لويجي كورنارو

لا تخلط بينه وبين لويجي كورنارو (1517-84).

ألڤيزه "لويجي" كورنارو Alvise "Luigi" Cornaro (عاش 1467[1]-1566) كان نبيلاً بندقياً صنـّف كتباً في الحمية الغذائية، منها Discorsi della Vita Sobria (حوارات حول الحياة الواعية).

لويجي كرنارو يملك من المال ما يكفي لأن يجعله يستمتع بجميع أنواع الملاذ من طعام، وشراب، وحب. "وكان من نتائج هذا الإفراط أن وقع فريسة لعدة أمراض، كالآلام المعدية، والآلام الكثيرة في الجنب، وأعراض داء الرئية، والحمى غير الشديدة التي لا تكاد تفارقني... والظمأ الذي لا يرتوي أبداً. ولم تترك لي هذه الحال السيئة أملاً أرتجيه إلا أن يقضي الموت على متاعبي"، ولما بلغ سن الأربعين ترك الأطباء جميع الأدوية وأشاروا عليه بأن أمله الوحيد في الشفاء هو "الاعتدال والحياة المنظمة... فلا أتناول من الطعام الصلب أو السائل إلا ما يصفونه للمرضى، وحتى هذا يجب ألا أتناول منه إلا مقادير قليلة". وكان يسمح له بتناول اللحم وشرب النبيذ، على شرط أن يعتدل فيهما، وما لبث أن أنقص مقادير طعامه وشرابه إلى اثنتي عشرة أوقية من الطعام وأربع عشرة من النبيذ. ويقول لنا إنه لم تمض على ذلك سنة واحدة حتى "وجدت أنني قد شفيت شفاء تاماً من جميع أمراضي... وتحسنت صحتي تحسناً تاما، وبقيت كذلك من ذلك الوقت إلى الآن"(20). أي إلى سن الثالثة والثمانين. وقد وجد كذلك أن هذا النظام وذاك الاعتدال في العادات الجسمية يخلقان نظائر لهما في الصفات والصحة العقلية، "فقد بقي مخه صافياً على الدوام، ..." وفارقته "الكآبة، والكراهية، وغيرهما من الانفعالات". وحتى حاسة الجمال نفسها قد قويت لديه، وبدت له جميع الأشياء الجميلة أبدع مما كانت في أي وقت من الأوقات الماضية.

وقضى في بدوا شيخوخة هادئة ناعمة، قام فيها بأعمال عامة وأغدق عليها المال، وكتب وهو في سن الثالثة والثمانين سيرته الذاتية المسماة Discorsi della cita sobria. وقد صوره لنا تنتورتو في صورة لطيفة: نراه فيها أصلع الرأس ولكنه متورد الوجه، صافي العينين نفاذهما، ذا تجاعيد في وجهه تنم عن حب الخير، ولحية بيضاء قلل من شعرها مر السنين، ويدين لا تزالان تكشفان عن شباب أرستقراطي، وإن كان قد قرب من الموت. وإن تجاوزه سن الثمانين ليبعث فينا الشجاعة حين تراه يسخر من الذين يظنون أن الحياة بعد السبعين ليست إلا تأجيلا للموت وأنها حياة سقم تافهة لا معنى لها:

ألا فليأتوا وينظروا، إلى صحتي الجيدة، ويعجبوا كيف أمتطي صورة الجواد دون مساعدة، وكيف أصد الدرج مهرولا والتل مسرعاً، وليروا ابتهاجي، ومرحي، ورضائي، وتحرري من الهم والأفكار غير السارة، ان الطمأنينة والبهجة لا تفارقني أبداً... وكل حواسي (بحمد الله!) على أحسن حال بما فيها حاسة الذوق؛ ذلك إني أستمتع بالطعام البسيط الذي أتناوله باعتدال أكثر من استمتاعي بشهي الطعام الذي كنت أطعمه في سني حياتي المضطربة... وإذا ما عدت إلى بيتي فإني لا أرى أمامي حفيداً أو حفيدين بل أبصر أحد عشر من الأحفاد الصغار... وأبتهج حين أسمعهم يغنون ويعزفون على آلات موسيقية مختلفة. وأنا نفسي أغني وأدرك أن صوتي أحسن، وأكثر صفاء، وأعلى نغمة مما كان في أي وقت مضى... فحياتي إذن حية لا ميتة؛ ولست أرغب في أن أستبدل بشيخوختي شباب الذين يعيشون عبيداً لشهواتهم(21).

وكتب في السادسة والثمانين وهو "ممتلئ عافية وقوة" بحثاً ثانياً، يعبر فيه عن سروره لأن عدداً من أصدقائه سلكوا سبيله في الحياة، وأخرج في الحادية والتسعين من عمره بحثاً ثالثاً حدثنا فيه كيف "أكتب على الدوام، وبيدي، ثماني ساعات في اليوم، ... وأنا فضلا عن هذا أرتاض، وأغني ساعات أخرى كثيرة... لأني أحسن حين أغادر المائدة أن لابد أن أغني... ألا ما أحلى ما صار إليه صوتي وما أقواه!". وألف وهو في الثانية والتسعين نصيحة مبعثها الحب... إلى جميع بني الإنسان يعضهم فيها على انتهاج سبيل الحياة المنتظمة المعتدلة"(22). وكان يتطلع إلى أن يتم مائة عام، وأن يموت ميتة سهلة، بعد أن تنقص فيها قوة حواسه ومشاعره، ونشاطه الحيوي نقصاً تدريجياً. ومات ميتة هادئة في عام 1566، في التاسعة والتسعين كما يقول البعض، وفي الثالثة أو الرابعة بعد المائة كما يقول غيرهم. وعملت زوجته، كما يقال بنصائحه، وعاشت حتى كادت تبلغ المائة وماتت في أتم ما يطلبه المرء من راحة الجسم وطمأنينة النفس"(23).

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الهامش

  1. ^ The 1911 edition of the Encyclopædia Britannica gives a birth date of 1467


وصلات خارجية

  • ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.
  • Luigi Cornaro Online writings on the Temperate life
الكلمات الدالة: