هيئة قضايا الدولة المصرية

هيئة قضايا الدولة هي أعرق هيئة قضائية مصرية ناط بها القانون المصري حماية المال العام والدفاع عن شرعية الحكم والإدارة في الدولة، فأسند إليها ولاية النيابة القانونية عن الدولــة بسلطاتها قاطبة أمام القضاء في الداخل والخارج لتكون حائطاً قانونياً منيعاً لصد كل معتدٍ على المال العام أو غادر بمصالح مصر وشعبها.‏

يرجع تاريخ هيئة قضايا الدولة المصرية إلى عام 1874 ميلادياً حين أنشئت تحت أسم لجنة قضايا الحكومة بموجب فرمان أصدره نوبار باشا آنذاك، ومن ثم فهي تعد أعرق الهيئات القضائية من حيث النشأة حيث تم انشائها قبل إنشاء المحاكم الوطنية عام 1883 بحوالي 8 سنوات تقريباً.

ينظر ضمير المجتمع إلى هيئة قضايا الدولة كخصم شريف حيث تستقل دون غيرها بتقدير متى تدعي الدولة ومتي لا تدعي‏ فلا تزج بالناس إلي ساحات المحاكم ظلما أو تدفع حقا ليتحقق به ظلم، فتكون أول من يرفض للدولة طلباتها إن هي جنحت عن الحق،‏ وإذا فرض عليها الدفاع‏ لمصلحة عامة تستقل وحدها بتقديرها وفقاً لأحكام القانون فهي تحقق دفاع الدولة فإن صح أبدته وإن حاد عن الصواب أغفلته، فلا تنطق إلا عدلاً وصدقاً‏‏ وتربأ بنفسها عن اللدد في الخصومة فلا تتسبب في تأخير الفصل في الخصومات. و إن شرعت في جمع المعلومات والمستندات من الجهات الإدارية ذات الصلة بمناسبة دعوى تباشرها فهي تلتزم بالحيدة والتجرد فتجمع ما للدولة و ما عليها لتنير به الطريق أمام منصة القضاء ‏وإذا ما صدر حكم لصالح أحد المواطنين، فهي تهب لاتخاذ ما يلزم نحو تنفيذه طبقاً لما قضي به، فتعطي كل ذي حقٍ حقه.

ويجسد مستشارو وأعضاء هيئة قضايا الدولة مبدأ خضوع الدولة للقانون المنصوص عليه في الدستور، فهم يكبحوا من جماح الدولة بسلطاتها قاطبة فيوقفوها أمام منصة القضاء شأنها شأن خصومها من أفراد الشعب، الأمر الذي يزيد من جلال أعضاء تلك الهيئة. ومن جهة أخرى فإن حضور مستشاري و اعضاء هيئة قضايا الدولة أمام منصة القضاء ليس لتجسيد مبدا خضوع الدولة للقانون فحسب، بل لعله أهم وأعظم شأناً هي حماية المال العــام ( الذي هو مال الشعب ) و الدفاع عن المصلحة العامة ( التي هي مصلحة الشعب )، وهذا هو نبل الغاية ( وهي الدفاع عن المال العام والمصلحة العامة) وشرف الوسيلة ( وهي إخضاع الدولة للقانون )، علما بأن مصلحة الجماعة مقدمة دائماً على مصالح الأفراد شرعاً وقانوناً.

ويتمتع مستشارو وأعضاء هيئة قضايا الدولة طبقاً لأحكام قانون تنظيم الهيئة ببعض الضمانات التي تمكنهم من أداء مهامهم في حيدة وتجرد، وعلى رأس هذه الضمانات عدم القابلية للعزل وعدم جواز القبض على أي منهم في غير حالات التلبس إلا بعد إتباع الإجراءات المنصوص عليها قانوناً.

وتنقسم هيئة قضايا الدولة إلى أقسام يختص كلٍ منها بمباشرة قضايا الدولة أمام إحدى الدوائر القضائية و يرأس كل قسم أحد المستشارين نواب الرئيس، بينما يختص قسم المنازعات الخارجية بمباشرة قضايا الدولة المصرية في الخارج أمام المحاكم وهيئات التحكيم الدولية ويرأسه المستشار رئيس الهيئة لخطورة وأهمية القضايا المتداولة به.

و قد كان للعديد من العظماء شرف الإنتماء إلى هيئة قضايا الدولة، ومنهم على سبيل المثال سعد زغلول وعبد الرازق السنهوري وقاسم أمين وعبد الحميد باشا بدوي والمستشار عبد الحليم الجندي والمستشار الدكتور عوض المر والدكتور عصمت عبد المجيد والمستشار الدكتور إدوار غالي الذهبي وغيرهم الكثير ممن كان لهم بالغ الأثر في تطور الحياة القانونية والسياسية في مصر.