ابن المعتز

(تم التحويل من عبد الله بن المعتز)
الدولة العباسية
خلفاء بني العباس في بغداد
السفاح.
المنصور.
المهدي.
الهادي.
الرشيد.
الأمين.
المأمون.
المعتصم بالله.
الواثق بالله.
المتوكل على الله.
المنتصر بالله.
المستعين بالله.
المعتز بالله.
المهتدي بالله.
المعتمد على الله.
المعتضد بالله.
المكتفي بالله.
المرتضي بالله.
المقتدر بالله.
القاهر بالله.
الراضي بالله.
المتقي لله.
المستكفي بالله.
المطيع لله.
الطائع بالله.
القادر بالله.
القائم بأمر الله.
المقتدي بأمر الله.
المستظهر بالله.
المسترشد بالله.
الراشد بالله.
المقتفي لأمر الله.
المستنجد بالله.
المستضئ بأمر الله.
الناصر لدين الله.
الظاهر بأمر الله.
المستنصر بالله.
المستعصم بالله.

عبد الله بن المعتز بالله الخليفة العباسي وكنيته أبو العباس، (ولد عام 247هـ، 861م، في بغداد)، وكان أديباً وشاعراً ويسمى خليفة يوم وليلة، حيث آلت الخلافة العباسية إليه، ولقب بالمرتضى بالله، ولم يلبث يوماً واحداً حتى هجم عليه غلمان المقتدر وقتلوه في عام (296هـ، 909م)، وأخذ الخلافة من بعده المقتدر بالله. ولقد رثاه الكثير من شعراء العرب.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

سيرته

هو عبد الله بن المعتز بن المتوكل بن المعتصم بن هارون الرشيد، أبو العباس، ولد سنة 247هـ، قَتَل أتراكُ القصر وخصيانُه أباه المعتز، ونُفيَ هو إلى مكة وهو في مقتبل العمر، وعاش في كنف جدة صُودِرَتْ أموالهُا. وبعد عودته إلى سُرَّ من رأى ثم إلى بغداد، ظلت حياته مضطربة تعاني ابتلاءات الدولة العباسية، فانصرف يلتمس السلوى في اللهو والمجون جانبا من حياته، ولكن هذا الجانب لم يستطع أن يُخفي صورة علَمٍ من أعلام الشعر العربي، ومؤلف له حضوره في تاريخ الثقافة العربية. ولما أُطيح بالمقتدر في سنة 296هـ، بويع عبد الله، لكن خلافته لم تستمر أكثر من يوم وليلة. ومات ابن المعتز مقتولا في تلك السنة، فكان حلقة في سلسلة مهزلة الإطاحة بخلفاء بني العباس على أيدي الأتراك منذ عهد جده المتوكل(247هـ).

ومهما اختلف الناس حول حياة ابن المعتز، فإن عِلمَه عوَّضَه إخفاقَه في السياسة، وأعطاه مكانة في تاريخ الثقافة العربية تشهد له بالعبقرية. قال عنه صاحب «الفهرست»: محمد بن إسحاق النديم ( وفاته بعد 400هـ):« واحد دهره في الأدب والشعر، وكان يقصده فصحاء الأعراب ويأخذ عنهم، ولقي العلماء من النحويين والإخباريين، كثير السماع غزير الرواية » (1).

أخذ ابن المعتز الأدب عن كل من أبي العباس المبرد ( 286هـ)، وأبي العباس ثعلب (291هـ )، وهما أشهر علمين من أعلام المرحلة. واختص به محمد بن هبيرة الأسدي المعروف بـ"صعوداء"، وعمل له رسالة فيما أنكرته العرب على أبي عبيد القاسم بن سلام ووافقته فيه.

وعدَّه أهل التراجم في جملة الأدباء والعلماء. كان غزير الأدب شاعراً ناقدا بلاغيا. وكان مجلسه من منتديات الثقافة في عصره. وقد أخذ من كل فن من العلوم بنصيب.

يقول ياقوت الحموي (626هـ):« وقد لقي طائفة من جِلَّة العلماء كأبي العباس المبرد وثعلب، وتأدب عليهما، ولقي أبا علي الحسن بن عليل العنزي، وروى عنه، وروى عنه شعرَه جماعة منهم أبو بكر الصولي»(2).

وقال عنه ابن خلكان (681هـ):« كان أديبا بليغاً شاعراً مطبوعاً مقتدراً على الشعر، قريبَ المأخذ سهلَ اللفظ جيِّدَ القريحة، حسنَ الإبداع، مخالطاً للعلماء والأدباء معدودا من جملتهم» (3).


ابن المعتز شاعر محدث

ابن المعتز أحد شعراء البديع، وأحد أئمة الشعر المحدَث، ففي شعره وجد " رِقَّةٌ مُلُوكِيَّةٌ، وغَزَلُ الظرفاءِ، وهَلْهَلُة المحدثين" على حدِّ قول صاحب الأغاني(4).

وقال عنه ابن رشيق: « وما أعلمُ شاعراً أكمل، ولا أعجب تصنيعاً من عبد الله بن المعتز؛ فإن صَنْعَتَهُ خفيةٌ لطيفة لا تكاد تظهر في بعض المواضع إلا للبصير بدقائق الشعر، وهو عندي ألطفُ أصحابِه شعراً، وأكثرُهم بديعاً وافتتاناً، وأقربُهم قوافيَ وأوزاناً، ولا أرى وراءه غايةً لطالبها في هذا الباب»(5). وهو يرى أن علم البديع والصنعة فيه انتهيا إليه، وخُتما به(6). وابن المعتز كان ممن فُتِنوا بالتشبيه، وشهد له النقاد بالبراعة فيه، ولاحظوا أنه عكس فيه حياته المترفة. وذكر ابن رشيق أن التشبيه تَغَلَّبَ على طريقة ابن المعتز فانقادَ إليها طبعُه(7).

وظلت أشعاره في التشبيه شواهد في كتب البلاغة والنقد على امتداد تاريخ الثقافة العربية. وفي العمدة :« وقالت طائفة من المتعقبين: الشعراء ثلاثة: جاهليّ وإسلاميّ ومولّد؛ فالجاهلي امرؤ القيس، والإسلاميّ ذو الرمة، والمولد ابن المعتز، وهذا قول من يُفضل البديع، وبخاصة التشبيه على جميع فنون البديع» (8).

قال عن شعره ياقوت: « فأما شعره فهو الغاية في الأوصاف والتشبيهات، يُقرُّ له بذلك كلُّ ذي فضل»(9). وقد اعتبره د. شوقي ضيف، رحمه الله، من أصحاب مذهب التصنيع، ووجد أنه « كتَبَ في أدواته وزُخرفه كتابَه المعروف باسم كتاب البديع ، وهو يشهد بأن صاحبه كان شاعرا عالما مصنعا من أصحاب البديع»(10).

ابن المعتز المؤرخ للشعر المحدث

كان لابن المعتز دورٌ هام في دراسة الشعر المحدث من خلال مؤلفيه: طبقات الشعراء ورسالته في محاسن شعر أبي تمام ومحاسنه، بشكل خاص، وبتأليفه للبديع رسم نهجا جديدا لتذوق شعر المحدثين، مَكَّنَ النقاد من التفاعل مع ذلك الشعر في ضوء مقاييس نابعة من إبداع المحدثين.

فابن المعتز ممن أرخوا للشعر المحدث وعملوا على نشره ودراسته، فهو قد عرض في كتابه طبقات الشعراء أخبارهم ونماذج من أشعارهم ( أثبت أشعارا تزيد على ألف وخمسمائة بيت لا توجد في كتاب سواه )(11). وغايته أن يعرض لما« وضعته الشعراء من الأشعار في مدح الخلفاء والوزراء والأمراء من بني العباس، ليكون مذكورا عند الناس»(12).

وذكر أن الناس في زمانه قد سئموا من أخبار المتقدمين وأشعارهم؛ فإن شعر القدماء« قد كثُرت رواية الناس له فملوه، وقد قيل لكل جديد لذة، والذي يُستعمل في زماننا إنما هو أشعار المحدثين وأخبارُهم»(13). فهو ألف كتابه ليستريح الناس من أخبار المتقدمين وأشعارهم، على حد قوله.

وكتاب الطبقات جمع فيه ما يزيد على مائة وعشرين شاعرا، بدأه ببشار بن بُرد وأنهاه بالناشئ الأكبر، عرض فيه لأخبارهم، ولرأيه في بعضهم، مع اهتمامه بكثير من المغمورين من الشعراء العباسيين.« والكتاب بعد هذا سجل للحياة الأدبية بعد أن خلفت وراءها عصر العربية الخالصة بموت فحول بني أمية أوائل القرن الثاني الهجري، وفيه نرى الاتجاهات العجيبة والمحاولات التي كان يُقصدُ من ورائها تحطيم المأثور وإقامة الجديد. كما نرى الموازنات العاقلة والشروح الدقيقة والميل إلى أخذ المسائل أخذا وجدانيا بعيدا عن الجدل الذهني الذي غلب على النقد فيما بعد»(14).

فابن المعتز عمل على نشر محاسن شعر المحدثين، وإذاعته بين القراء، وإطرائه والتنويه به، ولم يلتفت كثيرا لمن سلك في شعره مذاهب القدماء، فشعر بشار كان لديه« أنقى من الراحة، وأصفى من الزجاجة، وأسلس على اللسان من الماء العذب»(15).

فالمحدثون اقتدوا بالقدماء في البديع، وبهذا كان شعرهم يرتبط بوشائج فنية بالشعر القديم. ومأخذه على المحدثين إنما على إسرافهم في استعمال البديع. فأبو تمام إمام المحدَثين شُغِف بالبديع« حتى غلب عليه وتَفَرَّعَ فيه وأكثرَ منه» [ص1](16) ، فآل أمر شعره إلى التكلف نتيجة اندفاعه ومغالاته في التجديد.

وهناك كتب شاركته في العناية بشعر المحدثين، أشير إلى بعضها في فهرست محمد بن إسحاق النديم: كتاب الورقة في أخبار الشعراء لمحمد بن داود 296هـ (وقد وَزِر لابن المعتز يوم خلافته )[ ص206]، وكتب ابن طيفور، أحمد بن طاهر 280هـ في اختيارات أشعار الشعراء المحدثين [ص237] ،

وكتاب الباهر في الاختار من أشعار المحدثين والشعر والشعراء الكبير وكتاب محاسن أشعر المحدثين لجعفر بن محمد بن حمدان الموصلي [ص240](17). وكتاب الروضة للمبرد 285هـ [ ص63]، وكما فعل هارون بن علي المنجم في كتابه البارع [ص 232]. لاحظ د. أحمد درويش أن ابن المعتز يضع النثر قبل الشعر حتى في الحديث؛ ليدفع زعم المحدثين بان البديع من خصائص الشعر على الإطلاق، وهو بهذا يُحاول« أن يسحب البساط من تحت أرجل هؤلاء الشعراء مرتيْن »(18).

أما عن تصنيع ابن المعتز وتصويره في شعره، فإن د. شوقي ضيف، رحمه الله، يرى أن ابن المعتز لم يستطع« أن ينهض بالتصنيع الذي أحدثه أبو تمام، فقد اقتصر في تصنيعه على الزُّخْرُف الحسيّ، زخرف الجناس والطباق والتصوير»(19). ويرى أن تصويره لا يحتاج إلى تأمل عميق، وأنه عَدَلَ بتصنيعه إلى التشبيه لأنه لا يحتاج بُعداً في الخيال ولا عمقا في التصوير(20).

ابن المعتز العالم المتحقق بالبديع

قال أبو بكر الصولي (335هـ)- وهو العارف بشعر المحدثين، الجامع لدواوينهم -:«اجتمعتُ مع جماعة من الشعراء عند أبي العباس عبد الله بن المعتز، وكان يتحقق بعلم البديع تحققاً ينصر دعواه فيه لسانُ مذاكراته، فلم يبق مسلك من مسالك الشعراء إلا سلك بنا شِعْباً من شِعابِه، وأوردنا أحسن ما قيل فيه». وبعد أن أورد مجموعة من الاستعارات الجيدة من شعر لبيد وذي الرمة وجرير، أنهى الصولي قوله هكذا:« فما أحد من الجماعة انصرف من ذلك المجلس إلا وقد غمره من بحر أبي العباس ما غاض عنه معينه، ولم ينهض حتى زوَدنا من بِرِّه ولُطفه نهاية ما اتسعت له حاله»(21).

ويُستفاد من قول الصولي أن فنون البديع صاحبت الشعر العربي من أقدم عهوده، وأن ابن المعتز عُرف بين أبناء زمانه بولعه بظاهرة البديع في الشعر وبمعرفته الدقيقة به، وبأنه كان خير من استكشف نماذج تلك الظاهرة في التراث العربي، فشُهد له بالسبق فيها.

فابن المعتز أحد العلماء المتحققين بالبديع، ومن أهم ما تميز به ابن المعتز أن معاصريه شهدوا له بالتحقق بالبديع؛ أي أن المعرفة المتخصصة بقضية البديع انتهت إليه، وأصبح الخبير الأول بحقيقتها، وإليه يحتكم الشعراء في شأنها.

وقال المستشرق الروسي كراتشكوفسكي (1883 – 1951م)، محقق كتاب البديع:« إنه شاعر ذو علم واسع وخبرة شاملة بقضايا التاريخ، درس الشعر وفنونه وأشكاله كما درس الأساليب اللغوية والشعرية بدقة وإتقان، ثم كرس كل اهتمامه للكلمة وفن التعبير»(22). واعتبر د. طه حسين عبد الله بن المعتز من كبار العلماء في القرن الثالث، والعلماء في الأدب والغناء بنوع خاص. كتب في الشعر وسرقات الشعراء وكتابه في البديع مشهور، والمتقدمون يرون أن ابن المعتز هو الذي وضع علم البديع(23).

وأرى أن ابن المعتز قرأ جانبا هاما من التراث العربي، فاستوعب حقيقته، وأحسن هضمه، وتعلق به فأبرز شخصيته من خلاله، وطبع شعره بطابعه الخاص في طور التجديد في ضوء حركة الشعر العربي في العصر العباسي. وكفاه فخراً أن يُؤلف « كتاب البديع »، وأن تتمثل في كتابه هذا انطلاقة تدوين البلاغة العربية، وأن يظل محط أنظار الدارسين على مدى السنين.

ابن المعتز والنقد الأدبي

وابن المعتز يُمثل ظاهرة الشاعر الناقد، فهو ممن مارسوا قول الشعر وضربوا بسهم في مجال النقد الأدبي، كما يتضح بشكل خاص في كتابه الطبقات، وما له من إشارات في كتابه البديع، وكان نقده قائما على الذوق العربي الأصيل. وعن مكانته النقدية اعتبره ابن رشيق: « أنقد النقاد»(24).

وقال عنه كراتشكوفسكي (1651م): «كان أديبا ناقداً، وافر العلم والثقافة، دقيق البصر بمكامن الجمال، سليم الذوق والأحكام والآراء»(25).

وجعله طه إبراهيم ممثلا لذهنية الأدباء لنقاد القرن الثالث للهجرة، وهي« طائفة درست الأدب قديمه وحديثه، وأخذت القديم عن اللغويين والنحويين، ولكنها عُنيت بالمُحدث أشد من عناية هؤلاء وحفِلت به، وأقبلت على تحليل عناصره، وما يجِدُّ فيه عهدا بعد عهد، وما بينه وبين المذهب القديم من تفاوت، تلك هي طائفة الشعراء والأدباء وعلماء الأدب. ومن أظهر الأمثلة لهؤلاء عبد الله بن المعتز، فقد كان كثير السماع، غزير الرواية، يلقى العلماء من النحويين والإخباريين، ويقصد فصحاء الأعراب ويأخذ عنهم، ولكنه كان مع ذلك بارعا في الأدب، حسن الشعر، مهتما بنقد المحدثين»(26). وابن المعتز من أعلام النقد الأدبي، له آراء نقدية تنم عن إحساس صادق بالشعر. وقد اعتبره د. بدوي طبانة زعيم المدرسة البيانية في الحكم على الأدب وفي تذوقه(27).

ويرى د. أحمد كمال زكي أن ابن المعتز بتأليفه لكتاب البديع قدم« أخطر أثر في تاريخ النقد العربي على الإطلاق، ولعله أيضا به، ثم برسالته عن أبي تمام، قد شحذ الهِمم إلى مناقشة آراء المجددين من الأدباء في ضوء منهج له قواعده الواضحة الثابتة»(28).

ومن أجل دراسة الجانب النقدي البلاغي عند ابن المعتز حاول د. جابر عصفور أن يتخذ من آثار ابن المعتز نصا متكاملا ينطوي على نظراته السياسية وأفكاره الاجتماعية وتصوراته الدينية وممارسته الإبداعية، وربط هذا النص بأبعاده بالصراع الذي وقع بين القدماء والمحدثين في القرن الثالث للهجرة. وسعى في دراسته هذه أن يبنيها على التصادم بين أهل الاتباع والابتداع، أي بين أهل النقل وبين أهل العقل، أي على مقولة الصراع الطبقي. فطوَّع كل شيء في ذلك النص لهذه المقولة. وما قاله د. جابر عصفور ينسحب على الآمدي وعلى القاضي الجرجاني وعلى عبد القاهر الجرجاني؛ فالصراع بين القدماء والمحدثين – في تصوره - هو صورة « لتعارضات دينية سياسية تشريعية من ناحية، ودالة على تعارضات اجتماعية ارتبطت بصراع المجموعات الحاكمة والمحكومة من ناحية أخرى»(29).

واعتبر الباحث أن زمن ابن المعتز لاذ بمبدأ « التقليد» الذي يواجه حرية العقل في الإبداع، وأن كتاباته ارتبطت ارتباطا وثيقا« بالموقف الفكري العام لتيار القدماء النقلي الذي مثله جماعة اللغويين من ناحية، وأصحاب الحديث من أهل السنة والجماعة من ناحية أخرى»(30).

وربط د. جابر عصفور فكر ابن المعتز بالجبر، وبما أسماه الممارسة النقلية الحنبلية، ووجد أن كتابات ابن المعتز تنطق بوعي طبقي حاد. ورأى أن كتابه طبقات الشعراء « ينطوي على غرض سياسي محدد، يتصل بالصراع الذي وقع بين الأسرة العباسية وخصومها»(31). إن المنهج المعتاد في تصور أمثال د. جابر عصفور يجعل التاريخ العربي نسخاً كاربونية متشابهة؛ يتصارع فيها القطبان، وتتكرر منذ كان التاريخ العربي إلى هذه اللحظة التي نعيشها الآن! وهو منهج يستند إلى مقولة الصراع الطبقي، وهي مقولة تجعل الفكر يُردِّدُها دوْماً ويتوهَّم أنه في كل مرة يأتي بشيء جديد.

والأولى بالعناية أن يُنظَر إلى تنامي ظاهرة البديع في الشعر العربي، وما حصل فيها من تطور في أشكالها، من زمن ابن هرمة إلى أن بلغ البديع أوجه في شعر أبي تمام. وعلى الرغم مما كُتب من أبحاث في الأدب العباسي، فإني لم أعثر يوما على دراسة تكشف بدقة عن تنامي ظاهرة البديع منذ ظهورها لدى الرعيل الأول من الشعراء المولدين، وكيف تطورت في أشعارهم، وتنوعت في أساليبهم وتشكَّلت في اتجاهاتهم! وابن المعتز شاعر محدث، وهو يُناصر الشعر المحدث ويُنظِّر له؛ لأن هذا الشعر أصبح حقيقة ماثلة في الوجود العربي، تنفعل بها مرحلته، وما عاد يُعابُ منه إلا ما سقط في التكلف الممقوت؛ الذي تأباه الفطرة والذوق السليم.

آثـــاره

( ذكر له بروكلمان في كتابه تاريخ الأدب العربي: 14 كتابا، القسم الأول، ص376 - 388).

ما نُشر من آثاره

  1. - كتاب البديع، نشره المستشرق الروسي كراتشكوفسكي (1883 – 1951م) في لندن، سلسلة نشريات جب التذكارية رقم 10، لندن 1935.
  2. - كتاب طبقات الشعراء، حققه د. عبد الستار فراج ( فيه ما يربو على مائة وثلاثين ترجمة ).
  3. – كتاب الآداب نشره كراتشكوفسكي، ذكره بروكلمان: القسم الأول، ص376 – 388.
  4. – فصول التماثيل في تباشير السرور: موضوعه الشراب وآدابه وما ورد فيه من أوصاف وتشبيهات – ذكر بروكلمان أنه نشر في مصر( القسم الأول، ص376 ).
  5. - وبقيت بضعة نقول من رسالته في محاسن شعر أبي تمام ومسائه (وردت في كتاب الموشح في مآخذ العلماء على الشعراء للمرزباني 384هـ)، وقد اختار منها المرزباني جانب المساوئ لأن موضوع كتابه يتعلق بالمآخذ. واحتفظ لنا التوحيدي بمقدمة الرسالة في كتابه البصائر والذخائر.( ونجد من آثار قدامة كتابا في الرد على ابن المعتز فيما عاب به أبا تمام). ورسالة ابن المعتز هذه تُعد أول أثر نقدي تناول شعر أبي تمام، وقد تكون وراء وضع أبي بكر الصولي (335هـ) لدفاعه عن أبي تمام من خلال كتابه أخبار أبي تمام. ويرى د. أحمد كمال زكي أن الآمدي استند إلى هذه الرسالة في نقد شعر أبي تمام، كما استند إليها الجرجاني في وساطته، ويُمكن أن تكون بعدُ أساس جميع الموازنات التي عُقدت بين أبي تمام والبحتري(32).
  6. – ديوان شعر، مطبوع. نشر المستشرق ب. لوين (B .Lewin) بعض أجزائه ابتداء من سنة 1891، وهناك ثلاث طبعات متداولة من الديوان الأولى: طبعة شفيق جبري ( دمشق 1956 )، والثانية طبعة محيي الدين الخياط ( بيروت، د. ت)، والثالثة دراسة وتحقيق: د. محمد بديع شريف، دار المعارف، القاهرة. 1977 [ ذخائر العرب: 54].

ب – ما لم يُنشر من آثاره

ومن كتبه التي وردت أسماؤها في كتب التراجم، وذكرها كارل بروكلمان في تاريخ الأدب العربي:

  1. - كتاب الزهر والرياض
  2. - مكاتبات الإخوان
  3. - كتاب الجوارح والصيد
  4. - كتاب السرقات
  5. - أشعار الملوك
  6. - كتاب حلي الأخبار
  7. - كتاب التفات الشعراء المحدثين
  8. - كتاب الجامع في الغناء
  9. - كتاب أرجوزة في ذم الصَّبوح
  10. - أخبار شارية وعريب المغنيتين.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الهوامش

  1. – الفهرست: النديم ( محمد بن إسحاق بعد 400هـ)، ضبطه وشرحه: د. يوسف علي الطويل – ط1 [ بيروت، دار الكتب العلمية، 1996م]، ص186
  2. - ينظر: معجم الأدباء: ياقوت الحموي (626هـ)، تحقيق: د. إحسان عباس – ط1[بيروت، دار الغرب الإسلامي، 1993م]:4/1520
  3. - وفيات الأعيان: ابن خلكان ( أحمد بن محمد 681هـ)، تحقيق: د. إحسان عباس – ط1[بيروت، دار صادر، 1970م]: 3/76
  4. - الأغاني: 10/37 - 38
  5. – العمدة في محاسن الشعر وآدابه: ابن رشيق، أبو علي الحسن، تحقيق: د. محمد قرقزان – ط2[ بيروت، دار المعرفة، 1994م]: 1/262
  6. - نفسه:1/262
  7. -نفسه: 1/289
  8. – نفسه:1/211
  9. - معجم الأدباء:4/1520
  10. - الفن ومذاهبه في الشعر العربي: د. شوقي ضيف – ط3[ بيروت، مكتبة الأندلس، 1956م]، ص184 - 185
  11. - طبقات الشعراء، مقدمة عبد الستار فراج، ص5
  12. - نفسه، ص 18
  13. - نفسه، ص 86
  14. - ابن المعتز العباسي: أحمد كمال زكي – ط1[ القاهرة، المؤسسة المصرية للتأليف للتأليف، 1964م، سلسلة أعلام العرب] ص268
  15. - طبقات الشعراء، ص28
  16. - الأرقام الواردة بين معقوفين هكذا [ ص ... ] تحيل في مجمل البحث إلى كتاب البديع، تحقيق: المستشرق الروسي إغناطيوس كراتشكوفسكي (1951م) – ط3[ بيروت، دار المسيرة، 1982م].
  17. - في معجم الأدباء: الباهر في أشعار المحدثين عارض به كتاب الروضة للمبرد.
  18. - النص البلاغي في التراث العربي والأوربي: د. أحمد درويش – ط1[ القاهرة، دار غريب، 1998م]، ص78
  19. - الفن ومذاهبه في الشعر العربي، ص186
  20. - نفسه، ص 187
  21. - زَهر الآداب وثمر الألباب: الحصري، أبو إسحاق إبراهيم بن علي (453هـ)، تحقيق: د. زكي مبارك – ط4[ بيروت، دار الجيل، د.ت]: 4/1047و1049
  22. - علم البديع والبلاغة عند العرب: كراتشكوفسكي، إعداد محمد الحجيري – ط1[ بيروت، دار الكلمة للنشر، 1981]، ص 85
  23. - من حديث الشعر والنثر: د. طه حسين – ط1[ القاهرة، دار المعارف، 1936م]، ص 170
  24. - العمدة: 1/462
  25. - علم البديع والبلاغة عند العرب: كراتشكوفسكي، إعداد: محمد الحجيري: 29
  26. - تاريخ النقد الأدبي عند العرب من العصر الجاهلي إلى القرن الرابع الهجري: طه أحمد إبراهيم – د.ط [ بيروت، دار الحكمة، د.ت]، ص112
  27. - دراسات في نقد الأدب العربي من الجاهلية إلى القرن الثالث: د. بدوي طبانة – ط4 [ القاهرة، مكتبة، الأنجلو، 1965]، ص 218
  28. - ابن المعتز العباسي، أعلام العرب، ص266
  29. - قراءة التراث النقدي: د. جابر عصفور – ط1أ قبرص، نيقوسيا، مؤسسة عيبال للدراسات والنشر،1991م]، ص138 - 139
  30. - نفسه: 144
  31. - نفسه:160
  32. - ابن المعتز العباسي: د. أحمد كمال زكي، سلسلة أعلام العرب، ص266

المصادر

  • عباس أرحيلة. "وقفة مع عبد الله بن المعتز (247 – 296هـ)". موقع الكاتب والمفكر المغربي عباس أرحيلة.
سبقه
المكتفي بالله
الخلافة العباسية
909–909
تبعه
المقتدر بالله
  هذه بذرة مقالة عن حياة شخصية تحتاج للنمو والتحسين، فساهم في إثرائها بالمشاركة في تحريرها.