لوكا سنيورلي

لوكا سنيورلي Luca Signorelli (ح. 144516 أكتوبر 1523) كان رسام في النهضة الإيطالية اشتهر بالذات بقدرته كرسام هندسي واستخدامه foreshortening. جصياته الضخمة عن يوم الحساب (1499–1503) في كاتدرائية أورڤييتو تعتبر أهم ما عمل.

پورتريه ذاتي للوكا سنيورلي (يسار) مع فرا أنجليكو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

سيرته

 
شهادة ووفاة موسى، تفصيلة
 
جصية أفعال المسيح الدجال (ح.1501) في كاتدرائية أورڤييتو.

بينما كان پييرو دلا فرانتشسكا يرسم روائع صوره في أرتسو دعا لاتسارو ڤازاري Lazzaro Vasari‎‎‎‎‎‎‎‎‎ والد جد المؤرخ المعروف بهذا الاسم شاباً من طلبة الفنون يدعى لوكا سنيوريلي ليعيش في بيت أسرة فارساي ويدرس الفن على بيرو. وكان لوكا قد ابصر نور العالم لأول مرة في قرطونة Cortona التي تبعد نحو أربعة عشر ميلا إلى الجنوب الشرقي من أرتسو (1441). ولم يكن قد تجاوز الحادية عشرة من عمره حين قدم بيرو إلى هذه المدينة: ولكنه بلغ الربعة والعشرين حسن توفي هذا الفنان. وشغف الشاب بفن المصور في هذه الفترة وتعلم منه رسم الجسم العاري رسماً صادقاً لا أثر فيه للتصنع - وبصرامة مرجعها إلى تأثير معلمه، وقوة في الرجولة تنبئ بقوة ميكل أنجيلوا. وكان هذا الشاب يفحص عن الجسم الإنساني أينما استطاع أن يجده، وكان يبحث فيه عن القوة لا عن الجمال، ويبدو أن هذا هو كل مل كان يعنيه. فإذا كان قد صور شيئاً خلاف هذا فقد كان ذلك خروجاً منه عن خطته المرسومة يضيق به ذرعاً وإن ارتضاه إلى حين. وحتى في هذا كان يتخذ الأجسام العارية في بعض الأحيان ليزن بها هذه الرسوم. ولم يجيد تصوير النساء العاريات (إذا كان لنا أن نتحدث في هذا دون أن نراعي الدقة الكاملة) شأنه في ذلك شأن ميكل أنجيلو، فإذا رسمهن لم يلقي في رسمه إلا قليلاً من النجاح، وكان إذا صور الذكور لم يفضل منهم الشبان ذوي الجمال كما كان يفضلهم ليوناردو وسودوما؛ بل كان يفضل الكهول الذين اكتملت رجولتهم وقوية عضلاتهم.

واحتفظ سنيوريلى بهذا الشغف أثناء تنقلاته بين مدن إيطاليا الوسطى يترك فيها الصور العارية أينما ذهب؛ وبعد أن قام ببعض الأعمال في سان سبولكرو وانتقل منها إلى فلورنس (حوالي عام 1475) ورسم للورندسو صورة مدرسة بان وهي صورة على القماش مزدحمة بالآلهة الوثنية العارية وأهداها له. والراجح أيضاً أنه صور للورندسو صورة العذراء والطفل المحفوظة في معرض أفيزى، وصورة العذراء ممتلئة الجسم ولكنها جميلة، وأكثر ما تتكون منه خليفة الصورة هو الرجال العراة، وقد استمد ميكل أنجيلو منها بعض الإيحاء بصورة الأسرة المقدسة.

ومع هذا فإن هذا المصور الوثني للأجسام العارية قد استطاع أيضاً رسم صورتين تنمان عن التقى والصلاح؛ فصور العذراء في الأسرة المقدسة المحفوظة في معرض أفيزى من أجمل ما أخرجه فن النهضة. وذهب سنيوريلى إلى لوريتو Loreto بدعوة من البابا سكستس الرابع (حوالي عام 1479) وزين حرم سانتا ماريا بصورة جصية ممتازة للمبشرين بالإنجيل وغيرهم من القديسين. ثم نجده بعد ثلاث سنين من ذلك الوقت في روما يضيف إلى معبد سستيني منظراً من حياة موسى يثير الإعجاب بما فيه من صور الذكور، والاشمئزاز مما فيه من صور النساء. واستدعى بعدئذ إلى بروجيا (1484) فرسم بعض صور جصية صغرى في كاتدرائيتها. ويلوح أنه اتخذ أقرطونة موطناً له في ذلك الحين، ورسم فيها صوراً طلبت إليه من أماكن أخرى، ولم يتركها في الغالب إلا لأعمال كبرى في سينا؛ وأفيتو، ورومة.


عمله في أورڤييتو

 
Resurrection of the Flesh (1499–1502) Fresco Chapel of San Brizio, Duomo, Orvieto.

صور في طرفات دير مونتى أليفيتو Monte Oliveto المقنطرة في شيوزورى Chiusuri القريبة من سينا مناظر من حياة القديس بندكت، وأتم لكنيسة سانت أجيستينو في سينا ستاراً لمحرابها يعد من خير رسومه كلها، ولم يبقى من هذه الصورة إلا جانباها. ورسم بعدئذ لبنديلفو بيروتشى طاغية سينا حوادث من التاريخ أو القصص القديم، ثم انتقل إلى أرفينو ليقوم فيها بخاتمة أعماله الكبرى.

وتفصيل ذلك أن مجلس الكاتدرائية ظل ينتظر في غير جدوى قدوم بروجيو ليزين معبد سان بردسيو، وكان قبل دعوته قد بحث في دعوة بنتورتشيو Pintoriccio ورفض هذه الدعوة. فلما كان عام 1499 استدعى سنيوريلى، وطلب إليه أن يتم العمل الذي بدأه الراهب أنجيلكو في المعبد قبل خمسين عاماً من ذلك الوقت. وكان ذلك العمل هو تزيين المحراب المحبب إلى الأهلين في الكتدرائية العظيمة؛ وكان سبب هذا الحب أن قد علقت فوقه صورة قديمة للسيدة دى سان دسيو التي تستطيع (كما يعتقد الناس) أن تخفف آلام الوضع، وأن تدعم الوفاء بين المحبين، والأزواج، وأن تمنع الحمى الراجعة، وتهدئ العاصفة. وكان الراهب أنجيلكو قد رسم على سقف المحراب صوراً تمثل يوم الحساب حوت كل ما يكتنف روح العصفور الوسطى من آمال ومخاوف، ثم رسم سنيوريلى تحت هذه الصور موضوعات أخرى شبيهة بموضوعها تمثل - المسبح الدجال، وخاتمة العالم، وبعث الموتى، والجنة، وهبوط الملعونين إلى الجحيم. غير أن هذه الموضوعات القديمة لم تكن بالنسبة له في واقع الأمر إلا إطاراً يظهر فيه الرجال والنساء العراة الأجسام في مائة من الأوضاع المختلفة، وفي مائة من انفعالات الفرح والألم. ولم يشهد عشر النهضة بعد ذلك الوقت هذه الأكداس من اللحوم البشرية إلا حين أخرج ميكل أنجيلو صورة يوم الحساب. ترى هل كان سنيوريلى يبتهج بتصوير الأجسام الجميلة أو المشوهة، والوجوه الحيوانية أو السماوية، وتجهم الشياطين، وآلام المعذبين حين يتناثر عليهم لهب النار، وتعذيب المذنبين واحداً بعد واحد بتكسير أسنانهم وعظام أفخاذهم بالعصى الغليظة - نقول هل كان سنيوريلى يبتهج بهذه المناظر، أو هل أمر أن يصورها كي يشجع الناس على التقى والصلاح؟ وسواء كان هذا أو ذاك صور نفسه (في أحد أركان صور المسبح الدجال) يتطلع إلى هذا التطاحن بهدوء الرجال الذي نجا من العذاب.

وقضى سنيوريلى ثلاث سنين في رسم هذه المظلمات عاد بعدها إلى أقرطونة ورسم صورة المسبح الميت لكنيسة سانت مرگريتا. لما حملت له الجثة "طلب أن تنضى من ثيابها" كما يقول فاسارى، "وتذرع الصبر الذي ليس عده صبر، ولم يذرف دمعة واحدة، ورسم صورة للجسم كي يستطيع أن يشهد على الدوام في هذه الصورة التي من صنع يده، ما حبته به الطبيعة؛ وسلبته إياه الأقدار القاسية".

العمل في سيينا وكورتونا وروما وأرتسو

وحلت به في عام 1508 نكبة من نوع آخر. ذلك أن يوليوس الثاني عهد إليه هو وبروجينو، وبنتورتشيو، وسودوما أن يزينوا الغرف البابوية في قصر الفاتيكان. وبينما هم قائمون بالعمل إذ أقبل عليهم روفائيل، وسر البابا من مظلماته البدائية سروراً حمله على أن يخصص له كل الحجرات وطرد منها سائر الفنانين. وكان سنيوريلى وقتئذ في السابعة والستين من عمره، وربما كانت يده قد فقدت حذقها وثباتها، بيد أنه رغم هذا صور بعد أحد عشر عاماً من ذلك الوقت ستاراً لمذبح عهدت به إليه شركة سان جيرولامو في أرستو، ونجح في ذلك نجاحاً أكسبه كثيراً من الثناء. ولما فرغ من الصورة جاء الاخوة الشركاء في أقرطونة وحملوا صورة السيدة والقديسين على أكتافهم طوال الطريق إلى أرتسو؛ ورافقهم سنيوريلى، وأقام مرة أخرى في بيت فاسارى. وفيه أبصر جورجيو فاسارى Giorgio Vasari وهو غلام في الثامنة من عمره، وتلقى منه كلمات مشجعة على دراسة الفن ظل يذكرها أمداً طويلاً. وكان سنيوريلى في صباه شاباً قوى العاطفة سريع الاهتياج، لكنه أصبح في شيخوخته سيداً عطوفاً رحيماً، أوفى على الثمانين من عمره، ويعيش في رخاء لا بأس به في البلدة التي كانت مسقط رأسه. واختير وهو في الثالثة والثمانين من عمره وللمرة الأخيرة في حياته عضواً في مجلس حكام أقرطونة ثم مات في عام 1524.

وبعد، فإن من العلماء الممتازين من يعتقدون أن سنيوريلى لم يبلغ من الشهرة ما تؤهله لها مواهبه، ولكن لعل الحقيقة أنه نال فوق ما يستحق. لقد كان يرسم في يسر، ولقد أدهشنا في دراساته للتشريح، ومواقف النماذج؛ وفن المنظور، وترتيب أجزاء الصورة بحيث يتبين الناظر إليها القريب منها والبعيد؛ وهو يدخل علينا السرور باستخدام الأجسام البشرية في تأليف صورة وتزيينها. وهو حين يرسم صورة السيدات يسمو أحياناً إلى مستوى عال من الرقة، ولقد افتتنت عقول الناقدين الخبيرين بصور الملائكة الموسيقيين في لورنتو. أما في ما عدا هذا فكان هو الداعي إلى إجادة تصوير الجسم بإتقان التشريح؛ فهو لم يخلع عليه رقة بدنية، أو رشاقة شهوانية، أو يمجده بجمال التلوين، أو سحر الضوء والظل، وقلما كان يدرك أن وظيفة الجسم هي أن يكون المظهر الخارجي والأداة المعبرة عن الروح أو الأخلاق الرقيقة التي لا تدركها الحواس؛ وأن الواجب الأسمى للفن هو أن يبحث عن الروح ويظهرها في ثنايا قناعها الجسدي. ولق أخذ ميكل أنجيلو عن سنيوريلى تعظيمه للتشريح إلى حد العبادة، كما أخذ عنه إضاعته الغاية في سبيل الوسيلة؛ ولهذا نراه يكرر في صورة يوم الحساب التي رسمها في معبد سستينى ما في مظلمات أفيتو من جنون عجيب بوظائف أعضاء الجسم ويكررها في الثانية بصورة أكبر منها في الأولى. غير أنه أستخدم في الصور التي رسمها على سقف هذا المعبد نفسه وفي تماثيله جسم الإنسان فجعله لسان الروح الناطق. وقد انتقل فن التصوير على يد سنيوريلى في خطوة واحدة من أهوال فن العصور الوسطى ورقته، إلى مغالاة في الزخرف مغالاة أفقدته روحه.

أعماله الرئيسية

 
مادونا والطفل مع القديسين، كاتدرائية پروجا.

إشارات أدبية إليه

The frescoes were the basis of Freud's Signorelli parapraxis.


المصادر

  • ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.
  • Henry, Tom (2002). Luca Signorelli: The Complete Paintings. New York: Rizzoli. {{cite book}}: Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)
  • James, Sara Nair (2003). Signorelli and Fra Angelico at Orvieto: Liturgy, Poetry, and a Vision of the Endtime. Aldershot: Ashgate Publishing,. ISBN 0-7546-0813-1.{{cite book}}: CS1 maint: extra punctuation (link)
  • James, Sara Nair. "Vasari on Signorelli: The Origins of 'The Grand Manner of Painting,'" in Reading Vasari, edited by Anne B. Barriault, Andrew Ladis, Norman E. Land, and Jeryldene M. Wood. London and Athens, GA: Philip Wilson Publishers and the Georgia Museum of Art, 2005.
  • تحوي هذه المقالة معلومات مترجمة من الطبعة الحادية عشرة لدائرة المعارف البريطانية لسنة 1911 وهي الآن من ضمن الملكية العامة.


الهامش


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وصلات خارجية

الكلمات الدالة: