن هذا شأناً رومانيا داخلياً وظل البطريرك على موقفه المعارض في صلابة لكنه لم يحصل على شيء في النهاية.

وإذا كانت مصادرة أراضي الأوقاف الدينية لقيت تجاوباً شعبياً من كافة الطبقات إلا أن مسألة الإصلاح الزراعي أثارت كثيراً من الإعتراضات الداخلية بل لقد أدت إلى أزمة سياسية. ففي أبريل 1864 طرح على الجمعية التشريعية التي تسيطر عليها أغلبية من العناصر المحافظة التصويت على مشروع قرار بتوجيه اللوم إلى رئيس الحكومة كوجالينشينو لكن كوزا رفض إقالته بل لقد أقدم على حل الجمعية في الشهر التالي (14 مايو 1864), وأعلن أنه سوف يجري إستفتاء عاماً على قانون إنتخاب جديد بشأن توسيع قاعدة الناخبين لكنه كان يستهدف زيادة العناصر المؤيدة له. ولقد نجح هذا الإجراء الذي بعد إنقلاباً فعلياً وإستخدم كافة أجهزة الحكومة المركزية لتويجه عملية التصويت فحصل على 682621 صوتاً مقابل 1307 صوتاً وإمتناع 70220 عن التصويت. وحيث أن ما حدث يتصل بميثاق أغسطس بشكل أو بآخر فكان لا بد من موافقة القوى الدولية على ما تم من إجراءات. والحاصل أن السلطان العثماني إحتج على ما حدث, وحيث الدول الأوروبية الضامنة لوحدة الإمارتين أو دولة رومانيا الجديدة لكن بدا أنها سوف تدخل في أية مسألة تتصل بعلاقة التبعية بين رومانيا والدولة العثمانية.

وبإنتخاب جمعية تشريعية طيعة يسهل قيادها أصبح بإمكان كوزا (رئيس الإتحاد) وكوجالينشينو (ريس الحكومة) المضي قدماً في إقرار الإصلاح الزراعي أعظم مشورعات الإصلاح. وفي هذا الخصوص ينبعي أن نتذكر أن المادة 46 من ميثاق أغسطس 1858 دعت إلى إصدار تشريع في هذا المجال. وآنذاك كان البويار المحافظين قد بلورا تصورهم عن إصلاح زاعي يتلخص في طرد أي فلاح صغير من أرضه ويأخذها الإقطاعي المجاور وبالتالي يسيطر الإقطاعيون (البويار) على كل الأرض فقط, بل يضمنوا وفرة في اليد العاملة. لكن قانون الإصلاح الزراعي الذي قدم في يوليو 1863 تجنب هذا الإجراء المتطرف ونص على أن يتنازل المالك عن ثلثي أرضه بحد أقصى, ويحصل الفلاح على حصة معينة من الأرض الخاضعة للمصادرة بصفة ملكيةى قانونية تتحدد مساحتها طبقاص لما تملكه أسرة الفلاح من مواشي . . فإذا كانت مساحة أرض الدولة. كما نص القانون على إلغاء كل الإلتزامات التي على الفلاح للإقطاعي من مدفوعات متأخرة وخدمات. وقرر القانون أن يحصل كل إقطاعي (من البويار) خضع لقانون الإصلاح على تعويض مالي من الدولة عن الأراضي التي تؤخذ منه (ثلثا ما يملك), وعلى الفلاح المستفيد أن يدفع مقابل ملكية الأرض وإستغلالها مبلغاً محدداً على مدى خمسة عشر عاماً ولا يجوز له أن يتصرف فيها بالبيع لمدة ثلاثين عاماً وذلك لمنع إعادة بيعها مرة أخرى لمالكها الإقطاعي القديم. وبالإضافة إلى هؤلاء الفلاحين المستفيدين كان هناك حوالي 107000 فلاح يقومون بزراعة أرضهم وإدارتها بانفسهم. وفي الحقيقة كان القانون يستهدف إيجاد طبقة من الفلاحين الأحرار, لكنه لم يكن محل رضا البويار بطبيعة الحال.

على أن هذا القانون الذي صدر على عجل كان مليئاً بالثغرات التي ساعدت على الإلتفاف حوله والتهرب من تنفيذه. وكانت أكبر الصعوبات التي تعترض تنفيذه بدقة نقص الرقابة السليمة لضمان تنفيذ مواده, فالبويار كانوا في وضع أقوى من الفلاحين وكل إقطاعي منهم يتحكم في دائرته, ولم تكن هناك عملية مسح دقيقة للأراضي أو إحصائيات للإعتماد عليها في تحديد الأرض التي تصادر والأرض التي يتم توزيعها, ومن هنا إقتطع الإقطاعي لنفسه أجود الأراضي خصوبة بما فيها أراضي المراعي المراعي والغابات وترك الأراضي فقيرة الخصوبة إلى الفلاح وأكثر من هذا فإن نصيب الفلاح جاء متناثراً بين أكثر من جهة بعيدة جداً عن قريته. ومن أكبر المشكلات التي فرضت نفسها في المستقبل زيادة السكان ففي خلال الفمدة من 1859-1899 زاد عدد سكان رومانيا بنسبة 54% ومن ثم فإن المشكلات التي ترتبت على توزيع الأرض على الفلاحين الذين كان عددهم يتزايد يوماً بعد يوم كانت أوضح ما تكون في رومانيا أكثر من أي مكان آخر في بلاد البلقان. وقد إتضح سوء حظ الفلاح الروماني من حالة الإضطراب المستمرة وعدم الإستقرار بلغ ذروته في الإنتفاضة الكبرى عام 1907 فرغم زيادة حجم صادرات الغلال بشكل عام حتى نهاية القرن (التاسع عشر), إلا أن الفلاحين لم يستفيدوا إلا قليلاً من هذه التجارة الناجحة, ذلك أن معظمهم وقعوا أسرى الديون حتى لقد إضطروا لإستئجار أراض أخرى لتغطية حاجاتهم بشروط إيجار متعسفة كما يتضح من العقود التي أبرمت خلال المدة من 1866-1872, وتخول بعضم إلى عمال زاعة في الإقطاعات الكبيرة حيث عادوا إلى وضع ملاك أراضي للإقطاعي القديم. وعلى هذا فإن الإصلاح الزراعي لم يؤد إلى تكوين طبقة ملاك أراضي من الفلاحين مستقرة وراضية, وظلت روماني أراض إقطاعية كبيرة تزرع القمح والغلال للتصدير.

وبالإضافة إلى علمنة الأوقاف الدينية والإصلاح الزراعي قامت حكومة كوجالينشينو بإصلاحات أخرى مثل تأسيس نظام قومي للتعليم الإبتدائي والثانوي في جميع أنحاء البلاد, وللجامعات في بوخارست وياصي. كما صدر القانون المدني على غرار قانون نابليون, وأعيد تنظيم الحكم المحلي على الأسس الفرنسية أيضاً. ولكن كان من شأن الإدارة المركزية القوية أن تسمح للحكومة بالتحكم في شؤون المحليات من خلال مديري الولايات ورجال الشرطة, وهو أسلوب أعطى للحكومة قوةملحوظة لضبط الإنتخابات مثلما حدث في اليونان والصرب. كما شهد عهد كوزا بداية دخول الإستثمارات الأجنبية في البلاد كانت له تداعيات مهمة فيما بعد.

ورغم ضخامة تلك الإصلاحات وعظمتها, إلا أن كوزا واجه بسببها معارضة متزايدة وكراهية من كبار ملاك الأراضي الزراعية وهم قوام العناصر المحافظة بسبب الإصلاح الزراعي وقانون الإنتخاب. كما لم يرض عنه الليبراليون على وجه العموم رغم إنقسامهم فيما بينهم حول المسألة الزراعية. وأكثر من هذا فإن كوزا لم يكن نموذجاً للأمير الحاكم, فلم يكن طموحاً كما سبقت الإشارة, ولم يحط نفسه بمظاهر حياة الملوك والأمراء, وكانت العادات والتقاليد, إذ كانت له بجانب زوجته خليلة وهي ماري أوبرنوفيتش Obrenovic الذي أصبح إبنها ميلان Milan أول ملك على الصرب, ولم يكن له وريثاً شرعياً مما جعل من مشكلة وراثة العرش أمراً قائماً.

وفي فبراير 1865 إختلف كوزا مع كوجالينشينو فإنتهزت قوى المعارضة من المحافظين والليبراليين الفرصة للتخلص منهما. وقد تزعم الموقف كل من لاسكار كاتارجيو Catargiu Lascar , ويون غيكا Ion Ghica, ويون براشيانو Ion Bratianu, والأخوان جوليشكو Golescu, وروزتي Rosetti. وهكذا ومرة أخرى تزعم قادة ثورة 1848 في ولاشيا حركة العصيان الجديدة, وتولى روزيتي الدوةر الرئيسي داخل رومانيا, وذهب براشيانو إلى باريس لتأمين مساندة فرنسا لتغيير الحاكم وللبحث عن مرشح آخر للعرش وهو الأمر أكثر أهمية.

وفي ليلة من ليالي فبراير 1866 إقتحم عدد من الضباط الذين تم تجنيدهم للحركة غرفة الأمير كوزا وأرغموه على التنازل عن العرش وغادر البلاد, وتشكل مجلس وصاية فوراً من كل من الجنرال يون. جوليشكو, ويون غيكا, والكولونيل هارالامبيه Haralmbie, وسرعان ما أعلنت الحكومة الثورية أن هذفها وضع برنامج يدعو للوحدة والحكم الذاتي, وأمير أجنبي يحكم البلاد, وتأسيس حكومة دستورية. وقامت الجمعية التشريعية بترشيح فيليب كونت فلاندرز شقيق ليوبولد الثاني ملك بلجيكا ليكون أميراً على رومانيا. غير أن هذا الأمير الذي لم يكن يحظى بدعم فرنسا إمتنع عن قبول الإمارة لكن برايشانو وجد البديل المناسب.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حكم كارول الأول كأمير

كان هذا البديل هو الأمير تشارلز أوف هوهنزولرن سيجمارنجين Hohenzolern Sigaringen الذي وافق عليه نابليون الثالث إمبراطور فرنسا والذي يلعب دوراً غامضاً في إختياره. وكان تشارلز هو الإبن الثاني للأمير كارل انطون رئيس الفرع الكاثوليكي للأرة الحاكمة جنوبي بروسيا, فرنسي بالمولد أكثر منه ألمانيا, ويمت بصلة القرابة لنابليون الثالث من ناحية والدته, ولملك روسيا من ناحية والده. وفي مارس التقى براشيانو به وبوالده وفور إنتهاء الزيارة أبرق لبوخارست بموافقة تشارلز على قبول عرش رومانيا. وفي أبرلي 1866 أجرت الحكومة المؤقتة إستفتاء عاماً لتأكيد هذا الإختيار, وفي ضوء الأوضاع السياسية القائمة لم تكن مفاجئة أن يحصل تشارلز على 685969 صوت ذد 244 صوتاً فقط. وهكذا ومرة أخرى نلاحظ أن الظروف الدولية ساعدت الزعماء الرومانيين في خططهم, ذلك أن خطر إحتمال إندلاع حرب بين بروسيا والنمسا جعلت تشارلز وهو ضابط بالجيش البروسي يقبل العرض, ويضطر إلى مغادرة أراضي النمسا متنكراً حتى وصل إلى بوخارست في مايو 1866 حيث تم الترحيب به ترحيباً حاراً كأمير لعرش البلاد طال إنتظاره. ولكن ولأن الموقف الدولي كان يزداد سوء ً فكان على القوى الدولية أ، تتعامل مع مشكلة رومانية على أرض الواقع.

وكانت المشكلة أنه طبقاً للمعاهدات كان ينبغي بعد تنازل كوزا عن عرش رومانيا أن تعود الإمارتان لحالة الإنفصال التي كانا عليها في أغسطس 1858 (توقيع الميثاق). ولكن لم تكن هناك أي قوة دولية تتوقع أن يحدث هذا الإنفصال طالما أن الجميع إعترفوا بوحدة الإمارتين حتى عندما حددوا بقاء الوحدة بحياة كوزا. كما كانت مسألة الأمير الأجنبي الذي يحكم رومانيا أكثر أهمية. وكان من حسن حظ روماينا أن القوى الدولية إنقسمت بشأن هذه المسائل في 1866 كما كانت من قبل في عام 1859, وعام 1861. زكالعادة ظلت فرنسا المؤيد الرئيسي للبرنامج القومي الروماني كما هي, على حين وقفت ضده الدولة العثمانية والنمسا وروسيا. وكانت المشكلة هي كيف يتم إقصاء تشارلز عن عرش رومانيا إلتزاماً بالمعاهدات خاصة وأنه لم تكن ناك قوى تسمح بتدخل عثماني في الموضوع. وأكثر من هذا ففي يونية إندلعت الحرب بين النمسا وبروسيا وكان إنتصار بروسيا الكاسح قد أبطل معارضة النمسا لما يجري من حوادث في رومانيا ذلك أن ملك بروسيا ومعه مستشاره أوتو فون بسمارك Otto Von وافق على قبول تشارلز عرش رومانيا.

في تلك الأثناء أسرعت الحكومة المؤقتة وفي عجالة بإعداد الدستور الذي وعدت به, وكانت المحصلة مشروع دستور مستند إلى دستور بلجيكا عام 1831 نص كما هو مألوف في الدساتير على حرية الكلمة, والصحافة,والإجتماع, والمساواة بين المواطنين, ومنح الحاكم وضعاً قوياً نسبياً فأعطاه حق تعيين الوزراء وطردهم, وحل البرلمان (الجمعية التشريعية), والأكثر أهمية حق الإعتراض المطلق على أي تشريع. ونص الدستور أيضاً على أن الهيئة التشريعية تتكون من مجلسين: مجلس الشيوخ وآخر للنواب ينتخب لمدة أربع سنوات, وينعقد بشكل دوري سنوياً, وله حق مراقبة الموازنة العامة. وأكدت الإنتخابات غير المباشرة أن ملاك الأراضي الزراعية الذين تولوا السلطة السياسية في 1866 قد يحتفظون بسيطرتهم على الحكومة. وقد تضمن الدستور مادة كانت محل جدل كبير في المستقبل تنص على "أن الأجانب من المسيحيين فقط يمكنهم أن يصبحوا مواطنين". ورغم أن صياغة الدستور جاءت ليبرالية الأسلوب, إلأ أنه شأن دستور الصرب واليونان لم يقدم حكومة برلمانية حقيقية, ذلك أن أسلوب الإدارة المركزية كان يسمح لحكومة قوية أو حاكم ذو عزيمة من أن يسيطر على العملية الإنتخابية. ومع هذا كان عام 1866 ولا شك عام تحقيق الأهداف التي صاغها زعماء الحركةالقومية الرومانية عام 1848, فلقد توحدت الإمارتان وأصبحتا تحت حكم أمير أجنبي.

وبصرف النظر عن الأساس الثوري لسلطة حمك الأمير تشارلز, إلأ أنه إستطاع الحصول على إعتراف القوى الدولية به. ففي أكتوبر 1866 قلده السلطلن العثماني خلعة الولاية, ومنحه إمتياز إصدار عملة خاصة به, وتكوين جيش من ثلاثين ألف نفر. وعاد لأمير الطموح والمتمكن إلى رومانيا وكله عزيمة لإقامة حكومة مسئولة, وإقتصاد مزدهر. لكنه ومن واقع وعيه بمكانته الشخصية كان يكره في أعماقه أن يكون وهو الأمير الهوهنزوليري تابعاً لللطان العثماني. وفي 1869 تزوج باليزابيث أوف فايد Wied وهي لوثرية المذهب وكان زواجاً حظى بشعبية هائلة, ولما كان كاثوليكي المذهب فقد وافق مثلما فعل أوثون ملك اليونان من قبل على تنشئة أولاده تنشئة أرثوذكسية.وقد فعلت زوجته الكثير لتقديم روماينيا إلى شعوب أوروبا من خلال ما كانت تكتبه تحت إسم سيلفا Sylva. وبإعتباره ضابطاً بروسيا في الأصل فقد ركز جهوده لبناء ميليشيا رومانية ذات كفاءة عالية قد تستخدم لتحقيق مكاسب خارجية إذا ما سمحت الظروف. وفي 1876 تحالف سراً مع ميشيل أمير الصرب. ورغم أنه اتبع في الشؤون الخارجية علاقات غاية في الحذر حتى عام 1877, إلا أنه وجد نفسه مضطر لدخول الحرب ضد السلطان العثماني مرغماً بسبب هذا التحالف.

ورغم أن تشارلز كان حاكماً قوياً وله شعبية هائلة, إلا أنه وجد نفسه في سنوات حكمه الأولى متورطاً في جدال سياسي مستمر. ففي خلال فترة الأزمة القومية التي أعقبت سقوط كوزا تكاتف المحافظون والليبراليون لصيانة مصالح بلادهم. ولكن بمجرد زوال الخطر الخارجي عاد الطرفان إلى خصوماتهم الحزبية. غير أن تشارلز لم يكن زعيماً سياسياً خبيراً, ولم تكن لديه معلومات مناسبة عن البلد الذي جلس على عرشه, إذ سرعان ما دخل في شجار مع براشيانو والليبراليين الذين كانوا مسئولين عن إختياره. وكان خريف وشتاء 1870-1871 من أصعب الأيام في حياته ففي يوليو 1870 أعلنت فرنسا الحرب علىبروسيا, وفي الشهور التالية كان واضحاً أن الفرقة الرومانية التي شاركت في الحرب إلى جانب بروسيا قد سحقت تماماً, وبإعتباره ضابط بروسي ووطني ألماني فلم يحاول إخفاء تعاطفه مع بروسيا بل أعلن أنها سوف تنتصر في الحرب. وفي أغسطس 1870 إندلعت إنتفاضة في بلوشتي Polesti بتحريض من العناصر الجمهورية ورغم قمع الإنتفاضة إلا أن الأمير أصبح أكثر إضطراباً عندما برأت المحكمة ساحة المشاركين فيها مما إعتبره تحدياً مباشراً لسلطته.

ومما أدى إلى تهشيم مكانة الأمير تشارلز إضافة إلى الإضطرابات السياسية فضيحة مد خط سكك حديدية. وكان الأمير رغبة منه في تحديث رومانيا يريد إقامة خط سكك حديدية, ولما كانت رومانيا شأن كل بلاد البلقان تنقصها الخبرة الفنية ورأس المال اللازم المشروع فقد كان هذا يعني الإستعانة بخبرة الشركات الأجنبية والحصول على القروض لإقامة المشروع. ورغم أن معظم الشركات التي تقوم بإستثمارات في البلاد تحقق أهدافها دون مشكلات, إلا أن مقاول المشروع ستروسبرگ Strousberg وهو بروسي يهودي وقع في مأزق مالي وعجز عن دفع الفوائد لحملة الأسهم ومن ثم حاول أن يرغم حكومة روماينا على أن تتحمل ديونه المالية. وقد كشف هذا المشروع عن تورط بعض السياسيين الرومانيين في صفقات مشبوهة. ومما زاد الأمر سوء أن بسمارك (مستشار ألمانيا) وقف بقوة مع مواطنه البروسي وهو المقاول. والحاصل أن هذه الحادثة إستخدمت في تدمير الأمير خاصة وأنها توافقت مع نمو المشاعر المعادية للسامية التي كانت تزداد بسرعة ملحوظة.

وعلى هذا أصبح الأمير مكتئباً أشد الإكتئاب وأصبح مقتعناً بإستحالة إستمراره في الحكم في إطار دستور يسمح للأحزاب السياسية بإحباط سياساته مع أنها لا تمثل إلا شريحة من الرومانيين. وهذا الصراع بين الحاكم والأحزاب المتنافسة هو نفسه الذي حدث في اليونان والصرب كما رأينا,وأثناء حكم كوزا أيضاً, ويتكرر مع الأمير تشارلز. وفي خريف 1870 وكان الأمير على إستعداد تام للتنازل عن العرش قام بتحرير خطاباً شخصياً للقوى الدولية الحامية لوجود رومانيا إستعراض فيه الموقف السياسي في البلاد والصعوبات التي يواجهها في الحكم. ومن سوء حظ الرجل أنه إختار اللحظة الخطأ للتصرف فلم تكن فرنسا وبروسيا في حالة حرب فقط بل إن روسيا في أكتوبر أنكرت مواد معاهدة باريس فيما يتعلق بالملاحة في البحر الأسود. وبالتالي لم تكنت هناك أي دولة أوروبية تريد مشكلات أخرى. وأكثر من هذا فإن معظم الحكومات أساءت فهم الهدف من خطاب الأمير إذ كانت تظن أنه يمهد الأرض لإعلان إستقلال رومانيا إستقلال رومانيا تاماً.

على أن وضع تشارلز أصبح غاية في الخطر والقلق وخاصة بعد ما حدث في ليلة 22-23 مارس 1871 ففي مساء تلك الليلة أقام الألمان الذين يعيشون في بوخارست مأدبة عشاء إحتفالاً بإنتصار بروسيا وتأسيس الإمبراطورية الألمانية. وقد فوجيء المحتفلون بهجوم من الغوغاء في حماية البوليس المر الذي دفع تشارلز ليكاشف لاسكار كاتارجيو ونيقولا جوليشكو برغبته في التنحي عن العرش. لكن الرجلين وقد أدركا خطورة الموقف أكدا دعم المحافظين له. وعلى هذا نجح كاتارجيو في تشكيل مجلس وزراء إستمر خمس سنوات وأصبح كوستافورو Costaforu وزيراً للخارجية. ولكن طالما كان بإمكان الحكومة المركزية التحكم في الإنتخابات فإن المجالس التشريعية تقع حت هيمنة الوزارة.

على كل حال كان تشكيل حكمة كاتارجيو بشيرا بفترة قصيرة من الهدوء في رومانيا داخلياً. والحقيقة كانت وزارة محافظة وترغب في أن تصبح رومانيا بلجيكية حتى مفتتح الدانوب ولا تنخرط في أية مغامرات خارجية. وكانت الأحوال في أوروبا مهيأة لمثل هذه التوجهات السياسية. فبعد إنتصار بروسيا وتوحيد إجتمعت ألمانيا وروسيا مع النمسا وكونت إتئلافاً داخلياً عرف بإسم "تحالف الأباطرة الثلاثة", وبالتالي أصبحت جارتا رومانيا (النمسا وألمانيا) حليفتان, وكان إرتباط رومانيا بأسرة الهوهينزوليرون المنتصرة قد أكسب رومانيا ميزة إضافية.

وحال شعور شارل بقوة وضعه أصبح حراً في التركيز أكثر وأكثر على تقديمن مصالح رومانيا في العلاقات الدولية. وفي هذا الخصوص كان يفضل الإعتماد على الدبلوماسية للنهوض بالقضية القومية مثلما كان يفعل الساسة الرومانيون من قبل. وعلى هذا بدأت حكومته تأخذ خطوات نحو عقد معاهدات ومواثيق مع الدول الأخرى لإختبار إمكانية قيام حكومة رومانيا "الذاتية" بسياسة خارجية مستقلة. وكانت البداية عقد إتفاقيات بشأن البريد والبرق أعقبها إفتتاح وكالات دبلوماسية لرومانيا في العواصم الرئيسية: فيينا, وبرلين, وروما,وسانت بطرسبرج في سبعينيات القرن 19. ومنذ ذلك الوقت توثقت علاقات رومانيا مع كل من ألمانيا والنمسا لأن فرنسا المهزومة في حرب السبعين لم يكن لها مكاناً في تحالفات حتى إندلاع الحرب العالمية الأولى.

وفي هذا المنهج الدبلوماسي الذي قام به شارل كانت أهم خطواته محاولة عقد إتفاقيات تجارية منفصلة أو منفردة لكل منها نظامها الجمركي. لكن إنجلترا والدولة العثمانية رفضتا الإعتراف بحق رومانيا في عقد مثل هذه الإتفاقات بحجة أن رومانيا ترتبط بالإتفاقيات التجارية التي تعقدها الدولةالعثمانية, وهي إتفاقيات كانت في صالح إنجلترا. أما رومانيا فكانت ترى في نهجها مسألة ذات طابع سياسي أكثر منه إقتصادياً بحيث كانت تعتبر نجاحها في إبرام إتفاقية إقتصادية ما خطوة أكثر تقدماً نحو الإستقلال.

أما الدولة التي كانت لها المصلحة الأكبر في تلك المسائل فهي النمسا بما لها من مصالح قومية إقتصادية أولية في رومانيا فضلاً عن وضعها القيادي في منطقة الدانوب. ولكن ومن باب الضغط على النمسا أقرت حكومة رومانيا في يونية 1874 نظاماً جمركياً يقضي بأن الدول التي ليس لها إتفاقيات جمركية مع رومانيا سوف تدفع جمارك عالية لدخول بضائعها. وبالتالي لم يكن أمام النمسا إلا الدخول في مفاوضات مع رومانيا في هذا الشأن إنتهت بعقد إتفاقيات في يونية 1875. ورغم أن شروطها الإقتصادية كانت مقبولة من النمسا إن لم تكن في صالحها, إلا أن ما كان يعني رومانيا في المحل الأول هو الجانب السياسي الذي يؤكد أنها حكومة مستقلة, ومن ثم إعتبرت الإتفاقية نصراً. وفي مارسص 1876 عقدت إتفاقية مشابهة مع روسيا تلتها إتفاقيات مع دول أخرى.

على كل حال لقد حققت رومانيا الشئ الكثير خلال عشرين عاماً من 1856-1876 كما رأينا, ومن ذلك برنامج ال48, ووحدة الإمارتين, والأمير الحاكم من الخارج, وأيضاً قانون الإصلاح الزراعي, ووضع دستور, ووجود حكومة قومية, رغم أن البلاد كانت ما تزال تحت السيادة العثمانية. ولقد تحقق معظم البرنامج القومي من خلال الدبلوماسية ومواجهة الدول الكبرى بالأمر الواقع. كما خرجت رومانيا من حروب الدول الأخرى بدرس مؤداه ألا تحارب وألا تدخل حرباً منفردة. على أن كل تغيير حدث في رومانيا وكان في صالحها تم بالمخالفة للمعاهدات الدولية من ناحية وبسبب إنقسام الدول الكبرى حول ما ينبغي إتخاذه حيال رومانيا من ناحية أخرى.

ورغم ما حققته رومانيا خلال هذه العشرين سنة, إلا أنه بقي أمامها الكثير لتحقيقه إذ كان الهذف النهائي للقوميين الرومان شأن اليونان والصرب يتمثل في ضم كل الأراضي التي يعيش فيها رومانيون ألا وهي ترانسلفانيا وبوكوفينا Bukovina ومعظم بسارابيا, وهو هذف كانت له جاذبيته لدى الأمير شارل أيضاً, وكان واضحاً إستحالة ضم هذه الأراضي لأنها تحت سيادة كل من روسيا والنمسا وهما حليفتان. وأصبح الهدف أكثر تعقيداً وإستحالة بسبب ما حدث من تطروات, ففي صيف 1875 حدث تمرد الفلاحين في ولايتا البوسنة والهرسك العثمانتين وعجزت السلطات عن قمعه, وفي مايو 1876 إندلعت إنتفاضة بلغارية ضد الدولة العثمانية, وفي صيف العام نفسه دخلت الصرب والجبل الأسود في حرب ضد الدولة العثمانية, وبهذا إنفتح ملف المسألة الشرقية برمته مرة أخرى. وكانت مشكلة رومانيا تكمن في تحديد الجانب الذي يحقق مصالحها في مجمل هذا الصراع المعقد كما كان عليها أن تتعمل مع حركة قومية جديدة إندلعت في بلاغاريا المجاورة لها مطالبها القومية أيضاً.

وكلما ضعفت قبضة الحكم العثماني على بلاد منطقة البلقان تصبح الفرصة مواتية أكثر للقوى الكبرى لتحقيق سيطرة مباشرة على تلك البلاد. وفي بداية القرن التاسع عشر لم يكن لأي دولة أوروبية نفوذ أو سيادة على حياة أي شعب مسيحي من شعوب البلقان ولكن مع حرب القرم كان لثلاث قوى حق الإشراف على اليونان,وفرضت روسيا حمايتها على الصرب وعلى إمارتي الدانوب. وقد حددت معاهدة باريس (1856 التي أنهت حرب القرم9 واجب كل قوة من تلك القوى الحارسة. وعلى هذا كان تدخل تلك الحدود البلقانية تحددها المعاهدات الدولية,وأنه لم يكن من الممكن تعديلها أو تغييرها بدون موافقة الموقعين على معاهدة باريس, وأنه لم يكن من حق حكومات البلقان أن ترتب مشكلات الحدود فيما بينها بمفردها حتى ولة إتفقت, إذ يجب أن تكون الدول الكبرى راضية على كل التغيرات التي يمكن أن تحدث. وحيث أن الدول الرئيسية في الشؤون الدولية آنذاك وهم روسيا وإنجلترا والنمسا كانت في تنافس شديد فيما بينها ويتربص كل منها بالآخر فكانت تسوية معظم الخلافات تتم على أساس توازن القوى, ومعناه من ناحية المبدأ أنه لا ينبغي أن تنفرد أي دولة من تلك الدول بنفوذ ما أو سيادة على بلاد المنطقة. ومن هنا كانت الحلول التي تقترحها تلك الدول لرسم الحدود تؤدي إلى تدمير المصالح الشمروعة لأمم البلقان, بل لقد أضافت عاملاً آخر معقداً لموقف صعب في حد ذاته.

على كل حال لقد بدأت أزمة السبعينات التي أظهرت كل تلك المشكلات في دائرة الضوء بثورة الفلاحين المسيحيين في البوسنة والهرسك وبتأييد ومشاركة عميقة من أهالي الصرب والجبل الأسود. ولكن قبل أن نتناول موضوع تلك الثورة ينبغي أن نشير في عجالة إلى أحوال الجبل ألأسود والبوسنة خلال القرن التاسع عشر.

لعبت إمارة الجبل الأسود دوراً مهماً في حياة البلقانيين تنحت حكم الإمارة-الأسقفية (أي يحكمها أمير وأسقف) على فترات متقطعة رغم صغر حجمها وفقرها, فخلال المدة ومضاعفة مساحتها,ودخل في حرب ضد السلطان العثماني مرتين: الأولى أثناء الحملة العثمانية ضد علي باشا حاكم يانينا 1819-1821, والثانية أثناء الحرب الروسية-العثمانية 1828-1829. وكان خلفه بطرس الثاني المعروف بإسم نياجوش Njegos شاعر وصاحب قصيدة "إكليل الجبل" Mountain Wreath أحد أعظم أدباء سلاف الجنوب, وقد إستكمل فرض سلطة افمارة على القبائل المتمردة والمعزولة حولها, كما حارب القوات العثمانية أيضاً في 1832.

ثم حدث تغييراً كبيراً في عهد خلفه الأمير دانيلو الأول Danilo بيتروفيتش (1852-1860) عندما رغب في الزواج ثم علمنة الإمارة (أي إلغاء مشاركة الأسقف في الحكم), فأصبح عرش الإمارة وراثياً في عائلة بتروفيتش. وفي عهده تجدد القتال ضد الدولةالعثمانية في عامي 1852, 1858. وفي 1860 تولى عرش نيقولا الأول الذي كان يعرف أحياناً بإسم نيكيتا Nikita والذي ظل متربعاً عليه حتى 1918. وخلال الفترة الأولى لحكمه إستمر الصراع مع الدولة العثمانية قائماً حول تبعية أقاليم في البوسنة والهرسك وإلبانيا لأي منهما وكذا حقيقة وضع إمارة الجبل الأسود الذي كان السلطان يطالب بأنها جزء من إمبراطوريته. وفي هذا الصراع كان أهالي الصرب والجبل الأسود على علاقة وثيقة بسبب مصالحهما المشتركة وقوميتهم الصربية العامة وعقيدتهم الأرثوذكسية رغم وجود منافسة دائمة ومضمرة بين الطرفين حول قيادة شؤون الصربيين وسلاف الجنوب. كما كان أمراء الجبل الأسود يحاولون إستثمار الخلاف بين عائلتي كارديورديفيتش Karadijordevic, وأوبرونوفيتش Oprenovic لصالحهم.وما أطلت السبعينات حتى كانت الجبل الأسود تهتم بشكل رئيسي بالحصول على ميناء على البحر الإدرياتي وبكيفية ضم الهرسك.

خط زمني (1859 - 1881)

1859 ألكسندرو يوان كوزا يوحد مولداڤيا وولاخيا تحت حكمه الشخصي.
1862 Formal union of Moldavia and Wallachia to form principality of Romania.
1866 Cuza forced to abdicate and a foreign dynasty is established. Carol I signed the first modern Constitution.
1877 April 16. Treaty by which the Russian troops are allowed to pass through Romanian territory

April 24. Russia declares war to the Ottoman Empire and its troops enter Romania
May 9. Romanian independence declared by the Romanian parliament, start of Romanian War of Independence
May 10. Carol I ratifies independence declaration

1878 Under Treaty of Berlin, Ottoman Empire recognizes Romanian independence. Romania ceded southern Bessarabia to Russia.
1881 Carol I was proclaimed King of Romania on March 26.


البوسنة

أما البوسنة والهرسك فكانتا شأن الجبل الأسود تمثلان مشكلة دائمة بالنسبة للدولة العثمانية ولكن لأسباب مختلفة. فبينما كانت الجبل الأسود مركزاً دائماً للتمرد المسيحي كانت البوسنة خلال الجزء الأول من القرن على الأقل تقف بكل صلابة ضد الإصلاح العثماني وتحتفظ بشدة بالتقاليد القديمة,وخلال حكم السلطان سليم الثالث كانت مركزاً قوياً لقوى الأعيان. وينبغعي التذكير هنا بأن البوسنة كانت أحد الأماكن القليلة التي حدثت فيها عمليات إعتناق للإسلام كثيرة العدد بعد الغزو العثماني, وبالتالي كان نبلاء المنطقة ويعرفون بالبكوات من المسلمين والسلاف على حد سواء الذين وقفوا بصلابة للمحافظة على سلطتهم ضد الدولة العثمانية وعلى حساب فلاحيهم المسيحييين بطبيعة الحال الذين الحال يتفقون معهم في القومية ويتكلمون اللغة نفسها.ومن هنا نفهم ثورة البكوات ضد الدولة العثمانية في أعوام 1821, 1828, 1831, 1837 حيث تمكنوا من الإحتفاظ بحم ذاتي محلي كاملاً حتى عام 1850 عندما سحقتهم القوات العثمانية بقايدة عمر باشا وأعادت تأكيد سلطة الحكومة المركزية.

ورغم الحقيقة القائلة بأن كل من البك والفلاح في البوسنة والهرسك ينتميان إلىأصول قومية واحدة, إلا أن وضع الفلاح فيهما كان أسوأ بكثير من أي مكان آخر في البلقان. فقد كانت الضرائب لمفروضة عليه وأعمال السخرة فادحة للغاية وتستهلك أكثر من 40% من دخله.ومما زاد الأمر سوء أن الإصلاحات العثمانية لم تفرض في هذه المنطقة، وبهذا فإن ثورات الفلاحين التي وقعت في 1857-1858 ثم في 1861-1862 كانت تستهدف تحسين الأحوال الإقتصادية وليس التغيير السياسي. ثم وقعت أسوأ الأزمات في منتصف السبعينات بسبب غنخفاض محصول عام 1874 مما زاد من شدة الحال وضيق الناس. وعلى هذا إنفجر عصيان مسلح في الهرسك ثم في البوسنة في يوليو 1875 عجزت السلطات العثمانية عن قمعه مثلما في اليونان والصرب في مطلع القرن لأن الفلاحين هناك كانوا تحت قيادة محلية وإستخدموا حرب العصابات,وظلت شكاوى المتمردين الرئيسية تتمثل في تعاسة أحوالهم في الريف.

وحيث كانت البوسنة والهرسك في حالة تمرد وعصيان ضد الحكم العثماني فلم يكن من الممكن أن تقف الصرب واجبلالسود بعيداً عن هذا الصراع, بل لقد أيدتا التمرد وتعاطفتا مع أهله وإشترك بعض الصربيين في تنظيم الإنتفاضات هنا وهناك. وكان رد فعل حكومة الصرب هو أكثر المسائل أهمية في الموضوع فخلال معظم فترة حكم الأمير ميلان Milan كان يوفان ريستتش Jovan Ristic الشخص المسئول عن السياسة الخارجية للصرب.وكان الموقف الدبلوماسي في بلاد البلقان آنذاك مختلف جداً عما كان عليه الحال في عهد حكم الأمير ميشيل إذ كانت بلجراد عاصمةالصرب مركز تنظيم تمرد البلقانيين ضد الحكومة العثمانية. ورغم أن حكومة الصرب تغاضت عن وجود مجموعات مختلفة من خارج البلاد مثل الثوريين البلغاريين إلا أنها لم تشجع نشاطهم.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المصادر

1 Among the first to use the term Romanian Principalities in scholarly works were Nicolae Bălcescu and Mihail Kogălniceanu, followed by historians such as Alexandru Dimitrie Xenopol, Vasile Pârvan, Gheorghe I. Brătianu, and Nicolae Iorga.

22

الهامش

انظر أيضاً