ابراهيم أدهم باشا

تقدم القوم بان ادهم بك (باشا) كان في مقدمة الضباط الاكفاء الذين نهضوا بالمدفعية المصرية، وانه تولى ادارة المهمات الحربية، واسس دار صناعة ترسانة القلعة لصنع الاسلحة وصب المدافع.[1]

وادهم بك هذا هو من خيرة رجال محمد علي ومن اصدق من بذلوا جهودهم في تاسيس الجيش النظامي، وهو ايضا ممن حملوا لواء نهضة التعليم في مصر، فقد تولى ادارة ديوان المدارس (وزارة المعارفة العمومية) عشر سنوات ونيفا.

وقد ذكره العلامة علي باشا مبارك فقال عنه انه: "كان من اشهر رجال الحكومة صادقا في القيام بوظائفه مع الاجتهاد".

وذكر عن ترجمته ما خلاصته ان اصله من الاستانة ثم استوطن مصر في عصر محمد علي باشا حين تاليف الجيش النظامي، فجعله ضابطا في المدفعية، وكان ملما باللغات الفرنسية والعربية والتركية والتشكيلات العسكرية، وتنظيم المهمات، وقد جعله محمد علي ناظرا للمهمات الحربية، فبذلك فيها جهده وحمدت مساعيدن واقام بهذه الوظيفة زمنا ثم ترقى الى رتبة اميرالي ، وكان يتلقى عنه الهندسة جماعة من رجال الحكومة مثل ابراهيم بك رافت وكيل ديوان المدارس، ومصطفى راسم مدرس الهندسة بمدرسة القصر العيني، وحسن افندي الغوري مدرس الهندسة بمدرسة المدفعية بطره.

وقد وشى في حقه احد حساده سنة 1249 هـ واوغر عليه صدور رؤسائه، ففصل عن وظيفته، واقيمت عليه قضية استمرت نحو ثمانية اشهر وظهرت براءته منها، وكان خلال ذلك لا يفتا يؤدي واجبه نحو البلاد ببذل النصح والارشاد الى من يقصدونه من محبي العلم.

قال علي باشا مبارك في هذا الصدد: "وكان المعلمون في الورش يحضرون اليه في منزله ويستفهمون منه عن العمل في البنادق والمدافع ونحو ذلك وهو يفيدهم بجد واجتهاد رغبة منه في خدمة الديار المصرية.

ولما عاد ابراهيم باشا من الحرب السورية سنة 1259 هـ (1834م) اثنى عليه عند محمد علي باشا وذكر نصحه واجتهاده في خدمته فانعم عليه برتبة امير لواء واعيد الى وظيفته، وبعد وفاة مصطفى مختار بك اضيفت اليه شئون المدارس فصار مدير ديوان المدارس (وزير المعارف العمومية) وتولى هذا المنصب نحو عشر سنوات (1839 – 1849).

وفي زمن عباس باشا الاول تولى وزارة المعارفة بضعة اشهر (أكتوبر سنة 1849 – مايو 1850)، ثم نقل الى مديرا للمهمات الحربية وجعل له في نظر اوقاف الحرمين الشريفين، وانعمت عليه الحكومة جزاء خدماته بارض مساحتها 850 فدانا في جهة سيرباي بمديرية الغربية.

وفي زمنسعيد باشا جعل (محافظ مصر) وانعم عليه بالباشوية فصار يعرف بادهم باشا واحيل عليه قلم الهندسة مع المهمات الحربية.

وتولى من جديد في عهد اسماعيل باشا وزارة المعارف العمومية عدة اشهر (يناير - يوليه سنة 1836) ثم اعتزل الخدمة، وكانت وفاته سنة 1869.

قال عنه علي باشا مبارك: "وكان رقيق القلب، رحيما ، كثير الصدقة، يباشر المصالح بنفسه بلا تعاظم ولا تكبر، ويلاطف اصحاب الحاجات حتى يقف على حقيقة شكواهم، ويقوم بنصرة المظلوم، واعتنى بالمدارس واجتهد في اسباب الرغبة فيها، فكان يجل المجدين من التلامذة والمعلمين، ويسعى في ترقيتهم ليجهتد غيرهم، فظهرت النجابة في جميعهم او اكثرهم وحصلوا في وقته تحصيلا جما، ومن انشائه مكتب مدرسة السيدة زينب رضي الله عنها، ومكتب بولاق ومكاتب اخرى، وبالجملة فكان كالوالد لابناء المدارس وله اصلاحات ايضا بالجامع الازهر زمن نظارته على الاوقاف".

وقد التقى به المارشال مارمون خلال زيارته لمصر واعجب به وبكفائته فقال عنه: "انه تعلم اللغة الفرنسية بقوة ارادته على غير استاذ، وانه يتكلمها بلهجة صحيحة، وتبحر في الرياضيات، وفنون المدفعية، وصار في نظري يضارع احسن ضباط المدفعية، وكافا مديري مهماتها، وهو من اقوى من عرفتهم في حسن الادارة، وان اختيار محمد علي لمثل هذا الرجل لمعاونته لدليل على صدق نظره وفراسته وحسن توفيقه في اختيار رجاله".

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المصادر

  1. ^ الرافعي, عبد الرحمن (2009). عصر محمد علي. القاهرة، مصر: دار المعارف. {{cite book}}: Cite has empty unknown parameter: |coauthors= (help)