عبود الكرخي

عبّود الكرخي (1861-1946 م) شاعر شعبي عراقي نظم الشعر اللهجة العراقية، من شعره قوله:

 ذبيت روحي عالجرش        وادري الجرش ياذيها
 ساعة واكسر المجرشة       والعن أبو  راعيها
 ساعة واكسر المجرشة       والعن أبو راعي الجرش
 قعدت يا دادة أم البخت   خلخالهه يدوي ويدش
 وآني استادي لو زعل     يمعش شعر راسي معش
 هم هاي دنية وتنكضي     واحساب اكو تاليهه

قد كسب الملا عبود الكرخي بلهجته العراقية الدارجة والساخرة في أحيان كثيرة من مرارة الواقع وتقلبات السياسة حب وتفاعل العراقيين ومازال البعض من قصائده خالدة في ضمير ووجدان هذا الشعب لحد الآن .

ومن آراءه العميقة والطريفة هو العلاقة بين العراق واشقائه العرب والتي يبدو من خلالها أن التاريخ يعيد نفسه كما يقال وليت الملا عبود حي في زماننا هذا ورأى ما نراه ممن نسميهم بالأشقاء لأضاف ربما كلمة أخرى لمقولة أن التاريخ يعيد نفسه (ولكن أسوأ مما كان) .

يبدو أن العراق والعراقيين بصورة خاصة كان قدرهم الدائم أن يتفاعلوا مع قضايا امتهم وقضايا شعوبها في حين ينقلب الأمر رأسا على عقب حينما تكون القضية عراقية ويراد من اشقاء العراق أن يقفوا بجانبه في محنته.

الملاحظ في طيات تلك العلاقة انها حملت لنا من زمن الملا عبود الكرخي نفس المواقف السلبية ونفس التجاهل والتي تحولت في عصرنا الحاضر إلى ما هو أسوأ حين لايقف معك من تدعوه شقيقا فقط بل يقف على الضد تماما من تطلعاتك وآمالك في الحرية والخلاص فهل كان قدر العراقيين دائما أن مشكلتهم تكمن في اهتمامهم بقضايا الغير أكثر من اهتمامهم بقضاياهم أم ان في الامر مسألة شائكة تتعلق بعقدة النقص العربي وانانيته تجاه العراقيين كونهم أكثر وعيا وحرصا من غيرهم .

كل مشكلة في أي قطر عربي كان العرب يظهرونها في بلدانهم وكأنها مشكلة قومية فيما يحبس العراقيون انفاسهم ألما وحسرة وحيرة تجاه قضيتهم التي لا يبدوا أنها تحرك شيئا في الضمير العربي و لا تظهر صوتا في صمت المقابر العربية وقد التقطت لنا ذاكرة شاعرنا الكبير هذه الالتقاطة الذكية حينما أنشد :-

            ومن (سعد زغلول) مات          قلبنه كل الكائنات
            بالجبايش   جاينات             صارت و(راوه و عانه)
            ويوم مات (المنفلوطي)          كثر همًي  وقل قنوطي
            موتي ياروحي وشوطي            لأن مملؤه رعانه
            وعندنا (ريس الوزارة)         أفزع أوروبا انتحاره
            بطل (سعدوني ) اعتباره        راقي سيد عالي شانه
            (بجرايدهم) خبر ذكروا           مختصر ازيد م كتبوا
            ما اهتموا ما اعتبروا          اعتباره بربع آنه


إشارة إلى انتحار عبد المحسن السعدون رئيس الوزراء العراقي آنذاك وتجاهل العرب كل ما يتعلق بالشأن العراقي منذ ذلك الزمن .