أناكسيماندر

(تم التحويل من Anaximander)

أناكسيماندر (باليونانية: Αναξίμανδρος)عاش (611 ق.م./610–ت. 546 ق.م.) كان ثاني فلاسفة الطبيعة الأيونيين (نسبة إلى أيونيا)، وأحد مواطني مدينة ميلـِتوس، كان مرافقاً أو تلميذاً لطاليس، وأحد أساتذة أناكسيمينيس من ميلتوس. يعرف القليل عن حياته وعن أعماله، وتمثله المصادر القديمة بأنه تلميذ فذ في مجالات الفلك والجغرافيا. وكان يؤمن بالقياسات و التجربة والتحليل المنطقي للظواهر وكان يعتقد ان بداية كل شيء هي كينونة لامتناهية وغير قابلة للزوال وتتجدد بإستمرار.

أناكسيماندر
Anaximander.jpg
تفصيلة من لوحة رفائيل مدرسة أثينا، 15101511. وهي قد تكون تمثيل لأناكسيماندر مائلاً على فيثاغورس إلى يساره.[1]
وُلِدَح. 610 ق.م.
توفيح. 546 ق.م.
العصرفلسفة قبل سقراط
المنطقةفلسفة غربية
المدرسةIonian Philosophy, المدرسة الميلسية, Naturalism
الاهتمامات الرئيسية
الميتافيزيقا, الفلك, الهندسة, الجغرافيا
الأفكار البارزة
الأپيرون apeiron هو المبدأ الأول

أنكسمندر؛ وقد عاش بين عامي 611، 549 ق.م. ولكنه نشر على الناس فلسفة تشبه شبهاً عجيباً الفلسفة التي نشرها هربرت سبنسر Herbert Spencer في عام 1860م، وهو يهتز طرباً من قوة ابتكاره الفطين. ويقول أنكسمندر إن المبدأ الأول كان لا نهائية غير محددة واسعة الأرجاء (Apeiron)، أي كتلة غير محددة ليست لها صفات خاصة، ولكنها تنمو وتتطور بما فيها من قوى ذاتية، حتى نشأت منها جميع حقائق الكون المختلفة . وهذه اللانهائية الحية السرمدية التي لا صلة لها بالشخصية ولا بالأخلاق، هي الإله الذي لا إله غيره في نظام أنكسمندر؛ هي الواحد السرمدي الذي لا يحول، والذي يختلف كل الاختلاف عن الكثرة الفانية المتغيرة التي في عالم الأشياء. وهنا تلتقي هذه الفلسفة بآراء المدرسة الإليتية Eletic فيما وراء الطبيعة- وهي أن الواحد السرمدي دون غيره هو الحقيقة. ومن هذه اللانهائية التي لا خواص لها تولد العوالم الجديدة في تتابع لا ينقطع أبداً، وإليها تعود هذه العوالم في تتابع لا ينقطع أبداً، بعد أن تتطور وتموت. وتحتوي اللانهائية الأزلية على جميع الأضداد- الحر والبرد، والرطوبة والجفاف، والسيولة والصلابة والغازية...، وهذه الصفات الإمكانية تصبح في حالة التطور حقائق واقعية، وتنشأ منها أشياء محددة مختلفة؛ وفي حالة الانحلال تعود الصفات المتضادة مرة ثانية إلى اللانهائية (ومن هذه الآراء استمد هرقليطس واسبنسر آراءهما). وفي قيام العوالم وسقوطها على هذا النحو تصطرع العناصر المختلفة بعضها مع بعض، ويعتدي بعضها على بعض اصطراع الأضداد المتعادية، ويكون جزاؤها على هذا التضاد هو الانحلال؛ "فتفنى الأشياء في الأشياء التي ولدت منها".

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

نظرياته

اللانهائي

يرجع أول استخدام لكلمة (لانهائي / ἄπειρον) إلى أناكسيماندر. وكان أول من يوظّف كلمة (أصل الأشياء \ἀρχή) في سياق فلسفي. وبالنسبة له كانت مجرد نقطة زمنية. وأصل ينشأ عنه أي شيء آخر قد يكون. أرسطو يذكر في كتاب الميتافيزيقا أن فلاسفة ما قبل سقراط كانوا يبحثون عن العنصر الذي يدخل في تكوين كل الأشياء. بينما يقول طاليس أنه الماء ويقول أناكزيمينيس أنه الهواء, فإن أناكسيماندر فهم أن البداية كانت كتلة لانهائية وغير محدودة . لم تكن تخضع للتقادم أو التلاشي والتي حوت عناصر أولية اشتُق منها كل شيء نراه الآن. وقد وضع هذه النظرية كرد على نظرية أستاذه طاليس بشأن أن الماء هو أصل الأشياء.

بالنسبة لأناكسيماندر, فإن هذا العنصر الأصيل لا يمكن تحديده مثل الماء في نظرية طاليس, وليس شيئاً وسطاً بين الماء والهواء, أو الهواء والنار, هو أغلظ من الهواء والنار وأكثر ثباتاً من الماء والأرض, حيث يدعي أناكسيماندر أن الماء لا يستطيع أن يضم كل التناقضات الموجودة في الطبيعة. مثلاً: الماء يكون سائلاً فحسب ولا يمكن له أن يصبح جافاً. هكذا فلا يمكن له أن يكون المادة الأولية. ولا أي من هذه العناصر الأخرى المذكورة. ويعتقد أن اللانهائي هو مادة تستطيع أن تضم كل تلك التناقضات بالرغم من أنها مجهولة كلياً بالنسبة لنا.

يشرح أناكسيماندر كيف تكونت العناصر الأربعة للفيزياء القديمة ( الماء, الأرض , الهواء, النار), وكيف تكونت الأرض وكائناتها من خلال تفاعلاتهم معاً. ويعتقد بأن الكون نشأ نتيجة لانفصال كل التناقضات التي يحويها العنصر الأول عن بعضها البعض. وأن كل الأشياء الميتة تعود إلى ذلك العنصر الذي أتت منه (اللانهائي).

علم الكون

ولا يسلم أنكسمندر هو الآخر من الأوهام الفلكية التي يمكن أن تغتفر في عصر لا توجد فيه آلات، ولكنه تفوق على طاليس بقوله إن الأرض اسطوانة معلقة بغير شيء في وسط الكون لا يمسكها غير وجودها على أبعاد متساوية من جميع الأشياء(34). وهو يرى أن الشمس والقمر والنجوم تتحرك في دوائر حول الأرض. وأراد أنكسمندر أن يوضح هذا كله فصنع في إسبارطة مزولة (Gnomon)- وأكبر الظن أنه قلد فيها نماذج بابلية- أظهر فيها حركة الكواكب، وميل الفلك وتعاقب الانقلابين والاعتدالين والفصول(35). وقد استطاع بمعاونة زميله ومواطنه هكاتيوس Hecataeus أن يجعل الجغرافية علماً، وذلك برسمه أول خريطة معروفة للعالم المعمور .

ويقول أنكسمندر إن الدنيا في أول صورة لها كانت في حالة الميوعة، ولكن الحرارة الخارجية جففت بعضها فكان أرضاً، وبخرت بعضها فكان سحاباً؛ وإن اختلاف الحرارة في جَوّها الذي تكوّن بهذه الطريقة قد نشأت عنه حركة الرياح. ونشأت الكائنات الحية بمراحل تدريجية من الرطوبة الأولى؛ وكانت الحيوانات الأرضية في بادئ الأمر سمكاً، ولم تتشكل بأشكالها الحالية إلا بعد أن جفت الأرض . وقد كان الإنسان هو الآخر سمكة، ولا يمكن أن يكون من أول ما ظهر على الأرض قد ولد بالصورة التي هو عليها الآن، وإلا لكان عاجزاً عن الحصول على طعامه، ولهلك(36).

تلميذه أنكسمينز

وكان أنكسمينيز Anaximenes تلميذ أنكسمندر أقل منه شأناً، والمبدأ الأول عنده هو الهواء. ومن الهواء تنشأ جميع العناصر الأخرى بالتلطيف (تقليل الكثافة) وبه تحدث النار، وبالتكثيف وبه تحدث على التوالي الرياح والسحب والماء والأرض والحجارة. وكما أن الروح وهي هواء، تمسك أجسامنا فكذلك يكون هواء العالم (النوما Pneuma) هو روحه السارية فيه كله أو نفسه أو الإله(37)، وتلك فكرة لا تنال منها جميع أعاصير الفلسفة اليونانية، وتجد لها عاصماً في الرواقية والمسيحية.

العوالم المتعددة

أناكسيماندر تكهّن بتعددية الأكوان. حيث افترض أن العوالم تظهر ثم تختفي لوقت من الزمن, وأن بعضها يولد في حين ينتهي الآخر, وأن هذه الحركة أبدية. خلاف أفلاطون وأرسطو الذين افترضا وجود عالم واحد فقط.

أصل البشر

يقول أناكسيماندر أن الحيوانات خرجت من البحر منذ زمن بعيد. وأن الحيوانات الأولى ولدت داخل لحاء شوكي, وبتقدمها في السن فإن هذا اللحاء يجف ويتحطم, وبعد انقشاع الرطوبة القديمة, تكونت الأرض الجافة , ومن هنا ظهر البشر, حيث يقول بمزيد من التفصيل : أن البشر الأوائل عاشوا داخل حيوانات سمكية, وأن جفاف البسيطة ساعد هؤلاء البشر على الخروج والعيش مستقلين. حيث لم يستطع البشر في البداية التكيف مع ظروف ومناخ الأرض.

علم الطالع

 
خريطة الكون حسب أنكسيمندر


 
تصوير لنماذج أنكسيمندر للكون. إلى اليسار، النهار في الصيف؛ وإلى اليمين، الليل في الشتاء.

أصل البشرية

انجازات أخرى

علم الخرائط

 
Possible rendering of Anaximander's world map[2]

يسود اعتقاد قديم أن أناكسيماندر هو أول من نشر خريطة للعالم. حيث رُسمت الخرائط قديماً في مصر,ليديا , الشرق الأوسط وبابل لبيان الطرق والمدن والحدود والمعالم الجيولوجية, لكن ابتكار أناكسيماندر يكمن في كونه رسم العالم كله. (أو ما كان معروفاً في ذلك الوقت بالنسبة للأغريق). قد تكون الأسباب وراء رسم خريطة كهذه هي تحسين طرق الملاحة بين مستعمرات ميليتوس والمستعمرات الأخرى حول البحر المتوسط والبحر الأسود, وربما استخدمها طاليس لاقناع المدن الأيونية بالانضمام إلى اتحاد يدرأ الخطر الميدي. وربما لمجرد أن تمثيل الكون بواسطة خريطة يعد انجازاً فلسفياً.

في هذه الخريطة قد تكون دلفي هي المركز, لكنها كذلك قد تكون أقرب إلى ميليتوس حسب اعتقادات هذا الزمان, وبحر إيجة بالقرب من مركز الخريطة تحيط به ثلاث قارات, يفصل بينهن البحر, أوروبا يحدها من الجنوب البحر المتوسط ويفصلها عن آسيا البحر الأسود, وبحيرة مايوتيس. ويجري النيل في الجنوب عبر المحيط ويفصل ليبيا (اسم المكان الذي يعرف الآن بقارة افريقيا) عن آسيا.

المزولة

اهتم أناكسيماندر بقياس الزمن وقدّم المزولة إلى العالم الإغريقي, وهي في ذلك الوقت عبارة عن قطب رأسي مثبت على قاعدة أفقية, ووضعية الظل على القاعدة تحدد الزمن, على أن اختراع المزولة لا يرجع إلى أناكسيماندر, وكذلك تقسيم اليوم إلى 12 جزء, والذي أتى من البابليين, ووفقاً لهيرودوت ,هم من علّم الإغريق فن قياس الوقت.

التنبؤ بالزلازل

يسجّل سيسرو حادثة تنبّؤ أناكسيماندر بزلزال ضرب مدينة اسبرطة، حين أقنع الاسباطريين بترك المدينة مع أسلحتهم بسبب زلزال وشيك, وهو ما حدث فعلاً, حيث انفصلت قمة جبل تايگيتوس ودمّرت المدينة.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

انظر أيضاً

مراجع للاستزادة

هامش

ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.

  1. ^ هذا الشخص يقال عنه تقليدياً أنه بوئثيوس، إلا أن وجهه يحمل شبهاً كبيراً لتمثال نصفي لأناكسيماندر، لذا فقد يكون الرسم ممثلاً للفيلسوف. انظر http://www.mlahanas.de/Greeks/SchoolAthens2.htm لوصف الأشخاص في هذا الرسم.
  2. ^ According to John Mansley Robinson, An Introduction to Early Greek Philosophy, Houghton and Mifflin, 1968.

المصادر

((قاموس دار العلم الفلكي}}

المصادر الرئيسية

  • Aelian: Various History (III, 17)
  • Pseudo-Plutarch: The Doctrines of the Philosophers (I, 3; I, 7; II, 20-28; III, 2-16; V, 19)
  • Simplicius: Comments on Aristotle's Physics (24, 13-25; 1121, 5-9)

مصادر ثانوية

  • Conche, Marcel (1991). Anaximandre: Fragments et témoignages (in French). Paris: Presses universitaires de France. ISBN 2130437850.{{cite book}}: CS1 maint: unrecognized language (link) The default source; anything not otherwise attributed should be in Conche.
  • Couprie, Dirk L. (2003). Anaximander in Context: New Studies in the Origins of Greek Philosophy. Albany: State University of New York Press. ISBN 0791455386. {{cite book}}: Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)
  • Furley, David J. (1970). Studies in Presocratic Philosophy, vol. 1. London: Routledge. OCLC 79496039. {{cite book}}: Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)
  • Heidegger, Martin (2002). Off the Beaten Track. Cambridge: Cambridge University Press. ISBN 0521801141.
  • Kahn, Charles H. (1960). Anaximander and the Origins of Greek Cosmology. New York: Colombia University Press.
  • Nietzsche, Friedrich (1962). Philosophy in the tragic age of the Greeks. Chicago: Regnery. ISBN 0895269449.
  • Robinson, John Mansley (1968). An Introduction to Early Greek Philosophy. Houghton and Mifflin. ISBN 0395053161.
  • Ross, Stephen David (1993). Injustice and Restitution: The Ordinance of Time. Albany: State University of New York Press. ISBN 0791416704.
  • Russell, Bertrand. History of Western philosophy: and its connection with political and social circumstances from the earliest times to the present day. New York: Simon and Schuster. ISBN 0671201581.
  • Vernant, Jean-Pierre (1982). The Origins of Greek Thought. Ithaca: Cornell University Press. ISBN 0801492939.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وصلات خارجية

Greek Wikisource has original text related to this article: