شاور بن مجير السعدي (ت. 18 يناير 1169)، كان وزير فاطمي حكم مصر من ديسمبر 1162 حتى اغتياله عام 1169.[1] اشتهر بأنه كان طرفاً من نزاع ثلاثي على السلطة أثناء الحملات الصليبية، بين أمارليك الأول من القدس وشيركوه، القائد العسكري السوري وعم الرجل الذي أصبح من أشهر القادة المسلمين في التاريخ، صلاح الدين الأيوبي.[2] اشتهر شاور بتبديله تحالفاته باستمرار، في البداية يتحالف مع جانب، ثم مع الآخر،[3] حتى وصل لإصداره أمراً باحراق عاصمته، الفسطاط، حتى لا يستولي عليه الأعداء.[4]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حياته

هو أبو شجاع شاور بن مجير بن نزار بن عشائر بن شأس بن مغيث بن حبيب بن الحارث بن ربيعة بن يخنس بن أبى ذؤيب عبد الله وهو والد حليمة مرضعة محمد بن عبد الله  .

كان وزير العاضد لدين الله صاحب مصر سنة 558 هـ. كان يخدم الصالح بن رزيق، فأقبل عليه وولاه الصعيد وهو أكبر الأعمال بعد الوزارة. وظهرت منه كفاءة عظيمة وتقدم واستمال الرعية والمقدمين من العرب وغيرهم، فعسر أمره على الصالح ولم يمكنه عزله، فاستدام استعماله لئلا يخرج عليه. وعند وفاته أوصى ابنه العادل ألا يعزله لقوته، ولكن أهله حسنوا للعادل عزله، واستعمال بعضهم مكانه وخوفوه منه. [5]

ولما قتل الصالح ثار شاور، وحشد وجمع، أقبل على واحات يخترق البر حتى خرج عند تروجة وقصد القاهرة، فدخلها وقتل العادل رزيك بن الصالح، وصار شاور وزيراً وتلقب بأمير الجيوش. واستقل بالأمر، ثم تزلزل أمره، فسار إلى نور الدين صاحب الشام، فأمده بأسد الدين بن شيركوه فثبته في منصبه، فتلاءم على شيركوه ولم يف له وعمل قبائح، واستنجد بالفرنجة، وكادوا أن يملكوا مصر، وجرت أمور عجيبة، ثم استظهر شيركوه، وتمرض ، فعاده شاور، فشد عليه جرديك النوري فقتله في ربيع الآخر سنة أربع وستين وقيل: بل قتله صلاح الدين لا جرديك.

قال إمام مسجد الزبير إبراهيم بن إسماعيل الهاشمي : تملك شاور البلاد، ولم شعث القصر، وأدر الأرزاق الكثيرة على أهل القصر، وكان قد نقصهم الصالح أشياء كثيرة، وتجبر وظلم - أعني شاور - فخرج عليه الأمير ضرغام وأمراء، وتهيؤوا لحربه، ففر إلى الشام، وقتل ولده طي في رمضان سنة ثمان وخمسين، واختبط الناس، وأقبلت الروم إلى الحوف ، فحاصروا بلبيس، وجرت وقعة كبرى قتل فيها خلق، ورد العدو إلى الشام، فأتى شاور، فاجتمع بنور الدين، فأكرمه، ووعده بالبصرة، وقال شاور له: أنا أملكك مصر، فجهز معه شيركوه بعد عهود وأيمان، فالتقى شيركوه هو وعسكر ضرغام، فانكسر المصريون، وحوصر ضرغام بالقاهرة، وتفلل جمعه، فهرب، فأدرك وقتل عند جامع ابن طولون، وطيف برأسه، ودخل شاور، فعاتبه العاضد على ما فعل من تطريق الترك إلى مصر، فضمن له أن يصرفهم ، فخلع عليه، فكتب إلى الروم يستنفرهم ويمنيهم، فأسقط في يد شيركوه، وحاصر القاهرة، فدهمته الروم، فسبق إلى بلبيس ، فنزلها، فحاصره العدو بها شهرين، وجرت له معهم وقعات، ثم فتروا، وترحلوا وبقي خلق من الروم يتقوى بهم شاور، وقرر لهم مالا، ثم فارقوه.


اغتياله

بالغ شاور في العسف والمصادرة، وتمنوا أن يلي شيركوه عليهم، فسار إليهم ثانيا من الشام، فاستصرخ شاور بملك الفرنج أمارليك، فبادر في جمع عظيم، فعبر شيركوه إلى ناحية الصعيد، ثم نزل بأرض الجيزة، ونزلت الفرنج بإزائه في الفسطاط، وقرر شاور للفرنج أربعمائة ألف دينار وإقامات، ثم ترحل شيركوه إلى نحو الصعيد، فتبعه شاور والفرنج، ونهب للفرنج أشياء كثيرة، ورجعوا مغلولين، فنزلوا بالجيزة ، فرد شيركوه ، وقدم الإسكندرية، وتبعته الفرنج، ففتح أهل الثغر لشيركوه، وفرحوا به ، فاستخلف بها ابن أخيه صلاح الدين، وكر إلى الفيوم، ونهب جنده القرى، وظلموا، وذهب هو فصادر أهل الصعيد، وبالغ، وحاصر شاور والروم الإسكندرية، وبها صلاح الدين، واشتد القتال، ثم قدم شيركوه مصر، وترددت الرسل في الصلح، ورجعت الروم إلى بلادهم، ثم أقبل الطاغية مري في جيوشه، وغدر، وخندق شاور على مصر، وعظم الخطب، واستباحت الروم بلبيس قتلا وسبيا، وهرب المصريون على الصعب والذلول، وأحرقت دور مصر، وتهتكت الأستار، وعم الدمار، ودام البلاء أشهرا يحاصرهم الطاغية، فطلبوا المهادنة، فاشترط الكلب شروطا لا تطاق، فأجمع رأي العاضد وأهل القصر على الاستصراخ بنور الدين، فكر شيركوه في جيشه، فتقهقر العدو إلى الساحل وفي أيديهم اثنا عشر ألف أسير، وقدم شيركوه، فما وسع شاور إلا الخروج إليه منتصلا معتذرا، فصفح عنه، وقبل عذره، وبرزت الخلع لشيركوه وشاور وفي النفوس ما فيها، وتحرز هذا من هذا، إلى أن وقع لشاور أن يعمل دعوة لشيركوه، وركب إليه، فأحس شيركوه بالمكيدة، فعبى جنده، وأخذ شاور أسيرا، وانهزم عسكره، ثم قتل، وأسر أولاده وأعوانه، وعذبوا، ثم ضربت أعناقهم، وتمكن شيركوه ثمانية وخمسين يوما، ثم مات بالخوانيق، وقيل بل سمه العاضد في منديل الحنك الذي للخلعة.

حرق الفسطاط

في ظل ما كانت تعانيه قواته من ضعف، فكر اور في إحراق مدينة الفسطاط ليعيق تقدم الصليبيين إلى القاهرة. استمر الحريق 45 يوماً وقضى على الفسطاط قضاءً مبرماً لم تقم للفسطاط بعده قائمة.

قبل وصول الصليببون بيوم، ونودي في أهلها بالخروج منها إلي القاهرة، فخرجوا في لهفة وعجلة حاملين ما استطاعوا من أثاثهم ومتاعهم تاركين ما عداه نهباً للغوغاء والبطالين. ويقال: إن أجرة الجمل بلغت في ذلك اليوم المشهود ثلاثين ديناراً عن النقلة الواحدة من الفسطاط إلي القاهرة، وإن أجرة الحمار بلغت عشرة دنانير، وهكذا دخل أهل الفسطاط إلي القاهرة، وأوتهم المساجد والحمامات والأسواق. ومن ضاقت عنهم تلك المنشآت باتوا في الطرقات، ثم أضرمت النار في الفسطاط من كل جانب، واستعمل في ذلك ألف قارورة نفط وعشرة آلاف مشعل.[6] وهكذا ارتفعت ألسنة اللهب تأكل مدينة الفسطاط، وتعالي الدخان في الجو حتى كان يري علي مسيرة ثلاثة أيام، وإذا كان معسكر الأعداء إلي الجنوب من الفسطاط فقد اضطرتهم شدة النيران وتكاثف الدخان إلي الانتقال من ذلك المكان إلي جوار سور القاهرة عند باب البرقية - المنسوب إلي فرقة من جنود جيش المعز لدين الله أصلها من برقة - وكان المعسكر قريبا جدا من السور بحيث كانت سهام المدافعين عن المدينة تسقط في خيمة الملك أموري نفسه. ويشهد المؤرخون الإفرنج قبل الرب بأن القاهرة قاومت مقاومة عنيفة باسلة بحيث لم يتسن للمهاجمين تحقيق أغراضهم بالرغم من إحكام الحصار.

لما رحل أمورى عن البلاد أخذ الناس يعودون الى الفسطاط ويصلحون ماتلف من أبنيتها شيئا فشيئا ولكن ذلك كان قاصرا على القسم الغربى من الفسطاط فيما بين جامع عمرو وشاطىء النيل أما القسم الشرقى منها فظل خراباً.

حسب رواية المؤرخ المصري المقريزي. (1346–1442):

"بعث شاور إلى مصر بعشرين ألف قارورة نفط وعشرة آلاف مشعل نار، فرقت فيها فارتفع لهيب النار ودخان الحريق إلى السماء فصار منظراً مهولا. واستمرت النار تأتي على مساكن مصر من اليوم التاسع والعشرين من شهر صفر لتمام أربعة وخمسين يوماً.[7]

ومن ثم تحولت مصر الفسطاط إلى الأطلال المعروفة بكيمان مصر. فلما حدث الحريق رحل عموري من بركة الحبش، ونزل بظاهر القاهرة، مما يلي باب البرقية، وقاتل أهلها قتالاً عنيفاً".

التأثير الثقافي

الصراع على السلطة بين شاور، أمالريك، وشيركوه كان محور واحدة من قصص روبرت إ. هوارد (1906-1936)، بعنوان "بوابات الامبراطورية".


انظر أيضاً

الهوامش

  1. ^ Amin Maalouf (1984). The Crusades Through Arab Eyes. Al مكتبة الساقي. pp. 159–161. ISBN 0-8052-0898-4.
  2. ^ Beeson, Irene (1969). "Cairo, a Millennial". Saudi Aramco World: 24, 26–30. Retrieved 2007-08-09. {{cite journal}}: Unknown parameter |month= ignored (help)
  3. ^ Ismail Abaza. "Saladin and his Cairo". touregypt.net. Retrieved 2007-07-28.
  4. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة weapons
  5. ^ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي. "مسألة: الجزء العشرون - شاور". سير أعلام النبلاء. Retrieved 2013-12-15. {{cite web}}: horizontal tab character in |title= at position 21 (help)
  6. ^ "عندما أمر الوزير بحرق الفسطاط". جريدة الأهرام. 2013-03-19. Retrieved 2013-12-15.
  7. ^ "الفسطاط". المسالك. Retrieved 2013-12-03.

المصادر

  • Stanley Lane-Poole (1901). A History of Egypt in the Middle Ages. Methuen & Co.

وصلات خارجية